الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
قال الله تبارك (1) وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ *وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالاً طَيِّبًا وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ *} (2). رُوِيَ (3) فِي سَبَبِ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ أَخبار (4) جُمْلَتُهَا تَدُورُ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، وَهُوَ تَحْرِيمُ مَا أَحل اللَّهُ مِنَ الطَّيِّبَاتِ تديُّناً، أَو شبه التديُّن، وأَن (5) الله (6) نَهَى عَنْ ذَلِكَ وَجَعَلَهُ اعْتِدَاءً، وَاللَّهُ لَا يحب المعتدين. ثم قرّر الإباحة تقريراً زائداً عَلَى مَا تَقَرَّرَ بِقَوْلِهِ (7):{وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلَالاً طَيِّبًا} ، ثُمَّ أَمرهم بِالتَّقْوَى، وَذَلِكَ مُشْعِرٌ بأَن تَحْرِيمَ مَا أَحل اللَّهُ خَارِجٌ عَنْ دَرَجَةِ التَّقْوَى.
فخرَّج إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي مِنْ حَدِيثِ أَبي قِلَابَةَ رضي الله عنه قَالَ: أَراد نَاسٌ مِنْ أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَن يَرْفُضُوا الدُّنْيَا، ويتركوا (8) النساءَ، ويترهَّبوا (9)، فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فغلَّظ فِيهِمُ الْمَقَالَةَ، فَقَالَ:"إِنما هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِالتَّشْدِيدِ؛ شدَّدوا عَلَى أَنفسهم، فشدَّد اللَّهُ عَلَيْهِمْ (10)، فأُولئك بَقَايَاهُمْ فِي الدِّيَارِ وَالصَّوَامِعِ، اعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وحُجّوا، واعتمروا، واستقيموا يُسْتَقَمْ (11) بكم"(12). قال: ونزلت فيهم: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ
(1) قوله: "تبارك" من (ر) فقط.
(2)
سورة المائدة: الآيتان (87، 88).
(3)
قوله: "روي" في موضعه بياض في (غ).
(4)
سيذكرها المصنف فيما يلي.
(5)
قوله: "وأن" ليس في (خ) و (م).
(6)
في (خ) و (م): "والله".
(7)
في (غ) و (ر): "لقوله".
(8)
في (خ) و (م): "وتركوا".
(9)
في (خ) و (م): "وترهبوا".
(10)
في (ر) و (غ): "فشدد عليهم".
(11)
في (خ) و (م): "يستقيم".
(12)
قوله: "بكم" سقط من (غ) و (ر).
آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} (1).
(1) أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 192)، والمروزي في "زياداته على الزهد"(ص365 رقم 1031)، وابن جرير الطبري في "تفسيره"(4/ 18 رقم 3224)، و (10/ 515 رقم 12341)، ثلاثتهم من طريق أيوب بن أبي تميمة السختياني، عن أبي قلابة عبد الله بن زيد الجرمي، به، مرسلاً.
وسنده ضعيف لإرساله، وضعفه الطبري فقال عقب روايته له ولغيره من الأحاديث:"فإن هذه أخبار لا يثبت بمثلها في الدين حجة؛ لِوَهْي أسانيدها".
وأخرج الطبراني في "المعجم الكبير"(7/ 216 رقم 6897) من طريق عمران القطان، عن قتادة، عن الحسن، عن سمرة؛ قال: قال رسول الله (ص): "أقيموا الصلاة وآتوا الزكاة وحجوا واعتمروا، واستقيموا يُستقم بكم".
وقد جوّد إسناده المنذري في "الترغيب والترهيب"(1/ 584 رقم 1105)، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" (1/ 202):"رواه الطبراني في الكبير والأوسط والصغير، وفي إسناده عمران القطان، وقد استشهد به البخاري، ووثقه أحمد وابن حبان، وضعفه آخرون".
ومع ما في عمران القطان من جرح، فإن الحديث من رواية الحسن البصري عن سمرة، وهو لم يسمع منه إلا أحاديث معروفة، وليس هذا منها.
وأخرج البخاري في "التاريخ الكبير"(4/ 97)، والطبراني في "الكبير"(6/ 73 رقم 5551)، والبيهقي في "الشعب"(3884)، ثلاثتهم من طريق عبد الله بن صالح، عن أبي شريح، عن سهل بن أبي أمامة بن سهل بن حنيف، عن أبيه، عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"لا تشددوا على أنفسكم، فإنما هلك من كان قبلكم بتشديدهم على أنفسهم، وستجدون بقاياهم في الصوامع والديارات".
وفي سنده عبد الله بن صالح الجهني، أبو صالح المصري كاتب الليث، وهو صدوق، إلا أنه كثير الغلط، وهو ثبت في كتابه، وكانت فيه غفلة؛ كما في "التقريب"(3409).
وأخرجه أبو داود في "سننه"(4868) من طريق سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء؛ أن سهل بن أبي أمامة حدثه: أنه دخل هو وأبوه على أنس بن مالك بالمدينة؛ فقال أنس: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "لا تشددوا على أنفسكم فيشدَّد عليكم، فإن قوماً شددوا على أنفسهم فشدَّد الله عليهم، فتلك بقاياهم في الصوامع والديارات {وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا} .
وفي سنده سعيد بن عبد الرحمن بن أبي العمياء الكناني، المصري، وهو مقبول كما في "التقريب"(2366)، وتقدم الحديث والكلام عنه (ص27 ـ 28). وأخشى أن يكون هذا اختلافاً بين سعيد هذا وأبي شريح على سهل بن أبي أمامة، ولولاه لكان الحديث حسناً بمجموع هذه الطرق.=
وَفِي التِّرْمِذِيِّ (1) عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: إِن رَجُلًا أَتى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: "يَا رَسُولَ اللَّهِ! إِني إِذا أَصَبْتُ اللَّحْمَ انْتَشَرْتُ لِلنِّسَاءِ وأَخذتني شَهْوَتِي، فحرَّمت علَيّ اللَّحْمَ"، فأَنزل اللَّهُ الْآيَةَ. حَدِيثٌ حَسَنٌ (2).
وَفِي رِوَايَةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي رَهْطٍ مِنْ أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، مِنْهُمْ: أَبو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعَلِيٌّ وعبد الله بن مَسْعُودٍ (3) وَعُثْمَانُ بْنُ مَظْعون والمِقْداد بْنُ الأَسود الكِنْدي وسالم مولى أَبي حذيفة رضي الله عنهم؛ اجْتَمَعُوا فِي دَارِ عُثْمَانَ بْنِ مَظْعون الجُمَحي، فتوافقوا أَن يَجُبّوا (4) أَنفسهم، وأَن (5) يَعْتَزِلُوا النِّسَاءَ، وَلَا يأْكلوا لَحْمًا وَلَا دَسَماً، وأَن يَلْبَسُوا المُسُوح (6)، وَلَا يأْكلوا مِنَ الطَّعَامِ إِلا قُوتاً، وأَن يَسِيحُوا فِي الأَرض كَهَيْئَةِ الرُّهْبَانِ، فَبَلَغَ ذَلِكَ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم من أَمرهم،
=وانظر تعليقي على الحديث رقم (771) من "سنن سعيد بن منصور"، وانظر (ص27 ـ 28 و154) من هذا المجلد.
(1)
أخرجه الترمذي برقم (3054)، والطبري (12350)، وابن أبي حاتم (6687)، والطبراني في الكبير (11/ 277 رقم 11981)، وابن عدي في "الكامل"(5/ 170)، جميعهم من طريق أبي عاصم الضحاك بن مخلد، عن عثمان بن سعد، عن عكرمة، عن ابن عباس، به.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، ورواه بعضهم من غير حديث عثمان بن سعد مرسلاً ليس فيه: عن ابن عباس. ورواه خالد الحذّاء عن عكرمة مرسلاً".اهـ.
وعثمان بن سعد الكاتب ضعيف كما في "التقريب"(4503)، فالحديث ضعيف لأجله.
ومع هذا فقد خالفه الثقة خالد الحذّاء، فرواه عن عكرمة مرسلاً، ليس فيه ذكر لابن عباس، وسيذكره المصنف (ص211).
وقد أخرجه ابن جرير الطبري (12337 و12338 و12340 و12351)، وفصّلت الكلام عنه في تعليقي على الحديث رقم (771) من "سنن سعيد بن منصور".
(2)
القائل: "حديث حسن" هو الترمذي كما في التعليق السابق.
(3)
في (خ) و (م): "وابن مسعود".
(4)
أي: يقطعوا مذاكيرهم كما سيأتي في آخر الرواية.
(5)
في (خ) و (م): "بأن".
(6)
الْمُسُوح: الأكسية من الشعر. انظر: "لسان العرب"(2/ 596).
فأَتى عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ فِي مَنْزِلِهِ فَلَمْ يجده في منزله (1)، وَلَا إِيَّاهُمْ، فَقَالَ لِامْرَأَةِ عُثْمَانَ ـ أُم حَكِيمٍ ابْنَةِ أَبي أُمية بْنِ حَارِثَةَ السُّلَمِيِّ ـ:"أَحقّ مَا بَلَغَنِي عَنْ زَوْجِكِ وأَصحابه؟ " قَالَتْ: مَا هُوَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فأَخبرها، فَكَرِهَتْ أَن لَا تحدِّث (2) رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حين سألها (3)، وكرهت أَن تبدي على زوجها، فقالت: يا رسول الله! (4) إِن كان أَخبرك عثمان فقد صدقك (5). فَقَالَ لَهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: "قُولِي لِزَوْجِكِ وأَصحابه إِذا رَجَعُوا: إِن رَسُولَ اللَّهِ يَقُولُ لَكُمْ: إِني آكُلُ وأَشرب، وَآكُلُ اللَّحْمَ والدَّسَم، وأَنام، وَآتِي النساءَ، فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي". فَلَمَّا رَجَعَ عثمان وأَصحابه أَخبرته (6) امرأَته بِمَا أَمر بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فَقَالُوا: لَقَدْ بَلَغَ رسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَمرُنا فَمَا أَعجبه، فذَرُوْا مَا كَرِهَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ونزل فيهم (7):{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} ـ قَالَ: مِنَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ وَالْجِمَاعِ ـ {وَلَا تَعْتَدُوا} ـ قَالَ: فِي قَطْعِ الْمَذَاكِيرِ ـ {إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ} ؛ قال: الحلال (8) إلى الحرام (9).
(1) في (خ): "فلم يجده فيه".
(2)
في (ر) و (غ): "أن تحدث".
(3)
قوله: "حين سألها" ليس في (خ) و (م).
(4)
قوله: "يا رسول الله" ليس في (خ) و (م).
(5)
في (خ): "صدق".
(6)
في (خ): "أخبرتهم".
(7)
في (خ) و (م): "فيها".
(8)
في (م): "الجدال".
(9)
هذا الحديث أورده القرطبي في "تفسيره"(2/ 19)، ولم يعزه لأحد.
ولم أجد أحداً أخرج هذا الحديث بهذا السياق، وفيه ذكر أن اسم زوجة عثمان: أم حكيم ابنة أبي أمية. ولكن ذكر الحافظ ابن حجر في "الإصابة"(13/ 196) أن هذه رواية الكلبي في "تفسيره"، عن أبي صالح، عن ابن عباس.
والكلبي هذا هو محمد بن السائب، وهو متهم بالكذب، ورمي بالرفض كما في "التقريب"(5938).
ومع ذلك فهو يروي عن أبي صالح باذام، وقد روى ابن عدي في "الكامل" (2/ 69) عن سفيان الثوري؛ قال: قال لي الكلبي: قال لي أبو صالح: "كل ما حدثتك كذب".
فهو كذب علي أي الحالين: إن صدق الكلبي في هذا أو كذب.
وَفِي الصَّحِيحِ (1) عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: كُنَّا نَغْزُو مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْسَ مَعَنَا نِسَاءٌ، فَقُلْنَا: أَلا نَخْتَصِي؟ فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ؛ فَرَخَّصَ لَنَا بَعْدَ ذَلِكَ أَن نتزوج المرأَة بالثوب (2) ـ يَعْنِي وَاللَّهُ أَعلم: نِكَاحَ الْمُتْعَةِ (3) الْمَنْسُوخَ ـ، ثُمَّ قرأَ (4) ابن مسعود:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} .
وَذَكَرَ إِسماعيل عَنْ يَحْيَى بْنِ يَعْمَر: أَن عثمان بن مَظْعون رضي الله عنه همَّ بِالسِّيَاحَةِ، وَهُوَ يَصُومُ (5) النَّهَارَ، وَيَقُومُ (6) اللَّيْلَ، وَكَانَتِ امرأَته امرأَةً عَطِرَةً، فَتَرَكَتِ الكُحْل والخِضَاب، فَقَالَتْ لَهَا امرأَة مِنْ أَزواج النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم: أَمُشْهِدٌ (7) أَنت أَم مُغِيب (8)؟ فقالت: بل مُشْهِد (9)، غَيْرَ أَن عُثْمَانَ لَا يُرِيدُ النساءَ. فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، فَلَقِيَهُ رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له (10):"يا عثمان (11)! أَتؤْمن بِمَا نؤْمن (12) بِهِ؟ " قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: "فَاصْنَعْ مِثْلَ مَا نَصْنَعُ"(13)، {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} الآية (14).
(1) تقدم تخريجه (ص28).
(2)
زاد رشيد رضا هنا قوله: "إلى أجل"، وعلق عليه بقوله: سقط من نسختنا فقط "إلى أجل"، وهو ثابت في "الصحيح".اهـ.
(3)
قوله: "المتعة" ثابت في نسخة (خ) التي اعتمد عليها رشيد رضا، ومع ذلك علق على هذا الموضع بقوله: سقط لفظ "المتعة" من نسختنا، ولا يصح المعنى بدونه. اهـ.
(4)
في (م): "ثم قال قرأ".
(5)
في (ر) و (غ): "صوم".
(6)
في (ر) و (غ): "وقيام".
(7)
في (خ): "أشهيد"، وفي (م):"أشهد".
(8)
امرأة مُشهِد: إذا كان زوجها حاضراً عندها، وامرأة مُغيب: إذا كان زوجها غائباً عنها. انظر: "النهاية" لابن الأثير (2/ 515).
(9)
في (خ): "شهيد" وفي (م): "شهد".
(10)
قوله: "فقال له" سقط من (م)، وقوله:"له" ليس في (غ) و (ر).
(11)
قوله: "يا عثمان" ليس في (خ) و (م).
(12)
في (غ): "تؤمن".
(13)
في (م): "تصنع".
(14)
كذا ذكر المصنف عن إسماعيل بن إسحاق أنه رواه من طريق يَحْيَى بْنِ يَعْمُرَ: أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ
…
، فذكره مرسلاً.
ولم أجد رواية إسماعيل بن إسحاق هذه.
لكن الحديث أخرجه الإمام أحمد في "المسند"(6/ 106) من طريق مؤمّل بن=
وخرَّج سعيد بن منصور (1) عن حصين (2)، عَنْ أَبي مَالِكٍ (3)؛ قَالَ: نَزَلَتْ فِي عُثْمَانَ بْنِ مَظْعُونٍ وأَصحابه؛ كَانُوا حَرَّمُوا عَلَيْهِمْ كَثِيرًا مِنَ الطَّعَامِ والنساءِ، وهمَّ بَعْضُهُمْ أَن يَقْطَعَ ذكره، فأَنزل الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ} الآية.
وعن عكرمة (4): قال: كان ناس من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم همّوا بترك النساء واللحم والخصاء، فنزلت: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ
…
} الْآيَةَ (5).
وَعَنْ قَتَادَةَ: قَالَ: نَزَلَتْ فِي نَاسٍ من أصحاب رسول الله (ص) أَرادوا أَن يتخلّوا من الدُّنْيَا (6)، وَتَرَكُوا (7) النساءَ وترهَّبوا (8)، مِنْهُمْ عَلِيُّ بْنُ أَبي طالب (9) وعثمان بن مظعون (10).
=إسماعيل، عن حماد بن سلمة، عن إسحاق بن سويد، عن يحيى بن يعمر وأبي فاختة، عن عائشة، به.
وسنده ضعيف لضعف مؤمل من قبل حفظه.
وانظر الأحاديث الآتية.
(1)
في "سننه"(4/ 1515 رقم 771).
وأوضحت في تعليقي على الحديث هناك من أخرجه، وأنه ضعيف لإرساله، وذكرت له شواهد تدلّ على صحة معناه، فانظره إن شئت.
(2)
في (خ) و (م): "خضير". وهو: حصين بن عبد الرحمن السُّلَمي.
(3)
هو: غزوان الغفاري.
(4)
في (م): "فأنزل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ} ".
(5)
قوله تعالى: "طيبات" من (غ) فقط.
(6)
صنيع المصنف هذا يوهم أن حديث عكرمة هذا أخرجه أيضاً سعيد بن منصور، وهو لم يخرجه. وتقدم تخريجه (ص208) في الكلام على حديث ابن عباس، وهو مرسل أيضاً.
(7)
من قوله: "وعن عكرمة" إلى هنا ليس في (خ) و (م).
(8)
في (خ): "عن الدنيا" وفي (غ): "من ذلك الدنيا".
(9)
في (غ): "ويترك"، وفي (ر):"ويتركوا".
(10)
في (ر) و (غ): "ويترهبوا".
(11)
قوله: "طالب" ليس في (م).
(12)
أخرجه عبد الرزاق في "تفسيره"(1/ 191 ـ 192) عن معمر، عن قتادة، به.
ومن طريق عبد الرزاق وطريق يزيد بن زريع عن سعيد بن أبي عروبة عن قتادة أخرجه ابن جرير في "تفسيره"(12342 و12344).=
وخرَّج ابْنُ الْمُبَارَكِ (1) أَن عُثْمَانَ بْنَ مَظْعُونٍ أَتى النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم؛ فَقَالَ: ائذن لنا (2) فِي الاختصاءِ، فَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم:"لَيْسَ مِنَّا مَنْ خَصَى وَلَا اخْتَصَى (3)، إِن خصاءَ (4) أُمتي الصِّيَامُ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ائْذَنْ لنا فِي السِّيَاحَةِ، قَالَ:"إِن سِيَاحَةَ أُمتي الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ". قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ائذن لنا فِي الترهُّب (5)، قَالَ:"إِن ترهُّب أُمتي الْجُلُوسُ فِي الْمَسَاجِدِ (6) لِانْتِظَارِ الصَّلَاةِ".
وَفِي الصَّحِيحِ (7): ردَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم التبتُّل على عثمان بن مظعون، ولو أَذِنَ له لَاخْتَصَيْنَا (8).
وَهَذَا كُلُّهُ وَاضِحٌ فِي أَن جَمِيعَ هَذِهِ الأَشياء تَحْرِيمٌ لِمَا هُوَ حَلَالٌ فِي الشَّرْعِ، وإِهمال لِمَا قَصَدَ الشَّارِعُ إِعماله ـ وإِن كَانَ يَقْصِدُ سُلُوكَ طَرِيقِ الْآخِرَةِ ـ؛ لأَنه نَوْعٌ من الرهبانية، ولا رهبانية (9) في الإِسلام (10).
=وسنده ضعيف لإرساله أيضاً.
(1)
في "الزهد"(845) من طريق رِشدين بن سعد، عن ابن أنعم، عن سعد بن مسعود: أن عثمان بن مظعون
…
، فذكره.
وسنده ضعيف لإرساله، فسعد بن مسعود تابعي كما في "المراسيل" لابن أبي حاتم (ص71)، ورشدين بن سعد ضعيف كما في "التقريب"(1953).
(2)
في (خ): "لي".
(3)
علق رشيد رضا هنا بقوله: الذي نعرفه من الحديث: "أو اختصى".اهـ.
(4)
في (خ) و (م): "اختصاء".
(5)
في (ر) و (غ): "الترهيب".
(6)
قوله: "في المساجد" سقط من (غ) و (ر).
(7)
أخرجه البخاري (5073 و5074)، ومسلم (1402) من حديث سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رضي الله عنه.
(8)
في (خ): "لاختصى".
(9)
قوله: "ولا رهبانية" ليس في (خ) و (م).
(10)
قال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري"(9/ 111): "وأما حديث: "لا رهبانية في الإسلام" فلم أره بهذا اللفظ، لكن في حديث سعد بن أبي وقاص عند الطبراني: "إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة"، وعن ابن عباس رفعه: "لا صرورة في الإسلام". أخرجه أحمد وأبو داود وصححه الحاكم".اهـ.
وفي (9/ 118) ذكر أن حديث: "إن الله أبدلنا بالرهبانية الحنيفية السمحة" أخرجه=
وإِلى مَنْعِ تَحْرِيمِ الْحَلَالِ (1) ذَهَبَ الصَّحَابَةُ وَالتَّابِعُونَ وَمَنْ بَعْدَهُمْ؛ إِلا أَنه إِذا كَانَ التَّحْرِيمُ غير مَحْلوف عليه فلا كفَّارة فيه (2)، وإِن كَانَ مَحْلُوفًا عَلَيْهِ، فَفِيهِ الْكَفَّارَةُ، وَيَعْمَلُ (3) الْحَالِفُ بِمَا أَحل اللَّهُ لَهُ.
وَمِنْ ذَلِكَ مَا ذَكَرَ إِسماعيل الْقَاضِي عَنْ مَعْقِل بْنِ مُقَرِّن (4): أَنه سأَل ابن مسعود رضي الله عنه فقال: إِني حلفت على (5) أَن لَا أَنام عَلَى فِرَاشِي سَنَةً (6)، قَالَ (7): فتلا عبد الله: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا
…
} الْآيَةَ (8)، ادنُ فَكُلْ (9)، وكَفِّر (10) عَنْ يَمِينِكَ، ونَمْ على فراشك.
وفي (11) رواية: أن معقلاً كان (12) يكثر الصوم والصلاة، فحلف أَن
=الطبراني من طريق سعيد بن العاص، لا سعد بن أبي وقاص، وهذا هو الصحيح، والأول تصحيف.
فالحديث أخرجه الطبراني (6/ 62 رقم 5519) من طريق إبراهيم بن زكريا، ثنا أبو أمية الطائفي، حدثني جدي، عن جده سعيد بن العاص: أن عثمان بن مظعون قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ! ائْذَنْ لِي فِي الاختصاء، فقال له:"يا عثمان! إن الله قد أبدلنا بالرهبانية الحنفية السمحة، والتكبير على كل شَرَف، فإن كنت منا فاصنع كما نصنع".
والحديث بهذا الإسناد ضعيف جداً؛ فيه إبراهيم بن زكريا العبدسي وهو ضعيف جداً؛ قال أبو حاتم: حديثه منكر، وقال ابن عدي: حدث بالبواطيل، وقال: يأتي عن مالك بأحاديث موضوعة. انظر: "لسان الميزان"(1/ 146 ـ 148). وانظر ما تقدم (ص27 ـ 28)، وتخريج حديث:"أحبّ الدين إلى الله الحنيفية السمحة"(ص151 ـ 152)، وانظر (ص101 ـ 102).
(1)
أي: على النفس كما صنع عثمان بن مظعون وأصحابه، وكما في قوله تعالى في سورة التحريم:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ} ، وما ذكر في سبب نزولها.
وأما تحريم الحلال المجمع عليه كحكم شرعي، فهذا كفر، وليس من هذا الباب؛ كما سينبه عليه المصنف (ص218 فما بعد).
(2)
قوله: "فيه" ليس في (خ).
(3)
في (ر) و (غ): "وليعمل".
(4)
قوله: "ابن مقرن" ليس في (خ)، وفي (غ) و (ر):"مغرق".
(5)
قوله: "على" ليس في (خ) و (م).
(6)
قوله: "سنة" سقط من (غ) و (ر).
(7)
قوله: "قال" ليس في (خ) و (م).
(8)
سورة المائدة: آية (87).
(9)
قوله: "ادن فكل" من (خ) فقط.
(10)
في (غ) و (ر) و (م): "كفر".
(11)
في (غ): "ففي".
(12)
في (خ): ""كان معقل"، وفي (م): "كان معقلاً".
لا ينام على فراشه، فأَتى عبد الله بن مسعود (1) رضي الله عنه فسأَله عَنْ ذَلِكَ؟ فقرأَ عَلَيْهِ الْآيَةَ (2).
وَعَنِ مغيرة؛ قَالَ: قُلْتُ لِإِبْرَاهِيمَ ـ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: {لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} ـ: أَهو الرَّجُلُ يحرِّم الشيءَ مِمَّا أَحل اللَّهُ لَهُ؟ قَالَ: نَعَمْ (3).
وَعَنْ مَسْرُوقٍ؛ قَالَ: أُتِي عَبْدُ اللَّهِ (4) بضَرْع (5)، فَقَالَ لِلْقَوْمِ: ادْنُوَا، فأَخذوا يَطْعَمُونَ، فَقَالَ رَجُلٌ: إِني حَرَّمت الضَّرْع (6). فَقَالَ عبد الله: هذا من (7) خطوات الشيطان: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ (8) مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} الآية (9)، ادنُ فكُلْ، وكفِّر عَنْ يَمِينِكَ (10).
وَعَلَى ذَلِكَ جَرَّتِ الفُتيا فِي الإِسلام: أَن كُلَّ مَنْ حرَّم عَلَى نَفْسِهِ شَيْئًا مِمَّا أَحل اللَّهُ لَهُ فَلَيْسَ ذَلِكَ التَّحْرِيمُ بشيءٍ، فليأْكل إِن كان مأْكولاً،
(1) في (خ) و (م): "فأتى ابن مسعود".
(2)
هو حديث صحيح أخرجه سعيد بن منصور في "سننه"(773)، فانظر تخريجه هناك إن شئت، وانظر معه رقم (772 و774).
(3)
أخرج ابن جرير الطبري في "تفسيره"(12339) من طريق شيخه سفيان بن وكيع، عن جرير، عن مغيرة، عن إبراهيم ـ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} ـ؛ قال: كانوا حرّموا الطِّيب واللحم، فأنزل الله تعالى هذا فيهم.
وسنده ضعيف جداً.
فسفيان بن وكيع كان صدوقاً، إلا أنه ابتلي بورّاقه؛ فأدخل عليه ما ليس من حديثه، فنصح فلم يقبل، فسقط حديثه كما في "التقريب"(2469).
ومغيرة بن مقسم ثقة متقن، إلا أنه كان يدلِّس؛ ولا سيّما عن إبراهيم كما في "التقريب"(6899)، وهذا من روايته عن إبراهيم.
(4)
أي: ابن مسعود.
(5)
الضَّرْع: هو الخِلْفُ، مَدَرُّ اللبن لكل ذات ظِلْفٍ أو خُفّ. انظر:"لسان العرب"(8/ 222 ـ 223).
(6)
في (ر) و (غ): "الزرع".
(7)
قوله: "من" ليس في (خ) و (م).
(8)
إلى هنا انتهى ذكر الآية في (م).
(9)
قوله: "الآية" ليس في (خ).
(10)
أخرجه سعيد بن منصور (772) بسند صحيح، وقد استوفيت تخريجه هناك.
وَلْيَشْرَبْ إِن كَانَ مَشْرُوبًا، وَلْيَلْبَسْ إِن كَانَ مَلْبُوسًا، وَلْيَمْلِكْ إِن كَانَ مَمْلُوكًا. وكأَنه إِجماع مِنْهُمْ مَنْقُولٌ عَنْ مَالِكٍ وأَبي حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيِّ وَغَيْرِهِمْ.
وَاخْتَلَفُوا فِي الزَّوْجَةِ. وَمَذْهَبُ مَالِكٍ: أَن التحريم طلاق كطلاق الثَّلَاثِ، وَمَا سِوَى ذَلِكَ فَهُوَ (1) بَاطِلٌ (2)؛ لأَن الْقُرْآنَ شَهِدَ بِكَوْنِهِ اعْتِدَاءً، حَتَّى إِنه إِن حرم على نفسه وَطْءَ أَمته غير قاصد (3) بِهِ الْعِتْقَ، فَوَطْؤُهَا حَلَالٌ. وَكَذَلِكَ سَائِرُ الأَشياء: من اللباس والمسكن (4) والكلام (5) وَالصَّمْتِ وَالِاسْتِظْلَالِ والاسْتِضْحَاءِ. وَقَدْ تَقَدَّمَ (6) الْحَدِيثُ فِي النَّاذِرِ لِلصَّوْمِ قَائِمًا فِي الشَّمْسِ سَاكِتًا، فإِنه تَحْرِيمٌ لِلْجُلُوسِ، وَالِاسْتِظْلَالِ، وَالْكَلَامِ (7)، وَالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَمره بِالْجُلُوسِ وَالتَّكَلُّمِ وَالِاسْتِظْلَالِ. قَالَ مَالِكٌ (8): أَمَرَهُ أَنْ يُتِمَّ مَا كَانَ لِلَّهِ (9) فيه طاعة، ويترك ما كان عليه فيه مَعْصِيَةٌ.
فتأَملوا كَيْفَ جَعَلَ مَالِكٌ تَرْكَ الْحَلَالِ مَعْصِيَةً! وَهُوَ مُقْتَضَى الْآيَةِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَعْتَدُوا} الْآيَةَ، وَمُقْتَضَى قَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ (10) رضي الله عنه لِصَاحِبِ الضَّرْع: هَذَا مِنْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ.
وَقَدْ ضعَّف ابْنُ رُشْدٍ الحَفِيدُ (11) الِاسْتِدْلَالَ مِنَ الْمَالِكِيَّةِ بِالْحَدِيثِ، وَتَفْسِيرَ مَالِكٍ لَهُ، وَذَكَرَ أَن قَوْلَهُ فِي الْحَدِيثِ:"وَيَتْرُكْ مَا كَانَ عَلَيْهِ فِيهِ مَعْصِيَةٌ" لَيْسَ بِالظَّاهِرِ أَن تَرْكَ الْكَلَامِ مَعْصِيَةٌ، وَقَدْ أَخبر اللَّهُ تَعَالَى أَنه نَذْر مَرْيَمَ (12). قَالَ: وَكَذَلِكَ يُشْبِهُ أَن يَكُونَ الْقِيَامُ [في الشمس](13) ليس
(1) قوله: "فهو" ليس في (غ) و (ر).
(2)
في (ر) و (غ): "فباطل".
(3)
في (خ): "وطء أمة غيره قاصداً" وفي (م): "وطء أمة غيره قاصد".
(4)
قوله: "والمسكن" ليس في (غ).
(5)
قوله: "والكلام" ليس في (خ).
(6)
تقدم تخريجه (ص176).
(7)
في (خ): "والكلام والاستظلال".
(8)
في "الموطأ"(2/ 476) بنحو ما هنا.
(9)
في (خ) و (م): "أمره ليتم ما كان له".
(10)
المتقدم في الصفحة السابقة.
(11)
في "بداية المجتهد"(1/ 310).
(12)
في قوله تعالى في سورة مريم (26): {إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنْسِيًّا} .
(13)
في جميع النسخ: "للشمس"، والمثبت من "بداية المجتهد".
بمعصية (1)، إِلا ما يتعلق بذلك (2) مِنْ جِهَةِ تَعَبِ الْجِسْمِ وَالنَّفْسِ، وَقَدْ يُسْتَحَبُّ لِلْحَاجِّ أَن لَا يَسْتَظِلَّ (3). فإِن قِيلَ: فِيهِ معصية، فبالقياس عَلَى مَا نُهي عَنْهُ مِنَ التَّعَبِ، لَا بِالنَّصِّ، والأَصل فِيهِ أَنه مِنَ الْمُبَاحَاتِ.
وَمَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ غَيْرُ ظَاهِرٍ، وَلَمْ يَقُلْ مَالِكٌ فِي الْحَدِيثِ مَا قَالَ اسْتِنْبَاطًا مِنْهُ، بَلِ الظَّاهِرُ أَنه اسْتَدَلَّ بِالْآيَةِ المتكلَّم فِيهَا، وَحَمَلَ الْحَدِيثَ عَلَيْهَا، فَتَرْكُ الْكَلَامِ ـ وإِن كَانَ في الشرائع الأُوَل مَشْرُوعًا ـ، فَهُوَ مَنْسُوخٌ بِهَذِهِ الشَّرِيعَةِ، فَهُوَ عَمَلٌ فِي مَشْرُوعٍ بِغَيْرِ مَشْرُوعٍ. وَكَذَلِكَ الْقِيَامُ فِي الشمس زيادة في العبادة (4) مِنْ بَابِ تَحْرِيمِ الْحَلَالِ، وإِن استُحبّ فِي موضعٍ، فلا يلزم استحبابه في آخر.
(1) في (خ) و (م): "معصية"، والمثبت من (غ) و (ر)، وهو موافق لما في "بداية المجتهد".
(2)
قوله: "بذلك" ليس في (خ).
(3)
هذا الاستحباب يحتاج إلى دليل يدل عليه، ولا أعلم في ذلك دليلاً.
(4)
قوله: "في العبادة" ليس في (خ) و (م).