الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متماثلين ومتقاربين1. [لكنه في كلمة أولى منه في كلمتين، وفي مثلين أكثر منه في المتقاربين] 2، وفي حروف الضم أولى منه في حروف الطرفين، وفيما سكونه لازم أولى منه فيما سكونه غير لازم.
1 في "هـ": متقاربين ومتماثلين.
2 ما بين المعقوفتين ساقط من "ق".
[إدغام المثلين] :
قوله: "فالمثلان واجب
…
"1إلى آخره2.
اعلم أن الإدغام في المثلين واجب3 عند سكون الأول وتحرك4 الثاني، نحو:"لم يبرح حَّاتم"، و"لم يذهب بَّكر"، إلا إذا كان الساكن الأول والمتحرك الثاني همزتين، نحو: املأ إجابة؛ فإنه لا يدغم؛ للاستثقال، إلا إذا كانتا في كلمة وبعد الهمزة الثانية ألف،
1 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "فَالْمِثْلَانِ وَاجِبٌ عِنْدَ سُكُونِ الأَوَّلِ إلَاّ فِي الهمزتين، إلا في السأَّال والدّأَّاث، وإلا في الألفين لتعذره، وإلا فِي نَحْو: قُووِل لِلإِلْبَاسِ، وَفِي نَحْو: تُووِي ورِييا -عَلَى الْمُخْتَارِ- إِذَا خَفَّفْتَ، وَفِي نَحْوِ: قَالُوا وَمَا، وَفِي يَوْم، وَعِنْدَ تَحَرُّكِهِمَا فِي كَلِمَةٍ وَلَا إِلْحَاقَ وَلَا لَبْس نَحْوُ: رَدَّ يردّ، إلا في نحو: حيي، فإنه جائز، وإلا في نحو: اقتتل، وتتبزل، وتتباعد وسيأتي". "الشافية، ص14".
2 إلى آخره: ساقط من "ق".
3 والسبب في ذلك أن النطق بالمثلين ثقيل؛ لأنك تحتاج فيهما إلى إعمال العضو الذي يخرج منه الحرف المضعف مرتين، فيكثر العمل على العضو الواحد، وإذا كان الحرفان غَيْرَيْنِ لم يكن الأمر كذلك؛ لأن الذي يعمل في أحدهما لا يعمل في الآخر. وأيضا فإن الحرفين إذا كانا مثلين فإن اللسان يرجع في النطق كما يتسرح في الغيرين، بل يكون في ذلك شبيهًا بمشي المقيد، فلما كان فيه هذا الثقل رفع اللسان بهما رفعة واحدة؛ ليقل العمل ويخفّ النطق بهما على اللسان. "الممتع: 2/ 631".
4 في "هـ": وتحريك.
نحو: سأَّال، والدَّأَّاث -اسم داء1- من: دأث الطعام دَأْثًا: أكله، والشيء: دنسه2.
وإلا إذا كان المثلان المذكوران ألفين؛ فإنه لا يدغم لتعذر الإدغام.
وإلا في مجهول فاعَل معتل العين، نحو: قُووِلَ؛ لئلا يحصل الالتباس؛ لأنه لو أدغم لقيل: قُوِّل، فلم يعلم3 أنه مجهول فاعل4 أو مجهول فَعَّل. وكذا5 في بُويِعَ.
وإلا في6 نحو "تُووِي"، من الإيواء، من: آويته: أنزلته وضممته7. وفي "رِييا"8، للمنظر الحسن، على المختار، إذا خففت همزته؛ لأن الواو الأولى في "تووي"، والياء الأولى في "رييا" بدل عن9 الهمزة، فتكون الواو والياء عارضتين10،
1 في الأصل: اسم وادٍ، والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
2 اللسان "دأث" 2/ 1310، وينظر كذلك الصحاح "دأث" 1/ 281.
3 لفظة "يعلم" ساقطة من "ق".
4 لفظة "فاعل" ساقطة من "هـ".
5 وكذا: ساقطة من "ق".
6 في الأصل: "ففي"، وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
7 ينظر اللسان "أوا": 1/ 179.
8 من الآية "74" من سورة "مريم". والآية بتمامها: {وَكَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هُمْ أَحْسَنُ أَثَاثًا وَرِئْيًا} . ووقف حمزة على "رئيا" بإبدال الهمزة ياء مع الإظهار. "ينظر النشر: 1/ 389، والإتحاف: 300".
9 في "هـ": من.
10 في "ق": عارضين.
فلم يلزم الإدغام؛ لأنه ليس مما اجتمع فيه المثلان، لمراعاة الهمزة الأصلية.
ويظهر منه أن المراد بنحو "تووي" أن تكون الواو الأولى1 بدلا من الهمزة.
ومنهم2 من قرأ: "ورِيَّا" بالإدغام3. وفيه قولان:
أحدهما4: أن أصله: "رئيا"، فخففت5 همزته6، واعتد فيه بالعارض فأُدغم7.
والثاني: أنه -فعّل- من: رَوِي؛ لأن للريان نضارة8 وحسنا9.
وإلا في نحو: {قَالُوا وَمَا} 10، وفي نحو:{فِي يَوْمٍ} 11 فإنه لا تدغم واو {قَالُوا} في واو {وَمَا} ، ولا ياء {فِي} ؛ في
1 لفظة "الأولى" ساقطة من "هـ"، وفي "ق": الثاني.
2 ومنهم: ساقطة من "هـ".
3 وهي قراءة أبي جعفر وقالون وابن ذكوان. "ينظر النشر: 1/ 389، والإتحاف: 300".
4 أحدهما: ساقط من "ق".
5 في "هـ": فخفف.
6 في "هـ": الهمزة.
7 ينظر الصحاح "رأى": 6/ 2439.
8 في "هـ": نظارة. تحريف.
9 ينظر الصحاح "روي": 6/ 2364.
10 سورة البقرة: من الآية "246".
11 سورة "إبراهيم": من الآية "14".
ياء {يَوْمٍ} ؛ لأنه لا يجوز حذف المد الذي بين الحرفين؛ لأن هذا المد من صفة الواو والياء "159" في هذا المحل، ومع بقائه يمتنع الإدغام لوجود الفصل بين الحرفين المدغم أحدهما في الآخر.
ولقائل أن يقول: كان من الواجب على المصنف أن يقول: وفي نحو: {مَالِيَهْ، هَلَكَ} 1؛ فإن هاء السكت لا تدغم2 لأنه إما3 موقوف عليه، أو منويّ به الوقف عليه. ثم يقول: وعند تحركهما في كلمة.
قوله: "عند تَحَرُّكِهِمَا فِي كَلِمَةٍ، وَلَا إِلْحَاقَ4 وَلَا لَبْس".
هذا معطوف على: "عند سكون الأول".
أي: الإدغام واجب عند سكون الأول، وعند تحرك المثلين في كلمة واحدة، والحال أن الحرف الثاني لا يكون للإلحاق، وأنه5 لا يحصل اللبس بالإدغام إلا في نحو: حيي؛ فإن الإدغام فيه جائز لا واجب؛ لأن وجوبه مستلزم6 وجوب الإدغام في مضارعه وهو يُحيي، مع ضم الياء في المضارع، وهو مرفوض في كلامهم غير جائز.
1 من الآيتين "28، 29" من سورة الحاقة.
2 ينظر شرح الكافية الشافية: 4/ 2175.
3 لفظة "إما" مطموسة في "هـ".
4 ولا إلحاق: مطموس في "هـ".
5 في "هـ": فإنه.
6 في "هـ": يستلزم.
ولقائل أن يقول: لو جاز الإدغام في حيي لجاز في مضارعه مع ضم الياء فيه، وهو مرفوض.
وإلا في نحو: اقْتَتَلَ، وتَتَنَزَّل، وتَتَبَاعَد؛ فإن الإدغام فيه لا يجب.
وإنما لم يجب الإدغام فيهما؛ لأن الإدغام يؤدي إلى قوة ليس صيغة بصيغة؛ لأنه لو أدغم اقتتل لنقل حركة التاء الأولى إلى القاف، فأدغمت في الثانية، وحذفت همزة الوصل للاستغناء عنها حينئذ، وقيل: قتَّل، فهو في قوة الالتباس بقتَّل الذي هو ماضي التقتيل، ولو أدغم: تتنزل، وتتباعد لقيل: اتَّنَزل، واتَّبَاعد؛ لوجوب إسكان التاء الأولى، والإتيان بهمزة الوصل. واتنزل في قوة الالتباس في الكتابة بمضارع: نَزَّل، وتَنَزَّل ماضي: يَتَنَزَّل؛ لاحتمال أن تكون الهمزة فيه همزة الاستفهام.
واتَّباعد في قوة الالتباس في الكتابة بماضيه وهو تباعد؛ لاحتمال أن تكون الهمزة فيه همزة الاستفهام، بل يجوز فيه الإدغام لما في "حَيَّ".
ولقائل أن يقول: جواز الإدغام مستلزم لجواز الإدغام المقتضي للالتباس، فينبغي ألا يجوز.
ويمكن أن يجاب عنه بأن جواز الإدغام لا يقتضي إلا جواز الالتباس، ووجوب الإدغام يقتضي وجوب الالتباس، وهو أقبح.
واعلم أنه لو قال: إلا في نحو: حي، واقتتل، وتتنزل، وتتباعد فإنه جائز، لكان أولى؛ لأن الكل يشترك في جواز الإدغام، أو
عدم وجوب الإدغام.
وإنما قال: "ولا إلحاق ولا لبس" لأنه لو كان إلحاق نحو: قَرْدَد1، واقْعَنسَسَ2، لم يدغم؛ لما مر من أن الإدغام يقضي إلى عدم المقصود.
ولقائل أن يقول: لا حاجة حينئذ إلى قوله: "وإلا في نحو اقتتل" وما بعده؛ لأن عدم وجوب الإدغام فيه للالتباس.
ويمكن أن يجاب عنه بأن الالتباس لم يحصل ههنا في اللفظ.
والمراد بقوله: "ولا لبس" هو اللبس لفظا، لما مر.
ولعدم حصول اللبس ههنا لفظا جاز الإدغام، وأيضا -كما مر- جاز الفك.
وإنما قال: "في كلمة"؛ لأنه لو "160" كان في كلمتين نحو: ضرب بكر، لم يجب الإدغام؛ لأنه لا يلزم3 أن يلقى أول الكلمة الثانية آخر الكلمة الأولى متماثلين، وفيه نظر4.
قوله: "وتنقل حركته إن كان قبله ساكن
…
"5 إلى آخره.
1 القردد: المكان الغليظ المرتفع. وإنما أظهر التضعيف لأنه ملحق بفَعْلَلَ والملحق لا يدغم، والجمع: قرادد. "الصحاح قرد: 2/ 524".
2 القعس: هو دخول الظهر وخروج البطن، والاقعنساس مثله. قاله الأصمعي في كتاب خلق الإنسان: ص211.
3 في "هـ": لا يجب.
4 جملة "وفيه نظر": ساقطة من "ق".
5 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وَتُنْقَلُ حَرَكَتُهُ إنْ كَانَ قَبْلَهُ سَاكِنٌ غَيْرُ لين، نحو: يَرُدّ وسكون الوقف كالحركة". "الشافية، ص14".
أي: في صورة يجب الإدغام عند [اجتماع المثلين المتحركين بنقل1 حركة المثل الأول إلى ما قبله، إن كان ما قبله2 ساكنا] 3 غير حرف من حروف اللين، نحو: يَرْدّ، أصله: يَرْدُدُ؛ فإنه تنقل حركة الدال الأولى إلى الراء4 ليمكن الإدغام، ثم تدغم في الدال الثانية.
وكذا يَعَضّ، ويَجِدّ. أصلهما: يَعْضُض ويَجْدِد، وسكون الحرف الثاني للوقف كحركته في عدم منع الإدغام.
ولو كان قبله متحرك5، نحو: رد، أو ساكن6 هو حرف لين، نحو: تُمُودّ الثوب، لم تنقل حركة الحرف الأول إلى ما قبله، بل تُحذف وتُدغم.
قوله: "ومكَّنني ويمكنني...."7 إلى آخره8.
هذا جواب عن سؤال مقدر، وتقدير السؤال: أنه اجتمع مثلان متحركان على الوجه الموجب للإدغام، وهما: النونان في
1 ما بين المعقوفتين ساقط من "ق".
2 ما قبله: ساقط من "ق".
3 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
4 في "هـ": إلى ما قبلها.
5 لفظة "متحرك" مطموسة في "هـ".
6 لفظة "ساكن" مطموسة في "هـ".
7 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "ونحو: مكنني ويمكنني، و {مَنَاسِكَكُمْ} ، و {مَا سَلَكَكُمْ} من باب كلمتين". "الشافية، ص14".
8 إلى آخره: ساقط من "ق".
"مَكَّنَنِي"1، ويمكِّنني، والكافان في:{مَنَاسِكَكُمْ} 2 و {مَا سَلَكَكُمْ} 3 مع عدم وجوب الإدغام فيه.
وأجاب عنه بمنع اجتماع المثلين المتحركين على الوجه الموجب للإدغام؛ لكون المثلين ههنا من كلمتين، وإن كانا في الصورة من كلمة واحدة؛ لأن إحدى4 النونين لام الفعل الماضي، والأخرى ليست5 منه؛ لأنه مع ياء المتكلم بمنزلة كلمة أخرى، وإحدى6 الكافين من تتمة الاسم أو الفعل والأخرى7 من الضمير المخاطب.
ونحن قلنا: يجب الإدغام إذا كانا من كلمة واحدة؛ ولهذا كان الإدغام فيه جائزا لا واجبا.
قوله: "وممتنع [في] 8 الهمزة...."9 إلى آخره.
1 وهي قراءة ابن كثير لقوله تعالى في: {قَالَ مَا مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ} [الكهف: 95] . وقرأ الباقون بنون واحدة مشددة مكسورة بإدغام النون التي هي لام الفعل في نون الوقاية. "ينظر الإتحاف: 295".
2 من الآية "200" من سورة "البقرة".
3 من الآية "42" من سورة "المدثر".
4 في الأصل، "ق": أحد، وما أثبتناه من "هـ".
5 في الأصل: والآخر لي، وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
6 في الأصل، "ق": أحد، وما أثبتناه من "هـ".
7 في الأصل، "ق": والآخر، وما أثبتناه من "هـ".
8 لفظة "في" إضافة من "هـ".
9 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وممتنع في الهمزة على الأكثر، وفي الألف، وعند سكون الثاني لغير الوقف نحو: ظَلِلْتُ ورسُول الحَسَن، وتميم تدغم في نحو: رُدَّ ولم يَرُدَّ". "الشافية، ص14".
أي: ويمتنع الإدغام في الهمزتين في غير نحو1، 2: سأّال وجأّار والدأّاث عند الأكثرين3؛ لزيادة الثقل، والمطلوب من الإدغام التخفيف.
والمراد بـ "سأّال وجأّار" أن يكون بعد الهمزتين ألف نحو فعّال.
وإنما جاز إدغام الهمزتين فيه لوجود الألف بعدهما، والألف مسهلة من4 أمره، فيحصل تخفيف ما.
والمراد بغير "سأال" ألا يكون بعد الهمزتين ألف.
ويمتنع الإدغام أيضا في الألفين؛ لتعذر الإدغام لتعذر حركتهما، ووجوب حركة المدغم فيه5.
ويمتنع أيضا عند سكون المماثل الثاني لغير الوقف، سواء كان في كلمة نحو:"ظَلِلْتُ"، أو في كلمتين نحو:"رَسُول الحَسَن"؛ لأنه لو أدغم لوجب تحريك المماثل الثاني، وذلك يمتنع في نحو: ظَلِلْتُ؛ لأنه لا يكون قبل ضمير الفاعل المتحرك إلا ساكن. وكذلك في نحو: "رسول الحسن"؛ لأنه لا يحرك لام التعريف للإدغام.
1 لفظة "نحو" ساقطة من "هـ".
2 في النسخ الثلاث: "في نحو: غير"، والأصح ما أثبتناه.
3 وقد يجوز الإدغام في الهمزتين على ما حكي عن عبد الله بن أبي إسحاق الحضرمي وناس معه من أنهم كانوا يحققون الهمزتين إذا كانتا في كلمتين نحو: "قدأ أبوك"؛ لأنه يجتمع لهم مثلان. وقيل: قد تكلمت العرب بذلك، وهو رديء. "ينظر الكتاب: 4/ 433، والممتع: 2/ 633".
4 لفظة "من" ساقطة من "هـ".
5 أي: لأنه لا يدغم إلا في متحرك، والألف لاتتحرك. "وينظر الممتع: 2/ 623".
وأما بنو تميم فيدغمون فيما وقع السكون في ثاني المثلين عارضًا، ولم يعتدوا بالسكون العارض، نحو: رُدَّ، ولم يَرُدَّ1، فإن "161" أصل "رُدَّ": ارْدُدْ، وأصل "لم يَرُدّ": لم يَرْدُدْ2.
فسكون الثاني عارض في "لم يرد" للجزم، وفي "اردد" للجزم3 عند الكوفيين، أو لأن حكمه4 حكم المجزوم عند البصريين5.
لا يقال: سكون اللام في "ظللت" عارض، فينبغي أن يجوز فيه الإدغام عند بني تميم، كما جاز في: رُدّ، ولم يَرُدّ.
فإن قلت: يزول السكون في "لم يرد" بزوال الجازم، قلنا: يزول السكون في "ظللت" بزوال ضمير الفاعل المتحرك، فهما
1 أشار الفراء إلى هذه اللغة وهو بصدد تفسيره لقوله تعالى: {وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لَا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا} [آل عمران: 120] . "ينظر معاني القرآن: 1/ 232" وتحدث عنها سيبويه أيضا في كتابه: 4/ 423.
2 في الأصل "ق": فإن أصل "لم يرد": لم يردد، وأصل "رد": اردد، وما أثبتناه من "هـ".
3 لفظة "للجزم" ساقطة من "هـ".
4 "حكمه" ساقطة من "هـ".
5 فعل الأمر "اردد" وغيره مجزوم عند الكوفيين؛ لأنه عندهم مقتطع من المضارع؛ لأن الأفعال عندهم قسمان بإسقاط فعل الأمر، وأصل "افْعَل" عندهم: لِتَفْعَلْ، وذلك كأمر الغائب، ولكن لما كان أمر المخاطب أكثر على ألسنتهم استثقلوا مجيء اللام فيه، فحذفوها مع حرف المضارعة طلبًا للتخفيف مع كثرة الاستعمال؛ لذا فهو عندهم معرب.
ولكن البصريين يرون أن الفعل ثلاثة أقسام: ماضٍ ومضارع وأمر. والأمر عندهم حكمه حكم المجزوم، لكنه مبني على ما يجزم به مضارعه. ينظر المسألة رقم "72" في كتاب الإنصاف للأنباري، وينظر كذلك: التصريح: 1/ 55.
متشاركان1 في امتناع زوال السكون مع وجود الجازم والفاعل المذكور، وجواز زوال السكون مع زوال الجازم وزوال الفاعل المذكور؛ لأنا نقول: الفرق بينهما أن التاء في "ظللت" كالجزء من الكلمة، والجازم كلمة مستقلة. فالسكون في "ظللت" كاللازم، وفي نحو2:"لم يرد" عارض؛ ولهذا لم يدغم أحد في "ظللت" إلا في شذوذ رديء.
ويمكن أن يقال: لم يدغم في "رد"، و"لم يرد" إلا بعد أن3 أسكن المثل الأول، ثم حرك الثاني4 لالتقاء الساكنين.
وهو الجواب فيما نقل عن بكر بن وائل5 من "مرت" و"ردت" في: مررن ورددن، ولاحتمال أنهم قدروا [انفصال ضمير] 6 الفاعل [فأدغموه ثم ألحقوا به، أو7 لأنهم أجروا ضمير الفاعل مثل الفاعل] 8 مظهرا، نحو: رد زيد.
1 في "ق": مشاركان، وفي "هـ": مشتركان.
2 لفظة "نحو" ساقطة من "ق"، "هـ".
3 لفظة "أن" ساقطة من "ق".
4 لفظة "الثاني": ساقطة من "ق".
5 جاء في الممتع "2/ 660": "إلا ناسا من بكر بن وائل، فإنهم يدغمون في مثل هذا، فيقولون: رَدَّتُ، ورَدَّنَ، كأنهم قدروا الإدغام قبل دخول النون والتاء، فلما دخلتا أبقوا اللفظ على ما كان عليه قبل دخولهما". ا. هـ.
وينظر: شرح الشافية للرضي: 2/ 246، والتصريح: 2/ 403.
6 ما بين المعقوفتين مطموس في "هـ".
7 في "ق": "و" بدل "أو".
8 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
قوله: "وعند الإلحاق واللبس
…
"1 إلى آخره.
أي: ويمتنع2 الإدغام عند الإلحاق، كقَرْدَد، [وجَلْبَب؛ فإنه ألحق: قردد بجعفر، بزيادة الدال] 3، وجلبب بدحرج؛ بزيادة الباء، فلو أدغم لبطل هذا الغرض؛ ولذلك لا يدغم قَرَادِد.
ويمتنع الإدغام عند لبس زنة بزنة أخرى، نحو "سُرُر" بضمتين جمع سرير، و"سُرَر" -بضم الفاء وفتح العين- جمع سُرَّة؛ لأنه لو أدغم "سُرُر" جمع سرير مثلا، لالتبس فُعُل بفُعْل، ساكن العين.
ولا يقال: الالتباس حاصل في "رَدَّ"؛ لأنه لا يعلم أنه فَعَل أو فَعُل؛ لأنا نقول: يزول4 الالتباس عند الفك، نحو: رددتُ، ونحو: ظللتُ5؛ فإنه لا يدغم؛ لأنه لو أدغم لالتبس بفِعْل كالظِّلّ.
ويعلم من قوله: "وعند الإلحاق واللبس" وشرحه كميةُ الاحترازات في قوله: "وَعِنْدَ تَحَرُّكِهِمَا6 فِي كَلِمَةٍ، وَلَا إِلْحَاقَ وَلَا لبس".
1 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وَعِنْدَ الإِلْحَاقِ وَاللَّبْسِ بِزْنَةٍ أُخْرَى نَحْو: قَرْدَد وسُرُر، وعند ساكن صحيح قبلهما في كلمتين نَحْوُ: قَرْم مالِك، وحُمل قَوْلُ القُرَّاءِ عَلَى الإخفاء، وجائز فيما سوى ذلك". "الشافية، ص14".
2 في "ق": ويمنع.
3 ما بين المعقوفتين ساقط من "ق".
4 في "ق": بزوال.
5 في الأصل: ظلل، وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
6 في "ق": تحريكهما.
واعلم أنه لو قال: "ولا عروض لحركة الثاني" لكان أولى؛ لأنها إذا كانت عارضة لا يجب الإدغام، نحو: ارْدُدِ القوم.
واعلم أيضا أنه يمتنع الإدغام فيما شذ فكه، نحو: قَطِط الشعر: اشتدت جعودته1، ودَبِبت المرأة: نبت الشعر على جبينها2، ولححت العين ولخخت: التصقت3، وصَكِك4 الفرس: صك أحد عرقوبيه الآخر5، 6.
واعلم أيضا أنه يجوز فك الإدغام للضرورة فيما يجب إدغامه، كقوله:
"43"
مهلا أعاذل قد جربت من خلقي
…
أني أجود لأقوام وإن ضَنِنُوا7، 8
1 ينظر الصحاح "قطط": 3/ 1154، وشرح الكافية الشافية 4/ 2181.
2 ينظر اللسان "دبب": 2/ 1316.
3 ينظر المصدر السابق "لحح": 5/ 4004، "لخخ": 5/ 4016.
4 في "هـ": وصكيك.
5 ينظر المصدر السابق "صكك": 4/ 2475.
6 حكى ابن منظور عن ابن عمرو قوله: "كل ما جاء على فَعِلَتْ ساكنة التاء من ذوات التضعيف فهو مدغم نحو: صَمَّتِ المرأة وأشباهه، إلا أحرفا جاءت نوادر في إظهار التضعيف وهو: لَحِحَت عينه إذا التصقت، وقد مَشِشَت الدابة، وصَكِكَت، وقد ضَبِبَت البلد إذا كثر ضبابه، وأَلِل السقاء إذا تغيرت ريحه، وقد قَطِط شعره". "المصدر السابق".
7 في الأصل: ظننوا تحريف، والصواب ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
8 هذا بيت من البسيط قاله قعنب ابن أم صاحب الغطفاني أحد بني سعد بن سحيم، واسم أبيه ضمرة. ينظر البيت في: الكتاب: 1/ 3، 29/ 535، والمقتضب: 1/ 142، 253، 3/ 354، والموشح: 94، والمنصف: 1/ 2، 69، 303، 339، والخصائص: 1/ 160، 757، والصحاح "ضنن": 6/ 2156، وشرح الشافية للرضي: 3/ 241، وشرح شواهدها: 490، واللسان "ضنن": 4/ 2614، وربط الشوارد:98. والشاهد فيه: فك التضعيف في "ضَنِنُوا"، وكان القياس "ضَنُّوا".
قوله: "وعند ساكن صحيح قبلهما"1.
أي: يمتنع الإدغام إذا وقع قبل المثلين ساكن صحيح من كلمتين نحو: قَرْمُ مَالك، بالراء.
والقرم: السيد2، وهو في الأصل اسم للفحل من "162" الإبل3.
لأنه لو أدغم، فإذا سكن الميم الأول، فإن لم تنقل حركته إلى القاف وأدغم4 لزم التقاء الساكنين في آخر الكلمة، وذلك لا يجوز إلا عند الوقف، ومع الإدغام لا يكون الوقف و5 إن نقل حركته6 إلى القاف7 تغير بناء الكلمة.
وكذا8 في نحو9: {كُنْتُ تُرَابًا} 10، وأَنْتَ تُكْرِهُ، و {مَسَّ سَقَرَ} 11.
1 في الأصل: قبلها، والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
2 في اللسان: السيد المعظم. "ينظر: قرم: 4/ 3604".
3 وخُصّ بالفحل الذي يترك من الركوب والعمل، ويودع للفحلة.
4 عبارة المصنف المذكورة فيها انغلاق شديد، وصوابها أن يقول: لأنه لو أدغم ولم تنقل حركة الميم الأولى إلى القاف الساكنة.
5 الواو ساقطة من "هـ".
6 في "ق": حركة الراء.
7 في "هـ": إلى الراء.
8 في "هـ": وكذلك.
9 لفظة "نحو" ساقطة من "هـ".
10 سورة "النبأ": من الآية "40".
11 سورة "القمر": من الآية "48".
اعلم أن المراد بالصحيح في قوله: "ساكن صحيح" حرف المد، وحينئذ لا يدغم في: دَلْو وَالد1، وظَبْي يَاسر، وقرمِ مَالك لما ذكرناه.
فإن قيل: ينبغي أن يجوز الإدغام في نحو: عدوّ وَليد، ووليّ يَزيد لوجود المدة قبلهما مع أنه لا يدغم أيضا؛ لأن الواو الأولى من عدو والياء الأولى من ولي بمنزلة الواو2 من دلو والياء من ظبي؛ فإذا سكن الحرف الثاني للإدغام، فإما أن تنقل حركة الواو إلى الواو الأولى وحركة الياء الأولى أو لا تنقل، فإن نقل تغير بناء الكلمة، وإن لم ينقل لزم التقاء الساكنين في آخر الكلمة، وهو لا يجوز إلا للوقوف.
قلنا: لا نسلم وجود المدة ههنا؛ لأنه لم تبق المدة عند الإدغام؛ لأنها تذهب بالإدغام، فصارت الواو والياء بمنزلة غيرهما من الحروف التي لا تكون للمدة.
وقد أورد ههنا سؤالا، تقديره: إن النحاة قالوا: لا يجوز الإدغام في المثلين3 المتحركين في كلمتين إذا كان قبل الأول ساكن غير مدة، والقراء أطبقوا على جواز الإدغام في مثله، والجمع بين قولهما متعذر4؟
1 في "ق": ولد.
2 في الأصل، "ق": اللام، وما أثبتناه من "هـ".
3 لفظة "المثلين" ساقطة من "هـ".
4 ينظر الإيضاح: 2/ 479.
وأجاب عنه الشاطبي1 في قصيدته2 بأنه يمكن الجمع بينهما، وذلك بأن يحمل قول النحاة على الإدغام المحض الصريح3، وقول القراء على الإخفاء الذي هو قريب من الإدغام. فعلى هذا لا يلزم التناقض4.
وقال المصنف في شرح المفصل5: "هذا الجواب، وإن كان جيدا على ظاهره، إلا أنه لم يثبت أن القراء امتنعوا من الإدغام الصريح، بل ثبت أنهم أدغموا الإدغام الصريح".
وهذا المجيب -وهو الشاطبي- يقرأ به في نحو: {الْعِلْمِ مَا لَكَ} 6.
وقال المصنف: "والأولى أن يمنع إجماع النحاة [حينئذ] 7 على امتناع الإدغام؛ لأن من8 القراء جماعة من النحاة، وهم يقولون بالإدغام الصريح، فلا يكون إجماع النحاة حينئذ9 حجة؛ لأنه ليس
1 هو القاسم بن فيرة بن خلف بن أحمد الشاطبي الرعيني الضرير. قرأ على أبي عبد الله محمد بن أبي العاص وابن هذيل ومحمد بن حميد، نظم قصيدة في القراءات، وتوفي "590 هـ". "ينظر في ترجمته: ذيل الروضتين: 7، وغاية النهاية: 2/ 30، ووفيات الأعيان: 1/ 422، وبغية الوعاة: 379".
2 المسماة: حرز الأماني ووجه التهاني في القراءات السبع.
3 في الأصل: الصحيح، والأنسب ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
4 ينظر سراج القارئ المبتدي وتذكار القارئ المنتهي في شرح منظومة الشاطبي: ص36.
5 2/ 479.
6 سورة البقرة: من الآية "120".
7 "حينئذ" إضافة من "هـ".
8 لفظة "من" ساقطة من "هـ".
9 "حينئذ": ساقطة من "ق".