الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[امتناع إدغام المتقاربين؛ للمحافظة على صفة الحرف] :
قوله: "ولا تدغم حروف: ضَوِيَ مِشْفَر
…
"1.
أي2: ولا يدغم شيء من حروف "ضوي مشفر" فيما يقاربها من الحروف في المخرج؛ لزيادة صفتها على صفة غيرها. أما الضاد؛ فلأن فيها استطالة، وأما الواو والياء؛ فلما فيهما من المد واللين، وأما الميم؛ فلما فيها من الغنة، وأما الشين والفاء، فلما فيهما من التفشِّي؛ لزيادة رخاوتهما، وأما الراء، فلما فيها من التكرار.
فلو أدغمت في مقاربها لزالت صفتها من غير3 شيء يخلفها لعدم صفتها في مقاربها. يقال4: ضوي الرجل: هَزُل جسمه5.
والمشفر من البعير بمنزلة الشَّفَة للإنسان6، 7.
قوله: "ونحو: سيد، ولية
…
"8 إلى آخره.
1 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "ولم تدغم حُرُوفُ "ضَوِيَ مِشْفَرٌ" فيما يُقارِبُهَا؛ لِزِيَادَةِ صِفَتِهَا". "الشافية، ص15".
2 لفظة "أي": ساقطة من "هـ".
3 في "ق": لغير.
4 لفظة "يقال": ساقطة من "هـ".
5 ينظر الصحاح "ضوي": 6/ 2410.
6 للإنسان: ساقطة من "ق".
7 اللسان "شفر": 4/ 2288.
8 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وَنَحْوُ: سَيِّد وَلَيَّةٍ، إنَّمَا أُدغما لأَنَّ الإعْلَالَ صيرهما مثلين". "الشافية، ص15".
هذا جواب عن سؤال مقدر، وتقدير السؤال: إن أصل سَيِّد ولَيَّة: سَيْوِد ولَيْوَة، مع أنهم أدغموا الواو في الياء1 -والواو من حروف: ضوي مشفر- وأنتم قلتم: لا يجوز ذلك؟
وأجاب عنه بأنه لم2 تقلب الواو ياء للإدغام، بل لما أعل الواو لوجود مقتضى الإعلال اجتمع ياءان، فلزم من ذلك الإدغام.
[وإذا كان كذلك لم يدغم إلا مثلان، ونحن قلنا: لا يجوز إدغام] 3 حروف "ضوي مشفر" فيما يقاربها؛ أي: لا يقلب أحد حروفه حرفا يقاربه لأجل الإدغام.
قوله: "وأدغمت النون
…
"4 إلى آخره.
أي: وأدغمت النون في اللام والراء، مع ما فيه من الغنة نحو: مَن لَّك، ومن رَّاشد؛ لكراهة5 نبرتها؛ أي: لكراهة6 رفع صوتها. فلهذا لم يأتوا بها ظاهرة إلا مع حروف الحلق، على ما سيأتي
1 في "هـ": الياء في الواو.
2 لفظة "لم" ساقطة من "هـ".
3 ما بين المعقوفتين ساقط من "ق".
4 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "وَأُدْغِمَتِ النُّونُ فِي اللاّمِ والرَّاءِ لِكَرَاهَةِ نَبْرَتِهَا، وفي الميم -وإن لم يتقاربا- لغنتها، وَفِي الْوَاو وَالْيَاءِ لإِمْكَانِ بَقَائِهَا، وَقَدْ جَاءَ: لِبَعْض شَّأنهِمْ، وَاغْفِر لي، ونَخْسِف بِّهِمْ، وَلَا حُرُوفُ الصَّفِيرِ فِي غَيْرِهَا؛ لِفَوَاتِ صِفَتِهَا، وَلا الْمُطْبَقَةُ فِي غَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ إِطْبَاقٍ عَلَى الأَفْصَح، وَلا حَرْفُ حَلْقٍ فِي أَدْخَلَ مِنْهُ إلَاّ الْحَاءُ فِي الْعَيْنِ وَالْهَاءِ، وَمِنْ ثَمَّ قالوا فيهما: اذبحَّتودا، واذبحّاذه". "الشافية، ص269".
5 في "هـ": لكراهية.
6 في "هـ": لكراهية.
وقد أورد عليه أن النبرة ليست للنون، بل للهمزة؛ لأن النفس بها يرتفع من أقصى الحلق. وحكى ابن القطاع: نَبَرَ "171" الحرف: همزه1.
وقريش لا تنبر؛ أي: لا تهمز2، ولا يعرف أحد النبر من صفات النون.
فالأولى أن يقال: النون تدغم بغنة وغير غنة في اللام؛ لقرب مخرجها من مخرج اللام.
وأدغمت في الراء أيضا؛ لقرب مخرجها من مخرج الراء؛ لكونها مثلها في الشدة.
وأدغمت النون في الميم [نحو] 3 مِن مّحمد4، مع أنهما لا يتقاربان في المخرج5؛ لما فيهما6 من الغنة التي جعلتهما كالمتقاربين في المخرج.
وأدغمت في الواو والياء، نحو:"من وَّاقد"، و"من يَّقول"؛ لإمكان بقاء غنة النون7 عند إدغامها في الياء والواو8، لما فيهما من اللين.
1 ينظر الأبنية.
2 ينظر النشر: 1/ 22.
3 لفظة "نحو" إضافة من "ق"، "هـ".
4 زاد في "هـ": صلى الله عليه وسلم.
5 في المخرج: ساقط من "ق".
6 في "ق": فيها.
7 لفظة "النون" ساقطة من "هـ".
8 في "هـ": في الواو والياء، وفي "ق": في الياء والياء.
وإنما لم تدغم النون فيما هو قريب من مخرجها كالجيم؛ لعدم بقاء غنتها لو أدغمت في الجيم، لما فيها من الشدة.
وقد جاء إدغام "الضاد في الشين"1 في قوله تعالى: {لِبَعْضِ شَأْنِهِمْ} 2 في قراءة أبي عمرو3؛ لقرب مخرجها، والشين أكثر استطالة، وفي الشين تفشٍّ ليس في الضاد.
والنحويون ينكرونه4؛ لأن الضاد، بل سائر حروف "ضوي مشفر" لا تدغم إلا في مثلها، ولأنه لو أدغمت ههنا لزم التقاء الساكنين على غير حدّه، مع أنه لم يرو عنه الإدغام في قوله تعالى:{وَالْأَرْضِ شَيْئًا وَلَا يَسْتَطِيعُونَ} 5، ولا في قوله تعالى:{ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقًّا} 6.
اعلم أنه لو قدّم إدغام النون فيما ذكره على إدغام حروف "ضوي مشفر" أو أخّره عنه لكان أولى؛ لأنه لا وجه لذكره في الكتاب؛ [لأن النون ليست من تلك الحروف]7.
1 في "ق": "النون في الهاء" لعله سهو من الناسخ.
2 سورة "النور" من الآية "62".
3 ينظر النشر: 1/ 291.
4 ويرون أن ذلك ينبغي أن يحمل على الإخفاء؛ لما في الإدغام من الجمع بين ساكنين وليس الأول حرف مد ولين. "ينظر الممتع: 2/ 725".
5 سورة "النحل" من الآية "73". ونقل ابن الجزري عن الداني قوله: "ولا أعلم خلافا بين أهل الأداء في إظهاره". "النشر: 1/ 291".
6 سورة "عبس" من الآية "26".
7 ما بين المعقوفتين ساقط من "ق".
وقد جاء إدغام الراء في اللام1 مع أن الراء من حروف "ضوي مشفر"[واللام ليست كذلك، نحو: "اغفر لّي"2، وإدغام الفاء في الباء نحو: "يخسف بّهم"3 في قراءة الكسائي4، مع أن الفاء من حروف "ضوي مشفر"، والياء ليست كذلك]5.
والنحويون ينكرون ذلك6.
قوله: "ولا تدغم حروف الصفير في غيرها".
1 ومن ذلك ما روي عن يعقوب الحضرمي من إدغام الراء في اللام، وكذلك أيضا روى أبو بكر بن مجاهد عن أبي عمرو أنه كان يدغم الراء في اللام، متحركة كانت الراء أو ساكنة. قاله ابن عصفور في الممتع: 2/ 723، 724.
2 سورة "الأعراف" من الآية "151"، و"إبراهيم" من الآية "41"، و"ص" من الآية "35"، و"نوح" من الآية "28".
3 سورة "سبأ" من الآية "9".
4 ينظر النشر: 2/ 12، وينظر كذلك الممتع: 2/ 720.
5 ما بين المعقوفتين ساقط من "ق"، "هـ".
6 لأن الفاء من الحروف التي لا تدغم في مقاربها، ولا يحفظ ذلك من كلامهم وهو ضعيف في القياس لما فيه من إذهاب التفشي الذي في الفاء. قال ابن عصفور في الممتع "2/ 720":"وهذا مخالف لما ذكره سيبويه من أن الراء لا تدغم في مقاربها لما فيها من التكرار، وهو القياس، ولم يحفظ عن سيبويه الإدغام في ذلك. وروى أبو بكر بن مجاهد عن أحمد بن يحيى عن أصحابه عن الفراء أنه قال: كان أبو عمرو يروي عن العرب إدغام الراء في اللام. وقد أجازه الكسائي أيضا، وله وجه من القياس، وهو أن الراء إذا أدغمت في اللام صارت لاما، ولفظ اللام أسهل من الراء لعدم التكرار فيها، وإذا لم تدغم الراء كان في ذلك ثقل؛ لأن الراء فيها تكرار، فكأنها راءان واللام قريبة من الراء، فتصير كأنك قد أتيت بثلاثة أحرف من جنس واحد". "الممتع: 2/ 724، 725، وينظر الكتاب: 4/ 448". وأجازه ابن مالك أيضا في التسهيل "ينظر: 323".
وإنما لم تدغم1؛ لفوات الصفير منها2.
ولا الحروف الْمُطْبَقَةُ فِي غَيْرِهَا مِنْ غَيْرِ إِطْبَاقٍ، عَلَى الأفصح، كإدغام الطاء في التاء نحو قولك: أحبطت، و [قوله تعالى] 3:{فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ} 4.
ويعلم من قوله: "من غير إطباق" أنه تدغم الحروف المطبقة في غيرها مع تبقية الإطباق، كقراءة أبي عمرو:"فرطتُّ في جنب الله" وفيه نظر5 سيأتي.
ولا يدغم حرف حلق في حرف6 حلق آخر أدخل منه؛ لأنه يؤدي إلى إدغام الأسهل في الأثقل، إلا الحاء في العين والهاء؛ فإنها تدغم في العين، مع أنها أدخل في الحلق منها؛ لشدة تقاربهما في المخرج، وتدغم في الهاء؛ لأنها مثلها في الهمس والانخفاض، لكن لا تدغم الحاء فيها على ما عهد في إدغام المتقاربين من قلب الأول والثاني، بل على العكس من ذلك؛ لأن التقاء الحاءين أخف7 عليهم من التقاء العينين أو الهاءين.
1 في "ق": لم يدغموا.
2 لفظة "منها" ساقطة من "ق".
3 ما بين المعقوفتين إضافة من المحقق.
4 سورة "الزمر" من الآية "56".
5 لفظة "نظر": ساقطة من "هـ".
6 في "هـ": حروف.
7 لفظة "أخف" ساقطة من "هـ".
وأشار إليه بقوله: "ومن ثم1 قالوا فيهما: اذبَحَّتُودًا".
أي: ومن أجل أنه لا يدغم حروف حلق [في حرف2] 3 حلق آخر أدخل منه، لم يقولوا في: اذبحْ عَتُودًا، واذبح هذه: اذبَعَّتودا ولا: اذبَهَّذه، بقلب [الحاء عينا أو هاء، بل قالوا: اذبَحَّتودُا واذبَحَّذه بقلب العين] 4 والهاء حاء.
وقد خُولف هذا الاستعمال في قراءة أبي عمرو5: "فمن زحزح عَّن النار"6 -بقلب الحاء عينا- فرارًا من الأمثال، يعني7 الحاءين؛ ولذلك [لم يقرأ به في] 8 مثل:{ذُبِحَ عَلَى النُّصُبِ} 9.
1 في الأصل: ثمة، وما أثبتناه من "ق"، "هـ" يناسب ما جاء في الشافية.
2 في "ق": حروف.
3 ما بين المعقوفتين ساقط من "هـ".
4 ما بين المعقوفتين ساقط من "ق".
5 من رواية شجاع وعباس وأبي زيد، وعن اليزيدي من رواية ابنه. "ينظر النشر: 1/ 288".
وقال ابن عصفور: "ومن ذلك إدغام أبي عمرو الحاء في العين من قوله تعالى: "فمن زحزح عَّن النار" في إحدى الروايتين. وذلك أن اليزيدي روي عنه أنه قال: من العرب من يدغم الحاء في العين كقوله تعالى: "فمن زحزح عَّن النار" قال: وكان أبو عمرو لا يرى ذلك. الصحيح أن إدغام الحاء في العين لم يثبت، وإن جاء من ذلك ما يوهم أنه إدغام فإنما يحمل على الإخفاء". "الممتع: 2/ 722، 723".
6 سورة "آل عمران" من الآية "185".
7 في "هـ": أعني.
8 في "ق" موضع ما بين المعقوفتين: "لم يقرأ بقراءته في".
9 سورة "المائدة" من الآية "3".