الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الحذف] :
قوله: "الحذف الإعلالي1...."2 إلى آخره.
اعلم أن الحذف الإعلالي والحذف الترخيمي قد تقدما؛ أما الحذف الإعلالي ففي باب الإعلال من التصريف، وأما الحذف الترخيمي ففي النحو3 في باب الترخيم.
وقد جاء أيضا حذف -غير الحذف الإعلالي "177" وغير الحذف الترخيمي- في باب تتفعّل وتتفاعل، نحو: تَتَنَزَّل وتَتَنَابَز؛ فإنه يحذف منه إحدى التاءين، فيقال: تَنَزّل، وتَنَابز؛ لكراهة اجتماع التاءين وهي فصيحة كإثباتها، وإدغام [إحداهما في الأخرى] 4 قليل.
واختلف في المحذوف من التاءين: فقيل الأولى، وقيل الثانية -وهو الوجه- لأن الأولى للعلامة وهي المضارعة بخلاف الثانية، ولأن الاستثقال جاء من الثانية لا من الأولى.
وجاء الحذف في نحو: مِسْتُ، وأَحَسْتُ، وظَِلْتُ5، في: مَسِسْتُ
1 في الأصل: الإعلال، والصحيح ما أثبتناه من "ق"، "هـ".
2 عبارة ابن الحاجب بتمامها: "الحذف الإعلالي والترخيمي قد تقدم، وَجَاءَ غَيْرُهُ فِي تَفَعَّلُ وتَفَاعَلُ، وَفِي نَحْوِ: مست وأحست وظلت واسطاع يستطيع، وَجَاءَ يَسْتِيعُ، وَقَالُوا: بَلْعَنْبَرِ وَعَلْمَاءِ ومِلْمَاءِ، فِي: بَنِي الْعَنْبَرِ وَعَلَى الْمَاءِ وَمِنَ الْمَاءِ. وَأمَّا نَحْو: يَتَسِعُ وَيَتَقِي فَشَاذٌّ، وَعَلَيْهِ جَاءَ:
"تَق اللهِ فِينَا وَالْكِتَابَ الَّذِي تَتْلُو"
بِخِلافِ: تَخِذَ يتخذ، فَإِنَّهُ أَصْلٌ، وَاسْتَخَذَ مِنَ اسْتَتْخَذَ. وَقِيلَ: أبْدِلَ مِنْ تَاءِ اتَّخَذَ وَهُوَ أشَذُّ، وَنَحْوُ: تُبَشِّرُونِي وإني قد تقدم". "الشافية، ص16".
3 ففي النحو: ساقط من "ق".
4 في الأصل: أحدهما في الآخر، وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
5 ينظر الكتاب: 4/ 483.
وأحسستُ، ظللتُ.
لكن الحذف في أَحَسْتُ بنقل حركة المحذوف إلى الحاء، وكذا في مِسْت، وظِلْت -بكسر الميم والظاء- لا بفتحهما.
والحذف1 في ظِلت2 فصيح؛ لكثرة استعماله، بخلاف: مِسْت وأَحَسْت.
وإنما حذف في ذلك؛ لتعذر الإدغام بسكون الثاني، فحذفوا ما كانوا يدغمونه3، وهو الأول. وقيل: حذفوا الثانية.
وجاء حذف التاء في نحو4: استطاع يستطيع، فيصير: اسطاع يسطيع5، وهو فصيح في "استطاع"6؛ لكثرته.
1 في "ق": والفتح.
2 في الأصل: ظللت، وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
3 في "ق": يحذفونه.
4 لفظة "نحو" ساقطة من "هـ".
5 في استطاع أربع لغات على رأي الفراء: اسطاع يُسْطيع -بفتح الهمزة في الماضي وضم حرف المضارعة- فهو من أطاع يطيع. والثانية: استطاع يَستطيع -بكسر الهمزة في الماضي وفتحها في حرف المضارعة- وهو استفعل نحو: استقام واستعان. والثالثة: اسطاع يَستطيع -بكسر الهمزة في الماضي ووصلها وفتح حرف المضارعة- والمراد: استطاع، فحذفت الهمزة تخفيفا لاجتماعها مع الطاء وهما من معدن واحد. والرابعة: استاع يَستيع، بحذف الطاء لأنها كالتاء من الشدة وتفضلها بالإطباق، وقيل: المحذوف التاء؛ لأنها زائدة وإنما أبدلوا من الطاء بعد تاء من مخرجها وهي أخف، وهو حذف على غير قياس. والأولى رأي سيبويه حيث قال: ومن قال: يسطيع فإنما زاد السين على أطاع يطيع، وجعلها عوضا من سكون موضع العين "الكتاب: 4/ 483" وينظر كذلك ابن يعيش: 10/ 429.
6 في الأصل: اسطاع.
وجاء "يَسْتِيع"؛ بحذف الطاء من يستطيع، وهو قليل.
وكأنه لما امتنع الإدغام؛ لسكون ما قبلها فيما لا1 يمكن تحريكه حذفوا؛ فمن قال: "يسطيع" حذف الأول، وهو التاء، ومن قال:"يستيع" حذف الثاني، وهو الطاء. وهذا يدل على جواز حذف2 الأول والثاني على البدل من نحو:"مَسِست" و"أَحْسَست".
وكون "يسطيع" أقوى من "يستيع" يدل على قوة حذف الأول3.
وقالوا أيضا: بَلْعَنْبَر، وعَلْمَاء، ومِلْمَاء -بالحذف- فِي: بَنِي الْعَنْبَرِ4، وَعَلَى الْمَاءِ، وَمِنَ الْمَاءِ. ووجه الحذف تعذر الإدغام بسكون الثاني، فحذفوا كما تقدم، وهو قليل.
وأما نحو: يَتَسِع ويَتَقِي -بحذف الواو- فشاذ؛ لأن الواجب قلب الواو تاء وإدغامها في التاء، كما في الماضي.
ووجه حذف الواو ههنا أنهم حذفوا الواو لأجل ياء المضارعة كما حذفوا في أصلها، وهو: يَسَع ويَقِي؛ لأنهما من باب واحد.
وعلى حذف الواو من يتقي جاء الابتداء بها [في قوله] 5:
1 في الأصل: "ولا"، وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
2 في "ق": الحذف.
3 وهو رأي سيبويه "ينظر الكتاب: 4/ 483".
4 بنو العنبر. العنبر: أبو حي من تميم، وهو العنبر بن عمرو بن تميم، وينتسب إليه بنو العنبر، قال سيبويه: ومن الشاذ قولهم في بني العنبر: "بلعنبر" بحذف النون "الكتاب: 2/ 430". وينظر الصحاح "عنبر: 2/ 759".
5 ما بين المعقوفتين إضافة من المحقق.
"45"
.............................
…
تَقِ الله فينا والكتاب الذي تتلو1
لأنه إذا حذف من "يَتَقِي" حرف المضارعة يبقى "تَقِي"، فحذف الياء لأجل الأمر، فصار "تَقِ".
وليس تَخِذ محذوفا من اتَّخَذ يتَّخِذ بل هو أصل، ولأجل أنه أصل غير محذوف منه شيء قيل في الأمر منه: اتخذ، وفي الماضي منه مع ضمير المتكلم: تَخِذْتُ.
نعم، لو قيل في مضارعه: يَتَخِذ -بحركة التاء المخففة- لكان من باب يَتَقِي، وكان الأمر منه: تَخِذْ.
وقد جاء: استَخِذْ، في: استَتْخِذْ، بمعنى: اتَخِذْ بحذف التاء الثانية.
1 هذا عجز بيت من الطويل، وصدره:
زيادتنا نعمان لا تنسَيَنَّها
والبيت من قصيدة لعبد الله بن همام السَّلُولي خاطب بها النعمان بن بَشير الأنصاري، وكان أميراً على الكوفة في مدة معاوية، وكان معاوية قد زاد ناساً في عَطَائهم عشرة فأنفدها النعمان وترك بعضهم؛ لأنهم جاءوا بكتب بعدما فرغ من الجملة، وكان ابن همام ممن تخلف، فكلمه فأبى عليه، فقال ابن همام هذه القصيدة يرقّقه فيها، ويتشفع بالأنصار ويمدح معاوية. "ينظر شرح شواهد الشافية: 496".
وقد أنشده ابن الحاجب في الشافية شاهدا على أن "تَقِ" أمر من "يَتَقِي" بفتح التاء المخففة، وماضيه تَقَى. وأصلهما: اتّقى يتّقي بالتشديد. والأصل: اوتقى يوتقي؛ فقلبت الواو في الأولى ياء لانكسار ما قبلها، ثم أبدلت تاء وأدغمت، وأبدلت في الثانية تاء وأدغمت. فلما كثر الاستعمال كذا حذفوا التاء الساكنة منهما، وهي فاء الفعل، فصار تَقَى يَتَقِي، بتخفيف التاء المفتوحة، وحذفوا الهمزة من الماضي لعدم الحاجة إليها فصار: تَقَى ووزنه: تَعَل. فأخذ الأمر وهو "تَقِ" من "يَتَقِ" بدون همزة وصل؛ لأن ما بعد حرف المضارعة محرك.
وقال بعضهم: أبدلت السين من التاء الأولى من: اتخِذْ، فقيل: اسْتَخِذْ، وهو أشذ من يَتَقِي ويَتَسِع.
وقال بعضهم: استخذ: استفعل، مخفف1 من استتخذ. وقد استغني بمخففه عنه، وحينئذ لا تكون سينه بدلا من التاء.
قوله: "ونحو: يبشروني وتبشريني وإني، قد تقدم".
يعني: إذا اتصل ياء المتكلم بمثل "بشر"2 وتبشران3 "178" وتبشرون وتبشرين، وإن وأن4 ولكن وأخواتها5، يجوز أن تأتي بنون العماد، فتقول: تبشرانني وتبشرونني وتبشرينني وإنني كما [في الفرد] 6 نحو: تبشرني، وتشبيها بأن تبشر7.
ويجوز حذفها منه كراهة اجتماع النونين أو النونات، فتقول: تبشرانِي، وتبشرونِي، وتبشرينِي، وإنِّي8. وقد تقدم ذلك في النحو في المضمرات.
1 في "هـ" محذوف.
2 لفظة "تبشر" إضافة من "هـ".
3 وتبشران: ساقطة من "ق".
4 لفظة "أن" ساقطة من "هـ".
5 وأخواتها: ساقطة من "ق".
6 ما بين المعقوفتين مطموسة في "هـ".
7 في الأصل: تبشروني، وما أثبتناه من "ق"، "هـ".
8 إذا اجتمعت نون الرفع ونون الوقاية في كلمة، فلك فيها ثلاث لغات: أولاها: إبقاؤهما من غير إدغام، نحو: تضربونَنِي، وعليه قوله تعالى:{لِمَ تُؤْذُونَنِي} . وثانيتها: إبقاؤهما مع الإدغام، وعليه قوله تعالى:{أَفَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ} . وثالثتها: أن تحذف إحداهما وتكتفي بواحدة. وذكر الشارح الأولى والثالثة، ولم يذكر الثانية. "المحقق".