الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شهاب الدين السهروردى
539 - 632 للهجرة
عمر بن محمد بن عمويه السهروردى - بضم السين - نسبة إلى سهرورد، بليدة عند زنجان، من عراق العجم، أبو عبد الله. أحد السادات، الجامع بين الحقيقة والشريعة، والورع والرياضة والتسليك.
ولد بسهرورد، وقدم بغداد في صباه. وصحب عنه الشيخ أبا النجيب،
وغيره من المشايخ، وعليه تخرج. وحصل من العلم ما لا بد منه، ثم انقطع وخلا، واشتغل بإدامة الصيام والقيام، والتلاوة والذكر.
ثم وعظ عند كبر سنه، في مدرسة عمه، على شاطئ دجلة. وكان يتكلم على الناس بكلام مفيد، من غير تزويق، ويحضر مجلسه خلق. وحصل له قبول تام، وقصد من الأفاق، واشتهر اسمه، وتاب على يده خلق كثير، وصار له أتباع كالنجوم.
وانشد يوماً:
لا تسقني وحدي! فما عودتني
…
أنى أشح بها على جلاسي
أنت الكريم! ولا يليق تكرماً
…
أن يعتر الندماء دور الكاس
فتواجد الناس لذلك، وقطعت شعور كثيرة، ومات جمع.
وكان كثير الحج، وربما جاور في بعضها؛ وله تواليف حسنة، منها " عوارف المعارف ". وأملى في الرد على الفلاسفة. وله غرائب في خلواته.
وكان يستفتى في الأحوال. كتب أليه بعضهم: " يا سيدي!. إن تركت العمل أخلدت إلى البطالة، وإن عمات داخلني العجب، فأيهما أولى؟ ". فكتب: " اعمل واستغفر الله من العجب ".
ومن شعره:
تصرمت وحشة الليالي
…
وأقبلت دولة الوصال
وصار بالوصل لى حسودا
…
من كان في هجركم دنا لي
وحقكم!. بعد إذ حصلتم
…
بكل ما فات لا أبالي
على ما للورى حرام
…
وحبكم في الحشا حلالي
أحييتموني، وكنت ميتاً
…
وما بعتمونى بعد غالي
تقاصرت دونكم قلوب
…
فيا له مورداً حلالي!
تشربت أعظمى هواكم
…
فما لغير الهوى ومالي؟!
فما على عادم أجاجاً
…
وعنده أعين الزلال؟!
وكان مليح الخلق والخلق، متواضعاً جامعاً للمكارم. ما للمال عند قدر، لو حصل منه ألوف فرقها. ومات ولم يخلف كفناً، ولا شيئاً من أسباب الدنيا.
ومن شعره:
ربيع الحمى
…
مذ حللتم معشب نضر ومن أهابه يزهو بها النظر
لا كان وادي الغضا لا تنزلون به
…
ولا الحمى سح في أرجائه مطر
ولا الرياح، وإن رقت نسائمها
…
إن لم تفد نشركم لا ضمها سحر
ولا خلت مهجتى تشكو رسيس جوى
…
حر قلبي برياحبكم عطر
ولا رقأت عبرتي حتى تكون لمن
…
ذاق الهوى وضنى، في عبرتي عبر
أضر في آخر عمره، وأقعد، وما أخل بأوراده، وحضور الجامع في المحفة، والحج كذلك، إلى أن دخل في عشر المئة، وعجز وضعف، فانقطع في منزله إلى أن مات، سنة اثنتين وستمائة، ببغداد. وصلى عليه بجامع القصر، وحمل إلى الوردية، فدفن في تربة هناك.
ومن أعظم أصحابه رشيد الدين الفرغاني. قال الشيخ عنه: " كل أصحابنا في قبضتنا، وهو في قبضته ".