الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حاتم الأصم
-
227 للهجرة
حاتمُ الأصمُ، أبو عبد الرحمن، من مشايخ خُراسان. صحب شفيقَ أبن ابرهيم البلخي؛ وكان أستاذَ أحمد بن خَضَروَيه.
مات سنة سبع وثلاثين ومائتين.
ولم يكن أصمَّ، وإنما جاءته أمرأةٌ تسأله مسألةً، فأتفق أن خرج منها ريحٌ، فخجلت؛ فقال حاتم:" أرفعي صوتك! " وأري من نفسه أنه أصمٌ، فسرت بذلك، وقالت:" أنه لم يسمع الصوتَ! ". فغلب عليه ذلك، حكاه أبو علي الدقاق من كلامه:" الزم خدمة مولاك، تأتك الدنيا راغمةً، والأخري راغبةً ".
وقال: " نعهد نفسك في ثلاثة مواضع: إذا عملت فأذكر نظر الله إليك، وإذا تكلمت فأذكر سمع الله إليك، وإذا سكتَ فأذكر علمَ الله فيك ".
وقال: " من ادعي ثلاثاً بغير ثلاث فهو كذاب: من أدعي حُبَ اللهِ من غير وَرَع من محارمه؛ ومن ادعي حبَ الجنةِ غير أنفاق ماله؛ ومن ادعي محبةَ الرسول من غير محبة الفقراء ".
وقال له رجل: " ماتشتهي؟ "، فقال:" أشتهي عافيةَ يوم إلي الليل! " فقيل له: " أليست الأيامُ كلها عافيةَ؟! "، فقال:" أن عافيةَ يومي أل أعصي اللهَ فيه! ".
وسُئِل: " علام بنيتَ أمرَكَ هذا في التوكل علي الله؟ "، قال: " علي خصالِ أربع: علمتُ أن رزقي لا يأكله غيري، فاطمأنت به نفسي، وعلمتُ أن عملي لا يعملهُ غيري، فأنا مشغول به، وعلمتُ أن الموت يأتيني بغتةً، فأنا أبادره، وعلمتُ أني لا أخلو من عين الله حيث كنتُ، فأنا
مستحٍ منه ".
وقال: " ما من صباح إلا والشيطانُ يقول لي: " ماتأكلُ، وماتلبسُ؟ وأين تسكنُ؟ ". فأقول:" أّكل الموتَ، وألبس الكفنَ، وأسكن القبرَ ".
وقيل له: " من أين تأكل؟ "، فقال: " ولله خزائنُ السمواتِ والأرض ولكن المنافقين لا يعلمونَ (.
وقال: " لقينا التُرك، وكان بيننا جولة، فرماني تركي، فقلبني وقعد علي صدري، وأخذ بلحيتي، وأخرج من خفهِ سكيناً ليذبحني، فوحق سيدي ما كان قلبي عنده، ولا عند سكينه، إنما كان قلبي عند سيدي، لأنظر ماذا ينزل منه بي، فقلت: قضيت سيدي ذلك؟! فعلي الرأس والعين! إنما أنا ملكك! فبينا أنا أخاطب سيدي، وهو قاعد علي صدري، آخذ بلحيتي ليذبحني، إذا رماه المسلمين بسهم، فما اخطأ حلقه، فسقط عني، فقمت أنا أليه، وأخذتها من يده، وذبحته بها. غما هو ألا أن تكون قلوبكم عند السيد، حتى تروا من عجائب لطفه ما لم تروا من الآباء والأمهات ".
وذكر أبن عساكر في " تاريخه " حكاية في معني هذه - وهي غريبة - عن علي بن حرب، قال " خرجنا من " الموصل " في سفينة، نريد
" سري من رأي ". فإذا بسمكة قد وثبت من الماء إلي السفينة، فقال أحداث كانوا معنا: اعدلوا بنا إلي الشط، نطلب حطباً نشويها فجئنا إلي خربة فدخلناها، فوجدنا رجلا مذبوحاً، ورجلا مكتوفاً قائماً. فسألنا الرجل عن القصة، فقال: هذا المكارىُّ عدا من القافلة في الليل، فشدني وثاقاً - كما ترون - وعزم علي قتلي، فناشدته الله، وقلت: يا هذا! خذ جميع ما معي، ولا تقتلني!. فأني ألا قتلي، فأنتزع سكينا معه، فعسُرت عليه، فأجتذبها، فمرت علي أوداجه فذبحته. قال: فأطلقنا يديه، فوثبت السمكة في الماء وذهبت ".