الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يحيى بن معاذ الرازي
-
258 للهجرة
يحيى بن معاذ الرازي الواعظ أبو زكريا، أحد الأوتاد. وكان أوحد وقته في فنه.
مات سنة ثمان وخمسين ومائتين. وقبره بنيسابور يستسقى به، ويتبرك بزيارته. وكانوا ثلاثة اخوة: يحيى، وسماعيل، وابرهيم، وكلهم زهاد.
ومن كلامه: " لا تكن ممن يفضحه يوم موته ميراثه، ويوم حشره ميزانه " وقال: " كيف يكون زاهدا من لا ورع له؟!. تورع عما ليس لك، ثم ازهد فيما لك ".
وقال: " من لم ينظر في الدقيق من الورع لم يصل إلى الجليل من العطاء ".
وقال: " ليكن حظ المؤمن منك ثلاث خصال: ان لم تنفعه فلا تضره، وان لم تسره فلا تغمه، وان لم تمدحه فلا تذمه ".
وقال: " الزهد ثلاثة أشياء: الخلوة، والقلة، والجوع ".
وقال: " أولياؤه أسراء نعمه، وأصفياؤه رهائن كرمه، وأحباؤه عبيد مننه. فهم أسراء نعم لا يطلقون، ورهائن كرم لا يفكون، وعبيد منن لا يطلقون ".
وقال: " الصبر على الخلوة من علامة الأخلاص ".
وقال: " بئس الصديق صديقا يحتاج أن يقال له: " اذكرني في دعائك!، وبئس الصديق صديقا يحتاج أن يعتذر إليه، وبئس الصديق صديقا يحتاج ان يعيش معه بالمداراة ".
وقال: " من سعادة المرء أن يكون خصمه فهما، وخصمي لا فهم له ". قيل له: " ومن خصمك؟ " قال: " نفسي! لا فهم لها، تبيع
الجنة بما فيها من النعيم المقيم، والخلود فيها، بشهوة ساعة من دار الدنيا ".
وقال: " على قدر حبك لله يحبك الخلق؛ وعلى قدر خوفك من الله يهابك الخلق؛ وعلى قدر شغلك بالله يشتغل في أمرك الخلق ".
وقال: " من كان غناه في كسبه لم يزل فقيرا "؛ ومن كان غناه في قلبه لم يزل غنيا "، ومن قصد بحوائجه المخلوقين لم يزل محروما " ".
وقال: " جميع الدنيا - من أولها إلى أخرها - لا تساوي غم ساعة، فكيف بغم عمرك فيها مع قليل نصيبك منها؟! ".
وقال: " إذا احب القلب الخلوة أوصله حب الخلوة إلى الأنس بالله، ومن انس بالله استوحش من غيره ".
وأنشد:
سلم على الخلق، وارحل نحو مولاكا
…
واهجر على الصدق والاخلاص دنياكا
عساك في الحشر تعطى ما تؤمله
…
ويكرم الله ذو الالاء مثواكا!
وقال: " العارف يخرج من الدنيا ولا يقضي وطره في شيئين: بكاؤه على نفسه، وثناؤه على ربه ".
وقال، في قوله تعالى:) فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى (: " الهي! هذا رفقك بمن يقول: أنا إله، فكيف بمن يقول: أنت إلهه!؟ ".
وكان يقول، في جملة دعائه:" الهي!، حبك اعطش كبدي!، وأوحشني من أهلي وولدي! " وروى انه قدم شيراز، فجعل يتكلم في علم الأسرار؛ فاتته أمراءه من نسائها، فقالت:" كم تريد أن تأخذ من هذه البلدة؟ " قال: " ثلاثين ألفا، اصرفها في دين على بخراسان "، فقالت:" لك ذلك، على انك تأخذها وتخرج من ساعتك! "، فرضى به، وحملت اليه، وخرج من الغد. فعوتبت تلك المرأة فيما فعلت، فقالت:" لأنه كان يظهر أسرار أوليائه للسوقة والعامة، ففوت عليه ذلك ".
وقال له رجل: " انك لتحب الدنيا "، فقال:" أين السائل عن الأخرة؟ " قال) ها أنا! "، قال) اخبرني أيها السائل عنها، أبالطاعة تنال أم بالمعصية؟ ". قال: لا، بل بالطاعة " قال:" فاخبرني عن الطاعة، أبالحياة تنال، أم بالممات؟ " قال: " لا، بل بالحياة " قال: " فاخبرني عن الحياة، أبالقوت تنال، أم بغيره؟ " قال: " لا، بل بالقوت " قال: " فاخبرني عن القوت، أمن الدنيا هو، أم من الأخرة؟ " قال: " لا، بل من الدنيا "، قال:" فكيف لا أحب دنيا قدر لي فيها قوت، اكتسب به حياة، أدرك بها طاعة، أنال بها الأخرة؟! ". فقال الرجل: " اشهد ان ذلك معنى قول النبي، صلى الله عليه وسلم:) أن من البيان لسحرا (.
خرج يحيى إلى بلخ، وأقام بها مدة، ورجع إلى نيسأبور، ومات بها كما سلف.
ومن شعره:
أموت بدائي لا أصيب دوائيا
…
ولا فرجا مما أرى من بلائيا
إذا كان داء العبد حب مليكه
…
فمن، دونه، يرجو طبيبا مداويا؟!
ومنه:
دعني أدارى الحب من كل جانب
…
فليس لها مني سبيل ومهرب
وحملتني مالا تطيق جوارحي
…
فسرك في الأحشاء منى مغيب
ومن كلامه أيضا: " صبر المحبين اشد من صبر الزاهدين، واعجبا!. كيف يصبرون؟! ".
وأنشد:
الصبر يجمل في المواطن كلها
…
إلا عليك فانه لا يجمل
ومنه: " حقيقة المحبة مالا تنقص بالجفاء، ولاتزيد بالبر ".
وأنشد:
لم اسلم للأسقام تتلفها
…
إلا لعلمي بان الوصل يحييها
نفس المحب على الالام صابرة
…
لعل سقمها يوما يداويها