الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أبو بكر الدقي
260 - 360 للهجرة
محمد بن داود الدينوري، أبو بكر الدقي؛ أحد الأعيان، البغدادي ثم الدمشقي. قرا القرآن على ابن مجاهد، وصحب أبى عبد الله بن الجلاء، وابا بكر الزقاق؛ وكان من أقران أبى علي الروذباري؛ وعمر فوق مائة سنة. مات بدمشق سنة ستين وثلاثمائة.
من كلامه: " المعدة موضع لجميع الأطعمة. فإذا طرحت فيها الحلال صدرت
الأعضاء بالأعمال الصالحة؛ وإذا طرحت فيها الشبهة اشتبه عليك الطريق إلى الله. وإذا طرحت فيها التبعات كان بينك وبين أمر الله حجاب ".
وقال: " من عرف ربه لم ينقطع رجاؤه، ومن عرف نفسه لم يعجب بعمله، ومن عرف الله لجا اليه، ومن نسى الله لجا إلى المخلوقين، والمؤمن لا يسهو حتى يغفل، فإذا تفكر حزن واستغفر ".
وسئل عن الفرق بين الفقر والتصوف، فقال:" الفقر حال من احوال التصوف ".
وقال: كنت بالبادية، فوافيت قبيلة من قبائل العرب، فأضافني رجل منهم، فرأيت غلاما اسود، مقيدا هناك، ورأيت جمالا ماتت بفناء البيت. فقال الغلام:" أنت الليلة ضيف، وأنت على مولاي كريم، فتشفع لي!، فانه لا يردك! ". فقلت لصاحب البيت: " لا آكل حتى تحل هذا العبد "، فقال:" هذا الغلام قد افقرني، واتلف مالي! ". فقلت: " ما فعل؟ ". فقال: " له صوت طيب، وكنت أعيش من ظهر هذه الجمال، فحملها أحمال ثقيلة، وحدا لها، حتى قطعت مسيرة ثلاثة أيام في يوم، فلما حط
عنها ماتت كلها!. ولكن قد وهبته لك ". وأمر بالغلام فحل عنه القيد. فلما أصبحنا أحببت ان اسمع صوته، فسألته عن ذلك، فأمر الغلام أن يحدو على جمل كان على بئر هناك، يسقى عليه، فحدا، فهام الجمل على وجهه، وقطع حباله. ولا أظن أني سمعت صوتا أطيب منه، ووقعت لوجهي حتى أشار عليه بالسكوت ".
وانشد في المعنى:
إن كنت تنكر أن للأص
…
وات فائدة ونفعا
فانظر إلى الإبل اللواتي
…
هن اغلظ منك طبعا
تصغى إلى حدو الحدا
…
ة فتقطع الفلوات قطعا
وقال: " كنت أخرج كل ما فتح به على الفقراء، ولا ادخر لنفسي شيئا، ففتح على بالرملة بنصف دينار،) وكان على ببيت المقدس نصف دينار دينا (، وقدم جماعة من الفقراء - من الحجاز - فقصدوني، وسلموا على فجعلت أميز: هل احبه للدين؟ أو اصرفه لهم
على العادة؟ فقوى على شاهد العلم الأول، فبات الفقراء، جياعاً على حالهم، وبت معهم، فضرب على ضرس من أضراسي تلك الليلة، فلم انم، فأشير على بقلعة، فاقترضت نصف درهم، وقلعته به.
ثم خطر بقلبي إخراج النصف دينار. ثم قلت: الدين واجب، فضرب على في الليلة الثانية ضرس آخر، فقلعته. ثم ذكرت النصف دينار، فقلت: لعلى عوقبت بحبسه!. ثم قلت: إنما حبسته للدين. ثم ضرب على ضرس آخر، فهممت بقلعه، فأخرجته قبل الليل، فهتف بي هاتف: لو لم تخرجه لقلعنا أضراسك ضرساً ضرساً! حتى لا يبقى في فيك ضرس واحدا!. قال: فجئت إلى الفقراء وعرفتهم، فقالوا: ما أخرجت القرش الا بعد قلع الضرس ".
وروى انه قام ليلة إلى الصباح، يصيح ويبكى، وينشد:
بالله! فاردد فؤاد مكتثب
…
ليس له من حبيبه خلف!
والناس حوله يبكون.
وقال: " من ألف الاتصال، ثم ظهر له عين الانفصال نُغَص عليه عيشه، وانمحق عليه وقته، وحار ثلاثاً في محل الوجه ".
وأنشد:
لو أن الليالي عُذَّبتْ بفراقنا
…
محا دمعُ عينِ الليل ضوءَ الكواكبِ
ولو جُرَّعَ الأيامُ كأسَ فراقنا
…
لأصبحت الأيام شيب الذوائب