الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
باب: ما جاء في صيام ثلاثة أيام من كل شهر واستحباب كونها الأيام البيض
677 -
وكان أبي ذَرٍّ رضي الله عنه قال: أمَرَنا رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أنْ نَصومَ من الشهرِ ثلاثةَ أيامٍ: ثلاثَ عَشْرَةَ وأربعَ عَشْرَةَ وخَمْسَ عَشْرَةَ رواه النسائي والترمذي وصححه ابن حبان.
رواه النسائي 4/ 222 والترمذي (761) وأحمد 5/ 152 وابن خزيمة 3/ 302 وابن حبان في "الموارد"(923) والبيهقي 4/ 292 والبغوي في "شرح السنة" 6/ 355 كلهم من طريق يحيى بن سام عن موسى بن طلحة عن أبي ذر قال. فذكره.
قلت: يحيى بن سام بن موسى الضبي ترجم له البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 277 وابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 9/ 155 ولم يورد فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وذكره ابن حبان في "الثقات" وقال الذهبي في "الكاشف" و"الميزان": وثق. اهـ.
وقال الآجري عن أبي داود بلغني أنه لا بأس به، وكأنه لم يرضه. اهـ.
وقال الحافظ في "التقريب"(7553): مقبول. اهـ.
قلت: والحديث له طرق عن أبي ذر وله شواهد كما سيأتي. وقد صححه بعض أهل العلم. قال الترمذي 3/ 108: حديث أبي ذر حسن. اهـ.
ولما نقل الألباني حفظه الله كما في "الإرواء" 4/ 102 تحسين الترمذي قال. وهو كما قال إن شاء الله تعالى. ويحيى بن سام لا بأس به. وقد توبع عليه وخولف في سنده. اهـ.
وصححه ابن خزيمة وابن حبان فلعله بكثرة طرقه وشواهد لا ينزل عن درجة الحسن.
وقد تابع يحيى بن سام يزيد بن أبي زياد كما هو عند عبد الرزاق 4/ 299 قال: أخبرنا معمر عن يزيد بن أبي زياد عن موسى بن طلحة عن أبي ذر قال: أراه رفعه - إنه أمر بصوم البيض ثلاثة عشر وأربعة عشر وخمسة عشر
قلت: يزيد بن أبي زياد ضعيف وقد سبق الكلام عليه. وقد خالفهما كلٌّ من محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة وعثمان بن موهب وابنه عمرو بن عثمان وحكيم بن جبير فرووه جميعًا عن موسى بن طلحة عن ابن الحوتكية عن أبي ذر.
ورواه النسائي 4/ 223 وأحمد 5/ 150 كلاهما من طريق سفيان قال: حدثنا رجلان محمد بن عبد الرحمن وحكيم بن جبير عن موسى بن طلحة عن ابن الحوتكية عن أبي ذر أنه قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم أمرَ رجلًا بصيام ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة
واللفظ للنسائي.
ورواه أيضًا النسائي 4/ 223 من طريق الحكم عن موسى بن طلحة عن ابن الحوتكية قال أُبَىٌّ جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم -
ومعه أرنب قد شواها وخبز فوضعها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: إني وجدتُها تَدمَى. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأصحابه: "لا يضر كلوا". وقال للأعرابي: "كُلْ". قال: إني صائم. قال: "صوم ماذا؟ " قال صوم ثلاثة أيام من الشهر، قال:"إن كنت صائمًا فعليك بالغُرِّ البيض، ثلاث عشرة وأربعَ عشرةَ وخمس عشرةَ". قال النسائي 4/ 223. والصواب عن أبي ذر، ويشبه أن يكون وقع من الكُتّابِ ذَرٌّ فقيل أُبَيٌّ اهـ.
ورواه أيضًا النسائي 4/ 223 من طريق سفيان عن بيان بن بشر عن موسى بن طلحة عن ابن الحوتكية عن أبي ذر مرفوعًا بنحوه مختصرًا.
قال النسائي 4/ 223: هذا خطأ ليس من حديث بيان ولعل سفيان قال: حدثنا اثنان فسقط الألف فصار بيان. اهـ.
وقال الدارقطني في "العلل" 2/ 228 - 229. وصحف الجواز في قوله: "بيان" وإنما كان ابن عيينة يقول: حدثني اثنان عن موسى بن طلحة اهـ. وتارة يرويه ابن عيينة فيقول "رجلان".
وبهذا الوجه رواه النسائي في "الكبرى" 2/ 137 من طريق سفيان قال: حدثنا رجلان محمد وهو ابن عبد الرحمن مولى آل طلحة وحكيم وهو ابن جبير ليس بالقوي عن موسى بن طلحة عن ابن الحوتكية عن أبي ذر بمثله.
ورواه ابن خزيمة 3/ 302 من طريق عمرو بن وهب عن موسى بن طلحة عن ابن الحوتكية عن أبي ذر بنحوه.
ورواه أيضًا ابن خزيمة 3/ 302 من طريق سفيان عن محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن موسى بن طلحة عن ابن الحوتكية. قال عمر مَن حاضِرُنا يومَ القاحَةِ؟ قال أبو ذر .. فذكر قصة الأرنب والصيام كذلك.
قال ابن خزيمة 3/ 302: قد خَرَّجْتُ هذا الباب بتمامه في كتاب "الكبير" وبينتُ أن موسى بن طلحة قد سمع من أبي ذر قصة الصوم دون قصة الأرنب وروى ابن الحوتكية القصتين جميعًا اهـ.
قلت: ويزيد بن الحوتكية قال الذهبي في "الميزان" 4/ 421 لا يعرف تفرد عنه موسى بن طلحة. اهـ.
وقد ذكره ابن حبان في "الثقات". وقال يعقوب بن شيبة. كان ابن الحوتكية أحد أخوال موسى بن طلحة اهـ.
وقد اختلف على موسى بن طلحة فقد رواه عنه محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عنه عن ابن الحوتكية عن عمر بنحوه كما عند ابن خزيمة 3/ 302 وعبد الرزاق 4/ 99.
ورواه عبد الملك بن عمير عن موسى بن طلحة عن أبي هريرة بنحوه كما عند أحمد 2/ 336، 346 والنسائي في "الكبرى" 2/ 136 وابن حبان 8/ 410 - 411 وقال: سمع هذا الخبر موسى بن طلحة عن أبي هريرة وسمعه من ابن الحوتكية عن أبي ذر والطريقان محفوظان اهـ.
وقال الألباني حفظه الله كما في "السلسلة الصحيحة" 4/ 93: هذا إسناد رجاله ثقات رجال الشيخين. غير عبد الملك بن عمير.
قال الحافظ في "التقريب": ثقة فقيه تغير حفظه، وربما دلس. اهـ. ثم قال الألباني. وقد خالفه يحيى بن سام عن موسى بن طلحة عن أبي ذر
…
اهـ.
وقد أرسله أيضًا موسى بن طلحة ويطول المقام بذكر تفاصيل هذا الاختلاف لكن ذكر الدارقطني في كتابه "العلل" 2/ 226 - 230 (239) بيان ما وقع فيه من اختلاف فليراجع.
لكن أصل الحديث ثابت كما سبق وله شواهد عدة.
وقد رواه الترمذي (762) وابن ماجه (1708) كلاهما من طريق أبي معاوية عن عاصم الأحول عن أبي عثمان النهدي عن أبي ذر قال قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من صام من كل شهر ثلاثة أيام فذلك صيام الدهر، فأنزل الله عز وجل تصديق ذلك في كتابه {مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا} [الأنعام: 160] اليوم بعشرة أيام.
قلت: إسناده قوي. قال الترمذي 3/ 109: هذا حديث حسن صحيح اهـ.
وقال الألباني حفظه الله كما في "الإرواء" 4/ 202: إسناده على شرط الشيخين. اهـ.
وقال الألباني حفظه الله كما في "السلسلة الصحيحة" 4/ 94: وجملة القول أن الحديث بمجموع هذه الطرق حسن على أقل الدرجات. والله أعلم. اهـ.
وفي الباب عن عائشة وعبد الله بن عمر بن العاص وأبي هريرة وأبي قتادة وجرير بن عبد الله وقتادة بن ملحان وابن مسعود وعبد الله بن عمر وعمر بن الخطاب.
أولًا: حديث عائشة رواه مسلم 2/ 818 والترمذي (763) وابن ماجه (1709) والبيهقي 4/ 295 وأحمد 6/ 145 - 146 كلهم من طريق يزيد الرَّشك قال: حدثتني معاذة العدوية أنها سألت عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم من كل شهر ثلاثة أيام؟ قالت: نعم. فقلت لها: من أي أيام الشهر كان يصوم؟ قالت: لم يكن يبالي من أي أيام الشهر يصوم.
ثانيًا: حديث عبد الله بن عمرو بن العاص رواه البخاري (1976) ومسلم 2/ 812 - 813 كلاهما من طريق الزهري قال أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن أن عبد الله بن عمرو قال: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أقول: والله لأصومن النهار ولأقومن الليل ما عشت. فقلت له. قد قلته بأبي أنت وأمي قال: "فإنك لا تستطيع ذلك، فصم وأفطر وقم ونم، وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشر أمثالها، وذلك مثل صيام الدهر"
ثالثًا: حديث أبي هريرة رواه البخاري (1981) ومسلم 2/ 499 وأحمد 2/ 459 والبيهقي 4/ 293 كلهم من طريق أبي عثمان النهدي عن أبي هريرة قال: أوصاني خليلي صلى الله عليه وسلم بثلاث: صيام ثلاثة أيام من كل شهر، وركعتي الضحى، وأن أوتر قبل أن أنام.
وقد بوب عليه البخاري فقال: باب صيام البيض، ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمسة عشرة. ونحوه.
رابعًا: حديث أبي قتادة رواه مسلم 2/ 818 وأبو داود (2425) وابن ماجه (1730) كلهم من طريق غيلان بن جرير عن عبد الله بن معبد الزماني عن أبي قتادة وفيه قصة سؤال الرجل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصيام وفي آخره قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ثلاث من كل شهر ورمضان إلى رمضان، فهذا صيام الدهر"
وسبق تخريج الحديث في باب: ما جاء في صيام يوم عرفة وعاشوراء والاثنين.
خامسًا: حديث أبي الدرداء رواه مسلم 1/ 499 قال: حدثني هارون بن عبد الله ومحمد بن رافع قالا: حدثنا ابن أبي فديك عن الضحاك بن عثمان عن إبراهيم بن عبد الله بن حنين عن أبي مرّة مولى أم هانئ عن أبي الدرداء. قال: أوصاني حبيبي صلى الله عليه وسلم بثلاث لن أدعهن ما عشت: بصيام ثلاثة أيام من كل شهر. وصلاة الضحى. وبأن أوتر قبل أن أنام.
وقد وردت أحاديث كثيرة في هذا المعنى.
أما تحديد الأيام بأنها البيض فقد ورد فيها أحاديث أهمها الأحاديث التالية
أولًا: حديث جرير بن عبد الله رواه النسائي 4/ 221 قال: أخبرنا مخلد بن الحسن قال: حدثنا عبيد الله عن زيد بن أبي أنيسة عن
أبي إسحاق عن جرير بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "صيام ثلاثة أيام من كل شهر صيام الدهر، وأيام البيض صبيحة ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة"
قلت: في إسناده أبو إسحاق السبيعي وهو في عداد المدلسين وقد عنعن لكن الحديث يتقوى بكثرة شواهده كما سيأتي.
والحديث إسناده جيد. ورجاله ثقات.
وعبيد الله هو ابن عمرو الرقي وهو ثقة من رجال الجماعة وقد اختلف في رفعه ووقفه. والمرفوع أصح
قال الحافظ ابن حجر في "الفتح" 4/ 226 عن المرفوع إسناده صحيح اهـ.
وقال ابن أبي حاتم في "العلل"(785) سمعت أبا زرعة وذكر حديثًا رواه أبو إسحاق السبيعي. واختلف عليه فروى زيد بن أبي أنيسة عن إسحاق عن جرير بن عبد الله البجلي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "صوم ثلاثة أيام من كل شهر، صيام الدهر الأيام البيض ثلاث عشرة وأربع عشرة وخمس عشرة". فرواه زيد عن أبي أنيسة مرفوع عن النبي صلى الله عليه وسلم.
ورواه المغيرة بن مسلم عن أبي إسحاق عن جرير موقوف فقال أبو زرعة. حديث أبي إسحاق عن جرير مرفوع أصح من موقوف. لأن زيد بن أبي أنيسة أحفظ من مغيرة بن مسلم اهـ. وحسنه النووي في "المجموع" 6/ 385.
ثانيًا: حديث قتادة بن ملحان القيسي رواه أبو داود (2449) والنسائي 4/ 224 وابن ماجه (1707) وأحمد 5/ 27، 4/ 165 كلهم من طريق أنس بن سيرين عن عبد الملك بن قتادة بن ملحان القيسي عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرنا أن نصوم البيض: ثلاث عشرة، وأربع عشرة، وخمس عشرة، قال. قال:"هُنَّ كهيئةِ الدهرِ". هذا لفظ أبو داود، وعند النسائي وأحمد قال: وخمس عشرة قال: "هي كصوم الدهر".
قال النووي في "المجموع" 6/ 385: رواه أبو داود والنسائي وابن ماجه بإسناد فيه مجهول. اهـ.
قلت: إسناده قوي وعبد الملك بن قتادة بن ملحان القيسي روى عنه أنس بن سيرين. قال ابن المديني: لم يرو عنه غيره اهـ.
وذكره ابن أبي حاتم في "الجرح والتعديل" 5/ 362 ولم يورد فيه جرحًا ولا تعديلًا.
وذكره ابن حبان في "الثقات" 5/ 120 ولم أجد ما ينكر عليه. وفي حديثه هذا وافق حديث غيره وقد عرفه الأئمة كابن المديني وشعبة وغيرهم ولم يتكلموا عليه بشيء ولا على مروياته. فمن توفرت فيه هذه القيود الثلاثة وكان من التابعين حري بأن تقوى روايته.
تنبيه: اضطرب شعبة في عبد الملك بن قتادة بن ملحان فرواه شعبة عن أنس بن سيرين عن رجل يقال له: عبد الملك يحدث عن
أبيه به. هكذا لم يسم أباه كما عند النسائي. ومرة: قال ابن أبي المنهال.
ورواه البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 11 من طريق شعبة عن أنس بن سيرين قال: سمعت عبد الملك بن منهال عن أبيه مرفوعًا قال البخاري في "التاريخ الكبير" 8/ 12: قال السراج وإنما يهم فيه شعبة هو عبد الملك بن ملحان. اهـ.
قلت: والأشهر أنه عبد الملك بن قتادة بن ملحان القيسي كما رواه الثقات. لهذا قال المزي في "تحفة الأشراف" 8/ 277 شعبة يضطرب فيه اهـ.
وقال الحافظ ابن حجر في "تهذيب التهذيب" 6/ 367 قال البخاري: عداده في البصريين قال: أنا أبو الوليد الطيالسي وهم شعبة في قوله ابن المنهال يعني أن الصواب ابن ملحان والله أعلم. أما ابن حبان فقال: هو عبد الملك بن المنهال بن ملحان قال: وليس في الصحابة من يسمى المنهال غيره اهـ. فالذي يظهر أن الوجهين كلاهما صحيح، والله أعلم
وقال المنذري في "مختصر السنن" 3/ 329: أخرجه النسائي وابن ماجه واختلف في ابن ملحان هذا فقيل: هو قتادة بن ملحان القيسي وله صحبة
والحديث من مسنده، وقال يحيى بن معين وهو خطأ، وقال أبو عمر النمري، وحديث همام أيضًا خطأ، والصواب. ما قال
شعبة وليس همام ممن يعارض به شعبة. وذكر خلاف هذا في موضع آخر، فقال: يقال: إن شعبة أخطأ في اسمه، إذ قال فيه: منهال بن ملحان. قال: وقال البخاري: حديث همام أصح من حديث شعبة. قال: ومنهال بن ملحان لا يعرف في الصحابة والصواب: قتادة بن ملحان القيسي تفرد بالرواية عنه ابنه عبد الملك بن قتادة، يعد في أهل البصرة.
وقال أبو القاسم البغوي في "معجم الصحابة": المنهال أبو عبد الملك بن المنهال. رجل من بني قيس بن ثعلبة، نزل البصرة وذكر عنه هذا الحديث وقال في حرف القاف قتادة بن ملحان القيسي سكن البصرة. وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثًا، وذكر له هذا الحديث، وظاهر هذا. أنهما عنده اثنان، غير أنه ذكر بعد هذا: أن شعبة خالف همامًا، فقال فيه: عبد الملك بن منهال. القيسي عن أبيه، وقال بعضهم لعل أبا داود أسقط اسمه لأجل هذا الاضطراب انتهى كلام المنذري.
ثالثًا: حديث ابن مسعود رواه أحمد 1/ 306 وأبو داود (2450) وابن ماجه (1725) وابن خزيمة 3/ 303 والبيهقي 4/ 294 كلهم من طريق شيبان بن عبد الرحمن النحوي عن عاصم عن زر عن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصوم ثلاثة أيام من غرة كل هلال. وقلما كان يفطر يوم الجمعة. هذا لفظ أحمد، واقتصر أبو داود على الجملة الأولى. واقتصر ابن ماجه على الثانية. وعند ابن خزيمة بلفظ: كان يصوم ثلاثة أيام من غرة كل شهر ويكون من صومه يوم الجمعة.
قلت: رجاله لا بأس بهم. وشيبان ثقة وقد تابعه أبو حمزة كما عند النسائي، وهذا الحديث غير صريح وذلك للاحتمال في لفظ "الغرة" حيث إن ظاهر لفظ "غرة الشهر" أوله وهو ظاهر تبويب ابن خزيمة
فقال باب. إباحة صوم هذه الأيام الثلاثة من كل شهر أول الشهر مبادرة بصومها خوف أن لا يدرك المرء صومها أيام البيض اهـ.
لكن أوردته في هذا الباب لأن فيه تعين صيام الثلاثة أيام من كل شهر وللاحتمال الضعيف أن المراد بها البيض. لهذا قال ابن خزيمة 3/ 303 هذا الخبر يحتمل أن يكون كخبر أبي عثمان عن أبي هريرة. أوصاني خليلي بثلاث صوم ثلاثة أيام من أول شهر، وأوصى بذلك أبا هريرة، ويصوم أيضًا أيام البيض، فيجمع صوم ثلاثة أيام من الشهر مع صوم أيام البيض.
ويحتمل أن يكون معنى فعله. وما أوصى به أبو هريرة من صوم الثلاثة أيام من أول الشهر مبادرة بهذا الفعل بدل صوم الثلاثة البيض إما لعلة من مرض أو سفر، أو خوف نزول المنية اهـ.
وقد اختلف في إسناد حديث ابن مسعود ومتنه فقد قال الدارقطني في "العلل" 5/ رقم (704) لما سئل عنه: يرويه عاصم بن أبي النجود واختلف عنه، فرواه شيبان وقيس وأبو حمزة السكري. وقيل عن الثوري عن زر عن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم. ووقفه شعبة عن عاصم. ورفعه صحيح، ورواية قيس بن الربيع مخالفة لغيرها في صوم الجمعة لأن قيس بن الربيع قال في روايته: ولم أره يصوم
يوم الجمعة وغيره قال: ولم أره يفطر يوم الجمعة. اهـ. ثم قال لما أسنده من طريق سفيان عن عاصم: المشهور شيبان. اهـ.
رابعًا: حديث ابن عمر رواه الطبراني كما في "مجمع البحرين" 3/ 158 قال: حدثنا موسى بن زكريا التستري ثنا سليمان بن داود الشاذكوني ثنا عيسى بن يونس عن بدر بن الخليل عن عمار الدهني عن سالم بن أبي الجعد عن ابن عمر: أن رجلًا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الصيام، فقال:"عليك بالبيض ثلاثة أيام من كل شهر".
قال الطبراني عقبه: لم يروه عن بدر إلا عيسى، تفرد به سليمان اهـ.
قلت: إسناده ضعيف جدًا؛ لأن فيه موسى بن زكريا التستري.
قال الدارقطني: متروك. اهـ. وكذلك شيخه الحافظ سليمان بن داود الشاذكوني أثنى عليه الإمام أحمد وابن المديني بالحفظ لكن في حديثه مناكير، وقد كذبه ابن معين في حديث ذكر له عنه وقال البخاري: فيه نظر. اهـ.
وقال أبو حاتم: متروك الحديث. اهـ.
وقال النسائي: ليس بثقة. اهـ. وقال عبداد الأهوازي: معاذ الله أن يتهم إنما كانت كتبه قد ذهبت، فكان يحدث من حفظه اهـ.
وساق له ابن عدي أحاديث خولف فيها. ثم قال: للشاذكوني حديث كثير مستقيم وهو من الحفاظ المعدودين ما أشبه أمره بما قال عبدان. يحدث حفظًا فيغلط. اهـ.
خامسًا: حديث عمر رواه الحارث كما في "المطالب"(1105) قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء ثنا هشام الدستوائي عن الحجاج بن أرطاة عن موسى بن طلحة عن يزيد بن الحوتكية قال: إن عمر بن الخطاب رضي الله عنه سئل عن الأرنب فقال. من شهد منكم النبي صلى الله عليه وسلم حين أتاه الأعرابي الرجل فقال رجل من القوم جاء بها الأعرابي وقد تطيبها وصنعها، وأهداها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: رأيتها تدمي، أي تحيض، ثم قال صلى الله عليه وسلم للقوم "كلوا" فلم يأكل الأعرابي، فقال: ما منعك أن تأكل؟ قال: "إني صائم" قال "فهلا البيض".
قلت: إسناده ضعيف؛ لأن فيه الحجاج بن أرطاة وهو صدوق كثير الخطأ والتدليس كما سبق (1) وبه أعله الحافظ ابن حجر وأما ابن الحوتكية فقد سبق الكلام عليه.
ورواه أبو داود الطيالسي (44) قال: حدثنا المسعودي عن حكيم بن جبير عن موسى بن طلحة به.
ومن طريق المسعودي رواه أحمد 1/ 31 بنحوه
وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 3/ 198: فيه عبد الرحمن بن عبد الله المسعودي وقد اختلط. اهـ.
وقد اختلف في إسناده. قال الدارقطني في "العلل" 2/ رقم (239): هو حديث يرويه موسى بن طلحة عن ابن الحوتكية عن
(1) راجع باب ما جاء أن الوتر سنة
عمر واختلف عن موسى بن طلحة فرواه محمد بن عبد الرحمن مولى آل طلحة عن موسى بن طلحة عن ابن الحوتكية عن عمر.
وتابعه حكيم بن جبير، اختلف عنه. فقال الثوري وابن عيينة والمسعودي عن حكيم بن جبير عن موسى بن طلحة عن ابن الحوتكية: وقال زايدة: عن حكيم بن جبير عن موسى بن طلحة عن عمر. ولم يذكر ابن الحوتكية. ثم قال: الصواب عن الحكم عن موسى بن طلحة عن ابن الحوتكية عن عمر. انتهى كلام الدارقطني
* * *