الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن استعمالها هكذا غير مجرورة، قول أبي ذؤيب: (قدمت المدينة ولأهلها ضجيج بالبكاء كضجيج الحجيج أهلوا بالإحرام، فقلت: مه. فقيل لي: هلك رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ومثله قول الحجاج لليلى الأخيلية: ثم مه، قالت: ثم لم يلبث أن مات.
وحكى الكسائي أن بعض كنانة يقولون: مَعِنْدَك؟ و: مَصنعت؟ فيحذفون الألف دون جر، ولا يصلون الميم بهاء السكت لعدم الوقف.
وفي الاقتصار على الميم في (معندك) و (مصنعت)، دليل على أن الهاء في قول أبي ذؤيب والحجاج هاء سكت لا بدل من الألف كما زعم الزمخشري، لأنها عوملت معاملة المتصلة بالمجرور من السقوط وصلاً والثبوت وقفًا، ولو كانت بدلاً من الألف لجاز أن يقال في الوصل: مه عندك، و: مه صنعت.
1428 - حديث: "يد الله ملأى لا تغيضها نفقةٌ سحّاء الليل والنهار
".
قال القاضي عياض: ضبطنا (سحّاء) على القاضي أبي علي وغيره بالمد على الوصف، وعند أبي بحر سحًّا على المصدر، وانتصب الليل والنهار على الظرف.
(السّحّ) الصب الدائم، ولا يقال في المذكر فيه أفعل، ومثله: ديمَةٌ هطلاء، لا يقال في مذكره هطل.
ووقع عند الطبري: لا يغيضها سحُّ الليل والنهار، بالإضافة، ورفعه على الفاعل، واليد مؤنثة، ووصفها بملأى هو الصواب وغيره خطأ.
ورواه بعضهم (ملاء) مثل ديماء، قيل يصح هذا على نقل الهمزة.
وقال النووي: ضبطوا سحّاء بوجهين، أحدهما: سحًّا بالتنوين على المصدر وهذا هو الأصح الأشهر.
والثاني: (سحاء) بالمد على الوصف ووزنه (فعلاء) صفة لليد. و (الليل والنهار) في هذه الرواية منصوبان على الظرف.
وقال القرطبي: (سحاء) بالمد والهمز والرفع على أنه خبر بعد خبر، والليل والنهار في هذه الرواية منصوبان على الظرف متعلقان بما في (سحاء) من معنى الفعل، وهي الرواية المشهورة.
وروي: (سحًّا) منصوبًا منونًا على أنه مصدر صدره محذوف يدل عليه قوة الكلام، كأنه قال سحّ سحًّا.
ويجوز أن يكون من باب قوله:
ما إن يمسَّ الأرض إلا منكبٌ
…
منه وحرفُ الساق طيُّ المحمل
وروي لا يغيضها سحُّ الليل والنهار، برفع سح على أنه فاعل يغيضها، وخفض الليل والنهار بالإضافة على التوسع، كما قالوا: يا سارقَ الليلةِ أهلَ الدار.
وقال الطيبي: يجوز أن يكون (ملأى)، و (تغيضها)، و (سحاء)، و (أرأيتم) على تأويل مقول فيه، أخبار مترادفة لـ (يد الله) وأن تكون الثلاثة الأخيرة وصفًا لملأى، وأن يكون (أرأيتم) استئنافًا، والهمزة للتقرير.