الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال النووي: روي (يقولون) بالنون، و (يقولوا) بغير نون، وكلاهما صحيح، وإثبات النون مع الناصب لغة قليلة ذكرها جماعة من محققي النحويين، وجاءت متكررة في الأحاديث الصحيحة.
قال زين العرب: (هذا) مبتدأ، و (الله) عطف بيان لهذا، و (خلق الخلق) خبر هذا.
وقال الطيبي: قيل (هذا) يعرب على وجهين:
أحدهما: أن يكون مفعولاً، والمعنى: حتى يقال هذا القول، والآخر: أن يكون مبتدأ حذف خبره، أي: هذا القول أو قولك: (هذا الله) مبتدأ وخبر، أو (هذا) مبتدأ و (الله) عطف بيان، و (خلق) خبره. وأولى الوجوه أنه مبتدأ حذف خبره، لكن تقديره أن يقال: هذا مقرر أو مسلّم، وهو أن الله (خلق الخلق)، فما تقول في (الله)؟ فعلى هذا الفاء، رتبت ما بعدها على ما قبلها.
وقوله: (الله خلق الخلق) بيان لقوله: هذا مسلّم، وما بعده بيان له، لأن الفاء تدفعه.
ووجه آخر: وهو أن يقدر: هذا القول مفردًا، فوضع (خلق الله الخلق) موضع القول، كقوله تعالى:(وإذا قيل لهم لا تفسدوا في الأرض)[البقرة: 11].
1334 - حديث: "من يقم ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر له ما تقدم من ذنبه
".
قال ابن مالك في توضيحه: تضمن هذا الحديث قول عائشة رضي الله عنها: "إن أبا بكر رجل أسيف، متى يقم مقامك رَقَّ"، وقوع الشرط مضارعًا والجواب ماضيًا لفظًا لا معنى.
والنحويون يستضعفون ذلك، ويراه بعضهم مخصوصًا بالضرورة. والصحيح الحكم بجوازه مطلقًا لثبوته في كلام أفصح الفصحاء، وكثرة صدوره عن فحول الشعراء، كقول نهشل بن ضمرة:
يا فارس الحى يوم الروع قد علموا
…
ومدره الخصم لا نكسا ولا ورعا
ومدرك التبل والأعداء تطلبه
…
وما يشأ عندهم من تبلهم منعا
وكقول أعشى قيس:
وما يرد من جميع بعد فرَّقَه
…
وما يرد بعد من ذي فرقة جمعا
وكقول حاتم:
وانك مهما تعط بطنك سؤله
…
وفرجك نالا منتهى الذم أجمعا
وكقول رؤبة:
ما يلق في أشداقه تلهما
…
إذا أعاد الزأد أو تنهما
ومثله:
إن تستجيروا أجرناكم وإن تهنوا
…
فعندنا لكم الإنجاد مبذول
ومثله:
متى تأته ألفيته متكفلا
…
بنصرة مذعور وترفيه بائس
ومثله:
إن تصرمونا وصلناكم وإن تصلوا
…
ملأتم أنفس الأعداء إرهابا
ومما يؤيد هذا الاستعمال قوله تعالى: (إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم)[الشعراء: 4]، فعطف على الجواب الذي هو (ننزل عليهم)(ظلت) وهو ماضي اللفظ، ولا يعطف على الشيء غالبًا إلا ما يجوز أن يحل محله، وتقدير حلول (ظلت) محل (ننزل): إن نشا ظلت أعناقهم لما ننزل خاضعين.
ولهذا الاستعمال أيضا مؤيد من القياس، وذلك أن محل الشرط أصله للتقدير، ومحل الجواب غير مختص بذلك، ويجوز أن يقع فيه جملة اسمية وفعل أمر أو دعاء أو فعل مقترن بـ "قد" أو حرف تنفيس أو بـ"لن" أو بـ "ما" النافية. فإذا كان الشرط والجواب مضارعين وافقا الأصل، لأن المراد منهما الاستقبال، ودلالة المضارع عليه موافقة للوضع، وما وافق الوضع أصل لما خالفه.
وإذا كانا ماضيين خالفا الأصل، وحسنهما وجود التشاكل.
وإذا كان أحدهما مضارعًا والآخر ماضيًا حصلت الموافقة من وجه، والمخالفة من وجه آخر.
وتقديم الموافق أولى من تقديم المخالف؛ لأن المخالف نائب عن غيره، والموافق ليس مستقبل المعنى، فهو ذو تغيير في اللفظ دون المعنى، على تقدير كونه في الأصل مضارعًا، فردته الأداة ماضي اللفظ ولم تغير معناه. وهذا هو مذهب المبرد. أوهو ذو تغيير في المعنى دون اللفظ، على تقدير كونه في الأصل ماضي اللفظ والمعنى، فغيرت الأداة معناه دون لفظه، وهذا هو المذهب المختار.
وإذا كان ذا تغيير فالتأخر أولى به من التقدم، لأن تغيير الأواخر أكثر من تغيير الأوائل.
قلت: الحديث رواه البخاري أيضًا بلفظ: "من قام ليلة القدر"، فعرف أن ذلك من تصرف الرواة، والأليق بما ينسب إلى لفظ النبوة ما وافق الفصيح.