الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1498 - حديث: "قال رجل: يا رسول الله إن فلانة تذكر من كثرة صلاتها وصيامها وصدقتها، غير أنها تؤذي جيرانها
".
قال الطيبي: (تذكر) على بناء المفعول مسند إلى ضمير (فلانة). و (من) في (من كثرة صلاتها) لابتداء الغاية، أي تذكر من أجل هذه. والقرينة الثانية ليس فيها (من) فالفعل مسند إلى ضمير (فلانة) و (قلة) نصب على نزع الخافض. و (غير أنها) منصوب على أنه استثناء منقطع بمعنى لكن.
1499 - حديث: "يا نساء المسلمات لا تحقرنّ جارة لجارته ولو فرسن شاة
".
قال أبو محمد بن السيد البطليوسي في المسائل: اختلف الرواة فيه، فرواه بعضهم برفع النساء ورواه بعضهم بنصبه والاختيار الرفع على طريق ارتفاع المنادى المفرد في قولك: يا زيد ويا عمرو، ويجوز يا مسلمات، ويجوز في المسلمات الرفع صفة على اللفظ والنصب صفة على الموضع كقولك: يا زيد العاقل برفع العاقل ونصبه، إلا أن جمع المذكر السالم يستوي نصبه وخفضه على ما عرف في صناعة النحو، ولا يستحيل ارتفاع المنادى وإن كان غير علم، قال تعالى:(يا جبالُ أوبي معه والطيرَ)[سبأ: 10]. وأما من روى: (يا نساءَ) بالنصب وأضافهن إلى المسلمات، فهو بمنزلة قول العرب: مسجد الجامع، وصلاة الأولى، وقوله تعالى:(ولدارُ الآخرة)[يوسف: 109](وحب الحصيد)[ق: 9] ونحو ذلك مما أضيف فيه الموصوف إلى الصفة في اللفظ.
فالبصريون يتأولون ما جاء من هذه الأشياء على حذف الموصوف وإقامة صفته مقامه. والتقدير عندهم: مسجد اليوم الجامع، وصلاة الساعة الأولى من زوال الشمس، و (لدار الآخرة): أي: الحياة الآخرة، لأن الإنسان له حياتان، وحب النبات الحصيد، ويا نساء الجماعات المسلمات، ونحو ذلك من التقدير إنما يفعلون ذلك لأنهم لا يجيزون إضافة الموصوف إلى صفته.
وأما الكوفيون فلا يقدرون فيها شيئًا محذوفًا ويقولون: إنما جازت إضافة الموصوف إلى صفته لاختلاف الألفاظ، لأن العرب قد تحمل الشيء على لفظه لا على معناه كقولهم: كتب لي فلان ثلاث سجلات، فيؤثرون العدد على اللفظ والواحد سجل مذكر.
وقال في موضع آخر من الكتاب: سئل الإمام أبو الوليد بن رشد عن هذا الحديث، فأجاب بأن قال: أكثر الشيوخ يروون الحديث بنصب النساء وخفض المؤمنات على حكم المنادى المضاف ووجه ذلك أن خطاب النبي صلى الله عليه وسلم توجه إلى نساء بأعيانهن، أقبل بندائه عليهن، فصحت الإضافة على معنى المدح لهن والترفيع لأقدارهن كما تقول: يا رجال القوم، ويا فوارس العرب، فيكون المعنى: يا خيّرات المؤمنات، وهو معنى صحيح يصح به الكلام على ظاهره دون تفسير ولا إضمار ويتضمن المدح، وهو زيادة فائدة في الحديث. ورواه بعض الشيوخ برفع النساء على المنادى المفرد ورفع المؤمنات على النعت للنساء على اللفظ ونصبها على الموضع وقال: المعنى يا أيها النساء، وممن ذهب إلى ذلك وقال: إن الإضافة لا تجوز، ابن عبد البر، ومعنى ما ذهب إليه أنه لا يجوز ولا يصح أن يضاف الشيء إلى بعضه، لا يقال: قرأت قرآن الأم، ولا رأيت رجل اليد، وإنما يصح: رأيت يد الرجل، وقرأت أم القرآن.
فكذلك يصح أن يقال: رأيت مؤمنات النساء، ولا يصح أن يقال: رأيت نساء المؤمنات، هذا آخر كلام ابن رشد، وهو قول حسن، والذي عليه جمهور النحويين:
أنه من باب قولهم: صلاة الأولى ومسجد الجامع.
وقال ابن مالك في التوضيح: في حديث: "كن نساء المؤمنات يشهدن مع رسول الله صلى الله عليه وسلم صلاة الفجر)، فيه إضافه الموصوف إلى الصفة عند أمن اللبس، لأن الأصل: كن النساء المؤمنات. وهو نظير (حبة الحمقاء) و (دار الآخرة) و (مسجد الجامع) و (صلاة الأولى).
وقال القاضي عياض: في قوله (يا نساء المؤمنات) ثلاثة أوجه: أشهرها وأصحها: نصب (النساء) وجر (المسلمات) على الإضافة، وهو من باب إضافة الموصوف إلى صفته، ولا بد عند البصريين من تقدير نحو: يا نساء الأنفس المسلمات، أو الجماعات المسلمات، وقيل: تقديره: يا فاضلات المسلمات.
والثاني: رفع (النساء) على النداء، ورفع المسلمات على أنه صفة على اللفظ.
والثالث: رفع (النساء) وكسر التاء من المسلمات، على أنه منصوب على الصفة على المحل، نحو: يا زيد العاقل، برفع (زيد) وبنصب (العاقل).
قال الكرماني: وقوله: (لجارتها) متعلق بمحذوف أي: لا تحقرن جارة هدية مهداة لجارتها.
وقال القرطبي: (لو) في قوله: (ولو فرسن شاة) للتعليل، قال: وعادة العرب إذا أعيت في تعليل شيء ذكرت في كلامها ما لا يكون مقصودًا، ومنه هذا الحديث، وقوله:(ولو ظلفًا محرقًا) وقوله صلى الله عليه وسلم: "من بنى لله مسجدًا ولو مثل مفحص قطاة" وذلك القدر لا يكون مسجدًا.
ومنه قول امرئ القيس: