الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أي إذا كان الأمر كما قلت: إنه مات ولم يلتحق بنا، ذهب به.
وقوله: (إلى أمه الهاوية الهاوية)، بدل أو عطف بيان لأمه.
1301 - حديث: "لا يبولنّ أحدكم في الماء الدائم الذي لا يجري ثم يغتسل منه
".
قال ابن مالك في توضيحه: يجوز في "ثم يغتسل" الجزم عطفًا على "يبولن"، لأنه مجزوم الموضع ب "لا" التي للنهي ولكنه بني على الفتح لتوكيده بالنون. ويجوز الرفع على تقدير: ثم هو يغتسل فيه. والنصب على إضمار "أنْ"، وإعطاء "ثم" حكم واو الجمع.
ونظيره في جواز الأوجه الثلاثة قوله تعالى: (ومن يخرج من بيته مهاجرًا إلى الله ورسوله ثم يدركْه الموت)[النساء: 100]. فإنه قرئ بجزم "يدركه" ورفعه ونصبه. والجزم هو المشهور والذي قرأ به السبعة. وأما الرفع والنصب فشاذان.
وقال النووي في شرح مسلم: الرواية (يغتسل) مرفوع أي لا يبل ثم هو يغتسل منه.
وذكر شيخنا أبو عبد الله بن مالك أنه يجوز أيضًا جزمه عطفًا على موضع يبولنّ ونصبه بإضمار (أنْ) وإعطاء ثم حكم واو الجمع.
فأما الجزم فظاهر، وأما النصب فلا يجوز لأنه يقتضي أن النهي عنه الجمع بينهما دون إفراد أحدهما، وهذا لم يقله أحد بل البول فيه منهي عنه، سواء أراد الاغتسال فيه أو منه أم لا.
وقال الكرماني: لا يقتضي الجمع، إذ لا يريد بتشبيه (ثم) بالواو المشابهة من جميع الوجوه، بل هو في جواز النصب بعده فقط. سلمنا، لكن لا يضر، إذ كون الجمع منهيًّا يعلم من هنا، وكون الإفراد منهيًّا يعلم من دليل آخر بقوله تعالى:(ولا تلبسوا الحق بالباطل (وتكتموا) الحق) [البقرة: 42]، على تقدير النصب.
وقال ابن مالك: هذا التعليل الذي علل به النووي امتناع النصب ضعيف، لأنه ليس فيه أكثر من كون هذا الحديث لا يتناول النهي عن البول في الماء الراكد بمفرده، وليس يلزم أن يدل على الأحكام المتعددة بلفظ واحد فيؤخذ النهي عن الجمع من هذا الحديث ويؤخذ النهي عن الإفراد من حديث آخر.
وقال القرطبي في شرح مسلم: الرواية الصحيحة: (يغتسلُ) برفع اللام، ولا يجوز نصبها، إذ لا ينصب بإضمار (أنْ) بعد (ثم)، وبعضُ الناس قيده:"ثم يغتسلْ" مجزومة اللام على العطف على: "لا يبولنّ"، وهذا ليس بشيء، إذ لو أراد ذلك لقال: ثم لا يغتسلنّ، لأنه إذ ذاك يكون عطف فعل على فعل، لا عطف جملة على جملة، وحينئذ يكون الأصل مساواة الفعلين في النهي عنهما، وتأكيدهما بالنون الشديدة، فإن المحل الذي تواردت عليه شيء واحد، وهو الماء؛ فعدوله عن (ثم لا يغتسلن) إلى (ثم يغتسل) دليل على أنه لم يرد العطف، وإنما جاء:(ثم يغتسل) على التنبيه على مثال الحال. ومعناه إذًا: أنه إذا بال فيه قد يحتاج إليه، فيمتنع عليه استعماله لما أوقع فيه من البول، وهذا مثل قوله صلى الله عليه وسلم:"لا يضربْ أحدكم امرأته ضرب الأمة ثم يضاجعُها"،
برفع (يضاجعها)، ولم يروه أحد بالجزم؛ ولا يتخيله فيه، لأن المفهوم منه: أنه نهاه عن ضربها؛ لأنه يحتاج إلى مضاجعتها في ثاني حال، فتمتنع عليه لما أساء من معاشرتها، فيتعذر المقصود لأجل الضرب.
وتقدير اللفظ: ثم هو يضاجعها، وثم هو يغتسل.
وقال الحافظ ابن حجر: قد تعقب كلام القرطبي بأنه لا يلزم من تأكيد النهي أن يعطف عليه نهي آخر غير مؤكد لاحتمال أن يكون التأكيد في أحدهما.
وقال البيضاوى في شرح المصابيح: ثم يغتسل فيه عطف على الصلة.
قال الطيبي فى شرح المشكاة: لعله امتنع من العطف على (يبولن)، وارتكب هذا التعسف للاختلاف بين الإنشائي والخبري والمعنى عليه أظهر، فيكون (ثم) مثل الواو في (لا تأكل السمك وتشرب اللبن) أي لا (يكن منك أكل السمك وشرب اللبن) أي لا تجمع بينهما لأن الاغتسال في الماء الدائم وحده غير منهي، أو مثل الفاء فى قوله تعالى:(ولا تطغوا فيه فيحل عليكم غضبي)[طه: 82]، أي لا يكن من أحد البول فى الماء الموصوف، ثم الاغتسال فيه، فثم استبعادية، أي يبعد من العاقل الجمع بين هذين الأمرين.
فإن قلت: علام تعتمد في نصب يغتسل حتى يتمشى لك هذا المعنى.
قلت: إذا قوي المعنى لا يضرّ الرفع، لأنه حينئذ من باب (أحضرُ الوغى).
وقوله: (الذى لا يجري)، صفة مؤكدة للدائم. ذكره النووي وابن دقيق العيد والبيضاوي وغيرهم.