الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(فقلّ) على هذا نفي. ولما كان معناه هذا أدخلوا عليه (ما) الكافة فجعلوها تلي الفعل ولم تكن تليه قبل. قالوا: قلما يقوم زيد، يريدون: ما يقوم زيد، فأدخلوا (قلّ) وإن كانت مثالاً ماضيًا من (أن يكون) مسندًا إلى فاعل، وجعلوه كحرف نفي. انتهى.
قوله: (هذا رسول الله مقبلاً متقنعاً).
قال الطيبي: حالان مترادفتان أو متداخلتان، والعامل معنى اسم الإشارة.
قال الزجاج: إذا قلت: هذا زيد قائمًا، إن قصدت أن تخبر به من لم يعرف زيدًا لم يجز، لأنه لا يكون زيدًا إلا ما دام قائمًا، فإذا زال عنه القيام فليس بزيد. وإنما: هذا زيد قائمًا، لمن يعرف زيدًا، فيعمل في الحال التنبيه، أي انتبه لزيد في حال قيامه، وأشير إلى زيد في حال قيامه، لأن (هذا) إشارة إلى ما حضر، وقال: هذا من لطيف النحو وغامضه.
قوله: (أخرج ما عندك).
قال الكرماني: هو على لغة من يقول: (ما) عامة للعقلاء ولغيرهم وروى: من عندك.
قوله: (قال: الصحبةُ يا رسولَ الله، قال: الصحبةُ)،
قال الكرماني: (الصحبة) بالنصب، أي: أنا أريد الصحبة، أو أطلب الصحبة، وبالرفع، أي مرادي أي مطلوبي. وكذا لفظ (الصحبة) الثانية بالنصب، أي: أنا أريد أو أطلب الصحبة أيضًا. أو ألزم صحبتك. وبالرفع أي: مطلوبي أيضًا الصحبة أو الصحبة مبذولة.
قوله: (صبح ثلاث).
قال الزركشي: نصب على الظرف.
1613 - حديث: "لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لنا طعامٌ إلا الأسودان
".
قال الشيخ بهاء الدين بن النحاس في التعليقة: أجمع النحاة على أنه إذا اتفق اللفظان والمعنيان جاز التثنية، كرجلين وزيدين، وإن اختلف اللفظان وقف على السماع، كالقمرين، وإن اختلف المعنيان، هل يجوز التثنية أم لا؟ اختلف في ذلك فذهب بعضهم إلى جواز ذلك ومنهم من منعه.
وذهب جماعة من متأخري المغاربة وغيرهم إلى أنهما إذا اتفقا في المعنى الموجب للتسمية، جازت التثنية وإن اختلفا في المعنى فلا، كالأسودين في الماء والتمر، لما سمي كل واحد منهما بذلك لسواده، والأحمرين في الخمر واللحم، أو الخمر والزعفران، لما سمي كل واحد منهما بذلك لحمرته.
وقال ابن فلاح في المغني: اختصت أفعال باب ظن وأخواتها بالجمع بين ضميري الفاعل والمفعول، ويكون ذلك في المتكلم، ومنه:(لقد رأيتُنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي المخاطب نحو: وجدتك عالمًا، أي: وجدت نفسك. وفي الغائب نحو: زيد رآه عظيمًا، أي: رأى نفسه، وفي التنزيل: (أنْ رآه استغنى)[العلق:7]، أي: رأى نفسه، (فلا تحسبنهم بمفازة) [آل عمران: 188] أي: فلا يحسبن أنفسهم.
وإنما اختصت هذه الأفعال بهذا الحكم دون غيرها لوجهين، أحدهما: أن تعلقها فيه للعلم والظن والشك، لأن تعلقها بالمفعول الثاني لا بالأول على الحقيقة، لأن الثاني هو الذي يقع فيه العلم والظن والشك فكأن الأول غير موجود، بخلاف: ضربتني فإن المفعول هو تعلق الفعل، فلا يتوهم وجوده.
والوجه الثاني: أن كون الفاعل والمفعول في هذه الأفعال كشيء واحد حملاً على الأكثر وجودًا. فإن علم الإنسان وظنه بأمور نفسه أكثر وقوعًا من علمه بغيره وظنه بغيره.
وأما غيرها من الأفعال، فالأعم الأغلب. ولم يقو المضمر على دفع هذا اللبس لقيام الغالب، فأبدلوا المفعول بالنفس فقالوا: ضربت نفسي، وضربت نفسك، وفي ذلك وجهان: أحدهما: إيذان بالعدول عن الأعم الأغلب.
والثاني: أنها نزلت منزلة الأجنبي، لأن فيها زيادة لفظ ليس بالمضمر، ولذلك تخاطب مخاطبة الأجنبي، قال:
أقول للنفس تأساءً وتعزية
…
إحدى يديّ أصابتني ولم ترد
وقال ابن مالك في توضيحه: في قول عائشة: (لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لنا من طعام إلا الأسودان، وقول حذيفة: لقد رأيتني أنا ورسول الله صلى الله عليه وسلم: (نتوضأ من إناء واحد). شاهدان على إجراء (رأى) البصرية مجرى (رأى) القلبية، في أن يجمع لها بين ضميري فاعل ومفعول لمسمى واحد. كـ (رأيتنا ورأيتني)، وكان حقه أن لا يجوز: أبصرتُنا وأبصرتُني، لكن حملت رأى البصرية على رأى القلبية لشبهها بها لفظًا ومعنىً.
ومن الشواهد الشعرية على ذلك قول قطري بن الفجاءة:
ولقد أُراني للرماح دريئة
…
من عن يميني تارة وأمامي