الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كقولك: شهر ربيع وشهر رمضان. ويدلك على ذلك أن رمضان (فعلان) من الرمضاء كقولك: الغليان. وليس الغليان بالشهر ولكن الشهر شهر الغليان وجعل رمضان اسمًا معرفة للرّمضاء فلا يصرف لذلك.
فأما رواة الحديث فيرون أنه اسم من أسماء الله، وربيع إنما هو للغيث وليس الغيث بالشهر ولكن الشهر شهر غيث، وصار ربيع اسمًا للغيث معرفة كزيد. فإذا قلت: شهر ربيع الأول والآخر، صفتان لشهر وإعرابهما كإعرابه، ولا يكونان صفة لربيع، ولو كانا كذلك لكانا نكرتين ولكن مضافًا إلى معرفة وصار به معرفة.
1436 - حديث: "أرأيتم لو أن نهرًا بباب أحدكم يغتسل منه كل يوم خمس مرات ما تقول ذلك يبقي من درنه
".
قال ابن مالك: حكم العدد من ثلاثة إلى عشرة في التذكير، ومن ثلاث إلى عشر في التأنيث، أن يضاف إلى أحد جموع القلة الستة، وهي أفعل، وأفعال، وفعلة، وأفعلة، والجمع بالألف والتاء، وجمع المذكر السالم. فإن لم يجمع المعدود بأحد هذه الستة جيء بدله بالجمع المستعمل كقولك: ثلاثة سباع، وثلاثة ليوث. ومنه قول أم عطية:"جعلنا رأس بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم – ثلاثة قرون". فإن كان للمعدود جمع قلة، وأضيف إلى جمع كثرة لم يقس عليه، كقوله تعالى:(ثلاثة قروء)[البقرة: 228]، فأضيفت "ثلاثة" إلى "قروء" وهو جمع كثرة مع ثبوت" أقراء"، وهو جمع قلة. ولكن لا عدول عن الاتباع عند صحة السماع.
ومن هذا القبيل قول حمران: "ثم أدخل يمينه في الإناء
…
ثلاث مرار". فإن "مرارًا"
جمع كثرة، وقد أضيف إليه "ثلاث" مع إمكان الجمع بالألف والتاء، وهو من جموع القلة، ف" ثلاث مرار" نظير "ثلاثة قروء".
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "يغتسل فيه كل يوم خمس مرات" فوارد على مقتضى القياس، لأن الجمع بالألف والتاء جمع قلة.
وأما قول عائشة رضي الله عنها: "ثم صب على رأسه ثلاث غرف" فالقياس عند البصريين أن يقال: ثلاث غرفات، لأن الجمع بالألف والتاء جمع قلة، والجمع على"فُعَل" عندهم جمع كثرة.
والكوفيون يخالفونهم، فيرون "فُعَلًا" و" فِعَلاً" من جموع القلة. ويعضد قولهم قول عائشة:"ثلاث غرف"، وقول الله تعالى (فأتوا بعشر سور) [هود: 13].
ويعضد قولهم في" فِعل" قوله تعالى: (أن تأجرني ثماني حجج)[القصص: 27]، فإضافة "ثلاث" إلى "غرف" و "عشر" إلى "سور"، و "ثماني" إلى "حجج" مع إمكان الجمع بالألف والتاء دليل على أن "فُعَلاً" و "فِعَلاً" جمعا قلة، للاستغناء بهما عن الجمع بالألف والتاء.
والحاصل أن "ثلاث غرف" إن وجه على مذهب البصريين، ألحق بـ"ثلاثة قروء"، وإن وجه على مذهب الكوفيين فهو وارد على مقتضى القياس.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "ما تقول: ذلك يبقي من درنه؟ " ففيه شاهد على إجراء فعل القول مجرى فعل الظن على اللغة المشهورة، والشرط أن يكون فعلاً مضارعًا مسندًا إلى المخاطب، متصلاً باستفهام، نحو:
متى تقول القلص الرواسما
…
يحملن ام قاسم وقاسما
ومنه الحديث المذكور، لأنه قد تقدم فيه "ما" الاستفهامية ووليها فعل القول مضارعًا مسندًا إلى المخاطب، فاستحق أن يعمل عمل فعل الظن. فـ"ذلك" في موضع نصب مفعول أول، و"يبقى" في موضع نصب مفعول ثان، و "ما" الاستفهامية في موضع نصب بـ" يبقي" وقدم لأن الاستفهام له صدر الكلام. والتقدير: أي شيء تظن ذلك الاغتسال يبقي من درنه.
ومن إجراء فعل القول مجرى فعل الظن على اللغة المشهورة قول النبي صلى الله عليه وسلم: (آلبر تقولون بهن)، أي: البر تظنون بهن. وفي رواية عائشة: (آلبر ترون بهن) ومعنى "تقولون": تظنون، و"البر": مفعول أول و" بهن": مفعول ثان. وهما في الأصل مبتدأ وخبر.
وقال الطيبي: (لو الامتناعية تقتضي أن تدخل على الفعل الماضي وأن تجاب، والتقدير: لو ثبت نهر بباب أحدكم يغتسل فيه كل يوم لما بقي من درنه شيء، فوضع الاستفهام موضعه تأكيدًا وتقريرًا، إذ هو متعلق الاستخبار، أي: خبروني هل يبقى لو كان كذا).
وقوله: (فذلك مثل الصلوات الخمس).
قال الطيبي ثم قال الكرماني: (الفاء) فيه جواب شرط محذوف، أي: إذا أمرتم بذلك وصح عندكم فهو مثل الصلوات.