الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أصل الصيام والقيام مشروع، ولكن تخصيصه بوقت من الأوقات يحتاج إلى دليل (1).
المطلب السادس: حكم البدعة في الدين
لاشك أن كل بدعة في الدين ضلالة، ومحرّمة، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:((إياكم ومُحدَثات الأمور، فإن كل مُحدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)) (2)، وقوله صلى الله عليه وسلم:((من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ))، وفي رواية لمسلم:((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)) (3)، فدل الحديثان على أن كل مُحدَثٍٍ في الدين فهو بدعة، وكل بدعة ضلالة مردودة، فالبدع في العبادات محرمة، ولكن التحريم يتفاوت بحسب نوعية البدعة:
فمنها: ما هو كفر:
كالطواف بالقبور تقرّباً إلى أصحابها، وتقديم الذبائح والنذور لها، ودعاء أصحابها، والاستغاثة بهم، وكأقوال غلاة الجهمية، والمعتزلة، والرافضة.
ومنها: ما هو من وسائل الشرك:
كالبناء على القبور، والصلاة والدعاء عندها.
ومنها: ما هو من المعاصي:
كبدعة التبتل ((ترك الزواج))، والصيام قائماً
(1) انظر: مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 18/ 346، 35 - 414، وكتاب التوحيد للعلامة الدكتور صالح الفوزان، ص 81 - 82، ومجلة الدعوة، العدد 1139، 9 رمضان، 1408، مقال الدكتور صالح الفوزان في أنواع البدع، وتنبيه أولي الأبصار إلى كمال الدين وما في البدع من أخطار، للدكتور صالح السحيمي، ص 100.
(2)
أبو داود، 4/ 201، برقم 4607، والترمذي، 5/ 44، برقم 2676، وتقدم تخريجه.
(3)
متفق عليه: البخاري، 3/ 222،برقم 2697،ومسلم، 3/ 1343، برقم 1718، وتقدم تخريجه.
في الشمس، والخصاء بقصد قطع الشهوة، وغير ذلك (1)، وقد ذكر الإمام الشاطبي رحمه الله: أن إثم المبتدع ليس على رتبة واحدة، بل هو على مراتب مختلفة، واختلافها يقع من جهات، على النحو الآتي:
1 -
من جهة كون صاحب البدعة مُدَّعياً للاجتهاد أو مقلداً.
2 -
من جهة وقوعها في الضروريات: الدين، والنفس، والعرض، والعقل، والمال أو غيرها.
3 -
من جهة كون صاحبها مستتراً بها أو معلناً.
4 -
من جهة كونه داعياً إليها أو غير داعٍ لها.
5 -
من جهة كونه خارجاً على أهل السنة أو غير خارج.
6 -
من جهة كون البدعة حقيقية أو إضافية.
7 -
من جهة كون البدعة بيِّنة أو مشكلة.
8 -
من جهة كون البدعة كفراً أو غير كفر.
9 -
من جهة الإصرار على البدعة أو عدمه.
وبيّن رحمه الله أن هذه المراتب تختلف في الإثم على حسب النظر إلى دركاتها (2).
وأوضح رحمه الله أن هذه المراتب منها ما هو محرم، ومنها ما هو مكروه، وأن وصف الضلال ملازم لها، وشامل لأنواعها (3).
(1) انظر: كتاب التوحيد للعلامة الدكتور صالح بن فوزان الفوزان، ص 82.
(2)
انظر: الاعتصام، 1/ 216 - 224، و2/ 515 - 559.
(3)
انظر: الاعتصام للشاطبي، 2/ 530.
ولا شك أن البدع تنقسم على حسب مراتبها في الإثم إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: كفر بواح (1).
القسم الثاني: كبيرة من كبائر الذنوب (2).
القسم الثالث: صغيرة من صغائر الذنوب (3)، وللبدعة الصغيرة شروط، هي:
الشرط الأول: لا يداوم عليها، فإن المداومة تنقلها إلى كبيرة في حقه.
الشرط الثاني: لا يدعو إليها؛ فإن ذلك يعظم الذنب لكثرة العمل بها.
الشرط الثالث: لا يفعلها في مجتمعات الناس، ولا في المواضع التي تقام فيها السنن.
الشرط الرابع: لا يستصغرها ولا يستحقرها، فإن ذلك استهانة بها، والاستهانة بالذنب أعظم من الذنب (4).
واسم الضلالة يقع على هذه الأقسام الثلاثة؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل كل بدعة ضلالة، وهذا يشمل البدعة المكفرة، والبدعة المفسقة: سواء كانت كبيرة أو صغيرة (5).
ومنهم من قسم البدع إلى أقسام أحكام الشريعة الخمسة: فقال: قسم من البدع واجب، وقسم محرم، وقسم مندوب إليه، والقسم الرابع:
(1) انظر: المرجع السابق، 2/ 516.
(2)
انظر: الاعتصام للشاطبي، 2/ 517 و 2/ 543 - 550.
(3)
انظر: المرجع السابق، 2/ 517، و 2/ 539، 543 - 550.
(4)
انظر هذه الشروط مع شرحها النفيس: الاعتصام للشاطبي، 2/ 551 - 559.
(5)
انظر: المرجع السابق، 2/ 516.