الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
خالد فيما هو فيه)) (1)، ويأتي الرّدّ على المعتزلة فيما ذهبوا إليه إن شاء الله في فصل المناقشة لمذهبهم ومذهب غيرهم (2).
المبحث الثالث: الشيعة ورأيهم
وهم خمس فرق: كيسانية، وزيدية، وإمامية، وغلاة، وإسماعيلية، وبعضهم يميل في الأصول إلى الاعتزال، وبعضهم إلى السنة، وبعضهم إلى التشبيه (3).
وهم الذين شايعوا عليّاً رضي الله عنه على الخصوص وقالوا: إنّ عليّاً أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحقّهم بالإمامة وولده من بعده (4).
وقالوا بإمامته وخلافته، نصّاً ووصاية، واعتقدوا أنّ الإمامة لا تخرج من أولاده، وإن خرجت فبظلم يكون من غيره، أو بتقية من عنده، وقالوا: وليست الإمامة قضية مصلحية، تناط باختيار العامّة، وينتصب
(1) أخرجه البخاري في كتاب الرقاق، باب يدخل الجنة سبعون ألفاً بغير حساب، برقم 6544، ومسلم في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، والنار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء، برقم 2850، واللفظ له.
(2)
انظر: المبحث الثاني من الفصل الثاني من الباب الثالث من هذه الرسالة.
(3)
الملل والنحل للشهرستاني، 1/ 146، وقال البغدادي في كتابه ((الفرق بين الفرق)) ص21: وأما الرافضة فإن السبئية منهم أظهروا بدعتهم في زمان علي رضي الله عنه فقال بعضهم لعلي: أنت الإله فأحرق عليٌّ قوماً منهم ونفى ابن سبأ إلى ساباط المدائن، وهذه الفرقة ليست من فرق أمة الإسلام لتسميتهم عليّاً إلهاً. ثم افترقت الروافض بعد زمان علي رضي الله عنه أربعة أصناف: زيدية، وإمامية، وكيسانية، وغلاة، وافترقت الزيدية فرقاً، والإمامية فرقاً، والغلاة فرقاً، وكل فرقة منها تكفر سائرها وجميع فرق الغلاة منهم خارجون عن فرق الإسلام فأما فرق الزيدية، وفرق الإمامية فمعدودون في فرق الأمة.
(4)
الفصل في الملل والأهواء والنحل لابن حزم، 2/ 113، والملل والنحل للشهرستاني، 1/ 146.
الإمام بنصبهم، بل هي قضية أصولية، هو ركن الدين لا يجوز للرسول عليه السلام إغفاله وإهماله، ولا تفويضه إلى العامة
…
ويجمعهم القول بوجوب التعيين والتنصيص، وثبوت عصمة الأئمة وجوباً عن الكبائر، والصغائر، والقول بالتولّي، والتبرّؤ قولاً، وفعلاً، وعقداً، إلا في حالة التقية، ويخالفهم بعض الزيدية (1).
وكان مبدأ مذهب الشيعة على يد زعيمهم - الخبيث - عبد الله بن سبأ اليهودي المتظاهر بالإسلام، وهو منافق حاقد، حيث كان أول من أظهر الطعن في أبي بكر، وعمر، وعثمان صهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومن ذلك اليوم إلى يومنا هذا والشيعة بهذه العقيدة وتمسكوا بها، والتفّوا حولها، فالذي لا يبغض خلفاء رسول الله صلى الله عليه وسلم الثلاثة ليس عندهم بشيعي، أي لا يحب عليّاً عندهم.
وخلاصة القول في مذهب الشيعة: هو الطعن في أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، بل في كبار الصحابة رضي الله عنهم، وإليك أمثلة لذلك من كتبهم:
1 -
الطّعن في أبي بكر رضي الله عنه: روى الكشي عن زرارة بن أعين عن أبي جعفر أن محمد بن أبي بكر بايع عليّاً عليه السلام على البراءة من أبيه (2).
ومن الشيعة الذين رفضوا زيد بن علي بن الحسين لما سألوه عن أبي بكر وعمر فأثنى عليهما خيراً، فرفضوه عند ذلك، فسمّوا رافضة، وهم يسبون
(1) الملل والنحل للشهرستاني، 1/ 146.
(2)
الشيعة والسنة، ص32.
الصحابة ويلعنونهم، وقد يغلو البعض في علي بن أبي طالب رضي الله عنه (1).
2 -
الطعن في عمر: ومن طعن الشيعة في عمر الفاروق رضي الله عنه يكذب ابن بابويه القمي الشيعي على الفاروق ويقول: ((قال عمر حين حضره الموت: أتوب إلى الله من ثلاث: اغتصابي هذا الأمر، أنا وأبو بكر من دون الناس، واستخلافه عليهم، وتفضيل المسلمين بعضهم على بعض، ويذكر علي بن إبراهيم القمي الذي هو عندهم ثقة في الحديث، معتمد صحيح المذهب في تفسيره تحت قوله تعالى: {وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلاً} (2)، قال أبو جعفر: الأول (يعني أبا بكر) يقول: يا ليتني اتخذت مع الرسول عليّاً وليّاً، ((يا ليتني لم أتخذ فلاناً خليلاً)) يعني الثاني (عمر)(3).
روى الكليني عن أبي عبد الله في قوله عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا ثُمَّ ازْدَادُوا كُفْراً لَمْ يَكُنِ الله لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ سَبِيلاً} (4)، قال: نزلت في فلان وفلان .. آمنوا بالنبي صلى الله عليه وسلم في أول الأمر، وكفروا حيث عرضت عليهم الولاية حين قال النبي صلى الله عليه وسلم:((من كنت مولاه فعليٌّ مولاه))، ثم آمنوا بالبيعة لأمير المؤمنين عليه السلام، ثم كفروا حيث قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يقرّوا بالبيعة، ثم ازدادوا كفراً بأخذهم من بايعه بالبيعة لهم، فهؤلاء لم يبق فيهم من الإيمان شيء! وبيّن شارح الكافي أن
(1) الأجوبة المفيدة على أسئلة العقيدة، ص59.
(2)
سورة الفرقان، الآية:27.
(3)
الشيعة والسنة، ص34 - 35، وذكر تأويلات غير ما ذكر هنا، نسأل الله العافية.
(4)
سورة النساء، الآية:137.
المراد من فلان وفلان
…
أبو بكر، وعمر، وعثمان، وكذبوا قاتلهم الله!
3 -
طعنهم في بقية أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه أمهات المؤمنين، فلم يكتفِ الشيعة بالطعن والتعريض في رحماء رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل تطرقوا إلى أعراض آل النبي ورفقته الكبار، وخاصة الذين هاجروا في سبيل الله وجاهدوا في الله حقّ جهاده، ونشروا دينه الذي ارتضى لهم، ناقمين، وحاسدين جهودهم المشكورة، فهاهم يسبّون حتى عمّ النبي صلى الله عليه وسلم العباس
…
وابنه عبد الله بن العباس، حبر الأمة، وترجمان القرآن
…
وطعنوا في سيف الله خالد بن الوليد، وطعنوا في عبد الله بن عمر، ومحمد بن مسلمة رضي الله عنهم (أجمعين) وطعنوا كذلك في طلحة والزبير، اللذين هما من العشرة المبشرين بالجنة، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:((أوجب طلحة)) (1)، يعني الجنة. وقال النبي صلى الله عليه وسلم في الزبير:((إن لكل نبي حوارياً وحواريِّ الزبير)) (2)، وطعنوا في أنس بن مالك والبراء بن عازب رضي الله عنهم. وطعنوا في أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، وخاصة أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها، وهي المبرأة من فوق سبع سموات، وأخيراً كفَّروا جميع الصحابة عامّة. هذه هي عقيدة القوم من أولهم إلى آخرهم كما رسمها اليهود لهم، حتى صار دينهم الذي يدينون به دين الشتائم والسّباب، ولكنهم لم يكتفوا بالسّباب والشتائم على عدد
(1) أخرجه الترمذي في كتاب المناقب، باب مناقب طلحة بن عبيد الله رضي الله عنه، برقم 3738.وأحمد في المسند،1/ 165،وأبو يعلى في المسند،2/ 33،برقم 670،والحاكم في المستدرك،3/ 25، 374، وقال: ((صحيح على شرط مسلم))، ووافقه الذهبي، وقال أبو عيسى: ((هذا حديث حسن غريب))، وصححه الألباني في السلسلة الصحيحة، برقم 945.
(2)
متفق عليه، أخرجه البخاري في كتاب الجهاد والسير، باب فضل الطليعة، برقم 2846، ومسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل طلحة والزبير رضي الله عنهما، برقم 2415.
كبير من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل هوت بهم الهاوية حتى كفَّروا جميع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا النادر منهم، فهذا هو الكشي أحد صناديدهم يروي عن أبي جعفر أنه قال: كان الناس أهل ردّة بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة، فقلت ومن الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري، وسلمان الفارسي. وذلك قول الله عز وجل: {وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ مَاتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَنْ يَنْقَلِبْ عَلَى عَقِبَيْهِ فَلَنْ يَضُرَّ الله شَيْئاً وَسَيَجْزِي الله الشَّاكِرِينَ) (1)، ويروى عن أبي جعفر أيضاً أنه قال:((المهاجرون والأنصار ذهبوا إلا وأشار بيده إلا ثلاثة)) (2).
فتعالى الله عما يقول الظالمون علواً كبيراً، ومما افتراه عليه الظالمون من تحريف لآياته، والاستدلال بها على تكفير أوليائه الذين قال فيهم سبحانه:{رَضِيَ الله عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ} (3).
وأصل قول الرافضة: إن النبي صلى الله عليه وسلم نصّ على علي نصّاً قاطعاً للعذر، وإنه إمام معصوم ومن خالفه كفر، وإن المهاجرين والأنصار كتموا النصّ، وكفروا بالإمام المعصوم، واتبعوا أهواءهم وبدّلوا الدين،
(1) سورة آل عمران، الآية:144.
(2)
الشيعة والسنة باختصار شديد مع بعض التصرف، من ص29 - 50.
(3)
سورة البينة، الآية:8.
(4)
سورة التوبة، الآية:100.