الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكافرين؛ فإنَّ قولهم باطل أيضاً، إذ قد جعل الله مرتكب الكبيرة من المؤمنين، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} (1)، فلم يخرج القاتل من الذين آمنوا، وجعله أخاً لولي القصاص، والمراد: أخوّة الدين لا ريب (2).
المبحث الثاني: مناقشة المعتزلة
قد تصدّى أهل الحديث للرّدّ على ضلالات المعتزلة، مستندين إلى
ما صحّ في السنة النبوية من الأحاديث، فعن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((يدخل أهل الجنة الجنة وأهل النار النار، ثم يقول الله تعالى: أخرجوا من كان في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان، فيخرجون منها قد اسودُّوا فَيُلقون في نهر الحيا أو الحياة - شك مالك - فينبتون كما تنبت الحبة في جانب السيل، ألم تر أنها تخرج صفراء ملتوية)) (3).
وإذا اعتبرت إقامة الحدّ كفارة لصاحبها، ومجزية عن إعلان التوبة، فإن غفران ذنب من لم يقم عليه حدّ ولم يتب يبقى رهن إرادة الله، وذلك مصداقاً لقوله صلى الله عليه وسلم في عصابة من صحابته: ((تعالوا بايعوني على أن لا تشركوا بالله شيئاً، ولا تسرقوا، ولا تزنوا، ولا تقتلوا أولادكم، ولا تأتوا
(1) سورة البقرة، الآية:178.
(2)
شرح العقيدة الطحاوية، ص360 - 361.
(3)
أخرجه البخاري في كتاب الإيمان، باب تفاضل أهل الإيمان في الأعمال، برقم 22، ومسلم في كتاب الإيمان، باب إثبات الشفاعة وإخراج الموحدين من النار، برقم 184.
بهتاناً تفترونه بين أيديكم وأرجلكم، ولا تعصوني في معروف، فمن وفى منكم فأجره على الله، ومن أصاب من ذلك شيئاً فعوقب به في الدنيا، فهو له كفارة، ومن أصاب من ذلك شيئاً، فستره الله فأمره إلى الله، إن شاء عاقبه وإن شاء عفا عنه)). قال الراوي: فبايعناه على ذلك. رواه البخاري عن عبادة بن الصامت رضي الله عنه (1).
والمعتزلة القدرية بتشدّدهم في تخليد مرتكب الذنب في النار ما لم يتب، ينطبق عليهم المثل السائر - ولله المثل الأعلى -:(السيدُ يُعطي، والعبد يمنع)؛ لأن الله تعالى يصرّح بالمغفرة للمصرّ على الكبائر إن شاء، وهم يدفعون في وجه هذا التصريح، ويُحيلون المغفرة بناء على قاعدة الأصلح والصلاح التي هي بالفساد أجدر وأحق (2).
أما الرّدّ على المعتزلة في قولهم بأن صاحب الكبائر يكون في المنزلة بين المنزلتين فهو على النحو الآتي:
1 -
قال الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالأُنْثَى بِالأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ} (3)، فلم يخرج القاتل من الذين آمنوا وجعله أخاً لوليّ القصاص، والمراد أُخوّة الدين بلا ريب.
(1) أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار، باب وفود الأنصار إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمكة وبيعة العقبة، برقم 3892، ومسلم في كتاب الحدود، باب الحدود كفارات لأهلها، برقم 1709.
(2)
موقف المعتزلة من السنة النبوية ومواطن انحرافهم عنها، ص148.
(3)
سورة البقرة، الآية:178.