الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يعالج سرّاً، وبالحكمة والمداراة المحمودة، ويُتلطف به، ويُنصح برفق ولين، وذلك أجدر بالقبول (1).
قال سماحة العلامة الإمام المحقق الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز رحمه الله: ((ليس من منهج السلف التشهير بعيوب الولاة وذكر ذلك على المنابر؛ لأن ذلك يفضي إلى الانقلاب، وعدم السمع والطاعة في المعروف، ويفضي إلى الخروج الذي يضرّ ولا ينفع، ولكن الطريقة المتبعة عند السلف النصيحة فيما بينهم وبين السلطان، والكتابة إليه، أو الاتصال بالعلماء الذين يتصلون به حتى يوجه إلى الخير، وإنكار المنكر يكون من دون ذكر الفاعل، فينكر الزنى، وينكر الخمر، وينكر الربا، من دون ذكر من فعله، ويكفي إنكار المعاصي والتحذير منها من غير ذكر أن فلاناً يفعلها: لا حاكم ولا غير حاكم .. )) (2).
المبحث الرابع: الدعاء لولاة الأمر من المسلمين
ومن حقوق السلطان على رعيته الدعاء له؛ ولهذا كان السلف الصالح: كالفضيل بن عياض، والإمام أحمد بن حنبل، وغيرهما يقولون:((لو كان لنا دعوة مستجابة لدعونا بها للسلطان)) (3)، وما ذلك إلا لأن
(1) انظر: فتح الباري، 13/ 52، وعمدة القاري، 15/ 166.
(2)
انظر: فتوى لسماحة الشيخ مطبوعة في آخر رسالة ((حقوق الراعي والرعية))، ص27 - 28، وانظر: فوائد الآداب مع السلطان لنصيحته: الآداب الشرعية للإمام محمد بن مفلح المقدسي،
1/ 196 - 208، بتحقيق شعيب الأرنؤوط، وتنبيه الغافلين لابن النحاس، ص59 - 68، بتحقيق عماد الدين عباس.
(3)
انظر: فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية، 28/ 391، وطبقات الحنابلة، 2/ 36.
السلطان إذا صلح صلحت الرعية، وإذا فسد فسدت، ولهذا يُذكر عن عثمان بن عفان رضي الله عنه أنه قال:((إن الله ليزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن))، ولهذا قال الإمام الحسن بن علي البربهاري رحمه الله:((إذا رأيت الرجل يدعو على السلطان فاعلم أنه صاحب هوى، وإذا سمعت الرجل يدعو للسلطان بالصلاح فاعلم أنه صاحب سنة إن شاء الله تعالى)) (1).
وقال الفضيل بن عياض: ((لو كان لي دعوة مستجابة ما جعلتها إلا للسلطان، قيل له: يا أبا علي فَسِّر لنا هذا؟ قال: إذا جعلتها في نفسي لم تعْدُني، وإذا جعلتها في السلطان صلح، فصلح بصلاحه العباد والبلاد، فأُمرنا أن ندعو لهم بالصلاح، ولم نؤمر أن ندعو عليهم، وإن جاروا وظلموا؛ لأن جورهم وظلمهم على أنفسهم، وصلاحهم لأنفسهم وللمسلمين)) (2).
وهكذا أيضاً تكون النصيحة والدعاء للعلماء إذا حصل منهم قصور أو نسيان؛ لأنهم بشر وغير معصومين، وهم من أعظم ولاة أمر المسلمين، فلا يجوز سبهم، ولا التشهير بهم، ولا تتبع عثراتهم ونشرها بين الناس؛ لأن في ذلك فساداً كبيراً؛ ولهذا قال ابن عساكر رحمه الله تعالى: ((اعلم يا أخي - وفقني الله وإياك لمرضاته، وجعلني وإياك ممن يتقيه حق تقاته - أن لحوم العلماء مسمومة، وعادة الله في هتك أسرار منتقصهم معلومة، وأن من أطال لسانه في العلماء بالثلب بلاه الله قبل موته بموت القلب، {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ
(1) كتاب شرح السنة للإمام الحسن بن علي البربهاري رحمه الله تعالى، ص51.
(2)
كتاب شرح السنة للإمام الحسن بن علي بن خلف البربهاري المتوفى 329هـ بتحقيق خالد بن قاسم الردادي، ص116،مكتبة الغرباء. وانظر: طبقات الحنابلة،2/ 36،وحلية الأولياء،8/ 91.