المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[الفصل الثاني]المرأة عند العرب في الجاهلية - عودة الحجاب - جـ ٢

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الخامسة

- ‌ الباب الأول *

- ‌تمهيد

- ‌[فصل]المرأةسلاح ذو حدين

- ‌[فصل]القضية الأمالقرآن والسلطان

- ‌[فصل]بين الترقيع…والأصالة

- ‌[فصل]وضع المرأة ومسئولية الولاة

- ‌[فصل]موقف دعاة الإسلاممن قضية المرأة (52)

- ‌الباب الثانيإهانة الجاهلية للمرأة

- ‌[الفصل الأول]المرأة عند الآخرين (57)

- ‌[الفصل الثاني]المرأة عند العرب في الجاهلية

- ‌الباب الثالثشمس الإسلامتشرق على المرأة

- ‌[الفصل الأول]

- ‌مظاهر تكريم الإسلام للمرأة

- ‌[فصل]دحض بدعة المساواة المطلقةبين الرجل والمرأة

- ‌[فصل]الفروق بين الرجل والمرأة

- ‌مسألة: هل يجب تسوية الوالدينبين أولادهم الذكور والإناث في الهبة

- ‌عود على بدء

- ‌[الفصل الثاني]المرأة أُمًّا

- ‌[فصل]بر الوالدين بعد موتهما

- ‌[فصل]من مواقف الأم المسلمة

- ‌[فصل]الأم المسلمة وراء هؤلاء العظماء

- ‌[الفصل الثالث]المرأة بنتًا

- ‌[الفصل الرابع]المرأة زوجة

- ‌[فصل]الكفاءة في الزواج

- ‌فصلنص القرآن الكريم على تحريم نكاح الزانية

- ‌فصلوأما الأدلة على عدم اعتبار المال في الكفاءة:

- ‌فوائد

- ‌[فصل]الزوجيةبين الحقوق والواجبات والآداب

- ‌أولا: الحقوق والآداب المشتركة بين الزوجين

- ‌من مواقف الزوجة المسلمة

- ‌تنبيهات

- ‌ثانيا: حقوق الزوجة على زوجها

- ‌(أ) الحقوق المادية

- ‌(ب) الحقوق الأدبية

- ‌[فصل]لا نكاح إلا بولي

- ‌تنبيهات متفرقة

- ‌عود على بدءمن حقوق المرأة على زوجها

- ‌[فصل]مسئولية الرجل عن حماية الأسرة (915)

- ‌ثالثًا: حقوق الزوج على زوجته

- ‌[فصل] (1220)في علاقة الابن بوالديه بعد الزواجوعلاقة الحماة بالكَنَّة (1221)

- ‌[فصل]وفاؤها لزوجها

- ‌[الفصل الخامس]المرأة مؤمنةً مجاهدةً صابرةً

- ‌[الفصل السادس]المرأة عالِمةً

- ‌[فصل]صور من سيرة المسلمة العالمة

- ‌[الفصل السابع]المرأةُ…عابدةً

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌[الفصل الثاني]المرأة عند العرب في الجاهلية

[الفصل الثاني]

المرأة عند العرب في الجاهلية

والله إن كنا في الجاهلية ما نعد

للنساء أمرا، حتى أنزل الله فيهن

ما أنزل، وقسم لهن ما قسم) (78) .

عمر بن الخطاب رضي الله عنه

لم يكن لها حق الإرث، وكانوا يقولون في ذلك: " لا يرثنا إلا من يحمل السيف، ويحمي البيضة) ، فإذا مات الرجل ورثه ابنه، فإن لم يكن فأقرب من وجد من أوليائه أبا كان أو أخا أو عمُّا، على حين يضم بناته ونساؤه إلى بنات الوارث ونسائه، فيكون لهن ما لهن، وعليهن ما عليهن.

ولم يكن لها على زوجها أي حق، وليس للطلاق عدد محدود، ولا لتعدد الزوجات عدد معين، وكانوا إذا مات الرجل وله زوجة وأولاد من غيرها، كان الولد الأكبر أحق بزوجة أبيه من غيره، فهو يعتبرها إرثا كبقيهَ أموال أبيه، فإن أراد أن يعلن عن رغبته في الزواج منها طرح عليها ثوبًا، وإلا كان لها أن تتزوج بمن تشاء، وفي هذا يقول ناظم عمود النسب- وهو يعدد مختلقات الجاهلية:

(وأن من ألقى على زوج أبيه

ونحوه بعد التوى (79) ثوبًا يريه

أولى بها من نفسها إن شاء

نكح أو أنكح أو أساء

بالعضل كي يرثها أو تفتدي

ومهرها في النكحتين للردي) (80)

(78) انظر: " فتح الباري، (10/301) ط: السلفية.

(79)

تَوِيَ تَوًى - كَرَضِيَ - هَلَكَ. "مختار القاموس" ص (80) .

(80)

"أضواء البيان" للشنقيطي (1/279)، وانظر: " الكشاف، للزمخشري (1/513) .

ص: 57

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " كان الرجل إذا مات أبوه أو حموه فهو أحق بامرأته، إن شاء أمسكها أو يحبسها حتى تفتدى بصداقها، أو تموت فيذهب بمالها".

وعن عطاء بن أبي رباح قال: " إن أهل الجاهلية كانوا إذا هلك الرجل فترك امرأة حبسها أهله على الصبي يكون فيهم"، وحكى ابن جرير رحمه الله:" أن الرجل في الجاهلية كان يموت أبوه أو أخوه أو ابنه، فإذا مات وترك امرأته، فإن سبق وارث الميت فألقى عليها ثوبه، فهو أحق بها أن ينكحها بمهر صاحبه أو ينكحها فيأخذ مهرها، وإن سبقته فذهبت إلى أهلها فهى أحق بنفسها"(81) .

وقد كان نكاح زوجات الآباء معروفًا في الجاهلية، فعله كثير من العرب (82)، وهذا الذي نهى الله عنه بقوله جل وعلا:(ولا تنكحوا ما نكح ءاباؤكم من النساء إلا ما قد سلف إنه كان فاحشة ومقتَا وساء سبيلًا)(النساء: 22) .

وكانت المرأة تُمسَك ضرارًا للاعتداء، وتلاقي مِن بعلها نشوزًا أو إعراضا، وتُترك أحيانا كالمعلقة.

وكان أحدهم إذا أراد نجابة الولد حمل امرأته - بعد طهرها من

(81)" تفسير الطبري"(4/307) .

(82)

وقد ذكر أسماء بعض منهم العلامة القرطبي في تفسيره (5/104) ، وكان بعض ذوى المروءات منهم يمقتون هذا النكاح، ويسمونه نكاح المقت، وكانوا يسمون الرجل الذي يزاحم أباه في امرأته غير أمه:" الضيزن"، وكانوا يسمون المولود من هذا النكاح: المتقْتِي، وأصل المقت: البغض. [انظر: "الجامع لأحكام القرآن"(5/104-105) .

ص: 58

الحيض- إلى الرجل النجيب كالشاعر والفارس، وتركها عنده حتى يستبين حملها منه، ثم عاد بها إلى بيته، وقد حملت بنجيب!

وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " كانوا في الجاهلية يُكْرِهون إماءهم على الزنا، ويأخذون أجورهم ".

وقال قتادة: "كان الرجل في الجاهلية يقامر على أهله وماله، فيقعد حزينا سليبًا ينظر إلى ماله في يد غيره، فكانت تورث بينهم عداوة وبغضًا"(83) اهـ.

وكان من المأكولات ما هو خالص للذكور ومحرم على الإناث، كما يأتي بيانه إِن شاء الله.

وكان عند العرب في الجاهلية أنواع من الزواج الفاسد الذي كان يوجد عند كثير من الشعوب، ولا يزال بعضه إلى اليوم في البلاد الهمجية: - فمنها اشتراك الرهط من الرجال في الدخول على امرأة واحدة، وإعطائها الحق في الولد أن تلحقه بمن شاءت منهم.

- ومنها نكاح الاستبضاع، وهو أن يأخذ الرجل لزوجه أن تمكن من نفسها رجلًا معينا من الرؤساء والكبراء المتصفين بالشجاعة أو الكرم ليكون لها منه ولد مثله، وقد مر ذكره آنفا (84) .

- ومنها السفاح بالبغاء العلني، وكان عند العرب خاصا بالإماء دون

(83) ذكره الطبراني عند تفسير قوله تعالى: (إنما يريد الشيطان أن يوقع بينكم العداوة والبغضاء في الخمر والميسر، ويصدكم عن ذكر الله وعن الصلاة فهل أنتم منتهون) المائدة آية (91) .

(84)

وهذان النوعان لا يزالان موجودان بصفة مطلقة دائمة عند بعض الأمم كالتبت وغيرها، وكان عند العرب مؤقتا ومقيدًا بما ذكرنا.

ص: 59

الحرائر، "وكانوا لا يتحرجون من الزنا، وهم يتحرجون من ولاية اليتامى"(58) .

- ومنها اتخاذ الأخدان أي الصواحب والعشيقات، وكانوا يستترون به، ويعدونه لؤما وخِسة (86) .

- ومنها نكاح المتعة وهو المؤقت، وقد استقر أمر الشريعة على تحريمه، وتبيحه فرقة الشيعة الإمامية (87) .

- ومنها نكاح البدل والمبادلة، وهو أن ينزل كل من الرجلين للآخر عن زوجته (88) .

- ومنها نكاح الشغار، وهو أن يُزَوِّج الرجلَ امرأة بنته أو أخته أو من هي تحت ولايته على أن يزوجَه أخرى بغير مهر، صداقُ كُل واحدة بُضْعُ الأخرى.

- وهذان النوعان مبنيان على قاعدة اعتبار المرأة ملكًا للرجل يتصرف فيها كما يتصرف في بهائمه وأمواله (89) .

وأما المرتقون من العرب كقريش فكان نكاحهم هو الذي عليه المسلمون في الإسلام، من الخطبة والمهر والعقد، وهو الذي أقره الإسلام (90) ، مع إبطال بعض العادات الظالمة للنساء فيه، من استبدادٍ فى

(85)"الكشاف" للزمخشري (1/496) .

(86)

وهذان النوعان شائعان اليوم في أوربا كلها جهرا، وسرى منها إلى كثير من البلاد الشرقية.

(87)

وهو شائع بمعناه اليوم عند الإفرنج ويسمونه: نكاح التجربة.

(88)

"نيل الأوطار"(5/2) ط. دار التراث.

(89)

ولا يزالان، موجودين في الشعوب الهمجية كالغجر.

(90)

انظر: "فتح الباري"(9/150-152) .

ص: 60

تزويجهن كرهًا أو عضلهن -أي منعهن من الزواج- أو أكل مهورهن إلى غير ذلك.

من عادات الجاهلية في الطلاق:

(وكانت النساء أو بعضهن يطلقن الرجال في الجاهلية)(91) .

(ولم يكن النساء يومذاك بحاجة إلى المصارحة بالطلاق، بل كان حسب البدويات منهن أن يحولن أبواب أخبيتهن إن كانت إلى الشرق فإلى الغرب، أو كانت إلى الجنوب فإلى الشمال)(92) .

(وكان لهن- إذا لم يَكُن ذوات أخبية- أساليب يدللن بها الرجال على الطلاق، فليس لهم عليهن من سبيل، فكان بعضهن إذا تزوجت رجلًا، وأصبحت عنده كان أمرها إليها، وتكون علامة ارتضائها للزوج أن تعالج له طعامًا إذا أصبح)(93) .

من عادات الجاهلية في الحداد:

وكانت المرأة في الجاهلية إذا ذهب الموت بعزيز من آلها وعشيرتها فهناك يجتمع نساء الحي للمأتم، حواسر الرؤوس، سوافر الوجوه، يشققن الجيوب، ويلطمن الوجوه، ويهجن الباكيات، بما يثير الحزن الرابض، والشجو المميت، وعادة المَنَاحَةِ على السيد الشريف أن تظل سنة كاملة:

*ومن يبكِ حولا كاملًا فقد اعتذر*

وقد كانت العدة في الجاهلية حولًا كاملًا، وكانت المرأة تحد على

(91)"الأغاني" لأبي الفرج (16/102) .

(92)

السابق.

(93)

(المرأة العربية)(1/57-58) .

ص: 61

زوجها شر حداد وأقبحه، فتلبس شر ملابسها، وتسكن شر الغرف وهو (الحِفْش)(94) ، وتترك الزينة والتطيب والطهارة، فلا تمس ماءً، ولا تقلم ظفرًا، ولا تزيل شعرًا، ولا تبدو للناس في مجتمعهم، فإذا انتهى العام خرجت بأقبح منظر، وأنتن رائحة، فتنتظر مرور كلب لترمي عليه بعرة احتقارًا لهذه المدة التي قفتها، وتعظيمًا لحق زوجها عليها.

وعن أم سلمة رضي الله عنها قالت: جاءت امرأة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: " يا رسول الله إن ابنتى توفي عنها زوجها، وقد اشتكت عينها أفنكحُلها؟ " فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا"، مرتين أو ثلاثا، كل ذلك يقول:"لا"، ثم قال صلى الله عليه وسلم: إنما هي أربعة أشهر وعشر، وقد كانت إحداكن في الجاهلية ترمي بالبعرة على رأس الحول" فقالت زينب:(كانت المرأة إذا توفي عنها زوجها دخلت حِفشا، ولبست شر ثيابها، ولم تمس طيبًا ولا شيئًا حتى تمر عليها سنة، ثم تؤتى بدابة حمارٍ أو طير أو شاةٍ فتفتض به، فقلما تفتض بشيء إلا مات (59) ، ثم تخرج فتُعطى بعرة فترمي بها، ثم تراجع بعدُ ما شاءت من طيب أو غيره) (96) .

وكان من عوائد النساء في الجاهلية بدعة " الإسعاد"، ومعناه إِعانة

(94) الحفش: البيت الصغير المظلم داخل البيت.

(95)

قال ابن قتيبة: (سألت الحجازيين عن الافتضاض، فذكروا أن المعتدة كانت لاتمس ماء، ولا تقلم ظفزا، ولا تزيل شعرًا، ثم تخرج بعد الحول بأقبح منظر ثم تفتض بطائر أي تمسح قُبُلَهَا به، فلا يكاد يعيش ما تفتض به) والمراد أنه يموت من نتنها- وانظر " فتح الباري"(9/484 - 490) ، و "روائع البيان" للصابوني (1/365 -367) .

(96)

رواه الإمام مالك في "الموطأ"(2/596 -598) في الطلاق: باب ما جاء في الإحداد، والبخاري (427/9) في الطلاق: باب تحد المتوفى عنها زوجها أربعة أشهر وعشرًا، ومسلم رقم (1486: 1489) في الطلاق: باب وجوب الإحداد في عدة الوفاة، وغيرهم.

ص: 62

النساء بعضهن بعضا في النياحة بموت الميت، فكان النساء يسرعن لمساعدة صاحبة الميت في النوح والبكاء، وتصير المساعدة دَيْنًا في ذمة المرأة المصابة ترى وجوب تأديته لكل من ساعدها (97) .

وأد البنات في الجاهلية

(من العرب من كان يرى البنت حملَا فادحًا يضعف دونه احتماله، وتتخاذل قواه لفرط ما يُشفق من وصمة الذل، ووصم العار، إذا وهنت نفسها، أو ذهب السباء بها، فكان بين أن يستبقيها على كره لها، ومضض منها، وترقب لموتها، أو يفزع إلى الحُفَر فيقذفها في جوفها، ويهيل التراب على غَضَارة عودها، ونضارة وجهها، وبدل أن يدعها تستقبل الوجود، وتستنشي نسيم الحياة، يدعها في غمرة الموت بين طباق الأرض!!

ولو أننا افترضنا تلك الجريمة الموبقة بين جمهور العرب لما آمنا بتلك الجيوش الخضارم (98) التي وطئت نواصي الأرض، وطوقت أعناق الأمم، وهم أبناؤهم وحفدتهم، فالحق أن الوأد لم يكن معروفَا إلا في فرائق من ربيعة (99) وكِنْدة وتميم وطيء، وأفذاذ مغمورين لا يُعَدُّون قلةً من مختلف القبائل، وهم بين رجلين: رجل أملق من عقل ومال، فهو يخشى أن

(97) انظر "الإبداع في مضار الابتداع للشيخ على محفوظ رحمه الله (ص 224- 225) .

(98)

الخضارم: جمع خِضْرم بكسر الخاء والراء - الكثير الوفير من كل شيء.

(99)

قال الألوسي رحمه الله تعالى: (ورأيت إذ أنا يافع في بعض الكتب أن أول قبيلة وأدت من العرب ربيعة، وذلك أنهم أغير عليهم، فنهبت بنت لأمير لهم، فاستردها بعد الصلح، فخيرت برضى منه بين أبيها ومن هي عنده، فاختارت من هي عنده، وآثرته على أبيها، فغضب، وسن لقومه الوأد ففعلوه غيرة منهم، ومخافة أن يقع لهم بَعْدُ مثل ما وقع، وشاع في العرب غيرهم، والله تعالى أعلم بصحة ذلك) اهـ من " روح المعاني "(30/67) .

ص: 63

يسيء الفقر إلى أدب ابنته، ويهتك من سترها، ويبذل من عرضها، وآخر من سراة القوم ذهبت بعقله الغيرة، وهوى بنفسه الإشفاق من تبدل الحوادث، وتداول المَثُلات، وما عسى أن يصيبها من ذل أو سباء) (100) .

وقد كانت بعض القبائل تئد البنات والأولاد أيضاً خشية الفقر (101) .

وكانت بعض القبائل تقول: " الملائكة بنات الله "، فيفتلون بناتهم، ويقولون:" نلحقهن ببنات الله" - تعالى الله عن ذلك علوُّا كبيرًا.

وقال قتادة: " كان مُضَرُ وخُزاعة يدفنون البنات أحياءً، وأشدهم في هذا تميم، زعموا خوف القهر عليهم، وطمع غير الأكفاء فيهن"(102) .

وعنه أيضًا قال: (كان أحدهم يغذو كلبه، ويئد ابنته) اهـ (103) .

(وكان بعضهم يغرقها، وبعضهم يذبحها)(104) .

(وكان الرجل يشترط على امرأته: أنكِ تئدين جارية، وتستحيين أخرى، فإذا كانت الجارية التي توأد، غَدَا مِن عند أهله أو راح، وقال: أنت علىَّ كأمي إن رجعت إليك ولم تئديها، فترسل إلى نسوتها، فيحفرن

(100)"المرأة العربية"(1/44) .

(101)

وقد رَدَّ عليهم القرآن ذلك في قوله تعالى: (ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم إن قتلهم كان خطئًا كبيرا) وقوله سبحانه: (ولا تقتلوا أولادكم من إملاق نحن نرزقكم وإياهم) فأبطل بالآية الأولى تخوفهم من الإملاق المتوقع، وفي الثانية من الإملاق الحاضر.

(102)

"الجامع لأحكام القرآن " للقرطبي (10/117) .

(103)

"تفسير الطبري"(76/14) .

(104)

"روح المعاني" للألوسي (14/169) .

ص: 64

لها حفرة، فيتداولنها بينهن، فإذا بصرن به مقبلا دسسنها في حفرتها، وسوَّين عليها التراب) (105) .

وكانوا في بعض الأحيان يئدون البنات بقسوة نادرة، فقد يتأخر وأد الموءودة (106) لسفر الوالد وشُغله، فلا يئدها إلا وقد كبرت، وصارت تعقل، وقد كان بعضهم يلقى الأنثى من شاهق (107)، وقد حَكَوا في ذلك عن أنفسهم مبكيات:

منها: ما رُوِىَ أن عمر رضي الله عنه قال: " أمران في الجاهلية، أحدهما يبكيني، والآخر يضحكني؛ أما الذي يبكيني: فقد ذهبت بابنة لي لوأدها، فكنت أحفر لها الحفرة، وتنفض التراب عن لحيتي، وهى لا تدرى ماذا أريد لها، فإذا تذكرتُ ذلك بكيت، والأخرى: كنت أصنع إلهَا من التمر، وأضعه عند رأسي يحرسني ليلًا، فإذا أصبحت معافى أكلته، فإذا تذكرت ذلك ضحكت من نفسي"(108) .

وعن النعمان بن بشير رضي الله عنهما قال: سمعت عمر بن الخطاب رضي الله عنه يقول، وسئل عن هذه الآية:(وإذا الموءُودةُ سُئلت بأي ذنب قتلت)(109)، فقال:(جاء قيس بن عاصم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إني وأدت ثماني بنات لي في الجاهلية" (110)، فقال: "أعتق عن كل

(105) "الدر المنثور، للسيوطي (8/48) .

(106)

الموءودة: هي البنت التي تدفن حية، من الوأد وهو الثقل، كأنها سُميت بذلك لأنها تئقل بالتراب حتى تموت.

(107)

"ماذا خسر العالم بانحطاط المسلمين؟ " ص (68-70) والشاهق: المرتفع من الجبال والأبنية وغيرها.

(108)

"تتمة أضواء البيان"(9/63) .

(109)

التكوير (8، 9) .

(110)

في " بلوغ الأرب"(3/42 -43) أنه اعترف بوأد بضعة عشر بنتا من بناته في

ص: 65

واحدة منهن رقبة"، قال: "إِني صاحب إبل"، قال: "اهْدِ إن شئت عن كل واحدة منهن بَدَنة" (111) .

(وكان للعرب تفنن في الوأد، فمنهم من إذا صارت بنته سداسية يقول لأمها: "طيبيها، وزيِّنيها حتى أذهب بها إلى أحمائها"، وقد حفر لها بئرًا في الصحراء، فيبلغ بها البئر، فيقول لها: "انظري فيها"، ثم يدفعها من خلفها، ويهيل عليها التراب، حتى تستوي البئر بالأرض، ومنهم من كان إذا قربت امرأته من الوضع حفر حفرةً لتتمخض على رأس البئر، فإذا ولدت بنتاً رمت بها في الحفرة، وإن ولدت ابنًا حبسته)(112) .

وقد شنع القرآن المجيد على أهل الجاهلية بسبب وأدهم البنات، ومهانتها عندهم، وَصَوَّرَ ذلك أدق تصوير، فقال سبحانه وتعالى:(وكذلك زين لكثير من المشركين قتل أولادهم شركاؤهم لِيُرْدُوهم وليلبسوا عليهم دينهم ولو شاء الله ما فعلوه فذرهم وما يفترون) الأنعام (137) .

(وقالوا هذه أنعام وحَرث حِجر لا يطعمها إلا من نشاء) أي لا يأكلها إلا الرجال دون النساء، وقيل: خدام الأصنام، ثم بين سبحانه أن هذا تحكملم يرد به شرع، ولهذا قال:(بزعمهم)(وأنعام حرمت ظهورها وأنعام لا يذكرون اسم الله عليها افتراءً عليه سيجزيهم بما كانوا يفترون. وقالوا ما في بطون هذه الأنعام) قال السيوطي (113) : وأخرج ابن أبي حاتم عن ابن عباس رضي الله عنهما

= الجاهلية، وقال السيوطي:"أخرجه البزار، والحاكم في الكنى، والبيهقي في سننه عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه بنحوه، وفيه أنهن كن ثمان بنات"(الدر المنثور)(6/320) .

(111)

"الإصابة في تمييز الصحابة، (5/485) .

(112)

"تفسير القاسمي "(17/6072) .

(113)

"الدر المنثور"(3/48) .

ص: 66

قال: (اللبن، كانوا يحرمونه على إناثهم، ويشربونه ذكرانهم، وكانت الشاة إذا ولدت ذكرًا ذبحوه، فكان للرجال دون النساء، وإن كانت أنثى تُرِكَت فلم تُذْبَحْ، وإن كانت ميتة فهم فيه شركاء)(خالصة لذكورنا) أي حلال لهم خاصة، لا يشركهم فيه أحد من الإناث (ومحرم على أزواجنا) أي على جنس أزواجنا وهن الإناث، فيدخل في ذلك البنات والأخوات ونحوهن، (وإن يكن ميتة) أي ذلك حلال للذكور محرم على الإناث إن ولد حيُّا، وإن ولد ميتة (فهم) أي الذكور والإناث (فيه) أي فيما في بطون الأنعام (شركاء) يأكلون منه جميعاً (سيجزيهم وصفهم إنه حكيم عليم) (قد خسر الذين قتلوا أولادهم سفهًا بغير علم) أي لخفة عقولهم وجهلهم بصفات ربهم سبحانه (وحَرَّموا ما رزقهم الله افتراءً على الله قد ضلوا وما كانوا مهتدين) قال القرطبي:(أخبر بخسرانهم لوأدهم البنات وتحريمهم البحِيرة وغيرها بعقولهم، فقتلوا أولادهم سفها خوف الإملاق، وحجروا على أنفسهم في أموالهم، ولم يخشوا الإملاق)(114) اهـ، وقال قتادة:"هذا صنع أهل الجاهلية: كان أحدهم يقتل ابنته، مخافة السباء والفاقة، ويغذو كلبه"(115)، ومن هنا قال ابن عباس رضي الله عنهما:(إذا سرك أن تعلم جهل العرب فاقرأ ما فوق الثلاثين ومائة من سورة الأنعام (قد خسر الذين قتلوا أولادهم) إلى قوله: (وما كانوا مهتدين)(116) .

وقال عز وجل: (ويجعلون لله البناتِ سبحانه ولهم ما يشتهون، وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودًّا وهو كظيم يتوارى من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه على هُون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون)(117) .

(114)"القرطبي"(7/96) .

(115)

، (116)"الدر المنثور"(3/48) .

(117)

"النحل"(58-59) .

ص: 67

قوله سبحانه: (ويجعلون) أي يعتقدون أن (لله البناتِ) الإناث، وذلك أن خزاعة وكنانة كانوا يقولون: الملائكة بنات الله؟ بينه تعالى بقوله: (وجعلوا الملائكة الذين هم عباد الرحمن إناثًا) الآية، مع أن الإناث التي جعلوها لله يكرهونها لأنفسهم، ويأنفون منها كما قال تعالى:(وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مُسْوَدًّا) أي لأن شدة الحزن والكآبة تُسَوِّدُ لون الوجه (وهو كظيم) أي: ممتلئ حزنا وهو ساكت، وقيل: ممتلئ غيطا على امرأته التي ولدت له الأنثى (118)(يتوارى من القوم من سوء ما بشر به) أي يختفي من أصحابه من أجل سوء ما بشر به لئلا يروا ما هو فيه من الحزن والكآبة، أو: لئلا يشمتوا به ويعيروه، ويحدث نفسه، وينظر:(أيمسكه) أي ما بشر به وهو الأنثى (على هُون) أي هوان وذل (أم يدسه في التراب) أي يدفن المذكور الذي هو الأنثى حيا في التراب، وهو ما كانوا يفعلون بالبنات من الوأد. قال العلامة القرآني محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله تعالى: (وما ذكره جل وعلا في هذه الآية الكريمة من بغضهم للبنات مشهور معروف في أشعارهم، ولما خطبت إلى عقيل بن علفة المرى ابنته " الجرباء" قال:

وإني وإن سيق إلى المهرُ

ألف وعُبدان وذَوْدٌ (119) عَشْرُ

أحب أصهاري إلي القبرُ

ويروى لعبد الله بن طاهر قوله:

لِكُل أبي بِنْتٍ يُراعِى شئونَها

ثلاثةُ أصهارٍ إذا حُمِدَ الصِّهْرُ

فَبَعْلٌ يُراعِيها، وخِدْر يُكِنها

وقبر يُوارِيها، وخيرُهم القبرُ

(118) وانظر: " الجامع لأحكام القرآن" للقرطبي (16/ 70- 71) .

(119)

"في القرطبي": (وخُورٌ عشر) اهـ. (10/118) ، جمع خوارة- على غير قياس، وهو الناقة الغزيرة اللبن.

ص: 68

وقال بعض الشعراء في هذا المعنى نفسه:

جُعِلْتُ فِداكَ من النائبات

ومُتعْتَ ما عِشْتَ في الطيبات

سُرورانِ ما لَهُما ثالث

حياةُ البنين وموتُ البنات

وأصدقُ منْ ذَينِ قولُ الحكيـ

ـم دَفْنُ البناتِ مِنَ المَكْرُمات (120)

ومن مأثور قولهم لمن "رُزِئ" بأنثى - على حد تعبيرهم -:

(آمنكم الله عارها، وكفاكم مؤنتهَا، وصاهرتم (121) القبر) ، وهم يزعمون أن موجب رغبتهم في موتهن، وشدة كراهيتهم لولادتهن: الخوف من العار، وتزوج غير الأكفاء، وأن تهان بناتهم بعد موتهم، كما قال الشاعر في ابنة له تسمى " مودة":

"مودة تهوى عمر شيخ يسره

لها الموت قبل الليل لو أنها تدرى

يخاف عليها جفوة الناس بعده

ولا ختن يرجى أود من القبر (122) ]

وقال إسحاق بن خلف البهراني في نفس المعنى:

لولا أمَيْمةُ لم أجزع من العدمِ

ولم أجُب في الليالي جِنْدِس (123) الظلَمِ

وزادني رغبة في العيش معرفتي

ذُلَّ اليتيمةِ يجفوها ذوو الرَّحِم

تهوى بقائي وأهوى موتها شفقا

والموتُ أكرم نزَّالٍ على الحُرَم

أحاذر الفقر يومَا أن يُلِمَّ بها

فيكشف الستر عن لَحم على وَضَمِ (124)

إذا تذكرتُ بنتي حين تندبني

فاضت لرحمةِ بنتي عَبرتي بِدَمِ

(120)"مرآة النساء" ص (60) .

(121)

"تراجم سيدات بيت النبوة، ص (434) .

(122)

انظر: " أضواء البيان، للشنقيطي (3/261-262) .

(123)

شدة الظلام.

(124)

الوضم: الخوان يوضع عليه اللحم ليشوى، و "لحم على وضم" مثل يضرب لكل ذليل لا يعتصم من مكروه، وانظر:" القسم الثالث" ص (49) .

ص: 69

أخشى إضاعةَ عَم أو جفاءَ أخ

وكنت أحنو عليها من أذى الكَلِمِ

ما أنسَ لا أنسَ منها إذ تُوَدعُني

والدَّمعُ يَجْري على الخدين ذا سَجَم

لا تبرحن فإن مت فإن لنا

ربا تكفلَ بالأرزاقِ والقَسمِ (125)

ومن طرائف ما يُروى في ذلك:

أنه كان لأبي حمزة الأعرابي زوجتان، فولدت إحداهما ابنة، فعز عليه ذلك، واجتنبها، وصار في بيت ضَرتِها، فأحسَّت به يومًا في بيت صاحبتها، فجعلت تُرَقِّصُ ابنتها الصغيرة، وتقول:

ما لأبي حمزة لا يأتينا

يظل في البيت الذي يلينا

غضبان أن لا نَلِدَ البنينا

تالله ما ذلك في أيدينا

بل نحن كالأرض لزارعينا

يَلبثُ ما قد زرعوه فينا

وإنما نأخذ ما أعطينا

فعرف أبو حمزة قُبْحَ ما فعل، وراجع امرأته (126) .

موقف بعض سادات العرب من الوأد

ذلك وقد نهض من سادات العرب مَن حال دون الوأد بما بذل من مال جم، وسعي وفير، ومن بين هؤلاء صَعْصَعَةُ بن ناجية التميمي، فقد كان يتلمس مَن مسها المخاض، فيغدو إليها، ويستوهب الرجل حياة مولوده إن كانت بنتا على أن يبذل له في سبيل ذلك بعيرًا وناقتين عُشَرَاوِيَيْن (127) ، فجاء الإسلام وقد افتدى أربعمائة وليدة (128) .

(125)" صون المكرمات برعاية البنات" ص (27-28) .

(126)

"صون المكرمات برعاية البنات" ص (25) .

(127)

الناقة العشراء: التي أتى عليها من وقت حملها، عشرة أشهر.

(128)

"الأغاني"(99/3) .

ص: 70

ومنهم زيد بن عمرو بن نُفَيل القرشي، كان يضرب بين مضارب القوم فإذا بَصُرَ بِرَجُل يَهُمُّ بوأد ابنته قال له: لا تقتلها، أنا أكفيك مؤونتها، فيأخذها، ويلي أمرها حتى تشب عن الطوق، فيقول لأبيها: إن شئت دفعتها إليك، وإن شئت كفيتك مؤونتها (129) .

وصعصعة بن ناجية بن عقال هو جد الفرزدق بن غالب، قال السيوطي:(وأخرج الطبراني عن صعصعة بن ناجية المجاشعي- وهو جد الفرزدق- قال: قلت: يا رسول الله إني عملت أعمالا في الجاهلية، فهل لي فيها مِنْ أجر؟ قال: وما عملت؟ قال: أحييت ثلاثمائة وستين موءودة أشترى كل واحدة منهن بناقتين عشراويين وجمل، فهل لي في ذلك من أجر؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لك أجره إذا مَنَّ الله عليك بالإسلام)(130) .

وروى أبو عبيدة أن صعصعة هذا وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم في وفد بني تميم، قال: وكان صعصعة منع الوأد في الجاهلية، فلم يدع تميما تئد وهو يقدر على ذلك، فجاء الإسلام وقد فدى في بعض الروايات أربعمائة موءودة، وفي أخرى ثلاثمائة، فقال للنبي صلى الله عليه وسلم: (بأبي أنت وأمي أوصِني" فقال صلى الله عليه وسلم: "أوصيك بأمك وأبيك وأختك وأخيك وأدانيك أدانيك "، فقال: " زدني"، فقال صلى الله عليه وسلم: (احفظ ما بين لحييك ورجليك "، ثم قال صلى الله عليه وسلم:" ما من شيء بلغني عنك فعلتَهُ؟ " فقال " يا رسول الله! رَأيتُ الناس يموجون على غير وجه، ولم أدر أين الصواب، غير أني علمت أنهم ليسوا عليه، فرأيتهم يئدون بناتهم، فعرفت أن ربهم

(129) رواه البخاري تعليقا (7/110) في فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: باب حديث زيد ابن عمرو بن نفيل.

(130)

" الدر المنثور" للسيوطي (6/320) ، وعزاه الحافظ في "الإصابة"(3/ 430) إلى ابن أبي عاصم، وابن السكن، والطبراني، وقال الهيثمي:(وفيه الطفيل بن عمرو التميمي، قال البخاري: " لا يصح حديثه"، وقال العقيلي: " لا يتابع عليه") اهـ. (1/95) .

ص: 71

عز وجل لم يأمرهم بذلك، فلم أتركهم، ففديت ما قدرت عليه) (131) .

وقد افتخر الفرزدق بهذا في قوله:

ومنا الذي منع الوائداتِ

وأحيا الوئيد فلم يوأدِ

وفي قوله أيضا (132) :

أنا ابن عِقال وابن ليلى وغالب

وفكّاكُ أغلال الأسير المُكَفرِ (133)

وكان لنا شيخان ذو القبر (134) منهما

وشيْخ أجار الناس من كل مَقبرِ

على حِينِ لا تُحْيىَ البناتُ وإذ هُم

عُكُوف على الأصنام حول المُدَورِ

أنا ابن الذي رد المنيةَ فضلُه

وما حَسَب دافعتُ عنه بِمُعْوِرِ

أبي أحد الغيثين صعصعةُ الذي

متى تُخلِفُ الجوزاءُ والنجمُ يُمطِرِ

أجار بناتِ الوائدين ومن يُجرْ

على القبر، يعلم أنه غيرُ مُخْفِرِ

وفارق (135) ليل من نساءٍ أتت أَبي

تعالج ريحا ليلُها غيرُ مُقْمِر

فقالت: أجر لى ما ولدتُ فإنني

أتيتك من هَزْلَي الحمولةِ مُقْتِر

رأي الأرضَ منها راحة فرمى بها

إلى خُدَدٍ منها وفي شر مَخْفَر

فقال لها: نامى فأنتِ بذمتي

لبنتكِ جار من أبيها القَنَوَّر (136)

(131) انظر: " الإصابة"(3/430- 431) ، و"كشف الخفا"(1/58) رقم (144) .

(132)

من قصيدته التي مطلعها:

بني نهشل أبقوا عليكم ولم تروا

سوابقه حام للذمار مُشَهر

(الديوان 2/ 474)

(133)

المكفر: هو الذي كُفر، وكُبلَ بالحديد.

(134)

ذو القبر: غالب، كان يستجار بقبره والعياذ بالله، والذي أجار الناس من القبر، وأحيا الوئيدة: صعصعة.

(135)

فارق: يعني امرأة ماخضًا، شبهها بالفارق من الإبل، وهي الناقة التي يضربها المخاض فتفارق الإبل، وتمضى على وجهها حتى تضع.

(136)

القنور: السيء الخلق.

ص: 72

ويقال: (إنه اجتمع جرير والفرزدق يومًا عند سليمان بن عبد الملك، فافتخرا، فقال الفرزدق: أنا ابن محيي الموتى، فقال له سليمان: أنت ابن محيي الموتى؟ فقال: إن جدي أحيا الموءودة، وقد قال تعالى: (ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا)(137) وقد أحيا جدي اثنتين وتسعين موءودة، فتبسم سليمان، وقال:" إنك مع شعرك لَفَقِيه"، نقله المرتضي في " أماليه") (138) اهـ.

وبالجملة فكان الوأد عادة من أشنع العوائد في الجاهلية مما يدل على نهاية القسوة، وتمام الجفاء والغلظة.

(137) المائدة (32) .

(138)

"محاسن التأويل" للقاسمي (17/6074) .

ص: 73