الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[الفصل الأول]
المرأة عند الآخرين (57)
لا جرم أن الباحث في وضع المرأة قبل الإسلام لن يجد ما يسره، إذ يرى نفسه أمام إجماع عالمي على تجريد هذه المخلوقة من جميع الحقوق الإنسانية:
(1)
المرأة عند الإغريق:
كانت محتقرة مهينة، حتى سموها رجسًا من عمل الشيطان، وكانت عندهم كسَقَطِ المتاع، تباع وتشترى في الأسواق، مسلوبة الحقوق، محرومة من حق الميراث وحق التصرف في المال، ومما يذكر عن فيلسوفهم (سقراط) قوله:(إن وجود المرأة هو أكبر منشأ ومصدر للأزمة والانهيار في العالم، إن المرأة تشبه شجرة مسمومة حيث يكون ظاهرها جميلَا، ولكن عندما تأكل منها العصافير تموت حالًا) .
ويحدثنا التاريخ عن اليونان في إدبار دولتهم كيف فشت فيم الفواحش والفجور، وعُدَّ من الحرية أن تكون المرأة عاهرًا، وأن يكون لها عشاق، ونصبوا التماثيل للغواني والفاجرات، وقد أفرغوا على الفاحشة ألوان القداسة بإدخالها المعابد حيث اتخذ البغاء صفة التقرب إلى آلهتهم، ومن ذلك أنهم
(57) مستفاد من "المرأة بين الفقه والقانون" للدكتور السباعي رحمه الله (13 -22) ، "ماذا عن المرأة؟ " للدكتور نور الدين عتر (13-16) ، "المرأة المسلمة، لوهبي غاوجي (25-27) ، "المرأة ومكانتها، للحصين (11-17) و"المرأة العربية" لعبد الله عفيفي، و (الحجاب) للمودودي (12-25) وغيرها.
اتخذوا إلها أسموه (كيوبيد) أي (ابن الحب) ، واعتقدوا أن هذا الإله المزعوم ثمرة خيانة إحدى آلهتهم (58)(أفروديت) زوجها مع رجل من البشر.
وتحكى بعض المصادر أنه كان للمرأة الإسبرطية الحق في أن تتزوج بأكثر من رجل واحد.
(2)
المرأة عند الرومان:
كان شعارهم فيما يتعلق بالمرأة: " إن قيدها لا ينزع، ونيرها لا يخُلع "(59) ، وكان الأب غير ملزم بقبول ضم ولده منه إلى أسرته ذكرًا كان أم أنثى، بل كان يوضع الطفل بعد ولادته عند قدميه، فإذا رفعه وأخذه بين يديه كان ذلك دليلًا على أنه قبل ضمه إلى أسرته، وإلا فإنه يعني رفضه لذلك، وحينئذ يؤخذ الوليد إلى الساحات العامة، أو باحات هياكل العبادة فيطرح هناك، فمن شاء أخذه إذا كان ذكرًا، وإلا فإن الوليد يموت جوعا وعطشًا وتأثرا من حرارة الشمس أو برودة الشتاء، وكان لرب الأسرة أن يدخل في أسرته من الأجانب من يشاء، ويخرج منها من أبنائه من يشاء عن طريق البيع، ثم قيد قانون الاثني عشر لوحًا حق البيع بثلاث مرات، فإذا باع الأب ابنه ثلاث مرات متوالية كان له الحق في التحرر من سلطة رئيس الأسرة، أما البنت فكانت تظل خاضعة له ما دام حيًّا، وكانت قوانين الاثني عشر لوحًا تعد الأنوثة من أسباب حرمان الأهلية، ومن عجيب ما ذكرته بعض المصادر- وهو مما لا يكاد يصدق- أن (مما لاقته المرأة في العصور الرومانية تحت شعارهم المعروف "ليس للمرأة روح " تعذيبها بسكب الزيت الحار على بدنها، وربطها بالأعمدة، بل كانوا يربطون البريئات بذيول الخيول، ويسرعون بها إلى أقصى سرعة حتى تموت)(60) .
(58) كان يبلغ عدد الآلهة التي عبدوها من دون الله "ألف إله"!
(59)
"المرأة في القرآن" للعقاد ص (54) .
(60)
"المرأة في الإسلام" لسكينة زيتون (ص 11) .
(3)
المرأة عند الصينيين القدماء:
شبهت المرأة عندهم بالمياه المؤلمة التي تغسل السعادة والمال، وللصيني الحق في أن يبيع زوجته كالجارية، وإذا ترملت المرأة الصينية أصبح لأهل الزوج الحق فيها كثروة، وتورث، وللصيني الحق في أن يدفن زوجته حية!
(4)
المرأة في قانون حمورابي:
كانت المرأة تحسب في عداد الماشية المملوكة، ومن قتل بنتًا لرجل كان عليه أن يسلم بنته ليقتلها أو يتملكها.
(5)
المرأة عند الهنود:
في شرائع الهندوس أنه: " ليس الصبر المقدر، والريح، والموت، والجحيم، والسم، والأفاعي، والنار، أسوأ من المرأة) .
ويقول الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله: (ولم يكن للمرأة في شريعة "مانو" حق في الاستقلال عن أبيها أو زوجها أو ولدها، فإذا مات هؤلاء جميعا وجب أن تنتمي إلى رجل من أقارب زوجها، وهى قاصرة طيلة حياتها، ولم يكن لها حق في الحياة بعد وفاة زوجها بل يجب أن تموت يوم موت زوجها، وأن تحرق معه وهي حية على موقد واحد، واستمرت هذه العادة حتى القرن السابع عشر حيث أبطلت على كرهٍ من رجال الدين الهنود، وكانت تقدم قربانا للآلهة لترضى، أو تأمر بالمطر أو الرزق، وفي بعض مناطق الهند القديمة شجرة يجب أن يقدم لها أهل المنطقة فتاة تأكلها كل سنة "؟! ")(61) .
(61)"المرأة بين الفقه والقانون"(ص 18) .
ويذكر " جوستاف لوبون " أن المرأة في الهند (تعد بعلها ممثلًا للآلهة في الأرض، وتُعَدُ المرأة العَزَبُ (62) ، والمرأة الأيم (63) على الخصوص من المنبوذين من المجتمع الهندوسي، والمنبوذ عندهم في رتبة الحيوانات، ومن الأيامى الفتاة التي تفقد زوجها في أوائل عمرها، فموت الرجل الهندوسي قاصم لظهر زوجته فلا قيام لها بعده، فالمرأة الهندوسية إذا آمت- أي فقدت زوجها- ظلت في الحداد بقية حياتها، وعادت لا تعاملٍ كإنسان، وعُدَّ نظرها مصدرًا لكل شؤم على ما تنظر إليه، وعدت مُدَنسَة لكل شيء تمسه، وأفضل شيء لها أن تقذف نفسها في النار التي يحرق بها جثمان زوجها، وإلا لقيت الهوان الذي يفوق عذاب النار) (64) .
(6) المرأة عند الفرس:
"أبيح الزواج بالأمهات والأخوات والعمات والخالات وبنات الأخ وبنات الأخت، وكانت تنفي الأنثى في فترة الطمث إلى مكان بعيد خارح المدينة، ولا يجوز لأحد مخالطتها إلا الخدام الذين يقدمون لها الطعام، وفضلا عن هذا كله فقد كانت المرأة الفارسية تحت سلطة الرجل المطلقة، يحق له أن يحكم عليها بالموت، أو ينعم عليها بالحياة"(65) .
(7)
المرأة عند اليهود:
كانت بعض طوائف اليهود تعتبر البنت في مرتبة الخادم، وكان لأبيها
_________
(62)
العزب يطلق على الذكر والأنثى.
(63)
الأيم من الرجال من فقد زوجته، ومن النساء من فقدت زوجها. (64)"حضارات الهند " لغوستاف لوبون (ص 644-646) وما دفع هذا الحيف عن المرأة الهندية التي يموت زوجها، إلا بحكم الإسلام فيهم الذي كاد يحكم عموم الهند، خاصة في أيام الملك الصالح أورنك زيب رحمه الله، حتى احتل الإنكليز الهند، وفعلوا ما فعلوا خاصة بالمسلمين من أهلها.
(65)
"حقوق المرأة في الإسلام" لمحمد رشيد رضا (ص 27-28) .
الحق في أن يبيعها قاصرة، وما كانت ترث إلا إذا لم يكن لأبيها ذرية من البنين وإلا ما كان يتبرع لها به أبوها في حياته، وحين تحرم البنت من الميراث لوجود أخ لها ذكر يثبت لها على أخيها النفقة والمهر عند الزواج، وإذا كان الأب قد ترك عقاراً فيعطيها من العقار، أما إذا ترك مالًا منقولًا فلا شيء لها من النفقة والمهر ولو ترك القناطير المقنطرة.
وإذا آل الميراث إلى البنت لعدم وجود أخ لها لم يجز لها أن تتزوج من سبط آخر، ولا يحق لها أن تنقل ميراثها إلى غير سبطها، واليهود يعتبرون المرأة لعنة لأنها أغوت آدم، وعندما يصيبها الحيض لا يجالسونها ولا يؤاكلونها (66) ولا تلمس وعاء حتى لا يتنجس، وكان بعضهم ينصب للحائض خيمة، ويضع أمامها خبزًا وماء، ويجعلها في هذه الخيمة حتى تطهر.
(8)
المرأة عند الأمم النصرانية:
هال رجال النصرانية الأوائل ما رأوا في المجتمع الروماني من انتشار الفواحش والمنكرات وما آل إليه المجتمع من انحلال أخلاقي شنيع، فاعتبروا المرأة مسئولة عن هذا كله، لأنها كانت تخرج إلى المجتمعات، وتتمتع بما
(66) وقد قال أنس بن مالك رضي الله عنه: " إِن اليهود كانوا إذا حاضت المرأة فيهم لم يؤاكلوها، ولم يجامعوهن في البيوت، فسأل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم النبي صلى الله عليه وسلم؟ فأنزل الله عز وجل: (ويسألونك عن المحيض قل هو أذًى فاعتزلوا النساء في المحيض ولا تقربوهن حتى يطهرن فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين) (البقرة: 222) ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " اصنعوا كُل شيء إلا النكاحَ "، فبلغ ذلك اليهود، فقالوا: " ما يريد هذا الرجل أن يَدَعَ من أمرنا شيئا إلا خالفَنا فيه") الحديث رواه مسلم رقم (302) في الحيض: باب جواز غسل الحائض رأس زوجها، وأبو داود رقم (2165) في النكاح: باب في إتيان الحائض ومباشرتها، والترمذي رقم (2981) في التفسير، والنسائي (1/152) في الطهارة.
تشاء من اللهو، وتختلط بمن تشاء من الرجال كما تشاء، فقرروا أن الزواج دنس يجب الابتعاد عنه وأن العزب أكرم عند الله من المتزوج، وأعلنوا أنها باب الشيطان، وأن العلاقة بالمرأة رجس في ذاتها، وأن السمو لا يتحقق إلا بالبعد عن الزواج، قال (ترتوليانا الملقب بالقديس (67) :(إنها مدخل الشيطان إلى نفس الإنسان، ناقضة لنواميس الله، مشوهة للرجل) .
وقال: " سوستام" الملقب بالقديس: (إنها شر لابد منه، وآفة مرغوب فيها، وخطر على الأسرة والبيت، ومحبوبة فتاكة، ومصيبة مطلية مموهة) .
وفي القرن الخامس اجتمع بعض اللاهوتيين ليبحثوا ويتساءلوا في "مجمع ماكون": (هل المرأة جثمان بحت أم هي جسد ذو روح يناط به الخلاص والهلاك؟) وغلب على آرائهم أنها خِلْو من الروح الناجيهّ، وليس هناك استثناء بين جميع بنات حواء من هذه الوصمة إلا مريم (68) عليها السلام أم المسيح " عليه وعلى نبينا الصلاة والسلام ".
وعقد الفرنسيون في عام 586 م- أي في زمان شباب رسول الله صلى الله عليه وسلم مؤتمرًا للبحث: هل تعد المرأة إنسانا أم غير إنسان؟ وهل لها روح أم ليس لها روح؟ وإذا كانت لها روح فهل هي روح حيوانية أم روح إنسانية؟ وإذا كانت روحًا إنسانية فهل هي على مستوى روح الرجل أم أدنى منها؟ وأخيرًا: قرروا أنها إنسان، ولكنها خُلقت لخدمة الرجل فحسب.
(67) راجع " القسم الأول " هامش ص (234) طبعة القاهرة أو طبعة " طيبة" ص (274) .
(68)
"المرأة في القرآن" ص (54) .
فالدين النصراني المحرف الذي ينتمي إليه العالم الغربي اليوم يرى أن المرأة ينبوع المعاصي، وأصل السيئة والفجور، ويرى أن المرأة للرجل باب من أبواب جهنم من حيث هي مصدر تَحَرُّكه وحمله على الآثام، ومنها انبجست عيون المصائب على الإنسانية جمعاء، يقول الدكتور " سفر الحوالي" حفظه الله:
[ولما كانت المرأة- حسب رواية سفر التكوين- هي التي أغرت الرجل بالأكل من الشجرة، فإن النصرانية المحرفة ناصبت المرأة العداء، باعتبارها أصل الشر، ومنبع الخطيئة في العالم، لذلك فإن عملية الخلاص من الخطيئة لا تتم إلا بإنكار الذات، وقتل كل الميول الفطرية، والرغبات الطبيعية، والاحتقار البالغ للجسد وشهواته " اهـ (69) .
ومن أساسيات النصرانية المحرفة التنفير من المرأة وإن كانت زوجة، واحتقار وترذيل الصلة الزوجية وإن كانت حلالًا، حتى بالنسبة لغير الرهبان، يقول أحد رجاك الكنيسة:" بونا فنتور" الملقب بالقديس: (إذا رأيتم امرأة، فلا تحسبوا أنكم ترون كائنًا بشريا، بل ولا كائنًا وحشيًّا، وإنما الذي ترون هو الشيطان بذاته، والذي تسمعون به هو صفير الثعبان)(70) اهـ.
(إن القس يجب أن يكرس حياته لله وبني الإنسان، وإن مستواه الأخلاقي يجب أن يعلو على مستوى أخلاق الشعب، وأن يضفي على مستواه هذه المكانة التي لابد منها لاكتساب ثقة الناس، وإجلالهم إياه (71)) اهـ.
ويقول صاحب كتاب " المشكلة الأخلاقية والفلاسفة" معلقًا على هذه التعاليم الكنسية التي تدعو إلى أن نقتل فينا كل ميل دنيوي:
(69)"العلمانية: نشأتها، وتطورها، وآثارها في الحياة الإسلامية المعاصرة" ص (86) .
(70)
"السابق" نقلا من: "أشعة خاصة بنور الإسلام" ص (29) .
(71)
"السابق" نقلًا من: "قصة الحضارة"(14/382) .
"عظمة وعلاء، ولكنه قضاء قاس على الإنسانية، وإن التطبيق الكامل لمثل تلك المبادئ ليمكن أن يملأ الأرض بأديرة فيها الرجال من جهة، والنساء من جهة أخرى، ينتظرون في طهارة وتأمل الزوال النهالى للنوع الإنساني] (72) اهـ.
(وأصدر البرلمان الإنكليزى قرارا في عصر هنري الثامن ملك انكلترا، يحظر على المرأة أن تقرأ كتاب (العهد الجديد) أي الإنجيل، لأنها تعتبر نجسة) .
وتذكر بعض المصادر أنه قد شكل مجلس اجتماعي في بريطانيا خصيصًا لتعذيب النساء، وذلك سنة 1500 م، وكان من ضمن مواده تعذيب النساء، - وهن أحياء بالنار (!) .
ونص القانون المدني الفرنسي (بعد الثورة الفرنسية) على أن القاصرين هم الصبي والمجنون والمرأة، حتى عدل عام 1938، ولا تزال فيه بعض القيود على تصرفات المرأة المتزوجة.
وظلت النساء طبقا للقانون الإنكليزي العام- حتى منتصف القرن الماضي تقريبا- غير معدودات من "الأشخاص" أو " المواطنين"(73) الذين اصطلح القانون على تسميتهم بهذا الاسم، لذلك لم يكن لهن حقوق شخصية، ولا حق في الأموال التي يكتسبنها، ولا حق في ملكية شيء حتى الملابس التي كن يلبسنها.
بل إن القانون الإنكليزى حتى عام 1805م كان يبيح للرجل أن يبيع زوجته، وقد حدد ثمن الزوجة بستة بنسات (نصف شلن) ، وقد حدث أن باع إنكليزى زوجته عام 1931م بخمسمائة جنيه، وقال محاميه
(72) "السابق، ص (91) .
(73)
وفي عام 1567، صدر قرار من البرلمان الاسكوتلاندي بأن المرأة لا يجوز أن تمنح أية سلطة على أي شيء من الأشياء.
في الدفاع عنه: " إن القانون الإنكليزي عام 1801م يحدد ثمن الزوجة بستة بنسات بشرط أن يتم البيع بموافقة الزوجة"، فأجابت المحكمة بأن هذا القانون قد ألغى عام 1855م بقانون يمنع بيع الزوجات أو التنازل عنهن، وبعد المداولة حكمت المحكمة على بائع زوجته بالسجن عشرة أشهر.
وجاء في مجلة "حضارة الإسلام" السنة الثانية (ص 1078) :
(حدث في العام الماضي أن باع إيطالي زوجته لآخر على أقساط، فلما امتنع المشتري عن سداد الأقساط الأخيرة قتله الزوج البائع) اهـ.
وقال الأستاذ "محمد رشيد رضا" رحمه الله: "من الغرائب التي نقلت عن بعض صحف إنكلترا في هذه الأيام (74) أنه لا يزال يوجد في بلاد الأرياف الإنكليزية رجال يبيعون نساءهم بثمن بخس جدا كثلاثين شلنا، وقد ذكرت- أي الصحف الإنكليزية- أسماء بعضهم"(57) اهـ.
أما وضع المرأة اليوم في ديار الكفار، فَحَدث ولا حرج عن الإذلال، والمهانة، والمجون، والخلاعة، والابتذال، والاستغلال، في أقسى صورها، وأبشع مظاهرها، التي لا يسيغها إلا ممسوخ الفطرة، منتكس السريرة، خبيث الطوية، وحسبك أن تنتقي أمة تتربع على قمة العالم الغربي الكافر كأمريكا، وترصد ما وصلت إليه المرأة من انحطاط أخلاقي، وانهيار اجتماعي، وتفكك أسري، يقول الدكتور "مصطفى السباعي " رحمه الله في وصف شيء من أحوال المرأة في الغرب:
(وأما المرأة فقد دفع بها الوضع الاجتماعي الذي لا يرحم إلى أن
(74) وتاريخ طبع الكتاب 12 ربيع الأول سنة 1351 هـ، أي أن آثار الماضي كانت لا تزال باقية في إنكلترا إلى ما قبل حوالي ستين سنة فقط!
(75)
حقوق النساء في الإسلام" الشيخ محمد رشيد رضا رحمه الله.
أصبحت تطرد من المنزل بعد سن الثامنة عشرة لكى تبدأ في الكدح لنيل لقمة العيش، وإذا ما رغبت- أو أجبرتها الظروف- في البقاء في المنزل مع أسرتها بعد هذه السن، فإنها تدفع لوالديها إِيجار غرفتها، وثمن طعامها، وغسيل ملابسها، بل تدفع رسمًا معينا مقابل اتصالاتها الهاتفية) (76) اهـ.
وحَدث- ولا حرج- عن ندرة الزواج، وشيوع البغاء، وتفشي الزنا واللواط، وكثرة اللقطاء، وارتفاع نسبة الطلاقَ، وتغلغل الأمراض التناسلية الفتاكة، وانتشار نكاح المحارم بصورة مفزعة، بل لقد وصلت المرأة إلى دركة من المهانة والانحلال لا يتخيلها عاقل:
يقول الدكتور " نور الدين عتر": " حدثني صديق أنهى تخصصه العالي في أمريكا حديثا أن في الأمريكيين أقوامًا يتبادلون زوجاتهم لمدة معلومة، ثم يسترجع كل واحد زوجته المعارة، تماما كما يعير القروي دابته، أو الحضري في بلادنا شيئا من متاع بيته "(77) اهـ.
فهذه لمحة خاطفة عن حال المرأة في عصر الحضارة المسماة حضارة القرن العشرين، وما هي بحضارة، وإنما هي قذارة وفجارة، عصرِ المساواة، وما هي بمساواة المرأة بالرجل، وإنما هي مساواة الإنسان بأخيه الحيوان:
إيهِ عصرَ العشرين ظنوك عصرًا
…
نيِّرَ الوجه مُسْعِدَ الإنسان
لست (نورًا) بل أنت (نار) وظلم
…
مذ جعلت الإنسان كالحيوانِ
(76)"المرأة بين الفقه والقانون" ص (300) .
(77)
" ماذا عن المرأة؟ " ص (15-16) .