الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تنبيهات
الأول: قوله صلى الله عليه وسلم: " فبات غضبان عليها لعنتها الملائكة حتى تصبح " قال الإمام ابن أبي جمرة رحمه الله: (ظاهره اختصاص اللعن بما إذا وقع منها ذلك ليلًا لقوله: " حتى تصبح "، وكأن السر تأكد ذلك الشأن في الليل، وقوة الباعث عليه، ولا يلزم من ذلك أنه يجوز لها الامتناع في النهار، وإنما خص الليل بالذكر لأنه المظنة لذلك)(631) اهـ، وإطلاقات حديث ابن أبي أوفى وأبي هريرة رضي الله عنهما تتناول الليل والنهار، وكذا قوله صلى الله عليه وسلم:" ثلاثة لا تقبل لهم صلاة، ولا تصعد لهم إلى السماء حسنة: العبد الآبق حتى يرجع، والسكران حتى يصحو، والمرأة الساخط عليها زوجها حتى ترضى "(632) .
الثاني: قوله: " فبات غضبان عليها " به يتجه وقوع اللعن، لأنها حينئذ يتحقق ثبوت معصيتها، بخلاف ما إذا لم يغضب من ذلك فإنه يكون: إما لأنه عذرها، وإما لأنه ترك حقه من ذلك، واعلم أنه لا يتجه عليها اللوم إلا إذا بدأت هي بالهجر، فغضب هو لذلك، أو هجرها وهى ظالمة، فلم تستنصل من ذنبها، وهجرته، أما لو بدأ هو بهجرها ظالما لها فلا (633) .
الثالث: في هذه الأحاديث (الإرشاد إلى مساعدة الزوج وطلب
(631)" فتح الباري"(9/294) .
(632)
عزاه الحافظ في " الفتح "(9/294) إلى ابن خزيمة، وابن حبان، وانظر " موارد الظمآن" ص (315 - 316) .
(633)
" فتح الباري"(9/294) .
مرضاته، وأن صبر الرجل على ترك الجماع أضعف من صبر المرأة، وأن أقوى التشويشات على الرجل داعية النكاح، ولذلك حَض الشارع النساء على مساعدة الرجال في ذلك، أو السبب فيه الحض على التناسل، وفيه إشارة إلى ملازمة طاعة الله والصبر على عبادته، جزاء على مراعاته لعبده، حيث لم يترك شيئًا من حقوقه إلا جعل له من يقوم به، حتى جعل ملائكته تلعن من أغضب عبده بمنع شهوة من شهواته، فعلى العبد أن يوفي حقوق ربه التي طلبها منه، وإلا فما أقبح الجفاء من الفقير المحتاج إلى الغني الكثير الإحسان) (634) اهـ.
الرابع: لا يجوز للمرأة أن تطيع زوجها فيما لا يحل له، بل يجب عليها مخالفته حينئذ، وذلك مثل أن يطلب منها الوطء في زمان الحيض (635) والنفاس (636) ، أو في غير محل الحرث (637) ، أو وهي صائمة صيام فريضة
(634)" السابق "(9/295) .
(635)
لكن ليس الحيض عذرا لها في أن لا تجيبه مطلقًا، قال النووي رحمه الله:(يحرم امتناعها من فراشه لغير عذر شرعي، ولى الحيض بعذر في الامتناع، لأن له حقا في الاستمتاع بها فوق الإزار) اهـ. بنحوه من " شرحه لصحيح مسلم "(10/7-8) .
(636)
ثبت تحريم إتيان المرأة في النفاس بالإجماع، وقد قاس الفقهاء النفاس على الحيض لاشتراكهما في العلة والسبب.
(637)
وذلك لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا ينظر الله إلى رجل يأتي امرأته في دبرها " أخرجه الترمذي وحسنه (1/218) ، وابن حبان (1302)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" من أتى حائضا، أو امرأة في دبرها، أو كاهنًا فصدقه بما يقول؛ فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم " أخرجه أبو داود رقم (3904) ، والترمذي رقم (135) ، وابن ماجه رقم (639) ، والدارمي (1/259) ، والإمام أحمد (2/408، 476) واللفظ له، وصححه الألباني في " آداب الزفاف" ص (106)، وعن طاوس قال:(سئل ابن عباس عن الذي يأتي امرأته في دبرها؟ فقال: " هذا يسألني عن الكفر؟ ") =
كرمضان، وذلك لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا طاعة لبشر في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف) (638) .
كذلك يحرم على الرجل أن يتعمد هجر زوجته، فهو مأمور بأداء حقها بقدر حاجتها وقدرته:
فإن الشريعة السمحة لم تقتصر على مطالبة المرأة بأن تستجيب لزوجها، بل طالبت الرجل أيضا أن يؤدي إليها حقها، ويعفها، ويغنيها، وذلك لقوله تعالى:(ولن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء ولو حرصتم فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة)(النساء: 129)، قال الإمام أبو بكر الجصاص رحمه الله:(ويدل عليه أن عليه وطأها لقوله تعالى: (فتذروها كالمعلقة) يعني: لا فارغة فتتزوج، ولا ذات زوج إذا لم يوفها حقها من الوطء) (639) اهـ. ويدل عليه أيضًا مفهوم قوله عز وجل:(واهجروهن في المضاجع)(النساء: 34)، وقوله صلى الله عليه وسلم:" لا يهْجَر إلا في المضجع "(640) .
وكما قرر النبي صلى الله عليه وسلم أنه ليس للمرأة أن تشتغل بالعبادات غير الفريضة إذا كانت تفوت حق زوجها، كذلك قرر صلى الله عليه وسلم أنه لا يجوز للرجل أن يشتغل بالعبادات النوافل حتى يغفل أو يعجز عن أداء حق زوجته:
فعن عبد الله بن عمرٍو رضي الله عنهما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
= وصححه أيضا الألباني في المرجع السابق.
(638)
أخرجه البخاري (13/203) ، ومسلم (6/15) ، وأبو داود (2625) ، والنسائي (2/187) ، وأحمد (1/94) عن علي رضي الله عنه.
(639)
" أحكام القرآن "(1/274) .
(640)
رواه من حديث معاوية بن حيدة رضي الله عنه الإمام أحمد (4/447) ، (5/5، 3) ، وأبو داود رقم (2142) ، وابن ماجه (1850) ، وصححه الألباني في " الإرواء"(7/98) .
" يا عبدَ الله ألم أخْبَرْ أنك تصوم النهار، وتقوم الليل؟ "، قلت:" بلى يا رسول الله "، قال:" فلا تفعل، صُمْ وأفطِر، ونم وقم، فإن لجسدك عليك حقا، وإن لعينيك عليك حقا، وإن لزوجك عليك حقا، وإن لِزَوْرِك (641) عليك حقًا، وإن بحَسْبِك أن تصوم من كل شهر ثلاثة أيام، فإن لك بكل حسنة عَشر أمثالِها، فإذا (642) ذلك صيامُ الدهر "(643) الحديث، وفي رواية للبخاري قال:" أنكحني أو امرأة ذاتَ حسب، وكان يتعاهد كَنتهُ (644) ، فيسألها عن بعلها (645) ، فتقول له: " نعم الرجل من رجل لم يَطَأ لنا فراشًا، ولم يفتش لنا كَنَفا (646) مُذ أتيناه "، فلما طال ذلك عليه، ذكَر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "ألقِني به"، فلقِيتُه بَعْدُ، فقال: " كيف تصوم؟ "، قلت: " كل يوم "، قال: " وكيف تختم؟ "، قلت: " كل ليلة ") الحديث بنحوه.
وفي رواية النسائي، قال:(زوَّجني أبي امرأة، فجاء يزورنا، فقال: " كيف ترين بعلك؟ "، قالت: " نعم الرجل، لا ينام الليلَ، ولا يفطر النهار "، فوقع بي (647)، وقال: " زَوجتُك امرأة من المسلمين،
(641) الزور: الزائرون، يقال: رجل زائر، وقوم زور، وزوار.
(642)
" فإذًا ذلك " روى " إذا " بالتنوين، وبلفظ، " إذا " التي للمفاجأة.
(643)
رواه البخاري (5/123) في الصوم: باب صوم الدهر، وأبواب حق الضيف، والجسم، والأهل في الصوم، وفي التهجد، والأنبياء، وفضائل القرآن، والنكاح: باب لزوجك عليك حق، والأدب، وأخرجه مسلم رقم (1159) في الصيام: باب إلى عن صوم الدهر.
(644)
الكَنة: امرأة الابن أو الأخ.
(645)
بعل المرأة: زوجها.
(646)
الكَنَف: الجانب، أرادت: أنه لم يقربها، ولم يستعلم لها حالا خَفِيَتْ عنه. (647) وقع بي فلان: إذا لامك، وَعَنَفَكَ، وأما وقعتَ فيه، فهو من الوقيعة، وهي الغِيبة.
فَعَضَلْتَها؟! " (648) ، قال: فجعلت لا ألتفت إلى قوله مما عندي من القوة والاجتهاد، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " لكني أنا أقوم وأنام، وأصوم وأفطر، فقم ونم، وصم وأفطر " (649) الحديث.
وفي حديث الرهط الثلاثة أن أحدهم قال: " أما أنا فأصلي الليل أبدا "، وقال الآخر:" وأنا أصوم الدهر أبدًا، ولا أفطِر "، وقال الآخر:" وأنا أعتزل النساء، فلا أتزوج أبدًا "، فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم فقال:" أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوَّجُ النساء، فمن رغب عن سنتي (650) ، فليس مني "(651) .
وعن عائشة رضي الله عنها قالت: (دخلت على خويلة بنت حكيم بن أمية بن حارثة بن الأوقص السلمية، وكانت عند عثمان بن مظعون، قالت: فرأى رسول الله أي بذاذة هيئتها، فقال لي:" يا عائشة ما أبذ هيئة خويلة! "، قالت: فقلت: " يا رسول الله امرأة لها زوج يصوم النهار، ويقوم الليل، فهي كمن لا زوج لها، فتركت نفسها، وأضاعتها "، قالت: فبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم لا إلى عثمان بن مظعون، فجاءه، فقال:" يا عثمان أرغبة عن سنتي؟ ! " قال: فقال: " لا والله يا رسول الله، ولكن سُنَتكَ أطلبُ "، قال: " فإني أنام، وأصلي، وأصوم،
(648) العَضل: المنع، والمراد: أنك لم تعاملها معاملة الأزواج لنسائهم، ولا تركتها بنفسها لتتزوج، وتتصرف في نفسها كما تريد.
(649)
هذه رواية النسائي للحديث، في كتاب الصيام: باب صوم يوم وإفطار يوم (4/209 - 215) .
(650)
انظر تخريجه في " القسم الثالث" ص (61) .
(651)
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: (المراد بالسنة الطريقة، التي لا تقابل الفرض) اهـ من " الفتح "(9/105)، وانظر:" نيل الأوطار"(6/117) .
وأفطر، وأنكح النساء، فاتق الله يا عثمان، فإن لأهلك عليك حقا، وإن لضيفك عليك حقًا، وإن لنفسك عليك حقا، فصم وأفطر، وصل ونم " (652) .
وروى الشَّعبِيُّ أن كعب بن سُوْر كان جالسًا عند عمر بن الخطاب رضي الله عنه، فجاءت امرأة فقالت:" يا أمير المؤمنين ما رأيت رجلًا قط أفضل من زوجي، والله إنه ليبيت ليله قائمًا، ويظل نهاره صائمًا"، فاستغفر لها، وأثنى عليها، واستحيت المرأة، وقامت راجعة، فقال كعب:" يا أمير المؤمنين هلا أعديت المرأة على زوجها فلقد أبلغت إليك في الشكوى "، فقال لكعب:" اقض بينهما، فإنك فهمت من أمرها ما لم أفهم "، قال:(فإني أرى كأنها امرأة عليها ثلاث نسوة (653) هي
(652) أخرجه الإمام أحمد، والسياق له (6/268)، وأبو داود رقم (1369) في أبواب قيام الليل: باب ما يؤمر به من القصد بالصلاة، وفيه عنعنة ابن إسحق، لكن يشهد له أحاديث صحاح، فها حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه، وزاد في آخره:(قال: فأتتهم المرأة بعد ذلك كأنها عروس، فقيل لها: " مه؟ "، قالت: " أصابنا ما أصاب الناس" أخرجه ابن حبان (1287- موارد) ، وقد روى البخاري (4/170- 171) ، والترمذي (3/290) ، والبيهقي (4/276) ، وغيرهما نحو هذا من قصة أو الدرداء وسلمان عن أبي جحيفة رضي الله عنه، وفيها قوله صلى الله عليه وسلم لأبي الدرداء: " يا أبا الدرداء إن لجسدك عليك حقا، ولربك عليك حقا، ولضيفك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، صم، وأفطر، وصل، وأتِ أهلك، وأعط كل ذي حق حقه) الحديث.
(653)
فتأمل كيف رأى ذلك القاضي المسلم أنه لا فرق بين التشدد في العبادة الذي يضر بالزوجة، وبين الضرائر، فأوجب لها حقا، ولو لم يكن لها فيه حق لم يقض فقهاء المسلمين بفسخ النكاح لتعذره، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فإن للمرأة على الرجل حقا في ماله، وهو الصداق، والنفقة بالمعروف، وحقا في بدنه، وهو العشرة والمتعة، بحيث لو آلى منها استحقت الفرقة بإجماع المسلمين، وكذلك لو كان مجبوبا أو عِنينًا لا يمكنه جماعُها فلها الفرقة، ووطؤها واجب، عليه أكثر =
رابعتهن، فأقضي بثلاثة أيام ولياليهن يتعبد فيهن، ولها يوم وليلة "، فقال عمر: (والله ما رأيك الأول بأعجب من الآخر، اذهب فأنت قاض على البصرة، نعم القاضي أنت "(654) .
(وسئل أحمد: " يؤجر الرجل أن يأتي أهله، وليس له شهوة؟ " فقال: أي والله، يحتسب الولد، وإن لم يرد الولد يقول: " هذه امرأة شابة "، لم لا يؤجر؟!)(655) اهـ.
وهذه الشريعة الحنيفية تقرر أن الزوج لو آلى (أي حلف) ألا يقرب زوجته، يلزمه أن يحنث في يمينه، قال تعالى:(للذين يؤلون من نسائهم تربص أربعة أشهر فإن فاءوا فإن الله غفور رحيم، وإن عزموا الطلاق فإن الله سميع عليم) البقرة (226) ، فقد نص على أن الذين يؤلون - أي يحلفون - على ألا يقربوا زوجاتهم يُمهلون أربعة أشهر، فإن عاد أحدهم إلى الإنصاف وأداء الحق فيها، وعليه كفارة يمين، وإلا كان إصراره إضرارًا موجبا للفراق، قال صلى الله عليه وسلم:" لا ضرر، ولا ضرار "(656) .
= العلماء، وقد قيل:" إنه لا يجب اكتفاء بالباعث الطبيعي"، والصواب: أنه واجب كما دل عليه الكتاب، والسنة، والأصول) اهـ. من " السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية، ص (162 - 163) .
(654)
أخرجه عبد الرزاق في " مصنفه "(7/12587) ، وأورده الحافظ في " الإصابة "(5/646) في ترجمة كعب بن سور، وصححه الألباني في" الإرواء "(7/80) ، وانظرا تفسير القرطبي (5/19) ، (3/124) ، (المغني، (7/30) ، " مجموع الفتاوى، (34/85) .
(655)
المغني، (7/31) .
(656)
رواه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما الإمام أحمد (1/313) ، وابن ماجه (2/57)، وفيه جابر الجعفي قال ابن رجب:(ضعفه الأكثرون " اهـ. من " جامع العلوم والحكم " ص (286) ، وللحديث - على ضعفه- طرق كثيرة أشار إليها النووي رحمه الله في " أربعينه"، ثم قال:" يقوى بعضها بعضًا "، وقال =
وقال صلى الله عليه وسلم: " من ضارَّ ضاره الله، ومن شاقَّ شق الله عليه "(657) .
ويروى أن (عمر رضي الله عنه كان يطوف في المدينة، فسمع امرأة وهي مغلقة عليها بابها، تقول:
تطاول هذا الليلُ تسرِى كواكبه
…
وأرَّقني أن لا ضجيعَ ألاعبُهْ
ألاعبه طورًا وطورًا كأنما
…
بدا قمرًا في ظلمةِ الليل حاجبُه
يسر به من كان يلهو بقربه
…
لطيف الحشى لا يحتويه أقاربه
فو الله لولا الله لا شيء غيره
…
لَنُقِّضَ من هذا السرير جوانبه
ولكنني أخشى رقيبا موكلًا
…
بأنفسنا لا يَفْتُرُ الدهرَ كاتبُه
ثم تنفست الصعداء، وقالت:" لهان على عمر بن الخطاب وحشتي، وغيبة زوجي عني"، وعمر واقف يسمع قولها، فقال لها عمر:" يرحمك الله"، ثم وجه إليها بكسوة ونفقة، وكتب لها أن يقدم عليها زوجها) (658) .
وقيل: إن عمر رضي الله عنه أوَّه، ثم خرج، حتى دخل على
= ابن الصلاح رحمه الله: (مجموعها يقوي الحديث، ويحسنه، وقد تقبله جماهير أهل العلم، واحتجوا به، وقول أبي داود: " إنه من الأحاديث التي يدور الفقه عليها"، يشعر بكونه غير ضعيف) اهـ. نقلا من " جامع العلوم والحكم " ص (287)، وانظر:" السلسلة الصحيحة" رقم (250) ، و " جامع الأصول "(6/64) .
(657)
أخرجه من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه الحاكم (2/57-58) ، والبيهقي (6/69- 70)، وقال الحاكم:" صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي، وكذا أخرجه من حديث أبي صرمة بن قيس الأنصاري المازني الإمام أحمد (3/453)، وأبو داود رقم (3635) في الأقضية: باب أبواب من القضاء، والترمذي رقم (1941) في البر والصلة: باب ما جاء في الخيانة والغش، وابن ماجه (2342) في الأحكام: باب من بنى في حقه ما يضر بجاره، وقال الترمذي:" حسن غريب"، ويشهد له معنى الحديث السابق، وانظر:" فيض القدير"(6/173) .
(658)
" مناقب أمير المؤمنين عمر بن الخطاب " لابن الجوزي ص (83-84) ، " تفسير القرآن العظيم" لابن كثير (1/394) .
على حفصة أم المؤمنين رضي الله عنها، فقالت:" يا أمير المؤمنين، ما جاء بك في هذا الوقت؟ "، قال:" أي بنية كم تحتاج المرأة إلى زوجها؟ "، فقالت:"في ستة أشهر "، فكان لا يغزي جيشًا له أكثر من ستة أشهر) (659) ، وفي بعض الروايات تحديد المدة بأربعة أشهر، وقيل:(إن عمر كتب إلى أمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم من أهل المدينة، فأمرهم إما أن يرجعوا إلى نسائهم، وإما أن يفارقوا، فمن فارق منهم فليبعث بنفقة ما ترك، وأن تكون النفقة على قدر السعة)(660) .
ولهذا كان عمر رضي الله عنه يرى فسخ النكاح إذا فات حق الوطء، ورآه الفقهاء أيضًا، فرأوا أن من حق أحد الزوجين أن يفسخ النكاح لترك الوطء، وهو ما يسمى بالفسخ للعيب، أي لعيب خِلقي كالمرض الذي يستحيل معه الوطء، أو خُلقي للإضرار أو إهمالاً، لأن ذلك ترك لحق من الحقوق، قال الإمام ابن حزم رحمه الله:" ويجبر على ذلك من أبى بالأدب، لأنه أتى منكرًا من العمل "(661) اهـ.
و (قيل للإمام أحمد: " كم يغيب الرجل عن زوجته "؟ قال: " ستة أشهر، يكتب إليه، فإن أبى أن يرجع فرق الحاكم بينهما " (662) اهـ. يعني بذلك: إذا تضررت الزوجة، وطلبت التفريق، والله أعلم.
الحق السادس: تزين الزوجين:
امتن الله سبحانه على عباده بما أنزل إليهم من الزينة التي تحسِّن هيآتهم،
(659)" السابق"، وانظر:" المصنف " للإمام عبد الرزاق (7/12594) ، و " المغني "(7/29) ، " موسوعة فقه عمر بن الخطاب، ص (659) ، " روضة المحبين ونزهة المشتاقين، لابن القيم ص (226-227) .
(660)
"المغني"(7/573) ، " موسوعة فقه عمر بن الخطاب " ص (489) .
(661)
" المحلى "(10/40) .
(662)
"المغني "(7/31) .
ومنازلهم، فقال عز وجل:(يا بني آدم قد أنزلنا عليكم لباسا يواري سوآتكم وريشا ولباس التقوى ذلك خير) الأعراف (26) . وقال سبحانه يندد بالذين يحرمون ما أحل الله لعباده من هذه الزينة والطيبات المباحة: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ)[الأعراف: 32] .
وجاءت السنة النبوية تحض المسلمين رجالا ونساءً على حسن الهيئة والنظافة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كان له شعر فليكرمه) (663) .
وعن أبي قتادة قال: (قلت: " يا رسول الله إن لي جُمَّةً، أفأرَجلُها؟ " (664) قال: " نعم، وأكرمها "(665)) .
وعن ابن مسعود رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حَبة من كِبرٍ "، فقال رجل:" إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنًا، ونعلُه حسنةً؟، فقال صلى الله عليه وسلم: " إن الله جميل يحب الجمال " (666) الحديث، وجاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وعليه ثوب دُون، فقال له:
(663) أخرجه أبو داود رقم (4163) في الترجل: باب في إصلاح الشعر، والطحاوي في "مشكل الآثار"(4/321) ، وحسنه الحافظ في " الفتح"(10/310) .
(664)
الجُمة: الشعر المسترسل حتى يبلغ تحت الأذن، وقوله:" أرجلها ": يعني أسرحها بالمشط.
(665)
رواه النسائي (8/183) في الزينة: باب اتخاذ الجمة، وقال في " تحقيق جامع الأصول ":(وإسناده عنده - أي النسائي - صحيح، ووصله أيضًا البزار بإسناد صحيح " اهـ (4/750) .
(666)
رواه مسلم رقم (91) في الإيمان: باب تحريم الكبر وبيانه، وأبو داود رقم (4091) في الأدب: ما جاء في الكبر، والترمذي (1999) في البر والصلة: باب ما جاء في الكبر.
" ألك مال؟ "، قال:" نعم "، قال:" من أي المال؟ "، قال:" من كل المال قد أعطاني الله تعالى! "، قال:" فإذا آتاك الله مالًا فَلْيُرَ أثرُ نعمة الله عليك وكرامته "(667) .
وقال صلى الله عليه وسلم: " من كان له مال، فَلْيُرَ عليه أثرُه "(668) .
وتزين المرأة لزوجها، وكذا الرجل لزوجته ينبغي أن يتخذ منه الزوجان الحظ المناسب، لأنه من أسباب الألفة والمودة، ولهذا جعل الشارع الزينة حقا مشروعًا لكل منهما على صاحبه.
ومراعاةً لهذه الفطرة التي فطر الله عليها النساء من حب الزينة، والتي يشر إليها قوله تعالى:(أوَمن يُنَشَّأ في الحِلْيَةِ وَهُوَ في الخِصامِ غيرُ مُبِين) الزخرف (18) ، (أباح الله تعالى من التحلي واللباس للنساء ما حَرمه على الرجال، لحاجتهن إلى التزين للأزواج، وأسقط الزكاة عن حليهن (669) معونةً لهن على اقتنائه) (670) اهـ.
(667) أخرجه النسائي (2/ 291، 296) ، وأبو داود رقم (4063) ، والحاكم (4/ 181) ، وأحمد (3/473) من حديث أبي الأحوص عن أبيه رضي الله عنه، وقال الحاكم:" صحيح الإسناد "، ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي:(رواه الطبراني في الصغير، ورجاله رجال الصحيح) اهـ (5/133) ، والحديث صححه الألباني في (غاية المرام، رقم (75) .
(668)
رواه الطبراني في " الكبير"(8/31)، وقال الهيثمي:(وفيه يحيى بن يزيد بن أبي بردة، وهو ضعيف) اهـ. من " المجمع"(5/133) ، والحديث صححه الألباني في" صحيح الجامع"(5/345) رقم (6370) .
(669)
وهذا مذهب الجمهور، إذا كان يتخذ زينة ومتاعا،. أما ما اتخذ مادة للكنز والادخار، أو اتخذ حُلِيا فرارا من الزكاة، فتجب فيه الزكاة، واستدل من يقول بوجوب الزكاة في الحلي المتخذ للزينة بعموم الأدلة في الذهب والفضة، وكذا أحاديث وردت في زكاة الحلي خاصة، صححها بعض الأئمة، والله أعلم. (670)" المغني "(5/546) .
فعلى المرأة أن تتزين لزوجها، ومن حقه عليها أن تفعل (671) ، وإن تجاوزت الشطر الأعظم من عمرها، فذلك من أسباب الألفة والتودد، لكن لا تبالغ في ذلك حتى يضيع وقتها الثمين أمام المرآة، فهذا من ضعف العقل، وخلل التصور.
ومن الإشارات النبوية إلى أهمية التزين للأزواج وأثره في التواد والتحاب بين الزوجين: ما جاء في حديث جابر رضي الله عنه قال: (كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزاة، فلما قدمنا المدينة ذهبنا لندخل، فقال: (أمهلوا حتى تدخلوا ليلًا يعنى عشاء - لكي تمتشط الشعِثة، وتستحِد المُغِيبةُ " (672)) ، وفي رواية للبخاري:" إذا أطال أحدكم الغيبة، فلا يطرق أهله ليلا ".
وفي هذا دليل على أنه يستحب التأني للقادم على أهله حتى يشعروا بقدومه قبل وصوله بزمان يتسع لما ذُكر من تحسين هيئات من غاب عنهن أزواجهن، وذلك لئلا يهجم على أهله وهم في هيئة غير مناسبة، فيقع النفور عنهن، وفي هذا الحديث بيان أن المرأة مادام زوجها حاضرا مقيمًا فهي دائمة التزين، ولا تهجر هذه الخصلة إلا في غياب زوجها.
(671) وشرط تزين المرأة أن لا تظهر. لأجنبي، وأن لا تكون الزينة محرمة كوصل الشعر، والنمص، والوشم، وتفليج الأسنان، وغيره مما نهى عنه الشارع، فلا يحل التزين به، ولو أمر به الزوج، قال صلى الله عليه وسلم:" لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق ".
(672)
رواه البخاري (9/296-297) في النكاح: باب لا يطرق أهله ليلا إذا أطال الغيبة، وفي الحج، ومسلم رقم (715) في الإمارة: باب كراهة الطروق وهو الدخول ليلا، وأبو داود رقم (2776: 2778) في الجهاد: باب في الطروق، والترمذي رقم (1172) في الرضاع: باب رقم (17) ، وفي الاستئذان رقم (2713)، والشعِثة: البعيدة العهد بالغسل وتسريح الشعر والنظافة، والمغيبة: التي غاب عنها زوجها، وعن زينب امرأة عبد الله قالت:(كان عبد الله إذا جاء من حاجة فانتهى إلى الباب تنحنح، وبزق كراهية أن يهجم منا على شيء يكرهه) الحديث رواه الإمام أحمد (1/381) .
ومما يعكس رسوخ هذا المفهوم عند الرعيل الأول، ذلك السؤال الذي وجهته أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها إلى امرأة عثمان بن مظعون رضي الله عنه لما رأتها هجرت الزينة، فقد قالت رضي الله عنها:(كانت امرأة عثمان بن مظعون تخضب- أي بالحناء- وتتطيب، فتركته، فدخلت عَلَي، فقلت: " أمَشْهَدٌ أم مَغِيب؟ " (673)، فقالت:" مشهد "(674)، قالت:" عثمان لا يريد الدنيا، ولا يريد النساء "، قالت عائشة:" فدخل عَلىَ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبرته بذلك، فلقي عثمانَ، فقال: (يا عثمان تُؤمنُ بما نؤمنُ به؟ " قال: " نعم يا رسول الله "، قال:" فَأسْوَة ما لَكَ بنا ") (567) .
(وكانت علية بنت المهدي كثيرِة الصلاة، ملازمة للمحراب، وقراءة القرآن، وكانت تتزين، وتقول: " ما حَرم الله شيئًا إلا وقد جعل فيما أحل عِوَضًا منه، فبماذا يحتج العاصي؟)(676) اهـ.
(وقال الأصمعي: رأيت في البادية امرأة عليها قميص أحمر، وهي مختضبة، وبيدها سبحة، فقلت:" ما أبعد هذا من هذا"، فقالت:
ولله مني جانب لا أضيِّعُه
…
وللهو مني والبطالة جانب
(673) فتأمل كيف ربطت عائشة رضي الله عنها فورا بين هجرانها الزينة وبين غياب زوجها، تدرك أن الأصل الذي كان متقررا عند نساء السلف أن المرأة تداوم على الزينة ما دام زوجها مقيما.
وفي رواية أنها قالت: "مشهد كمغيب" تعني أن زوجها لا حاجة له بالنساء، فهى في حكم من لا زوج لها.
(675)
أخرجه الإمام أحمد في " المسند "(6/106) من طرق مختلفة، انظر:(6/268) ، (6/226) ، وقال الهيثمي في " مجمع الزوائد،: (وأسانيد أحمد رجالها ثقات) اهـ. (4/30) ، وانظر " السلسلة الصحيحة" رقما (394) ، (1782) .
" أحكام النساء، ص (138) .
فعلمت أنها امرأة صالحة لها زوج تتزين له) (677) اهـ.
وقد راج بين العرب قديما مثل يقول: (أطيب الطيب الماء) ، لأن زينة المرأة عندهم هي النظافة في الدرجة الأولى، ومن هنا فإن من واجب الزوجة أن تسعى إلى إرضاء زوجها، وإدخال السرور على قلبه إذا جاء بيته، فتستقبله متزينة متنظفة، لا تبدي تعبَا من عمل، ولا نفورَا من أمر، متحرية إدخال السرور على قلبه؛ فتحمل متاعه، وتعينه على نزع ثيابه، وتقدم إليه ما يلبس في بيته، وذلك مدعاة لسروره وسعادته بامرأته.
وقد سئل إمام دار الهجرة مالك بن أنس رحمه الله " عن المرأة تبالغ في إكرام زوجها، فتتلقاه، وتنزع ثيابه، وتقف حتى يجلس؟، ففال: أما التلقي فلا بأس به، وأما القيام حتى يجلس، فلا، فإن هذا فعل الجبابرة، وقد أنكره عمر بن عبد العزيز "(678) اهـ.
ولكن أكثر الزوجات الآن تلقى زوجها مشغولة بطبخها الذي تأخرت فيه، بذلة الثياب، تعبة، ضيقة الصدر، كثيرة الشكوى والضجر، ولا تلبث إحداهن بعد الأشهر الأولى من الزواج أن تنهمك في مراعاة المطبخ والأثاث، وتبذل في ذلك غاية وسعها، حتى تنصرف من حيث لا تشعر عن الاحتفاء بزوجها في الملبس أو الزينة، وإن كانت لا تغفل عن هذا الاحتفاء وتلك الزينة، لاستقبال أترابها وزيارة جاراتها، مما يكون عاملا أساسيا في نفرة الزوج وسخطه، فيدخل البيت مستعيذًا من شرها، ويفر منه مستجيرَا من ضرها، إذ يجد زوجه قد تحولت عنه، وتقمصت شخصية الخادم التي تحس أن واجبها منحصر في خدمة البيت، دون العناية
(677)" إحياء علوم الدين "(4/750 -751) .
(678)
"فتح الباري"(11/50 - 51) .
بصاحب ذلك البيت أعني الزوج (679) .
أوصت أم ابنتها عند زواجها، فقالت لها:(أي بنية! لا تغفلي عن نظافة بدنك، فإن نظافته تضيء وجهك، وتحبب فيك زوجك، وتبعد عنك الأمراض والعلل، وتقوى جسمك على العمل، فالمرأة التفلة تمجها الطباع، وتنبو عنها العيون والأسماع، وإذا قابلت زوجك فقابليه فَرِحة مستبشرة، فإن المودة جسم رُوحه بشاشة الوجه)(568) .
كذلك ينبغي للرجل أن يتزين لزوجه بما يناسب رجولته (681) ، كما يحب أن يرى امرأته تزدان له أيضَا، فإنها يعجبها منه ما يعجبه منها، وقد فهم السلف ذلك من قوله تعالى:(ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) البقرة (228) .
قال ابن عباس رضي الله عنهما: (إني لأتزين لامرأتي كما تتزين لي، وما أحب أن أستنظف كل حقي الذي لي عليها، فتستوجب حقها الذي لها عَلي؛ لأن الله تعالى قال: (ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف) أى
(679) انظر " نظرات في الأسرة المسلمة، للدكتور محمد الصباغ حفظه الله ص (70- 71) .
(680)
" رحمة الإسلام للنساء " للشيخ محمد الحامد رحمه الله ص (75)، وقد قال الإمام أبو حامد الغزالي رحمه الله:(ومن آداب المرأة ملازمة الصلاح والانقباض في غيبة زوجها، والرجوع إلى اللعب والانبساط وأسباب اللذة في حضور زوجها) اهـ (الإحياء 4/751) .
(681)
ومن الزينة المباحة للرجل: خاتم الفضة، وأن يعفي شعره حتى يبلغ منكبيه، وفرقه وهو قسمته في مفرق وسط الرأس، وترجيله وإكرامه، على ألا يكون له مشغلة، وتغيير الشيب بالصفرة والحمرة، والطيب، والسواك، والكحل إذا كان يليق به، ومما يحرم عليه التزين به: حلق لحيته، أو لبس خاتم الذهب، والحرير، وجر الثياب أسفل الكعبين، انظر:" الجامع لأحكام القرآن " للقرطبي (3/124) .
زينة من غير مأثم) (682) .
وقد سرى هذا الفهم إلى التابعين، فهذا يحيى بن عبد الرحمن الحنظلي يقول: أتيت محمد بن الحنفية فخرج إليَّ في مِلْحَفَةٍ حمراء، ولحيته تقطر من الغالية (683)، فقلت:" ما هذا؟ "، قال:" إن هذه المِلْحَفَةَ ألقتها علي امرأتي، ودهنتني بالطيب، وإنهن يشتهين مِنا ما نشتهي منهن "(684) .
(قال العلماء: أما زينة الرجال فعلى تفاوت أحوالهم؛ فإنهم يعملون ذلك على اللبَق (685) والوفاق، فربما كانت زينة تليق في وقت، ولا تليق في وقت، وزينة تليق بالشباب، وزينة تليق بالشيوخ، ولا تليق بالشباب،.. والمقصود أنه يكون عند امرأته في زينة تسرها، وتُعِفها عن غيره من الرجال) (686) اهـ.
وقد وسعت شريعة الله الإباحة فيما يتزين به الإنسان، ولم تقيده إلا تقييدًا يسيرَا، لكي لا تخرج الزينة إلى المفسدة المضرة، قال تعالى:(يا بني آدم خذوا زينتكم عند كل مسجد وكلوا واشربوا ولا تسرفوا إنه لا يحب المسرفين) الأعراف (31) .
وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: قال صلى الله عليه وسلم: " كلوا، وتصدقوا، والتبسوا في غير إسراف ولا مخيلة "(687) .
(682) تقدم برقم (589) .
(683)
الغالية: طيب معروف.
(684)
" التبيان فيما يحتاج إليه الزوجان " ص (34) ، ولم يعزه.
(685)
اللبق: بالفتح، اللباقة والحذق.
(686)
"الجامع لأحكام القرآن"(3/124) .
(687)
أخرجه النسائي (5/79) في الزكاة: باب الاختيال في الصدقة، وكذا البخاري تعليقا (10/215) في اللباس: في فاتحته، وابن ماجه (3605) ، والإمام أحمد (2/181) ، والحاكم (4/135) ، وصححه، ووافقه الذهبي، وابن أبي شيبة في
وعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما: قال صلى الله عليه وسلم: " كُلْ ما شئتَ، والبَسْ ما شئتَ، ما أخطأتك اثنتان: سَرَف، ومَخِيلة "(688) .
فالإسلام يأمرنا بالاعتدال في اللباس والزينة، ويكره للرجل كما يكره للمرأة أن يباهي بثيابه أو يتعاظم بها، لأنه اشتغال بالقشور، وإعراض عن اللباب.
= " المصنف"(8/217) رقم (4929) ، وحسنه الألباني في (المشكاة) رقم (4381) .
(688)
أخرجه البخاري تعليقا (10/216) في اللباس: في فاتحته، ووصله ابن أبي شيبة في " المصنف"(8/217) رقم (4930) .