المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل]القضية الأمالقرآن والسلطان - عودة الحجاب - جـ ٢

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الخامسة

- ‌ الباب الأول *

- ‌تمهيد

- ‌[فصل]المرأةسلاح ذو حدين

- ‌[فصل]القضية الأمالقرآن والسلطان

- ‌[فصل]بين الترقيع…والأصالة

- ‌[فصل]وضع المرأة ومسئولية الولاة

- ‌[فصل]موقف دعاة الإسلاممن قضية المرأة (52)

- ‌الباب الثانيإهانة الجاهلية للمرأة

- ‌[الفصل الأول]المرأة عند الآخرين (57)

- ‌[الفصل الثاني]المرأة عند العرب في الجاهلية

- ‌الباب الثالثشمس الإسلامتشرق على المرأة

- ‌[الفصل الأول]

- ‌مظاهر تكريم الإسلام للمرأة

- ‌[فصل]دحض بدعة المساواة المطلقةبين الرجل والمرأة

- ‌[فصل]الفروق بين الرجل والمرأة

- ‌مسألة: هل يجب تسوية الوالدينبين أولادهم الذكور والإناث في الهبة

- ‌عود على بدء

- ‌[الفصل الثاني]المرأة أُمًّا

- ‌[فصل]بر الوالدين بعد موتهما

- ‌[فصل]من مواقف الأم المسلمة

- ‌[فصل]الأم المسلمة وراء هؤلاء العظماء

- ‌[الفصل الثالث]المرأة بنتًا

- ‌[الفصل الرابع]المرأة زوجة

- ‌[فصل]الكفاءة في الزواج

- ‌فصلنص القرآن الكريم على تحريم نكاح الزانية

- ‌فصلوأما الأدلة على عدم اعتبار المال في الكفاءة:

- ‌فوائد

- ‌[فصل]الزوجيةبين الحقوق والواجبات والآداب

- ‌أولا: الحقوق والآداب المشتركة بين الزوجين

- ‌من مواقف الزوجة المسلمة

- ‌تنبيهات

- ‌ثانيا: حقوق الزوجة على زوجها

- ‌(أ) الحقوق المادية

- ‌(ب) الحقوق الأدبية

- ‌[فصل]لا نكاح إلا بولي

- ‌تنبيهات متفرقة

- ‌عود على بدءمن حقوق المرأة على زوجها

- ‌[فصل]مسئولية الرجل عن حماية الأسرة (915)

- ‌ثالثًا: حقوق الزوج على زوجته

- ‌[فصل] (1220)في علاقة الابن بوالديه بعد الزواجوعلاقة الحماة بالكَنَّة (1221)

- ‌[فصل]وفاؤها لزوجها

- ‌[الفصل الخامس]المرأة مؤمنةً مجاهدةً صابرةً

- ‌[الفصل السادس]المرأة عالِمةً

- ‌[فصل]صور من سيرة المسلمة العالمة

- ‌[الفصل السابع]المرأةُ…عابدةً

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌[فصل]القضية الأمالقرآن والسلطان

[فصل]

القضية الأم

القرآن والسلطان

اعلم أن الشريعة أصل، والملك حارس،

وما لا أصل له

فمهدوم،

وما لا حارس له

فضائع.

الأمام أبو حامد الغزالي

إن الإسلام كل لا يتجزأ، وليست مظاهر الانحراف عن هذا الدين في معظم المجالات إلا نتيجة ضياع "السلطان" الذي جاء فيه عن عثمان بن عفان رضي عنه قوله:"ما يزعُ الناسَ السلطانُ أكثرُ مما يزعهم القرآن "(31) .

ونظًرا لما يمنحه الإسلام للسلطان من صلاحيات يحرس بها الدين،

ويذود عن حماه، ويسوس الدنيا بالدين، فيؤتمن على مصاير البلاد، ومصالح العباد، فطن أعداء الإسلام أيضًا لهذا المصدر العظيم من مصادر قوة الأمة، فحرصوا على نقض هذه العروة الوثقى من عرى الإسلام، وقد تم لهم ما أرادوا حين أفلحوا في الإجهاز على آخر شكل صوري للخلافة العثمانية، فتحقق مصداق قول الصادق المصدوق صلى الله عليه وسلم: " لتنْقَضَن عُرَى الإسلام

(31) رواه عنه يحيى بن سعيد وأخرجه رزين، وإسناده منقطع، وهو مشهور من كلام عثمان رضي الله عنه " جامع الأصول"(4/83-84)، وَزَعَ يزعُ: إذا كف، وردع.

ص: 23

عُرْوَة عروةً، فكلما انتقضت عروة تشبث الناسُ بالتي تليها، فأوَّلهن نقضا الحكم، وآخرهن الصلاة" (32) فكان سقوط الخلافة أول دركة انحطت بعدها الأمة إلى ما يليها من دركات سلخهَا من خصائصها المتميزة التي طالما احتفظ بها المسلمون رغم تقلبات القرون والمحن، تلك الخصائص التي أورثتهم عبر الأجيال عزة ومنعة أذلوا بها رؤوس الجبابرة، وكسروا ظهور الأكاسرة، وقصموا رقاب القياصرة.. وهذا شوقي يصرخ عقب انهيار الخلافة متوقعا ما يمكن أن تتمخض عنه تلك الفتنة (33) :

فَلَتَسمَعُن بكلِّ أرض داعيًا

يدعو إلى "الكذاب" أو لِسَجَاحِ (34)

وَلَيُشْهَدَنَّ بكل أرض فِتْنةٌ

فيها يبَاعُ الدينُ بيع سَمَاحِ

ورحم الله الإمام عبد الله بن المبارك إذ قال: (35)

إن الجماعة حبل الله فاعتصموا

منه بعروته الوثقى لمن دانا

كم يدفع الله بالسلطان معضلة

في ديننا رحمة منه ودنيانا

لولا الخلافة لم تأمن لنا سبل

وكان أضعفنا نهبًا لأقوانا

(32) أخرجه من حديث أبي أمامة رضي الله عنه الإمام أحمد (5/251) ، وابن حبان (257- موارد)، والحاكم (4/92) وقال:"صحيح الإسناد، ولم يخرجاه"، وصححه الألباني في "صحيح الجامع الصغير"(5/15) ، رقم (4951) .

(33)

"الشوقيات (1/ 109) .

(34)

المراد بالكذاب "مسيلمة" الذي ادعى النبوة، وادعى أنه أشْرِكَ مع النبي صلى الله عليه وسلم في النبوة، ثم جاء بقرآن يضحك الناس، وتزوج "سجاح" التي ادعت هي الأخرى النبوة بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالوا لمسيلمة حين تزوجها: لابد لها من مهر، فقال: مهرها أني أسقطت عنكم صلاتي الفجر والعتمة، ثم إنها رجعت عن غيها وأسلمت، وما زالت تبين فضائح مسيلمة حتى قتل - انظر "صيد الخاطر" لابن الجوزي (ص 501-503) ، "البداية والنهاية"(5/ 51، 52) ، (6/326) .

(35)

"غذاء الألباب" للسفاريني (1/198) .

ص: 24

لقد غدت عودة الحكم الإسلامي والسلطان المسلم أملًا يراود المسلمين في شتى بقاع الأرض، وتوحدت عليه قلوبهم، ولكنهم اختلفوا أيما اختلاف في كيفية هذه العودة المرتقبة، التي وعد الله عز وجل بها في قوله تعالى:(هو الذي أرسل رسولَه بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون)(36) ، ووعد بها رسول الله صلى الله عليه وسلم في غير ما حديث" (37) .

ومع تباين السبل المقترحة للوصول إلى هذا الهدف واختلاف أصحابها إِلا أنه يكاد يتفق الجميع على أن الخطوة الأولى هي أن نصلح أنفسنا فإن الهداية فرع الاهتداء، والإصلاح فرع الصلاح، "ولا يستقيم الظل والعود أعوج"، فمن هنا كان لزامًا علينا أن نصحح فهمنا للإسلام الذي نجاهد لتمكينه، والذي تأثر كثيرا بحملات الغزو الفكري في كثير من المجالات، ثم نلتزم بما يمليه علينا هذا التصحيح.

ومن هذه المجالات الخطيرة وضع المرأة

إنها قضية لا تحتمل التأجيل إلى ما بعد تحقيق الأمل المنشود بإذن الله سبحانه وتعالى، لسبب رئيسي ألا وهو أن قيام الدولة الإسلامية وبعث الأمة المسلمة منوطان بوضع المرأة المسلمة في كثير من الجوانب. . .

فالمرأة هي أم المجاهدين، وبنت المجاهدين، وزوج المجاهدين، وأخت المجاهدين، وبدون "المرأة المسلمة" و "البيت المسلم" لا يمكن أن تقوم "الدولة المسلمة"، وعودة الإسلام لن تكون إلا على أيدي وأكتاف أولي عزم يقيمون الإسلام في أنفسهم وبيوتهم، ويحكمون بما أنزل الله في خاصة أنفسهم وأهليهم أولًا، حتى يستحقوا تنزل النصر عليهم، وحتى يأمنوا أن

(36) التوبة (33) .

(37)

انظر تفسير "محاسن التأويل" للقاسمي (8/3129-3132) .

ص: 25

يخذلهم الله في مواطن اللقاء مع الأعداء (إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم)(الرعد: 11) .

ونحن - المسلمين - مكلفون بتطبيق "ما أنزل الله" متعلقا بنظم الحياة الإسلامية الشاملة في مجتمعاتنا، فإذا تنَحلْنا المعاذير لتقصيرنا في هذه الفريضة، فماذا عسى أن يكون عذرنا إذا لم نحكم "بما أنزل الله" في بيوتنا؟ وماذا يكون عذرنا ونحن قادرون بعون الله على أن نستقي فهمنا للإسلام، ولقضية المرأة - على وجه الخصوص - من منابع الإسلام الصافية؟

إنه لا يسوغ لنا، ولا يليق بنا أن نتلفت حيارى بحثًا عن الطريق، وبين أيدينا المعين الذي لا ينضب في كتاب الله تعالى، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، فنكون:

كالعِيس (38) في البيداء يقتلها الظَّما

والماء فوق ظهورها محمولُ

(38) العيس: بكسر العين: الإبل البيض يخالط بياضها شُقْرة - من " القاموس المحيط"(2/242) .

ص: 26