المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فصل]صور من سيرة المسلمة العالمة - عودة الحجاب - جـ ٢

[محمد إسماعيل المقدم]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة الطبعة الخامسة

- ‌ الباب الأول *

- ‌تمهيد

- ‌[فصل]المرأةسلاح ذو حدين

- ‌[فصل]القضية الأمالقرآن والسلطان

- ‌[فصل]بين الترقيع…والأصالة

- ‌[فصل]وضع المرأة ومسئولية الولاة

- ‌[فصل]موقف دعاة الإسلاممن قضية المرأة (52)

- ‌الباب الثانيإهانة الجاهلية للمرأة

- ‌[الفصل الأول]المرأة عند الآخرين (57)

- ‌[الفصل الثاني]المرأة عند العرب في الجاهلية

- ‌الباب الثالثشمس الإسلامتشرق على المرأة

- ‌[الفصل الأول]

- ‌مظاهر تكريم الإسلام للمرأة

- ‌[فصل]دحض بدعة المساواة المطلقةبين الرجل والمرأة

- ‌[فصل]الفروق بين الرجل والمرأة

- ‌مسألة: هل يجب تسوية الوالدينبين أولادهم الذكور والإناث في الهبة

- ‌عود على بدء

- ‌[الفصل الثاني]المرأة أُمًّا

- ‌[فصل]بر الوالدين بعد موتهما

- ‌[فصل]من مواقف الأم المسلمة

- ‌[فصل]الأم المسلمة وراء هؤلاء العظماء

- ‌[الفصل الثالث]المرأة بنتًا

- ‌[الفصل الرابع]المرأة زوجة

- ‌[فصل]الكفاءة في الزواج

- ‌فصلنص القرآن الكريم على تحريم نكاح الزانية

- ‌فصلوأما الأدلة على عدم اعتبار المال في الكفاءة:

- ‌فوائد

- ‌[فصل]الزوجيةبين الحقوق والواجبات والآداب

- ‌أولا: الحقوق والآداب المشتركة بين الزوجين

- ‌من مواقف الزوجة المسلمة

- ‌تنبيهات

- ‌ثانيا: حقوق الزوجة على زوجها

- ‌(أ) الحقوق المادية

- ‌(ب) الحقوق الأدبية

- ‌[فصل]لا نكاح إلا بولي

- ‌تنبيهات متفرقة

- ‌عود على بدءمن حقوق المرأة على زوجها

- ‌[فصل]مسئولية الرجل عن حماية الأسرة (915)

- ‌ثالثًا: حقوق الزوج على زوجته

- ‌[فصل] (1220)في علاقة الابن بوالديه بعد الزواجوعلاقة الحماة بالكَنَّة (1221)

- ‌[فصل]وفاؤها لزوجها

- ‌[الفصل الخامس]المرأة مؤمنةً مجاهدةً صابرةً

- ‌[الفصل السادس]المرأة عالِمةً

- ‌[فصل]صور من سيرة المسلمة العالمة

- ‌[الفصل السابع]المرأةُ…عابدةً

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌[فصل]صور من سيرة المسلمة العالمة

[فصل]

صور من سيرة المسلمة العالمة

حفصه بنت سيرين: أم الهذيل، الفقيهة، الأنصارية.

قال هشام بن حسان:

" قرأت حفصة بنت سيرين القرآن وهى ابنة اثنتي عشرة سنة، وماتت وهي ابنة تسعين ".

وعنه أن ابن سيرين كان إذا أشْكِل عليه شيء من القرآن قال: " اذهبوا فسلوا حفصة كيف تقرأ ".

وعنه قال: اشترت حفصة جارية أظنها سِنْدِيَّة، فقيل لها:" كيف رأيتِ مولاتَك؟ "، فذكر إبراهيم كلامًا بالفارسية، تفسيره:" أنها امرأة صالحة، إلا أنها أذنبت ذنبًا عظيمًا، فهي الليلَ كله تبكى وتصلي ".

وعنه قال: قد رأيتُ الحسنَ وابنَ سيرين، وما رأيت أحدًا أرَى أنه أعقل من حفصة.

وعن عبد الكريم بن معاوية قال: " ذُكر لي عن حفصة أنها كانت تقرأ نصف القرآن في كل ليلة، وكانت تصوم الدهر، وتفطر العيدين وأيام التشريق ".

وعن هشام أن حفصة كانت تدخل في مسجدها فتصلى فيه الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، ثم لا تزال فيه حتى يرتفع النهار، وتركع، ثم تخرج فيكون عند ذلك وضوءها ونومها، حتى إذا حضرت

ص: 580

الصلاةُ عادت إلى مسجدها إلى مثلها.

عن مهدي بن ميمون قال: مَكَثَتْ حفصة في مصلاها ثلاثين سنة لا تخرج إلا لحاجة أو لِقائِلَةٍ) (1402) .

عَمْرة بنت عبد الرحمن بن سعد بن زُرارةَ: (ت 98 أو 106 هـ) .

الأنصاريهَ، النجَّارية، المدنية، الفقيهة، تربية (1403) عائشة وتلميذَتُها، قيل: لأبيها صحبة، وجَدُها سعد من قدماء الصحابة، وهو أخو النقيب الكبير أسعد بن زرارة.

كانت عالمة، فقيههَ، حجة، كثيرة العلم، حدثت عن عائشة، وأم سلمة، ورافع بن خَديج، وأختها أم هشام بنت حارثة، وحدث عنها ولدها أبو الرجال محمد بن عبد الرحمن، وابناه: حارثة، ومالك، وابن أختها القاضي أبو بكر بن حزم، وابناه: عبد الله، ومحمد، والزهري، ويحيى ابن سعيد الأنصاري، وآخرون، وحديثها كثير في دواوين الإسلام.

روى أيوب بن سويد، عن يونس، عن ابن شهاب، عن القاسم ابن محمد أنه قال لي:" يا غلام، أراك تحْرِصُ على طلب العلم، أفلا أدلك على وعائه "؟ قلت: " بلى"، قال:" عليك بِعَمْرَةَ فإنها كانت في حَجْرِ عائشة رضي الله عنها؛ قال: فأتيتُها، فوجدتُها بحرًا لا ينْزَف "(1404) .

(وهذه ابنة سعيد بن المسيب لما أن دخل بها زوجها " (1405) ، وكان

(1402)" صفة الصفوة "(4/24-26) ، " سير أعلام النبلاء"(4/507) .

(1403)

التربُ: اللذَةُ، والسنُّ، ومن وُلِد معك.

(1404)

"سير أعلام النبلاء"(4/507-508) .

(1405)

جاء في ترجمة سعيد بن المسيب (أن عبد الملك بن مروان خطب ابنته لولده الوليد حين ولاه العهد، فأبى أن يزوجها، قال أبو وداعة: كنت أجالس سعيد بن =

ص: 581

من أحد طلبة والدها، فلما أن أصبح أخذ رداءه يريد أن يخرج، فقالت

= المسيب ففقدني أيامًا، فلما جئت قال:" أين كنت"؟، قلت:" توفيت أهلي، فاشتغلت بها "، قال:" فهلًا أخبرتنا فشهدناها؟ " قال: ثم أردت أن أقوم فقال: " هل أحدثت امرأة غيرها؟ " فقلت: " يرحمك الله، ومن يزوجني وما أملك إلا درهمين أو ثلاثة؟ " فقال: " إن أنا فعلتُ تفعل؟ " قلت: " نعم"، فحمد الله تعالى وصلى على النبي وزوجني على درهمين أو على ثلاثة، قال: فقمت وما أدري ما أصنع من الفرح، وصرت إلى منزلي، وجعلت أفكر ممن آخذ وأستدين؟، وصليت المغرب، وكنت صائمًا فقدمت عشائي لأفطر، وكان خبزًا وزيتًا، وإذا بالباب يُقْرعُ، فقلت:" من هذا؟ " فقال: " سعيد"، ففكرت في كل إنسان اسمه سعيد إلًا سعيد بن المسيب، فإنه لم يُر منذ أربعين سنة إلا ما بين بيته والمسجد، فقمت وِخرجت، إذا بسعيد بن المسيب، وظننت أنه بدا له، فقلت:" يا أبا محمد هَلا أرسلت إلي فأتيتك؟ " قال: " لا، أنت أحق أن تزار"، قلت:" فما تأمرني؟ " قال: " رأيتك رجلًا عَزَبًا قد تزوجت فكرهت أن تبيت الليلة وحدك، وهذه امرأتك "، فإذا هي قائمة خلفه فِي طوله، ثم دفعها في الباب، ورد الباب، فسقطت المرأة من الحياء، فاستوثقتُ من الباب، ثم صعدت إلى السطح، وناديت الجيران، فجاءوني وقالوا:" ما شأنك؟ " قلت: " زؤَجني سعيد بن المسيب ابنته، وقد جاء بها على غفلة وها هي في الدار"، فنزلوا إليها، وبلغ أمي فجاءت، وقالت:" وجهي من وجهك حرام إن مسستها قبل أنا أصلحها ثلاثة أيام "، فأقمت ثلاثًا ثم دخلت بها، فإذا هي من أجمل الناس، وأحفظهم لكتاب الله تعالى، وأعلمهم بسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأعرفهم بحق الزوج، قال: فمكثت شهرا لا يأتيني ولا آتيه ثم أتيته بعد شهر، وهو في حلقته فسلمت عليه فرد علي، ولم يكلمني، حتى انفض مَنْ في المسجد، فلما لم يبق غيري، قال:" ما حال ذلك الإنسان؟ " قلت: " على ما يحب الصديق، ويكره العدو " اهـ نقلًا من (" من أخلاق العلماء" لمحمد بن سليمان) ص (123-125)، وفي " الإحياء" بزيادة:(فقال: " إن رابك منه أمرً، فدونك والعصا "! ، فانصرفت إلى منزلي، فوجه إلي بعشرين ألف درهم) اهـ، فما أعظم اطمئنان ذلك التابعي الجليل إلى مصير ابنته، حتى أنه لم يفكر في استقصاء أحوالها، لاطمئنانه إلى أنها في كنف رجل تقي، يخشى الله تعالى، ويعرف حقها عليه، ومكانتها منه!

ص: 582

له زوجته، " إلى أين تريد؟ "، فقال:" إلى مجلس سعيد أتعلم العلم"، فقالت له:" اجلس أعلمك علم سعيد ") (1406) .

معاذَة بنت عبد الله (ت 83 هـ) :

السيدة العالمة، أم الصهباء العدويةُ البصرية العابدة، زوجةُ السيدِ القدوة صِلَة بن أشيم. رَوَتْ عن عَلِي بن أبي طالب، وعائشة، وهشام بن عامر، حَدث عنها أبو قلابة الجَرمي، ويزيد الرشْك، وعاصم الأحول، وعمر بن ذر، وإسحاق بن سُوَيد، وأيوب السختِياني، وآخرون، وحديثُها محتج به في الصحاح، وثقها يحيى بن مَعِين.

قال الحافظ الذهبي رحمه الله:

(بلغنا أنها كانت تُحْيي الليلَ عبادةً، وتقول: " عَجِبْت لعين تنام، وقد عَلِمتْ طولَ الرُّقاد (*) في ظُلَمِ القبور "، ولما استشْهِد زوجُها صِلَةُ وابنُها في بعض الحروب، اجتمع النساء عندها، فقالت: " مرحبًا بِكُنَّ، إن كُنْتُنَّ جئتُن للهَناء، وإن كنتن جئتُنَّ لغير ذلك فارجعن ".

وكانت تقول: والله ما أحب البقاء إلا لأتقرب إلى ربي بالوسائل، لعله يجمع بيني وبين أبي الشعثاء وابنه في الجنة") (1407) اهـ.

أم الدرداء الصغرى:

(السيدة العالمة الفقيهة، هُجَيْمَة بنت يحيى الوَصابِية الحِميَرِيَّة الدِّمَشقِيَّة.

روت علمًا جَما عن زوجها أبي الدرداء، وعن سلمان الفارسي،

(1406)"المدخل" للإمام ابن الحاج (1/215) .

(*) انظر الحاشية رقم (1504) .

(1407)

" سير أعلام النبلاء "(4/508 - 509) .

ص: 583

وكعب بن عاصم الأشعري، وعائشة، وأبي هريرة، وطائفة، وعرضت القرآن وهي صغيرة على أبي الدرداء، وطال عمرها، واشتهرت بالعلم والعمل والزهد.

وقال ابن جابر وعثمان بن أبي العاتكة: كانت أم الدرداء يتيمةً في حِجْر أبي الدرداء، تختلف معه في بُرْنُس، تصلي في صفوف الرجال، وتجلس في حِلَق القرآن تعلَّمُ القرآن، حتى قال لها أبو الدرداء يومًا:" الحقي بصفوف النساء".

وعن جبير بن نُفير، عن أم الدرداء، أنها قالت لأبي الدرداء عند الموت:" إنك خطبتني إلى أبَوي في الدنيا، فأنكحوك، وأنا أخطبك إلى نفسك في الآخرة "، قال:" فلا تنكحين بعدى"، فخطبها معاوية، فأخبرته بالذي كان، فقال:" عليك بالصيام") .

قال مكحول: " كانت أم الدرداء فقيهة "، وعن عون بن عبد الله قال:" كنا نأتي أم الدرداء، فنذكر الله عندها"، وقال يونس بن ميسرة:" كن النساء يتعبدن مع أم الدرداء رضي الله عنها، فإذا ضَعُفْنَ عن القيام، تَعَلَّقنَ بالحبال "، قال إسماعيل بن عُبيد الله: كان عبد الملك بن مروان جالسًا في صخرة بيت المقدس، وأم الدرداء معه جالسة، حتى إذا نُودِي للمغرب قام، وقامت تتوكأ على عبد الملك حتى يدخلَ بها المسجد، فتجلس مع النساء، ويمضي عبد الملك إلى المقام يصلي بالناس.

وعن يحيى بن يحيى الغسَّاني قال: كان عبد الملك بن مروان كثيرًا ما يجلس إلى أم الدرداء في مُؤخَر المسجد بدمشق) (1408) اهـ.

وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: (أم الدرداء الصغرى: تابعية عابدة

(1408)"السابق"(4/277 - 279) بتصرف.

ص: 584

عالمة فقيهة، كان الرجال يقرءون عليها، ويتفقهون في الحائط الشمالي بجامع دمشق، وكان عبد الملك بن مروان يجلس في حلقتها مع المتفقهة، يشتغل عليها وهو خليفة رضي الله عنها (1409) .

بنت الإمام مالك بن أنس:

وكان الإمام مالك يُقرأ عليه الموطأ، فإن لحن القارئ في حرف، أو زاد، أو نقص تدق ابنته الباب، فيقول أبوها للقارئ:" ارجع، فالغلط معك "، فيرجع القارئ، فيجد الغلط (1410) .

جارية الإمام مالك بن أنس:

(وحكى عن أشهب أنه كان في المدينة على ساكنها أفضل الصلاة والسلام، وأنه اشترى خضرة من جارية، وكانوا لا يبيعون الخضرة إلا بالخبز، فقال لها: إذا كان عشية حين يأتينا الخبز فأتنا نعطكِ الثمن، فقالت: ذلك لا يجوز، فقال لها: ولم؟ فقالت: لأنه بيع طعام بطعام غير يدٍ بيد، فسأل عن الجارية، فقيل له: " إنها جارية مالك بن أنس " رحمه الله تعالى)(1411) اهـ.

أم علي تقِيَّة:

العالمة المصرية الفاضلة أبوها الثقة أبو الفرج غيث بن عليّ، وولدها النحوي القارئ أبو الحسين علىُّ بن فضل، صحبت الحافظ المحدِّث أبا طاهر السلَفي بثغر الإسكندرية زمانا، فذكرها في بعض تعاليقه، وأثنى عليها،

(1409)" البداية والنهاية"(9/47) .

(1410)

" المدخل" ص (1/215) .

(1411)

" السابق".

ص: 585

وعثر هو يومًا في منزله، فانجرح إخمصه، فشقَّت وليدة في الدار خِرْقَة من خمارها وعصَّبته، فأنشدت تقية المذكورة في الحال لنفسها تقول:

لو وجدت السبيل بخدِّي

عوضًا عن خمار تلك الوليده

كيف لي أن أقبِّل اليوم رِجْلًا

سلكت دهرَها الطريق الحميده

وقد كتب الشيخ السلَفي هذه الواقعة بخطه) (1412) .

والدة الفقيه الواعظ المفسر زين الدين علي بن إبراهيم بن نجا: المعروف بـ "ابن نجية" سبط الشيخ أبي الفرج الشيرازي الحنبلي.

قال ناصح الدين بن الحنبلي: قال لي والدي: زين الدين سَعِد بدعاء والدته، كانت صالحة حافظة، تعرف التفسير.

قال زين الدين: كنا نسمع من خالي التفسير، ثم أجيء إليها، فتقول:" إيش فَسر أخي اليوم؟ "، فأقول:" سورة كذا وكذا "، فتقول:" ذكر قول فلان؟ وذكر الشيء الفلاني؟ " فأقول: " لا "، فتقول:" ترك هذا"، وسمعت والدي يقول:(كانت تحفظ كتاب " الجواهر" وهو ثلاثون مجلدة، تأليف والدها الشيخ أبي الفرج، وأقعدت أربعين سنة في محرابها)(1413) .

فاطمة بنت الأستاذ الزاهد أبي علي الحسن بن على الدقاق: الشيخة، العابدة، العالمة، أم البنين النيسابورية، أهْل الأستاذ أبي القاسم القُشيري، وأم أولاده. وكانت عابدة، قانتة، متهجدة، كبيرة القدر (1414) .

(1412)"من أخلاق العلماء" للشيخ محمد بن سليمان رحمه الله ص (37) .

(1413)

" ذبل طبقات الحنابلة"(1/440) .

(1414)

" سير أعلام النبلاء"(18/479 -480) .

ص: 586

أم الخير الحجازية:

تصدرت حلقات وعظ وإرشاد المسلمات بجامع عمرو بن العاص رضي الله عنه في القرن الرابع الهجري (1415) .

[وجاء في مقدمة كتاب المعلمين لابن سحنون: (أن القاضي الورع عيسى بن مسكين كان يقرئ بناته وحفيداته.. قال عياض: فإذا كان بعد العصر دعا ابنتيه وبنات أخيه ليعلمهن القرآن والعلم، وكذلك كان يفعل قبله فاتح صقلية " أسد بن الفرات" بابنته أسماء التي نالت من العلم درجة كبيرة.

وروى الخُشني أن مؤدبًا كان بقصر الأمير محمد بن الأغلب، وكان يعلم الأطفال بالنهار، والبنات في الليل) ] (1416) .

قال الإمام ابن الحاج رحمه الله تعالى: (وقد كان في زماننا هذا سيدي أبو محمد رحمه الله تعالى قرأت عليه زوجته الختمة فحفظتها، وكذلك رسالة الشيخ أبي محمد بن أبي زيد رحمه الله، ونصف الموطأ للإمام مالك رحمه الله تعالى، وكذلك ابنتاها قريبان منها، فإذا كان هذا في زماننا فما بالك بزمان السلف رضوان الله عليهم أجمعين، والعالم أولى من يحمل أهله ومن يلوذ به على طلب المراتب العلية فيجتهد في ذلك جهده، فإنهم آكد رعيته، وأوجبهم عليه وأولاهم به)(1417) .

فاطمة بنت السمرقندي:

(وكان لعلاء الدين السمرقندي " صاحب تحفة الفقهاء" ابنته

(1415)"الأخت المسلمة " للجوهري ص (64) .

(1416)

" تربية الأولاد في الإسلام "(1/278) .

(1417)

" المدخل "(1/215-216) .

ص: 587

" فاطمة " الفقهية العلامة، حفظت "التحفة " لأبيها، وطلبها جماعة من ملوك الروم، فلما صنَّف أبو بكر الكاساني الملقَب " ملك العلماء " كتابه " البدائع " وهو شرح التحفة، عرضه على شيخه وهو أبوها، فازداد به فرحًا، وزوَّجه ابنته، وجعل مهرها منه ذلك، فقالوا في عصره:" شرح تحفته، وتزوَّج ابنته "، قال صاحب " الفوائد البهية ص 158 " في ترجمة السمرقندي:" محمد بن أحمد بن أبي أحمد أبو بكر علاء الدين السمرقندي صاحب " تحفة الفقهاء " أستاذ صاحب " البدائع "، شيخ كبير فاضل جليل القدر تفقَّه على أبي المعين ميمون المكحولي، وعلى صدر الإسلام أبي اليسر البزدوي، وكانت ابنته فاطمة الفقيهة العلامة زوجة علاء الدين أبي بكر صاحب " البدائع "، وكانت تفقهت على أبيها، وحفظت تحفته، وكان زوجها يخطئ فتردّه إلى الصواب، وكانت الفتوى تأتي فتخرج وعليها خطها وخط أبيها، فلما تزوجت بصاحب " البدائع " كانت تخرج وعليها خطّها وخط أبيها وخط زوجها) اهـ (1418) .

وكانت فقيهة عالمة بالفقه والحديث، أخذت العلم من جملة من الفقهاء، وأخذ عنها كثيرون، وكان لها حلقة للتدريس، قد أجازها جملة من كبار القوم، وكانت من الزهد والورع على جانب عظيم، وألفت المؤلفات العديدة في الفقه والحديث، وانتشرت مؤلفاتها بين العلماء الأفاضل.

وكانت معاصرة للملك العادل " نور الدين الشهيد "، وطالما استشارها في بعض أموره الداخلية، وأخذ عنها بعض المسائل الفقهية، وكان دائمًا ينعم عليها، ويعضد مسعاها " (1419) .

(1418)" من أخلاق العلماء " ص (125)، وانظر:" جولة في رياض العلماء" للدكتور عمر الأشقر ص (155) .

(1419)

" الدر المنثور في طبقات ربات الخدور" ص (367) .

ص: 588

فاطمة بنت الإمام الحافظ البرزالي:

كتبت البخاري في ثلاثة عشر مجلدًا، فقابله لها أبوها الإمام، وكان يقرأ فيه على الحافظ المزي تحت القبة، حتى صارت نسختها أصلا معتمدا يكتب منها الناس (1420) .

ستَيْتَة بنت القاضي أبي عبد الله الحسين بن إسماعيل المَحَامِلِّي:

(العالمة، الفقيهة، المفتية، تفقهت بأبيها، وروت عنه، وحفظت القرآن، والفقه، والفرائض، والحساب، والدور، والعربية، وغير ذلك، وكانت من أحفظ الناس للفقه، ومن أعلم الناس في وقتها بمذهب الشافعي، وكانت تفتى به مع الشيخ أبي علي بن أبي هريرة، وكانت فاضلة في نفسها، كثيرة الصدقة، مسارعة إلى فعل الخيرات، وقد سمعت الحديث أيضا، وهي والدة القاضي محمد بن أحمد ابن القاسم المحاملي)(1421)

زوجة الحافظ الهيثمي (وهي بنت شيخه الحافظ العراقي) : كانت تساعد زوجها في مراجعة كتب الحديث (1422) .

فاطمة بنت محمد بن أحمد التَنوخِية (ت 778 هـ) :

(خاتمة المسندين في دمشق، كانت عالمة بالحديث، أخذ عنها جماعة: منهم الحافظ ابن حجر)(1423)

(1420)" البداية والنهاية "(14/185) .

(1421)

انظر: " البداية والنهاية"(11/306) ، " سير أعلام النبلاء "(15/264) .

(1422)

"تمام المنة ببيان الخصال الموجبة للجنة " ص (39) .

(1423)

" الأعلام "(5/132) .

ص: 589

أم زينب فاطمة بنت عباس بن أبي الفتح بن محمد البغدادية: الشيخة، الصالحة، العالمة، المفتية، الفقيهة، المدرسة، العابدة، الناسكة، المجاهدة، وكل هذه ألقاب خلعها عليها أهل دهرها، وكلها صفات وصلت بها منتهى حدودها.

كانت تصعد المنبر، وتعظ النساء، وِانتفع بتربيتها، والتخرج عليها خلق كثير، وكانت عالمة موفورة العلم في الفقه والأصول (1424) .

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله:

(وكانتَ من العالمات الفاضلات، تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، وتقوم على الأحمدية في مواخاتهم النساء والمردان، وتنكر أحوالهم وأصول أهل البدع وغيرهم، وتفعل من ذلك ما لا يقدر عليه الرجال، وقد كانت تحضر مجلس الشيخ تقي الدين بن تيمية فاستفادت منه ذلك وغيره، وقد سمعتُ الشيخ تقي الدين يثني عليها ويصفها بالفضيلة والعلم، ويذكر عنها أنها كانت تستحضر كثيرا من المغني أو أكثره، وأنه كان يستعد لها من كثرة مسائلها وحسن سؤالاتها وسرعة فهمها، وهي التي خَتَمَتْ نساءً كثيرًا القرآن، منهن أم زوجتي عائشة بنت صديق، زوجة الشيخ جمال الدين المزي، وهي التي أقرأت ابنتها زوجتي أمة الرحيم زينب رحمهن الله وأكرمهن برحمته وجنته، آمين)(1425) .

توفيت في يوم عرفة، بظاهر القاهرة، وشهدها خلق كثير.

وقال الحافظ ابن رجب رحمه الله تعالى في " ذيل طبقات الحنابلة ": (فاطمة ابنة عباس بن أبي الفتح، أم زينب الواعظة، الزاهدة العابدة

(1424)"المرأة العربية "(3/98) .

(1425)

" البداية والنهاية "(14/72) .

ص: 590

الشيخة الفقيهة، العالمة المسندة المفتية، الخائفة الخاشعة، السيدة القانتة، المرابطة المتواضعة، الدَّينة العفيفة، الخَيِّرة الصالحة، المتقنة المحققة الكاملة، الفاضلة المتفننة البغدادية، الواحدة في عصرها، والفريدة في دهرها، المقصودة في كل ناحية.

كانت جليلة القدر، وافرة العلم، تسأل عن دقائق المسائل، وتتقن الفقه إتقانًا بالغا، أخذت عن الشيخ عز الدين بن أبي عمر، حتى برعت، كانت إذا أشكل عليها أمر سألت ابن تيمية عنه، فيفتيها، ويتعجب منها ومن فهمها، ويبالغ في الثناء عليها.

كانت مجتهدة، صوَّامة قوَّامة، قوَّالة بالحق، خشنة العيش، قانعة باليسير، آمرة بالمعروف، ناهية عن المنكر، انتفع بها خلق كثير، وعلا صيتُها، وارتفع محلها، وقيل: إنها جاوزت الثمانين، توفيت ليلة عرفة سنة أربع عشرة وسبعمائة، رحمها الله تعالى ورضي عنها آمين) (1426) .

(وعلى سنتها سارت ابنتها زينب، فكانت تعظ النساء، وتخطبهن في حياة أمها، وبعد موتها)(1427) .

شهدَةُ بنت المحدث أبي نصر أحمد بن الفرج الدينوري: مسندة العراق، وفخر النساء، قعدت للحديث في القرن السادس، وهى صاحبة السماع العالي، ألحقت فيه الأصاغر بالأكابر، بَعُد صيتها، وسمع عليها الخلق الكثير، وكان لها خط حسن، وخالطت الدُّورَ والعلماء، ولها بِر وخير (1428) .

(1426)" ذيل طبقات الحنابلة"(2/467 - 468) .

(1427)

" المرأة العربية "(3/98) .

(1428)

" سير أعلام النبلاء"(20/542) .

ص: 591

كريمة بنت أحمد بن محمد بن حاتم المَرْوَزِيَّة:

الشيخة، العالمة، الفاضلة، المسنِدة، سيدة الوزراء، المجاورة بحرم الله، كانت من راويات صحيح البخاري المعتبرة عند المحدثين، روت عن زاهر بن أحمد السَّرْخَسي، وغيره، وكانت نابغة في الفهم والنباهة وحِدَّة الذهن، رحل إليها أفاضل العلماء.

قال أبو بكر بن منصور السمعاني: سمعتُ الوالد يذكر كريمة، ويقول:(وهل رأى إنسان مثلَ كريمة؟ " (1429) .

عائشة بنت محمد بن الحسين البسطامي: عالمة محدثة، كان أبوها، وأخوها، وولده من كبار العلماء (1430) .

زينب بنت عبد الله بن عبد الحليم بن تيمية الحنبلية:

ابنة الإمام شرف الدين عبد الله أخي شيخ الإسلام أحمد بن تيمية رحمهم الله تعالى، وزوجة الإمام العلامة أبو محمد عبد الوهاب بن السلار (1431)، قال الحافظ ابن حجر:(سمعتْ من الحجار وغيره، وحدَثت، وأجازت لي)(1432) .

ومن تلاميذها الإمام الحافظ محمد بن ناصر الدين الدمشقي الشافعي (1433) .

(1429)" السابق"(18/233- 235) .

(1430)

" السابق"(18/425) .

(1431)

انظر: " الرد الوافر" لابن ناصر الدين الدمشقي ص (110) .

(1432)

" جلاء العينين في محاكمة الأحمدين " ص (30) .

(1433)

" الرد الوافر" ص (110) .

ص: 592

عائشة بنت حمد بن عبد الهادي بن عبد الحميد بن عبد الهادي بن يوسف ابن محمد بن قدامة المقدسي:

سمعت صحيح البخاري، وروى عنها الحافظ ابن حجر، وقرأ عليها كتبًا عديدة، وانفردت في آخر عمرها بعلم الحديث (1434) .

ومن المحدثات: السيدة نفيسة ابنة محمد (1435) .

ومنهن: فاطمة بنت محمد البغدادي: الشيخة، العالمة، الواعظة، الصالحة، المُعمَرة، مسندة أصبهان، حَدَّث عنها السمعاني، وابن عساكر، وأبو موسى المديني، وغيرهم " (1436) .

ومنهن: زينب ابنة الكمال، ومن تلاميذها الإمام محمد بن حمزة الحسيني (1437) .

ومنهن: كمال بنت المحدث أبي محمد عبد الله بن أحمد السمرقندي: أم الحسن صالحة خيرة، وهى زوجة المحدّث عبد الخالق اليوسفي (1438) .

ومنهن: وزيرة بنت عمر بن المنجى، ومن تلاميذها الإمام محمد بن سوار السبكي (1439) .

ومنهن: عائشة بنت حسن بن إبراهيم: الواعظة، العالمة، المسندة، أم الفتح الأصبهانية، قال ابن السمعاني: سألت الحافظ إسماعيل عنها،

(1434)"المرأة ومكانتها" للحصين ص (57) .

(1435)

" تربية الأولاد في الإسلام"(1/278) .

(1436)

" سير أعلاء النبلاء"(20/148) .

(1437)

" الرد الوافر" ص (55) .

(1438)

" سير أعلام النبلاء "(20/420) .

(1439)

" الرد الوافر " ص (50) .

ص: 593

فقال: (امرأة صالحة، عالمة، تعظ النساء، وكتبت أمالي ابن مَنْدَة عنه، وهي أول من سمعتُ منها الحديث، بعثني أبي إليها، وكانت زاهدة)(1440) .

ومنهن: زينب بنت مكي: وممن سمع عليها الحافظ أحمد بن بكار النابلسي وعبد الله بن المحب وعمر بن حبيب وكثير من المحدثين (1441) .

وزينب بنت أبي القاسم:

كانت عالمة أدركت جماعة من أعيان العلماء وأخذت عنهم، وأجازها أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري مؤلف الكشاف، والمؤرخ شهاب الدين بن خلكان صاحب التاريخ المشهور (1442) .

أم سلمى فاطمة بنت أبي بكر بن عبد الله:

روت عن أبيها، وكتب عنها محمد بن جعفر كتاب "الجمل"(1443) .

ست الوزراء بنت عمر بن أسعد بن المنجا:

الشيخة الصالحة، راوية صحيح البخاري، وغيره (1444) .

خديجة بنت موسى بن عبد الله:

الواعظة، وتعرف بـ " بنت البقال"، قال الخطيب: " كتبت عنها،

(1440)" سير أعلام النبلاء"(18/302-303) .

(1441)

" الردَ الوافر " ص (80) ، (101) ، (113) .

(1442)

" المرأة ومكانتها " ص (57) .

(1443)

" السابق " ص (56) .

(1444)

" البداية والنهاية "(14/79) .

ص: 594

وكانت فقيرة، صالحة، فاضلة " (1445) .

أم الهذيل:

لها روايات كثيرة، وقد قرأت القرآن وعمرها اثنتا عشرة سنة، وكانت فقيهة عالمة، من خيار النساء (1446) .

أم السلامة بنت القاضي أبي بكر أحمد بن كامل بن خلف بن شنخرة: سمعت من محمد بن إسماعيل النصلاني وغيره، وعنها الأزهري، والتنوخي، وأبو يعلى بن الفراء، وغيرهم، وأثنى عليها غير واحد في دينها، وفضلها، سيادتها (1447) .

فاطمة بنت إبراهيم بن محمود بن جوهر البطائحي:

المسندة، المحدثة، الدمشقية، الصالحة، سمعت صحيح البخاري من ابن الزبيدي مرات، سمعت صحيح مسلم من ابن الحصيري، وأخذ عنها العلامة السبكي، والإمام المحقق ابن قيم الجوزية (1448) .

ست القضاة بنت الشيرازي:

تتلمذ عليها الحافظ ابن ناصر الدين الدمشقي، والقاضي الإمام أحمد ابن فضل الله العمري (1449) .

(1445)" السابق "(12/54) .

(1446)

"السابق "(11/302) .

(1447)

"السابق "(11/328) .

(1448)

انظر: " شذرات الذهب "(6/28) ، " الأعلام "(5/129) ، " ذيل طبقات الحنابلة "(2/448) ، " طبقات المفسرين"(2/91)(1449)"الرد الوافر" ص (81) .

ص: 595

زبيدة زوجة هارون الرشيد وابنة عمه:

كانت عالمة، فقيهة، وذكر ابن خلكان:(أنه كان لها مائة جارية كلهن يحفظن القرآن العظيم، غير من قرأ منه ما قدر له وغير من لم يقرأ، وكان يسمع لهن في القصر دوي كدوي النحل، وكان ورد كل واحدة عُشْرُ القرآن)(1450) .

وقاية:

(امرأة عالمة فاضلة، كانت بإحدى مدن ليبيا، وكان يلجأ إليها أفاضل العلماء، ويقولون: " تعالوا بنا نستشير وقاية، فعصابتها خير من عمائمنا " (1451)) .

فاطمة بنت الحسن بن علي البغدادي العطار:

(المؤدبة الكاتبة وتعرف ببنت الأقرع، سمعت الحديث من أبي عمر بن مهدي وغيره، وكانت تكتب المنسوب على طريقة ابن البواب، ويكتب الناس عليها، وبكتابها يُضرب المثل، وبخطها كانت الهدنة من الديوان إلى ملك الروم، وكتبت مرة إلى عميد المُلْك الكندي رقعة فأعطاها ألف دينار..)(1452) .

ربيعة خاتون بنت أيوب أخت السلطان صلاح الدين الأيوبي الملقبة ب " ست الشام ":

واقفة المدرستين البرانية والجوانية الست الجليلة خاتون، أخت الملوك، وعمة أولادهم، وأم الملوك، كان لها من الملوك المحارم خمسة وثلاثون ملكًا، وكانت ست الشام من أكثر النساء صدقة وإحسانًا إلى الفقراء والمحاويج،

(1450)" البداية والنهاية "(10/71) .

(1451)

" حقائق ثابتة في الإسلام" لابن الخطيب ص (78) .

(1451)

" البداية والنهاية "(12/134) ، " سير أعلام النبلاء"(18/480) .

ص: 596

وكانت تعمل في كل سنة في دارها بألوف من الذهب أشربة وأدوية وعقاقير وغير ذلك وتفرقه على الناس، وكانت وفاتها يوم الجمعة في دارها التي جعلتها مدرسة (1453) وكانت في خدمتها الشيخة الصالحة العالمة أمة اللطيف بنت الناصح الحنبلي، وكانت فاضلة، ولها تصانيف، وهي التي أرشدتها إلى وقف المدرسة بسفح قاسيون على الحنابلة، ووقفت أمة اللطيف على الحنابلة مدرسة أخرى (1454) .

وقال الشيخ عطية محمد سالم حفظه الله: (قد رأيت بنفسي وأنا مدرس بالأحساء نسخة لسنن أبي داود عند آل المبارك وعليها تعليق لأخت صلاح الدين الأيوبي..)(1455) اهـ.

فاطمة بنت أحمد بن السلطان صلاح الدين الأيوبي:

(من فضليات النساء، روت الفقه، وشيئًا من الحديث، واشتهرت في عصرها)(1456) .

فاطمة بنت الحسين بن الحسن ابن فضلويه:

سمعت الخطيب وابن المسلمة وغيرهما، وكانت واعظة لها رباط تجتمع فيه الزاهدات، وقد سمع عليها ابن الجوزي مسند الشافعي وغيره) (1457) .

قال فضيلة الشيخ عطية محمد سالم حفظه الله:

(

وذكر صاحب التراتيب الإدارية قوله: وقد ثبت عن كثير من

(1453) انظر: " البداية والنهاية "(13/84- 85) .

(1454)

" السابق "(13/170) .

(1455)

" تتمة أضواء البيان "(9/360) .

(1456)

" الإعلام " للزركلي (5/130) .

(1457)

" البداية والنهاية "(12/198) .

ص: 597

نساء أهل الصحراء الأفريقية خصوصًا شنقيط " شنجط "، وهي المعروفة بموريتانيا وتيتبكتو، وقبيلة كنت - العجبُ، حتى جاء أن الشيخ المختار الكنتي الشهير، ختم مختصر خليل للرجال، وختمته زوجته في جهة أخرى للنساء، ومما يؤيد ما ذكره أننا ونحن في بعثة الجامعة الإسلامية لأفريقيا، سمعنا ونحن في مدينة أطار وهى على مقربة من مدينة شنجط المذكورة، سمعنا من كبار أهلها أنه كان يوجد بها سابقًا مائتا فتاة يحفظن المدونة كاملة، وقد سمعت في الآونة الأخيرة أنه توجد امرأة تدرس في المسجد النبوي الحديث والسيرة، واللغة العربية وهى شنقيطية) (1458) اهـ.

وقال الأستاذ عبد الله عفيفي رحمه الله: (وأكثر ما عرف به الممتازات من نساء المغرب الأقصى حفظ القرآن الكريم بقراآته جميعًا ورواية الحديث ودرس الفقه والأصول وما إلى هذه من علوم الدين، ويذكر أهل ذلك الاقليم ثمانين امرأة من نساء المغرب جمعن إلى النفاذ في ذلك كله حفظ مدونة الإمام مالك بن أنس رضي الله عنه، وهي أكبر المطولات الجامعة في الحديث الفقه (1459) اهـ.

وذكر من النسوة اللاتي تخرجن في العلوم الدينية: (السيدة الشريفة فاطمة الزهراء ابنة السيد محمد بن أحمد الإدريسي، تحفظ القرآن الكريم بقراآته، وتحفظ كثيرًا من كتب الفقه والحديث، ولها فوق ذلك صلة وثيقة بالعلوم العصرية، ولم تبارح دار أبيها قط، وتخرجت على أبيها وجدها)(1460) .

وقال عبد الواحد المراكشي: (إنه كان بالربض الشرقي في قرطبة

(1458)" تتمة أضواء البيان "(9/360 - 361) .

(1459)

" المرأة العربية "(3/155) .

(1460)

" السابق "(3/156) .

ص: 598

سبعون ومائة امرأة كلهن يكتبن المصاحف بالخط الكوفي) (1461) .

أما بعد: فذاك غيض من فيض حديث النهضة العلمية الإسلامية، وتلك آثار المرأة المسلمة فيها، ومآثرها عليها، فهل رأيت ما رأيت في أمة من الأمم قديمها وحديثها؟ اللهم إنها حكمة الله ملأ بها أحناء تلك الصدور (ومن يؤت الحكمة فقد أوتي خيرًا كثيرًا) (البقرة: 269) .

فلو كان النساءُ كَمَنْ ذَكَرنا

لَفضلَتِ النساءُ على الرجالِ

وما التأنيثُ لاسم الشمس عَيْبٌ

وما التذكيرُ فخر للهلالِ

ومما ينبغي أن يعلم أن المرأة حازت تلك المكانة العلمية الرفيعة ضمن ضوابط شرعية محددة، تهيئ لها المناخ الصالح الذي تأمن فيه الاختلاط بالرجال، وحضور مجالسهم، فكانت تؤدي وظيفة العلم من وراء حجاب، ومن هنا فلا يجوز لأحد أن يستدل بهذه النماذج الطيبة من " العالمات المسلمات " على " استحلال " ما عليه مجتمعاتنا اليوم من اختلاط فاضح، وتهتك مزرٍ، وتبرج مشين، فهذا لا يمكن أن يقره دين ولا عقل، لتعارضه مع نصوص الشريعة الصريحة، ولمنافاته روحَها الراميةَ إلى سد الذرائع المفضية إلى الفتنة والفساد، ولكن تلك النماذج المشرقة دليل واضح على موقف الإسلام من حق المرأة في التعلم، على أن يتم في حدود ما أحل الله، وعلى أن تراعي طبيعتها وما يناسبها من أنواع العلوم، وعلى أن تصان مما يخدش عقيدتها وآدابها الإسلامية (1462) .

* * *

(1461)" المرأة ومكانتها في الإسلام " للحُصَين ص (57) .

(1462)

ويأتي مزيد بيان لقضية " تعليم المرأة " إن شاء الله في القسم الرابع من هذا الكتاب، يسر الله إتمامه.

ص: 599