الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جهارا غير سِر يقول: " إن آل أبي فلان ليسوا لي بأولياء، إنما وليي الله وصالحو المؤمنين "(569)، وفي حديث أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا:(إن أوليائي يوم القيامة المتقون، وإن كان نسب أقرب من نسب " (570) الحديث.
والإسلام إذ يقيم الوزن الأرجح للكفاءة في الدين، لا يحول - إذا أمكن - دون ابتغاء ما دونها من كفاءات أخرى، معنوية كانت أم مادية، أما إذا فقدت الكفاءة في الدين، فلن تعوضها أي كفاءة أخرى، في حين أن الدين عِوَض عن كل ما عداه.
عليك بتقوى الله في كل حالة
…
ولا تترك التقوى اتكالًا على النسب
فقد رفع الإسلام سلمان فارس
…
وقد وضع الكفر الشريف أبا لهب
ومن ثم: فإنه يجوز للفقير اًن يتزوج الغنية، وللمولى أن يتزوج الشريفة القرشية، وللرجل الكبير أن يتزوج الصغيرة الصبية، لكن لا يجوز للفاسق ومفقود العدالة أن يتزوج الصالحة التقية، مهما توفرت له مقومات الكفاءة في الحسب والنسب والجاه والمال، لأنه يُؤثر عليها في دينها وخلقها (571) .
* * *
فصل
نص القرآن الكريم على تحريم نكاح الزانية
، فقال تبارك وتعالى:
(569) أخرجه البخاري (10/351، 352) في الأدب: باب تبل الرحم ببلالها، ومسلم رقم (215) في الإيمان: باب موالاة المؤمنين، وأحمد (4/203) .
(570)
أخرجه البخاري في (الأدب المفرد" رقم (897) ، وحسنه محققا "زاد المعاد"(5/158) .
(571)
وانظر: " الفقه الإسلامي وأدلته"(7/247 - 248) ، و " سلسلة الأحاديث الصحيحة ط حديث رقم (1067) .
(الزاني لا ينكح إلا زانية أو مشركة والزانية لا ينكحها إلا زانٍ أو مشرك وحُرم ذلك على المؤمنين) النور (3) .
ومما يدل على تحريم مناكحة الزانيات أن الله تعالى أحل نكاح النساء بشرط الإحصان، فقال عز وجل:(اليومَ أحِلَّ لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حِل لكم وطعامكم حِل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب) المائدة: (5) قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (" والمحصنات " قد قال أهل التفسير: هن العفائف، هكذا قال الشعبي، والحسن، والنخعي، والضحاك، والسدي)(572) اهـ، وقال الإمام المحقق ابن القيم رحمه الله:(إنما أباح نكاح الحرائر والإماء بشرط الإحصان، وهو العفة، فقال: (فانكحوهن بإذن أهلهن وآتوهن أجورهن بالمعروف محصنات غير مسافحات ولا متخذات أخدان) فإنما أباح نكاحها في هذه الحالة دون غيرها، وليس هذا من باب دلالة المفهوم، فإن الأبضاع في الأصل على التحريم، فيقتصر في إباحتها على ما ورد به الشرع، وما عداه، فعلى أصل التحريم) (573) اهـ.
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنه: (أن مَرْثَد ابن أبي مرثد الغنوي كان يحمل الأسارى بمكة، وكان بمكة بَغيٌّ يقال لها: " عَنَاق " وكانت صديقته، قال: جئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: " يا رسول الله، أنكح عناق؟ "، قال: فسكت عني، فنزلت: (والزانية لا ينكحها إلا زان أو مشرك)(النور: 3) فدعاني، فقرأها عَلَيَّ، وقال:" لا تنكحها "(574) .
(572)"مجموع الفتاوى "(32/121) .
(573)
" زاد المعاد "(4/7) .
(574)
رواه أبو داود رقم (2051) في النكاح: باب قوله تعالى: (الزاني لا ينكح إلا زانية) ، واللفظ له، والترمذي رقم (3176) في التفسير: باب ومن سورة =
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا ينكح الزاني المجلودُ إلا مثلَه "(575) .
قال الحافظ ابن القيم رحمه الله:
(أما نكاح الزانية فقد صرح الله بتحريمه في سورة النور، وأخبر أن من ينكحها فهو زانٍ أو مشرك، فإنه إما أن يلتزم حكمه سبحانه، ويعتقد وجوبه، أوْ: لا، فإن لم يلتزمه، ولم يعتقده، فهو مشرك، وان التزمه، واعتقد وجوبه، وخالفه، فهو زان، وأيضا فإنه سبحانه قال: (الخبيثات للخبيثين والخبيثون للخبيثات) النور (26)، والخبيثات: الزواني، وهذا يقتضي أن من تزوجهن خبيث مثلُهن) (576) اهـ.
* * *
= النور، وقال:" حسن غريب "، والنسائي (6/66) في النكاح: باب تزويج الزانية، والحاكم (2/ 396) ، وصححه، والبيهقي (7/153) ، وصححه الألباني في " الإرواء " رقم (1886) .
(575)
رواه أبو داود رقم (2052) في النكاح، والإمام أحمد (2/324)، وقال الحافظ في " بلوغ المرام " رقم (1029) :" إسناده حسن"، وانظر:" نيل الأوطار"(6/145)، وقال الشنقيطي رحمه الله:(إن أظهر قولي العلماء عندي أن الزانية والزاني إن تابا من الزنا، وندما على ما كان منهما، ونويا ألا يعودا إلى الذنب، فإن نكاحهما جائز، فيجوز له أن ينكحها بعد التوبة، ويجوز نكاح غيرهما لهما، لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له، لقوله تعالى: (إلا من تاب وءامن وعمل عملًا صالحًا فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفورا رحيما)(الفرقان: 70) ، فالتوبة من الذنب تُذْهِبُ أثره، أما من قال: إن مَن زنى بامرأة لا تحل له مطلقا ولو تاب، فقولهم خلافُ التحقيق) اهـ من (أضواء البيان" (6/83)، وانظر:"المغني"(6/601 - 603) ، " مجموع الفتاوى"(32/110) ، (32/145) .
(576)
" زاد المعاد"(5/114)، وانظر: " التدابير الواقية من الزنا) للدكتور فضل إلهي ص (196: 192) .