الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وأما الأدلة على عدم اعتبار المال في الكفاءة:
فمنها: قوله تعالى: (وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله) النور (32) فهذه الآية دليل على تزويج الفقير الصالح التقي دون مبالاة بفقره، على وعد من الله عز وجل بأنه سيغنيهم من فضله، قال صلى الله عليه وسلم: " حق على الله عون من نكح التماس العفاف عما حَرم الله ط (577) .
قال القسطلاني رحمه الله: (فالمعسر كفء للموسرة، لأن المال غادٍ ورائح، ولا يفتخر به أهل المروءات والبصائر)(578) .
فالمال ظل زائل، وحال حائل، ومال مائل، وقد زوج رسول الله صلى الله عليه وسلم المرأة التي جاءت لتهب نفسها له، من رجل ليس له سوى إزار واحد (579) ، وزوَّج صلى الله عليه وسلم ابنته فاطمة عليها السلام إلى علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وهو أشد ما يكون فقرا، وآثره بها على غيره من أشراف قريش (580) .
و (حجم أبو هند النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: " يا بني بَياضة أنكحوا أبا هند، وأنكحوا إليه)(581) .
ألا إنما التقوى هي العز والكرمْ
…
وحبك الدنيا هو الذل والسقم
وليس على عبد تقي نقيصة
…
إذا حقق التقوى وإن حاك أو حجم
(577) انظر تخريجه في: " القسم الثالث" ص (64) .
(578)
"إرشاد الساري"(8/24) .
(579)
انظر " فتح الباري"(9/131) .
(580)
" البداية والنهاية"(3/346) ، و" ذخائر العقبى في مناقب ذوي القربى، للمحب الطبري ص (27) .
(581)
أخرجه أبو داود رقم (2102) ، وصححه الحاكم (2/164) ، ووافقه الذهبي، =
أما أهل الدنيا فإنهم يجعلون المال حسبهم الذي يسعون إليه، فصاحب المال فيهم عزيز كيفما كان، والمقل عندهم وضيع، ولو كان ذا نسب رفيع، فعن أبي بريدة عن أبيه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" إن أحساب أهل الدنيا الذي يذهبون إليه المالُ "(582) .
وقال الشاعر:
غنينا (835) زمانا بالتصعلك والفقر
…
وكُلا سقاناه بكأسَيْهِما الدَّهْرُ
فما زادنا بَغْيًا على ذِي قَرابَةٍ
…
غِنانا، ولا أزْرَى بأحسابِنا الفقرُ
آخَر:
ما يصنع العبدُ بعِز الغني
…
والعِزُّ كُلُّ العِز للمُتقي
من عرف الله فلم تُغْنِهِ
…
معرفةُ الله فذاك الشقي
= وحسنه الحافظ في " تلخيص الحبير"(3/188) .
(582)
رواه النسائي (6/64) في النكاح، وابن حبان رقم (1233) - موارد، والدارقطني (3/304) ، والحاكم (2/163) ، والبيهقي (7/135) ، والإمام أحمد (5/361) ، وصححه الألباني في " الإرواء" رقم (1870)، وقال الحافظ في "الفتح": (والحسب هو الشرف بالآباء والأقارب، مأخوذ من الحساب، لأنهم كانوا إذا تفاخروا، عددوا مناقبهم، ومآثر آبائهم وقومهم، وحسبوها، فيُحكم لمن زاد عدده على غيره.
ويؤخذ من الأحاديث في ذلك أن الشريف النسيب يشحب له أن يتزوج بذات حسب ونسب مثله، إلا إن تعارض نسيبة غير دينة، وغير نسيبة دينة، فتُقَدم ذات الدين، وهكذا في سائر الصفات) اهـ. (9/ 135)، وانظر: " الفقه الإسلامي وأدلته، ص (243) .
(583)
غنينا: أقمنا.