الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دَخَلَ تَنَحْنَحَ وَصَوَّتَ. مُخْتَصَرٌ مِنْ حَدِيثٍ طَوِيلٍ.
فَيَنْبَغِي لِكُلِّ مُكَلَّفٍ إظْهَارُ حِسِّهِ (لِ) أَجْلِ (دَخْلَتِهِ) لِكُلِّ دَخْلَةٍ (حَتَّى) يَفْعَلَ ذَلِكَ مِنْ تَحْرِيكِ نَعْلِهِ وَإِظْهَارِ حِسِّهِ (لِ) دُخُولِ مَنْزِلِهِ عَلَى امْرَأَتِهِ وَأَمَتِهِ، فَلَا يَخْتَصُّ ذَلِكَ بِدُخُولِهِ عَلَى الْأَجَانِبِ.
وَقَوْلُهُ (اشْهَدْ) فِعْلُ أَمْرٍ مِنْ الْإِشْهَادِ وَحُرِّكَ بِالْكَسْرِ لِلْقَافِيَةِ، أَيْ أَعْلِمْ ذَلِكَ وَأُشْهِدْهُ وَلَا تَتَوَقَّفْ فِيهِ. وَقَدْ مَرَّ أَنْ يَسْتَأْذِنَ، قَالَ يُحَرِّكُ نَعْلَهُ إذَا دَخَلَ. وَقَالَ إذَا دَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ تَنَحْنَحَ.
وَقَالَ ابْنُ أَبِي مُوسَى رحمه الله وَرَضِيَ عَنْهُ: يُسْتَحَبُّ لِمَنْ دَخَلَ مَنْزِلَهُ أَنْ يَقُولَ: مَا شَاءَ اللَّهُ لَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ وَيُسَلِّمَ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ إذَا دَخَلَ يَكْثُرُ خَيْرُ بَيْتِهِ.
وَفِي التِّرْمِذِيِّ وَحَسَّنَهُ عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ لَهُ «يَا بُنَيَّ إذَا دَخَلْت عَلَى أَهْلِك فَسَلِّمْ عَلَيْهِمْ تَكُونُ بَرَكَةً عَلَيْك وَعَلَى أَهْلِ بَيْتِك» .
وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي مَالِكٍ الْأَشْعَرِيِّ مَرْفُوعًا «إذَا وَلَجَ الرَّجُلُ بَيْتَهُ فَلْيَقُلْ اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك خَيْرَ الْمَوْلَجِ وَخَيْرَ الْمَخْرَجِ، بِسْمِ اللَّهِ وَلَجْنَا وَبِسْمِ اللَّهِ خَرَجْنَا، وَعَلَى اللَّهِ رَبِّنَا تَوَكَّلْنَا، ثُمَّ يُسَلِّمُ عَلَى أَهْلِهِ» .
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد أَيْضًا بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ رضي الله عنه مَرْفُوعًا «ثَلَاثَةٌ كُلُّهُمْ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عز وجل: رَجُلٌ خَرَجَ غَازِيًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ حَتَّى يَتَوَفَّاهُ فَيُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ أَوْ يَرُدَّهُ بِمَا نَالَ مِنْ أَجْرٍ وَغَنِيمَةٍ، وَرَجُلٌ رَاحَ إلَى الْمَسْجِدِ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ، وَرَجُلٌ دَخَلَ بَيْتَهُ بِسَلَامٍ فَهُوَ ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ عز وجل» قَالَ الْخَطَّابِيُّ: ضَامِنٌ عَلَى اللَّهِ مَعْنَاهُ مَضْمُونٌ فَاعِلٌ بِمَعْنَى مَفْعُولٍ، يُرِيدُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ.
قَالَ: وَقَوْلُهُ دَخَلَ بَيْتَهُ بِسَلَامٍ يَحْتَمِلُ وَجْهَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: أَنْ يُسَلِّمَ إذَا دَخَلَ مَنْزِلَهُ كَمَا قَالَ تَعَالَى {فَإِذَا دَخَلْتُمْ بُيُوتًا فَسَلِّمُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبَارَكَةً طَيِّبَةً} [النور: 61] .
وَالثَّانِي: أَنْ يَكُونَ أَرَادَ أَنْ يَلْزَمَ الْبَيْتَ طَلَبًا لِلسَّلَامَةِ مِنْ الْفِتَنِ، يُرَغِّبُ بِذَلِكَ فِي الْعُزْلَةِ وَيَأْمُرُ بِإِقْلَالِ الْخُلْطَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ:
يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْتَأْذِنِ إذَا قِيلَ لَهُ مَنْ أَنْتَ أَنْ يُسَمِّيَ نَفْسَهُ
وَتَحْرِيكُ نَعْلَيْهِ وَإِظْهَارُ حِسِّهِ
…
لِدَخْلَتِهِ حَتَّى لِمَنْزِلِهِ اشْهَدْ
(فَوَائِدُ) الْأُولَى: يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْتَأْذِنِ إذَا قِيلَ لَهُ مَنْ أَنْتَ أَوْ مَنْ هَذَا أَنْ يَقُولَ فُلَانٌ فَيُسَمِّيَ نَفْسَهُ بِمَا يُعْرَفُ بِهِ مِنْ اسْم أَوْ كُنْيَةٍ، لِمَا فِي حَدِيثِ الْإِسْرَاءِ
«ثُمَّ صَعَدَ بِي إلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَاسْتَفْتَحَ فَقِيلَ مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ جِبْرِيلُ، قِيلَ وَمَنْ مَعَك؟ قَالَ مُحَمَّدٌ» مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
وَكُرِهَ لِلْمُسْتَأْذِنِ إذَا قِيلَ مَنْ هَذَا أَنْ يَقُولَ أَنَا، وَلَا يُسَمِّيَ نَفْسَهُ لِعَدَمِ الْفَائِدَةِ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ «جَابِرٍ رضي الله عنه قَالَ أَتَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَدَقَقْت الْبَابَ، فَقَالَ مَنْ هَذَا؟ فَقُلْت أَنَا، فَقَالَ أَنَا أَنَا كَأَنَّهُ كَرِهَهَا» .
قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه: مَا أَكْثَرَ مَا نَلْقَى مِنْ النَّاسِ يَدُقُّونَ الْبَابَ فَيَقُولُونَ أَنَا أَنَا، أَلَا يَقُولُ: أَنَا فُلَانٌ.
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَلِيَزُولَ اللَّبْسُ فَيَذْكُرُ مَا يُعْرَفُ بِهِ مِنْ كُنْيَةٍ أَوْ غَيْرِهَا، لِقَوْلِ أُمِّ هَانِئٍ: أُمُّ هَانِئٍ وَقَوْلِ أَبِي قَتَادَةَ: أَبُو قَتَادَةَ لِلنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ وَلَدُ الْإِمَامِ: دَقَّ أَبِي رضي الله عنه الْبَابَ فَقِيلَ مَنْ هَذَا؟ فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ.
(الثَّانِيَةُ) : ظَنَّ مَنْ لَا تَحْقِيقَ لَدَيْهِ مِنْ عِلْمِ الْآثَارِ، وَلَا لَهُ مَزِيدُ اطِّلَاعٍ عَلَى أَسْرَارِ الْأَخْبَارِ، أَنَّ عِلَّةَ كَرَاهَةِ قَوْلِ الْمُسْتَأْذِنِ (أَنَا) مُشَابَهَةُ إبْلِيسَ الْمَبْعُودِ فِي قَوْلِهِ أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ.
وَهَذَا غَلَطٌ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ أَنَا فِي عِدَّةِ أَخْبَارٍ، مِنْهَا قَوْلُهُ أَنَا النَّبِيُّ لَا كَذِبْ أَنَا ابْنُ عَبْدِ الْمُطَّلِبْ.
وَخَبَرُ عَلِيٍّ رضي الله عنه: أَنَا الَّذِي سَمَّتْنِي أُمِّي حَيْدَرَهْ وَحَدِيثُ الصِّدِّيقِ: أَيُّ سَمَاءٍ تُظِلُّنِي أَوْ أَيُّ أَرْضٍ تُقِلُّنِي إذَا أَنَا قُلْت فِي كِتَابِ اللَّهِ عز وجل بِمَا لَا يُرِيدُ مَعَ قَوْله تَعَالَى {قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ} [الكهف: 110]{وَإِنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ} [الملك: 26] وَلِي مِنْ أَبْيَاتٍ:
أَنَا عَبْدُك الْجَانِي وَأَنْتَ السَّيِّدُ
…
وَرَجَاك أَلْحَانِي وَأَنْتَ الْمَقْصِدُ
يَا وَاحِدًا فِي مُلْكِهِ أَنَا وَاقِفٌ
…
فِي بَابِ جُودِك بِالدُّعَا أَتَعَبَّدُ
وَإِذَا بَحَثْت عَنْ الْحَقِيقَةِ أَلْتَقِي
…
عَبْدًا ضَعِيفًا بِالْقَضَاءِ مُقَيَّدُ