الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَطْلَبٌ: لَا يُسْتَحَبُّ تَشْمِيتُ الذِّمِّيِّ
.
(الثَّانِيَةُ) : لَا يُسْتَحَبُّ تَشْمِيتُ الذِّمِّيِّ، نُصَّ عَلَيْهِ. وَهَلْ يُبَاحُ أَوْ يُكْرَهُ أَوْ يَحْرُمُ؟ أَقْوَالٌ. قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ عَقِيلٍ: وَلَا يُسْتَحَبُّ تَشْمِيتُ الْكَافِرِ، فَإِنْ شَمَّتَهُ أَجَابَهُ بِآمِينَ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ فَإِنَّهَا دَعْوَةٌ تَصْلُحُ لِلْمُسْلِمِ وَالْكَافِرِ.
وَرَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَنَّ أَبَا مُسْلِمٍ قَالَ «كَانَ الْيَهُودُ يَتَعَاطَسُونَ عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم رَجَاءَ أَنْ يَقُولَ لَهُمْ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ، فَكَانَ يَقُولُ يَهْدِيكُمْ اللَّهُ وَيُصْلِحُ بَالَكُمْ» قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: نَصَّ أَحْمَدُ أَنَّهُ لَا يُسْتَحَبُّ تَشْمِيتُ الذِّمِّيِّ.
قَالَ الْقَاضِي: عَدَمُ التَّشْمِيتِ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ؛ لِأَنَّهُ تَحِيَّةٌ لَهُ فَهُوَ كَالسَّلَامِ، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا رَوَاهُ أَبُو حَفْصٍ بِإِسْنَادِهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتُّ خِصَالٍ إنْ تَرَكَ مِنْهُنَّ شَيْئًا تَرَكَ حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ: إذَا دَعَاهُ أَنْ يُجِيبَهُ، وَإِذَا مَرِضَ أَنْ يَعُودَهُ، وَإِذَا مَاتَ أَنْ يُشَيِّعَهُ، وَإِذَا لَقِيَهُ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ، وَإِذَا اسْتَنْصَحَهُ أَنْ يَنْصَحَهُ، وَإِذَا عَطَسَ أَنْ يُشَمِّتَهُ» فَلَمَّا خَصَّ الْمُسْلِمَ بِذَلِكَ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ بِخِلَافِهِ. وَرَوَاهُ أَهْلُ السُّنَنِ إلَّا قَوْلَهُ «حَقًّا وَاجِبًا عَلَيْهِ» وَلِأَحْمَدَ وَمُسْلِمٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ «حَقَّ عَلَى الْمُسْلِمِ سِتٌّ» فَذَكَرَهُ.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: التَّخْصِيصُ بِالْوُجُوبِ أَوْ الِاسْتِحْبَابِ إنَّمَا يَنْفِي ذَلِكَ فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي النَّصِيحَةِ وَإِجَابَةُ الدَّعْوَةِ لَا يَنْفِي جَوَازَ ذَلِكَ فِي حَقِّ الذِّمِّيِّ مِنْ اسْتِحْبَابٍ وَلَا كَرَاهِيَةٍ كَإِجَابَةِ دَعْوَتِهِ. وَظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَدَ يُكْرَهُ، قَالَ وَكَلَامُ ابْنِ عَقِيلٍ إنَّمَا يَنْفِي الِاسْتِحْبَابَ. فَإِذَا كَانَ فِي التَّهْنِئَةِ وَالتَّعْزِيَةِ وَالْعِيَادَةِ رِوَايَتَانِ فَالتَّشْمِيتُ كَذَلِكَ. انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثَةُ) رُوِيَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «مَنْ سَبَقَ الْعَاطِسَ بِالْحَمْدِ أَمِنَ مِنْ الشَّوْصِ وَاللَّوْصِ وَالْعِلَّوْصِ» وَهَذِهِ أَوْجَاعٌ اُخْتُلِفَ فِي بَعْضِهَا. ذَكَرَهُ ابْنُ الْأَثِيرِ وَغَيْرُهُ. قَالَ فِي التَّمْيِيزِ وَغَيْرِهِ: وَالْحَدِيثُ ضَعِيفٌ وَقَدْ نَظَمَهُ بَعْضُهُمْ فَقَالَ:
مَنْ يَسْتَبِقْ عَاطِسًا بِالْحَمْدِ يَأْمَنْ مِنْ
…
شَوْصٍ وَلَوْصٍ وَعِلَّوْصٍ كَذَا وَرَدَا
عَنَيْتُ بِالشَّوْصِ دَاءَ الرَّأْسِ ثُمَّ بِمَا
…
يَلِيهِ دَاءَ الْبَطْنِ وَالضِّرْسِ اتَّبِعْ رُشْدَا
وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ وَهُوَ أَوْلَى:
فَالدَّاءُ فِي الضِّرْسِ شَوْصٌ ثُمَّ فِي أُذُنٍ
…
لَوْصٌ وَفِي الْبَطْنِ عِلَّوْصٌ كَذَا وُجِدَا
يَعْنِي فِي اللُّغَةِ.
قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الشَّوْصُ وَجَعُ الضِّرْسِ وَالْبَطْنِ، وَقَالَ فِي الْعِلَّوْصِ كَسِنَّوْرِ التُّخَمَةُ وَوَجَعٌ فِي الْبَطْنِ، وَقَالَ فِي اللَّوْصِ وَجَعُ الْأُذُنِ أَوْ النَّحْرِ وَمِثْلُ ذَلِكَ فِي النِّهَايَةِ. فَظَهَرَ بِمَا قُلْنَا أَوْلَوِيَّةُ الشِّعْرِ الثَّانِي وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.
قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَكَانَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَصْحَابِنَا الْمُتَأَخِّرِينَ يَذْكُرُ هَذَا الْخَبَرَ يَعْنِي مَنْ سَبَقَ الْعَاطِسَ إلَى آخِرِهِ وَيُعَلِّمُهُ النَّاسَ.
(الرَّابِعَةُ) ذَكَرَ سَيِّدُنَا الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ فِي الْغُنْيَةِ رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَخْبَارِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «أَنَّ الْعَبْدَ إذَا قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ قَالَ الْمَلَكُ: رَبِّ الْعَالَمِينَ، فَإِذَا قَالَ الْعَبْدُ: رَبِّ الْعَالَمِينَ بَعْدَ الْحَمْدِ قَالَ الْمَلَكُ: يَرْحَمُك رَبُّك» ، فَيَتَوَجَّهُ عَلَى هَذَا أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ، ذَكَرَهُ فِي الْآدَابِ. وَالْخَبَرُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ وَالْحَافِظُ الضِّيَاءُ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما.
وَقُلْ لِلْفَتَى عُوفِيت بَعْدَ ثَلَاثَةٍ
…
وَلِلطِّفْلِ بُورِكَ فِيك وَأْمُرْهُ يَحْمَدْ
(وَقُلْ) أَيُّهَا الْمُسْلِمُ الْمُتَشَرِّعُ الَّذِي لِنَيْلِ الْفَضَائِلِ مُتَشَوِّقٌ وَمُتَطَلِّعٌ (لِلْفَتَى) الْمُسْلِمِ وَأَصْلُهُ لُغَةً الشَّابُّ وَالْمُرَادُ بِهِ كُلُّ مُسْلِمٍ لَا يَجِبُ هَجْرُهُ وَلَا يُسَنُّ، وَلَيْسَ بِأَجْنَبِيَّةٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي السَّلَامِ وَتُشَمِّتُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ وَالرَّجُلُ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةَ الْعَجُوزَ الْبَرْزَةَ لِأَمْنِ الْفِتْنَةِ، وَأَمَّا الشَّابَّةُ فَلَا يُشَمِّتُهَا وَلَا تُشَمِّتُهُ كَمَا فِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ (عُوفِيت) دُعَاءٌ لَهُ بِالْعَافِيَةِ، وَهِيَ كَلِمَةٌ جَامِعَةٌ لِخَيْرَيْ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ.
وَفِي الْمُسْنَدِ مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ رضي الله عنه مَرْفُوعًا «وَسَلُوا اللَّهَ الْمُعَافَاةَ فَإِنَّهُ لَمْ يُؤْتَ رَجُلٌ بَعْدَ الْيَقِينِ خَيْرًا مِنْ الْمُعَافَاةِ» .
وَفِي صَحِيحِ الْحَاكِمِ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما مَرْفُوعًا «مَا سُئِلَ اللَّهُ عز وجل شَيْئًا أَحَبَّ لَهُ مِنْ أَنْ يُسْأَلَ الْعَافِيَةَ» وَفِي الْعَافِيَةِ عِدَّةُ أَخْبَارٍ مَأْثُورَةٍ عَنْ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ صلى الله عليه وسلم.
(بَعْدَ ثَلَاثَةٍ) أَيْ بَعْدَ تَشْمِيتِك لَهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِقَوْلِك لَهُ يَرْحَمُك اللَّهُ أَوْ يَرْحَمُكُمْ اللَّهُ، فَإِذَا عَطَسَ رَابِعَةً لَا يُشَمَّتُ بَلْ يُقَالُ لَهُ عُوفِيت، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ السَّامِرِيُّ وَسَيِّدُنَا الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: وَهُوَ
مَنْصُوصُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَقِيلَ أَوْ ثَالِثَةً، وَهُوَ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ تَمِيمٍ.
وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: هُوَ الَّذِي اتَّفَقَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْقَاضِي وَابْنِ عَقِيلٍ، وَقِيلَ أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَالْمَذْهَبُ الْمُعْتَمَدُ الْأَوَّلُ. قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ وَشَرْحِهِ كَغَيْرِهِ: فَإِنْ عَطَسَ ثَانِيًا وَحَمِدَ شَمَّتَهُ، وَثَالِثًا شَمَّتَهُ، وَرَابِعًا دَعَا لَهُ بِالْعَافِيَةِ، وَلَا يُشَمَّتُ لِلرَّابِعَةِ إلَّا إذَا لَمْ يَكُنْ شَمَّتَهُ قَبْلَهَا ثَلَاثًا. فَالِاعْتِبَارُ بِفِعْلِ التَّشْمِيتِ لَا بِعَدَدِ الْعَطَسَاتِ، فَلَوْ عَطَسَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ مُتَوَالِيَاتٍ شَمَّتَهُ بَعْدَهَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ تَشْمِيتٌ.
قَالَ صَاحِبُ الْمُنْتَهَى فِي شَرْحِهِ وَالْحَجَّاوِيُّ فِي شَرْحِ الْمَنْظُومَةِ قَوْلًا وَاحِدًا. وَقَالَهُ الْإِمَامُ ابْنُ مُفْلِحٍ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى، وَلَفْظُ الْآدَابِ: وَيُقَالُ لَهُ عَافَاك اللَّهُ؛ لِأَنَّهُ رِيحٌ. قَالَ صَالِحٌ لِأَبِيهِ: يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ فِي مَجْلِسِهِ ثَلَاثًا. قَالَ أَكْثَرُ مَا قِيلَ فِيهِ ثَلَاثٌ. قَالَ وَهَذَا مَعَ كَلَامِ الْأَصْحَابِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ بِفِعْلِ التَّشْمِيتِ لَا بِعَدَدِ الْعَطَسَاتِ، فَلَوْ عَطَسَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثٍ مُتَوَالِيَاتٍ شَمَّتَهُ بَعْدَهَا إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ تَشْمِيتٌ قَوْلًا وَاحِدًا.
قَالَ: وَالْأَدِلَّةُ تُوَافِقُ هَذَا وَهُوَ وَاضِحٌ.
قَالَ مُهَنَّا لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ: أَيُّ شَيْءٍ مَذْهَبُك فِي الْعَاطِسِ يُشَمَّتُ إلَى ثَلَاثِ مِرَارٍ؟ فَقَالَ إلَى قَوْلِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ قَالَ الْعَاطِسُ بِمَنْزِلَةِ الْخَاطِبِ يُشَمَّتُ إلَى ثَلَاثٍ فَمَا زَادَ فَهُوَ دَاءٌ فِي الرَّأْسِ. وَقَالَ أَبُو الْحَارِثِ عَنْهُ: يُشَمَّتُ إلَى.
وَرَوَى ابْنُ مَاجَهْ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ ثِقَاتٌ عَنْ سَلَمَةَ بْنِ الْأَكْوَعِ مَرْفُوعًا «يُشَمَّتُ الْعَاطِسُ ثَلَاثًا فَمَا زَادَ فَهُوَ مَزْكُومٌ» . وَلِأَبِي دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه مَوْقُوفًا وَمَرْفُوعًا مِثْلُهُ.
وَلِمُسْلِمٍ وَأَبِي دَاوُد عَنْ سَلَمَةَ رضي الله عنه «سَمِعَ رَسُولَ صلى الله عليه وسلم وَعَطَسَ رَجُلٌ عِنْدَهُ فَقَالَ لَهُ يَرْحَمُك اللَّهُ، ثُمَّ عَطَسَ أُخْرَى فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: الرَّجُلُ مَزْكُومٌ» . وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ قَالَ لَهُ فِي الثَّالِثَةِ «أَنْتَ مَزْكُومٌ» قَالَ وَهُوَ أَصَحُّ مِنْ الْأَوَّلِ. وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْمَذْهَبَ الْمُعْتَمَدَ أَنْ يُشَمَّتَ إلَى ثَلَاثٍ وَيُدْعَى لَهُ فِي الرَّابِعَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهَاتٌ) :
(الْأَوَّلُ) : قَوْلُهُ: وَقُلْ لِلْفَتَى عُوفِيت بَعْدَ ثَلَاثَةٍ. لَعَلَّهُ عَلَى سَبِيلِ
الِاسْتِحْبَابِ، وَلَعَلَّ مُرَادَهُ كَغَيْرِهِ إذَا حَمِدَ اللَّهَ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا، وَهُوَ مُرَادُهُمْ فِي الْأَوَّلِ بِلَا رَيْبٍ وَفِي الثَّانِي فِيمَا يَظْهَرُ لِكَرَاهَةِ تَشْمِيتِ مَنْ لَمْ يَحْمَدْ اللَّهَ.
(الثَّانِي) : لَمْ أَرَ لِأَحَدٍ مِنْ الْأَصْحَابِ وَلَا غَيْرِهِمْ فِي أَنَّ الدَّاعِيَ لِلْعَاطِسِ بِالْعَافِيَةِ هَلْ يَسْتَحِقُّ جَوَابًا أَمْ لَا، وَلَعَلَّهُ يُجِيبُ بِقَوْلِهِ عَافَانَا اللَّهُ وَإِيَّاكَ، وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما. وَهَلْ يَكُونُ مُسْتَحَبًّا أَوْ وَاجِبًا أَوْ مُبَاحًا؟ لَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ إنْ قُلْنَا الدُّعَاءُ لَهُ بِالْعَافِيَةِ مُسْتَحَبٌّ فَالْإِجَابَةُ كَذَلِكَ، وَإِنْ قُلْنَا وَاجِبٌ فَكَذَلِكَ الْإِجَابَةُ وَاَللَّهُ وَلِيُّ الْإِنَابَةِ.
(الثَّالِثُ) : قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى وَغَايَةِ الشَّيْخِ مَرْعِيٍّ كَالْإِقْنَاعِ، وَغَيْرِهِمْ، وَلَا يُجِيبُ الْمُتَجَشِّئَ بِشَيْءٍ، فَإِنْ حَمِدَ اللَّهَ قَالَ لَهُ سَامِعُهُ هَنِيئًا مَرِيئًا أَوْ هَنَّأَك اللَّهُ وَأَمْرَاك. قَالَهُ فِي الرِّعَايَةِ الْكُبْرَى، وَكَذَا الْإِمَامُ ابْنُ عَقِيلٍ. قَالَ وَلَا يُعْرَفُ فِيهِ سُنَّةٌ بَلْ هُوَ مَوْضُوعَةٌ.
وَأَخْرَجَ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ غَرِيبٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه «أَنَّ رَجُلًا تَجَشَّأَ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ كُفَّ عَنَّا جُشَاءَك فَإِنَّ أَكْثَرَهُمْ شِبَعًا أَكْثَرُهُمْ جُوعًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ» . قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي رِوَايَةٍ أَبِي طَالِبٍ: إذَا تَجَشَّأَ الرَّجُلُ وَهُوَ فِي الصَّلَاةِ فَلْيَرْفَعْ رَأْسَهُ إلَى السَّمَاءِ حَتَّى يَذْهَبَ الرِّيحُ، فَإِذَا لَمْ يَرْفَعْ رَأْسَهُ آذَى مَنْ حَوْلَهُ مِنْ رِيحِهِ. قَالَ وَهَذَا مِنْ الْأَدَبِ. وَقَالَ فِي رِوَايَةِ مُهَنَّا: إذَا تَجَشَّأَ الرَّجُلُ يَنْبَغِي أَنْ يَرْفَعَ وَجْهَهُ إلَى فَوْقَ لِكَيْ لَا يَخْرُجَ مِنْ فِيهِ رَائِحَةٌ يُؤْذِي بِهَا النَّاسَ. فَقَيَّدَ فِي الْأُولَى بِكَوْنِهِ فِي الصَّلَاةِ وَأَطْلَقَ فِي الثَّانِيَةِ. وَظَاهِرُ الْعِلَّةِ يَقْتَضِي حَيْثُ كَانَ ثَمَّ نَاسٌ وَإِلَّا فَلَا يُطْلَبُ مِنْهُ رَفْعٌ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(وَقُلْ) أَيُّهَا الْجَلِيسُ السَّامِعُ (لِلطِّفْلِ) الْمُرَادُ بِهِ هُنَا مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ.
قَالَ. فِي النِّهَايَةِ: وَالطِّفْلُ الصَّبِيُّ وَيَقَعُ عَلَى الذَّكَرِ وَالْأُنْثَى وَالْجَمَاعَةِ، وَيُقَالُ طِفْلَةٌ وَأَطْفَالٌ. وَفِي الْقَامُوسِ: وَالطِّفْلُ بِالْكَسْرِ الصَّغِيرُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ أَوْ الْمَوْلُودُ إذَا عَطَسَ (بُورِكَ) أَيْ بَارَكَ اللَّهُ (فِيك) أَيُّهَا الْغُلَامُ. وَقَالَ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ: يُقَالُ لَهُ بُورِكَ فِيك وَجَبَرَك اللَّهُ. وَقَدْ رُوِيَ «أَنَّهُ