الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْقَوِيمِ إلَى الِاعْوِجَاجِ وَاَللَّهُ تَعَالَى يَقُولُ {قُرْآنًا عَرَبِيًّا غَيْرَ ذِي عِوَجٍ} [الزمر: 28] قَالَ وَإِنْ لَمْ يُخْرِجْهُ اللَّحْنُ عَنْ لَفْظِهِ وَقَرَأَهُ عَلَى تَرْتِيلِهِ كَانَ مُبَاحًا كَمَا مَرَّ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ الشِّعْرِ الْمُبَاحِ:
وَلَا بَأْسَ بِالشِّعْرِ الْمُبَاحِ وَحِفْظِهِ
…
وَصَنْعَتِهِ مَنْ رَدَّ ذَلِكَ يَعْتَدِي
(لَا بَأْسَ) أَيْ لَا حَرَجَ وَلَا كَرَاهَةَ (بِ) إنْشَادِ (الشِّعْرِ) وَهُوَ كَلَامٌ مُقَفًّى مَوْزُونٌ (الْمُبَاحِ) الَّذِي سَلِمَ مِنْ هِجَاءِ الْمُسْلِمِينَ، وَمِنْ وَصْفِ خَمْرَةٍ أَوْ أَمْرَدَ وَكَذَا امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ مُعَيَّنَةٌ كَمَا يَأْتِي فِي كَلَامِهِ رحمه الله.
قَالَ فِي الْفُرُوعِ: الشِّعْرُ كَالْكَلَامِ سَأَلَهُ أَبُو مَنْصُورٍ، أَيْ سَأَلَ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رضي الله عنه مَا يُكْرَهُ مِنْهُ يَعْنِي الشِّعْرَ؟ قَالَ الْهِجَاءُ وَالرَّقِيقُ الَّذِي يُشَبِّبُ بِالنِّسَاءِ، وَأَمَّا الْكَلَامُ الْجَاهِلِيُّ فَمَا أَنْفَعَهُ.
وَسَأَلَهُ عَنْ الْخَبَرِ «لَأَنْ يَمْتَلِئَ جَوْفُ أَحَدِكُمْ قَيْحًا خَيْرٌ مِنْ أَنْ يَمْتَلِئَ شِعْرًا» فَتَلَكَّأَ فَذَكَرَ لَهُ قَوْلَ النَّضْرِ: لَمْ تَمْتَلِئْ أَجْوَافُنَا لِأَنَّ فِيهَا الْقُرْآنَ وَغَيْرَهُ، وَهَذَا كَانَ فِي الْجَاهِلِيَّةِ فَأَمَّا الْيَوْمَ فَلَا، فَاسْتُحْسِنَ ذَلِكَ. وَاخْتَارَ جَمَاعَةٌ قَوْلَ أَبِي عُبَيْدٍ أَنْ يَغْلِبَ عَلَيْهِ وَهُوَ أَظْهَرُ.
قَالَ وَإِنْ أَفْرَطَ شَاعِرٌ بِالْمُدْحَةِ بِإِعْطَائِهِ وَعَكْسُهُ بِعَكْسِهِ، أَوْ شَبَّبَ بِمَدْحِ خَمْرٍ أَوْ بِمُرْدٍ وَفِيهِ احْتِمَالٌ، أَوْ بِامْرَأَةٍ مُعَيَّنَةٍ مُحَرَّمَةٍ فَسَقَ لَا إنْ شَبَّبَ بِامْرَأَتِهِ أَوْ أَمَتِهِ، ذَكَرَهُ الْقَاضِي.
قَالَ فِي الْإِقْنَاعِ: الشِّعْرُ كَالْكَلَامِ حَسَنُهُ حَسَنٌ وَقَبِيحُهُ قَبِيحٌ، وَلَا بَأْسَ بِاسْتِمَاعِ الشِّعْرِ الْمُبَاحِ، وَلَا بَأْسَ بِ (حِفْظِهِ) أَيْ الشِّعْرِ الْمُبَاحِ لِعَدَمِ مَا يَدُلُّ عَلَى كَرَاهَةِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ (وَ) لَا بَأْسَ بِ (صَنْعَتِهِ) أَيْ إنْشَائِهِ وَنَظْمِهِ وَاِتِّخَاذِهِ صَنْعَةً وَالِاشْتِغَالِ بِهِ حَيْثُ لَمْ يَلِهِ عَنْ وَاجِبٍ (مَنْ رَدَّ ذَلِكَ) أَيْ إبَاحَةَ الشِّعْرِ إنْشَادًا وَاسْتِمَاعًا وَحِفْظًا وَأَنْشَأَ (يَعْتَدِي) بِرَدِّهِ لِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ لِأَنَّهُ إنَّمَا رَدَّهُ لِمُجَرَّدِ رَأْيِهِ لَا لِدَلِيلٍ شَرْعِيٍّ بَلْ الدَّلِيلُ الشَّرْعِيُّ فِي إبَاحَةِ ذَلِكَ لَا رَدِّهِ.
فَقَدْ سَمِعَ الْمُخْتَارُ شِعْرَ صِحَابِهِ
…
وَتَشْبِيبَهُمْ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ خُرَّدِ
(فَقَدْ سَمِعَ الْمُخْتَارُ) . مِنْ خَلْقِ اللَّهِ وَالصَّفْوَةِ مِنْ رُسُلِ اللَّهِ نَبِيُّنَا أَبُو الْقَاسِمِ مُحَمَّدٌ صلى الله عليه وسلم (شِعْرَ صِحَابِهِ) - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - (وَ) سَمِعَ - صَلَوَاتُ اللَّهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ - (تَشْبِيبَهُمْ) بِالنِّسَاءِ (مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ خُرَّدِ) جَمْعُ خَرِيدَةٍ وَهِيَ الْمَرْأَةُ الْخُفُورُ، الطَّوِيلَةُ السُّكُوتِ، الْخَافِضَةُ الصَّوْتِ، الْمُسْتَتِرَةُ وَقِيلَ الْبِكْرُ الَّتِي لَمْ تُمْسَسْ.