المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مطلب: في جلوس الداخل حيث أجلسه رب المنزل - غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب - جـ ١

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌الْكَلَامُ عَلَى الْبَسْمَلَةِ

- ‌[الْكَلَامُ عَلَى الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ]

- ‌ مَعْنَى صَلَاةِ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم أَفْضَلُ الْخَلْقِ

- ‌فَضْلُ الِابْتِدَاءِ بِالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَطْلَبٌ: فِي مَرَاتِبِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الدُّعَاءِ

- ‌[مَعْنَى الْآلِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ]

- ‌مَطْلَبٌ: الصُّحْبَةُ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ

- ‌مَطْلَبٌ: الْهِدَايَةُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ

- ‌مَطْلَبٌ: عَدَدُ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ تَجُوزُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ اسْتِقْلَالًا أَمْ لَا

- ‌مَطْلَبٌ: أَوَّلُ مَنْ نَطَقَ بِأَمَّا بَعْدُ

- ‌[مطلب: النَّاس فِي الْأَدَب عَلَى طَبَقَات]

- ‌مَطْلَبٌ: مَثَلُ الْإِيمَانِ كَبَلْدَةٍ لَهَا خَمْسُ حُصُونٍ

- ‌[مَطْلَبٌ: مَرَاتِبُ الْعِلْمِ]

- ‌مَطْلَبٌ: مَرَاتِبُ التَّعَلُّمِ سِتَّةٌ، وَحِرْمَانُ الْعِلْمِ بِسِتَّةٍ

- ‌مَطْلَبٌ: النَّصِيحَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا:

- ‌مَطْلَبٌ: النَّصِيحَةُ لِلَّهِ فَرْضٌ وَنَافِلَةٌ

- ‌مَطْلَبٌ: بَيَانُ النَّصِيحَةِ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ

- ‌مَطْلَبٌ: يُرَادُ لِلْعَالِمِ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ

- ‌مَطْلَبٌ: لِزَكَاةِ الْعِلْمِ طَرِيقَتَانِ

- ‌[مَطْلَب: الْقُلُوبُ ثَلَاثَةٌ]

- ‌مَطْلَبٌ: الْمُوبِقَاتُ السَّبْعُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ طَرَفٍ مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ الْكَلَامُ أَفْضَلُ مِنْ السُّكُوتِ أَمْ الْعَكْسُ

- ‌مَطْلَبٌ: أَيُّ الْجَارِحَتَيْنِ أَفْضَلُ اللِّسَانُ أَمْ الْعَيْنَانِ

- ‌مَطْلَبٌ هَلْ السَّمْعُ أَفْضَلُ أَمْ الْبَصَرُ

- ‌مَطْلَبٌ هَلْ الْمَلَكَانِ يَكْتُبَانِ كُلَّ مَا يَتَكَلَّمُهُ الْإِنْسَانُ

- ‌مَطْلَبٌ فِي غَضِّ الطَّرْفِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي فَوَائِدِ غَضِّ الْبَصَرِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي نِكَاتٍ لَطِيفَةٍ وَأَخْبَارٍ ظَرِيفَةٍ

- ‌مَطْلَبٌ: يَنْقَسِمُ النَّظَرُ إلَى أَقْسَامٍ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذَمِّ الْغِيبَةِ

- ‌مَطْلَبٌ: مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ يَجُوزُ ذِكْرُ الْإِنْسَانِ بِمَا يَكْرَهُ إذَا كَانَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ يَجُوزُ ذِكْرُ الْإِنْسَانِ بِمَا يَكْرَهُ لِمَصْلَحَةٍ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ النَّمِيمَةِ وَمَا وَرَدَ فِي ذَمِّهَا

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ يَكْفِي فِي التَّوْبَةِ مِنْ الْغِيبَةِ الِاسْتِغْفَارُ لِلْمُغْتَابِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حُرْمَةِ إفْشَاءِ السِّرِّ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ التَّحَدُّثِ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِمَا صَارَ بَيْنَهُمَا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حُرْمَةِ اللَّعْنِ لِمُعَيَّنٍ وَمَا وَرَدَ فِيهِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الْفُحْشِ وَذِكْرِ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي النَّهْيِ عَنْهُ:

- ‌[النَّهْي عَنْ الْمَكْر]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي النَّهْيِ عَنْ الْفُحْشِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِيمَا وَرَدَ فِي ذَمِّ الْخُدْعَةِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي السُّخْرِيَةِ وَالْهُزُوِ وَمَا وَرَدَ فِيهِمَا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَصْلُحُ الْكَذِبُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ»

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ الْمُرَادُ بِمَا أُبِيحَ بِهِ الْكَذِبُ التَّوْرِيَةُ أَوْ مُطْلَقًا

- ‌مَطْلَبٌ: يَنْبَغِي الْعُدُولُ لِلْمَعَارِيضِ مَا أَمْكَنَ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي تَعْرِيفِ الْكَذِبِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي مَثَالِبِ الْكَذِبِ

- ‌[مَطْلَبُ: الزَّمَّارِ مُؤَذِّنُ الشَّيْطَانِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حُكْمِ الْمُطْرِبِ كَالطُّنْبُورِ وَالْعُودِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي حَظْرِ الْغِنَاءِ وَإِبَاحَتِهِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الْغِنَاءِ الْيَسِيرِ لِمَنْ يَسْتَتِرُ فِي بَيْتِهِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغِنَاءِ وَاسْتِمَاعِهِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ أَقْوَالِ السَّادَةِ الصُّوفِيَّةِ فِي السَّمَاعِ إلَى الْغِنَاءِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ تَحْرِيمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّرِيحِ لِآلَاتِ اللَّهْوِ وَالْمَعَازِفِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حُكْمِ الْحُدَاءِ الَّذِي تُسَاقُ بِهِ الْإِبِلُ وَنَشِيدِ الْأَعْرَابِ:

- ‌فَوَائِدُ فِي أَوَّلِ مَنْ وَضَعَ عِلْمَ الْمُوسِيقَى وَالْعُودِ لِلْغِنَاءِ وَأَوَّلِ مَنْ غَنَّى فِي الْعَرَبِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي تِلَاوَةِ آيَاتِ الْكِتَابِ الْمَجِيدِ مُلَحَّنَةً

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ الشِّعْرِ الْمُبَاحِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي سَمَاعِهِ صلى الله عليه وسلم شِعْرَ أَصْحَابِهِ وَتَشْبِيبَهُمْ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ مِنْ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً

- ‌مَطْلَبٌ: فِي وُفُودِ بَنِي تَمِيمٍ

- ‌[تَنْبِيه: أَوَّلَ مَنْ نَطَقَ بِالشِّعْرِ]

- ‌[طَبَقَات الشُّعَرَاء]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حَظْرِ الْهِجَاءِ وَالْمَدْحِ بِالزُّورِ

- ‌حِكَايَاتٌ لَطِيفَةٌ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي وُجُوبِ كَفِّ الْجَوَارِحِ عَنْ الْمَحْظُورِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي التَّوَدُّدِ إلَى النَّاسِ وَأَنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ شَرْعًا وَطَبْعًا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ يُشْتَرَطُ لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ رَجَاءَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ يُشْتَرَطُ لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ الْعَدَالَةُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِيمَنْ الْتَزَمَ مَذْهَبًا وَخَالَفَهُ بِلَا دَلِيلٍ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي مَرَاتِبِ الْإِنْكَارِ:

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ مُهِمَّةٌ: فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ]

- ‌قِصَّةُ الْإِمَامِ شَمْسِ الدِّينِ مَعَ تَيْمُورَ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الْإِنْكَارِ عَلَى الصِّبْيَانِ لِتَأْدِيبِهِمْ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي زَجْرِ الذِّمِّيِّ إذَا جَهَرَ بِالْمُنْكَرَاتِ

- ‌مَطْلَبٌ: يَجِبُ عَلَى الْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يَبْدَأَ بِالرِّفْقِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَسْرِ الدُّفِّ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي عِظَمِ وِزْرِ الْمُصَوِّرِينَ وَكَسْرِ الصُّورَةِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي إتْلَافِ آلَةِ التَّنْجِيمِ وَالسِّحْرِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ مَا وَرَدَ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ

- ‌[مَطْلَبٌ: فِي هَجْرِ مَنْ أَعْلَنَ بِالْمَعَاصِي]

- ‌[مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ التَّجَسُّسِ وَالنَّهْيِ عَنْهُ]

- ‌مَطْلَبٌ: لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي هَجْرِ مَنْ يَدْعُو لِأَمْرٍ مُضِلٍّ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حَظْرِ انْتِفَاءِ التَّسْلِيمِ فَوْقَ ثَلَاثَةٍ:

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ يَزُولُ الْهَجْرُ الْمُحَرَّمُ بِالسَّلَامِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي فَضْلِ بَدْءِ السَّلَامِ وَرَدِّهِ وَأَنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى

- ‌مَطْلَبٌ: فِيمَا يَقُولُهُ الْبَادِئُ بِالسَّلَامِ وَجَوَابُ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِيمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ السَّلَامِ وَمَنْ لَا يَجِبُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي السَّلَامِ عَلَى الصِّبْيَانِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي اسْتِحْبَابِ تَسْلِيمِ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي تَعْرِيفِ لَفْظِ السَّلَامِ وَتَنْكِيرِهِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ كَيْفَ أَصْبَحْت وَكَيْفَ أَمْسَيْت

- ‌مَطْلَبٌ:فِي كَرَاهَةِ قَوْلِهِمْ: أَبْقَاك اللَّهُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَتْبِهِمْ فِي الرَّسَائِلِ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَ سَيِّدِي

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ قَوْلِهِمْ فِي السَّلَامِ جُعِلْت فِدَاك

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ طَرَفٍ مِنْ مَنَاقِبِ سَيِّدِنَا الْإِمَامِ أَحْمَدَ

- ‌[مَطْلَب: فِي اسْتِئْذَانِ مُرِيدِ الدُّخُولِ عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي صِفَةِ الِاسْتِئْذَانِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ طُرُوقًا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ وُقُوفِ الْمُسْتَأْذِنِ تِلْقَاءَ الْبَابِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي اسْتِحْبَابِ تَحْرِيكِ الْمُسْتَأْذِنِ نَعْلَيْهِ وَإِظْهَارِ حِسِّهِ

- ‌مَطْلَبٌ:يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْتَأْذِنِ إذَا قِيلَ لَهُ مَنْ أَنْتَ أَنْ يُسَمِّيَ نَفْسَهُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي جُلُوسِ الدَّاخِلِ حَيْثُ أَجْلَسَهُ رَبُّ الْمَنْزِلِ

- ‌مَطْلَبٌ: أَوَّلُ مَنْ صَافَحَ وَعَانَقَ سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ عليه السلام

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ الِانْحِنَاءِ وَجَوَازِ تَقْبِيلِ الرَّأْسِ وَالْيَدِ

- ‌مَطْلَبٌ: يُبَاحُ تَقْبِيلُ الْيَدِ وَالْمُعَانَقَةُ تَدَيُّنًا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ الْعِنَاقِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ مُنَاجَاةِ الِاثْنَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ حَالَ الرُّفْقَةِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ الْجُلُوسِ وَالْإِصْغَاءِ إلَى مَنْ يَتَحَدَّثُ سِرًّا بِغَيْرِ إذْنِهِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي النَّظَرِ إلَى الْأَمْرَدِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي صِلَةِ الرَّحِمِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ ذَوِي الرَّحِمِ الَّذِينَ يَجِبُ صِلَتُهُمْ

- ‌مَطْلَبٌ: قَطِيعَةُ الرَّحِمِ مِنْ الْكَبَائِرِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي جَوَابِ الْعُلَمَاءِ عَنْ كَيْفِيَّةِ بَسْطِ الرِّزْقِ وَتَأْخِيرِ الْأَجَلِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ حُسْنِ الْخُلُقِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ

- ‌مَطْلَبٌ: إذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ أَزْوَاجٌ لِمَنْ تَكُونُ فِي الْآخِرَةِ

- ‌[تَنْبِيهَات: فِي كَيْفِيَّة تحسين الخلق]

- ‌[بِرّ الْوَالِدَيْنِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمُصْطَفَوِيَّةِ فِي بِرِّ الْوَالِدَيْنِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ إذَا أَمَرَ الْأَبُ أَوْ الْأُمُّ وَلَدَهُمَا بِتَطْلِيقِ زَوْجَتِهِ يُجِيبُهُمَا أَمْ لَا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي تَقْدِيمِ بِرِّ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ

- ‌مَطْلَبٌ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ كَفَّارَةُ الْكَبَائِرِ

- ‌مَطْلَبٌ: لَوْ أَمَرَهُ أَبُوهُ بِتَنَاوُلِ الْمُشْتَبَهِ هَلْ تَجِبُ طَاعَتُهُ

- ‌[تَتِمَّة: حرمة الْوَالِدَيْنِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بِرِّ الرَّجُلِ أَبَوَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا:

- ‌ شَذْرَةً مِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الْحَمَّامِ وَكَيْفِيَّةِ الدُّخُولِ فِيهَا وَالِاسْتِحْمَامِ

- ‌فَوَائِدُ فِي أَشْيَاءَ مِنْ آدَابِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِالْأَلْحَانِ

- ‌مَطْلَبٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ الْقُرْآنُ بَدَلًا مِنْ الْكَلَامِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الِاسْتِمَاعِ لِلْقِرَاءَةِ وَالْخُشُوعِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي أَوَّلِ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَسَمَّاهُ مُصْحَفًا

- ‌[مَطْلَبٌ: فِي عَدَدِ حُرُوفِ الْقُرْآنِ وَكَلِمَاتِهِ وَآيَاتِهِ وجلالاته وَسُوَرِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ: فِي الْخِضَابِ وَفَوَائِدِ الْحِنَّاءِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ رَأَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَسَقًا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ طَرَفٍ مِنْ فَضَائِلِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ نَتْفِ الشَّيْبِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي أَوَّلِ مَنْ شَابَ وَاخْتَتَنَ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي عَدَدِ مَا شَابَ مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَطْلَبٌ: فِي أَوَّلِ مَنْ اخْتَرَعَ عِلْمَ الْبَدِيعِ

- ‌[حَلْقُ الشعر]

- ‌[تَغْطِيَةُ الْإِنَاءِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي إغْلَاقِ الْأَبْوَابِ وَطَفْءِ الْمَوْقِدِ

- ‌[مَطْلَبٌ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِيمَا يَقُولُ الْعَاطِسُ وَمَا يَقُولُ لَهُ الْمُشَمِّتُ

- ‌[فَوَائِد: فِي الْعُطَاس]

- ‌مَطْلَبٌ: لَا يُسْتَحَبُّ تَشْمِيتُ الذِّمِّيِّ

- ‌مَطْلَبٌ: إذَا تَرَكَ الْعَاطِسُ الْحَمْدَ هَلْ يُسْتَحَبُّ تِذْكَارُهُ أَمْ لَا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي تَغْطِيَةِ الْفَمِ وَكَظْمِهِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ:

- ‌[الطِّبّ وَالتَّدَاوِي]

- ‌مَطْلَبٌ: فِيمَا يَجُوزُ بِهِ التَّدَاوِي وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي مَعْنَى الْخَوْفِ وَمَرَاتِبِهِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي فَضَائِلِ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي أَنَّ لِلْخَوْفِ أَسْبَابًا وَأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حُسْنِ الظَّنِّ

الفصل: ‌مطلب: في جلوس الداخل حيث أجلسه رب المنزل

وَالسُّنَّةُ طَافِحَةٌ بِأَمْثَالِ ذَلِكَ.

مِنْهَا مَا رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ فِي صَحِيحِهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ صَائِمًا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا فَقَالَ مَنْ أَطْعَمَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مِسْكِينًا؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا، فَقَالَ مَنْ اتَّبَعَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ جِنَازَةً؟ فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا، قَالَ مَنْ عَادَ مِنْكُمْ الْيَوْمَ مَرِيضًا؟ قَالَ أَبُو بَكْرٍ أَنَا، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَا اجْتَمَعَتْ هَذِهِ الْخِصَالُ قَطُّ فِي رَجُلٍ إلَّا دَخَلَ الْجَنَّةَ» .

وَمُقْتَضَى نَصِّ إمَامِنَا أَنَّهُ لَوْ قَالَ أَنَا فُلَانٌ أَوْ أَنَا أَبُو فُلَانٍ لَمْ يُكْرَهْ كَمَا فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى، وَهُوَ عَيْنُ الصَّوَابِ.

ثُمَّ رَأَيْته صَحِيحًا.

فَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ مِنْ حَدِيثِ بُرَيْدَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم أَتَى الْمَسْجِدَ وَأَبُو مُوسَى يَقْرَأُ قَالَ فَجِئْت فَقَالَ مَنْ هَذَا قُلْت أَنَا بُرَيْدَةُ» .

وَفِي الصَّحِيحِ فِي حَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ فَقُلْت أَنَا أُمُّ هَانِئٍ.

وَلِذَا قَالَ النَّوَوِيُّ وَغَيْرُهُ: وَلَا بَأْسَ أَنْ يَقُولَ أَنَا الشَّيْخُ فُلَانٌ أَوْ الْقَارِئُ فُلَانٌ أَوْ الْقَاضِي فُلَانٌ إذَا لَمْ يَحْصُلْ التَّمْيِيزُ إلَّا بِذَلِكَ.

وَإِنَّمَا عِلَّةُ الْكَرَاهَةِ لِعَدَمِ حُصُولِ الْفَائِدَةِ بِقَوْلِهِ: أَنَا فَإِنَّهُ مَا زَادَ عَلَى أَنَّ ثَمَّ عَلَى الْبَابِ إنْسَانًا، وَذَلِكَ حَاصِلٌ بِالِاسْتِئْذَانِ.

(الثَّالِثَةُ) : يَنْبَغِي لِلْمُسْتَأْذِنِ أَنْ لَا يَدُقَّ الْبَابَ بِعُنْفٍ لِنِسْبَةِ فَاعِلِ ذَلِكَ عُرْفًا إلَى قِلَّةِ الْأَدَبِ، لَا سِيَّمَا إنْ كَانَ رَبُّ الْمَنْزِلِ شَيْخَهُ، وَلِذَا كَانُوا يَقْرَعُونَ بُيُوتَ الْأَشْيَاخِ بِالْأَظَافِرِ.

وَأَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ فِي الْأَدَبِ الْمُفْرَدِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّ أَبْوَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانَتْ تُقْرَعُ بِالْأَظَافِرِ» . وَأَخْرَجَهُ الْحَاكِمُ فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ مِنْ حَدِيثِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَهَذَا مَحْمُولٌ مِنْهُمْ عَلَى الْمُبَالَغَةِ فِي الْأَدَبِ، وَهُوَ حَسَنٌ لِمَنْ قَرُبَ مَحَلُّهُ مِنْ بَابِهِ، وَأَمَّا مَنْ بَعُدَ عَنْ الْبَابِ فَيُقْرَعُ بِحَسَبِ مَا يَحْصُلُ بِهِ الْمَقْصُودُ.

‌مَطْلَبٌ: فِي جُلُوسِ الدَّاخِلِ حَيْثُ أَجْلَسَهُ رَبُّ الْمَنْزِلِ

(الرَّابِعَةُ) : إذَا دَخَلَ يَجْلِسُ حَيْثُ أَجْلَسَهُ رَبُّ الْمَنْزِلِ، وَقِيلَ: بَلْ حَيْثُ انْتَهَى مِنْهُ كَذَا فِي الرِّعَايَةِ. وَفِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَحَاصِلُ ذَلِكَ وَتَحْقِيقُهُ: أَنَّهُ إنْ أَمَرَهُ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ بِالْجُلُوسِ فِي مَكَان مِنْهُ لَمْ يَجُزْ أَنْ يَتَعَدَّاهُ؛ لِأَنَّهُ مِلْكُهُ وَسُلْطَانُهُ وَتَكْرِمَتُهُ.

وَلِهَذَا لَوْ لَمْ يَأْذَنْ فِي الدُّخُولِ لَمْ يَجُزْ، وَلَوْ أَمَرَهُ بِالْخُرُوجِ لَمْ يَجُزْ لَهُ الْمُقَامُ فِيهِ. وَهَذَا وَاضِحٌ.

ص: 317

وَإِنْ لَمْ يَأْمُرْهُ بِالْجُلُوسِ فِي مَكَان مِنْهُ فَهَلْ يَجْلِسُ وَأَيْنَ يَجْلِسُ، يَنْبَغِي أَنْ يَنْظُرَ إلَى عُرْفِ صَاحِبِ الْمَنْزِلِ وَعَادَتِهِ فِي ذَلِكَ، فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَتَعَدَّاهُ، يَعْنِي عُرْفَهُ وَعَادَتَهُ؛ لِأَنَّهُ خَاصٌّ فَيُقَيِّدُ الْمُطْلَقَ كَالْكَلَامِ.

فَإِنْ خَالَفَ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ عَادَتَهُ بِأَنْ أَمَرَهُ أَوْ أَذِنَ لَهُ فِي شَيْءٍ وَافَقَهُ إنْ ظَنَّ ذَلِكَ مِنْهُ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا، وَكَذَا إنْ شَكَّ، حَمْلًا لِحَالِ الْمُكَلَّفِ عَلَى الصِّحَّةِ وَالسَّلَامَةِ أَجَابَهُ.

وَإِنْ ظَنَّ أَنَّهُ فَعَلَ مَعَهُ ذَلِكَ ظَاهِرًا لَا بَاطِنًا لِمَعْنًى مِنْ الْمَعَانِي لَمْ يُجِبْهُ؛ لِأَنَّ الْمَقَاصِدَ مُعْتَبَرَةٌ. ثُمَّ يَجْلِسُ فِيمَا يَظُنُّ إذْنَهُ فِيهِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا. وَيُعْمَلُ فِي ذَلِكَ بِالْقَرَائِنِ وَالْأَمَارَاتِ وَظَوَاهِرِ الْحَالِ.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ عُرْفٌ وَلَا عَادَةٌ فَالْعُرْفُ وَالْعَادَةُ فِي ذَلِكَ الْجُلُوسُ بِلَا إذْنٍ خَاصٍّ فِيهِ لِحُصُولِ الْإِذْنِ فِيهِ بِإِذْنٍ فِي الدُّخُولِ. ثُمَّ إنْ شَاءَ جَلَسَ أَدْنَى الْمَجْلِسِ لِتَحَقُّقِ جَوَازِهِ مَعَ سُلُوكِ الْأَدَبِ، وَهَذَا أَوْلَى.

وَإِنْ شَاءَ عَمِلَ بِالظَّنِّ فِي جُلُوسِهِ فِيمَا يَأْذَنُ فِيهِ صَاحِبُ الْمَنْزِلِ، وَهُوَ أَقْرَبُ إلَى عَوَائِدِ النَّاسِ. وَدَخَلَ ابْنُ يَزِيدَ النَّحْوِيُّ عَلَى ابْنِ سِيرِينَ بِنِيَّةِ زَائِرٍ لَهُ فَوَجَدَهُ جَالِسًا بِالْأَرْضِ إلَى وِسَادَةٍ قَالَ فَقُلْت لَهُ إنِّي قَدْ رَضِيت لِنَفْسِي مَا رَضِيتَ لِنَفْسِك، فَقَالَ: إنِّي لَا أَرْضَى لَك فِي بَيْتِي بِمَا أَرْضَى بِهِ لِنَفْسِي فَاجْلِسْ حَيْثُ تُؤْمَرُ.

(الْخَامِسَةُ) : يُكْرَهُ لِلرَّجُلِ أَنْ يَجْلِسَ فِي وَسَطِ الْحَلْقَةِ. قَالَ أَبُو دَاوُد: رَأَيْت أَحْمَدَ بْنَ حَنْبَلٍ إذَا كَانَ فِي الْحَلْقَةِ فَجَاءَ رَجُلٌ فَقَعَدَ يَتَأَخَّرُ يَعْنِي يَكْرَهُ أَنْ يَكُونَ وَسَطَ الْحَلْقَةِ. لِمَا جَاءَ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم.

قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَيَتَوَجَّهُ تَحْرِيمُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عليه الصلاة والسلام «لَعَنَ مَنْ جَلَسَ وَسَطَ الْحَلْقَةِ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ. قَالَ فِي النِّهَايَةِ: لِأَنَّهُ إذَا جَلَسَ فِي وَسَطِهَا اسْتَدْبَرَ بَعْضَهُمْ بِظَهْرِهِ فَيُؤْذِيهِمْ بِذَلِكَ وَيَسُبُّونَهُ وَيَلْعَنُونَهُ.

(السَّادِسَةُ) : لَيْسَ لَهُ أَنْ يُفَرِّقَ بَيْنَ اثْنَيْنِ فَيَجْلِسَ بَيْنَهُمَا إلَّا بِإِذْنِهِمَا لِحَدِيثِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ مَرْفُوعًا «لَا يُجْلَسُ بَيْنَ رَجُلَيْنِ إلَّا بِإِذْنِهِمَا» وَفِي رِوَايَةٍ «لَا يَحِلُّ لِرَجُلٍ يُفَرِّقُ بَيْنَ اثْنَيْنِ إلَّا بِإِذْنِهِمَا» رَوَاهَا أَبُو دَاوُد وَهُمَا حَسَنَانِ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ مُفْلِحٍ، وَرَوَى الثَّانِيَ التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّابِعَةُ) لَا بَأْسَ أَنْ يَسْتَأْذِنَ الرَّجُلُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ مِنْ الْمَجْلِسِ.

ص: 318

قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ إذَا جَلَسَ قَوْمٌ إلَى رَجُلٍ يَسْتَأْذِنُهُمْ إذَا أَرَادَ أَنْ يَقُومَ؟ قَالَ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ قَوْمٌ مَا أَحْسَنَهُ.

وَقَالَ إِسْحَاقُ بْنُ رَاهْوَيْهِ كَمَا قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: كُنَّا عِنْدَ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ إذَا أَرَادَ الْقِيَامَ يَضَعُ يَدَهُ عَلَى فَخِذِهِ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَكُنْت رُبَّمَا غَمَزْت بَعْضَ أَصْحَابِنَا، فَأَقُولُ: قُمْ فَإِنَّهُ يُرِيدُ أَنْ يَقُومَ.

وَقَالَ أَبُو دَاوُد: كُنَّا نَقْعُدُ إلَيْهِ يَعْنِي الْإِمَامَ كَثِيرًا فَيَقُومُ وَلَا يَسْتَأْذِنُنَا. وَاَللَّهُ الْمُوَفِّقُ.

وَلَمَّا ذَكَرَ النَّاظِمُ رحمه الله السَّلَامَ وَالِاسْتِئْذَانَ وَأَحْكَامَهُمَا ذَكَرَ أَشْيَاءَ تَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ، فَمِنْهَا الْقِيَامُ، وَبَدَأَ بِهِ فَقَالَ:

مَطْلَبٌ: فِيمَنْ يَجُوزُ الْقِيَامُ لَهُ وَمَنْ يُكْرَهُ:

وَكُلُّ قِيَامٍ لَا لِوَالٍ وَعَالِمٍ

وَوَالِدِهِ أَوْ سَيِّدٍ كُرْهَهُ امْهَدْ

(وَكُلُّ قِيَامٍ) قَامَهُ الْإِنْسَانُ مَكْرُوهٌ لِلنَّهْيِ عَنْهُ فِي عِدَّةِ أَخْبَارٍ سَنَذْكُرُ مِنْهَا مَا يَلِيقُ بِهَذَا الشَّرْحِ (لَا) يُكْرَهُ الْقِيَامُ مُطْلَقًا بَلْ يُبَاحُ (لِوَالٍ) الْأَمْر.

وَظَاهِرُ إطْلَاقِ نِظَامِهِ وَلَوْ غَيْرَ عَادِلٍ، وَأَطْلَقَهُ جَمَاعَةٌ؛ لِأَنَّهُ نَائِبٌ عَنْ الشَّرِيعَةِ وَقَائِمٌ بِالسِّيَاسَةِ فَيُقَامُ لَهُ إكْرَامًا لِمَنْزِلَتِهِ. وَقِيلَ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهِ عَادِلًا.

وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: لَا يُسْتَحَبُّ إلَّا لِلْإِمَامِ الْعَادِلِ (وَ) لَا يُكْرَهُ الْقِيَامُ أَيْضًا لِ (عَالِمٍ) ؛ لِأَنَّهُ الْحَامِلُ لِكِتَابِ اللَّهِ النَّاقِلُ لِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الدَّالُّ عَلَى اللَّهِ وَأَحْكَامِهِ، الْمُبَيِّنُ لِحَلَالِ الشَّيْءِ وَحَرَامِهِ، الْمُنَبِّهُ عَلَى عَظَمَتِهِ وَآيَاتِهِ.

وَفِي الْحَدِيثِ «عُلَمَاءُ أُمَّتِي كَأَنْبِيَاءِ بَنِي إسْرَائِيلَ» أَيْ فِي حِفْظِ الْحُدُودِ وَالشَّرِيعَةِ. وَكَوْنِهِمْ لِامْتِثَالِ الْأَوَامِرِ وَاجْتِنَابِ النَّوَاهِي أَقْوَى ذَرِيعَةً. (وَ) لَا يُكْرَهُ الْقِيَامُ أَيْضًا (لِوَالِدِهِ) أَيْ الْقَائِمِ؛ لِأَنَّهُ السَّبَبُ فِي وُجُودِهِ، وَالْبَاذِلُ فِي تَرْبِيَتِهِ وَحِفْظِ حَيَاتِهِ غَايَةَ مَجْهُودِهِ.

فَالْقِيَامُ لِلْوَالِدَيْنِ مِنْ إظْهَارِ الْبِرِّ وَالْإِجْلَالِ، وَالِانْخِفَاضِ وَالِامْتِثَالِ، وَهُوَ مِنْ جُمْلَةِ وُدِّهِمَا، وَمَا عَسَاهُ أَنْ يَفْعَلَ فِي جَنْبِ كَدِّهِمَا، وَقَدْ رَبَّيَاهُ صَغِيرًا، وَأَسْهَرَا أَعْيُنَهُمَا سَهَرًا كَثِيرًا. وَقَدْ قَرَنَ اللَّهُ بِشُكْرِهِ شُكْرَهُمَا لِعَظِيمِ حَقِّهِمَا عَلَيْهِ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَخْفِضَ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ لِكِبَرِ طَاعَتِهِمَا لَدَيْهِ.

وَسَيَأْتِي ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ مُفَصَّلًا بِأَدِلَّتِهِ الْكَثِيرَةِ الْمُنِيرَةِ، عِنْدَ قَوْلِ النَّاظِمِ وَإِنَّ عُقُوقَ الْوَالِدَيْنِ كَبِيرَةٌ. (أَوْ) أَيْ لَا يُكْرَهُ الْقِيَامُ أَيْضًا لِ (سَيِّدِ) قَوْمٍ لِقَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم -

ص: 319

«قُومُوا إلَى سَيِّدِكُمْ» وَهَذَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَذَلِكَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَمَّا حَكَّمَ سَعْدَ بْنَ مُعَاذٍ فِي بَنِي قُرَيْظَةَ أَرْسَلَ إلَيْهِ فَجَاءَ رَاكِبًا عَلَى حِمَارٍ وَكَانَ مَجْرُوحًا فَقَالَ قُومُوا إلَى سَيِّدِكُمْ» وَفِي الْبُخَارِيِّ قَالَ لِلْأَنْصَارِ «قُومُوا إلَى سَيِّدِكُمْ» وَاعْتُرِضَ بِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ بِالْقِيَامِ إلَيْهِ لَا لَهُ.

وَالْقِيَامُ إلَيْهِ لِأَجْلِ تَلَقِّيه لِضَعْفِهِ بِالْجِرَاحَةِ. وَيُؤَيِّدُهُ مَا عِنْدَ الْإِمَامِ أَحْمَدَ «قُومُوا إلَى سَيِّدِكُمْ فَأَنْزِلُوهُ» لَكِنْ يَنْصُرُ كَوْنَ الْأَمْرِ بِالْقِيَامِ لَهُ آخِرُ الْخَبَرِ، وَكَانَ رِجَالٌ مِنْ بَنِي الْأَشْهَلِ يَقُولُونَ قُمْنَا لَهُ عَلَى أَرْجُلِنَا صَفَّيْنِ يُحَيِّيهِ كُلُّ رَجُلٍ مِنَّا حَتَّى انْتَهَى إلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَمَا فِي السِّيرَةِ الشَّامِيَّةِ.

وَيُحْتَمَلُ أَنَّ النَّاظِمَ أَرَادَ بِالسَّيِّدِ الشَّرِيفَ الْقُرَشِيَّ وَنَحْوَهُ مِنْ ذَوِي الْأَنْسَابِ وَهُوَ ظَاهِرُ مَا نُقِلَ عَنْ الْإِمَام أَحْمَدَ رضي الله عنه. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: رَأَيْت أَبِي إذَا جَاءَ الشَّيْخُ أَوْ الْحَدَثُ مِنْ قُرَيْشٍ أَوْ غَيْرِهِمْ مِنْ الْأَشْرَافِ لَمْ يَخْرُجْ مِنْ بَابِ الْمَسْجِدِ حَتَّى يُخْرِجَهُمْ فَيَكُونُوا هُمْ يَتَقَدَّمُونَهُ ثُمَّ يَخْرُجُ مِنْ بَعْدِهِمْ.

وَقَالَ ابْنُ تَمِيمٍ: لَا يُسْتَحَبُّ الْقِيَامُ إلَّا لِلْإِمَامِ الْعَادِلِ وَالْوَالِدَيْنِ وَالْوَرَعِ وَالْكَرْمِ وَالنَّسَبِ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِهِ فِي الْمُجَرَّدِ وَالْفُصُولِ، وَكَذَلِكَ ذَكَرَ سَيِّدُنَا الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ أَغْدَقَ اللَّهُ الرَّحْمَةَ عَلَى ضَرِيحِهِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْقِيَامِ ثَلَاثَ رِوَايَاتٍ، إحْدَاهَا لَا يُقَامُ إلَّا لِلْوَالِدَيْنِ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ قَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: لَا يَقُومُ أَحَدٌ لِأَحَدٍ إلَّا الْوَلَدُ لِوَالِدِهِ أَوْ أُمِّهِ، أَمَّا غَيْرُ الْوَالِدَيْنِ فَلَا. نَهَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَنْ ذَلِكَ.

(الثَّانِيَةُ) : يُكْرَهُ الْقِيَامُ إلَّا لِقَادِمٍ مِنْ سَفَرٍ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي رِوَايَةِ مُثَنَّى: لَا يَقُومُ أَحَدٌ لِأَحَدٍ، وَأَمَّا إذَا قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَلَا أَعْلَمُ بِهِ بَأْسًا إذَا كَانَ عَلَى التَّدَيُّنِ مَحَبَّةً فِي اللَّهِ أَرْجُو لِحَدِيثِ جَعْفَرٍ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم اعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَ بَيْنَ عَيْنَيْهِ» .

(الثَّالِثَةُ) تُؤْخَذُ مِنْ نُصُوصِهِ وَهِيَ مُوَافِقَةٌ لِمَا قَالَهُ الْأَصْحَابُ أَنْ يُقَامَ لِلْإِمَامِ، وَقِيلَ الْعَادِلِ، وَأَهْلِ الْعِلْمِ وَالدِّينِ وَالْوَرَعِ وَالنَّسَبِ وَالْوَالِدَيْنِ، وَلِمَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْهُ، وَكَرِيمِ قَوْمٍ، قَالَ الْمَرُّوذِيُّ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مِنْ أَشَدِّ النَّاسِ إكْرَامًا لِإِخْوَانِهِ، وَمَنْ هُوَ أَسَنُّ مِنْهُ.

وَجَاءَ أَبُو إبْرَاهِيمَ الزُّهْرِيُّ أَحْمَدُ بْنُ سَعْدٍ إلَى الْإِمَامِ أَحْمَدَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَآهُ وَثَبَ إلَيْهِ أَوْ قَامَ إلَيْهِ قَائِمًا فَأَكْرَمَهُ

ص: 320

فَلَمَّا أَنْ مَشَى قَالَ لَهُ ابْنُهُ عَبْدُ اللَّهِ يَا أَبَتِ أَبُو إبْرَاهِيمَ شَابٌّ وَتَعْمَلُ بِهِ هَذَا وَتَقُومُ إلَيْهِ؟ فَقَالَ لَهُ: يَا بُنَيَّ لَا تُعَارِضْنِي فِي مِثْلِ هَذَا أَلَا أَقُومُ إلَى ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ؟ ، «وَقَدْ قَامَ طَلْحَةُ رضي الله عنه لِكَعْبِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه لَمَّا تَابَ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَكَانَ بِحَضْرَةِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَلَمْ يُنْكِرْ ذَلِكَ» .

وَقَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَعْلَى اللَّهُ مَنَارَهُ، وَأَبْقَى عَلَى مَمَرِّ الْأَيَّامِ آثَارَهُ: تَرْكُ الْقِيَامِ كَانَ شِعَارَ السَّلَفِ، ثُمَّ صَارَ تَرْكُ الْقِيَامِ كَالْأَهْوَانِ بِالشَّخْصِ، فَيَنْبَغِي أَنْ يُقَامَ لَمَنْ يَصْلُحُ.

قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ فِي الْفَتَاوَى الْمِصْرِيَّةِ: يَنْبَغِي تَرْكُ الْقِيَامِ فِي اللِّقَاءِ الْمُتَكَرِّرِ وَالْمُعْتَادِ، وَنَحْوِهِ لَكِنْ إذَا اعْتَادَ النَّاسُ الْقِيَامَ وَقَدِمَ مَنْ لَا يَرَى كَرَامَتَهُ إلَّا بِهِ فَلَا بَأْسَ بِهِ.

فَالْقِيَامُ دَفْعًا لِلْعَدَاوَةِ وَالْفَسَادِ خَيْرٌ مِنْ تَرْكِهِ الْمُفْضِي إلَى الْفَسَادِ. وَيَنْبَغِي مَعَ هَذَا أَنْ يُسْعَى فِي الِاصْطِلَاحِ عَلَى مُتَابَعَةِ السُّنَّةِ. وَقَدْ صَحَّ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَا يَرْحَمُ صَغِيرَنَا وَيَعْرِفُ حَقَّ كَبِيرِنَا» وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ بِلَفْظِ «وَيَعْرِفُ شَرَفَ كَبِيرِنَا» .

وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ عُبَادَةَ مَرْفُوعًا «لَيْسَ مِنْ أُمَّتِي مَنْ لَمْ يُجِلَّ كَبِيرَنَا، وَيَرْحَمُ صَغِيرَنَا، وَيَعْرِفُ لِعَالِمِنَا حَقَّهُ» . وَقَالَ صلى الله عليه وسلم «الْبَرَكَةُ مَعَ أَكَابِرِكُمْ» رَوَاهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي صَحِيحِهِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ.

وَلِأَبِي دَاوُد بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ مِنْ حَدِيثِ أَبِي مُوسَى «إنَّ مِنْ إجْلَالِ اللَّهِ إكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الْمُسْلِمِ، وَحَامِلِ الْقُرْآنِ غَيْرِ الْمُغَالِي فِيهِ وَلَا الْجَافِي عَنْهُ، وَإِكْرَامَ ذِي السُّلْطَانِ الْمُقْسِطِ» قَالَ ابْنُ حَزْمٍ: اتَّفَقُوا عَلَى إيجَابِ تَوْقِيرِ أَهْلِ الْقُرْآنِ وَالْإِسْلَامِ وَالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم، وَكَذَلِكَ الْخَلِيفَةُ وَالْفَاضِلُ وَالْعَالِمُ، وَمَا عَدَا مَنْ ذَكَرْنَا مِنْ الَّذِينَ يُقَامُ لَهُمْ مِنْ السُّلْطَانِ وَالْعَالِمِ وَالْوَالِدِ وَالسَّيِّدِ وَمَنْ نَبَّهْنَا عَلَيْهِمْ مِنْ الْكَرِيمِ وَالْحَسِيبِ وَالشَّائِبِ، فَالْقِيَامُ لِغَيْرِهِمْ (كُرْهُهُ) أَيْ كَرَاهَتَهُ تَنْزِيهًا (امْهَدْ) فِعْلُ أَمْرٍ مِنْ مَهَدَ كَمَنَعَ وَحُرِّكَ بِالْكَسْرِ لِلْقَافِيَةِ. يُقَال مَهَدَهُ كَمَنَعَهُ، وَتَمْهِيدُ الْأَمْرِ تَسْوِيَتُهُ وَإِصْلَاحُهُ، وَتَمْهِيدُ الْعُذْرِ بَسْطُهُ وَقَبُولُهُ.

ص: 321

فَيَحْتَمِلُ أَنَّ النَّاظِمَ أَرَادَ اقْبَلْ كَرَاهَةَ الْقِيَامِ لِغَيْرِ مَنْ ذُكِرَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَرَادَ اُبْسُطْ كَرَاهَةَ ذَلِكَ وَوَطِّئْهَا وَانْشُرْهَا وَهَيِّئْهَا. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَيُكْرَهُ الْقِيَامُ لِأَهْلِ الْمَعَاصِي وَالْفُجُورِ.

وَاَلَّذِي يُقَامُ لَهُ يَنْبَغِي أَنْ يَكْرَهَ ذَلِكَ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا وَلَا يَطْلُبَهُ؛ لِمَا أَخْرَجَ أَبُو دَاوُد بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ مُعَاوِيَةَ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» .

وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد وَابْنُ مَاجَهْ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: «خَرَجَ عَلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مُتَوَكِّئًا عَلَى عَصًا فَقُمْنَا إلَيْهِ، فَقَالَ لَا تَقُومُوا كَمَا تَقُومُ الْأَعَاجِمُ يُعَظِّمُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا» وَلِذَا قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: النَّهْيُ قَدْ وَقَعَ عَلَى السُّرُورِ بِتِلْكَ الْحَالِ، فَإِذَا لَمْ يُسَرَّ بِالْقِيَامِ لَهُ وَقَامُوا إلَيْهِ فَغَيْرُ مَمْنُوعٍ.

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ أَبُو بَكْرٍ وَالْقَاضِي وَمَنْ تَبِعَهُمَا: فَرَّقُوا بَيْنَ الْقِيَامِ لِأَهْلِ الدِّينِ وَغَيْرِهِمْ، فَاسْتَحَبُّوهُ لِطَائِفَةٍ، وَكَرِهُوهُ لِأُخْرَى. وَالتَّفْرِيقُ فِي مِثْلِ هَذَا بِالصِّفَاتِ فِيهِ نَظَرٌ.

وَقَالَ بَعْضُ الْأَصْحَابِ وَغَيْرُهُمْ فِي النَّهْيِ عَنْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ تَحْذِيرٌ مِنْ الْفِتْنَةِ وَالْعُجْبِ وَالْخُيَلَاءِ. مَعَ أَنَّ ابْنَ قُتَيْبَةَ قَالَ: إنَّمَا مَعْنَاهُ مَا تَفْعَلُهُ الْأَعَاجِمُ وَالْأُمَرَاءُ فِي زَمَانِنَا هَذَا أَنْ يَجْلِسَ، وَالنَّاسُ قِيَامٌ بَيْنَ يَدَيْهِ تَكَبُّرًا وَعُجْبًا. وَلِذَا قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ فِي مَنْ يَمْشِي النَّاسُ خَلْفَهُ إكْرَامًا: إنَّهَا ذِلَّةٌ لِلتَّابِعِ وَفِتْنَةٌ لِلْمَتْبُوعِ.

وَرَدَّ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي حَاشِيَةِ السُّنَنِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِأَنَّ سِيَاقَ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ يَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَإِنَّمَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ كَرِهَ الْقِيَامَ لَهُ لَمَّا خَرَجَ تَعْظِيمًا وَلِأَنَّ هَذَا لَا يُقَالُ لَهُ الْقِيَامُ لِلرَّجُلِ وَإِنَّمَا هُوَ الْقِيَامُ عَلَى رَأْسِ الرَّجُلِ أَوْ عِنْدَ الرَّجُلِ.

قَالَ: وَالْقِيَامُ يَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثِ مَرَاتِبَ، قِيَامٌ عَلَى رَأْسِ الرَّجُلِ، وَهُوَ فِعْلُ الْجَبَابِرَةِ، وَقِيَامٌ إلَيْهِ عِنْدَ قُدُومِهِ وَلَا بَأْسَ بِهِ، وَقِيَامٌ لَهُ عِنْدَ رُؤْيَتِهِ، وَهُوَ الْمُتَنَازَعُ فِيهِ انْتَهَى.

وَقَدْ وَرَدَ فِي خُصُوصِ الْقِيَامِ عَلَى رَأْسِ الْكَبِيرِ الْجَالِسِ مَا أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ عَنْ أَنَسٍ قَالَ: إنَّمَا هَلَكَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ بِأَنَّهُمْ عَظَّمُوا مُلُوكَهُمْ بِأَنْ قَامُوا وَهُمْ قُعُودٌ.

وَقَالَ أَبُو الْوَلِيدِ بْنُ رُشْدٍ إنَّ الْقِيَامُ يَقَعُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ:

ص: 322

الْأَوَّلُ: مَحْظُورٌ، وَهُوَ أَنْ يَقَعَ لِمَنْ يُرِيدُ أَنْ يُقَامَ لَهُ تَكَبُّرًا وَتَعَاظُمًا عَلَى الْقَائِمِينَ إلَيْهِ.

وَالثَّانِي: مَكْرُوهٌ، وَهُوَ أَنْ يَقَعَ لِمَنْ لَا يَتَكَبَّرُ وَلَا يَتَعَاظَمُ عَلَى الْقَائِمِينَ، وَلَكِنْ يَخْشَى أَنْ يَدْخُلَ نَفْسَهُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مَا يَحْذَرُ، وَلِمَا فِيهِ مِنْ التَّشَبُّهِ بِالْجَبَابِرَةِ.

وَالثَّالِثُ: جَائِزٌ، وَهُوَ أَنْ يَقَعَ عَلَى سَبِيلِ الْإِكْرَامِ لِمَنْ لَا يُرِيدُ ذَلِكَ وَيُؤْمَنُ مَعَهُ التَّشَبُّهُ بِالْجَبَابِرَةِ.

وَالرَّابِعُ: مَنْدُوبٌ، وَهُوَ أَنْ يَقُومَ لِمَنْ قَدِمَ مِنْ سَفَرٍ فَرَحًا بِقُدُومِهِ لِيُسَلِّمَ عَلَيْهِ، أَوْ إلَى مَنْ تَجَدَّدَتْ لَهُ نِعْمَةٌ فَيُهَنِّيهِ أَوْ مُصِيبَةٌ فَيُعَزِّيهِ انْتَهَى.

وَالْحَاصِلُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ أَنَّ الْقِيَامَ لِغَيْرِ مَنْ ذَكَرْنَا مَكْرُوهٌ.

وَالْقَاعِدَةُ زَوَالُ الْكَرَاهَةِ بِأَدْنَى حَاجَةٍ فَكَيْفَ بِالْمَصْلَحَةِ الرَّاجِحَةِ. وَقَدْ «قَامَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم لِجَمَاعَةٍ مِنْهُمْ سَيِّدَةُ نِسَاءِ الْعَالَمِ فَاطِمَةُ بُضْعَتُهُ الشَّرِيفَةُ عليها السلام» .

قَالَتْ سَيِّدَتُنَا وَأُمُّنَا عَائِشَةُ الصِّدِّيقَةُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهَا: «مَا رَأَيْت أَحَدًا كَانَ أَشْبَهَ سَمْتًا وَهَدْيًا وَدَلًّا بِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِنْ فَاطِمَةَ كَانَتْ إذَا دَخَلَتْ عَلَيْهِ قَامَ إلَيْهَا فَأَخَذَ بِيَدِهَا وَقَبَّلَهَا وَأَجْلَسَهَا فِي مَجْلِسِهِ» رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

«وَمِنْهُمْ جَعْفَرُ بْنُ أَبِي طَالِبٍ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم تَلَقَّاهُ لَمَّا قَدِمَ مِنْ الْحَبَشَةِ فَالْتَزَمَهُ، وَقَبَّلَ مَا بَيْنَ عَيْنَيْهِ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ» .

وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ عَنْ وَاثِلَةَ بْنِ الْخَطَّابِ رضي الله عنه وَهُوَ صَحَابِيٌّ سَكَنَ دِمَشْقَ قَالَ «دَخَلَ رَجُلٌ الْمَسْجِدَ، وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسٌ فَتَحَرَّكَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ رَجُلٌ: إنَّ فِي الْمَكَانِ سَعَةً، فَقَالَ لِلْمُؤْمِنِ أَوْ لِلْمُسْلِمِ حَقٌّ» .

وَمِنْهُمْ عِكْرِمَةُ بْنُ أَبِي جَهْلٍ، لَمَّا دَخَلَ عَلَيْهِ مُسْلِمًا مُهَاجِرًا قَامَ إلَيْهِ فَرَحًا بِقُدُومِهِ. رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ طَرِيقِ الْوَاقِدِيِّ بِسَنَدِهِ مَرْفُوعًا، وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنْ الزُّهْرِيِّ مُرْسَلًا. وَمِنْهُمْ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ رضي الله عنه. رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ «دَخَلَ زَيْدُ بْنُ حَارِثَةَ الْمَدِينَةَ: وَرَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم -

ص: 323

فِي بَيْتِي فَأَتَاهُ فَقَرَعَ الْبَابَ فَقَامَ إلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عُرْيَانًا يَجُرُّ ثَوْبَهُ وَاَللَّهِ مَا رَأَيْته عُرْيَانًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ، فَاعْتَنَقَهُ وَقَبَّلَهُ» . وَمِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ.

قَالَ الْخَطَّابِيُّ فِي بَاب الضَّرِيرِ يُوَلَّى مِنْ كِتَابِ الْإِمَارَةِ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَقُومُ لِابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ كُلَّمَا أَقْبَلَ وَيَقُولُ مَرْحَبًا بِمَنْ عَاتَبَنِي فِيهِ رَبِّي عز وجل» وَذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ غَيْرُ الْخَطَّابِيِّ مِنْ غَيْرِ لَفْظِ الْقِيَامِ.

وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَجْلِسُ مَعَنَا فِي الْمَجْلِسِ يُحَدِّثُنَا فَإِذَا قَامَ قُمْنَا قِيَامًا حَتَّى نَرَاهُ قَدْ دَخَلَ بُيُوتَ أَزْوَاجِهِ» .

وَعَنْ جَرِيرٍ رضي الله عنه «أَنَّهُ قَدِمَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَأَلْقَى لَهُ كِسَاءَهُ ثُمَّ أَقْبَلَ عَلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ إذَا جَاءَكُمْ كَرِيمُ قَوْمٍ فَأَكْرِمُوهُ» رَوَاهُ الْبَيْهَقِيُّ مِنْ أَوْجُهٍ كُلُّهَا ضَعِيفَةٌ عِنْدَهُمْ. وَرَوَى مُرْسَلًا عَنْ الشَّعْبِيِّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ إلَيْهِ.

وَرَوَى أَبُو دَاوُد عَنْ عَمْرِو بْنِ السَّائِبِ أَنَّهُ بَلَغَهُ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدِمَ أَبُوهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَأَجْلَسَهُ عَلَى بَعْضِ ثَوْبِهِ، ثُمَّ أَقْبَلَتْ أُمُّهُ فَوَضَعَ شِقَّ ثَوْبِهِ مِنْ جَانِبِهِ الْآخَرِ فَجَلَسَتْ عَلَيْهِ، ثُمَّ أَقْبَلَ أَخُوهُ مِنْ الرَّضَاعَةِ فَقَامَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَأَجْلَسَهُ بَيْنَ يَدَيْهِ» . مُرْسَلٌ جَيِّدٌ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَخْبَارِ وَالْآثَارِ.

وَلِذَا قَالَ أَبُو الْمَعَالِي مِنْ أَئِمَّتِنَا: وَإِكْرَامُ الْعُلَمَاءِ وَأَشْرَافِ الْقَوْمِ بِالْقِيَامِ سُنَّةٌ مُسْتَحَبَّةٌ. وَكُرِهَ أَنْ يَطْمَعَ فِي الْقِيَامِ لَهُ لِلْحَدِيثِ. وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: إذَا اعْتَادَ النَّاسُ قِيَامَ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فَقِيَامُهُمْ لِكِتَابِ اللَّهِ أَحَقُّ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ الْإِمَامُ مَجْدُ الدِّينِ بْنُ تَيْمِيَّةَ فِي مُنْتَقَى الْأَحْكَامِ «عَنْ قِيَامِ الْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ عَلَى رَأْسِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِالسَّيْفِ فِي صُلْحِ الْحُدَيْبِيَةِ: فِيهِ اسْتِحْبَابُ الْفَخْرِ وَالْخُيَلَاءِ فِي الْحَرْبِ لِإِرْهَابِ الْعَدُوِّ وَأَنَّهُ لَيْسَ بِدَاخِلٍ فِي ذَمِّهِ لِمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ قِيَامًا» . وَكَذَا قَالَ غَيْرُهُ.

وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ إقَامَةَ الرَّئِيسِ الرِّجَالَ عَلَى رَأْسِهِ فِي مَقَامِ الْخَوْفِ وَمَوَاطِنِ الْحُرُوبِ جَائِزٌ، وَأَنَّ قَوْلَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ

ص: 324

أَرَادَ أَنْ يَتَمَثَّلَ لَهُ الرِّجَالُ صُفُوفًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنْ النَّارِ» إنَّمَا هُوَ فِيمَنْ قَصَدَ بِهِ الْكِبْرَ، وَذَهَبَ مَذْهَبَ النَّخْوَةِ وَالْجَبْرِيَّةِ. انْتَهَى كَلَامُهُ.

قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ أَنَّ مَنْ فَعَلَ ذَلِكَ لِمَقْصُودٍ شَرْعِيٍّ لَا بَأْسَ بِهِ. وَقَالَ فِي السِّيرَةِ الشَّامِيَّةِ فِي «قِيَامِ الْمُغِيرَةِ عَلَى رَأْسِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بِالسَّيْفِ» : فِيهِ جَوَازُ الْقِيَامِ عَلَى رَأْسِ الْأَمِيرِ بِهِ بِقَصْدِ الْحِرَاسَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ تَرْهِيبِ الْعَدُوِّ، وَلَا يُعَارِضُهُ النَّهْيُ عَنْ الْقِيَامِ عَلَى رَأْسِ الْجَالِسِ؛ لِأَنَّ مَحَلَّهُ إذَا كَانَ عَلَى وَجْهِ الْعَظَمَةِ وَالْكِبْرِ انْتَهَى.

وَلَمَّا ذَكَرَ الْقِيَامَ بَعْدَ الِاسْتِئْذَانِ وَهُمَا مِنْ مُتَعَلَّقَاتِ السَّلَامِ، ذَكَرَ الْمُصَافَحَةَ؛ لِأَنَّهَا مِنْ مُتَعَلَّقَاتِهِ أَيْضًا فَقَالَ:

مَطْلَبٌ: فِي الْمُصَافَحَةِ

وَصَافِحْ لِمَنْ تَلْقَاهُ مِنْ كُلِّ مُسْلِمِ

تَنَاثَرْ خَطَايَاكُمْ كَمَا فِي الْمُسْنَدِ

(وَصَافِحْ) أَيُّهَا الْأَخُ الْحَرِيصُ عَلَى اقْتِفَاءِ الْمَأْثُورِ، وَامْتِثَالِ الْوَارِدِ الْمَسْطُورِ، عَنْ النَّبِيِّ الْأَوَّابِ، الْمَبْعُوثِ بِالسُّنَّةِ وَالْكِتَابِ.

وَالْمُصَافَحَةُ مُفَاعَلَةٌ مَأْخُوذَةٌ مِنْ إلْصَاقِ صَفْحِ الْكَفِّ بِالْكَفِّ، وَإِقْبَالِ الْوَجْهِ عَلَى الْوَجْهِ. يُقَالُ صَافَحْته أَفْضَيْت بِيَدِي إلَى يَدِهِ. وَفِي الْقَامُوسِ: الْمُصَافَحَةُ الْأَخْذُ بِالْيَدِ كَالتَّصَافُحِ (لِمَنْ) أَيْ رَجُلًا مُسْلِمًا وَكَذَا صَبِيًّا حَيْثُ وَثِقْت مِنْ نَفْسِك وَأَمِنْت مِنْ الْفِتْنَةِ بِهِ لِقَصْدِ تَعْلِيمِهِ حُسْنَ الْخُلُقِ، وَكَذَا عَجُوزٌ إلَّا الشَّابَّةَ الْأَجْنَبِيَّةَ فَتَحْرُمُ مُصَافَحَتُهَا لِلرَّجُلِ كَمَا فِي الْفُصُولِ وَالرِّعَايَةِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ كَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّ الْمُصَافَحَةَ مِنْ النَّظَرِ. وَأَطْلَقَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ مَنْصُورٍ كَرَاهَةَ مُصَافَحَةِ النِّسَاءِ.

وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مِهْرَانَ قَالَ: قُلْت فَيُصَافِحُهَا بِثَوْبِهِ؟ قَالَ: لَا. وَالتَّحْرِيمُ اخْتِيَارُ الشَّيْخِ. وَعُلِّلَ بِأَنَّ الْمُلَامَسَةَ أَبْلَغُ مِنْ النَّظَرِ.

(تَلْقَاهُ مِنْ كُلِّ مُسْلِمٍ) مَا عَدَا مَا ذَكَرْنَا مِنْ الشَّابَّةِ الْأَجْنَبِيَّةِ وَمَنْ يَخَافُ بِهِ فِتْنَةً. وَأَفْهَمَ أَنَّهُ لَا يُصَافِحُ غَيْرَ الْمُسْلِمِ، وَهُوَ كَذَلِكَ، فَقَدْ سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه عَنْ مُصَافَحَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ فَقَالَ: لَا يُعْجِبُنِي، وَشَمِلَ إطْلَاقُهُ مُصَافَحَةَ الرَّجُلِ الرَّجُلَ وَالْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ.

وَكَذَا الْأَمْرَدُ الْأَمْرَدَ بِالشَّرْطِ الْمَذْكُورِ، وَهُوَ

ص: 325

كَذَلِكَ. فَإِنْ تَفْعَلْ مِنْ مُصَافَحَةِ مَنْ تَلْقَاهُ (تُنَاثَرْ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ أَوْ لِلْفَاعِلِ بِحَذْفِ إحْدَى التَّاءَيْنِ تَخْفِيفًا وَالْأَصْلُ تَتَنَاثَرُ وَهُوَ مَجْزُومٌ فِي جَوَابِ الْأَمْرِ.

وَالتَّنَاثُرُ مِنْ النَّثْرِ يُقَالُ نَثَرَ الشَّيْءَ يَنْثُرُهُ وَنَثَرَهُ نَثْرًا وَنِثَارًا رَمَاهُ مُتَفَرِّقًا كَنَثَرَهُ فَتَنَاثَرَ وَالْمَعْنَى تَتَسَاقَطُ (خَطَايَاكُمْ) جَمْعُ خَطِيئَةٍ. وَهِيَ الذَّنْبُ أَوْ مَا يُتَعَمَّدُ مِنْهُ كَالْخِطْءِ بِالْكَسْرِ وَالْخَطَأِ مَا لَمْ يُتَعَمَّدْ، وَالْمُرَادُ هُنَا: مُطْلَقُ الذُّنُوبِ الْعَمْدِ وَغَيْرِهَا، وَأَرَادَ خَطَايَا الْمُتَصَافِحَيْنِ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَرَى الْجَمْعَ مَا زَادَ عَلَى الْوَاحِدِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى (فَإِنْ كَانَ لَهُ إخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ) يَعْنِي أَخَوَيْنِ فَصَاعِدًا (كَمَا فِي) الْحَدِيثِ (الْمُسَنَّدِ) مُخَفَّفًا وَشَدَّدَهُ ضَرُورَةً لِلْوَزْنِ.

وَفِي ذَلِكَ عِدَّةُ أَخْبَارٍ، عَنْ النَّبِيِّ الْمُخْتَارِ صلى الله عليه وسلم مَا تَعَاقَبَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ. مِنْهَا مَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ الْبَرَاءِ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ يَلْتَقِيَانِ فَيَتَصَافَحَانِ إلَّا غُفِرَ لَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَتَفَرَّقَا» .

وَفِي رِوَايَةٍ لِأَبِي دَاوُد قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا الْتَقَى الْمُسْلِمَانِ فَتَصَافَحَا وَحَمِدَا اللَّهَ - تَعَالَى - وَاسْتَغْفَرَاهُ غُفِرَ لَهُمَا» . وَأَخْرَجَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَاللَّفْظُ لَهُ وَالْبَزَّارُ وَأَبُو يَعْلَى عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «مَا مِنْ مُسْلِمَيْنِ الْتَقَيَا فَأَخَذَ أَحَدُهُمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ إلَّا كَانَ حَقًّا عَلَى اللَّهِ عز وجل أَنْ يَحْضُرَ دُعَاءَهُمَا وَلَا يُفَرِّقَ بَيْنَ أَيْدِيهِمَا حَتَّى يَغْفِرَ لَهُمَا» .

وَقَالَ أَنَسٌ رضي الله عنه: كَانَ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذَا تَلَاقَوْا تَصَافَحُوا، وَإِذَا قَدِمُوا مِنْ سَفَرٍ تَعَانَقُوا. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْأَوْسَطِ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ عَنْ حُذَيْفَةَ بْنِ الْيَمَانِ رضي الله عنه عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «إنَّ الْمُؤْمِنَ إذَا لَقِيَ الْمُؤْمِنَ فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَأَخَذَ بِيَدِهِ فَصَافَحَهُ تَنَاثَرَتْ خَطَايَاهُمَا كَمَا يَتَنَاثَرُ وَرَقُ الشَّجَرِ» وَهَذَا الْخَبَرُ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ النَّاظِمُ رحمه الله.

وَرَوَى الْبَزَّارُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَ حُذَيْفَةَ فَأَرَادَ أَنْ يُصَافِحَهُ فَتَنَحَّى حُذَيْفَةُ فَقَالَ: إنِّي كُنْت جُنُبًا فَقَالَ: إنَّ الْمُسْلِمَ إذَا صَافَحَ أَخَاهُ تَحَاتَّتْ خَطَايَاهُمَا كَمَا يَتَحَاتَّ وَرَقُ الشَّجَرِ» .

ص: 326

وَالطَّبَرَانِيُّ عَنْ سَلْمَانَ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مَرْفُوعًا «إنَّ الْمُسْلِمَ إذَا لَقِيَ أَخَاهُ فَأَخَذَ بِيَدِهِ تَحَاتَّتْ عَنْهُمَا ذُنُوبُهُمَا كَمَا يَتَحَاتَّ الْوَرَقُ عَنْ الشَّجَرَةِ الْيَابِسَةِ فِي يَوْمِ رِيحٍ عَاصِفٍ، وَإِلَّا غُفِرَ لَهُمَا وَلَوْ كَانَتْ ذُنُوبُهُمَا مِثْلَ زَبَدِ الْبَحْرِ» .

وَفِي التِّرْمِذِيِّ عَنْ ابْنِ مَسْعُودٍ مَرْفُوعًا «مِنْ تَمَامِ التَّحِيَّةِ الْأَخْذُ بِالْيَدِ» .

وَفِي الْبُخَارِيِّ وَالتِّرْمِذِيِّ عَنْ قَتَادَةَ: قُلْت لِأَنَسٍ رضي الله عنه أَكَانَتْ الْمُصَافَحَةُ فِي أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ قَالَ نَعَمْ.

وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُد عَنْ أَيُّوبَ بْنِ بَشِيرٍ الْعَدَوِيِّ عَنْ رَجُلٍ مِنْ عِتْرَةَ وَاسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ كَمَا قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ وَهُوَ مَجْهُولٌ قَالَ قُلْت لِأَبِي ذَرٍّ حَيْثُ سُيِّرَ إلَى الشَّامِ إنِّي أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَك عَنْ حَدِيثٍ مِنْ حَدِيثِ رَسُولِ اللَّهِ، قَالَ إذَنْ أُخْبِرَكَ بِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ سِرًّا، قُلْت إنَّهُ لَيْسَ بِسِرٍّ، «هَلْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَافِحُكُمْ إذَا لَقِيتُمُوهُ؟ قَالَ مَا لَقِيته قَطُّ إلَّا صَافَحَنِي وَبَعَثَ إلَيَّ ذَاتَ يَوْمٍ وَلَمْ أَكُنْ فِي أَهْلِي فَجِئْت فَأُخْبِرْت أَنَّهُ أَرْسَلَ إلَيَّ فَأَتَيْته وَهُوَ عَلَى سَرِيرِهِ فَالْتَزَمَنِي فَكَانَتْ تِلْكَ أَجْوَدَ وَأَجْوَدَ» .

وَقَالَ عَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «تَصَافَحُوا يَذْهَبْ الْغِلُّ، وَتَهَادَوْا تَحَابُّوا وَتَذْهَبْ الشَّحْنَاءُ» رَوَاهُ الْإِمَامُ مَالِكٌ هَكَذَا مُعْضَلًا، وَقَدْ أَسْنَدَهُ مِنْ طُرُقٍ فِيهَا مَقَالٌ. وَأَخْرَجَ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ فِيهِ نَظَرٌ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ مَرْفُوعًا «إنَّ الْمُسْلِمَيْنِ إذَا الْتَقَيَا فَتَصَافَحَا وَتَسَاءَلَا أَنْزَلَ اللَّهُ بَيْنَهُمَا مِائَةَ رَحْمَةٍ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ لِأَبَشِّهِمَا وَأَطْلَقِهِمَا وَأَبَرِّهِمَا وَأَحْسَنِهِمَا مَسْأَلَةً بِأَخِيهِ» وَمَعْنَى لِأَبَشِّهِمَا أَكْثَرُهُمَا بَشَاشَةً وَهِيَ طَلَاقَةُ الْوَجْهِ مَعَ التَّبَسُّمِ وَحَسَنِ الْإِقْبَالِ وَاللُّطْفِ فِي الْمَسْأَلَةِ وَمَعْنَى أَطْلَقَهُمَا أَكْثَرُهُمَا وَأَبْلَغُهُمَا طَلَاقَةً وَهِيَ بِمَعْنَى الْبَشَاشَةِ.

وَرُوِيَ عَنْ عُمَرَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «إذَا الْتَقَى الرَّجُلَانِ الْمُسْلِمَانِ فَسَلَّمَ أَحَدُهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ فَإِنَّ أَحَبَّهُمَا إلَى اللَّهِ أَحْسَنُهُمَا بِشْرًا لِصَاحِبِهِ، فَإِذَا تَصَافَحَا نَزَلَتْ عَلَيْهِمَا مِائَةُ رَحْمَةٍ لِلْبَادِئِ مِنْهُمَا تِسْعُونَ وَلِلْمُصَافِحِ عَشْرَةٌ» .

وَفِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنْ أَنَسٍ لَمَّا جَاءَ أَهْلُ الْيَمَنِ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «قَدْ جَاءَكُمْ أَهْلُ الْيَمَنِ وَهُمْ أَوَّلُ مَنْ جَاءَ بِالْمُصَافَحَةِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد.

ص: 327