المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مطلب: في هجر من أعلن بالمعاصي] - غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب - جـ ١

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌الْكَلَامُ عَلَى الْبَسْمَلَةِ

- ‌[الْكَلَامُ عَلَى الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ]

- ‌ مَعْنَى صَلَاةِ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم أَفْضَلُ الْخَلْقِ

- ‌فَضْلُ الِابْتِدَاءِ بِالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَطْلَبٌ: فِي مَرَاتِبِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الدُّعَاءِ

- ‌[مَعْنَى الْآلِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ]

- ‌مَطْلَبٌ: الصُّحْبَةُ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ

- ‌مَطْلَبٌ: الْهِدَايَةُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ

- ‌مَطْلَبٌ: عَدَدُ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ تَجُوزُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ اسْتِقْلَالًا أَمْ لَا

- ‌مَطْلَبٌ: أَوَّلُ مَنْ نَطَقَ بِأَمَّا بَعْدُ

- ‌[مطلب: النَّاس فِي الْأَدَب عَلَى طَبَقَات]

- ‌مَطْلَبٌ: مَثَلُ الْإِيمَانِ كَبَلْدَةٍ لَهَا خَمْسُ حُصُونٍ

- ‌[مَطْلَبٌ: مَرَاتِبُ الْعِلْمِ]

- ‌مَطْلَبٌ: مَرَاتِبُ التَّعَلُّمِ سِتَّةٌ، وَحِرْمَانُ الْعِلْمِ بِسِتَّةٍ

- ‌مَطْلَبٌ: النَّصِيحَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا:

- ‌مَطْلَبٌ: النَّصِيحَةُ لِلَّهِ فَرْضٌ وَنَافِلَةٌ

- ‌مَطْلَبٌ: بَيَانُ النَّصِيحَةِ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ

- ‌مَطْلَبٌ: يُرَادُ لِلْعَالِمِ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ

- ‌مَطْلَبٌ: لِزَكَاةِ الْعِلْمِ طَرِيقَتَانِ

- ‌[مَطْلَب: الْقُلُوبُ ثَلَاثَةٌ]

- ‌مَطْلَبٌ: الْمُوبِقَاتُ السَّبْعُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ طَرَفٍ مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ الْكَلَامُ أَفْضَلُ مِنْ السُّكُوتِ أَمْ الْعَكْسُ

- ‌مَطْلَبٌ: أَيُّ الْجَارِحَتَيْنِ أَفْضَلُ اللِّسَانُ أَمْ الْعَيْنَانِ

- ‌مَطْلَبٌ هَلْ السَّمْعُ أَفْضَلُ أَمْ الْبَصَرُ

- ‌مَطْلَبٌ هَلْ الْمَلَكَانِ يَكْتُبَانِ كُلَّ مَا يَتَكَلَّمُهُ الْإِنْسَانُ

- ‌مَطْلَبٌ فِي غَضِّ الطَّرْفِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي فَوَائِدِ غَضِّ الْبَصَرِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي نِكَاتٍ لَطِيفَةٍ وَأَخْبَارٍ ظَرِيفَةٍ

- ‌مَطْلَبٌ: يَنْقَسِمُ النَّظَرُ إلَى أَقْسَامٍ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذَمِّ الْغِيبَةِ

- ‌مَطْلَبٌ: مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ يَجُوزُ ذِكْرُ الْإِنْسَانِ بِمَا يَكْرَهُ إذَا كَانَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ يَجُوزُ ذِكْرُ الْإِنْسَانِ بِمَا يَكْرَهُ لِمَصْلَحَةٍ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ النَّمِيمَةِ وَمَا وَرَدَ فِي ذَمِّهَا

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ يَكْفِي فِي التَّوْبَةِ مِنْ الْغِيبَةِ الِاسْتِغْفَارُ لِلْمُغْتَابِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حُرْمَةِ إفْشَاءِ السِّرِّ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ التَّحَدُّثِ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِمَا صَارَ بَيْنَهُمَا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حُرْمَةِ اللَّعْنِ لِمُعَيَّنٍ وَمَا وَرَدَ فِيهِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الْفُحْشِ وَذِكْرِ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي النَّهْيِ عَنْهُ:

- ‌[النَّهْي عَنْ الْمَكْر]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي النَّهْيِ عَنْ الْفُحْشِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِيمَا وَرَدَ فِي ذَمِّ الْخُدْعَةِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي السُّخْرِيَةِ وَالْهُزُوِ وَمَا وَرَدَ فِيهِمَا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَصْلُحُ الْكَذِبُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ»

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ الْمُرَادُ بِمَا أُبِيحَ بِهِ الْكَذِبُ التَّوْرِيَةُ أَوْ مُطْلَقًا

- ‌مَطْلَبٌ: يَنْبَغِي الْعُدُولُ لِلْمَعَارِيضِ مَا أَمْكَنَ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي تَعْرِيفِ الْكَذِبِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي مَثَالِبِ الْكَذِبِ

- ‌[مَطْلَبُ: الزَّمَّارِ مُؤَذِّنُ الشَّيْطَانِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حُكْمِ الْمُطْرِبِ كَالطُّنْبُورِ وَالْعُودِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي حَظْرِ الْغِنَاءِ وَإِبَاحَتِهِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الْغِنَاءِ الْيَسِيرِ لِمَنْ يَسْتَتِرُ فِي بَيْتِهِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغِنَاءِ وَاسْتِمَاعِهِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ أَقْوَالِ السَّادَةِ الصُّوفِيَّةِ فِي السَّمَاعِ إلَى الْغِنَاءِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ تَحْرِيمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّرِيحِ لِآلَاتِ اللَّهْوِ وَالْمَعَازِفِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حُكْمِ الْحُدَاءِ الَّذِي تُسَاقُ بِهِ الْإِبِلُ وَنَشِيدِ الْأَعْرَابِ:

- ‌فَوَائِدُ فِي أَوَّلِ مَنْ وَضَعَ عِلْمَ الْمُوسِيقَى وَالْعُودِ لِلْغِنَاءِ وَأَوَّلِ مَنْ غَنَّى فِي الْعَرَبِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي تِلَاوَةِ آيَاتِ الْكِتَابِ الْمَجِيدِ مُلَحَّنَةً

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ الشِّعْرِ الْمُبَاحِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي سَمَاعِهِ صلى الله عليه وسلم شِعْرَ أَصْحَابِهِ وَتَشْبِيبَهُمْ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ مِنْ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً

- ‌مَطْلَبٌ: فِي وُفُودِ بَنِي تَمِيمٍ

- ‌[تَنْبِيه: أَوَّلَ مَنْ نَطَقَ بِالشِّعْرِ]

- ‌[طَبَقَات الشُّعَرَاء]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حَظْرِ الْهِجَاءِ وَالْمَدْحِ بِالزُّورِ

- ‌حِكَايَاتٌ لَطِيفَةٌ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي وُجُوبِ كَفِّ الْجَوَارِحِ عَنْ الْمَحْظُورِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي التَّوَدُّدِ إلَى النَّاسِ وَأَنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ شَرْعًا وَطَبْعًا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ يُشْتَرَطُ لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ رَجَاءَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ يُشْتَرَطُ لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ الْعَدَالَةُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِيمَنْ الْتَزَمَ مَذْهَبًا وَخَالَفَهُ بِلَا دَلِيلٍ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي مَرَاتِبِ الْإِنْكَارِ:

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ مُهِمَّةٌ: فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ]

- ‌قِصَّةُ الْإِمَامِ شَمْسِ الدِّينِ مَعَ تَيْمُورَ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الْإِنْكَارِ عَلَى الصِّبْيَانِ لِتَأْدِيبِهِمْ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي زَجْرِ الذِّمِّيِّ إذَا جَهَرَ بِالْمُنْكَرَاتِ

- ‌مَطْلَبٌ: يَجِبُ عَلَى الْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يَبْدَأَ بِالرِّفْقِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَسْرِ الدُّفِّ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي عِظَمِ وِزْرِ الْمُصَوِّرِينَ وَكَسْرِ الصُّورَةِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي إتْلَافِ آلَةِ التَّنْجِيمِ وَالسِّحْرِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ مَا وَرَدَ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ

- ‌[مَطْلَبٌ: فِي هَجْرِ مَنْ أَعْلَنَ بِالْمَعَاصِي]

- ‌[مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ التَّجَسُّسِ وَالنَّهْيِ عَنْهُ]

- ‌مَطْلَبٌ: لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي هَجْرِ مَنْ يَدْعُو لِأَمْرٍ مُضِلٍّ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حَظْرِ انْتِفَاءِ التَّسْلِيمِ فَوْقَ ثَلَاثَةٍ:

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ يَزُولُ الْهَجْرُ الْمُحَرَّمُ بِالسَّلَامِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي فَضْلِ بَدْءِ السَّلَامِ وَرَدِّهِ وَأَنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى

- ‌مَطْلَبٌ: فِيمَا يَقُولُهُ الْبَادِئُ بِالسَّلَامِ وَجَوَابُ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِيمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ السَّلَامِ وَمَنْ لَا يَجِبُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي السَّلَامِ عَلَى الصِّبْيَانِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي اسْتِحْبَابِ تَسْلِيمِ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي تَعْرِيفِ لَفْظِ السَّلَامِ وَتَنْكِيرِهِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ كَيْفَ أَصْبَحْت وَكَيْفَ أَمْسَيْت

- ‌مَطْلَبٌ:فِي كَرَاهَةِ قَوْلِهِمْ: أَبْقَاك اللَّهُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَتْبِهِمْ فِي الرَّسَائِلِ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَ سَيِّدِي

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ قَوْلِهِمْ فِي السَّلَامِ جُعِلْت فِدَاك

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ طَرَفٍ مِنْ مَنَاقِبِ سَيِّدِنَا الْإِمَامِ أَحْمَدَ

- ‌[مَطْلَب: فِي اسْتِئْذَانِ مُرِيدِ الدُّخُولِ عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي صِفَةِ الِاسْتِئْذَانِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ طُرُوقًا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ وُقُوفِ الْمُسْتَأْذِنِ تِلْقَاءَ الْبَابِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي اسْتِحْبَابِ تَحْرِيكِ الْمُسْتَأْذِنِ نَعْلَيْهِ وَإِظْهَارِ حِسِّهِ

- ‌مَطْلَبٌ:يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْتَأْذِنِ إذَا قِيلَ لَهُ مَنْ أَنْتَ أَنْ يُسَمِّيَ نَفْسَهُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي جُلُوسِ الدَّاخِلِ حَيْثُ أَجْلَسَهُ رَبُّ الْمَنْزِلِ

- ‌مَطْلَبٌ: أَوَّلُ مَنْ صَافَحَ وَعَانَقَ سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ عليه السلام

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ الِانْحِنَاءِ وَجَوَازِ تَقْبِيلِ الرَّأْسِ وَالْيَدِ

- ‌مَطْلَبٌ: يُبَاحُ تَقْبِيلُ الْيَدِ وَالْمُعَانَقَةُ تَدَيُّنًا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ الْعِنَاقِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ مُنَاجَاةِ الِاثْنَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ حَالَ الرُّفْقَةِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ الْجُلُوسِ وَالْإِصْغَاءِ إلَى مَنْ يَتَحَدَّثُ سِرًّا بِغَيْرِ إذْنِهِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي النَّظَرِ إلَى الْأَمْرَدِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي صِلَةِ الرَّحِمِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ ذَوِي الرَّحِمِ الَّذِينَ يَجِبُ صِلَتُهُمْ

- ‌مَطْلَبٌ: قَطِيعَةُ الرَّحِمِ مِنْ الْكَبَائِرِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي جَوَابِ الْعُلَمَاءِ عَنْ كَيْفِيَّةِ بَسْطِ الرِّزْقِ وَتَأْخِيرِ الْأَجَلِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ حُسْنِ الْخُلُقِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ

- ‌مَطْلَبٌ: إذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ أَزْوَاجٌ لِمَنْ تَكُونُ فِي الْآخِرَةِ

- ‌[تَنْبِيهَات: فِي كَيْفِيَّة تحسين الخلق]

- ‌[بِرّ الْوَالِدَيْنِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمُصْطَفَوِيَّةِ فِي بِرِّ الْوَالِدَيْنِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ إذَا أَمَرَ الْأَبُ أَوْ الْأُمُّ وَلَدَهُمَا بِتَطْلِيقِ زَوْجَتِهِ يُجِيبُهُمَا أَمْ لَا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي تَقْدِيمِ بِرِّ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ

- ‌مَطْلَبٌ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ كَفَّارَةُ الْكَبَائِرِ

- ‌مَطْلَبٌ: لَوْ أَمَرَهُ أَبُوهُ بِتَنَاوُلِ الْمُشْتَبَهِ هَلْ تَجِبُ طَاعَتُهُ

- ‌[تَتِمَّة: حرمة الْوَالِدَيْنِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بِرِّ الرَّجُلِ أَبَوَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا:

- ‌ شَذْرَةً مِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الْحَمَّامِ وَكَيْفِيَّةِ الدُّخُولِ فِيهَا وَالِاسْتِحْمَامِ

- ‌فَوَائِدُ فِي أَشْيَاءَ مِنْ آدَابِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِالْأَلْحَانِ

- ‌مَطْلَبٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ الْقُرْآنُ بَدَلًا مِنْ الْكَلَامِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الِاسْتِمَاعِ لِلْقِرَاءَةِ وَالْخُشُوعِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي أَوَّلِ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَسَمَّاهُ مُصْحَفًا

- ‌[مَطْلَبٌ: فِي عَدَدِ حُرُوفِ الْقُرْآنِ وَكَلِمَاتِهِ وَآيَاتِهِ وجلالاته وَسُوَرِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ: فِي الْخِضَابِ وَفَوَائِدِ الْحِنَّاءِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ رَأَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَسَقًا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ طَرَفٍ مِنْ فَضَائِلِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ نَتْفِ الشَّيْبِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي أَوَّلِ مَنْ شَابَ وَاخْتَتَنَ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي عَدَدِ مَا شَابَ مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَطْلَبٌ: فِي أَوَّلِ مَنْ اخْتَرَعَ عِلْمَ الْبَدِيعِ

- ‌[حَلْقُ الشعر]

- ‌[تَغْطِيَةُ الْإِنَاءِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي إغْلَاقِ الْأَبْوَابِ وَطَفْءِ الْمَوْقِدِ

- ‌[مَطْلَبٌ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِيمَا يَقُولُ الْعَاطِسُ وَمَا يَقُولُ لَهُ الْمُشَمِّتُ

- ‌[فَوَائِد: فِي الْعُطَاس]

- ‌مَطْلَبٌ: لَا يُسْتَحَبُّ تَشْمِيتُ الذِّمِّيِّ

- ‌مَطْلَبٌ: إذَا تَرَكَ الْعَاطِسُ الْحَمْدَ هَلْ يُسْتَحَبُّ تِذْكَارُهُ أَمْ لَا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي تَغْطِيَةِ الْفَمِ وَكَظْمِهِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ:

- ‌[الطِّبّ وَالتَّدَاوِي]

- ‌مَطْلَبٌ: فِيمَا يَجُوزُ بِهِ التَّدَاوِي وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي مَعْنَى الْخَوْفِ وَمَرَاتِبِهِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي فَضَائِلِ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي أَنَّ لِلْخَوْفِ أَسْبَابًا وَأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حُسْنِ الظَّنِّ

الفصل: ‌[مطلب: في هجر من أعلن بالمعاصي]

تَغْسِيلِ ذَلِكَ الْإِنَاءِ بِالْمَاءِ الطَّهُورِ. فَإِنْ لَمْ يُمْكِنْ تَطْهِيرُهُ بِأَنْ كَانَ تَشْرَبُ النَّجَاسَةَ فَلَا ضَمَانَ بِأَنْ يَكُونَ الدَّنُّ أَوْ الزِّقُّ فَشَتْ فِيهِ النَّجَاسَةُ.

وَقَوْلُهُ (قَدْ) أَيْ حَسْبُ، يَعْنِي فَقَطْ دُونَ الَّذِي لَمْ يَطْهُرْ بِتَغْسِيلِهِ كَمَا قَدَّمْنَا بَيَانَهُ. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعَجْزِ عَنْ إزَالَةِ الْمُنْكَرِ بِدُونِ كَسْرٍ أَوْ شَقِّ وِعَاءِ الْخَمْرِ وَإِلَّا ضَمِنَ رِوَايَةً اخْتَارَهَا النَّاظِمُ رحمه الله نَقَلَهَا فِي الْإِنْصَافِ وَالْفُرُوعِ وَغَيْرِهِمَا وَهِيَ رِوَايَةُ الْأَثْرَمِ مِنْ الْإِمَامِ رضي الله عنه. وَالْمَذْهَبُ الْمَجْزُومُ بِهِ خِلَافُهُ.

قَالَ فِي الْإِنْصَافِ: لَمْ يَضْمَنْ سَوَاءٌ قَدَرَ عَلَى إرَاقَتِهَا بِدُونِ تَلَفِ الْإِنَاءِ أَوْ لَا. قَالَ وَهُوَ الْمَذْهَبُ نَقَلَهُ الْمَرُّوذِيُّ، وَقَدَّمَهُ فِي الْفُرُوعِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ وَالْمُنْتَهَى وَغَيْرِهِمَا وَهُوَ مِنْ الْمُفْرَدَاتِ.

وَحُجَّتُهُ حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما «أَمَرَنِي النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم أَنْ آتِيَهُ بِمُدْيَةٍ وَهِيَ الشَّفْرَةُ فَأَتَيْت بِهَا فَأَرْسَلَ بِهَا فَأُرْهِفَتْ ثُمَّ أَعْطَانِيهَا وَقَالَ أَعِدْ عَلَيَّ بِهَا فَفَعَلْت. فَخَرَجَ بِأَصْحَابِهِ إلَى أَسْوَاقِ الْمَدِينَةِ وَفِيهَا زُقَاقُ الْخَمْرِ قَدْ جُلِبَتْ مِنْ الشَّامِ، فَأَخَذَ الْمُدْيَةَ مِنِّي فَشَقَّ مَا كَانَ مِنْ تِلْكَ الزِّقَاقِ بِحَضْرَتِهِ كُلِّهَا، وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ الَّذِينَ كَانُوا مَعَهُ أَنْ يَمْضُوا مَعِي وَيُعَاوِنُونِي، وَأَمَرَنِي أَنْ آتِيَ الْأَسْوَاقَ كُلَّهَا فَلَا أَجِدُ فِيهَا زِقَّ خَمْرٍ إلَّا شَقَقْتُهُ» رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ.

وَكَذَا لَوْ أَحْرَقَ مَخْزِنَ خَمْرٍ لَمْ يَضْمَنْ كَمَا فِي الْهَدْيِ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ وَغَيْرِهِ. قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه: رَجُلٌ مُسْلِمٌ وُجِدَ فِي بَيْتِهِ خَمْرٌ، قَالَ يُرَاقُ الْخَمْرُ وَيُؤَدَّبُ، وَإِنْ كَانَتْ تِجَارَتَهُ يُحْرَقُ بَيْتُهُ كَمَا فَعَلَ عُمَرُ بِرُوَيْشِدٍ. انْتَهَى.

يُرِيدُ مَا رَوَتْ صَفِيَّةُ بِنْتُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ قَالَتْ: وَجَدَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رضي الله عنه فِي بَيْتِ رَجُلٍ مِنْ ثَقِيفٍ شَرَابًا فَأَمَرَ بِهِ عُمَرُ فَحُرِقَ بَيْتُهُ، وَكَانَ يُدْعَى (رُوَيْشِدٌ) فَقَالَ عُمَرُ: إنَّهُ فُوَيْسِقٌ.

وَقَالَ الْحَارِثُ: شَهِدَ قَوْمٌ عَلَى رَجُلٍ عِنْدَ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ يَصْطَنِعُ الْخَمْرَ فِي بَيْتِهِ فَيَشْرَبُهَا وَيَبِيعُهَا، فَأُمِرَ بِهَا فَكُسِرَتْ وَحُرِقَ بَيْتُهُ وَأُنْهِبَ مَالُهُ ثُمَّ جُلِدَ، وَنَفَاهُ. رَوَاهُمَا الْإِمَامُ ابْنُ بَطَّةَ مِنْ أَئِمَّةِ الْمَذْهَبِ رحمه الله وَرَضِيَ عَنْهُ.

[مَطْلَبٌ: فِي هَجْرِ مَنْ أَعْلَنَ بِالْمَعَاصِي]

وَلَمَّا بَيَّنَ النَّاظِمُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - الْأَمْرَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيَ عَنْ الْمُنْكَرِ بِمَرَاتِبِهِ الثَّلَاثَةِ وَبَيَّنَ طَرَفًا مِمَّا يُنْكِرُهُ وَيَكْسِرُهُ وَيُتْلِفُهُ. وَكَانَ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّهُ قَدْ لَا يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ كَمَا بَيَّنَ فِي الْمَرْتَبَةِ الثَّانِيَةِ أَوْ الثَّالِثَةِ مِنْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، فَيَكُونُ إنَّمَا أَنْكَرَ

ص: 255

بِلِسَانِهِ وَقَلْبِهِ أَوْ بِقَلْبِهِ فَقَطْ، وَمَنْ كَانَ كَذَلِكَ فَيَنْبَغِي هِجْرَانُهُ، أَعْقَبَ ذَلِكَ بِبَيَانِ هِجْرَانِ أَهْلِ الذُّنُوبِ وَالْعِصْيَانِ فَقَالَ:

مَطْلَبٌ: فِي هَجْرِ مَنْ أَعْلَنَ بِالْمَعَاصِي:

وَهِجْرَانُ مَنْ أَبْدَى الْمَعَاصِيَ سُنَّةٌ

وَقَدْ قِيلَ إنْ يَرْدَعْهُ أَوْجِبْ وَأَكِّدْ

(وَهِجْرَانُ) مَصْدَرُ هَجَرَهُ هَجْرًا بِالْفَتْحِ وَهِجْرًا بِالْكَسْرِ صَرَمَهُ قَالَ فِي النِّهَايَةِ: الْهَجْرُ ضِدُّ الْوَصْلِ يَعْنِي صَرْمَ وَقَطْعَ (مَنْ) أَيْ إنْسَانٍ مُكَلَّفٍ (أَبْدَى) أَيْ أَظْهَرَ وَأَعْلَنَ ذَلِكَ الْمُكَلَّفُ (الْمَعَاصِيَ) جَمْعُ مَعْصِيَةٍ وَهِيَ مَا يُعَابُ فَاعِلُهَا ضِدُّ الطَّاعَةِ. وَلَا فَرْقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَعَاصِي فِعْلِيَّةً أَوْ قَوْلِيَّةً أَوْ اعْتِقَادِيَّةً (سُنَّةٌ) مِنْ سُنَنِ الْمُصْطَفَى يُثَابُ الْإِنْسَانُ عَلَى فِعْلِهَا حَيْثُ كَانَ الْهَجْرُ لِلَّهِ تَعَالَى وَغَضَبًا لِارْتِكَابِ مَعَاصِيهِ أَوْ لِإِهْمَالِ أَوَامِرِهِ. قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه: إذَا عَلِمَ أَنَّهُ مُقِيمٌ عَلَى مَعْصِيَتِهِ وَهُوَ يَعْلَمُ بِذَلِكَ لَمْ يَأْثَمْ إنْ جَفَاهُ حَتَّى يَرْجِعَ، وَإِلَّا كَيْفَ يَتَبَيَّنُ لِلرَّجُلِ مَا هُوَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يَرَ مُنْكَرًا وَلَا جَفْوَةً مِنْ صَدِيقٍ. وَقَدْ هَجَرَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَعْبًا وَصَاحِبِيهِ وَأَمَرَ أَصْحَابَهُ بِهَجْرِهِمْ خَمْسِينَ يَوْمًا. وَهَجَرَ نِسَاءَهُ شَهْرًا. وَهَجَرَتْ سَيِّدَتُنَا عَائِشَةُ رضي الله عنها ابْنَ أُخْتِهَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهما مُدَّةً. وَهَجَرَ جَمَاعَةٌ مِنْ الصَّحَابَةِ وَمَاتُوا مُتَهَاجِرِينَ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ أَجْمَعِينَ -.

أَمَّا هِجْرَانُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم كَعْبًا وَصَاحِبَهُ وَهُمَا (مُرَارَةُ بْنُ رَبِيعَةَ) الْعَامِرِيُّ وَ (هِلَالُ بْنُ أُمَيَّةَ) الْوَاقِفِيُّ فَلِتَخَلُّفِهِمْ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ.

وَأَمَّا هِجْرَانُهُ أَهْلَهُ شَهْرًا فَلِكَلَامٍ أَغْضَبَهُ صلى الله عليه وسلم مِنْ طَلَبِ بَعْضِ أُمُورٍ وَشُئُونٍ مِنْهُ حَتَّى أَمَرَهُ اللَّهُ أَنْ يُخَيِّرَهُنَّ، فَخَيَّرَهُنَّ فَاخْتَرْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ.

وَأَمَّا هِجْرَانُ سَيِّدَتِنَا وَأُمِّنَا عَائِشَةَ رضي الله عنها ابْنَ أُخْتِهَا الْإِمَامَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ رضي الله عنهم فَلِفَرْطِ كَرَمِهَا رضي الله عنها وَعَدَمِ اكْتِرَاثِهَا بِالدُّنْيَا فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ رضي الله عنه: إنَّ هَذَا سَفَهٌ أَوْ كَلَامٌ مِنْ هَذَا الْمَعْنَى أَوْجَبَ غَضَبَ

ص: 256

عَائِشَةَ وَآلَتْ أَنْ لَا تُكَلِّمَهُ أَبَدًا.

وَلَفْظُ صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الزُّبَيْرِ قَالَ فِي بَيْعٍ أَوْ عَطَاءٍ أَعْطَتْهُ عَائِشَةُ لَتَنْتَهِيَنَّ عَائِشَةُ أَوْ لَأَحْجُرَنَّ عَلَيْهَا فَقَالَتْ قَالَ هَذَا؟ قَالُوا نَعَمْ. قَالَتْ هُوَ لِلَّهِ عَلَيَّ نَذْرٌ أَنْ لَا أُكَلِّمَ ابْنَ الزُّبَيْرِ أَبَدًا فَاسْتَشْفَعَ ابْنُ الزُّبَيْرِ إلَيْهَا حِينَ طَالَتْ الْهِجْرَةُ، فَقَالَتْ لَا وَاَللَّهِ لَا أُشَفِّعُ فِيهِ أَبَدًا. قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ: أَرَادَ الْبُخَارِيُّ بِإِيرَادِ أَثَرِ عَائِشَةَ هَذَا أَنْ يُبَيِّنَ أَنَّ حَدِيثَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْ الْهِجْرَةِ لَيْسَ عَلَى عُمُومِهِ بَلْ هُوَ مَخْصُوصٌ بِمَنْ هَجَرَ بِغَيْرِ مُوجِبٍ لِذَلِكَ. وَقَدْ أَخْرَجَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ فِي صَحِيحِهِ وَفِيهِ فَطَالَتْ هِجْرَتُهَا إيَّاهُ فَنَغَّصَهُ اللَّهُ بِذَلِكَ فِي أَمْرِهِ كُلِّهِ فَاسْتَشْفَعَ بِالْمُهَاجِرِينَ فَلَمْ تَقْبَلْ. وَأَخْرَجَهُ إبْرَاهِيمُ الْحَرْبِيُّ مِنْ طَرِيقِ حُمَيْدِ بْنِ قَيْسٍ وَزَادَ فِيهِ: فَاسْتَشْفَعَ إلَيْهَا بِعُبَيْدِ بْنِ عُمَيْرٍ فَقَالَ لَهَا أَيُّ حَدِيثٍ أَخْبَرْتَنِيهِ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ نَهَى عَنْ الصَّرْمِ فَوْقَ ثَلَاثٍ فَلَمْ تَقْبَلْ، أَيْ لِأَنَّ الْحَدِيثَ عِنْدَهَا مَخْصُوصٌ كَمَا تَقَدَّمَ. فَلَمَّا طَالَ ذَلِكَ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ كَلَّمَ الْمِسْوَرَ بْنَ مَخْرَمَةَ وَعَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الْأَسْوَدِ بْنِ عَبْدِ يَغُوثَ وَهُمَا مِنْ بَنِي زُهْرَةَ وَقَالَ لَهُمَا أَنْشُدُكُمَا بِاَللَّهِ لَمَا أَدْخَلْتُمَانِي عَلَى عَائِشَةَ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ لَهَا أَنْ تَنْذُرَ قَطِيعَتِي. فَأَقْبَلَ بِهِ الْمِسْوَرُ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ مُشْتَمِلِينَ بِأَرْدِيَتِهِمَا حَتَّى اسْتَأْذَنَا عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَا السَّلَامُ عَلَيْك وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ أَنَدْخُلُ؟ قَالَتْ عَائِشَةُ اُدْخُلُوا. قَالُوا كُلُّنَا؟ قَالَتْ نَعَمْ اُدْخُلُوا كُلُّكُمْ وَلَا تَعْلَمُ أَنَّ مَعَهُمَا ابْنَ الزُّبَيْرِ. فَلَمَّا دَخَلُوا دَخَلَ ابْنُ الزُّبَيْرِ الْحِجَابَ، الْحَدِيثَ بِطُولِهِ وَفِيهِ أَنَّهُ بَكَى وَبَكَتْ وَأَعْتَقَتْ فِي نَذْرِهَا ذَلِكَ أَرْبَعِينَ رَقَبَةً كَمَا فِي الْبُخَارِيِّ.

وَفِي رِوَايَةٍ: ثُمَّ بَعَثَتْ إلَى الْيَمَنِ بِمَالٍ قَالَ فَابْتِيعَ لَهَا بِهِ أَرْبَعُونَ رَقَبَةً فَأَعْتَقَتْهَا كَفَّارَةً لِنَذْرِهَا. وَأَرْسَلَ لَهَا ابْنُ الزُّبَيْرِ بِعَشْرِ رِقَابٍ فَأَعْتَقَتْهُمْ وَلَعَلَّهُمْ مِنْ جُمْلَةِ الْأَرْبَعِينَ بِأَنْ كَمَّلَتْ عَلَيْهِمْ.

قَالَ أَبُو دَاوُد رضي الله عنه: إذَا كَانَتْ الْهِجْرَةُ لِلَّهِ فَلَيْسَ مِنْ هَذَا يَعْنِي مِنْ أَحَادِيثِ الْوَعِيدِ بِالْهِجْرَانِ بِشَيْءٍ، فَإِنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم هَجَرَ بَعْضَ نِسَائِهِ أَرْبَعِينَ يَوْمًا. وَابْنُ عُمَرَ رضي الله عنه هَجَرَ ابْنًا لَهُ إلَى أَنْ مَاتَ. وَالْإِمَامُ أَحْمَدُ رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِ هَجَرَ جَمَاعَةً مِمَّنْ أَجَابُوا فِي الْمِحْنَةِ مِثْلَ يَحْيَى بْنِ مَعِينٍ

ص: 257

وَعَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَغَيْرِهِمَا مَعَ فَخَامَةِ شَأْنِهِمْ، حَتَّى ذَكَرَ الْإِمَامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ أَنَّ الْإِمَامَ أَحْمَدَ رضي الله عنه عَمِلَ أَبْيَاتًا فِي شَأْنِ عَلِيِّ بْنِ الْمَدِينِيِّ وَأَرْسَلَهَا إلَيْهِ وَهِيَ:

يَا ابْنَ الْمَدِينِيِّ الَّذِي عَرَضَتْ لَهُ

دُنْيَا فَجَادَ بِدِينِهِ لِيَنَالَهَا

مَاذَا دَعَاك إلَى انْتِحَالِ مَقَالَةٍ

قَدْ كُنْت تَزْعُمُ كَافِرًا مَنْ قَالَهَا

أَمْرٌ بَدَا لَك رُشْدُهُ فَتَبِعْته

أَمْ زِينَةُ الدُّنْيَا أَرَدْت نَوَالَهَا

وَلَقَدْ عَهِدْتُك مَرَّةً مُتَشَدِّدًا

صَعْبَ الْمَقَالَةِ لِلَّتِي تُدْعَى لَهَا

إنَّ الْمُرَزَّى مَنْ يُصَابُ بِدِينِهِ

لَا مَنْ يُرَزَّأُ نَاقَةً وَفِصَالَهَا

ذَكَرَ هَذِهِ الْأَبْيَاتَ الْإِمَامُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فِي مَنَاقِبِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه بِسَنَدٍ لِابْنِ الْجَوْزِيِّ رحمه الله. وَكَمْ إمَامٍ هَجَرَ لِلَّهِ خِدْنًا كَانَ أَعَزَّ عَلَيْهِ لَوْلَا انْتِهَاكُهُ لِمَحَارِمِ مَوْلَاهُ مِنْ رُوحِهِ، فَصَارَ بِذَلِكَ كَالْجَمَادِ بَلْ أَدْنَى. فَلَا نُطِيلُ الْكَلَامَ بِحِكَايَاتِ أَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ وَيَكْفِي مِنْ ذَلِكَ قِصَّةُ خَيْرِ الْأَنَامِ عَلَيْهِ أَفْضَلُ الصَّلَاةِ وَالسَّلَامِ مَعَ كَعْبٍ وَصَاحِبَيْهِ وَهِيَ مَشْهُورَةٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ مَذْكُورَةٌ.

(وَقَدْ) حَرْفُ تَحْقِيقٍ، وَتَأْتِي لِلتَّقْلِيلِ كَ (قَدْ يَصْدُقُ الْكَذُوبُ) وَلِلتَّكْثِيرِ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

قَدْ أَتْرُكُ الْفُرْنَ مُصْفَرًّا أَنَامِلُهُ

وَلِلتَّوَقُّعِ قَدْ يَقْدُمُ الْغَائِبُ وَتَقْرِيبِ الْمَاضِي مِنْ الْحَالِ قَدْ قَامَ زَيْدٌ وَكَذَا لِتَقْرِيبِ الْمُسْتَقْبَلِ كَقَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ وَلِلنَّفْيِ كَقَوْلِهِمْ: قَدْ كُنْت فِي خَيْرٍ فَتَعْرِفَهُ بِنَصْبِ تَعْرِفُ. وَمَعْنَى هَذَا كَمَا ذَكَرْنَا لِلتَّحْقِيقِ (قِيلَ) فِعْلٌ مَاضٍ مَبْنِيٌّ لِلْمَجْهُولِ أَصْلُهُ قُوِلَ بِضَمِّ الْقَافِ وَكَسْرِ الْوَاوِ اُسْتُثْقِلَتْ الضَّمَّةُ عَلَى الْقَافِ فَحُذِفَتْ ثُمَّ نُقِلَتْ كَسْرَةُ الْوَاوِ إلَى الْقَافِ فَصَارَتْ قِوْلَ فَقُلِبَتْ الْوَاوُ يَاءً لِسُكُونِهَا وَانْكِسَارِ مَا قَبْلَهَا فَصَارَتْ قِيلَ (أَنْ يَرْدَعَهُ) أَيْ إنْ كَانَ الْهِجْرَانُ يَرْدَعُ مَنْ أَظْهَرَ الْمَعَاصِيَ أَيْ يَكُفُّهُ وَيَزْجُرُهُ وَيَرُدُّهُ، يُقَالُ رَدَعَهُ كَمَنَعَهُ كَفَّهُ وَرَدَّهُ (أَوْجَبَ) ذَلِكَ عَلَيْهِ (وَأَكِّدْ) الْوُجُوبَ لِأَنَّ مَا لَمْ يَتِمَّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ. وَإِنْ حَرْفُ شَرْطٍ جَازِمٌ، وَيَرْدَعْهُ فِعْلُ الشَّرْطِ، وَأَوْجِبْ جَوَابُهُ، وَأَكِّدْ مَعْطُوفٌ وَحُرِّكَ بِالْكَسْرِ لِلْقَافِيَّةِ.

وَقِيلَ

عَلَى الْإِطْلَاقِ مَا دَامَ مُعْلِنَا

وَلَاقِهِ بِوَجْهٍ مُكْفَهِرٍّ مُرَبَّدِ

(وَقِيلَ) أَوْجَبَ هَجْرَهُ (عَلَى) سَبِيلِ (الْإِطْلَاقِ) مِنْ غَيْرِ قَيْدٍ بِكَوْنِهِ يَرْتَدِعُ بِهَذَا الْهَجْرِ أَوْ لَا. فَمَتَى ارْتَكَبَ مَعَاصِيَ اللَّهِ سبحانه وتعالى أَوْجِبْ عَلَى

ص: 258

نَفْسِك وَإِخْوَانِك الْمُتَشَرِّعِينَ هِجْرَانَهُ (مَا دَامَ مُعْلِنَا) أَيْ مُدَّةَ دَوَامِ إعْلَانِهِ لِارْتِكَابِ الْمَعَاصِي. وَالْإِعْلَانُ الظُّهُورُ وَالْبَيَانُ وَهُوَ ضِدُّ السِّرِّ وَالْإِخْفَاءِ. قَالَ فِي الْآدَابِ الْكُبْرَى: يُسَنُّ هَجْرُ مَنْ جَهَرَ بِالْمَعَاصِي الْفِعْلِيَّةِ وَالْقَوْلِيَّةِ وَالِاعْتِقَادِيَّة، وَقِيلَ: يَجِبُ إنْ ارْتَدَعَ بِهِ وَإِلَّا كَانَ مُسْتَحَبًّا. وَقِيلَ: يَجِبُ هَجْرُهُ مُطْلَقًا إلَّا مِنْ السَّلَامِ بَعْدَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ.

وَقِيلَ تَرْكُ السَّلَامِ عَلَى مَنْ جَهَرَ بِالْمَعَاصِي حَتَّى يَتُوبَ فَرْضُ كِفَايَةٍ، وَيُكْرَهُ لِبَقِيَّةِ النَّاسِ تَرْكُهُ. وَظَاهِرُ كَلَامِ سَيِّدِنَا الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه تَرْكُ السَّلَامِ وَالْكَلَامِ مُطْلَقًا. وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو حُسَيْنٍ فِي التَّمَامِ: لَا تَخْتَلِفُ الرِّوَايَةُ فِي وُجُوبِ هَجْرِ أَهْلِ الْبِدَعِ وَفُسَّاقِ الْمِلَّةِ.

وَظَاهِرُ إطْلَاقِهِ لَا فَرْقَ بَيْنَ الْمُجَاهِرِ وَغَيْرِهِ كَالْمُبْتَدِعِ وَالْفَاسِقِ فَيَنْبَغِي لَك إنْ كُنْت مُتَّبِعًا سُنَنَ مَنْ سَلَفَ أَنَّ كُلَّ مَنْ جَاهَرَ بِمَعَاصِي اللَّهِ لَا تُعَاضِدْهُ وَلَا تُسَاعِدْهُ وَلَا تُقَاعِدْهُ وَلَا تُسَلِّمْ عَلَيْهِ بَلْ اُهْجُرْهُ (وَلَاقِهِ) فِعْلُ أَمْرٍ مِنْ الْمُلَاقَاةِ (بِوَجْهٍ مُكْفَهِرٍّ) عَلَى وَزْنِ مُسْتَمِرٍّ هُوَ الْغَلِيظُ، يُقَالُ اكْفَهَرَّ وَجْهُهُ عَبَسَ وَقَطَبَ.

وَفِي الْحَدِيثِ «الْقَوْا الْمُخَالِفِينَ بِوَجْهٍ مُكْفَهِرٍّ» قَالَ فِي النِّهَايَةِ: أَيْ عَابِسٍ قَطُوبٍ. وَحَدِيثُ ابْنِ مَسْعُودٍ رضي الله عنه «إذَا لَقِيت الْكَافِرَ فَالْقَهُ بِوَجْهٍ مُكْفَهِرٍّ» وَقَوْلُهُ (مُرَبَّدِ) صِفَةٌ بَعْدَ صِفَةٍ. وَالْمُرَبَّدُ الْمُلَوَّنُ وَزْنًا وَمَعْنًى.

قَالَ فِي الْقَامُوسِ: تَرَبَّدَ تَغَيَّرَ، وَتَرَبَّدَتْ السَّمَاءُ تَغَيَّمَتْ وَتَعَبَّسَتْ انْتَهَى. وَقَالَ غَيْرُهُ: تَرَبَّدَ لَوْنُهُ وَأَرْبَدَ أَيْ تَلَوَّنَ وَصَارَ كَلَوْنِ الرَّمَادِ. وَقَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ فِي الْجَمْهَرَةِ: وَالرُّبْدَةُ لَوْنٌ أَكْدَرُ مِنْ الْوَرْقَاءِ، يَعْنِي الْحَمَامَةَ الرَّبْدَاءَ. يُقَالُ نَعَامَةٌ رَبْدَاءُ وَظَلِيمٌ أَرْبَدَ. قَالَ وَتَرَبَّدَ وَجْهُ الرَّجُلِ إذَا احْمَارَّ حُمْرَةً فِيهَا سَوَادٌ عِنْدَ الْغَضَبِ. وَرَبَدَ السَّيْفُ فَرَبَدَهُ، يُقَالُ سَيْفٌ ذُو رُبْدٍ أَيْ فِيهِ شِبْهُ غُبَارٍ أَوْ مَدَبُّ نَمْلٍ. انْتَهَى.

وَفِي قَصِيدَةِ بِشْرِ بْنِ أَبِي عَوَانَةَ الْعَبْدِيِّ الْجَاهِلِيِّ الَّتِي كَتَبَهَا إلَى أُخْتِهِ فَاطِمَةَ، كَانَ قَدْ خَرَجَ فِي ابْتِغَاءِ مَهْرِ ابْنَةِ عَمِّهِ فَعَرَضَ لَهُ أَسَدٌ فَقَتَلَ الْأَسَدَ، كَمَا ذَكَرَهُ فِي قُرَاضَةِ الذَّهَبِ وَقَالَ فِي ذَلِكَ:

أَفَاطِمُ لَوْ شَهِدْت بِبَطْنٍ خَبْتٍ

وَقَدْ لَاقَى الْهِزَبْرُ أَخَاك بِشْرَا

إذًا لَرَأَيْت لَيْثًا رَامَ لَيْثًا

هِزَبْرًا أَغْلَبًا لَاقَى هِزَبْرَا

تَبَهْنَسَ إذْ تَقَاعَسَ عَنْهُ مُهْرِي

مُحَاذَرَةً فَقُلْت عُقِرْت مُهْرَا

ص: 259

أَنِلْ قَدَمَيَّ ظَهْرَ الْأَرْضِ إنِّي

رَأَيْت الْأَرْضَ أَثْبَتَ مِنْك ظَهْرَا

فَحِينَ نَزَلْت مَدَّ إلَيَّ طَرْفًا

تَخَالُ الْمَوْتَ يَلْمَعُ مِنْهُ شَزَرًا

فَقُلْت لَهُ وَقَدْ أَبْدَى نِصَالًا

مُحَدِّدَةً وَوَجْهًا مُكْفَهِرَّا

تَدَلَّ بِمِخْلَبٍ وَبِحَدِّ نَابٍ

وَبِاللَّحَظَاتِ تَحْسَبُهُنَّ جَمْرَا

وَفِي يُمْنَايَ مَاضِي الْحَدِّ أَبْقَى

بِمِضْرَبِهِ قِرَاعَ الدَّهْرِ أَسْرَا

إلَى آخِرِهَا. وَهِيَ قَصِيدَةٌ عَظِيمَةٌ.

وَالشَّاهِدُ فِي قَوْلِهِ وَوَجْهًا مُكْفَهِرَّا يَعْنِي عَابِسًا قَطُوبًا. قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ عَقِيلٍ فِي الْفُنُونِ: الصَّحَابَةُ رضي الله عنهم آثَرُوا فِرَاقَ أَنْفُسِهِمْ لِأَجْلِ مُخَالَفَتِهَا لِلْخَالِقِ سبحانه وتعالى. فَهَذَا يَقُولُ زَنَيْت فَطَهِّرْنِي، وَنَحْنُ لَا نَسْخُو أَنْ نُقَاطِعَ أَحَدًا فِيهِ لِمَكَانِ الْمُخَالَفَةِ.

وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِ النَّاظِمِ وَهِجْرَانُ مَنْ أَبْدَى الْمَعَاصِيَ، وَمِنْ قَوْلِهِ مَا دَامَ مُعْلِنًا أَنَّ مُرْتَكِبَ الْمَعَاصِي الْمُسْتَتِرَ لَا يُهْجَرُ وَهُوَ صَحِيحٌ قَالَ ابْنُ مَنْصُورٍ: قُلْت لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه: إذَا عُلِمَ مِنْ الرَّجُلِ الْفُجُورُ أَيُخْبَرُ بِهِ النَّاسُ؟ قَالَ بَلْ يُسْتَرُ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ دَاعِيَةً. قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: وَيُتَوَجَّهُ أَنَّ فِي مَعْنَى الدَّاعِيَةِ مَنْ اُشْتُهِرَ وَعُرِفَ بِالشَّرِّ وَالْفَسَادِ يُنْكَرُ عَلَيْهِ وَإِنْ أَسَرَّ الْمَعْصِيَةَ. وَهُوَ يُشْبِهُ قَوْلَ الْقَاضِي فِيمَنْ أَتَى مَا يُوجِبُ حَدًّا إنْ شَاعَ عَنْهُ اُسْتُحِبَّ أَنْ يَذْهَبَ إلَى وَلِيِّ الْأَمْرِ لِيَأْخُذَهُ بِهِ وَإِلَّا سَتَرَ نَفْسَهُ. قَالَ الْقَاضِي: فَإِنْ كَانَ يَسْتَتِرُ بِالْمَعَاصِي فَظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه أَنَّهُ لَا يُهْجَرُ. قَالَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ: لَيْسَ لِمَنْ يَسْكَرُ وَيُقَارِفُ شَيْئًا مِنْ الْفَوَاحِشِ حُرْمَةٌ وَلَا وَصْلَةٌ إذَا كَانَ مُعْلِنًا بِذَلِكَ مُكَاشِفًا.

وَقَالَ الْخَلَّالُ فِي كِتَابِ الْمُجَانَبَةِ: أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يُهْجَرُ أَهْلُ الْمَعَاصِي وَمَنْ قَارَفَ الْأَعْمَالَ الرَّدِيَّةَ أَوْ تَعَدَّى حَدِيثَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى مَعْنَى الْإِقَامَةِ عَلَيْهِ أَوْ الْإِضْرَارِ. وَأَمَّا مَنْ سَكِرَ أَوْ شَرِبَ أَوْ فَعَلَ فِعْلًا مِنْ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ الْمَحْظُورَةِ ثُمَّ لَمْ يُكَاشِفْ بِهَا وَلَمْ يَلْقَ فِيهَا جِلْبَابُ الْحَيَاءِ فَالْكَفُّ عَنْ أَعْرَاضِهِمْ وَعَنْ الْمُسْلِمِينَ وَالْإِمْسَاكُ عَنْ أَعْرَاضِهِمْ أَسْلَمُ.

وَقَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ: إنَّ الْمُسْتَتِرَ بِالْمُنْكَرِ يُنْكَرُ عَلَيْهِ وَيُسْتَرُ عَلَيْهِ، فَإِنْ لَمْ يَنْتَهِ فُعِلَ مَا يَنْكَفُّ بِهِ إذَا كَانَ أَنْفَعَ بِهِ فِي الدِّينِ. وَإِنَّ

ص: 260