الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مَطْلَبٌ: فِي السَّلَامِ عَلَى الصِّبْيَانِ
(السَّادِسُ) : يَجُوزُ السَّلَامُ عَلَى الصِّبْيَانِ تَأْدِيبًا لَهُمْ، وَهُوَ مَعْنَى كَلَامِ ابْنِ عَقِيلٍ وَجَزَمَ بِهِ فِي الْإِقْنَاعِ. وَقَالَ الْقَاضِي فِي الْمُجَرَّدِ، وَصَاحِبُ عُيُونِ الْمَسَائِلِ، وَالشَّيْخُ عَبْدُ الْقَادِرِ: يُسْتَحَبُّ، وَذَكَرَهُ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ إجْمَاعًا.
قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: فَأَمَّا الْحَدَثُ الْوَضِيءُ أَيْ الْجَمِيلُ فَلَمْ يَسْتَثْنُوهُ، وَفِيهِ نَظَرٌ وَيَنْبَغِي أَنْ يَنْبَنِيَ عَلَى مَسْأَلَةِ النَّظَرِ إلَيْهِ. وَقَدْ سَلَّمَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى الصِّبْيَانِ كَمَا فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ، كَقَوْلِ أَنَسٍ:«أَتَانَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ صِبْيَانٌ فَسَلَّمَ عَلَيْنَا» . «وَمَرَّ أَنَسٌ عَلَى صِبْيَانٍ فَسَلَّمَ عَلَيْهِمْ وَقَالَ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَسَلَّمَ يَفْعَلُهُ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. وَالصِّبْيَانُ بِكَسْرِ الصَّادِ، وَضَمُّهَا لُغَةٌ.
(السَّابِعُ) : يُسَنُّ أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ بِابْتِدَاءِ السَّلَامِ لِيَسْمَعَهُ الْمُسَلَّمُ عَلَيْهِ سَمَاعًا مُحَقَّقًا وَمَنْ سَلَّمَ أَوْ رَدَّ عَلَى أَصَمَّ جَمَعَ بَيْنَ لَفْظٍ وَإِشَارَةٍ. وَسَلَامُ أَخْرَسَ وَجَوَابُهُ بِالْإِشَارَةِ وَإِنْ سَلَّمَ عَلَى أَيْقَاظٍ عِنْدَهُمْ نِيَامٌ أَوْ عَلَى مَنْ لَا يَعْلَمُ هَلْ هُمْ أَيْقَاظٌ أَوْ نِيَامٌ خَفَضَ صَوْتَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ الْأَيْقَاظُ وَلَا يُوقِظُ النِّيَامَ. وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى إنْسَانٍ عَلَى بُعْدٍ ثُمَّ لَقِيَهُ عَلَى قُرْبٍ سُنَّ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَيْهِ ثَانِيًا وَثَالِثًا، وَلَا يَتْرُكُ السَّلَامَ إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ عَدَمُ الرَّدِّ فِي الْأَصَحِّ. وَإِنْ دَخَلَ عَلَى جَمَاعَةٍ فِيهِمْ عُلَمَاءُ سَلَّمَ عَلَى الْكُلِّ ثُمَّ سَلَّمَ عَلَى الْعُلَمَاءِ سَلَامًا ثَانِيًا.
(الثَّامِنُ) : سُئِلَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه عَنْ حَدِيثِ حَذْفِ السَّلَامِ سُنَّةٌ.
قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ هَذَا أَنْ يَجِيءَ الرَّجُلُ إلَى الْقَوْمِ فَيَقُولَ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَمَدَّ بِهَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ صَوْتَهُ، وَلَكِنْ لِيَقُلْ السَّلَامُ عَلَيْكُمْ وَخَفَّفَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ صَوْتَهُ قَالَ يَقُولُ هَكَذَا.
(التَّاسِعُ) : إنْ سَلَّمَ مِنْ وَرَاءِ جِدَارٍ أَوْ الْغَائِبُ بِرِسَالَةٍ أَوْ كِتَابَةٍ وَجَبَتْ الْإِجَابَةُ عِنْدَ الْبَلَاغِ. وَيُسْتَحَبُّ أَنْ يُسَلِّمَ عَلَى الرَّسُولِ فَيَقُولَ وَعَلَيْك وَعَلَيْهِ السَّلَامُ. وَإِنْ بَعَثَ مَعَهُ السَّلَامَ وَجَبَ تَبْلِيغُهُ إنْ تَحَمَّلَهُ.
رَوَى أَبُو جَعْفَرٍ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما مَرْفُوعًا: «إنِّي لَأَرَى لِرَدِّ جَوَابِ الْكِتَابِ عَلَيَّ حَقًّا كَمَا أَرَى رَدَّ جَوَابِ السَّلَامِ» . قَالَ شَيْخُ الْإِسْلَامِ: الْمَحْفُوظُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ
وَقْفُهُ، قَالَ ابْنُ مُفْلِحٍ: وَقَوْلُ الصَّحَابِيِّ إذَا لَمْ يَصِحَّ خِلَافُهُ عَنْ صَحَابِيٍّ مَعْمُولٌ بِهِ.
(الْعَاشِرُ) قَالَ حَرْبٌ: قُلْت لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ: كَيْفَ نَكْتُبُ فِي عِنْوَانِ الْكِتَابِ؟ قَالَ تَكْتُبُ إلَى أَبِي فُلَانٍ وَلَا تَكْتُبُ لِأَبِي فُلَانٍ فَإِنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَعْنَى إذَا كَتَبْت لِأَبِي فُلَانٍ. وَقَالَ الْمَرُّوذِيُّ: كَانَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ يَكْتُبُ عِنْوَانَ الْكِتَابِ إلَى أَبِي فُلَانٍ وَقَالَ هُوَ أَصْوَبُ مِنْ أَنْ يَكْتُبَ لِأَبِي فُلَانٍ. وَقَالَ سَعِيدُ بْنُ يَعْقُوبَ: كَتَبَ إلَيَّ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ مِنْ أَحْمَدَ بْنِ مُحَمَّدٍ إلَى سَعِيدِ بْنِ يَعْقُوبَ، أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّ الدُّنْيَا دَاءٌ، وَالسُّلْطَانُ دَاءٌ، وَالْعَالِمَ طَبِيبٌ، فَإِذَا رَأَيْت الطَّبِيبَ يَجُرُّ الدَّاءَ إلَى نَفْسِهِ فَاحْذَرْهُ وَالسَّلَامُ عَلَيْكَ.
وَقَالَ حَنْبَلٌ: كَانَتْ كُتُبُ أَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ الَّتِي يَكْتُبُ بِهَا إلَى فُلَانٍ، فَسَأَلْته عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم كَتَبَ إلَى كِسْرَى وَقَيْصَرَ، وَكَتَبَ كُلَّمَا كَتَبَ عَلَى ذَلِكَ، وَأَصْحَابُ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَعُمَرُ كَتَبَ إلَى عُتْبَةَ بْنِ فَرْقَدٍ، وَهَذَا الَّذِي يُكْتَبُ الْيَوْمَ لِفُلَانٍ مُحْدَثٌ لَا أَعْرِفُهُ.
قُلْت فَالرَّجُلُ يَبْدَأُ بِنَفْسِهِ، قَالَ أَمَّا الْأَبُ فَلَا أُحِبُّ أَنْ يُقَدِّمَهُ بِاسْمِهِ وَلَا يَبْدَأَ وَلَدٌ بِاسْمِهِ عَلَى وَالِدٍ وَالْكَبِيرُ السِّنُّ كَذَلِكَ يُوَقِّرُهُ بِهِ وَغَيْرُ ذَلِكَ لَا بَأْسَ وَفِي مَعْنَى كِبَرِ السِّنِّ الْعِلْمُ وَالشَّرَفُ قَالَ فِي الْآدَابِ وَهُوَ مُرَادُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه إنْ شَاءَ اللَّهُ وَإِلَّا فَلَا وَجْهَ لِمُرَاعَاةِ شَيْخٍ لَا عِلْمَ عِنْدَهُ وَتَرْكِ عَالَمٍ صَغِيرِ السِّنِّ.
قَالَ وَلَمْ أَجِدْ عَنْ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه مَا يُخَالِفُ هَذَا النَّصَّ صَرِيحًا وَلَعَلَّ ظَاهِرَ حَالِهِ اتِّبَاعُ طَرِيقِ مَنْ مَضَى فِي بُدَاءَةِ الْإِنْسَانِ بِنَفْسِهِ مُطْلَقًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَدْ تَذَكَّرْت هُنَا أَبْيَاتًا أَحْبَبْت ذِكْرَهَا. كَتَبَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُ - لِلْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه مَا لَفْظُهُ:
قَالُوا يَزُورُك أَحْمَدُ وَتَزُورُهُ
…
قُلْت الْفَضَائِلُ لَا تُفَارِقُ مَنْزِلَهْ
إنْ زَارَنِي فَبِفَضْلِهِ أَوْ زُرْتُهُ
…
فَلِفَضْلِهِ فَالْفَضْلُ فِي الْحَالَيْنِ لَهْ
فَأَجَابَهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ رضي الله عنه:
إنْ زُرْتنَا فَبِفَضْلٍ مِنْك تَمْنَحُنَا
…
أَوْ نَحْنُ زُرْنَا فَلِلْفَضْلِ الَّذِي فِيكَا
فَلَا عَدِمْنَا كِلَا الْحَالَيْنِ مِنْك وَلَا
…
نَالَ الَّذِي يَتَمَنَّى فِيك شَانِيكَا