المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[مطلب: في بيان أقوال السادة الصوفية في السماع إلى الغناء] - غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب - جـ ١

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌[المقدمة]

- ‌الْكَلَامُ عَلَى الْبَسْمَلَةِ

- ‌[الْكَلَامُ عَلَى الْحَمْدِ وَالشُّكْرِ]

- ‌ مَعْنَى صَلَاةِ اللَّهِ عَلَى نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌نَبِيُّنَا صلى الله عليه وسلم أَفْضَلُ الْخَلْقِ

- ‌فَضْلُ الِابْتِدَاءِ بِالصَّلَاةِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَطْلَبٌ: فِي مَرَاتِبِ الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ الدُّعَاءِ

- ‌[مَعْنَى الْآلِ فِي الصَّلَاةِ عَلَى النَّبِيِّ]

- ‌مَطْلَبٌ: الصُّحْبَةُ ثَلَاثُ مَرَاتِبَ

- ‌مَطْلَبٌ: الْهِدَايَةُ أَرْبَعَةُ أَنْوَاعٍ

- ‌مَطْلَبٌ: عَدَدُ الصَّحَابَةِ الْكِرَامِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ تَجُوزُ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ اسْتِقْلَالًا أَمْ لَا

- ‌مَطْلَبٌ: أَوَّلُ مَنْ نَطَقَ بِأَمَّا بَعْدُ

- ‌[مطلب: النَّاس فِي الْأَدَب عَلَى طَبَقَات]

- ‌مَطْلَبٌ: مَثَلُ الْإِيمَانِ كَبَلْدَةٍ لَهَا خَمْسُ حُصُونٍ

- ‌[مَطْلَبٌ: مَرَاتِبُ الْعِلْمِ]

- ‌مَطْلَبٌ: مَرَاتِبُ التَّعَلُّمِ سِتَّةٌ، وَحِرْمَانُ الْعِلْمِ بِسِتَّةٍ

- ‌مَطْلَبٌ: النَّصِيحَةُ وَمَا يَتَعَلَّقُ بِهَا:

- ‌مَطْلَبٌ: النَّصِيحَةُ لِلَّهِ فَرْضٌ وَنَافِلَةٌ

- ‌مَطْلَبٌ: بَيَانُ النَّصِيحَةِ لِلَّهِ وَلِكِتَابِهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِأَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ

- ‌مَطْلَبٌ: يُرَادُ لِلْعَالِمِ عَشَرَةُ أَشْيَاءَ

- ‌مَطْلَبٌ: لِزَكَاةِ الْعِلْمِ طَرِيقَتَانِ

- ‌[مَطْلَب: الْقُلُوبُ ثَلَاثَةٌ]

- ‌مَطْلَبٌ: الْمُوبِقَاتُ السَّبْعُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ طَرَفٍ مِنْ آفَاتِ اللِّسَانِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ الْكَلَامُ أَفْضَلُ مِنْ السُّكُوتِ أَمْ الْعَكْسُ

- ‌مَطْلَبٌ: أَيُّ الْجَارِحَتَيْنِ أَفْضَلُ اللِّسَانُ أَمْ الْعَيْنَانِ

- ‌مَطْلَبٌ هَلْ السَّمْعُ أَفْضَلُ أَمْ الْبَصَرُ

- ‌مَطْلَبٌ هَلْ الْمَلَكَانِ يَكْتُبَانِ كُلَّ مَا يَتَكَلَّمُهُ الْإِنْسَانُ

- ‌مَطْلَبٌ فِي غَضِّ الطَّرْفِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي فَوَائِدِ غَضِّ الْبَصَرِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي نِكَاتٍ لَطِيفَةٍ وَأَخْبَارٍ ظَرِيفَةٍ

- ‌مَطْلَبٌ: يَنْقَسِمُ النَّظَرُ إلَى أَقْسَامٍ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذَمِّ الْغِيبَةِ

- ‌مَطْلَبٌ: مَنْ ذَبَّ عَنْ عِرْضِ أَخِيهِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ يَجُوزُ ذِكْرُ الْإِنْسَانِ بِمَا يَكْرَهُ إذَا كَانَ لَا يُعْرَفُ إلَّا بِهِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ يَجُوزُ ذِكْرُ الْإِنْسَانِ بِمَا يَكْرَهُ لِمَصْلَحَةٍ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ النَّمِيمَةِ وَمَا وَرَدَ فِي ذَمِّهَا

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ يَكْفِي فِي التَّوْبَةِ مِنْ الْغِيبَةِ الِاسْتِغْفَارُ لِلْمُغْتَابِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حُرْمَةِ إفْشَاءِ السِّرِّ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ التَّحَدُّثِ لِكُلٍّ مِنْ الزَّوْجَيْنِ بِمَا صَارَ بَيْنَهُمَا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حُرْمَةِ اللَّعْنِ لِمُعَيَّنٍ وَمَا وَرَدَ فِيهِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ حَقِيقَةِ الْفُحْشِ وَذِكْرِ الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي النَّهْيِ عَنْهُ:

- ‌[النَّهْي عَنْ الْمَكْر]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي النَّهْيِ عَنْ الْفُحْشِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِيمَا وَرَدَ فِي ذَمِّ الْخُدْعَةِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي السُّخْرِيَةِ وَالْهُزُوِ وَمَا وَرَدَ فِيهِمَا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «لَا يَصْلُحُ الْكَذِبُ إلَّا فِي ثَلَاثٍ»

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ الْمُرَادُ بِمَا أُبِيحَ بِهِ الْكَذِبُ التَّوْرِيَةُ أَوْ مُطْلَقًا

- ‌مَطْلَبٌ: يَنْبَغِي الْعُدُولُ لِلْمَعَارِيضِ مَا أَمْكَنَ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي تَعْرِيفِ الْكَذِبِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي مَثَالِبِ الْكَذِبِ

- ‌[مَطْلَبُ: الزَّمَّارِ مُؤَذِّنُ الشَّيْطَانِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حُكْمِ الْمُطْرِبِ كَالطُّنْبُورِ وَالْعُودِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ الْخِلَافِ فِي حَظْرِ الْغِنَاءِ وَإِبَاحَتِهِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الْغِنَاءِ الْيَسِيرِ لِمَنْ يَسْتَتِرُ فِي بَيْتِهِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ حُكْمِ الْغِنَاءِ وَاسْتِمَاعِهِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ

- ‌[مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ أَقْوَالِ السَّادَةِ الصُّوفِيَّةِ فِي السَّمَاعِ إلَى الْغِنَاءِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ تَحْرِيمِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الصَّرِيحِ لِآلَاتِ اللَّهْوِ وَالْمَعَازِفِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حُكْمِ الْحُدَاءِ الَّذِي تُسَاقُ بِهِ الْإِبِلُ وَنَشِيدِ الْأَعْرَابِ:

- ‌فَوَائِدُ فِي أَوَّلِ مَنْ وَضَعَ عِلْمَ الْمُوسِيقَى وَالْعُودِ لِلْغِنَاءِ وَأَوَّلِ مَنْ غَنَّى فِي الْعَرَبِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي تِلَاوَةِ آيَاتِ الْكِتَابِ الْمَجِيدِ مُلَحَّنَةً

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ الشِّعْرِ الْمُبَاحِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي سَمَاعِهِ صلى الله عليه وسلم شِعْرَ أَصْحَابِهِ وَتَشْبِيبَهُمْ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم إنَّ مِنْ الشِّعْرِ لَحِكْمَةً

- ‌مَطْلَبٌ: فِي وُفُودِ بَنِي تَمِيمٍ

- ‌[تَنْبِيه: أَوَّلَ مَنْ نَطَقَ بِالشِّعْرِ]

- ‌[طَبَقَات الشُّعَرَاء]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حَظْرِ الْهِجَاءِ وَالْمَدْحِ بِالزُّورِ

- ‌حِكَايَاتٌ لَطِيفَةٌ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي وُجُوبِ كَفِّ الْجَوَارِحِ عَنْ الْمَحْظُورِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي التَّوَدُّدِ إلَى النَّاسِ وَأَنَّهُ مُسْتَحْسَنٌ شَرْعًا وَطَبْعًا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ يُشْتَرَطُ لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ رَجَاءَ حُصُولِ الْمَقْصُودِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ يُشْتَرَطُ لِلْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ الْعَدَالَةُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِيمَنْ الْتَزَمَ مَذْهَبًا وَخَالَفَهُ بِلَا دَلِيلٍ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي مَرَاتِبِ الْإِنْكَارِ:

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ مُهِمَّةٌ: فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنْ الْمُنْكَرِ]

- ‌قِصَّةُ الْإِمَامِ شَمْسِ الدِّينِ مَعَ تَيْمُورَ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الْإِنْكَارِ عَلَى الصِّبْيَانِ لِتَأْدِيبِهِمْ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي زَجْرِ الذِّمِّيِّ إذَا جَهَرَ بِالْمُنْكَرَاتِ

- ‌مَطْلَبٌ: يَجِبُ عَلَى الْآمِرِ بِالْمَعْرُوفِ أَنْ يَبْدَأَ بِالرِّفْقِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَسْرِ الدُّفِّ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي عِظَمِ وِزْرِ الْمُصَوِّرِينَ وَكَسْرِ الصُّورَةِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي إتْلَافِ آلَةِ التَّنْجِيمِ وَالسِّحْرِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ مَا وَرَدَ فِي تَحْرِيمِ الْخَمْرِ

- ‌[مَطْلَبٌ: فِي هَجْرِ مَنْ أَعْلَنَ بِالْمَعَاصِي]

- ‌[مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ التَّجَسُّسِ وَالنَّهْيِ عَنْهُ]

- ‌مَطْلَبٌ: لِلْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ أَنْ يَسْتُرَ عَوْرَتَهُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي هَجْرِ مَنْ يَدْعُو لِأَمْرٍ مُضِلٍّ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حَظْرِ انْتِفَاءِ التَّسْلِيمِ فَوْقَ ثَلَاثَةٍ:

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ يَزُولُ الْهَجْرُ الْمُحَرَّمُ بِالسَّلَامِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي فَضْلِ بَدْءِ السَّلَامِ وَرَدِّهِ وَأَنَّهُ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ الْحُسْنَى

- ‌مَطْلَبٌ: فِيمَا يَقُولُهُ الْبَادِئُ بِالسَّلَامِ وَجَوَابُ الْمُسَلَّمِ عَلَيْهِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِيمَنْ يَجِبُ عَلَيْهِ رَدُّ السَّلَامِ وَمَنْ لَا يَجِبُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي السَّلَامِ عَلَى الصِّبْيَانِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي السَّلَامِ عَلَى أَهْلِ الذِّمَّةِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي اسْتِحْبَابِ تَسْلِيمِ الرَّجُلِ عَلَى أَهْلِ بَيْتِهِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي تَعْرِيفِ لَفْظِ السَّلَامِ وَتَنْكِيرِهِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي قَوْلِ الرَّجُلِ لِصَاحِبِهِ كَيْفَ أَصْبَحْت وَكَيْفَ أَمْسَيْت

- ‌مَطْلَبٌ:فِي كَرَاهَةِ قَوْلِهِمْ: أَبْقَاك اللَّهُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَتْبِهِمْ فِي الرَّسَائِلِ أَطَالَ اللَّهُ بَقَاءَ سَيِّدِي

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ قَوْلِهِمْ فِي السَّلَامِ جُعِلْت فِدَاك

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ طَرَفٍ مِنْ مَنَاقِبِ سَيِّدِنَا الْإِمَامِ أَحْمَدَ

- ‌[مَطْلَب: فِي اسْتِئْذَانِ مُرِيدِ الدُّخُولِ عَلَى غَيْرِهِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي صِفَةِ الِاسْتِئْذَانِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ أَنْ يَأْتِيَ الرَّجُلُ أَهْلَهُ طُرُوقًا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ وُقُوفِ الْمُسْتَأْذِنِ تِلْقَاءَ الْبَابِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي اسْتِحْبَابِ تَحْرِيكِ الْمُسْتَأْذِنِ نَعْلَيْهِ وَإِظْهَارِ حِسِّهِ

- ‌مَطْلَبٌ:يُسْتَحَبُّ لِلْمُسْتَأْذِنِ إذَا قِيلَ لَهُ مَنْ أَنْتَ أَنْ يُسَمِّيَ نَفْسَهُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي جُلُوسِ الدَّاخِلِ حَيْثُ أَجْلَسَهُ رَبُّ الْمَنْزِلِ

- ‌مَطْلَبٌ: أَوَّلُ مَنْ صَافَحَ وَعَانَقَ سَيِّدُنَا إبْرَاهِيمُ عليه السلام

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ الِانْحِنَاءِ وَجَوَازِ تَقْبِيلِ الرَّأْسِ وَالْيَدِ

- ‌مَطْلَبٌ: يُبَاحُ تَقْبِيلُ الْيَدِ وَالْمُعَانَقَةُ تَدَيُّنًا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ الْعِنَاقِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ مُنَاجَاةِ الِاثْنَيْنِ دُونَ الثَّالِثِ حَالَ الرُّفْقَةِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ الْجُلُوسِ وَالْإِصْغَاءِ إلَى مَنْ يَتَحَدَّثُ سِرًّا بِغَيْرِ إذْنِهِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي النَّظَرِ إلَى الْأَمْرَدِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي صِلَةِ الرَّحِمِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ ذَوِي الرَّحِمِ الَّذِينَ يَجِبُ صِلَتُهُمْ

- ‌مَطْلَبٌ: قَطِيعَةُ الرَّحِمِ مِنْ الْكَبَائِرِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي جَوَابِ الْعُلَمَاءِ عَنْ كَيْفِيَّةِ بَسْطِ الرِّزْقِ وَتَأْخِيرِ الْأَجَلِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ حُسْنِ الْخُلُقِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الْآثَارِ الْوَارِدَةِ فِي حُسْنِ الْخُلُقِ

- ‌مَطْلَبٌ: إذَا كَانَ لِلْمَرْأَةِ أَزْوَاجٌ لِمَنْ تَكُونُ فِي الْآخِرَةِ

- ‌[تَنْبِيهَات: فِي كَيْفِيَّة تحسين الخلق]

- ‌[بِرّ الْوَالِدَيْنِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ الْأَخْبَارِ الْمُصْطَفَوِيَّةِ فِي بِرِّ الْوَالِدَيْنِ

- ‌مَطْلَبٌ: هَلْ إذَا أَمَرَ الْأَبُ أَوْ الْأُمُّ وَلَدَهُمَا بِتَطْلِيقِ زَوْجَتِهِ يُجِيبُهُمَا أَمْ لَا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي تَقْدِيمِ بِرِّ الْأُمِّ عَلَى الْأَبِ

- ‌مَطْلَبٌ: بِرُّ الْوَالِدَيْنِ كَفَّارَةُ الْكَبَائِرِ

- ‌مَطْلَبٌ: لَوْ أَمَرَهُ أَبُوهُ بِتَنَاوُلِ الْمُشْتَبَهِ هَلْ تَجِبُ طَاعَتُهُ

- ‌[تَتِمَّة: حرمة الْوَالِدَيْنِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي بِرِّ الرَّجُلِ أَبَوَيْهِ بَعْدَ مَوْتِهِمَا:

- ‌ شَذْرَةً مِنْ أَحْكَامِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الْحَمَّامِ وَكَيْفِيَّةِ الدُّخُولِ فِيهَا وَالِاسْتِحْمَامِ

- ‌فَوَائِدُ فِي أَشْيَاءَ مِنْ آدَابِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِالْأَلْحَانِ

- ‌مَطْلَبٌ: لَا يَجُوزُ أَنْ يُجْعَلَ الْقُرْآنُ بَدَلًا مِنْ الْكَلَامِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الِاسْتِمَاعِ لِلْقِرَاءَةِ وَالْخُشُوعِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي أَوَّلِ مَنْ جَمَعَ الْقُرْآنَ وَسَمَّاهُ مُصْحَفًا

- ‌[مَطْلَبٌ: فِي عَدَدِ حُرُوفِ الْقُرْآنِ وَكَلِمَاتِهِ وَآيَاتِهِ وجلالاته وَسُوَرِهِ]

- ‌[مَطْلَبٌ: فِي الْخِضَابِ وَفَوَائِدِ الْحِنَّاءِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ رَأَوْا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم نَسَقًا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي ذِكْرِ طَرَفٍ مِنْ فَضَائِلِ ابْنِ الْجَوْزِيِّ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي كَرَاهَةِ نَتْفِ الشَّيْبِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي أَوَّلِ مَنْ شَابَ وَاخْتَتَنَ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي عَدَدِ مَا شَابَ مِنْ شَعْرِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم

- ‌مَطْلَبٌ: فِي أَوَّلِ مَنْ اخْتَرَعَ عِلْمَ الْبَدِيعِ

- ‌[حَلْقُ الشعر]

- ‌[تَغْطِيَةُ الْإِنَاءِ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِي إغْلَاقِ الْأَبْوَابِ وَطَفْءِ الْمَوْقِدِ

- ‌[مَطْلَبٌ: إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْعُطَاسَ وَيَكْرَهُ التَّثَاؤُبَ]

- ‌مَطْلَبٌ: فِيمَا يَقُولُ الْعَاطِسُ وَمَا يَقُولُ لَهُ الْمُشَمِّتُ

- ‌[فَوَائِد: فِي الْعُطَاس]

- ‌مَطْلَبٌ: لَا يُسْتَحَبُّ تَشْمِيتُ الذِّمِّيِّ

- ‌مَطْلَبٌ: إذَا تَرَكَ الْعَاطِسُ الْحَمْدَ هَلْ يُسْتَحَبُّ تِذْكَارُهُ أَمْ لَا

- ‌مَطْلَبٌ: فِي تَغْطِيَةِ الْفَمِ وَكَظْمِهِ عِنْدَ التَّثَاؤُبِ:

- ‌[الطِّبّ وَالتَّدَاوِي]

- ‌مَطْلَبٌ: فِيمَا يَجُوزُ بِهِ التَّدَاوِي وَمَا لَا يَجُوزُ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي مَعْنَى الْخَوْفِ وَمَرَاتِبِهِ:

- ‌مَطْلَبٌ: فِي فَضَائِلِ الْخَوْفِ وَالرَّجَاءِ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي أَنَّ لِلْخَوْفِ أَسْبَابًا وَأَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى كُلِّ مُؤْمِنٍ

- ‌مَطْلَبٌ: فِي حُسْنِ الظَّنِّ

الفصل: ‌[مطلب: في بيان أقوال السادة الصوفية في السماع إلى الغناء]

أَبِي الطَّيِّبِ الطَّبَرِيِّ وَالشَّيْخِ أَبِي إِسْحَاقَ وَابْنِ الصَّبَّاغِ. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو إِسْحَاقَ فِي التَّنْبِيهِ: وَلَا تَصِحُّ يَعْنِي الْإِجَارَةَ عَلَى مَنْفَعَةٍ مُحَرَّمَةٍ كَالْغِنَاءِ وَالزَّمْرِ وَحَمْلِ الْخَمْرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ خِلَافًا.

وَتَقَدَّمَ كَلَامُ الْإِمَامِ النَّوَوِيِّ وَابْنِ الصَّلَاحِ وَكَلَامُ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ فِي التَّغْبِيرِ. وَأَمَّا مَذْهَبُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ رضي الله عنه فَقَدْ تَقَدَّمَتْ الْإِشَارَةُ إلَيْهِ. وَقَدْ نَصَّ فِي أَيْتَامٍ وَرِثُوا جَارِيَةً مُغَنِّيَةً فَأَرَادُوا بَيْعَهَا، فَقَالَ لَا تُبَاعُ إلَّا عَلَى أَنَّهَا سَاذَجَةٌ، فَقَالُوا إذَا بِيعَتْ مُغَنِّيَةً سَاوَتْ عِشْرِينَ أَلْفًا أَوْ نَحْوَهَا، وَإِذَا بِيعَتْ سَاذَجَةً لَا تُسَاوِي أَلْفَيْنِ، فَقَالَ لَا تُبَاعُ إلَّا عَلَى أَنَّهَا سَاذَجَةٌ، فَلَوْ كَانَتْ مَنْفَعَةُ الْغِنَاءِ مُبَاحَةً لَمَا فَوَّتَ هَذَا الْمَالَ عَلَى الْأَيْتَامِ.

(الثَّانِي) : مَحِلُّ الْخِلَافِ إنْ لَمْ يَكُنْ السَّمَاعُ مِنْ أَجْنَبِيَّةٍ. قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ أَوْ أَمْرَدَ فَأَمَّا سَمَاعُهُ مِنْ الْأَجْنَبِيَّةِ فَمِنْ أَعْظَمِ الْمُحَرَّمَاتِ وَأَشَدِّهَا إفْسَادًا لِلدِّينِ.

قَالَ الْإِمَامُ الشَّافِعِيُّ: وَصَاحِبُ الْجَارِيَةِ إذَا جَمَعَ النَّاسَ لِسَمَاعِهَا فَهُوَ سَفِيهٌ تُرَدُّ شَهَادَتُهُ، وَغَلَّظَ الْقَوْلَ فِيهِ وَقَالَ هُوَ دِيَاثَةٌ، فَمَنْ فَعَلَ ذَلِكَ كَانَ دَيُّوثًا. قَالَ الْقَاضِي أَبُو الطَّيِّبِ: وَإِنَّمَا جُعِلَ صَاحِبُهَا سَفِيهًا لِأَنَّهُ دَعَا النَّاسَ إلَى الْبَاطِلِ، وَمَنْ دَعَا النَّاسَ إلَى الْبَاطِلِ كَانَ سَفِيهًا فَاسِقًا. قَالَ وَأَمَّا الْعُودُ وَالطُّنْبُورُ وَسَائِرُ الْمَلَاهِي فَحَرَامٌ وَمُسْتَمِعُهُ فَاسِقٌ، وَاتِّبَاعُ الْجَمَاعَةِ أَوْلَى مِنْ اتِّبَاعِ رَجُلَيْنِ مَطْعُونٌ عَلَيْهِمَا.

قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ يُرِيدُ بِهِمَا (إبْرَاهِيمَ بْنَ سَعِيدٍ (وَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ الْحَسَنِ) فَإِنَّهُ قَالَ وَمَا خَالَفَ فِي الْغِنَاءِ إلَّا رَجُلَانِ إبْرَاهِيمُ بْنُ سَعِيدٍ وَعُبَيْدُ اللَّهِ، فَإِنَّ السَّاجِيَّ حَكَى عَنْ إبْرَاهِيمَ أَنَّهُ كَانَ لَا يَرَى بِهِ بَأْسًا، وَالثَّانِي عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ حَسَنٍ الْعَنْبَرِيُّ قَاضِي الْبَصْرَةِ وَهُوَ مَطْعُونٌ فِيهِ. انْتَهَى. .

[مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ أَقْوَالِ السَّادَةِ الصُّوفِيَّةِ فِي السَّمَاعِ إلَى الْغِنَاءِ]

مَطْلَبٌ: فِي بَيَانِ أَقْوَالِ السَّادَةِ الصُّوفِيَّةِ فِي السَّمَاعِ

(الثَّالِثُ) : أَبَاحَتْ السَّمَاعَ الصُّوفِيَّةُ وَأَتَوْا عَلَى إبَاحَتِهِ بِأَدِلَّةٍ غَيْرِ وَفِيَّةٍ. فَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّهُ مِنْ الْمُبَاحَاتِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ مِنْ الْقُرُبَاتِ.

وَعَلَى كُلِّ حَالٍ لَمْ يَرَوْا بِهِ بَأْسًا، وَلَمْ يَرْفَعُوا لِمُخَالِفِيهِمْ فِي ذَلِكَ أَسًا، وَأَنْكَرُوا عَلَى مَانِعِهِ أَصْلًا وَفَرْعًا، وَجَعَلُوهُ أَنَّهُ خَالَفَ الْأَصْلَ حَقِيقَةً وَشَرْعًا قَالُوا وَيَلْزَمُ مَنْ حَظَّرَ الْغِنَاءَ تَخْطِئَةُ طَائِفَةٍ مِنْ الْأَوْلِيَاءِ، وَتَفْسِيقُ كَثِيرٍ مِنْ الْعُلَمَاءِ، إذْ لَا خِلَافَ

ص: 163

أَنَّهُمْ سَمِعُوا الْغِنَاءَ وَتَوَاجَدُوا، وَأَفْضَى بِهِمْ إلَى الصُّرَاخِ وَالْغَشْيِ وَالصَّفْقِ وَعَرْبَدُوا.

وَفَصَّلَ بَعْضُهُمْ تَفْصِيلًا حَسَنًا بِحَسَبِ الْعَقْلِ، لَوْ سَاعَدَهُ الْقِيَاسُ وَالنَّقْلُ، فَقَالَ مَنْ صَحَّ فَهْمُهُ، وَحَسُنَ قَصْدُهُ، وَصَقَلَتْ الرِّيَاضَةُ مِرْآةَ قَلْبِهِ، وَجَلَتْ نَسَمَاتُ الْعَزِيمَةِ فَضَاءَ سِرِّهِ، فَصَفَا مِنْ تَصَاعُدِ أَكْدَارِ أَرْضِ طَبْعِهِ، وَبُخَارِ بَشَرِيَّتِهِ، وَخَيَلَانِ وَسْوَاسِهِ، وَعَرِيَ مِنْ حُضُوضُ الشَّهَوَاتِ، وَتَطَهَّرَ مِنْ دَنَسِ الشُّبُهَاتِ، فَلَا نَقُولُ: إنَّ سَمَاعَهُ حَرَامٌ، وَفِعْلَهُ ذَلِكَ خَطَأٌ.

قَالَ أَبُو طَالِبٍ الْمَكِّيُّ قَدَّسَ اللَّهُ رُوحَهُ: مَنْ طَعَنَ فِي السَّمَاعِ فَقَدْ طَعَنَ فِي سَبْعِينَ صِدِّيقًا وَسُئِلَ الشِّبْلِيُّ عَنْ السَّمَاعِ فَقَالَ ظَاهِرُهُ فِتْنَةٌ وَبَاطِنُهُ عِبْرَةٌ، فَمَنْ عَرَفَ الْإِشَارَةَ حَلَّ لَهُ السَّمَاعُ وَإِلَّا فَقَدْ اسْتَدْعَى الْفِتْنَةَ وَتَعَرَّضَ لِلْبَلِيَّةِ، وَذَلِكَ لِأَنَّ السَّمَاعَ مُهَيِّجٌ مَا فِي الْقُلُوبِ مُحَرِّكٌ مَا فِيهَا، فَلَمَّا كَانَتْ قُلُوبُ الْقَوْمِ مَعْمُورَةً بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى صَافِيَةً مِنْ كَدَرِ الشَّهَوَاتِ، مُحْتَرِقَةً بِحُبِّ اللَّهِ لَيْسَ فِيهَا سِوَاهُ، فَالشَّوْقُ وَالْوَجْدُ وَالْهَيَجَانُ وَالْقَلَقُ كَامِنٌ فِي قُلُوبِهِمْ كُمُونَ النَّارِ فِي الزِّنَادِ، فَلَا تَظْهَرُ إلَّا بِمُصَادَفَةِ مَا يُشَاكِلُهَا.

فَمُرَادُ الْقَوْمِ فِيمَا يَسْمَعُونَ إنَّمَا هُوَ مُصَادِفٌ مَا فِي قُلُوبِهِمْ، فَيَسْتَثِيرُهُ بِصَدْمَةِ طُرُوقِهِ وَقُوَّةِ سُلْطَانِهِ، فَتَعْجَزُ الْقُلُوبُ عَنْ الثُّبُوتِ عَنْ اصْطِدَامِهِ، فَتَبْعَثُ الْجَوَارِحَ بِالْحَرَكَاتِ وَالصَّرَخَاتِ وَالصَّعَقَاتِ لِثَوَرَانِ مَا فِي الْقُلُوبِ، لَا أَنَّهُ يُحْدِثُ فِيهَا شَيْئًا. قَالَ أَبُو الْقَاسِمِ الْجُنَيْدُ قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ: السَّمَاعُ لَا يُحْدِثُ فِي الْقَلْبِ شَيْئًا وَإِنَّمَا هُوَ مُهَيِّجٌ مَا فِيهِ فَتَرَاهُمْ يَهِيجُونَ مِنْ وَجْدِهِمْ، وَيَنْطِقُونَ مِنْ حَيْثُ قَصْدُهُمْ، وَيَتَوَاجَدُونَ مِنْ حَيْثُ كَامِنَاتُ سَرَائِرِهِمْ، لَا مِنْ حَيْثُ قَوْلُ الشَّاعِرِ وَمُرَادُ الْقَائِلِ، وَلَا يَلْتَفِتُونَ إلَى الْأَلْفَاظِ لِأَنَّ الْفَهْمَ سَبَقَ إلَى مَا يَتَخَيَّلُهُ الذِّهْنُ.

وَشَاهِدُ ذَلِكَ كَمَا حُكِيَ أَنَّ أَبَا حَكْمَانَ الصُّوفِيَّ سَمِعَ رَجُلًا يَطُوفُ وَيُنَادِي (يَا سَعْتَرْبِرِّي) فَسَقَطَ وَغُشِيَ عَلَيْهِ فَلَمَّا أَفَاقَ قِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ فَقَالَ سَمِعْته وَهُوَ يَقُولُ اسْعَ تَرَ بِرِّي، أَلَا تَرَى أَنَّ حَرَكَةَ وَجْدِهِ مِنْ حَيْثُ هُوَ فِيهِ مِنْ وَقْتِهِ لَا مِنْ حَيْثُ قَوْلُ الْقَائِلِ وَلَا قَصْدُهُ كَمَا رَوَى بَعْضُ الشُّيُوخِ أَنَّهُ سَمِعَ قَائِلًا يَقُولُ: الْخِيَارُ عَشْرَةٌ بِحَبَّةٍ، فَغَلَبَهُ الْوَجْدُ فَسُئِلَ عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ إذَا كَانَ الْخِيَارُ عَشْرَةٌ بِحَبَّةٍ فَمَا قِيمَةُ الْأَشْرَارِ فَالْمُحْتَرِقُ بِحُبِّ اللَّهِ لَا تَمْنَعُهُ الْأَلْفَاظُ الْكَثِيفَةُ، عَنْ فَهْمِ الْمَعَانِي اللَّطِيفَةِ، فَلَمْ يَكُنْ وَاقِفًا مَعَ نَغْمَةٍ وَلَا مُشَاهَدَةِ صُورَةٍ.

فَمَنْ ظَنَّ أَنَّ السَّمَاعَ يَرْجِعُ إلَى

ص: 164

رِقَّةِ الْمَعْنَى وَطِيبِ النَّغْمَةِ فَهُوَ بَعِيدٌ عَنْ السَّمَاعِ. قَالُوا وَإِنَّمَا السَّمَاعُ حَقِيقَةٌ رَبَّانِيَّةٌ، وَلَطِيفَةٌ رُوحَانِيَّةٌ، تَسْرِي مِنْ السَّمِيعِ الْمُسْمَعِ إلَى الْأَسْرَارِ، بِلَطَائِف التُّحَفِ وَالْأَنْوَارِ، فَتَمْحَقُ مِنْ الْقَلْبِ مَا لَمْ يَكُنْ، وَيَبْقَى فِيهِ مَا لَمْ يَزُلْ، فَهُوَ سَمَاعُ حَقٍّ بِحَقٍّ مِنْ حَقٍّ.

قَالُوا وَأَمَّا الْحَالُ الَّذِي يَلْحَقُ الْمُتَوَاجِدَ، فَمِنْ ضَعْفِ حَالِهِ عَنْ تَحَمُّلِ الْوَارِدِ، وَذَلِكَ لِازْدِحَامِ أَنْوَارِ الطَّائِفِ فِي دُخُولِ بَابِ الْقَلْبِ، فَيَلْحَقُهُ دَهْشٌ فَيَبْعَثُ بِجَوَارِحِهِ، وَيَسْتَرِيحُ إلَى الصَّعْقَةِ وَالصَّرْخَةِ وَالشَّهْقَةِ.

وَأَكْثَرُ مَا يَكُونُ ذَلِكَ لِأَهْلِ الْبِدَايَاتِ، وَأَمَّا أَهْلُ النِّهَايَاتِ فَالْغَالِبُ عَلَيْهِمْ السُّكُونُ وَالثُّبُوتُ لِانْشِرَاحِ صُدُورِهِمْ، وَاتِّسَاعِ سَرَائِرِهِمْ الْوَارِدِ عَلَيْهِمْ، فَهُمْ فِي سُكُونِهِمْ مُتَحَرِّكُونَ، وَفِي ثُبُوتِهِمْ مُتَقَلْقِلُونَ، كَمَا قِيلَ لِأَبِي الْقَاسِمِ الْجُنَيْدِ رضي الله عنه: مَا لَنَا لَا نَرَاك تَتَحَرَّك عِنْدَ السَّمَاعِ؟ فَقَالَ {وَتَرَى الْجِبَالَ تَحْسَبُهَا جَامِدَةً وَهِيَ تَمُرُّ مَرَّ السَّحَابِ} [النمل: 88] وَيُحْكَى أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ السَّمَاعِ وَلِأَيِّ شَيْءٍ يَكُونُ الرَّجُلُ سَاكِنًا قَبْلَ السَّمَاعِ، فَإِذَا سَمِعَ اضْطَرَبَ وَتَحَرَّكَ؟ فَقَالَ: السَّمَاعُ خِطَابُ الرُّوحِ مِنْ الْمِيثَاقِ الْأَوَّلِ حِينَ قَالَ {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قَالُوا بَلَى} [الأعراف: 172] فَسُمِعَ حِينَ سُمِعَ لَا حَدَّ وَلَا رَسْمَ وَلَا صِفَةَ إلَّا الْمَعْنَى الَّذِي سُمِعَ حِينَ سُمِعَ، فَبَقِيَتْ حَلَاوَةُ ذَلِكَ السَّمَاعِ فِيهِمْ، فَلَمَّا أَخْرَجَهُمْ وَرَدَّهُمْ إلَى الدُّنْيَا ظَهَرَ ذَلِكَ فِيهِمْ، فَإِذَا سَمِعُوا نَغْمَةً طَيِّبَةً وَقَوْلًا حَسَنًا طَارَتْ هِمَمُهُمْ إلَى ذَلِكَ الْأَصْلِ، فَسَمِعُوا مِنْ الْأَهْلِ، وَأَشَارُوا إلَى الْأَصْلِ.

قَالُوا فَالْعَارِفُ هُوَ الَّذِي سَمِعَ مِنْ اللَّهِ، وَمَنْ لَا يَعْرِفُ اللَّهَ كَيْفَ يَسْمَعُ مِنْ اللَّهِ، وَمَنْ لَا يَسْمَعُ مِنْ اللَّهِ فَالْبَهِيمَةُ خَيْرٌ مِنْهُ {لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ} [الأعراف: 179] .

وَقَالَ أَبُو عُثْمَانَ الْمَغْرِبِيُّ: مَنْ ادَّعَى السَّمَاعَ فَلَمْ يَسْمَعْ مِنْ صَوْتِ الطُّيُورِ وَصَرِيرِ الْبَابِ وَتَصْفِيقِ الرِّيَاحِ فَهُوَ مُدَّعٍ، فَالْعَارِفُ يَسْمَعُ لَطِيفَ الْإِشَارَةِ، مِنْ كَثِيفِ الْعِبَارَةِ. وَدَخَلَ يَوْمًا أَبُو عُثْمَانَ الْمَغْرِبِيُّ وَوَاحِدٌ يَسْتَقِي الْمَاءَ مِنْ بِئْرٍ عَلَيْهِ بَكْرَةٌ فَتَوَاجَدَ، فَقِيلَ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ إنَّهَا تَقُولُ اللَّهَ اللَّهَ.

قَالُوا: وَسَمِعَ أَمِيرُ الْمُؤْمِنِينَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ رضي الله عنه صَوْتَ نَاقُوسٍ، فَقَالَ لِأَصْحَابِهِ أَتَدْرُونَ مَا يَقُولُ؟ قَالُوا لَا، قَالَ إنَّهُ يَقُولُ سُبْحَانَ اللَّهِ

ص: 165

حَقًّا حَقًّا. إنَّ الْمَوْلَى صَمَدِيٌّ يَبْقَى يَا أَهْلَ الدُّنْيَا إنَّ الدُّنْيَا قَدْ غَرَّتْنَا وَاسْتَهْوَتْنَا وَاسْتَغْوَتْنَا. يَا ابْنَ الدُّنْيَا مَهْلًا مَهْلًا. يَا ابْنَ الدُّنْيَا تَفْنَى الدُّنْيَا قَرْنًا قَرْنًا. مَا مِنْ يَوْمٍ يَمْضِي عَنَّا إلَّا يُهْوِي مِنَّا رُكْنًا.

قَالُوا: وَقَالَ عَلِيٌّ رضي الله عنه وَهُوَ مَارٌّ عَلَى دُكَّانِ قَطَّانٍ لِأَصْحَابِهِ: أَتَدْرُونَ قَوْسَهُ مَا يَقُولُ؟ قَالُوا لَا، قَالَ إنَّهُ يَقُولُ: لَوْ عِشْت عُمْرَ نُوحٍ وَضِعْفَ ضِعْفَ ضِعْفَ ذَاكَ أَلَسْت بَعْدَهَا تَفِ تَفِ تَفِ. قَالَ فِي حَلِّ الرُّمُوزِ: وَاعْلَمْ أَنَّهُ قَدْ حَضَرَ السَّمَاعُ، وَسَمِعَ كَثِيرٌ مِنْ الْأَكَابِرِ وَالْمَشَايِخِ وَالتَّابِعِينَ وَمِنْ الصَّحَابَةِ، فَنُقِلَ أَنَّهُ سَمِعَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ وَعَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ.

قَالَ وَجَاءَ عَنْهُ آثَارٌ فِي إبَاحَةِ السَّمَاعِ وَجَمْعٍ مِنْ الصَّحَابَةِ كَابْنِ الزُّبَيْرِ وَالْمُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ وَمُعَاوِيَةَ وَغَيْرِهِمْ.

قَالَ وَمِمَّنْ قَالَ بِإِبَاحَتِهِ مِنْ السَّلَفِ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ، وَأَهْلُ الْحِجَازِ أَجْمَعَ يُبِيحُونَ الْغِنَاءَ، كَذَا قَالَ.

وَذَكَرَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَنْ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمُلَقَّبِ بِالْقَسِّ وَكَانَ عِنْدَ أَهْلِ مَكَّةَ أَفْضَلَ مِنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ فِي الْعِبَادَةِ أَنَّهُ مَرَّ يَوْمًا بِسَلَّامَةَ وَهِيَ تُغَنِّي فَقَامَ يَسْمَعُ غِنَاءَهَا فَرَآهُ مَوْلَاهَا فَقَالَ لَهُ هَلْ لَك أَنْ تَدْخُلَ وَتَسْمَعَ؟ فَأَبَى وَلَمْ يَزَلْ بِهِ حَتَّى دَخَلَ فَغَنَّتْهُ فَأَعْجَبَتْهُ، وَلَمْ يَزَلْ يَسْمَعُهَا وَيُلَاحِظُهَا النَّظَرَ حَتَّى شُغِفَ بِهَا، فَلَمَّا شَعَرَتْ لِلَحْظِهِ إيَّاهَا، غَنَّتْهُ:

رُبَّ رَسُولَيْنِ لَنَا بَلَّغَا

رِسَالَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ نَبْرَحَا

الطَّرْفَ وَالظَّرْفَ بَعَثْنَاهُمَا

فَقَضَيَا حَاجًا وَمَا صَرَّحَا

قَالَ فَأُغْمِيَ عَلَيْهِ وَكَادَ يَهْلَكُ، فَقَالَتْ لَهُ وَاَللَّهِ إنِّي أُحِبُّك، قَالَ أَنَا وَاَللَّهِ أُحِبُّك. قَالَتْ وَأُحِبُّ أَنْ أَضَعَ فَمِي عَلَى فَمِك، قَالَ وَأَنَا وَاَللَّهِ فَمَا يَمْنَعُك مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَتْ أَخْشَى أَنْ تَكُونَ صَدَاقَةُ مَا بَيْنِي وَبَيْنَك عَدَاوَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ، أَمَا سَمِعْت قَوْله تَعَالَى {الأَخِلاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلا الْمُتَّقِينَ} [الزخرف: 67] فَنَهَضَ وَعَادَ إلَى طَرِيقَتِهِ الَّتِي كَانَ عَلَيْهَا وَأَنْشَأَ يَقُولُ:

قَدْ كُنْت أَعْذِلُ فِي السَّفَاهَةِ أَهْلَهَا

فَأَعْجَبُ لِمَا تَأْتِي بِهِ الْأَيَّامُ

فَالْيَوْمَ أَعْذُرُهُمْ وَأَعْلَمُ أَنَّمَا

سُبُلُ الضَّلَالَةِ وَالْهُدَى أَقْسَامُ

وَحَاصِلُ مَا عِنْدَ الصُّوفِيَّةِ عَلَى مَا فِي حَلِّ الرُّمُوزِ وَغَيْرِهِ مِنْ كُتُبِهِمْ أَنَّ السَّمَاعَ

ص: 166

يَنْقَسِمُ إلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ، مِنْهُ مَا هُوَ حَرَامٌ مَحْضٌ، وَهُوَ لِأَكْثَرِ النَّاسِ مِنْ الشَّبَابِ وَمَنْ، غَلَبَتْ عَلَيْهِمْ شَهْوَتُهُمْ، وَمَلَكَهُمْ حُبُّ الدُّنْيَا، وَتَكَدَّرَتْ بَوَاطِنُهُمْ، وَفَسَدَتْ مَقَاصِدُهُمْ فَلَا يُحَرِّكُ السَّمَاعُ مِنْهُمْ إلَّا مَا هُوَ الْغَالِبُ عَلَيْهِمْ وَعَلَى قُلُوبِهِمْ مِنْ الصِّفَاتِ الْمَذْمُومَةِ، لَا سِيَّمَا فِي زَمَانِنَا هَذَا وَتَكَدُّرُ أَحْوَالِنَا وَفَسَادُ أَعْمَالِنَا.

وَقَدْ رُوِيَ مِنْ الْجُنَيْدِ قَدَّسَ اللَّهُ سِرَّهُ أَنَّهُ تَرَكَ السَّمَاعَ فِي آخِرِ عُمْرِهِ، فَقِيلَ لَهُ كُنْت تَسْمَعُ أَفَلَا تَسْمَعُ؟ قَالَ مَعَ مَنْ؟ فَقِيلَ لَهُ أَنْتَ تَسْمَعُ لِنَفْسِك، فَقَالَ مِمَّنْ، فَالسَّمَاعُ لَا يُحْسَنُ إلَّا بِأَهْلِهِ وَمَعَ أَهْلِهِ وَمِنْ أَهْلِهِ، فَإِذَا انْعَدَمَ أَهْلُهُ وَانْدَرَسَ مَحَلُّهُ فَيَجِبُ عَلَى الْعَارِفِ تَرْكُهُ.

وَمِنْهُ مَا هُوَ مُبَاحٌ وَهُوَ لِمَنْ لَا حَظَّ لَهُ مِنْهُ إلَّا التَّلَذُّذَ بِالصَّوْتِ الْحَسَنِ وَاسْتِدْعَاءِ السُّرُورِ وَالْفَرَحِ، أَوْ يَتَذَكَّرُ بِهِ غَائِبًا أَوْ مَيِّتًا فَيُثِيرُ حُزْنُهُ فَيُتَرَوَّحُ بِمَا يَسْمَعُهُ. وَمِنْهُ مَا هُوَ مَنْدُوبٌ وَهُوَ لِمَنْ غَلَبَ عَلَيْهِ حُبُّ اللَّهِ تَعَالَى وَالشَّوْقُ إلَيْهِ، فَلَا يُحَرِّكُ السَّمَاعُ مِنْهُ إلَّا الصِّفَاتِ الْمَحْمُودَةَ كَمَا مَرَّ.

وَحَاصِلُ ذَلِكَ أَنَّ مَنْ سَمِعَ فَظَهَرَتْ عَلَيْهِ صِفَاتُ نَفْسِهِ وَذَكَرَ لَهَا حُظُوظَ دُنْيَاهُ وَاسْتَثَارَ بِسَمَاعِهِ وَسَاوِسَ هَوَاهُ، فَالسَّمَاعُ عَلَيْهِ حَرَامٌ مَحْضٌ. وَمَنْ سَمِعَ فَظَهَرَ لَهُ ذِكْرُ رَبِّهِ، وَخَوْفُهُ مِنْ ذَنْبِهِ، وَتَذَكَّرَ آخِرَتَهُ، فَأَنْتَجَ لَهُ ذَلِكَ الذِّكْرُ شَوْقًا إلَى اللَّهِ تَعَالَى وَخَوْفًا مِنْهُ وَرَجَاءً لِوَعْدِهِ وَحَذَرًا مِنْ وَعِيدِهِ، فَسَمَاعُهُ ذِكْرٌ مِنْ الْأَذْكَارِ عِنْدَهُمْ. هَذَا حَاصِلُ مَقَالَاتِهِمْ وَإِنْ تَنَوَّعَتْ، وَمَعْنَى إشَارَاتِهِمْ وَإِنْ تَشَعَّبَتْ.

وَهَذَا وَأَمْثَالُهُ عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ غَيْرُ مَنْظُورٍ إلَيْهِ، وَلَا مُلْتَفَتٌ لَهُ، وَلَا مُعَوَّلٌ عَلَيْهِ. قَالَ الْإِمَامُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ الْقَيِّمِ فِي إغَاثَةِ اللَّهْفَانِ: قَالَ أَبُو بَكْرٍ الطُّرْطُوشِيُّ وَهَذِهِ الطَّائِفَةُ يَعْنِي الصُّوفِيَّةَ مُخَالِفَةٌ لِجَمَاعَةِ الْمُسْلِمِينَ، لِأَنَّهُمْ جَعَلُوا الْغِنَاءَ دِينًا وَطَاعَةً، وَرَأَتْ إعْلَانَهُ فِي الْمَسَاجِدِ وَالْجَوَامِعِ وَسَائِرِ الْبِقَاعِ الْمُشَرَّفَةِ وَالْمَشَاهِدِ الْكَرِيمَةِ مِنْ أَشْرَفِ الْبِضَاعَةِ قَالَ وَلَيْسَ فِي الْأُمَّةِ مَنْ رَأَى هَذَا الرَّأْيَ.

وَأَنْشَدَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ:

ص: 167

أَلَا قُلْ لَهُمْ قَوْلَ عَبْدٍ نَصُوحٍ

وَحَقُّ النَّصِيحَةِ أَنْ تُسْتَمَعْ

مَتَى عَلِمَ النَّاسُ فِي دِينِهِمْ

بِأَنَّ الْغِنَا سُنَّةٌ تُتَّبَعْ

وَأَنْ يَأْكُلَ الْمَرْءُ أَكْلَ الْحِمَارِ

وَيَرْقُصَ فِي الْجَمْعِ حَتَّى يَقَعْ

وَقَالُوا سَكِرْنَا بِحُبِّ الْإِلَهِ

وَمَا أَسْكَرَ الْقَوْمَ إلَّا الْفَضَعْ

كَذَاك الْبَهَائِمُ إنْ أُشْبِعَتْ

يُرَقِّصُهَا رَبُّهَا وَالشِّبَعْ

وَيُسْكِرُهُ النَّايُ ثُمَّ الْغِنَا

وَيس لَوْ تُلِيَتْ مَا انْصَدَعْ

فَيَا لِلْعُقُولِ وَيَا لِلنُّهَى

أَلَا مُنْكِرٌ مِنْكُمُو لِلْبِدَعْ

تُهَانُ مَسَاجِدُنَا بِالسَّمَاعِ

وَتُكْرَمُ عَنْ مِثْلِ ذَاكَ الْبِيَعُ

قَالَ الْإِمَامُ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَهَذَا السَّمَاعُ الشَّيْطَانِيُّ الْمُضَادُّ لِلسَّمَاعِ الرَّحْمَانِيِّ لَهُ فِي الشَّرْعِ بِضْعَةَ عَشَرَ اسْمًا: اللَّهْوُ، وَاللَّغْوُ، وَالْوِزْرُ، وَالْمُكَاءُ، وَالتَّصْدِيَةُ وَرُقْيَةُ الزِّنَا، وَقُرْآنُ الشَّيْطَانِ، وَمُنْبِتُ النِّفَاقِ فِي الْقَلْبِ، وَالصَّوْتُ الْأَحْمَقُ، وَالصَّوْتُ الْفَاجِرُ، وَصَوْتُ الشَّيْطَانِ، وَمَزْمُورُ الشَّيْطَانِ، وَالسُّمُودُ.

أَسْمَاؤُهُ دَلَّتْ عَلَى أَوْصَافِهِ تَبًّا لِذِي الْأَسْمَاءِ وَالْأَوْصَافِ ثُمَّ ذَكَرَ أَدِلَّتَهَا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَسُنَّةِ رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَآثَارِ السَّلَفِ الصَّالِحِ.

قَالَ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: فَالِاسْمُ اللَّهْوُ وَلَهْوُ الْحَدِيثِ. قَالَ تَعَالَى {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ} [لقمان: 6] الْآيَةَ.

قَالَ الْوَاحِدِيُّ وَغَيْرُهُ: أَكْثَرُ الْمُفَسِّرِينَ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِلَهْوِ الْحَدِيثِ الْغِنَاءُ قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه فِي رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ عَنْهُ، وَابْنُ مَسْعُودٍ فِي رِوَايَةِ أَبِي الصَّهْبَاءِ عَنْهُ، وَهُوَ قَوْلُ مُجَاهِدٍ وَعِكْرِمَةَ. قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ: هُوَ الرَّجُلُ يَشْتَرِي الْجَارِيَةَ تُغَنِّيه لَيْلًا وَنَهَارًا، قَالَ وَهُوَ قَوْلُ مَكْحُولٍ وَاخْتِيَارُ أَبِي إِسْحَاقَ أَيْضًا.

قَالَ أَكْثَرُ مَا جَاءَ فِي التَّفْسِيرِ أَنَّ لَهْوَ الْحَدِيثِ هَاهُنَا هُوَ الْغِنَاءُ لِأَنَّهُ يُلْهِي مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى.

قَالَ الْوَاحِدِيُّ: قَالَ أَهْلُ الْمَعَانِي: وَيَدْخُلُ فِي هَذَا كُلُّ مَنْ اخْتَارَ اللَّهْوَ وَالْغِنَاءَ وَالْمَزَامِيرَ وَالْمَعَازِفَ عَلَى الْقُرْآنِ، وَإِنْ كَانَ اللَّفْظُ قَدْ وَرَدَ بِالشِّرَاءِ فَلَفْظُ الشِّرَاءِ يُذْكَرُ فِي الِاسْتِبْدَالِ وَالِاخْتِيَارِ. قَالَ وَبِحَسْبِ الْمَرْءِ مِنْ الضَّلَالَةِ أَنْ يَخْتَارَ حَدِيثَ الْبَاطِلِ عَلَى حَدِيثِ الْحَقِّ.

قَالَ الْوَاحِدِيُّ: وَهَذِهِ الْآيَةُ عَلَى هَذَا التَّفْسِيرِ تَدُلُّ عَلَى تَحْرِيمِ الْغِنَاءِ. ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ الشَّافِعِيِّ فِي رَدِّ الشَّهَادَةِ

ص: 168

بِإِعْلَانِ الْغِنَاءِ.

قَالَ وَأَمَّا غِنَاءُ الْقَيْنَاتِ فَذَلِكَ أَشَدُّ مَا فِي الْبَابِ لِكَثْرَةِ الْوَعِيدِ الْوَارِدِ فِيهِ، وَهُوَ مَا وَرَدَ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «مَنْ اسْتَمَعَ إلَى قَيْنَةٍ صُبَّ فِي أُذُنَيْهِ الْآنُكُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» الْآنُكُ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ الرَّصَاصُ الْمُذَابُ.

وَقَدْ جَاءَ تَفْسِيرُ لَهْوِ الْحَدِيثِ بِالْغِنَاءِ مَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم. فَفِي مُسْنَدِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَالْحُمَيْدِيِّ وَجَامِعِ التِّرْمِذِيِّ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ وَاللَّفْظُ لِلتِّرْمِذِيِّ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ «لَا تَبِيعُوا الْقَيْنَاتِ وَلَا تَشْتَرُوهُنَّ وَلَا تُعَلِّمُوهُنَّ فَلَا خَيْرَ فِي تِجَارَتِهِنَّ فَهُنَّ وَثَمَنُهُنَّ حَرَامٌ» فِي مِثْلِ هَذَا نَزَلَتْ الْآيَةُ {وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ} [لقمان: 6] قَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَهَذَا الْحَدِيثُ وَإِنْ كَانَ مَدَارُهُ عَلَى عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ زَحْرٍ عَنْ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ الْقَاسِمِ فَعُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ زَحْرٍ ثِقَةٌ وَالْقَاسِمُ ثِقَةٌ وَعَلِيٌّ ضَعِيفٌ، إلَّا أَنَّ الْحَدِيثَ شَوَاهِدُ وَمُتَابَعَاتٌ مَعَ مَا اعْتَضَدَ بِهِ مِنْ تَفْسِيرِ الصَّحَابَةِ - رِضْوَانُ اللَّهِ عَلَيْهِمْ - وَالتَّابِعِينَ فَقَدْ قَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: وَاَللَّهِ الَّذِي لَا إلَهَ غَيْرُهُ هُوَ الْغِنَاءُ يُرَدِّدُهَا ثَلَاثَ مَرَّاتٍ يَعْنِي لَهْوَ الْحَدِيثِ وَصَحَّ ابْنُ عُمَرَ أَيْضًا أَنَّهُ الْغِنَاءُ.

قَالَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ: لِيَعْلَمَ طَالِبُ هَذَا الْعِلْمِ أَنَّ تَفْسِيرَ الصَّحَابِيِّ الَّذِي شَهِدَ الْوَحْيَ وَالتَّنْزِيلَ عِنْدَ الشَّيْخَيْنِ حَدِيثٌ مُسْنَدٌ. وَقَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ كِتَابِهِ: هُوَ عِنْدَنَا فِي حُكْمِ الْمَرْفُوعِ. قَالَ فِي إغَاثَةِ اللَّهْفَانِ: وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِيهِ نَظَرٌ فَلَا رَيْبَ أَنَّهُ أَوْلَى بِالْقَبُولِ مِنْ تَفْسِيرِ مَنْ بَعْدَهُمْ، فَهُمْ أَعْلَمُ الْأُمَّةِ بِمُرَادِ اللَّهِ مِنْ كِتَابِهِ، فَعَلَيْهِمْ نَزَلَ وَهُمْ أَوْلَى مَنْ خُوطِبَ بِهِ مِنْ الْأُمَّةِ، وَقَدْ شَاهَدُوا تَفْسِيرَهُ مِنْ الرَّسُولِ عِلْمًا وَعَمَلًا، وَهُمْ الْعَرَبُ الْفُصَحَاءُ عَلَى الْحَقِيقَةِ فَلَا يُعْدَلُ عَنْ تَفْسِيرِهِمْ مَا وُجِدَ إلَيْهِ سَبِيلٌ.

وَلَا نُعَارِضُ بَيْنَ تَفْسِيرِ لَهْوِ الْحَدِيثِ بِالْغِنَاءِ وَتَفْسِيرِهَا بِأَخْبَارِ الْأَعَاجِمِ وَمُلُوكِهَا وَمُلُوكِ الرُّومِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِمَّا كَانَ النَّضْرُ بْنُ الْحَارِثِ يُحَدِّثُ بِهِ أَهْلَ مَكَّةَ يَشْغَلُهُمْ عَنْ الْقُرْآنِ، لِأَنَّ كِلَيْهِمَا لَهْوٌ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْغِنَاءَ أَشَدُّ لَهْوًا مِنْ أَخْبَارِ الْمُلُوكِ وَأَعْظَمُ ضَرَرًا، فَإِنَّهُ رُقْيَةُ الزِّنَا، وَشَرَكُ الشَّيْطَانِ، وَخَمْرَةُ الْعُقُولِ، وَيَصُدُّ عَنْ الْقُرْآنِ أَكْثَرَ مِنْ غَيْرِهِ مِنْ الْكَلَامِ الْبَاطِلِ لِشِدَّةِ مَيْلِ النُّفُوسِ إلَيْهِ وَرَغْبَتِهَا فِيهِ.

وَقَالَ فِي اسْمِ الزُّورِ وَاللَّغْوِ مُسْتَدِلًّا بِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَالَّذِينَ لا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا} [الفرقان: 72] قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ

ص: 169