الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الثاني:
محبة عمر بن الخطاب لها رضي الله عنهما
-.
99.
[1] قال أبو بكر ابن أبي شيبة (ت 235 هـ) رحمه الله: حدثنا محمد بن بِشْر، قال: حدثنا عُبَيْدُاللهِ بن عمر ، قال: حدثنا زيد بن أسلم ، عن أبيه أسلم: أنه حين بُويع لأبي بكر بعدَ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كان عليٌّ والزبيرُ يدخُلان على فاطمة بنتِ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم فيُشَاوِرُونَها، ويَرتَجِعُون في أمْرِهم ، فلمَّا بلَغَ ذلك عمر بنُ الخطاب خرَجَ حتَّى دخَلَ على فاطمة، فقال:«يا بنتَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ، واللهِ مَا مِن الخلقِ أحَدٌ أحبُّ إلينا مِن أبيكِ ، ومَا مِنْ أحَدٍ أحبُّ إلينا بعدَ أبيكِ مِنكِ ، وأيْمُ اللَّه ما ذاكَ بمانِعِيَّ إنِ اجتمعَ هؤلاءِ النَّفَرُ عندَكِ؛ أنْ آمُرَ بهم أنْ يُحرَّقَ عليهم البيت» .
قال: فلمَّا خرجَ عُمَرُ، جاؤوها، فقالَتْ:«تعلمونَ أنَّ عمرَ قدْ جاءَني، وقَدْ حلَفَ باللهِ لَئن عُدْتُمْ لَيُحَرِّقَنَّ عليكُم البَيتَ، وأيمُ اللهِ لَيَمْضِيَنَّ لِمَا حَلَفَ عليه ، فانصَرِفُوا راشِدِيْنَ ، فَرُوْا رأيَكُمْ، ولا تَرجِعُوا إليَّ» ، فانصَرَفُوْا عنهَا، فلَمْ يَرجِعُوا إليهَا حتَّى بَايَعُوا لأبي بكر.
[«المصنف» لابن أبي شيبة ـ تحقيق عوَّامة
(1)
ـ (20/ 579) رقم (38200)]
(1)
وهُو في تحقيق د. سعد الشثري ـ ط. كنوز اشبيليا ـ (21/ 143) رقم (39827) وقد حكم عليه بالصحة.
دراسة الإسناد:
ــ محمد بن بِشْر بن الفُرافصة بن المختار العبْدي، أبو عبداللَّه الكوفي.
متفق على توثيقه.
قال ابن حجر: ثقة، حافظ.
(1)
ــ عُبَيدُاللَّه بن عمر بن حفص بن عاصم بن عُمَر بن الخطاب العُمَري القرشي.
متفق على توثيقه.
نقل ابن رجب أن يعقوب بن شيبة ذكر أنَّ في سماع أهل الكوفة منه شيئاً.
قال ابن حجر: ثقة، ثبت.
(2)
ــ زيد بن أسلم القرشي العدوي، أبو أسامة، ويقال: أبو عبداللَّه، المدني، الفقيه، مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
مُتَّفَقٌ عَلى تَوْثِيقِهِ.
(1)
ينظر: «الجرح والتعديل» (7/ 210)، «تهذيب الكمال» (24/ 520)، «سير أعلام النبلاء» (9/ 265)، «تهذيب التهذيب» (9/ 73)، «تقريب التهذيب» (ص 500).
(2)
ينظر: «الجرح والتعديل» (5/ 326)، «تهذيب الكمال» (19/ 124)، «سير أعلام النبلاء» (6/ 304)، «شرح علل الترمذي» (2/ 608)، «تهذيب التهذيب»
…
(7/ 38)، «تقريب التهذيب» (ص 405).
قال ابن حجر: ثقة، عالم، وكان يرسل.
…
(ت 136 هـ).
(1)
ــ أسلَمُ القرشي العدوي، أبو خالد، ويقال: أبو زيد المدني، مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه.
ثقة، مخضرم.
ابتاعه عمرُ رضي الله عنه من مكة سنة 11 هـ.
ذكر ابن حجر أنه توفي سنة 80 هـ، وهو ابن 114 سنة.
وأنكر الذهبي صحة القول بأنه عاش 114 سنة.
(2)
تخريج الحديث:
ــ أخرجه: ابن أبي شيبة في «مصنفه» ـ كما سبق ـ، وعنه:[ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (5/ 360) رقم (2952)، وفي «المذكِّر والتذكير» (ص 91) رقم (19)].
(1)
ينظر: «تاريخ ابن معين» رواية الدوري (2/ 181)، «المراسيل» لابن أبي حاتم
…
(ص 63)، «الجرح والتعديل» (3/ 555)، «تهذيب الكمال» (10/ 12)، «سير أعلام النبلاء» (5/ 316)، «ميزان الاعتدال» (2/ 92)، «جامع التحصيل» (ص 178) رقم (211)، «تهذيب التهذيب» (3/ 395)، «تقريب التهذيب» (ص 256).
(2)
ينظر: «الجرح والتعديل» (2/ 306)، «تهذيب الكمال» (2/ 529)، «سير أعلام النبلاء» (4/ 98)، «تهذيب التهذيب» (1/ 266)، «تقريب التهذيب» (ص 144).
ــ والحافظ البزار
(1)
، ومن طريقه: [ابن عبدالبر في «الاستيعاب»
…
(3/ 975)] من طريق أحمد بن يحيى.
ــ والقطيعي في زوائده على «فضائل الصحابة لأحمد» (1/ 364) رقم (532) من طريق معاوية بن عمرو.
ــ والخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (6/ 75) رقم الحديث
…
(1641) من طريق الفضل بن سهل الأعرج.
أربعتهم: (ابن أبي شيبة، وأحمد بن يحى، ومعاوية بن عمرو، والفضل بن سهل) عن محمد بن بشر العبدي الكوفي.
ــ وأخرجه: الحاكم في «المستدرك على الصحيحين»
(2)
(3/ 168)
(1)
لم أجده في كتبه.
(2)
تنبيه: وُجِد الحديث بإسناد الحاكم في كتاب منشور في «المكتبة الشاملة التقنية» ضمن كتاب مخطوط بعنوان: «أحاديث مسندة في أبواب القضاء» لأبي نعيم الأصبهاني، حديث رقم (17)، وهو في المخطوطة المتداولة لهذا الجزء في الورقة الثانية.
ولم أجد في مؤلفات أبي نعيم المذكورة في كتب التراجم كتاباً بهذا العنوان أو نحوه، والذي نسبَ هذا الجزءَ إليه: مفهرسُ مجاميع العمرية الأستاذ: ياسين السواس (ص 313)، وقد كشف حقيقة هذه النسبة الشيخ: محمد بن عبداللَّه السريِّع في مقالِ له منشور في الشبكة العالمية، مبيناً خطأها، مرجِّحاً أن هذا الجزء لأبي سعيد النقاش محمد بن علي بن عمرو بن مهدي الأصبهاني (ت 414 هـ) وهو بعنوان:«الفرق بين القضاة العادلة والجائرة، والشهود الصادقة والكاذبة» = المشهور بِـ «القضاة والشهود» .
هذا فيما يتعلق بنسبة الكتاب لأبي نعيم، لكن الإشكال أن المخطوطة المتداولة، والمُدخَلة في «المكتبة الشاملة» أُدخِلَ ضمنها جزءٌ من المخطوطة التي قبلها، وهي:«موضوعات من مستدرك الحاكم» للذهبي!
فقد ذكر مفهرس المجاميع في: (مجموع رقم 3798 عام ـ مجاميع العُمَرية 62) عدد الرسائل التي احتواها المجموع وهي (21) رسالة، الرسالة رقم (15):«موضوعات من مستدرك الحاكم» للذهبي، ورسالة رقم (16): قطعة فيها «أحاديث مسندة في أبواب القضاء» لأبي نعيم الأصبهاني.
فرسالة رقم (15) تبدأ من ورقة (149) إلى (154) بحسب التصوير والإدخال، وإلا فإنها تنتهي بورقة (153)، لتكرار إدخال ورقة منها.
فدخل جزءٌ من (15) ضمن (16) في الجزء المتداول، والموجود أيضاً في الشاملة.
والحديث محل الدراسة هنا حديث عمر مع فاطمة يقع في المجموع ورقة (154/ أ) ضمن رسالة موضوعات الحاكم، وليس الجزء المنسوب لأبي نعيم.
رقم (4736)، وفي «فضائل فاطمة» (ص 55) رقم (42) عن مُكْرَم بن أحمد القاضي
(1)
، قال: حدثنا أحمد بن يوسف الهمْداني
(2)
(3)
، قال: حدثنا عبد
(1)
أبو بكر البزاز البغدادي، أكثر عنه الحاكم، ووثَّقَه الخطيب. «تاريخ بغداد» (15/ 295)، «الروض الباسم» (2/ 1301) رقم (1120).
(2)
في مطبوعة «فضائل فاطمة» للحاكم: الهمذاني، بالذال، وهو تصحيف، والتصحيح من المخطوطة (ق 6/ أ)، ومن طبعات «المستدرك» المحال إليها، وط. التأصيل
…
(5/ 379) رقم (4797)، و «إتحاف المهرة» (12/ 96) رقم (15161).
(3)
لم أجد له ترجمة، ويحتمل أنه: أحمد بن يوسف بن خالد التغلبي الوائلي العدناني، وهو من
شيوخ مُكرم بن أحمد، وهو ثقة، ترجمته في «تاريخ بغداد» (6/ 465)، و «تاريخ دمشق» (6/ 110)، وانظر:«رجال الحاكم» للوادعي (1/ 210) رقم (401)، وتخريج الشيخ د. سعد الحميّد لِـ «مختصر استدراك الذهبي» (3/ 1600).
المؤمن بن علي الزعفراني
(1)
،
قال: حدثنا عبد السلام بن حرب.
(2)
ــ والحاكم أيضاً في «فضائل فاطمة» (ص 56) رقم (43) عن مكي بن بندار الزنجاني
(3)
، عن محمد بن فضالة الحنفي
(4)
، عن ابن أبي الهيذام
(5)
،
(1)
الأسدي الكوفي نزيل الري. لم أر فيه توثيقاً. إنما ذكره ابن حبان في «الثقات» ، وروى عنه أبو حاتم، وأهل الري.
سأل الإمام مسلم أبا كريب عنه؟ فأثنى عليه. وذكر أبو حاتم أن عبدالمؤمن أخرج له أصول كتب عبدالسلام بن حرب، وأنه وهبها له. وقال أبو زرعة الرازي:(ماتركتُ الكتابَ عن عبدالمؤمن بن علي إلا خوفاً من أهل البلد أن يُشَنِّعوا عليَّ؛ بإتياني إليه). وله عبارة أخرى تشئ بعدم الثناء عليه، لذكره من شهد جنازة عبدالمؤمن. «سؤالات البرذي لأبي زرعة» ـ ط. الفاروق ـ (ص 95) رقم (53) و (ص 402) رقم (941)، «الجرح والتعديل» (6/ 66)، «الثقات» لابن حبان (8/ 417).
(2)
النهدي الملائي، ثقة، حافظ، له مناكير. سبقت ترجمته في الحديث رقم (75).
(3)
اتَّهمَه الدارقطني بوضع الحديث. سبقت ترجمته في الحديث رقم (62).
(4)
متهم بوضع الحديث، قاله الدارقطني. «لسان الميزان» (6/ 501).
(5)
هارون بن أبي الهيذام محمد بن هارون. قال الذهبي: محدِّث، حافظ، رحَّال. «الجرح والتعديل» (9/ 97)، «تاريخ دمشق» (73/ 333)، «تاريخ الإسلام» (6/ 843).
عن عثمان بن طالوت
(1)
، عن بشر بن أبي عمرو بن العلاء
(2)
، عن أبيه أبي عمرو بن العلاء.
(3)
ثلاثتهم: (محمد بن بشر العبدي الكوفي، وعبدالسلام بن حرب الملائي، وأبو عمرو بن العلاء) عن عُبَيداللَّه بن عُمَر العُمَري العدَوي، عن زيد بن أسلم، عن أبيه أسلم العدوي، به.
ــ ذكر ابن حجر الهيتمي في «الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقة» (2/ 520) أن الدارقطني أخرج الحديث.
ولم أجده في شئ من كتبه.
ألفاظ المتن:
ــ رواية ابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» ، وكذا رواية الحاكم في
…
«المستدرك» وفي «فضائل فاطمة» بطريقيه: مقتصرة على الجزء الأول: محبة عمر لفاطمة. ولم يذكرا قضية التهديد بالتحريق.
ورواية ابن أبي عاصم في «المذكِّر والتذكير» ـ رغم أنهما عن ابن أبي شيبة ـ إلا أنها اختلفت يسيراً:
(1)
صدوق. سبقت ترجمته في الحديث رقم (14).
(2)
مجهول. سبقت ترجمته في الحديث رقم (14).
(3)
المازني النحوي القارئ، ثقة. «تقريب التهذيب» (ص 685).
فلم يَذكر اسم علي والزبير، ولا قوله:«حين بويع» ، ولم يذكر قول فاطمة بالتحريق، وقال:«فتفرقوا حتى بُويع لأبي بكر» ، بينما لفظ ابن أبي شيبة:«فلَمْ يَرجِعُوا إليهَا حتَّى بَايَعُوا لأبي بكر» .
ــ عند البزار: «لأفعلنَّ ولأفعلنَّ» ـ بدل لفظة التحريق ـ.
ــ عند القطيعي: لم يذكر التحريق وإنما قال: «وكلَّمها» ـ فكأنه عن لفظ التحريق ـ.
ــ عند الخطيب، والحاكم: الاقتصار على الجزء الأول: محبة عمر لفاطمة.
ــ أما رواية الحاكم من طريق عبدالسلام بن حرب: ففيها: (عن أسلم، عن عمر).
وفي «المستدرك» وجميع مصادر التخريج: (أحبَّ إليَّ منكِ)، بينما انفرد الحاكم في «فضائل فاطمة» بلفظ:(أعزَّ عليَّ منكِ).
ــ أما رواية الحاكم في «فضائل فاطمة» من طريق أبي عمر بن العلاء، فلم يذكر المتن وإنما قال: بنحوه ـ أي: نحو حديث عبدالسلام بن حرب.
التبويب والتعليق على الحديث:
أورده ابنُ أبي شيبة ضمن باب: ما جاء في خلافة أبي بكر رضي الله عنه، وسيرتِه في الرِّدَّة.
ــ والقطيعي في باب فضائل عمر.
والحاكم في «المستدرك» في باب مناقب فاطمة.
وفي كتاب «فضائل فاطمة» بوَّب عليه بقوله: (ذكر فضيلة أخرى لفاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والبيان أنها كانت أعزَّ الناس على أصحابه بعده).
ــ في «المذكِّر والتذكير» أورد عقِبَه مباشرة أنَّ في قول معاوية رضي الله عنه للقاصِّ يدلُّ على أن المخالف إذا خالف لما نهي عنه أوجب ذلك عقوبته.
(1)
(1)
وقول معاوية في تهديده القاص بعقوبه، ورد قبل حديث عمر بحديثين، فلا أدري هل التعليق من ابن أبي عاصم صحيح الموضع، قصدَ بهِ هذه الأحاديث مع حديث عمر، أم أنه وهمٌ من الناسخ ـ فإن التعليق في هذا الموضع بعد حديث عمر جاء في كلا الطبعتين لكتاب «المذكِّر والتذكر»: تحقيق الردادي المحال إليها، وتحقيق عمرو سليم (ص 42) رقم (19).
أقوال أهل العلم:
(1)
قال الحاكم: صحيح الإسناد على شرط الشيخين، ولم يخرجاه.
قال الذهبي: غريب عجيب.
(2)
قلتُ: دون شرط الشيخين خَرْط القتَاد.
أما رجاله رجال الشيخين، فليس كذلك: عبدالمؤمن بن علي ومن دونه ليس من رجالهما، ولم يخرجا هاتين الترجمتين:(عبدالسلام عن عبيداللَّه)
…
ولا: (عبيداللَّه عن زيد).
العلامة: الألباني والشيخ: سعد الحميِّد لم يطَّلِعا على الحديث إلا مِن
(1)
يحتجُّ الرافضة المعاصرون بأن علماء السنة يصحِّحُون الحديثَ، وينقل بعضهم تصحيح بعضِ المعاصرين، لذا سأورد مَن حكم عليه من محققي الكتبِ ـ المخرَّج منها في هذا الحديث ـ، وغيرهم:
حكم عليه بالصحة: د. بشار عواد في تحقيقه لِـ «تاريخ بغداد» ، ود. سعد الشثري في تحقيقه لِـ «مصنف ابن أبي شيبة» ، وعَمْرو سليم في تحقيقه لِـ «المذكِّر والتذكير» ، والشيخ: محمد المنجِّد في فتوى طويلة محرَّرة عن هذه القضية، عَنون لها:«كذبة رافضية في شأن عمر مع فاطمة رضي الله عنهما» ، أوردها في موقعه:«الإسلام سؤال وجواب» سؤال رقم
…
(98641) ونُشِرَتْ بتاريخ (27/ 4/ 1428 هـ)، وكذا د. عبدالسلام آل عيسى في
…
«دراسة نقدية في المرويات الواردة في شخصية عمر بن الخطاب وسياسته الإدارية رضي الله عنه» (1/ 520).
(2)
وانظر: «مختصر استدراك الذهبي» لابن الملقن (3/ 1598) رقم (593).
رواية الحاكم في «المستدرك» فقط، ويُلحظ أنَّ الحديث عند الحاكم لم يَذكُر فيه مسألة التهديد بالتحريق، وإنما ذَكَرَ محبة عمر لفاطمة فقط:
فذكرَه العلَّامةُ الألباني في «الضعيفة» (3/ 256) ضمن حديث
…
(1125) وتعقَّبَ الحاكمَ على قوله: على شرط الشيخين، ثم بيَّن أنَّ العلة مترددة بين عبدالسلام لأن له مناكير، أو عبدالمؤمن قال: لأني لم أرَ مَن وثَّقه توثيقاً صريحاً.
وقد أورده مضعِّفاً له ضمن أحاديث في مسألة بيان أنَّ أحبَّ الناس إلى النبي صلى الله عليه وسلم أبو بكر، وتضعيف ما خالفها، وأنه أفضل هذه الأمة
…
ـ ولا شك في ذلك ـ، ولم يكن عمر ـ هنا ـ يقدِّم عليه فاطمة.
قلت: وسبق بيان الترجيح في هذه المسألة
(1)
وأن الأحبية في الأحاديث الواردة نِسبيةً، ثم يُزاد هنا بأن الأفضلية بالنسبة لعمر وغيره لا تستلزم الأحبية، فقد يكون أفضل العلماء في بلد، ليس بأعلى محبة لديك ممن دونه في العلم، فلا تعارض بين الأفضلية والمحبة، لذا لا وجه لتعليل الحديث هنا بسبب أن عمر قدم فاطمة على أبي بكر، ولكل منهما مكانة خاصة.
وأما الشيخ د. سعد الحميِّد فأعلَّه في تخريجه لِـ «مختصر استدراك الذهبي» لابن الملقن (3/ 1598) رقم (593) بعلة إسنادية ومتنية:
(1)
في الباب الثاني، الفصل الأول، المبحث الأول.
بدأ بالمتنية وذكر استنكار الذهبي له وأنه لم يَذكر العلَّة، قال الشيخ: وكأنه استنكر قوله: «واللَّهِ ما كان أحدٌ من الناس بعدَ أبيك أحبَّ إليَّ منكِ» ؛ إذْ لا يليقُ بِرَجُلٍ أن يطلق هذه العبارة لغير محارمِه، فكيف تصحُّ نسبتها لأمير المؤمنين عمر رضي الله عنه؟ مع ما اشتُهر عنه من الورع، ووفرة العقل، وفي حقِّ ابنة نبيِّ الأمَّةِ صلى الله عليه وسلم
…
وذكر أن القلب السليم يستنكر صدور هذه العبارة من سوقة الناس بعضهم مع بعض، فكيف بها بين عمر، وفاطمة رضي الله عنهما؟ حتى وإنْ كان ظاهرها أنها محبَّة دينية، بعيدة عن الأغراض البهيمية، إلا أنَّ لكلِّ مَقامٍ مقالاً، وهذا إنما يكون بين الرجال بعضهم مع بعض، أو النساء، أما بين ذكر وأنثى لا محرميَّة بينهما، فهذا لا يليق، وهذا ما دعا الذهبي للعجب والاستغراب).
ثم ذكر العلة الإسنادية ـ بعد بحث ـ وأعلَّه بجهالة أحمد بن يوسف، وتفرده، وذكر أنه لو تبيَّن أنه ثقة، لكان الحمل هنا على عبدالسلام؛ لأن له مناكير.
هذا خلاصة رأي الشيخ د. سعد الحميِّد، في حديث الحاكم فقط، والإسنادُ ــ كما سبق ــ له طريق آخر رجاله ثقات وهو أصح من طريق الحاكم، وللمتن تكملة، تُبيِّن سبب ذكر عمر المحبةَ لفاطمة رضي الله عنهما.
وبعض الباحثين المعاصرين
(1)
، يذكر لتضعيف الحديث بأن التهديد بالتحريق ورد في طريق محمد بن بشر الكوفي، عن عبيداللَّه بن عمر، ورواية الكوفيين عن عبيداللَّه فيها شئ كما قاله يعقوب بن شيبة ـ وسبق بيان ذلك في ترجمته ـ، وأنه تفرَّد بالحديث مع توفر الدواعي على نقله، لأنَّ القضية مهمة، وتتعلق بابنة النبي صلى الله عليه وسلم وتهديد بيتها بالتحريق، وهذا يستدعي الانتشار والذيوع.
(2)
ويضيف إلى ذلك أنَّ لعبدالسلام بن حرب أحاديثَ مناكير مع ثقته.
ويرى بعضهم أنه مرسل لعدم حضور أسلم العدوي القصة.
ويقول بعضهم: بأن الحديثَ المنكر متناً إذا لم تظهر له علة إسنادية واضحة، فإنَّ الأئمة يبحثون له أدنى جرح في الإسناد، ويعلُّونَه به، ولو كان لا يعل مثله في إسناد آخر.
(1)
فائدة: في منتصف عام (1435 هـ) صدر في بلد «المغرب» كتاب بعنوان: «التحقيق في خبر التهديد بالتحريق ـ دراسة حديثية نقدية لخبر تهديد عمر بن الخطاب بتحريق بيت فاطمة رضي الله عنهما ـ» لمحمد العمراني حلحول المغربي ـ ط. مركز غرناطة للبحوث والدراسات الحديثية ـ، بحثتُ عنه كثيراً في السعودية وبواسطةٍ في المغرب، لأجل الوقوف عليه، ولم أجده حتى ساعتي هذه (8/ 1440 هـ)، وقد تواصلتُ مع المؤلف مُراسَلةً، ولم أستطع الحصولَ منه على نسخة بطريق الشراء! ! ـ والله المستعان ـ.
(2)
ينظر مثلاً: «بين الزهراء والصديق حقيقة وتحقيق» للشيخ: بدر العمراني المغربي
…
(ص 100).
ويستنكر بعضهم صدور هذا التهديد من رجل عظيم: (عمر)، بأمر عظيم:(التحريق) في بيت عظيم لامرأة سيدة عظيمة: (بيت فاطمة).
أما الرافضة بيتُ الكذب، فولَّدوا من هذا النص نصوصاً كثيرة، وقصصاً خيالية، استحى منها بعض عقلائهم، لذا أنكروا الحادثة كلَّها
…
ـ كما سيأتي بيانه بعد قليل وكذا التعليق على جميع ما سبق ـ.
شواهد التهديد بالتحريق:
أولاً:
قال البلاذري (ت بعد 270 هـ) في «أنساب الأشراف» (1/ 586) رقم (1184): المدائني
(1)
، عن مسلمة بن محارب
(2)
، عن سليمان التيمى
(3)
،
(1)
علي بن محمد بن عبداللَّه، أبو الحسن المدائني الأخباري، صاحب التصانيف.
صدوق
وثَّقَه ابنُ معين وغيرُه، وقال ابن عدي: ليس بالقوي في الحديث وهو صاحب الأخبار قَلَّ ما له من الروايات المسندة.
قال الذهبي: (العلامة، الحافظ، الصادق، أبو الحسن علي بن محمد بن عبد اللَّه بن أبي سيف المدائني، الأخباري.
نزل بغداد، وصنف التصانيف، وكان عجباً في معرفة السير والمغازي والأنساب وأيام العرب، مصدقا فيما ينقله، عالي الإسناد
…
). (ت 224 هـ)
ينظر: «الكامل» (5/ 213)، «تاريخ بغداد» (13/ 516)، «سير أعلام النبلاء»
…
(10/ 400)، «لسان الميزان» (6/ 13).
(2)
الزيادي الكوفي، أخباري، مجهول الحال.
ترجم له البخاري وابن أبي حاتم، ولم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً. وذكره ابن حبان في
…
«الثقات»
ينظر: «التاريخ الكبير» (7/ 387)، «الجرح والتعديل» (8/ 266)، «الثقات»
…
(7/ 490).
(3)
هو ابن طرخان التيمي البصري، ثقة، عابد، لم يسمع من عكرمة ولا من ابن المسيب، قال عنه يحيى القطان: مرسلاته شبهُ لا شيء. (ت 143 هـ).
ينظر: «تحفة التحصيل» (ص 166) رقم (341)، «تهذيب التهذيب» (4/ 202)،
…
«تقريب التهذيب» (ص 286).
وعن ابن عون
(1)
، قالا: إن أبا بكر أرسل إلى علي يريد البيعة، فلم يبايع. فجاء عمر، ومعه فتيلة، فتلقَّتْهُ فاطمة على الباب، فقالت فاطمة: يا ابن الخطاب، أتراك محرِّقَاً عليَّ بابِي؟ ! قال: نعم، وذلك أقوى فيما جاء به أبوك.
وجاء علي، فبايع، وقال: كنتُ عزمتُ أن لا أخرج من منزلي حتى أجمع القرآن.
(2)
هذا مرسل ضعيف، عبداللَّه بن عون، وسليمان التيمي، لم يدركا القصة. ومسلمة بن محارب مجهول الحال.
(1)
عبداللَّه بن عون بن أرطبان المزني مولاهم، ثقة، ثبت، لم يسمع من أحد من الصحابة. ولد سنة 66 هـ، وتوفي سنة 150 هـ. ينظر:«سير أعلام النبلاء» (6/ 364)، «تقريب التهذيب» (ص 351).
(2)
في تحقيق: محمود الفردوس العظم ـ ط. دار اليقظة العربية في دمشق ـ (2/ 12):
…
(
…
فجاء عمر ومعه قبس ـ أي: شعلة نار ــ وفيه قول علي: أن لا أخرج من منزلي حتى أجمع ـ يعني: أحفظ ـ القرآن).
صوَّب المحقق أنها (قلتين) بدل قبس، والقلال: الخشب المنصوبة للتعريش، وصورتها في المخطوطة:(قلثنين)، وذكر أن في مخطوطة المغرب: قبس.
قلت: وفي جميع القراءات أنها شعلة من نار، أو خشب للإشعال.
وهو منكر المتن، لأنه جاء بفتيلة ليحرِّق دون إنذار مسبق، وفيه أن سيحرِّق الباب، وفي غيره: سيحرق البيت، وفيه لفظة قبيحة لا تصدر من مؤمن:«وذلك أقوى فيما جاء به أبوكِ» ! !
أيفعل هذا عمر الفاروق الراشد البار رضي الله عنه؟ !
والصحابةُ وآلُ البيت رضي الله عنهم ينظرون فلا يحرِّكُون ساكناً، الفتيلة بين يدي عمر، وفاطمة معترضة، ومقولة بالغة السوء وهي الكلمة الأخيرة المتضمنة تنقص جناب النبي صلى الله عليه وسلم! !
لا شك في بطلان هذا الأثر، ووضْعِهِ.
ثانياً:
قال ابن جرير الطبري في «تاريخه» (3/ 202): حدثنا ابن حميد
(1)
، قال: حدثنا جرير
(2)
، عن مغيرة
(3)
، .........................................
(1)
محمد بن حميد بن حيان الرازي، قال الذهبي: وثقه جماعة، والأولى تركه. وقال ابن حجر: حافظ، ضعيف. «الكاشف» (4/ 101)، «تقريب التهذيب» (ص 505).
(2)
هو ابن عبدالحميد الضبي الكوفي، ثقة، صحيح الكتاب، قيل: كان في آخر عمره يهِمُ من حفظه. «تقريب التهذيب» (ص 177).
(3)
هو ابن مقْسَم الضبي مولاهم الكوفي، قال ابن حجر: ثقة، متقن، إلا أنه كان يدلس ولا سيما عن إبراهيم. «تقريب التهذيب» (ص 573). وأورده في المدلِّسين (ص 49) رقم
…
(107) في المرتبة الثالثة، وهم: مَن أكثر من التدليس، فلم يحتج الأئمة بشئ من حديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع.
عن زياد بن كُليب
(1)
، قال: أتى عمرُ بنُ الخطاب منزلَ عليٍّ ــ وفيه طلحةُ والزبيرُ ورجالٌ من المهاجرين رضي الله عنهم ــ، فقال: واللَّهِ لأحرِّقَنَّ عليكم، أو لتَخْرُجُنَّ إلى البَيعَةِ، فخرجَ عليه الزبيرُ مُصلتا بالسيف، فعثَرَ، فسقَطَ السيفُ من يده، فوثَبُوا عليه فأخذوه.
وهذا ضعيفٌ، زيادةٌ على إرساله، فيه محمد بنُ حُميد، وهو ضعيف.
ثالثاً:
قال هشام بن عمَّار الدمشقي (ت 245 هـ) في «حديثه» (ص 122 ـ 126) رقم (47): حدثنا سعيد بن يحيى
(2)
،
قال: حدثنا محمد بن عَمْرو
(3)
،
(1)
الحنظلي، أبو معشر الكوفي، ثقة (ت 119 هـ أو 120 هـ). من تابعي التابعين، يروي عن إبراهيم النخعي، والشعبي، وسعيد بن جبير. «تهذيب الكمال» (9/ 504)،
…
«تقريب التهذيب» (ص 255).
(2)
سعيد بن يحيى بن صالح اللخمي، أبو يحيى الكوفي، نزيل دمشق لقبه سعدان.
صدوق.
قال الذهبي في «الكاشف» : صدوق. وفي «المغني» : (صويلح، قال الدارقطني ليس بذاك).
قال ابن حجر: صدوق وسط، وما له في البخاري سوى حديث واحد.
…
ينظر: «الكاشف» (2/ 500)، «المغني» (1/ 416)، «تقريب التهذيب» (ص 276).
(3)
هو ابن علقمة بن وقاص الليثي، صدوق له أوهام. «تقريب التهذيب» (ص 530).
عن أبي سلمة
(1)
قال: «أصبح رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم اليوم الذي مات فيه أمثل ما كان مِن وجعه، فقال أبو بكر رضي الله عنه: أي رسول اللَّه، أصبحتَ اليوم صالحاً، واليوم يوم بنت خارجة، فأذِن له رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فرجع إلى أهله، ووثب الموتُ على رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فاجتمع الناس في المسجد .... وذكر حديثاً طويلاً، وفيه:
فرجع أبو بكر فجلس على المنبر، وبايعه الناس يوم الاثنين، ودخل عليٌّ والزبيرُ بيتَ فاطمة بنتِ رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، فجاء عمرُ فقال: اخرُجُوا للبيعة، واللَّهِ لَتَخْرُجُنَّ، أو لأحرِّقَنَّه عليكم، فخرج الزبيرُ صلتاً بالسيف، فاعتنقه زياد بن لبيد الأنصاري من بياضة فدَقَّ به، وبدر السيف من يده منه، فأخذه زياد قال: لا، ولكن اضرب به الحجَر.
قال محمد بن عمرو: فحدثني أبو عمرو بن حماس من الليثيين قال: أدركت ذلك الحجرَ الذي فيه ضرب السيف، فقال أبو بكر رضي الله عنه: دعوهم فسيأتي اللَّهُ بهم، فخرجوا بعد ذلك فبايعوه، قالوا: ما كان أحدٌّ أحقَّ بها، ولا أولى بها منكَ، ولكنا قد عَهِدنا من عمر يبتزنا أمرَنا، فبايعه الناسُ يوم الاثنين، حتى إذا أصبح الغَد، قال: أين ترون أنْ ندفنَه صلى الله عليه وسلم؟
…
..... إلخ.
(1)
هو ابن عبدالرحمن بن عوف القرشي، ثقة. ولد سنة 22 هـ، وتوفي سنة (94 هـ). سبقت ترجمته في الحديث رقم (30).
وهذا ضعيف، مع إرساله فيه محمدُ بنُ عَمْرو، له أوهام، وقد تفرد بالحديث الطويل جداً، وتفرد به أيضاً عنه تلميذه: سعيد بنُ يحيى.
رابعاً:
روى موسى بن عقبة (ت 141 هـ) في «المغازي» ــ كما في «المنتخب من مغازي موسى بن عقبة» ـ ط. المنهاج (ص 506) رقم (18) ــ
…
عن سعد بن إبراهيم بن عبدالرحمن بن عوف، عن أبيه إبراهيم، أن عبدالرحمن بن عوف كان مع عمر بن الخطاب يومئذ، وأنه هو كسر سيف الزبير ـ واللَّهُ أعلم مَن كسَرَه
(1)
ـ، ثم قام أبو بكر فخطب الناس، واعتذر إليهم، فقال: واللَّهِ ما كنتُ حَرِيصَاً على الإمارة .... الحديث
وفيه قول عليٍّ والزبير: ما غَضبنا إلا أنَّا أُخِّرنا عن المشورة، وإنا لنرى أبا بكر أحقَّ الناسِ بها بعدَ رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، إنه لصاحبُ الغار، ثاني اثنين، وإنا لنعرفُ له شرَفَهُ وكُبْرَهُ، ولقد أمَرَهُ رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بالصلاة للناسِ وهُو حَيٌّ.
وقد أخرجه الحاكم في «المستدرك» (3/ 70) رقم (4422)، وعنه: البيهقي في «السنن الكبرى» (8/ 152) من طريق موسى بن عقبة به.
(1)
ذكر محقق «المنتخب من المغازي» أن هذه العبارة ربما تكون من الناسخ أو أنها هكذا في سياق إسماعيل بن إبراهيم بن عقبة؛ لأن جميع المصادر ـ ما عدا السيوطي ـ ذكر هكذا: وأنَّ محمد بن مسلمة كسر سيف الزبير
…
وفيه: (أنَّ عبدَالرحمن بن عوف كان مع عمر بن الخطاب رضي الله عنهما وأنَّ محمد بن مسلمة كسرَ سيف الزبير
…
).
وقد ذكره الذهبي في «تاريخ الإسلام» (2/ 10)، وابن كثير في
…
«البداية والنهاية» (8/ 92) نقلاً من «مغازي موسى بن عقبة»
(1)
، والصالحي في «سبل الهدى والرشاد» (12/ 317)
ولفظه عندهم جميعاً كما عند الحاكم.
وصحَّحَه الحاكم، وقال ابن كثير: إسنادٌ جيد، وكذا قال الصالحي في
…
وأخرج عبداللَّه بن الإمام أحمد في «السنة» (2/ 553) رقم (1291) قال: حدثنا محمد بن إسحاق بن محمد المخزومي المسيَّبي، قال: حدثنا محمد بن فليح بن سليمان
(2)
، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب الزهري
…
(ت 124 هـ)، قال: «وغضب رجالٌ من المهاجرين في بيعة أبي بكر رضي الله عنه منهم: علي بن أبي طالب، والزبير بن العوام رضي الله عنهما فدخلا بيت فاطمة بنتِ
(1)
وقد أثنى الأئمة على هذه المغازي، انظر:«تهذيب الكمال» (29/ 118)، و «سير أعلام النبلاء» (6/ 114)، ومقدمة أ. د. محمد الحسين باقشيش لما استخرجه من نصوص المغازي ـ ط. المنهاج ـ (ص 23)، و «علم المغازي بين الرواية والتدوين في القرنين الأول والثاني للهجرة» د. محمد أنور البكري (2/ 797 ومابعدها، و 887).
(2)
الأسلمي أو الخزاعي المدني، صدوق يهِم. «تقريب التهذيب» (ص 532).
رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ومعهما السلاح، فجاءَهما عمرُ رضي الله عنه في عصابة من المسلمين فيهم: أسيدٌ، وسلمةُ بن سلامة بن وَقْش ـ وهما من بني
…
عبد الأشهل ــ ويقال: فيهم ثابتُ بن قيس بن الشمَّاس ــ أخو بني الحارث بن الخزرج ــ فأخذ أحدُهُم سيفَ الزبير فضرَبَ به الحجَرَ حتى كسره».
(1)
قال موسى بن عقبة: قال سعد بن إبراهيم: حدثني إبراهيم بن
…
عبد الرحمن بن عوف «أنَّ عبدَالرحمن كان مع عمر يومئذ، وأنَّ محمد بن مسلمة كسرَ سيف الزبير» . واللَّه أعلم)
(2)
. ا. هـ
يُلحظ في هذين الأثرين المرسلين أنهما لم يذكرا شيئاً عن التحريق، لكنْ فيهما: كسرُ سيف الزبير، وسبب عتبِ الزبيرُ وعليٌّ.
ويُلحظ عدم ضبط مَن كسر السيف، ففي الأثر الأول: عبدالرحمن بن عوف، وقيل: محمد بن مسلمة، وفي الأثر الثاني أحد الثلاثة المذكورين ـ فاللَّهُ أعلم ـ.
(1)
قال المحب الطبري (ت 694 هـ) في «الرياض النضرة في مناقب العشرة» (1/ 241) عن كسر سيف الزبير رضي الله عنه: (وهذا محمولٌ ـ على تقدير صحَّتِه ـ على تسكينِ نار الفتنة، وإغمادِ سَيفِها، لا على قصْدِ إهانةِ الزُّبير).
(2)
وذكره من «مغازي موسى بن عقبة» : سليمانُ الكلاعي الحميري (ت 634 هـ) في
…
«الاكتفاء بما تضمنه من مغازي رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم والثلاثة الخلفاء» (2/ 446)، والديار بكري (ت 966 هـ) في «تاريخ الخميس» (2/ 169).
النظر فيما سبق
إسناده صحيح، والمتن لا إشكال فيه ـ فيما يظهر لي ـ إلا في كلمة واحدة: خروجهم للمبايعة ـ وسيأتي تعليق عليها بعد قليل ـ.
أما استشكال الشيخين: الألباني والحميِّد ـ فكما سبق ـ لم يقفا إلا على إسناد الحاكم، وليس في متنه إلا مسألة محبة عمر لفاطمة فقط رضي الله عنهما لذلك استنكر الألباني تقديم محبتها على غيره ـ وليس فيه ما ينكر لعدم معارضته الأفضلية ـ.
واستنكر الشيخ د. الحميِّد صدور إظهار رجل محبتَه لأجنبية، ولو كانت محبةً شرعيةً، ولو تيسر للشيخ الوقوف على الطُرُقِ الأخرى، ومناسبة ورود الحديث وهي الواردة في تكملته، لزال المستنكَر من إظهار المحبة لأجنبية
…
إذن:
لا إشكال في كون فاطمة أحبَّ إلى عمر من الناس كلِّهم بعد النبي صلى الله عليه وسلم، والمحبةُ لا تستلزم الأفضلية، ولا إشكال في إظهار المحبة، لأنها شرعية، في زمَنِ حُزْنٍ بالغٍ جداً ـ بَعِيْدٍ عنهُ الريبة ـ، ومكانٍ شريف، بين رجل وامرأة بعيد عنهما الريبة رضي الله عنهما، وفي مَشهَدٍ مِن الرجال الأفاضل لا خلوةَ فيه، وأهمُّ مِن هذا كلِّه: أنَّه أتى بهذه المحبةَ مُقدِّمةً بين يدي التهديد الموجَّهِ للرِّجَالِ وليس إليها، وليس الإشكال في الموضوع منها، فالبيتُ بيتُ