الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السادس:
صَدَقَتُهَا رضي الله عنها على بني هاشم، وبني المطلب
.
107.
[1] قال الإمام الشافعي رحمه الله: أخبرني عمِّي: محمد بن علي بن شافع، قال: أخبرني عبد اللهِ بن حسن بن حسين
(1)
، عن غير واحدٍ مِن أهلِ بَيتِ نَبِيِّه، وأحسَبُه قال: زيدِ بنِ عليٍّ، أنَّ فاطمة رضي الله عنها بنتَ رسول اللهِ صلى الله عليه وسلم تصدَّقَتْ بِمَالها عَلى بنِي هاشِمٍ وبَني المُطَّلِبْ، وأنَّ عليَّاً رضي الله عنه تصدَّق عليهم فَأدخَلَ معَهُمْ غَيرَهُم.
[«الأم» للشافعي (5/ 117)، «مسند الشافعي» ـ ترتيب سنجر ـ
…
(2/ 300) رقم (1052)]
دراسة الإسناد:
ــ محمد بن علي بن شافع المطلبي المكي، ذكر المزِّيُّ أنه: ابنُ عمِّ جدِّ محمد بنِ إدريس الشافعي، وجدُ إبراهيم بن محمد الشافعي لأُمِّه.
قال ابن حجر: وثَّقَّهُ الشافعي.
أخرج حديثَه أبو داوود، والنسائي.
(2)
(1)
كذا في مطبوعة «الأم» و «المسند» ، وجاء في كتب البيهقي ـ وقد رواه من طريق الشافعي ــ: عبداللَّه بن حسن بن حسن.
(2)
«تهذيب الكمال» (26/ 146)، «تقريب التهذيب» (ص 528).
ــ عبداللَّه بن حسن بن حسين، لم أجد له ترجمة.
(1)
وإن كان:
ــ عبداللَّه بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب، أبو محمد القرشي الهاشمي.
فثِقَةٌ.
(2)
ــ زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي القرشي،
…
أبو الحسين المدني.
ثقة.
(3)
تخريج الحديث:
ــ أخرجه: الإمام الشافعي ــ كما سبق ــ، ومن طريقه: [البيهقي في
…
«السنن الكبرى» (6/ 161 و 183)، و «معرفة السنن والآثار» (9/ 71) رقم (12387)].
ولم أجده عندَ غيرِه.
(1)
ينظر: «المحبر» لمحمد بن حبيب (ت 245 هـ)(ص 448)، «أنساب الأشراف»
…
(3/ 19).
(2)
ستأتي ترجمته في الباب الثالث: مسند فاطمة، حديث (35).
(3)
ستأتي ترجمته في الباب الثالث: مسند فاطمة، حديث (10).
الحكم على الحديث:
الحديث من الجهة الحديثية ضعيف، للجهالة والانقطاع، لكن هذا مما يُحتَمل لِنقل الكافة جيلاً بعد جيل ومشاهدتهم له، والنقل الخاص من آل البيت عن آبائهم وتوارثهم له، حتى كتبه عن علم به وشهرة الإمامُ الشافعي في نهاية المئة الثانية.
لذلك قال ابن حجر في «التلخيص الحبير» (4/ 1977 ـ 1978) رقم (4287) أخرجه: (الشافعي بسند فيه انقطاع، إلا أنهم مِن أهلِ البَيتِ).
* * *
الدراسة الموضوعية:
لم يرد في المبحث إلا حديث واحد، وهو حديث مقبول.
ومما لا شك فيه، ما عُلِم مِن حِرصِ فاطمةَ رضي الله عنها على الخير والعبادة، وكذا حرصُ سائرِ الصحابة رضي الله عنهم، لذلك اعتنوا بالصدقات في حياتهم، وبعد وفاتهم «الوقف» ، وهو من الأعمال المشروعة الفاضلة.
قال الإمام الشافعي (ت 204 هـ) رحمه الله ـ في معرض ردِّه على أهل الرأي إنكارَهم الوقف ـ: (ولم يزل عمرُ بنُ الخطاب المتصدِّق بأمرِ
…
رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يلي فيما بلغنا صدقتَه حتى قبضَه اللَّهُ تبارك وتعالى، ولم يزَلْ عليُّ بنُ أبي طالب رضي الله عنه يلي صدقتَه بِـ «ينبع» حتى لَقِيَ اللَّهَ عز وجل، ولم تزلْ فاطمة عليها السلام تَلي صَدَقتَه
(1)
حتَّى لَقِيَتِ اللَّهَ تبارك وتعالى.
أخبرنا بذلك أهلُ العلم مِن وَلَدِ فاطمة، وعلي، وعمر، ومواليهم.
ولقد حفظنا الصدقات عن عددٍ كثير من المهاجرين والأنصار؛ لقد حكى لي عددٌ كثيرٌ من أولادهم وأهليهم أنهم لم يزالوا يلُون صدقاتهم حتى ماتوا، ينقل ذلك العامَّةُ منهم عن العامَّةِ، لا يختلفون فيه، وإنَّ أكثرَ ما عندنا بالمدينةِ ومكةَ من الصدقات لَكَما وصفتُ، لم يزَلْ يتصدَّق بها المسلمون من
(1)
ونقله البيهقيُّ في «السنن الكبرى» (6/ 161) عن الشافعي.
السَّلَفِ، يلُونَها حتى ماتوا، وأنَّ نَقْلَ الحَدِيثِ فيها كالتكَلُّفِ
(1)
، وإنْ كُنَّا قَدْ ذكرنَا بَعضَه قَبْلَ هذا.
وقال أيضاً رحمه الله: قلتُ ففيما وصَفْتُ أنَّ صدَقَاتِ المهاجرين والأنصار بالمدينة مَعرُوفَةٌ قائمَةٌ، وقد ورِثَ المهاجرين والأنصارَ النساءُ الغرائبُ، والأولادُ ذَوُو الدِّين والإهلاك لأموَالهم والحاجةِ إلى بَيْعِه؛ فمنَعَهم الحكَّام في كُلِّ دَهْرٍ إلى اليوم، فكيفَ أنكرتَ إجازَتها مَع عُموم العِلم؟ !
وقال أيضاً رحمه الله: ووصفتُ لكَ أنَّ أهلَ هذه الصدقات مِن آل عليٍّ، وغيرِهم، قد ذكَروا ما وصَفْتُ مِن أنَّ عليَّاً رضي الله عنه ومَنْ تصدَّقَ، لم يزلْ يَلِي صدَقتَه؛ وصدَقاتُهُم فيه جَارِيةٌ، ثم ثبتَتْ قائمَةً مشهورةَ القَسْمِ والمَوْضِعِ إلى اليوم، وهذا أقوى مِن خَبَر الخاصة
…
وقال أيضاً رحمه الله ــ بعد أن ذكر الحديثَ محلَّ الدراسة ـ: (وأخرجَ إليَّ والِي المدينةِ صدَقَةَ عليِّ بنِ أبي طالب رضي الله عنه، وأخبَرني أنَّه أخذَها من آل أبي رافع، وأنَّها كانَتْ عندَهم، فَأمَرَ بِهَا فقُرِئَتْ عَلَيَّ، فإذا فيها: تَصَدَقَّ بها عَليٌّ رضي الله عنه عَلَى بَنِي هَاشِمٍ، وبَنِي المطَلِّب، وسَمَّى معَهُم غيرَهُم.
(1)
ذكر ابن حزم (ت 456 هـ) في «المحلى» (9/ 180) أنَّ صدقات الصحابة رضي الله عنهم بالمدينة ـ ومنهم فاطمة ـ أشهر من الشمس، لا يجهلها أحَدٌ.
قَال الشافعي: وبنُو هاشِمٍ وبنُو المطَلِّبِ تحرُمُ عليهم الصدقةُ المفروضة؛ ولمْ يُسَمِّ عَليٌّ، ولا فاطِمةُ منهم غَنِيَّاً، ولا فَقِيراً، وفيهِمْ غَنِيٌّ
…
).
(1)
وقال البيهقي: (قال الشافعي في «القديم» : والصدقات المحرمات التي يقول بها بعضُ الناس، الوقف عندنا بالمدينة ومكة مِن الأمور المشهورة العامة التي لا يحتاج فيها إلى نَقلِ خَبر الخاصَّة، وصدَقَةُ رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بأبي هُو وأُمِّي قائِمَةٌ عندنا، وصدَقَةُ الزُّبير قريبٌ منها، وصَدَقَةُ عمر بن الخطاب قائِمَةٌ، وصدَقَةُ عثمان، وصدَقَةُ عَلِيٍّ، وصَدَقَةُ فَاطِمَةَ بنتِ
(1)
«الأم» للشافعي (5/ 109 ـ 117)، وانظر:«معرفة السنن والآثار» (9/ 71) رقم
…
(12388)، «الشافي في شرح مسند الشافعي» لابن الأثير (3/ 159)، «شرح مسند الشافعي» للرافعي (4/ 63).
و «مختصر المزني» (8/ 233)، «الحاوي الكبير» للماوردي (7/ 511)، «بحر المذهب» للروياني ـ ط. العلمية ـ (7/ 208)، «المحلى» لابن حزم (9/ 175 وما بعدها).
وممن ذكر صدقةَ فاطمة رضي الله عنها: العمراني الشافعي (ت 558 هـ) في «البيان في مذهب الشافعي» (8/ 59)، والدميري (ت 808 هـ) في «النجم الوهاج شرح المنهاج»
…
(5/ 454)، و «الأوقاف النبوية وأوقاف الخلفاء الراشدين» أ. د. عبداللَّه بن محمد الحجيلي (ص 421 ـ 441). وفيه:(ص 430) ولاةُ وناظِرُوا أوقاف فاطمة عبر التاريخ، و (ص 435)، أماكن أوقاف فاطمة: أم العيال، والأعواف، وفدك.
…
و (ص 440): نص الوثيقة التي كتبها الخليفة المأمون بإعادة وقف فاطمة للطالبيين من ذريتها.
رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم، وصدَقَةُ مَن لا أحصي مِن أصحَابِ
…
رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم بالمدينة وأعراضها، وصدَقَةُ الأرقم بن أبي الأرقم، والمِسْوَرِ بنِ مَخْرَمَةَ بمكة، وصدَقَةُ جُبير بن مُطعِم، وصَدَقَةُ عَمْرِو بن العاص بالوَهْطِ من ناحية الطائف، وما لا أحصي مِن الصدقات المحرَّمَات لا تُبَعْنَ ولا تُوهَبْنَ بمكة والمدينة وأعراضِها.
ولقد بلَغَنِي أنَّ أكثرَ مِن ثمانين رجلاً مِن أصحابِ رسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم مِن الأنصار تصدَّقوا صدَقَاتٍ محرَّمَاتٍ مَوقُوفَاتٍ، وقد وَرِثَ كلَّ مَن سمَّينَاهُ وَرَثَةٌ فيهم المرأةُ الغَرِيبَةُ الحَرِيصَةُ على أخذِ حقِّها مِن تلك الأموال، وعلى بعضِ ورثَتِهم الدُّيُون التي يطلُبُ أهلُها أموالَ مَن عليه ديونهم لِيُبَاعَ له في حقِّه، وفيهم من يُحِبُّ بيعَ مالِه في الحاجة، ويُحِبُّ بيعَه لَيَنْفَرِدَ بمالٍ لِنَفْسِهِ، ويُحِبُّ قَسْمَهُ، فأنْفَذَ الحُكَّامُ ما صنعَ أصحابُ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مِن ذلك، ومنَعُوا مَن طلَبَ قَسْمَ أُصُولِهَا، أو بَيْعِهَا مِن ذلك بكُلِّ وَجْهٍ.
(1)
(1)
«معرفة السنن والآثار» (9/ 41) رقم (12285). وانظر قول أبي بكر الحميدي في أوقاف الصحابة رضي الله عنهم فيما أخرجه البيهقي في «السنن الكبرى» (6/ 161)،
…
و «الوقوف والترجل من الجامع لمسائل أحمد» لأبي بكر غلام الخلال ـ ط. الكتب العلمية ـ (ص 20) رقم (6)، «زاد المسافر» للخلال (4/ 248)، «مختصر خلافيات البيهقي» للخمي الأشبيلي (3/ 448)، «التراتيب الإدارية» للكتاني (1/ 401)، و «الأوقاف النبوية وأوقاف الخلفاء الراشدين» أ. د. عبداللَّه بن محمد الحجيلي.
تنبيه: جاء في «المهذب» للشيرازي (ت 476 هـ)(3/ 684)، وفي «العزيز شرح الوجيز» للرافعي (ت 623 هـ) ـ ط. العلمية ـ
…
(6/ 276): (ووقَفَتْ فاطمةُ رضي الله عنها لنساءِ رسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، ولفقراءِ بني هاشم وبني المطلب).
لم أجده مسنداً، وفيه أمران: ذكَرا أنَّ الوقف:
1.
لنساء الرسول صلى الله عليه وسلم.
2.
لفقراء بني هاشم وبني المطَّلِب.
قلت: وليس في الأثر ذكرٌ لِنسَاءِ النبي صلى الله عليه وسلم، ولا تقييدُه بفقراء بني هاشم وبني المطلب، كما سبق في كلام الشافعي، والمرادُ بالصدقة هنا: الوقف.
(1)
وقد نقل من الرافعي ولم ينبِّه عليه: ابن الملقن في «البدر المنير»
…
(7/ 108)، وابن حجر في «التلخيص الحبير» (4/ 1977 ـ 1978) رقم
…
(4287).
(1)
انظر: «شرح مسند الشافعي» للرافعي (4/ 63)، «الشافي في شرح مسند الشافعي» لابن الأثير (3/ 159).