المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ليس ثمة علاقة عقلية أو شرعية بين الصلاة ـ وهي صلة وعبادة بين العبد وربه ـ وبين إقامتها عند القبر، بل هذا من وسائل الشرك الأكبر - فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سيرتها، فضائلها، مسندها - رضي الله عنها - - جـ ٥

[إبراهيم بن عبد الله المديهش]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الثاني:محبة عمر بن الخطاب لها رضي الله عنهما

- ‌ أيعقل هذا

- ‌ بيان كثرة الكذب عند الرافضة:

- ‌ قال عبد الرحمن بن مهدي: أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم

- ‌الكذب في الرافضة قديم:

- ‌ليس من أتباع أهل البيت مَن يسبُّ الصحابةَ رضي الله عنهم

- ‌من دلائلِ حُسْنِ العلاقةِ بين عمر وفاطمة رضي الله عنهما: خطبته ابنتَها…ـ بعد وفاة فاطمة ـ: أمَّ كلثوم بنتَ علي بنِ أبي طالب

- ‌مَن القوم الذين كانوا يجتمعون في بيت فاطمة، ولِمَ ذهب إليهم عمر رضي الله عنهما وهدَّدَهم

- ‌دعوى الرافضة أن عمر رضي الله عنه أحرق الكتاب الذي بيد فاطمة رضي الله عنها، وفيه: كتابة أبي بكر رضي الله عنه لها بفدك

- ‌قضية التهديد التي أوصلتها الرافضة إلى البدء بالتحريق، وما تبعه من الأساطير:

- ‌ مسألة تشيع ابن عبدربه، تحتاج لبحث وتحرير

- ‌الفصل الرابع: منزلتها في العلم والعبادة، وما فُضِّلَت به. وفيه أحد عشر مبحثاً:

- ‌المبحث الأول:روايتها الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌علمها عند أهل السنة والجماعة:

- ‌علمها عند الرافضة:

- ‌ مصحف فاطمة

- ‌لوح فاطمة

- ‌المبحث الثاني:تعليم النبي صلى الله عليه وسلم إياها

- ‌ انظر في مسألة أبوي النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثالث:صدق لهجتها رضي الله عنها

- ‌المبحث الرابع:انفرادها بمعرفة جواب سؤال للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس:إقامتُها الحدَّ على جاريةٍ لها قد زنَتْ رضي الله عنها

- ‌ إقامة السيِّد الحدَّ على مملوكه وجاريته إذا زنيا

- ‌المبحث السادس:صَدَقَتُهَا رضي الله عنها على بني هاشم، وبني المطلب

- ‌ وصية لفاطمة مكتوبة ـ وهي مكذوبة ــ تضمَّنَتْ وقفَها على بني هاشم وبني المطلب، وصدقات أخرى

- ‌المبحث السابع:تحريها رضي الله عنها ساعة الإجابة يوم الجمعة

- ‌المبحث الثامن:زيارتها قبر عمها حمزة وأختها رقية(1)رضي الله عنهم

- ‌ ليس ثمة علاقة عقلية أو شرعية بين الصلاة ـ وهي صلةٌ وعبادة بين العبد وربِّه ـ وبين إقامتها عند القبر، بل هذا من وسائل الشرك الأكبر

- ‌ زيارة النساء للقبور

- ‌المبحث التاسع:غضب الله تعالى لغضبها

- ‌المبحث العاشر:أن المهدي المنتظر من ولدها

- ‌ صحة الأحاديث الواردة في المهدي

- ‌ المهدي من ولد فاطمة رضي الله عنها

- ‌(عترة الرجل: أخصُّ أقارِبِه

- ‌ المهديَّ مِن ولَدِ الحسَنِ بنِ علي، لا مِن ولَدِ الحُسَين

- ‌المبحث الحادي عشر:أمور خصت بها، وفيه مطلبان:

- ‌المطلب الأول: إسرار النبي صلى الله عليه وسلم لها بخبر موته وموتها

- ‌المطلب الثاني:أن النبي صلى الله عليه وسلم عصبة لأولادها

- ‌ خصها النبي صلى الله عليه وسلم بالإسرار

- ‌ ابن حجر: (اتَّفَقوا على أنَّ فاطمة عليها السلام كانت أوَّلَ مَن ماتَ مِن أهلِ بَيتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بعده، حتى مِن أزواجه

- ‌ لِمَ خَصَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ابنتَه فاطمة دون زوجاته رضي الله عنهم بهذا السِّرَّ

- ‌ أن النبي صلى الله عليه وسلم عصبة لأولادها

- ‌ دخول أولاد فاطمة رضي الله عنها في ذريَّةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ مسألة الشرف من جهة الأم»

- ‌الفصل الخامس: منزلتها يوم القيامة، وفيه خمسة مباحث:

- ‌المبحث الأول:أنها سيدة نساء أهل الجنة، وسيدة نساء العالمين

- ‌بم فضلت فاطمة رضي الله عنها وسادت على نساء هذه الأمة

- ‌ طعنَ أحدُ أعداءِ الإسلامِ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم لِثنائِه على زوجِه عائشة، وابنتِه فاطمة رضي الله عنهما

- ‌المبحث الثاني:غض الخلائق أبصارهم يوم القيامة؛ لمرورها على الصراط

- ‌المبحث الثالث:أن فاطمة وزوجها وابنيها في الجنة

- ‌المبحث الرابع:جزاء من أحبها مع أبيها صلى الله عليه وسلم وابنيها

- ‌المبحث الخامس:انقطاع الأنساب والأسباب يوم القيامة إلا سبب النبي صلى الله عليه وسلم ونسبه

- ‌الباب الثالث: مسند فاطمة رضي الله عنها

- ‌سبب قلة أحاديثها التي نقلت إلينا:

- ‌ما أسندهُ أبَي بن كعب، عن فاطمة رضي الله عنهما

- ‌ما أسنده أنس بن مالك، عن فاطمة رضي الله عنهما

الفصل: ‌ ليس ثمة علاقة عقلية أو شرعية بين الصلاة ـ وهي صلة وعبادة بين العبد وربه ـ وبين إقامتها عند القبر، بل هذا من وسائل الشرك الأكبر

السند صحيحاً لكان مستبعداً أن تتردد امرأة على قبور شهداء أحد من مسافة بعيدة عليها نسبياً كل يومين أو ثلاثة! !

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً، لإرساله ونكارة متنه، وقد ضعَّفَهُ الألبانيُّ في

«أحكام الجنائز» (ص 183).

وأما الطُّرُقُ الأخرى التي فيها أنَّ فاطمة تُصلِّي وتَبكِي عند القبر، فهي مَوضُوعَةٌ.

(1)

(1)

‌ ليس ثمة علاقة عقلية أو شرعية بين الصلاة ـ وهي صلةٌ وعبادة بين العبد وربِّه ـ وبين إقامتها عند القبر، بل هذا من وسائل الشرك الأكبر

، الذي ورد فيه تهديد شديد في قوله صلى الله عليه وسلم:«لعنةُ اللَّهِ على اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد» .

«صحيح البخاري» رقم (435)، و «صحيح مسلم» رقم (529).

ومَن افترى هذا الحديث ـ محل الدراسة ـ بزيادة الصلاة عند القبر، فقد انتقصَ البضعةَ النبوية، ونسبَها لكبيرة من كبائر الذنوب، وهي بَريئةٌ منها أشدَّ البراءة، فلَمْ يكُن أصحابُ القرون المفضَّلة يفعلونَ شيئاً عند القبور إلا ما ورَدَ في الشرع، من السلام عليهم والدعاء لهم.

وقد شُيِّدت قُبَّةٌ وغيرُها على قبر حمزة، أمرَتْ بِها أمُّ الخليفة الناصرِ لدين اللَّه أبي العباس أحمد بن المستظئ (سنة 590 هـ)، ولا حولَ ولا قوةَ إلا باللَّهِ العليِّ العظيم، وقد سبق ذكرُ هذا البناءِ المبتدع وغيرِه في الباب الأول: الفصل الخامس، المبحث الثالث، في الدراسة الموضوعية، والحمد لله كثيراً على قيام الدولة السعودية السُّنِّيَّة بإزالتها.

هذا وإنَّ ما نشاهدُه من فِعْلِ القُبوريين في غلوهم في القبور، بدءاً بتعظيمها، ثم رفعها، والبناء عليها، والصلاة وقراءة القرآن عندها، ثم عبادتها بأن تصرف لها عبادة لا تنبغي إلا للهِ، كدعائها من دون اللَّه، والذبح لها، ونحوها من العبادات، هذا هو الشرك الأكبر الذي أرسلَ اللَّهُ رسلَه وأنزلَ كُتُبَه لإنقاذ البشرية منه، وما شأنُ كثير من الأبنية على القبور في هذه الأزمان إلا للعبادة ـ وهي ظاهرة ـ وإنا لله وإنا إليه راجعون، ولا حول ولا قوة إلا باللَّه العلي العظيم.

وقد سبقت الإحالة إلى كُتُب أهلِ السنة والجماعة المؤلَّفة في التحذير من تعظيم القبور، وبناء المشاهد عليها، وما يتبع ذلك من عبادتها، أو التعبُّدِ للهِ عندها. انظر: الباب الأول: الفصل الخامس: الدراسة الموضوعية.

ص: 222

112.

[2] قال أبو داوود الطيالسي رحمه الله: حدثنا حماد بن سلمة، عن علي بن زيد، عن يوسف بن مهران، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: لما تُوفي عثمان بن مظعون رضي الله عنه قالت امرأتُه: هنيئاً لكَ يا ابنَ مظعون الجنَّة. قال: فنَظرَ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إليها نظرةَ غضبان، قالت: يا رسول اللهِ، فارسُك وصاحبُك قال:«ما أدرِي ما يُفعَلُ به» .

فشَقَّ ذلك عَلى أصحابِ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، وكان يُعَدُّ من خيارهم، حتى توفيَت رقيةُ بنتُ رسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال

رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «الحَقِي بسلَفِنَا الخيِّر عثمانَ بنِ مَظْعُون» .

ص: 223

قال: وبَكَتْ النساءُ على رُقَيَّة، فجعل عُمَر ينهاهُنَّ

أو يَضْرِبْهُنَّ، فقال رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:«مَهْ يا عُمَر» .

قال: ثمَّ قال: «إيَّاكُنَّ ونعيقَ الشيطان؛ فإنه مهما يكون من العين والقلب فمِن الرحمة، وما يكونُ مِن اللسانِ واليَد فمِن الشيطان» .

قال: وجعلَتْ فاطمةُ رضي الله عنها تَبْكي على شَفِيْرِ قَبْرِ رُقَيَّة رضي الله عنها فجَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ الدُّمُوعَ عن وجهِهَا بِاليَد،

أوْ قَال: بِالثَّوبِ.

[«المسند» لأبي داود الطيالسي (4/ 411) رقم (2817)]

دراسة الإسناد:

ــ حماد بن سلمة بن دينار البصري، ثِقةٌ، ثَبتٌ.

(1)

ــ علي بن زيد بن جدعان، ضعيف.

(2)

ــ يوسف بن مِهران البصري.

ليِّن الحديث.

روى عن: ابن عباس، وابن عمر رضي الله عنهما، وجابر بن عبداللَّه،

(1)

ستأتي ترجمته في الباب الثالث: مسند فاطمة، حديث رقم (3).

(2)

سبقت ترجمته في الحديث رقم (107).

ص: 224

وحكيم بن حزام، وعبداللَّه بن جعفر بن أبي طالب.

وروى عنه: علي بنُ زيد بن جدعان.

وثَّقَهُ: ابنُ سعد ـ وزاد: قليل الحديث

(1)

ـ، ووثَّقَه: أبو زرعة الرازي، وذكره ابن حبان في «الثقات» .

قال أبو حاتم: (لا أعلم روى عنه غيرُ عليِّ بنِ زيد بنِ جُدْعَان، يُكتَب حديثه ويُذاكَر به).

قال الميموني، عن الإمام أحمد:(لا يُعرَف، ولا أعرِفُ أحداً روى عنه إلا عليُّ بنُ زيد).

ذكر العلماءُ أنَّ شعبةَ وَهِمَ فيه، فقال: يوسف بن ماهك. وهو رجلٌ آخر.

ضعَّفَهُ: ابنُ حجر في «التلخيص الحبير» ، وقال في «التقريب»: ليِّن الحديث.

وهذا هو الأقرب ـ واللَّه أعلم ـ لأنه قليل الحديث، تفرد عنه ابن جدعان ـ وهو ضعيف ـ.

(2)

(1)

الزيادة من «تهذيب الكمال» .

(2)

ينظر: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (7/ 222)، «الجرح والتعديل» لابن أبي حاتم

(9/ 229)، «الثقات» لابن حبان (5/ 551)، «موضح أوهام الجمع والتفريق»

(1/ 343)، «تاريخ دمشق» لابن عساكر (74/ 259)«تهذيب الكمال»

(32/ 463)، «تهذيب التهذيب» (11/ 424)، «التلخيص الحبير» (6/ 3217)، «تقريب التهذيب» (ص 643).

ص: 225

تخريج الحديث:

ــ أخرجه: أبو داوود الطيالسي ـ كما سبق ـ ومن طريقه: [أبو نعيم في «الحلية» (1/ 105)، والبيهقي في «السنن الكبرى» (4/ 70)].

(1)

ــ وابن سعد في «الطبقات الكبرى» (3/ 398) عن سليمان بن حرب، وعفان بن مسلم، ويزيد بن هارون.

ــ وفيه أيضاً (8/ 37) عن عفان بن مسلم.

ـ وأخرجه: الإمام أحمد في «مسنده» (4/ 30) رقم (2127)، والبلاذري في «أنساب الأشراف» (1/ 212)، ومحمد بن إسحاق السراج ــ كما في «الاستيعاب» لابن عبدالبر (3/ 1055) ــ، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (4/ 1957) رقم (4922) عن يزيد بن هارون.

ــ والإمام أحمد ـ أيضاً ـ في «مسنده» (5/ 216) رقم (3103) عن عبدالصمد بن عبدالوارث، وحسن بن موسى.

ــ وابن شبَّه في «تاريخ المدينة» (1/ 102) عن موسى بن إسماعيل.

ــ والطبراني في «المعجم الكبير» (9/ 37) رقم (8317) من طريق

(1)

كلاهما ذكر الحديث مختصراً، لكن أبا نعيم لم يذكر الشاهد من الحديث: حضور فاطمة

ص: 226

حجاج بن منهال.

ــ ومحمد بن الحسين أبو عبدالرحمن السُّلَمي (ت 412 هـ) في كتابه

«المواعظ» ــ كما في «جامع الآثار» لابن ناصر الدِّين (3/ 528) ــ من طريق عُبيداللَّه بن محمد.

ــ والحاكم في «المستدرك» (3/ 210) رقم (4869) من طريق حبان بن هلال.

عشرتهم: (الطيالسي، وسليمان بن حرب، وعفان بن مسلم، ويزيد بن هارون، وعبدالصمد، وحسن بن موسى، وموسى بن إسماعيل،

وحجاج بن منهال، وعبيداللَّه بن محمد، وحبان بن هلال) عن حماد بن سلمة، عن علي بن زيد بن جُدعان، عن يوسف بن مهران، عن ابن عبَّاس رضي الله عنهما، به.

وقد أخرجه: ابن أبي شيبة، وابن منيع في «مسنديهما» ــ كما في «إتحاف الخيرة المهرة» للبوصيري (2/ 496) رقم (1967) ــ.

ألفاظه:

ــ بيَّن ابنُ سعد اختلاف الرواة فذكر أنَّ رواية يزيد: «زينب» .

ورواية عفان: «رقية» .

ورواية: سليمان: «ابنةُ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم» .

ص: 227

قلت: وفي رواية عفَّان عند ابن سعد في الموضع الثاني: «رقيَّة» .

ــ رواية يزيد بن هارون عند: أحمد، والسراج:«زينب» .

وعند البلاذري: «ابنة لرسول اللَّه» ، وعند أبي نعيم:«رقية» .

ــ رواية الطيالسي، وعبدالصمد بن عبدالوارث، وحسن بن موسى، وموسى بن إسماعيل:«رقية» .

ــ رواية عبيداللَّه بن محمد: «بكت فاطمة على قبر أختها» .

ــ رواية حبان بن هلال: «زينب» .

ــ رواية يزيد بن هارون، وسليمان بن حرب، وحجاج بن منهال، وحبان بن هلال، وكذا رواية أبي نعيم من طريق الطيالسي: لم يُذكر فيها الشاهد: حضور فاطمة الدفن وبكاؤها.

ــ جاء في رواية ابن سعد ـ في الموضع الأول ـ، وأحمد ـ في الموضعين ـ، والطبراني، والحاكم، والسراج، والبلاذري، زيادة: «واللَّهِ إني

لَرسُولُ اللَّهِ، وما أدرِي ما يُفعل بي ولا بِهِ».

ــ لفظ أحمد من طريق عبدالصمد وَحَسَن بن موسى: «وفاطمة إلى جنبه، فجعلَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم يمسحُ عَينَ فاطمةَ بثوبه؛ رحمةً لها» .

ص: 228

وقد وردت قصة عثمان بن مظعون رضي الله عنه في «صحيح البخاري»

(1)

وليس فيه ذِكرٌ لفاطمة رضي الله عنها.

أقوال العلماء في الحديث:

قال ابنُ سعد (8/ 37) عقب الحديث: (فذكرتُ هذا الحديثَ لمحمدِ بنِ عمر

(2)

فقال: الثبتُ عندنا من جميع الرواية أنَّ رقية توفيت

ورسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ببَدْرٍ، ولم يشهَدْ دفنَها

(3)

؛ ولعلَّ هذا الحديثَ في غيرِها من بناتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم اللاتي شهِد دفنَهُنَّ، فإنْ كانَ في رُقَيَّة

ـ

(1)

برقم (1243) و (2687) و (3929) و (7003) و (7004) و (7018) من طريق ابن شهاب الزهري، قال: أخبرني خارجة بن زيد بن ثابت، أن أم العلاء ــ امرأة من الأنصار بايعت النبي صلى الله عليه وسلم ــ أخبرته: أنه اقتسم المهاجرون قرعة فطار لنا عثمان بن مظعون، فأنزلناه في أبياتنا، فوجع وجعه الذي توفي فيه، فلما توفي وغُسِّل وكُفِّن في أثوابه، دخل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم، فقلت: رحمةُ اللَّه عليك أبا السائب، فشهادتي عليك: لقد أكرمكَ اللَّهُ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«وما يدريكِ أنَّ اللَّه قد أكرمَه» ؟ فقلت: بأبي أنت يا رسولَ اللَّهِ، فمَنْ يُكرمه اللَّهُ؟ فقال:«أما هو فقد جاءه اليقين، واللَّه إني لأرجو له الخير، واللَّه ما أدري، وأنا رسول اللَّه، ما يفعل بي» قالت: فواللَّه لا أزكي أحداً بعده أبداً.

(2)

أي الواقدي.

(3)

انظر في ذلك: «الطبقات الكبرى» لابن سعد (8/ 36)، «سير أعلام النبلاء»

(2/ 251)، «جامع الآثار» لابن ناصر الدين (3/ 527)، «الإصابة» (8/ 138).

ص: 229

وكان ثبتاً ـ فلعَلَّه أتى قبرَها بعد قُدومِه المدينةَ، وبكاءُ النساءِ عليها

بعدَ ذلك).

(1)

قال ابن شبَّة عقب الحديث: قد رُوي هذا، ورُوي خلافُه.

ضعَّفَ الحديثَ: البيهقيُّ بعد تخريجه.

والذهبيُّ في «ميزان الاعتدال» (3/ 141)

(2)

قال: (هذا حديث منكر، فيه شهود فاطمة الدفن، ولا يصح).

وقال ــ أيضاً ــ في «سير أعلام النبلاء» (2/ 252): هذا منكر. ثم نقلَ قول الواقدي.

ومع ذلكَ قال الذهبي في «تلخيص المستدرك» : سندُه صالح.

(3)

قلتُ: وإني أشكُّ في ثبوت هذا التصحيح عن الذهبي، لعله وَهْمٌ من أحدِ النُّسَّاخِ.

قال البوصيري في «إتحاف الخيرة المهرة» (2/ 496) رقم (1967):

(ومدارُ طُرُقِ هذا الحديث على عليِّ بنِ زيد بن جُدْعان، وهُو ضعيف).

قال السخاوي في «ارتياح الأكباد» (ص 573): (ومدارُ الحديث على ابنِ جدعان، وهو ضَعيف، والمنكرُ منه: حضورُ فاطمة المقبرة، وقد ورد

(1)

ونقل قولَ الواقدي: الذهبيُّ في «السير» (2/ 251)، وابنُ حجر في «الإصابة»

(8/ 138).

(2)

في ترجمة «علي بن زيد بن جدعان» ، وقد أورد الحديثَ كاملاً من «مسند أحمد» .

(3)

«مختصر استدراك الذهبي» لابن الملقن (4/ 1731) رقم (626).

ص: 230

التغليظ في ذلك لها بخصوصه في مسند أحمد وغيرِه).

وضعَّفَهُ أيضاً: الألبانيُّ في «السلسلة الضعيفة» (4/ 205) رقم

(1715)، وفي (7/ 373) رقم (3361).

وقد روي من حديث أنس ــ وليس فيه الشاهد: حضورُ فاطمة ــ:

أخرجه: الرُّوياني في «مسنده» (2/ 385) رقم (1368)، والطبراني في «المعجم الأوسط» (6/ 41) رقم (5736) من طريق يونس بن محمد، قال: حدثنا صالح المرِّي، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه أنَّ عثمان بن مظعون رضي الله عنه حيث تُوفي خرجَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فحملَ في جِنازتَه، وخرجَتْ امرأتُه تُنادِي: أبشِر يا عثمان بالجنة مرتين، فالتفتَ إليها النبيُّ صلى الله عليه وسلم وقال:«ما يدريك؟ ! لعلَّ عثمانَ تكلَّم فيما لا يَعنِيه، أو بَخِلَ بما لا يَملِك» .

فشَقَّ ذلك على المهاجرين، فظَنُّوا أنَّ عثمان قدْ هَلَكَ، حتَّى ماتَتْ رُقَيَّةُ بنتُ رسولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقال:«الحقِي بسلفنا الصالحِ عثمانَ بنِ مظعون» . لفظ الروياني.

ولم يذكر الطبراني إلا الجزءَ الأخير: «لما ماتت رقية .... » .

قال الطبراني: (لم يرو هذا الحديث عن قتادة إلا صالح المري، تفرَّد به يونس بن محمد).

قلت: وهذا حديث ضعيف، فيه صالح بن بشير المُرِّي،

وهو ضعيف.

(1)

(1)

«تقريب التهذيب» (ص 305).

ص: 231

الحكم على الحديث:

الحديث ـ محل الدراسة ـ ضَعيفٌ مُنكَرٌ، عِلَّتُه: علي بن زيد بن جدعان، ويوسف بن مهران، وهما ضعيفان.

وعِلَّةٌ ثالثة: الاضطراب من علي بن زيد، فقد ذكر مرةً زينب، ومرةً: رقية ـ وهو خطأٌ لأنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كان في بدر ـ، ومرةً لم يحدِّد اسمَها، ومرةً ذكرَ حضورَ فاطمةَ الدفنَ، ومرةً لم يذكرها.

وعِلَّةٌ رابِعَةٌ: حضور فاطمة الدفن على شفير القبر، بين الرجال المجتمعين المتقاربين إلى القبر: مُنكرٌ لا يُمْكِنُ صدورُه من ابنةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، ولم يكُن النساءُ يَزُرْنَ المقابر، فكيف بشهودِهن الدفن بين مجامع الرجال الملتئمين إليه.

والصحيحُ في قصة عثمان بن مظعون رضي الله عنه ما ورد في «صحيح البخاري» .

ومخالفها مُنكَرٌ سواء في هذا الحديث، أوشاهده من حديث أنس بن مالك ـ واللَّهُ أعلم ـ.

* * *

ص: 232