المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌المبحث الأول:أنها سيدة نساء أهل الجنة، وسيدة نساء العالمين - فاطمة بنت النبي - صلى الله عليه وسلم - سيرتها، فضائلها، مسندها - رضي الله عنها - - جـ ٥

[إبراهيم بن عبد الله المديهش]

فهرس الكتاب

- ‌المبحث الثاني:محبة عمر بن الخطاب لها رضي الله عنهما

- ‌ أيعقل هذا

- ‌ بيان كثرة الكذب عند الرافضة:

- ‌ قال عبد الرحمن بن مهدي: أهل العلم يكتبون ما لهم وما عليهم، وأهل الأهواء لا يكتبون إلا ما لهم

- ‌الكذب في الرافضة قديم:

- ‌ليس من أتباع أهل البيت مَن يسبُّ الصحابةَ رضي الله عنهم

- ‌من دلائلِ حُسْنِ العلاقةِ بين عمر وفاطمة رضي الله عنهما: خطبته ابنتَها…ـ بعد وفاة فاطمة ـ: أمَّ كلثوم بنتَ علي بنِ أبي طالب

- ‌مَن القوم الذين كانوا يجتمعون في بيت فاطمة، ولِمَ ذهب إليهم عمر رضي الله عنهما وهدَّدَهم

- ‌دعوى الرافضة أن عمر رضي الله عنه أحرق الكتاب الذي بيد فاطمة رضي الله عنها، وفيه: كتابة أبي بكر رضي الله عنه لها بفدك

- ‌قضية التهديد التي أوصلتها الرافضة إلى البدء بالتحريق، وما تبعه من الأساطير:

- ‌ مسألة تشيع ابن عبدربه، تحتاج لبحث وتحرير

- ‌الفصل الرابع: منزلتها في العلم والعبادة، وما فُضِّلَت به. وفيه أحد عشر مبحثاً:

- ‌المبحث الأول:روايتها الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌علمها عند أهل السنة والجماعة:

- ‌علمها عند الرافضة:

- ‌ مصحف فاطمة

- ‌لوح فاطمة

- ‌المبحث الثاني:تعليم النبي صلى الله عليه وسلم إياها

- ‌ انظر في مسألة أبوي النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الثالث:صدق لهجتها رضي الله عنها

- ‌المبحث الرابع:انفرادها بمعرفة جواب سؤال للنبي صلى الله عليه وسلم

- ‌المبحث الخامس:إقامتُها الحدَّ على جاريةٍ لها قد زنَتْ رضي الله عنها

- ‌ إقامة السيِّد الحدَّ على مملوكه وجاريته إذا زنيا

- ‌المبحث السادس:صَدَقَتُهَا رضي الله عنها على بني هاشم، وبني المطلب

- ‌ وصية لفاطمة مكتوبة ـ وهي مكذوبة ــ تضمَّنَتْ وقفَها على بني هاشم وبني المطلب، وصدقات أخرى

- ‌المبحث السابع:تحريها رضي الله عنها ساعة الإجابة يوم الجمعة

- ‌المبحث الثامن:زيارتها قبر عمها حمزة وأختها رقية(1)رضي الله عنهم

- ‌ ليس ثمة علاقة عقلية أو شرعية بين الصلاة ـ وهي صلةٌ وعبادة بين العبد وربِّه ـ وبين إقامتها عند القبر، بل هذا من وسائل الشرك الأكبر

- ‌ زيارة النساء للقبور

- ‌المبحث التاسع:غضب الله تعالى لغضبها

- ‌المبحث العاشر:أن المهدي المنتظر من ولدها

- ‌ صحة الأحاديث الواردة في المهدي

- ‌ المهدي من ولد فاطمة رضي الله عنها

- ‌(عترة الرجل: أخصُّ أقارِبِه

- ‌ المهديَّ مِن ولَدِ الحسَنِ بنِ علي، لا مِن ولَدِ الحُسَين

- ‌المبحث الحادي عشر:أمور خصت بها، وفيه مطلبان:

- ‌المطلب الأول: إسرار النبي صلى الله عليه وسلم لها بخبر موته وموتها

- ‌المطلب الثاني:أن النبي صلى الله عليه وسلم عصبة لأولادها

- ‌ خصها النبي صلى الله عليه وسلم بالإسرار

- ‌ ابن حجر: (اتَّفَقوا على أنَّ فاطمة عليها السلام كانت أوَّلَ مَن ماتَ مِن أهلِ بَيتِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم بعده، حتى مِن أزواجه

- ‌ لِمَ خَصَّ النبيُّ صلى الله عليه وسلم ابنتَه فاطمة دون زوجاته رضي الله عنهم بهذا السِّرَّ

- ‌ أن النبي صلى الله عليه وسلم عصبة لأولادها

- ‌ دخول أولاد فاطمة رضي الله عنها في ذريَّةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم

- ‌ مسألة الشرف من جهة الأم»

- ‌الفصل الخامس: منزلتها يوم القيامة، وفيه خمسة مباحث:

- ‌المبحث الأول:أنها سيدة نساء أهل الجنة، وسيدة نساء العالمين

- ‌بم فضلت فاطمة رضي الله عنها وسادت على نساء هذه الأمة

- ‌ طعنَ أحدُ أعداءِ الإسلامِ بالنبيِّ صلى الله عليه وسلم لِثنائِه على زوجِه عائشة، وابنتِه فاطمة رضي الله عنهما

- ‌المبحث الثاني:غض الخلائق أبصارهم يوم القيامة؛ لمرورها على الصراط

- ‌المبحث الثالث:أن فاطمة وزوجها وابنيها في الجنة

- ‌المبحث الرابع:جزاء من أحبها مع أبيها صلى الله عليه وسلم وابنيها

- ‌المبحث الخامس:انقطاع الأنساب والأسباب يوم القيامة إلا سبب النبي صلى الله عليه وسلم ونسبه

- ‌الباب الثالث: مسند فاطمة رضي الله عنها

- ‌سبب قلة أحاديثها التي نقلت إلينا:

- ‌ما أسندهُ أبَي بن كعب، عن فاطمة رضي الله عنهما

- ‌ما أسنده أنس بن مالك، عن فاطمة رضي الله عنهما

الفصل: ‌المبحث الأول:أنها سيدة نساء أهل الجنة، وسيدة نساء العالمين

‌المبحث الأول:

أنها سيدة نساء أهل الجنة، وسيدة نساء العالمين

.

117.

[1] عن عَائِشَةَ أُمِّ المُؤْمِنِيِنَ رضي الله عنها، قَالَتْ: إِنَّا كُنَّا أَزْوَاجَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عِنْدَهُ جَمِيعَاً، لَمْ تُغَادَرْ مِنَّا وَاحِدَةٌ، فَأَقْبَلَتْ فَاطِمَةُ عليها السلام تَمْشِي، لاوَاللهِ مَا تَخْفَى مِشْيَتُهَا مِنْ مِشْيَةِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَلَمَّا رَآهَا رَحَّبَ قَالَ:«مَرْحَبَاً بِابْنَتِي» ثُمَّ أَجْلَسَهَا عَنْ يَمِينِهِ أَوْ عَنْ شِمَالِهِ، ثُمَّ سَارَّهَا، فَبَكَتْ بُكَاءً شَدِيدَاً، فَلَمَّا رَأَى حُزْنَهَا سَارَّهَا الثَّانِيَةَ، فَإِذَا هِيَ تَضْحَكُ، فَقُلْتُ لَهَا أَنَا مِنْ بَيْنِ نِسَائِهِ: خَصَّكِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم بِالسِّرِّ مِنْ بَيْنِنَا، ثُمَّ أَنْتِ تَبْكِينَ، فَلَمَّا قَامَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلْتُهَا: عَمَّا سَارَّكِ؟ قَالَتْ: مَا كُنْتُ لِأُفْشِيَ عَلَى رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم سِرَّهُ، فَلَمَّا تُوُفِّيَ، قُلْتُ لَهَا: عَزَمْتُ عَلَيْكِ بِمَا لِي عَلَيْكِ مِنَ الحَقِّ لَما أَخْبَرْتِنِي، قَالَتْ: أَمَّا الآنَ فَنَعَمْ، فَأَخْبَرَتْنِي، قَالَتْ: أَمَّا حِينَ سَارَّنِي فِي الأَمْرِ الأَوَّلِ، فَإِنَّهُ أَخْبَرَنِي:«أَنَّ جِبْرِيلَ كَانَ يُعَارِضُهُ بِالقُرْآنِ كُلَّ سَنَةٍ مَرَّةً، وَإِنَّهُ قَدْ عَارَضَنِي بِهِ العَامَ مَرَّتَيْنِ، وَلا أَرَى الأَجَلَ إِلَّا قَدِ اقْتَرَبَ، فَاتَّقِي اللهَ وَاصْبِرِي، فَإِنِّي نِعْمَ السَّلَفُ أَنَا لَكِ» .

قَالَتْ: فَبَكَيْتُ بُكَائِي الَّذِي رَأَيْتِ، فَلَمَّا رَأَى جَزَعِي سَارَّنِي الثَّانِيَةَ، قَالَ:«يَا فَاطِمَةُ، أَلا تَرْضَيْنَ أَنْ تَكُونِي سَيِّدَةَ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةَ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ» .

ص: 303

وفي بعض الروايات: «وإنكِ أوَّلُ أهلِ بَيتي لحاقاً.

وفي لفظ: أوَّلُ مَن يتبَعُهُ مِن أهلِه. وفي لفظ: فأخبرني أني أوَّلُ أهلِهِ يَتبَعُه».

وعند البخاري: «أما تَرضَين أن تكُوني سيدةَ نِسَاءِ أهلِ الجنة، أو نساء المؤمنين» . فضحكتُ لذلك.

تخريج الحديث:

الحديث في «الصحيحين» ، عدا الزيادة الأخيرة، فهي عند البخاري فقط.

وجاء في بعض طُرُقِه ـ خارج الصحيحين ـ من طريق فِراس، عن الشعبي، عن عائشة رضي الله عنها: «سيدة نساء العالمين، أو سيدة نساء هذه

الأمة».

ومن طريق محمد بن عبداللَّه بن عمرو بن عثمان بن عفان، عن أمِّه فاطمة بنت الحسين، عن عائشة رضي الله عنها:«إنك سيدة نساء أهل الجنة، إلا مَا كان من البَتولِ مريمَ بنتِ عمران» . وهو ضعيف.

ومن طريق جابر الجعفي، عن أبي الطفيل، عن عائشة رضي الله عنها: «

إنكِ سيدة نساء أمتي، كما سادَت مريم على نساءِ قومها». وهو ضعيف.

(1)

(1)

سيأتي تخريج ذلك كلِّه في الباب الثالث: مسند فاطمة، حديث رقم (33).

ص: 304

هذا وقد روي من حديث عائشة رضي الله عنها، في بيان سيدات أهل الجنة:

قال عبداللَّه بن الإمام أحمد في «فضائل الصحابة» لأبيه (2/ 760

و 851) رقم (1336) و (1576)، ومن طريقه: [الحاكم في «المستدرك»

(3/ 205) رقم (4853)]: وجدت في كتاب أبي، بخطِّ يده، حدثنا سعد بن إبراهيم بن سعد، ويعقوب بن إبراهيم قالا: حدثنا أبي، عن صالح، [عن ابن شهاب، عن عروة]

(1)

، قال: قالت عائشة لفاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: ألا أبشرِّكِ أني سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول:

«سيداتُ نساء أهل الجنة أربع: مريم بنت عمران، وفاطمة بنت رسول اللَّه، وخديجة بنت خويلد، وآسية امرأة فرعون» . وقال يعقوب: ابنة مزاحم.

صحَّحَهُ الحاكم، والألباني في «السلسلة الصحيحة» (3/ 410) ضمن رقم (1424).

وستأتي شواهده في الدراسة الموضوعية.

* * *

(1)

ما بين المعكوفتين ساقط من مطبوعة «فضائل الصحابة» ، وهو في «المستدرك» للحاكم. و «إتحاف المهرة» لابن حجر (17/ 264) رقم (22228).

ص: 305

118.

[2] عن أُمِّ سَلَمَةَ رضي الله عنها أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم دَعَا فَاطِمَةَ عَامَ الْفَتْحِ فَنَاجَاهَا فَبَكَتْ، ثُمَّ حَدَّثَهَا فَضَحِكَتْ. قَالَتْ: فَلَمَّا تُوُفِّيَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم سَأَلْتُهَا عَنْ بُكَائِهَا وَضَحِكِهَا. قَالَتْ: «أَخْبَرَنِي رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يَمُوتُ؛ فَبَكَيْتُ، ثُمَّ أَخْبَرَنِي أَنِّي سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ إِلَّا مَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ؛ فَضَحِكْتُ» .

تخريج الحديث:

الحديث ضعيف. سيأتي تخريجه في الباب الثالث: مسند فاطمة، حديث رقم (28).

وقد ورد استثناء مريم بنت عمران رضي الله عنها في بعض الأحاديث:

1.

بعض طرق حديث عائشة رضي الله عنها ـ كما في الحديث السابق، وهي زيادة ضعيفة ـ.

2.

حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه:

أخرج: الإمام أحمد في «مسنده» (18/ 279) رقم (11756) ـ وابنه عبداللَّه في الإسناد نفسه ـ، وفي «فضائل الصحابة» أيضاً (2/ 757) رقم (1331)، ومن طريقه:[ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (70/ 113)]، والنسائي في «السنن الكبرى» (7/ 455) رقم (8461)، وأبو يعلى في

ص: 306

«مسنده» (2/ 395) رقم (1169) من طريق جرير بن عبدالحميد.

وابن أبي خيثمة في «التاريخ الكبير» (2/ 769) رقم (3324)، والحاكم في «المستدرك» (3/ 168) رقم (4733)، وفي «فضائل فاطمة»

(ص 43) رقم (15) من طريق منصور بن أبي الأسود.

والآجري في «الشريعة» (5/ 2114) رقم (1602) من طريق عمر بن عبدالرحمن.

والآجري في «الشريعة» أيضاً (5/ 2144) رقم (1628) من طريق ابن فضيل.

أربعتهم: عن يزيد بن أبي زياد

(1)

، عن عبدالرحمن بن أبي نُعْم

(2)

، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم: «الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة، وفاطمةُ سيدة نساء أهل الجنة إلا ما كان من مريم ابنة عمران» .

لفظ الآجري من طريق عمر بن عبدالرحمن

(3)

: «فاطمة سيدة عالمها،

(1)

الهاشمي مولاهم، الكوفي، ضعيف، كَبِر فتغيَّر، وصار يتلقَّن، وكان شيعياً. «تقريب التهذيب» (ص 632).

(2)

البجلي، أبو الحكم الكوفي العابد، صدوق. «تقريب التهذيب» (ص 384).

(3)

ابن قيس الأبار الكوفي، صدوق، وكان يحفظ، وقد عمي. «تقريب التهذيب»

(ص 445).

ص: 307

إلا ما جعلَ اللَّهُ لمريم بنت عمران».

وليس عند أحمد: ذكر الحسن والحسين.

وقد رواه الترمذي برقم (3768)، وغيره، دون ذكر فاطمة.

والحديث صحَّحَه الحاكم، وحسَّن إسنادَه ابنُ حجر في «فتح الباري»

(6/ 447)، وذكرَه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (2/ 423) رقم

(796).

وانظر للاستزادة: «أنيس الساري في تخريج أحاديث فتح الباري» لنبيل البصارة (5/ 3672) رقم (2494)، و «الأحاديث الواردة في فضائل الصحابة» د. سعود الصاعدي (4/ 438) رقم (699).

3.

في بعض طرق حديث ابن عباس رضي الله عنهما يرفعه: «سيِّدات نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران: فاطمة، وخديجة، وآسية امرأة فرعون» . سيأتي تخريجه في الدراسة الموضوعية.

ص: 308

الدراسة الموضوعية:

أحاديث المبحث على قسمين: ما ورد في حديث مسارة النبي صلى الله عليه وسلم فاطمة، وما ورد في غيره.

أما حديث المسَارَّةِ، وبكاءِ فاطمة ثم ضحكِها، فاليقينُ أنه وقع مرة واحدة، ولا صِحةَ لما ذكره المحبُّ الطبري (ت 694 هـ) من تعدد الحادثة، جمعاً بين مختلف الألفاظ الواردة في سبب بكائها وضحكها وبيان سيادتها.

(1)

وحديث المسارَّة: ورد في الصحيحين، وغيرهما بلفظ:

1.

«سَيِّدَةُ نِسَاءِ المُؤْمِنِينَ، أَوْ سَيِّدَةُ نِسَاءِ هَذِهِ الأُمَّةِ» . (في الصحيحين).

2.

«سيدةُ نِساءِ أهلِ الجنة، أو نِساءِ المؤمنين» . (في صحيح البخاري).

3.

«سَيِّدةُ نساءِ العالمين، أو سيِّدَةُ نسَاءِ هذه الأمة» . (في بعض طرق حديث مسروق عن عائشة، خارج الصحيحين).

4.

«إنك سيدة نساء أهل الجنة، إلا ما كان من البتولِ مريمَ بنتِ عمران» . (طريق فاطمة بنت الحسين، عن عائشة، وهو ضعيف).

5.

«إنكِ سيدة نساء أمتي، كما سادَتْ مَريمُ على نِساءِ قومها» . (طريق أبي الطفيل، عن عائشة، وهو ضعيف).

6.

«سَيِّدَةُ نِسَاءِ أَهْلِ الجَنَّةِ إِلَّا مَرْيَمَ ابْنَةَ عِمْرَانَ» (حديث أم سلمة، وهو ضعيف).

(1)

«ذخائر ذوي العقبى» للمحب الطبري (ص 86).

ص: 309

ومع أنَّ الواقعة واحدة، فإنَّ الراجح ما في «الصحيحين» وزيادة البخاري.

ومحصلها جملتان: (سيدة نساء المؤمنين = نساء هذه الأمة)، مع (سيدة نساء أهل الجنة).

فهي رضي الله عنها سيدة نساء هذه الأمة المحمدية، وسيدة نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران ـ كما ورد في بعض الأحاديث ـ غير حديث المسارَّة ـ.

أما زيادة: نساء العالمين، فلعلها نُقِلَتْ بالمعنى، خاصةً أنَّ أبا داوود الطيالسي عُرف عنه اختلافه ـ أحياناً ـ عن ألفاظ الآخرين

(1)

، وإن كان له متابع في هذا الحديث.

وأما استثناء مريم، فقد ورد في أحاديث أخرى غير حديث المسارة، منها حديث أبي سعيد السابق ذكره، وهو حسَنٌ لِشَواهده.

هذا ما يتعلق بحديث المسارَّة.

وقد ورد بيان سياداتها في أحاديث أخرى: منها ما ذَكَرتْ أنها سيِّدةُ نساءِ أهلِ الجنة مَع ثَلاثةٍ معها، ومنها ما ذَكرَتْ أنها سيدةُ نساء أهلِ الجنة بعد مريم بنت عمران ـ كما سيأتي ـ.

(1)

قال العلامة عبدالرحمن المعلِّمي اليماني ـ «آثاره» (17/ 686) ـ عن الطيالسي:

(ومَن قارن الأحاديث التي في «مسنده» بنظائرها مما يرويه غيرُه، وجدَ اختلافَاً كثيرَاً في المتون، وكأنه كان يَروي بالمعنى).

ص: 310

وقد ورد أن ملَكَاً نزل على النبي صلى الله عليه وسلم لم ينزل قبل، بشَّرَه بأن فاطمة سيدة نساء أهل الجنة.

ورد ذلك من حديث: حذيفة، وأبي هريرة رضي الله عنهما:

1.

حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه.

أخرجه: ابن أبي شيبة في «مصنفه» (17/ 159 و 213) رقم

(32841 و 32937)، وفي «مسنده» ـ كما في «المطالب العالية»

(16/ 155) رقم (3949) ــ، وعنه: [ابن أبي عاصم في الآحاد والمثاني»

(5/ 366) رقم (2966)]، والإمام أحمد في «مسنده» (38/ 353) رقم

(23329)، والترمذي في «جامعه» رقم (3781)، والنسائي في «السنن الكبرى» (368 و 391) رقم (8240 و 8307)، والبسوي في «مشيخته» (ص 102) رقم (127)، ومحمد بن نصر المروزي في «قيام الليل»

ـ مختصره (ص 87) ـ، وابن الأعرابي في «معجمه» (1/ 218) رقم

(388)، والقطيعي في «زوائده على فضائل الصحابة لأحمد» (2/ 788) رقم (1406)، وأبو بكر النصيبي العطار في «فوائده» ـ رقم (49) مخطوط في «المكتبة الشاملة التقنية» ــ، والحاكم في «المستدرك» (3/ 164) رقم

(4721)، وأبو نعيم في «معرفة الصحابة» (6/ 3188 و 3486) رقم

(7327 و 7905)، وفي «حلية الأولياء» (4/ 190)، والبيهقي في

«دلائل النبوة» (7/ 78)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (12/ 269)،

ص: 311

و (13/ 207)، و (14/ 134) كلهم من طريق إسرائيل بن يونس السَّبِيْعِي.

والحاكم أيضاً في «المستدرك» (3/ 164) رقم (4722)، وفي

«فضائل فاطمة» (ص 45) من طريق الحسين بن الحكم الحِبَري

(1)

، عن الحسن بن الحسين العُرَني

(2)

، عن أبي مريم الأنصاري.

(3)

كلاهما: (إسرائيل، وأبو مريم) عن مَيسرة بن حبيب النهدي

(4)

، عن المِنْهال بن عمرو

(5)

، عن زِرِّ بن حُبَيش

(6)

، عن حُذيفة بن اليمان رضي الله عنه قال: قال: سألتني أمِّي: مُنْذ مَتى عهدك بالنبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: فقلتُ لها: منذ كذا وكذا، قال: فنالَتْ منِّي وسبَّتْنِي، قال: فقلتُ لها: دَعِيني، فإني آتي النبيَّ صلى الله عليه وسلم فأُصَلِّي معه المغرب، ثم لا أدَعُه حتَّى يستغفرَ لي ولك.

قال: فأتيتُ النبيَّ صلى الله عليه وسلم فصلَّيتُ معه المغرب، فصلَّى النبيُّ صلى الله عليه وسلم إلى العشاء، ثم انفتَل فتبعتُه، فعرَضَ له عارضٌ فناجَاه، ثم

(1)

ثقة، ستأتي ترجمته في الباب الثالث: مسند فاطمة، حديث رقم (33).

(2)

ضعيف جداً. انظر: «لسان الميزان» (3/ 33).

(3)

لم أعرفه.

(4)

صدوق. «تقريب التهذيب» (ص 584).

(5)

الأسدي مولاهم، الكوفي، صدوق، ربما وهم. «تقريب التهذيب» (ص 577).

(6)

الأسدي الكوفي، ثقة، جليل، مخضرم. «تقريب التهذيب» (ص 250).

ص: 312

ذهَب فاتَّبَعْتُه، فسَمِع صوتي فقال:«مَن هذا» ؟

فقلت: حذيفة، قال:«ما لَكَ» ؟ .

فحدَّثْتُه بالأمر، فقال:«غفرَ اللَّهُ لكَ ولأمِّكَ» .

ثم قال: «أما رأيتَ العارضَ الذي عرضَ لي قُبيل» ؟

قال: قلت: بلى.

قال: «فهُو مَلَكٌ من الملائكة لم يَهبِط الأرض قطُّ قبلَ هذه الليلة، استأذَن ربَّه أن يُسلِّمَ عليَّ، ويُبشِّرَني أنَّ الحسنَ، والحسينَ سيِّدَا شَبَاب أهل الجنة، وأنَّ فاطمةَ سيِّدةُ نساءِ أهلِ الجنة» . لفظ الإمام أحمد.

وأخرجه: الإمام أحمد في «مسنده» (38/ 355) رقم (23330) من طريق إسرائيل، عن عبداللَّه بن أبي السَّفَر

(1)

، عن الشعبي، عن حذيفة رضي الله عنه بنحوه، لكن ذكرَ أنَّ الملَكَ: جبريلُ عليه السلام، ولم يذكُرْ فاطمةَ رضي الله عنها.

لم يُذكَرْ للشعبيِّ سَماعٌ من حُذيفة.

(2)

(1)

الثوري الكوفي، ثقة. «تقريب التهذيب» (ص 340).

(2)

روايته عن كثير من الصحابة مراسيل. انظر: «تحفة التحصيل» (ص 218) رقم (426)، «التابعو ن الثقات المتكلم في سماعهم من الصحابة ممن لهم رواية عنهم في الكتب الستة» د. مبارك الهاجري (2/ 449).

ص: 313

وأخرجه: الطبراني في «المعجم الكبير» (22/ 402) رقم (1005) من طريق قيس بن الربيع

(1)

، عن ميسرة بن حبيب، عن عدي بن ثابت

(2)

، عن زر بن حبيش، عن حذيفة رضي الله عنه بنحو حديث ميسرة، عن المنهال، مختصراً.

حديث حذيفة حسن الإسناد، وقد صحَّحَهُ الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (2/ 425) ضمن حديث (796). وانظر:«أنيس الساري في تخريج أحاديث فتح الباري» للبصارة (2/ 1353) رقم (998).

2.

حديث أبي هريرة رضي الله عنه.

أخرجه: البخاري في «التاريخ الكبير» (1/ 232) عن أبي نعيم، وأبي أحمد محمدِ بنِ عبداللَّه الزبيري.

والنسائيُّ في «السنن الكبرى» (7/ 455) رقم (8462) من طريق محمد بن عبداللَّه الزبيري.

والنسائيُّ ـ أيضاً ـ في (10/ 429) رقم (11949)، والطبراني في

«المعجم الكبير» (3/ 36) رقم (2604)، و (22/ 403) رقم (1006)، وعنه: [أبو نعيم الأصبهاني، ومن طريقِه: المزيُّ في «تهذيب الكمال»

(1)

الأنصاري الكوفي، ثقة، رُمِي بالتشيع. «تقريب التهذيب» (ص 418).

(2)

الأسدي الكوفي، صدوق تغير لما كبر، وأدخل عليه ابنُه ما ليس من حديثه، فحدَّثَ به.

«تقريب التهذيب» (ص 487).

ص: 314

(26/ 391)، والذهبي في «معجم الشيوخ» (2/ 72)] من طريق أبي نعيم الفضل بن دُكين.

كلاهما: (أبو نعيم الفضل، وأبو أحمد محمد الزبيري) عن محمد بن مروان الذهلي

(1)

، عن أبي حازم، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال: أبطأ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عنَّا يوماً صدرَ النهار، فلما كان العشيُّ قال

له قائلنا: يا رسولَ اللَّهِ قد شقَّ علينا، لم نركَ اليومَ قال:«إنَّ ملكاً من السماء لم يكن رآني، فاستأذن اللَّهَ في زيارتي، فأخبرني أو بشَّرني أنَّ فاطمة ابنتي سيدة نساء أمتي، وأنَّ حسَناً وحُسَيناً سيِّدا شبابِ أهلِ الجنة» .

لفظ النسائي من طريق الزبيري.

ولفظ أبي نعيم الفضل مختصراً ـ عند النسائي والطبراني في الموضع الثاني ـ: «إنَّ ملكاً مِن السماء لم يكن زارني، فاستأذن اللَّهَ في زيارتي فبشَّرَني، أو أخبرَني أنَّ فاطمة سيدةُ نِساء أمتي» .

لم يذكر الحسنَ والحسين.

ولفظ الطبراني في الموضع الأول: ذكَر الحسن والحسين، ولم يذكر فاطمة.

لفظ البخاري: «إنَّ فاطمة سيدة نساء أمتي» .

(1)

أبو جعفر الكوفي، قال ابن حجر: مقبول. «تقريب التهذيب» (ص 535)، أي حيث يُتابع وإلا فليِّن الحديث، كما بينه في مقدمة «التقريب» . ولم أجد له متابعاً.

ص: 315

قال الألباني في «السلسلة الصحيحة» (2/ 430) ضمن رقم (796): (وهذا إسناد حسَنٌ رجالُه ثقات كلهم غير الذهلي هذا ....

ثم أخرجه الطبراني من طريق سيف بن محمد، قال: أنبأنا سفيان، عن أبي الجحاف

(1)

وحبيب بن أبي ثابت، عن أبي حازم، به، دون الزيادة. لكن سيف هذا كذَّبُوه فلا يُستَشْهد به). انتهى.

قلت: هو عند الطبراني في «المعجم الكبير» (3/ 37) رقم (2605)، وأبي نعيم في «معرفة الصحابة» (2/ 655) رقم (1742). ولم يُذكر فيه فاطمة، بل اقتصر على الحسن والحسين.

وانظر: «العلل» للدارقطني (11/ 191) رقم (2215).

ولحديثِ أبي هريرة رضي الله عنه طُرقٌ أخرى ليس فيها أنَّ ملَكاً نزَلَ، ولا ذِكرٌ للحسن والحسين.

(2)

الخلاصة أن محمد بن مروان لم يُتابَع، لكن للحديث شاهدٌ من حديث أبي سعيد الخدري ـ كما سبق ـ.

أما حديث: «الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة» . فهو صحيح.

(3)

(1)

داود بن أبي عوف التميمي البُرْجُمي مولاهم، أبو الجَحَّاف الكوفي، مشهور بكنيته. صدوق، شيعي. ستأتي ترجمته في الباب الثالث: مسند فاطمة، حديث رقم (31).

(2)

انظر: «أنيس الساري في تخريج أحاديث فتح الباري» لنبيل البصارة (1/ 707) ضمن رقم (492).

(3)

خرَّجَهُ الألباني في «السلسلة الصحيحة» (2/ 423) رقم (796) وذكرَ شواهدَه، وانظر أيضاً:«الأحاديث الواردة في شأن السبطين الحسن والحسين» للشيخ د. عثمان الخميس

(ص 182 وما بعدها).

ص: 316

وقد ورد أن فاطمة ضمن سيدات نساء أهل الجنة الأربعة، وهُنَّ: مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون رضي الله عنهم.

(1)

ورد ذلك من حديث: ابن عباس، وأنس، وجابر بن عبداللَّه، وعلي بن أبي طالب، وعامر بن واثلة، وعمران بن الحصين رضي الله عنهم.

1.

حديث ابن عباس رضي الله عنهما.

أخرجه: الإمام أحمد في «مسنده» (4/ 409) رقم (2668)،

و (5/ 77) رقم (2901)، و (5/ 113) رقم (2957)، وفي «فضائل الصحابة» له (2/ 760) رقم (1339)، ومن طريقه: [الحاكم في

«المستدرك» (3/ 174) رقم (4754)، والضياء المقدسي في «المختارة» (12/ 167) رقم (187)، وابن الأثير في «أسد الغابة» (6/ 83)]، والنسائي في «السنن الكبرى» (7/ 389) رقم (8299)، و (7/ 391)

(1)

انظر: «أنيس الساري» لنبيل البصارة (1/ 704 ـ 709) رقم (492)، و «الأحاديث الواردة في فضائل الصحابة» د. سعود الصاعدي (11/ 14 ـ 21) رقم (1876 ـ 1878).

ص: 317

رقم (8306)، وعبد بن حميد في «مسنده» كما في «المنتخب من مسنده»

(1/ 461) رقم (595)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (5/ 364) رقم (2962)، وأبو يعلى في «مسنده» (5/ 110) رقم (2722)، ومن طريقه:[الضياء المقدسي في «المختارة» (12/ 167) رقم (188)] والطحاوي في «مشكل الآثار» (1/ 140) رقم (148)، والطبراني في

«المعجم الكبير» (22/ 407) رقم (1019)، وابن حبان في «صحيحه»

(15/ 470) رقم (7010)، والحاكم في «المستدرك» (3/ 204) رقم

(4852)، وفي «فضائل فاطمة» (ص 49) رقم (29) من طُرُقٍ عن داود بن أبي الفرات الكندي المروزي

(1)

، عن عِلْبَاء بن أحمر اليَشْكُري

(2)

، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطَّ رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم في الأرض أربعةَ خطوط، قال:«تدرون ما هذا» ؟ فقالوا: اللَّهُ ورسولُه أعلم.

فقال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «أفضلُ نِساءِ أهلِ الجنة: خديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية بنت مزاحم امرأة فرعون، ومريم ابنة عمران» .

صححَ إسنادَه: الحاكم في «المستدرك» ، وابنُ حجر في «الفتح»

(6/ 471) و (7/ 135).

(1)

ثقة. «تقريب التهذيب» (ص 235).

(2)

ثقة. سبقت ترجمته في الحديث رقم (30).

ص: 318

وصحَّحَ الحديثَ الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (4/ 13) رقم

(1508). وانظر: «أنيس الساري في تخريج أحاديث فتح الباري» لنبيل البصارة (1/ 704) رقم (492).

ــ وأخرج الزبير بن بكار كما في «المنتخب من كتاب أزواج النبي صلى الله عليه وسلم» (ص 33)، ومن طريقه: [الطبراني في «المعجم الكبير»

(23/ 7) رقم (2)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (70/ 106)] عن طريق محمد بن الحسن بن زبالة المخزومي، عن عبدالعزيز الدراوردي، عن موسى بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «سيدة نساء أهل الجنة: مريم بنت عمران، ثم فاطمة، ثم خديجة، ثم آسية امرأة فرعون» .

هكذا بالترتيب «ثم» ، وهو ضعيف، محمد بن الحسن بن زبالة، كذبوه.

(1)

وقد خالف فيه الثقات.

أورد هذا الوجه عن الزبير: ابنُ عبدالبر في «الاستيعاب»

(4/ 1823) ثم قال: (وذكر أبو داود، قال: حدثنا عبدُاللَّه بن محمد النفيلي، قال: حدثنا عبدالعزيز بن محمد، عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس، قال: قال رسولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: «سيدة نساء أهل الجنة

(1)

«تقريب التهذيب» (ص 504).

ص: 319

بعد مريم بنت عمران: فاطمة بنت محمد، وخديجة، وآسية امرأة فرعون». وهذا هو الصواب في إسناد هذا الحديث ومتنه، وإنما رواية الدراوردي، عن إبراهيم بن عقبة لا عن موسى بن عقبة). انتهى.

(1)

كذا رواه أبو داوود، وقد أخرجه أيضاً: الحاكم في «فضائل فاطمة»

(ص 45) رقم (18) من طريق النفيلي، عن عبدالعزيز بن محمد الدراوردي، به ولفظه:«سيدة نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران: فاطمة أو خديجة» . شكَّ إبراهيم بن عقبة.

وقد أخرجه: أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (6/ 3188) رقم

(7328) من طريق النفيلي، به. وليس فيه الشك، ولفظه كما عند أبي داوود.

نقل القرطبيُّ الحديثَ بالترتيب عن ابن عبدالبر، وحسَّنه، فتعقَّبَه ابنُ حجر في «فتح الباري» (7/ 136) بقوله: (

الحديث الثاني الدالُّ على

(1)

لم أجده في «السنن» . وقد نقل العراقي في «طرح التثريب» (1/ 149) قولَ ابن عبدالبر، ثم قال:(لم يُخرجه أبو داود في «السنن» فلعله في غيره).

وهو في «تحفة الأشراف» (5/ 200) رقم (6338) ورمز له بـ (د)، وقال:(د ــ لم نجده، عن النفيلي، عن عبدالعزيز بن محمد، عن إبراهيم بن عقبة، عن كريب، عن ابن عباس).

قال ابن حجر في «النكت الظراف» ـ بحاشية التحفة ـ: (هكذا ذكره ابن عبدالبر في

«الاستيعاب» ، فإن لم يكن عند بعض رُواة أبي داوود، فلعله في كتاب «المناقب» الفرد خارج السنن).

ص: 320

الترتيب ليس بثابت، وأصله عند أبي داود، والحاكم بغير صيغة ترتيب

).

قلت: وقد سبق تضعيفُ ابن عبدالبر للحديث بعد روايته. وضعَّفَه أيضاً السخاوي في «الأجوبة المرضية» (3/ 1146).

ورُوي من وجه آخر عن ابن عباس رضي الله عنهما، وفيه زيادة:

أخرجه: ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (70/ 107) من طريق إسحاق بن إبراهيم شاذان، عن سعد بن الصلت، عن مقاتل، عن الضحاك، عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبيِّ صلى الله عليه وسلم قال:«أربع نسوة سادات عالمهن: مريم بنت عمران، وآسية بنت مزاحم ـ امرأة فرعون ـ، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد؛ وأفضلهن عالماً فاطمة» .

وهذا ضعيف جداً، مقاتل بن سليمان البلخي، قال الذهبي: أجمعوا على تركه.

(1)

ــ وقد رواه الحاكم في «فضائل فاطمة» (ص 43) رقم (14) من طريق عبَّاد بن زياد الأسدي

(2)

، عن يحيى بن العلاء الرازي

(3)

، عن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، عن أبيه، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: نظر

(1)

«سير أعلام النبلاء» (7/ 202)، و «تقريب التهذيب» (ص 574).

(2)

صدوق، رمي بالقدَر، وبالتشيع. «تقريب التهذيب» (ص 325).

(3)

رُمي بالوضع. سبقت ترجمته في الحديث رقم (42).

ص: 321

عليٌّ رضي الله عنه في وجوه الناس، فقال:«إني لأخو رسولِ اللَّهِ، ووزيره، ولقد علمتم أني أولكم إيماناً باللَّهِ ورسولِه، وأبو ولدَيه، ، وزوجُ ابنته سيِّدةِ ولدِه، وسيدةِ نساء العالمين، وسيدةِ نساء أهل الجنة» .

وهذا الحديث موضوع، آفته يحيى بن العلاء.

ــ وقد رواه يحيى بن بكير، عن ابن لهيعة، عن أحمد بن حازم، عن صالح مولى التوأمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما يرفعه:«فاطمة سيدة نساء أهل الجنة» .

أخرجه: أبو نعيم في «معرفة الصحابة» (6/ 3188) رقم (7326)، وأبو بكر النصيبي العطار في «فوائده» (رقم 193 ـ مخطوط في «المكتبة الشاملة التقنية» ـ).

2.

حديث أنس بن مالك رضي الله عنه.

أخرجه: عبدالرزاق الصنعاني في «مصنفه» (11/ 430) رقم

(1683)، ومن طريقه: [الإمام أحمد في «مسنده» (19/ 383) رقم

(12391)، وفي «فضائل الصحابة» (2/ 755) رقم (1325)،

و (2/ 760) رقم (1337 و 1338)، والترمذي في «جامعه» رقم

(3878)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (5/ 363) رقم (2960)، وأبو يعلى في «مسنده» (5/ 380) رقم (3039)، وابن المنذر في «تفسيره» (1/ 196) رقم (450)، والطحاوي في «مشكل الآثار» (1/ 140) رقم

ص: 322

(147)

، وابن حبان في «صحيحه» (15/ 401 و 464) رقم (6951

و 7003)، والآجري في «الشريعة» (5/ 2114 و 2115 و 2195) رقم (1603 و 1604 و 1683)، والطبراني في «المعجم الكبير» (22/ 402) رقم (1003)، و (23/ 7) رقم (3)، والحاكم في «المستدرك» (3/ 171 و 172) رقم (4745 و 4746)، وفي «فضائل فاطمة» (ص 49) رقم

(28)، واللآلكائي في «شرح أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة»

(8/ 1509) رقم (2744)، وأبو نعيم في «الحلية» (2/ 344)، وفي

«معرفة الصحابة» (6/ 3187) رقم (7325)، والبغوي في «شرح السنة» (14/ 157) رقم (3955)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق»

(52/ 102) و (70/ 109 و 110)، والضياء في «المختارة» (7/ 21) رقم (2401)، والقزويني في «التدوين في أخبار قزوين» (1/ 482)] عن معمر، عن قتادة، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «حسبك من نساء العالمين: مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت صلى الله عليه وسلم، وآسية امرأة فرعون» .

صحَّحَهُ الترمذيُّ والحاكِمُ. وقال أبونعيم: (غريب من حديث قتادة، تفرَّدَ به مَعمر، حدَّثَ به الأئمةُ عن عبدالرزاق .. ).

وصحح إسنادَه ابنُ حجر في «فتح الباري» (6/ 471).

وأوردَه الألبانيُّ في «السلسلة الصحيحة» (4/ 13) رقم (1508).

ص: 323

وقد روي ــ أيضاً ــ من طريق: ثابت، وحميد الطويل، والزهري، عن أنس رضي الله عنه.

ــ حديث الزهري: أخرجه: الإمام أحمد في «فضائل الصحابة»

(2/ 758) رقم (1332).

ــ حديث ثابت: أخرجه: البزار في «البحر الزخار» (13/ 334) رقم (6950)، وابن أبي عاصم في «الآحاد والمثاني» (5/ 364) رقم (2961)، وابن جرير في «تفسيره» (5/ 394)، وابن عدي في «الكامل» (4/ 217)، والطبراني في «المعجم الكبير» (22/ 402) رقم (1004)، ومن طريقه:

[ابن الأثير في «أسد الغابة» (6/ 83)]، والحاكم في «فضائل فاطمة»

(ص 50) رقم (31)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (70/ 111).

ــ حديث حميد الطويل: أخرجه: الخطيب في «تاريخ بغداد»

(8/ 75)، ومن طريقه:[ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (70/ 112)].

ولاتخلو هذه الطرُقُ من ضَعْفٍ

(1)

، لكن يقويها ما قبلها من طريق قتادة، وشواهده.

1.

جابر بن عبدالله الأنصاري رضي الله عنهما.

أخرجه: الآجري في «الشريعة» (5/ 2116 و 2196) رقم (1606

(1)

انظر: تخريجها في ط. الرسالة لِـ «مسند أحمد» (19/ 383) رقم (12391)، و «أنيس الساري» للبصارة (1/ 708) ضمن رقم (492).

ص: 324

و 1685)، وابن مندة في «أماليه» رقم (116)، ومن طريقه: [أبو نعيم في

«تاريخ أصبهان» (2/ 80)]، وأبو الشيخ الأصبهاني في «طبقات المحدثين بأصبهان» (3/ 132)، والحاكم في «فضائل فاطمة» (ص 50) رقم (30)، وابن عساكر في «تاريخ دمشق» (70/ 112) من طريق يحيى بن حاتم العسكري

(1)

، عن بشر بن مهران

(2)

، عن محمد بن دينار

(3)

، عن داوود بن أبي هند، عن الشعبي، عن جابر بن عبداللَّه رضي الله عنهما قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «حسبك منهن أربع سيدات نساء العالمين: فاطمة بنت محمد، وخديجة بنت خويلد، وآسية بنت مزاحم، ومريم بنت عمران» .

وهذا ضعيف جداً، لأجل بِشْر، وابن دينار.

2.

علي بن أبي طالب رضي الله عنه.

أخرجه: البزار في «البحر الزخار» (3/ 102) رقم (885) من طريق أسباط بن نصر الهمداني

(4)

، عن ............................................

(1)

أبو القاسم، ثقة. «طبقات المحدثين بأصبهان» لأبي الشيخ (3/ 132) رقم (282)،

و «تاريخ أصبهان» لأبي نعيم (2/ 239).

(2)

متروك. «لسان الميزان» (2/ 315).

(3)

الأزدي الطاحي، البصري، صدوق، سئ الحفظ، ورمي بالقَدَر، وتغيَّر قبل موته.

«تقريب التهذيب» (ص 508).

(4)

صدوق، كثيرُ الخَطأ، وهو يُغْرِبُ. سبقت ترجمته في الحديث رقم (87).

ص: 325

جابر بن يزيد الجعفي

(1)

، عن عبداللَّه بن نُجَي الحضرمي

(2)

، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«ألا ترضين أن تكوني سيدة نساء أهل الجنة، وابنيك سيدي شباب أهل الجنة» .

وهذا ضعيف، عِلَّتُه: أسباط، وجابر.

وروي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه حديث آخر مرفوعاً، أوَّلُه:

«ياعلي، يافاطمة، جاء نصر اللَّه والفتح .... وفيه: وعندكَ سيدة نساء المؤمنين

إلخ.

أخرجه: الطبراني، والضياء المقدسي، وهو حديث موضوع، انظر:

«سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة» للألباني (14/ 716) رقم

(6814).

3.

عامر بن واثلة رضي الله عنه.

قال: كنت على الباب يوم الشورى، وعلي في البيت، فسمعته يقول: أنشدُكم اللَّه، أمنكم أحد له زوجة مثل زوجتي

سيدة نساء هذه الأمة .. إلخ.

وهو حديث موضوع، سبق تخريجه في الحديث رقم (50).

(1)

ضعيفٌ، مُدَلِّسٌ، رَافِضِيٌّ. ستأتي ترجمته في الباب الثالث: مسند فاطمة، حديث رقم

(34).

(2)

صدوق. «تقريب التهذيب» (ص 360).

ص: 326

4.

عمران بن الحصين رضي الله عنه.

قال: قال لي رسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: يا عمران، إنَّ فاطمة مريضة، فهل لك أن تعودها

وفيه أنه قال لها: سيدة نساء العالمين، قالت فاطمة: ياليتها ماتت، وأين مريم بنت عمران؟ فقال صلى الله عليه وسلم:«أي بنية، تلك سيدة نساء عالمها، وأنت سيدة نساء عالمك» .

حديث مُنكر لايصح. سبق تخريجه في الحديث رقم (81).

ومما روي في تفضيل فاطمة رضي الله عنها على نساء هذه الأمة:

ما أخرجه: الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (6/ 59) حديث

(1629)، ومن طريقه:[ابن عساكر في «تاريخ دمشق» (14/ 167)] أخبرنا علي ابن أبي علي، قال: حدثنا محمد بن المظفر الحافظ، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحاق بن إبراهيم النيسابوري المقرئ

(1)

، قال: حدثنا محمد بن حمدويه النيسابوري، قال: حدثنا خشنام بن زنجويه ــ وهو يختلف معَنا ــ قال: حدثنا نعيم بن عمرو، عن إبراهيم بن طهمان، عن حماد بن أبي سليمان، عن إبراهيم، عن علقمة، عن عبدِاللَّه، قال: قال رسولُ اللَّه

(1)

النيسابوري قدم بغداد، وحدث بها عن: محمد بن حمدويه النيسابوري. روى عنه: ابن المظفر. ترجم له الخطيب البغدادي في «تاريخ بغداد» (6/ 59)، ولم يذكر فيه جرحاً ولا تعديلاً. وأورد الحديث في ترجمته.

ص: 327

- صلى الله عليه وسلم: «خير رجالكم علي بن أبي طالب، وخير شبابكم الحسن والحسين، وخير نسائكم فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم» .

وهو ضعيف منكر، لم أجد الحديثَ عند غير الخطيب، وفي الإسناد: مَن لم أعرف ترجمتهم: محمد بن حمدويه، وكذا خشنام

(1)

، ونعيم بن عمرو.

وفي متنه نكارة، فإن خير رجال هذه الأمة، وأفضلها بعد نبينا صلى الله عليه وسلم: أبو بكر الصديق رضي الله عنه كما تواترت بذلك الأحاديث.

(2)

الخلاصة:

أنَّ فاطمة رضي الله عنها سيدة نساء هذه الأمة المحمدية، وسيدة نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران عليها السلام.

هذا، وقد ذكر القاضي عياض رحمه الله أنَّ حديث «سيدة نساء هذه الأمة»: حُجَّةٌ لمن رأى فضلَها على عائشة رضي الله عنهما.

(3)

وذكر بعضهم: أنه دليلٌ على أنها خيرُ نساءِ المؤمنين وأفضلُهنَّ في الدنيا والآخرة، قال: وإنما كان كذلك؛ لأنها بعضُ رسُولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم ..

(4)

(1)

انظر في لَقَبِه: «نزهة الألباب في الألقاب» لابن حجر (1/ 240).

(2)

انظر: «الأحاديث الواردة في فضائل الصحابة» د. سعود الصاعدي.

(3)

«إكمال المعلم» (7/ 475).

(4)

«المفاتيح في شرح المصابيح» للحسين الزيداني المُظْهِري الحنفي (ت 727 هـ)

(6/ 320).

ص: 328

قلت: وكذلك بقية أخواتها وإخوانها فهُم بعضُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فليس التفضيل لأجل هذا فقط.

قال ابن حجر رحمه الله: (واعتُرِضَ على ما استُدِلَّ به للزهراءِ رضي الله عنها أنَّ أخواتها زينبَ ورقيَّة وأمَّ كلثوم رضي الله عنهن يشاركنها في الصِّفة المذكورة، لأن كلَّاً منهن بَضْعَةٌ منه صلى الله عليه وسلم، وإنَّمَا يفيد التَّفضيلَ بأمرٍ يختصُّ به المفضَّلُ على غيره).

(1)

قال السفَّاريني (ت 1188 هـ) رحمه الله: (لا ريب أنَّ فاطمة الزهراء بنت سيد العالَم، ورسولِ إلهِ الأرض والسماء، أفضلُ بنَاتِه، بَلْ أفضلُ سائرِ نِسَاءِ الأمة، بل ذكرَ الحافظ السيوطي

(2)

: أنَّها أفضل هذه الأمة مطلقاً ـ يعني بعد النبي صلى الله عليه وسلم ـ؛ لأنها بضعةٌ منهُ، ولا يُعادِلُ بضعةَ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم أحدٌ).

(3)

فائدة: قيل: بأنَّ خديجة سيدة نساء هذه الأمة، لما في

«الصحيحين»

(4)

من حديث علي رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم:

(1)

«الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر» للسخاوي (2/ 932).

(2)

في «الحاوي للفتاوي» للسيوطي (2/ 354)، ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم:«فاطمة بضعةٌ منِّي» . قال مالك رحمه الله: لا أُفَضِّلُ عَلى بضعةٍ من النبيِّ صلى الله عليه وسلم أحداً.

(3)

«عَرْف الزرْنَبْ في بيان شأن السيدة زينب» للسفاريني (ص 111).

والصواب أنَّ أفضلَ هذه الأمَّةِ بعدَ النبيِّ صلى الله عليه وسلم: أبو بكر، ثم عمر رضي الله عنهما.

(4)

أخرجه: البخاري في «صحيحه» رقم (3815)، ومسلم في «صحيحه» رقم (2430).

ص: 329

«خير نسائها مريم، وخير نسائها خديجة» .

(1)

قال ابن حجر رحمه الله: (فعلى هذا مريمُ خيرُ نساء الأمة الماضية، وخديجة خير نساءِ الأمة الكائنة. ويحمل قصة فاطمة ـ إن ثبتت ـ

(2)

على أحد أمرين: إما التفرقة بين السيادة والخيرية، وإما أن يكون ذلك بالنسبة إلى مَن وُجِد مِن النساء حين ذكَر قصة فاطمة).

(3)

ولابن حزم رحمه الله كلامٌ في أنَّ السيادةَ غيرُ الفَضل

(4)

، جاء ذلك في مفاضلته بين بنات النبي صلى الله عليه وسلم وأزواجه أمهات المؤمنين، لذا رجَّح فضَّل زوجات النبي صلى الله عليه وسلم على بناته، بل على الصحابة كلِّهم.

وتعقَّبَهُ عدَدٌ مِن العلماء ـ كما سيأتي بعد قليل في كلام ابن تيمية ـ.

وذكر ابن حزم رحمه الله أنَّ خيرية فاطمة خاص وليس عاماً لقوله:

«خير نسائها» ، وتفضيلُ اللَّهِ عز وجل لنساءِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم على النساء عموم لا خصوص، فلا يجوز أنْ يُستَثْنَى منه أحَدٌ إلا مَن استثناهُ نصٌّ آخَر، قال: فصحَّ أنه إنما فضَّلَ فاطمة على نساء المؤمنين بعد نسائه عليه السلام فاتفَقَتْ الآية: {يَانِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ

(1)

وانظر في شرحه: «فتح الباري» لابن حجر (7/ 135).

(2)

يعني به حديث عمران، المذكور في الصفحة السابقة، وهو حديث ضعيف.

(3)

«الإصابة» (8/ 102 ـ 103).

(4)

«الفَصْل في الملل والنِحَل» لابن حزم (4/ 103)، وط. الفضيلة (3/ 443).

ص: 330

بِالْقَوْلِ} (الأحزاب: 32) مَع الحديث.

(1)

قلت: وهذا رأيٌّ شاذٌّ لابن حزم رحمه الله، بل فاطمةُ أفضلُ نساءِ هذه الأمة

(2)

بنص الحديث، وأما الآية ففيها تفضيل بشرط التقوى، وهو حثٌّ وإغراء لهن للازدياد من التقوى، وبيان دخولهنَّ الأولي في الأمر بعدم الخضوع بالقول، «لما لهنَّ مِن المزيَّة بالاتصالِ برَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فكان عليهن من حمايةِ فِراشِهِ أعظمُ مما على غيرِهن من حماية فُرُش أزواجهن؛ لِعِظَمِ حَقِّ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وعُلُوِّ مَرتَبَتِهِ» .

(3)

قال الزجاج: لم يقل: كواحدة من النساء، لأنَّ «أحداً» نفي عام للمذكَّر والمؤنث والواحد والجماعة.

قال ابن عباس: يريد: ليس قَدْرُكُنَّ عندي مثلَ قَدرِ غيركن من النساء الصالحات، أنتنَّ أكرم عَلَيَّ، وثوابُكن أعظم إنْ اتقيتُنَّ، فشرَط عليهن التقوى بياناً أن فضيلتهن إنما تكون بالتقوى، لا بنفس اتصالهن برسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم.

(4)

(1)

«الفَصْل في الملل والنِحَل» لابن حزم ـ ط. دار الفضيلة ـ (3/ 429).

(2)

وللصوفي: أحمد بن الصدِّيق الغماري (1380 هـ) رأيٌ شاذٌّ منكر، يرى أن فاطمة أفضل هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم، وهي أفضل من أبي بكر، وعمر. انظر رأيه ومناقشته في كتاب:«آراء أحمد الغماري العقدية ـ عرض ونقد ـ» لمنير البقمي (ص 278).

(3)

انظر: «تفسير سورة الأحزاب» للعثيمين (ص 218).

(4)

«زاد المسير» لابن الجوزي (3/ 461).

ص: 331

وهذه المسألة ـ أعني المفاضلة بين مريم وخديجة وفاطمة وعائشة ـ ليست من المسائل التي يترتب عليها عمَلٌ، فاليقين: فَضلُ الجميع، وسيادة الأربعة المذكورة في الجنة: مريم، وخديجة، وفاطمة، وآسية.

وورد فضل عائشة على سائر النساء كفضل الثريد على سائر الطعام.

(1)

فهؤلاء الخمسة السيدات الفاضلات لكلٍّ مِنهُنَّ فَضلٌ مِن وَجْهٍ من الوجوه لا تبلُغُه الأخرى، لذا حسُنَ التفصِيل في التفضِيل مِن لَدُن ابنِ تيمية وابنِ القيم - رحمهما الله -، وقد ذكر ابنُ القيم في مفاضلتِه بين عائشة وفاطمة، بأن فاطمة فُضِّلَت بنسَبِها وشرَفها، وعائشة بما نقلَتْ من الرواية والعلم ـ كما سيأتي كلامه ـ.

وقد طال حديث العلماء على المفاضلة بين تلك الفاضلات السيدات، قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (فَصلٌ: وأفضل نساء هذه الأمة: خديجة، وعائشة، وفاطمة.

وفي تفضيل بَعضهن على بَعضٍ نزاعٌ وتَفصيل، ليس هذا موضعه.

وخديجة وعائشة من أزواجه.

(1)

«صحيح البخاري» رقم (3411 و 3433 و 3769 وغيرها)، ومسلم في «صحيحه» رقم (2431).

وذكر ابن حجر رحمه الله في «فتح الباري» لابن حجر (6/ 447) و (7/ 107) أن هذا الحديث لا يستلزم ثبوت الأفضلية المطلقة.

ص: 332

فإذا قيل بهذا الاعتبار: إنَّ جملةَ «أزواجه» أفضلُ مِن جُملَةِ «بناته» ، كان صحيحاً؛ لأنَّ أزواجَه أكثرُ عدداً، والفاضلةُ فيهن أكثرُ من الفاضلة في بناته.

فصل: وأما نساءُ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، فلم يقل: إنهنَّ أفضلُ من العشرة إلا أبو محمد بن حزم

(1)

، وهو قولٌ شاذٌّ لم يَسْبِقْهُ إليه أحَدٌ، وأنكرَهُ عليه مَنْ بَلَغَهُ مِن أعيانِ العُلماء. ونصوص الكتاب والسنة تُبْطِلُ هذا القول. وحجته التي احتج بها فاسدة،

ثم ذكر حجته ورد عليها، ثم قال:

وبالجملة فهذا قول شاذ

(2)

لم يسبقه إليه أحدٌ من السَّلَف، وأبو محمد مع كثرةِ علمِه وتبحُّرِهِ، وما يأتي به من الفوائد العظيمة، له مِن الأقوال المنكرة الشاذة ما يُعجب منه كما يُعجب مما يأتي به من الأقوالِ الحسنة الفائقة، وهذا كقوله: إنَّ مريم نَبِيَّة، وإنَّ آسية نبية، وإنَّ أم موسى نبية. وقد ذكر القاضي أبو بكر، والقاضي أبو يعلى، وأبو المعالي، وغيرهم: الإجماعَ على أنه ليس في النساء نبيَّة

(3)

، والقرآن والسنة دلَّا على ذلك .... إلخ).

(4)

(1)

«الفَصل في الملل والنِحَل» لابن حزم (4/ 97 ـ 103)، وط. الفضيلة (3/ 415 وما بعدها).

(2)

انظر: «فتح الباري» لابن حجر (7/ 139)، «الأجوبة المرضية» للسخاوي

(3/ 1147)، «مباحث المفاضلة في العقيدة» د. محمد الشظيفي (ص 274 ـ 282)،

«صحابة رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم في الكتاب والسنة» لعيادة الكبيسي (ص 252).

(3)

وانظر: «فتح الباري» لابن حجر (6/ 447)، و «نبوة النساء بين المثبتين والنفاة» لأحمد بن عبداللطيف آل عبداللطيف.

(4)

«مجموع الفتاوى» لابن تيمية (4/ 394 ـ 396).

ص: 333

قال ابن القيم رحمه الله: (الخلافُ في كون عائشة أفضلُ من فاطمة، أو فاطمة أفضل، إذا حُرِّرَ محلُّ التفضيل؛ صارَ وِفَاقَاً، فالتفضيل بدون التفصيل لا يستقيم:

فإن أُريدَ بالفضل كثرةُ الثواب عند اللَّه عز وجل، فذلك أمرٌ لا يُطَّلَعُ عليه إلا بالنصِّ، لأنه بحسب تفاضل أعمال القلوب، لا بِمُجرَّدِ أعمالِ الجوارح، وكمْ مِنْ عامِلَيْنِ أحدُهما أكثرُ عمَلاً بجوارحه، والآخرُ أرفعُ درجةً منه في الجنة.

وإنْ أُرِيدَ بالتفضيلِ التفضيلُ بالعلم، فلا رَيْبَ أنَّ عائشةَ أعلمُ وأنفعُ للأمَّةِ، وأدَّتْ إلى الأمَّةِ من العلم ما لم يُؤدِّ غيرُها، واحتاجَ إليها خاصُّ الأمَّةِ وعامَّتُهَا.

وإنْ أُريدَ بالتفضيل شرَفُ الأصْلِ وجلالةُ النَّسَبِ، فَلا رَيْبَ أنْ فاطمةَ أفضلُ، فإنها بضعةُ من النبي صلى الله عليه وسلم، وذلك اختصاصٌ لم يَشْرَكْهَا فيه غيرُ أخواتها.

وإن أُريدَ السيادةُ، ففاطمةُ سيِّدةُ نِساءِ الأمة.

وإذا ثَبَتَتْ وجُوهُ التفضيل، وموادُّ الفَضْلِ، وأسبابُه؛ صارَ الكلامُ بعِلْمٍ وعَدْلٍ.

وأكثَرُ الناسِ إذا تكَلَّمَ في التفضيل، لم يُفَصِّلْ جِهَاتِ الفَضْلِ، ولم يُوازِن بينها، فيَبْخَسُ الحقَّ؛ وإنْ انضَافَ إلى ذلك نوعُ تعصُّبٍ وهَوى لمن يُفَضِّلُهُ؛ تكَلَّمَ بالجهل والظلم.

ص: 334

وقد سئل شيخ الإسلام ابن تيمية عن مسائل عديدة من مسائل التفضيل، فأجاب فيها بالتفصيل الشافي

ثم ذكر ابن القيم أمثلة على تفصيلات ابن تيمية، منها:

المفاضلة بين خديجة وعائشة

(1)

).

(2)

(1)

«مجموع الفتاوى» لابن تيمية (4/ 393).

(2)

«بدائع الفوائد» (3/ 1101 ـ 1102).

وانظر أيضاً في مسألة المفاضلة بين فاطمة وعائشة وخديجة رضي الله عنهن: «مشكل الآثار» للطحاوي (1/ 133)، و «فضائل فاطمة» للحاكم (ص 31)، «الفصْل في الملل والنِحَل» لابن حزم (4/ 97 ـ 103)، وط. دار الفضيلة (3/ 448)، «المعلم بفوائد مسلم» للمازري (3/ 241)، «إكمال المعلم» للقاضي عياض (7/ 380)

و (7/ 441)، «فتح الباري» لابن حجر (7/ 109، 139) و (6/ 447 و 471)،

و «الأجوبة المرضية» للسخاوي (3/ 1145)، «الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر» للسخاوي (2/ 931) ـ مهم ـ، و «تدريب الراوي» للسيوطي ــ تحقيق

عوامة ـ (5/ 208)، «الروض الأنف» للسهيلي (2/ 278 ـ 279)، وعنه: [الشبلي

(ت 796 هـ) في «محاسن الوسائل في معرفة الأوائل» (ص 283)، والمقريزي في

«إمتاع الأسماع» (10/ 273)، والدماميني (ت 827 هـ) في «مصابيح الجامع»

(7/ 247)«الغرر البهية في شرح البهجة الوردية» لزكريا الأنصاري (4/ 92)، «إمتاع الأسماع» (10/ 273)، «المجالس الوعظية» للسفيري (1/ 163)، «فيض القدير» للمناوي (2/ 461) و (4/ 421)، «فتاوى الرملي» (4/ 345)، «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (7/ 469)، «الدين الخالص» لصِدِّيق خان القنوجي =

ص: 335

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= (3/ 486)، «التحرير والتنوير» للطاهر عاشور (22/ 8)، و «شرح العقيدة الواسطية» للعثيمين (2/ 281)، «عقيدة أهل السنة في الصحابة» لناصر بن علي الشيخ (1/ 419 ـ 421)، «مباحث المفاضلة في العقيدة» د. محمد الشظيفي (ص 274 ـ 282)، «عائشة أم المؤمنين» تأليف مجموعة من الباحثين ـ ط. مؤسسة الدرر السنية ـ

(ص 304).

فائدة: قال ابن الملقِّن (ت 804 هـ) في «غاية السول في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم» (ص 148): (ولما تكلَّم القاضي حسين في فضل عائشة رضي الله عنها على فضلِ فاطمة رضي الله عنها قال: إنَّ فاطمة قالت لها أنا أفضل منكِ؛ لأني بَضعة من رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فقالت عائشة رضي الله عنها: أما في أمور الدنيا فالأمر كما تقولين، لكن الفخر في الآخرة، فأنا أكون مع النبي صلى الله عليه وسلم في درجتِه في الجنة؛ وأنتِ تكونين مع عليٍّ في درجتِه في الجنة، فانظري الفضل بين الدرجتين.

فبكت فاطمة حين عجزت عن الجواب، فقامت عائشةُ وقبَّلَت رأسَها، وقالت: ليتني شعرةٌ في رأسِكِ). ا. هـ

فائدة أخرى: وقال ابن الملقن أيضاً في «غاية السول في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم» (ص 230): (وقال القاضي حسين: إن عائشة ناظرت فاطمة رضي الله عنهما فقالت: تزوَّجَني بِكْرَاً، وتَزَوَّجَ أمَّكِ ثَيِّبَاً، فبلغَ ذلك رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم فقال: «قولي لها: إن كان قد أخذك بِكراً فقد أخذَتْ هيَ رسول اللَّه بِكْراً»). ا. هـ

ــ القاضي: حسين بن محمد بن أحمد، أبو علي المروذى، شيخ الشافعية بخراسان، له «التعليقة الكبرى» ، و «الفتاوى» وغير ذلك، تخرج عليه عدد كثير من الأئمة.

(ت 462 هـ). «سير أعلام النبلاء» (18/ 260). =

ص: 336