الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما المفاضلة بين فاطمة وأخواتها رضي الله عنهن، خاصةً زينب لورود حديث فيها، فقد سبق بيانها.
(1)
بم فضلت فاطمة رضي الله عنها وسادت على نساء هذه الأمة
؟
قال السهيلي (ت 581 هـ) رحمه الله: (وقد تَكَلَّم الناسُ في المعنى الذي سادَت به فاطمةُ غيرَها دونَ أخواتها، فقيل: إنها ولَدَت سيِّدَ هذه الأمة، وهو الحسَن، الذي يقول فيه النبي صلى الله عليه وسلم:«إنَّ ابني هذا سيِّد» .
(2)
وهو خليفة بعْلِها خليفة أيضاً.
وأحسنُ مِن هذا القول قولُ مَن قال: سادَتْ أخواتِها وأمِّها؛ لأنهنَّ مُتْنَ في حياة النبي صلى الله عليه وسلم فكُنَّ في صحيفتِه، ومات أبوها وهو سيِّد العالمين فكان رزؤه في صحيفتها وميزانها، وقد روى البزار من طريق عائشة
= وقد نقل النصَّ الأولَ عن ابنِ الملقن مختصراً: المؤرِّخُ الواعظ: عبدُالرحمن بن عبد السلام بن عبد الرحمن بن عثمان الصَّفُّوري الشافعي (ت 894 هـ) في كتابه «نزهة المجالس ومنتخب النفائس» (2/ 175).
وهذان النصان لم أجدهما إلا في هذا المصدر مِن ابن الملقن عن القاضي حسين، وهما غَريبان، لا يُتصوَّر صدورهما من عائشة وفاطمة رضي الله عنهما.
(1)
الباب الثاني: الفصل الأول: المبحث الأول: الدراسة الموضوعية.
(2)
«صحيح البخاري» رقم (2704) و (3629) و (3746) ، (7109).
أنه صلى الله عليه وسلم قال لفاطمة
(1)
: «هي خير بناتي، إنها أصيبَتْ بي» .
فحُقَّ لمن كانت هذه حاله أنْ يسودَ نساءَ أهلِ الجنة، وهذا حَسَنٌ، واللَّهُ أعلم.
ومِن سؤددها أيضاً: أن المهدي المبشَّرِ بِهِ آخر الزمان من ذُرِّيَّتِهَا، فهي مخصوصةٌ بهذا كلِّهِ .... ).
(2)
قال ابن القيم رحمه الله بعد تعداده لأولاد النبي صلى الله عليه وسلم: (وكلُّ أولادِه تُوفِّيَ قبلَه إلا فاطمة، فإنها تأخرت بعده بستة أشهر، فرفعَ اللَّهُ لها بصبرها واحتسابِها من الدرجات ما فُضِّلَتْ بِه على نساءِ العالمين.
وفاطمةُ أفضَلُ بناتِه على الإطلاق، وقيل: إنَّها أفضلُ نِسَاءِ العالمين، وقيل: بل أمُّها خديجة، وقيل: بل عائشة، وقيل: بل بالوَقْفِ في ذلك).
(3)
قال ابن الملقِّن (ت 804 هـ) رحمه الله: (قال العلماء: وفاطمةُ أفضلُ مِن أخواتها؛ لأنَّهُنَّ في ميزان النبيِّ صلى الله عليه وسلم وهُو في مِيزانها
…
).
(4)
(1)
هذا وَهْمٌ من السُّهَيلي، والصواب أنَّ الحديث في زينب، سبق تخريجه في الباب الثاني: الفصل الأول: المبحث الأول: الدراسة الموضوعية.
(2)
«الروض الأنف» (2/ 278 ـ 279)، وعنه:[الشبلي (ت 796 هـ) في «محاسن الوسائل في معرفة الأوائل» (ص 283)، والصنعاني في «التنوير شرح الجامع الصغير» للصنعاني (7/ 469)].
(3)
«زاد المعاد» (1/ 103).
(4)
«غاية السول في خصائص الرسول صلى الله عليه وسلم» لابن الملقن (ص 233).
وقال ابن حجر (ت 852 هـ) رحمه الله: (إنها رُزِئَتْ بِالنبي صلى الله عليه وسلم دون غيرها من بناته، فإنهن مُتْنَ في حياتِه فكُنَّ في صحيفته؛ وماتَ هُوَ في حياتِها فكانَ في صحِيفَتِهَا
…
).
(1)
وقال ابن حجر ـ أيضاً ـ: (
…
وأجاب مِنْ فضَّلَ الزَّهراء رضي الله عنها بأنها امتازت عن أخواتها بأنهنَّ مُتْنَ في حياته صلى الله عليه وسلم، فكنَّ في صحيفته، ومات النبي صلى الله عليه وسلم في حياة الزَّهراء، فكانَ في صحيفتها، ولا يُقدَّرُ قدرُ ذلك، فقد جاء عنه صلى الله عليه وسلم أنَّ المسلمين لم يُصابوا مثل مصابهم، فمَن وقع له ذلك وصبرَ واحتسَبَ؛ حصلَ له مِنَ الأجرِ بقَدْر مُصابه، والمصابُ به لا يُقدَّر قدرُه، فانفرَدَتْ الزَّهراءُ رضي الله عنها دُون سائر بناته، فامتازَت بذلك بأن بشَّرَها في مرضِ مَوته بأنَّها سيِّدةُ نساءِ أهلِ الجنَّة، أي: مِنْ أهلِ هذه الأمَّة المحمدية، وبأنها أولُ أهلِه لُحوقَاً به.
وقدِ انضافَ إلى فاطمةَ رضي الله عنها مِنْ هذا الجنس ما امتازَتْ به على أمهات المؤمنين اللاتي مَات النبيُّ صلى الله عليه وسلم وهُنَّ موجودات، لأنَّ مصيبتهن به في صحائفهنَّ، وذلك أنَّها أُصيبت أولاً بأمِّها خديجة رضي الله عنها، والمصابُ بها عظيمٌ جدَاً، لأنَّها أفضلُ أمَّهات المؤمنين، لأنها أولُ مَنْ أسلمَ مطلقًا وأوَّلُ مَنْ نصرَ دين الإسلام مِنَ النِّساء، فلها مِنْ كلِّ مَنْ شاركها في
(1)
«فتح الباري» (7/ 105).
شيءٍ مِنْ ذلك بعد ذلك مِنَ الأجر مثلُ ما لهُ.
ويُعْرَفُ بذلك أنَّ الذي يتحصَّلُ لها مِنَ الأجور لا يُعرف، ويَدخُلُ في عموم مَنْ جاء بعدها عائشة وغيرُها مِنْ أمَّهات المؤمنين، فمهما فُرِضَ لعائشة رضي الله عنها مِنَ الأجر يكونُ لخديجة رضي الله عنها نظيرُه، فلا يحصُلُ لامرأةٍ مِنْ هذه الأمة كفضل خديجة رضي الله عنها.
وقد أصيبت فاطمةُ رضي الله عنها بها، لكنَّه شارَكها في ذلك أخواتها، ثم سكَنَتْ فاطمةُ إلى أخواتها رضي الله عنهن وأكبَرُهُنَّ زينب، فماتت فثكلَتها فاطمةُ، وكذا ماتت رقيَّةُ وأمُّ كلثوم رضي الله عنهما، فكُنَّ جميعَاً في صحيفةِ
…
فاطمةَ رضي الله عنها.
ثم مع فقدها مَنْ كانت تُسَرُّ به مِنْ أمِّها وأخواتها، ثكلَت والدها عليه الصلاة والسلام، فلم يَبْقَ بعدَه مِنْ ذلك النوع ما تُسَرُّ به، فلذلك كمِدَتْ ولم تَعِشْ بعده صلى الله عليه وسلم إلا ستَّةَ أشهرٍ على الصَّحيح.
فإذا عُرِفَ قدرُ ما حصل لها مِنْ ذلك، عُرِفَ أنَّه لا يُقَدَّرُ قَدْرُهُ، فما يشارِكُهَا غيرُها فيما حصَلَ لها مِنَ الأجُور عن ذلك؛ فلِذلِكَ اختُصَّتْ بما اختُصَّتْ به.
ثمَّ إنَّ ما لم يحصُل بها مِنَ الانتفاع بالعلم لم يكن مِنْ تقصيرها، بل لسُرعة انتقالها بعدَهُ صلى الله عليه وسلم، وجَازَ أنَّها لو عَاشَتْ مثلًا، لانتَشَرَ عنها
مِنْ ذلك قدر ما انتشر عَنْ غيرها، واللَّه أعلم).
(1)
جاء في «فتاوى اللجنة الدائمة للإفتاء في المملكة العربية السعودية»
…
ـ بعد جواب ـ:
(الخلاصة: أنَّ مريمَ عليها السلام هي أفضلُ النساء مطلقاً، فالآيةُ على عُمُومِهَا
(2)
، إلا في حقِّ فاطمة بنت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ففيها الاحتمالان: إما أنْ تكونَ مريمُ أفضل، وإما أنْ يكونا على السَّوَاء، واللَّهُ الموفِّق).
(3)
الخلاصة: أنَّ فاطمة رضي الله عنها سيدة نساء هذه الأمة المحمدية، وسيدة نساء أهل الجنة بعد مريم بنت عمران عليها السلام.
والتفضيل بين السيدات الخمسة: مريم، خديجة، فاطمة، عائشة، آسية، أمْرٌ نِسْبِيٌّ، مختلَفٌ فِيه بين العلماء، ولكُلِّ مِنهُنَّ فَضْلٌ سَبَقَتْ به غيرها، فالصوابُ التفصِيلُ عَلى ما ذكَرَهُ ابنُ تَيميةَ وابنُ القيم ـ كما سبق ـ.
(1)
«الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر» للسخاوي (2/ 932 ـ 933).
(2)
(3)
«فتاوى اللجنة الدائمة» (2/ 473). بتوقيع: ابن باز، وآل الشيخ، والفوزان، والغديان، وبكر أبو زيد.