المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قوله: {باب القياس} - التحبير شرح التحرير - جـ ٧

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌قَوْله: {بَاب الْقيَاس}

- ‌ قَالَ: " من مَاتَ يُشْرك بِهِ شَيْئا دخل النَّار، وَقلت أَنا: وَمن مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة ".وَفِي بعض أصُول مُسلم رُوِيَ عَن النَّبِي

- ‌قَوْله: {فصل} {شَرط حكم الأَصْل كَونه إِن استلحق شَرْعِيًّا} .وَذَلِكَ لِأَنَّهُ الْقَصْد من الْقيَاس الشَّرْعِيّ.قَالَ فِي " الرَّوْضَة ": (والعقلي ومسائل الْأُصُول قَطْعِيَّة لَا تثبت بظني، وَكَذَا لَا يثبت بِهِ أصل الْقيَاس، وأصل خبر الْوَاحِد) انْتهى.قَالَ الْجُمْهُور: من شَرط

- ‌ لَا تَبِيعُوا الطَّعَام بِالطَّعَامِ إِلَّا يدا بيد سَوَاء بِسَوَاء

- ‌ إِنَّهَا من الطوافين "، أَو مجمعا على جَوَاز الْقيَاس عَلَيْهِ

- ‌ إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ فليتحالفا وليترادا)

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ دون غَيره، فَلَا يُعلل بِهِ.مِثَاله: الشّرف والخسة فِي [الْكَفَاءَة] وَعدمهَا، فَإِن الشّرف يُنَاسب التَّعْظِيم وَالْإِكْرَام، والخسة تناسب ضد ذَلِك فيعلل بِهِ بِالشّرطِ الْمُتَقَدّم. وَتَكون الْعلَّة أَيْضا وَصفا لغويا، مِثَاله: تَعْلِيل تَحْرِيم النَّبِيذ لِأَنَّهُ يُسمى خمرًا فَحرم كعصير

- ‌ إِنَّمَا ذَلِك عرق "، مَعَ

- ‌(قَوْله [فصل] )

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ بعد مَا أمره بالاستنجاء بِثَلَاثَة أَحْجَار: " وَلَا يستنجي برجيع وَلَا عظم "، فَدلَّ على أَنه أَرَادَ أَولا الْأَحْجَار وَمَا فِي مَعْنَاهَا، وَإِلَّا لم يكن فِي النَّهْي عَن الرجيع والعظم فَائِدَة. وَأما إِذا عَادَتْ عَلَيْهِ بالتخصيص فللعلماء فِيهِ قَولَانِ.قَالَ ابْن مُفْلِح: " وَإِن عَادَتْ

- ‌ لَا يقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان " أَن الْعلَّة تشويش الْفِكر، فيتعدى إِلَى كل مشوش من شدَّة فَرح وَنَحْوه.الْعجب من قَول القَاضِي أبي الطّيب الطَّبَرِيّ: أَجمعُوا على أَنه لَيْسَ لنا عِلّة تعود على أَصْلهَا بالتعميم إِلَّا هَذَا الْمِثَال، وَذَلِكَ جَائِز بِالْإِجْمَاع.فقد وجد من ذَلِك

- ‌ أَيّمَا امْرَأَة نكحت نَفسهَا بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل ".وَمِثَال مُخَالفَة الْإِجْمَاع: أَن يُقَال: مُسَافر فَلَا تجب عَلَيْهِ الصَّلَاة فِي السّفر، قِيَاسا على صَوْمه فِي عدم الْوُجُوب فِي السّفر بِجَامِع الْمَشَقَّة.فَيُقَال: هَذِه الْعلَّة مُخَالفَة، الْإِجْمَاع على عدم اعْتِبَارهَا فِي

- ‌[قَوْله] : (فصل))

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ مِنْهَا مَا هُوَ مُقَارن لنبوته، وَمِنْهَا مَا هُوَ بعد ذَلِك.وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: إِنَّمَا يشْتَرط هَذَا إِذا كَانَ طَرِيق حكم الْفَرْع مُتَعَيّنا فِي استناده للْأَصْل.وَقَالَ ابْن الْحَاجِب تبعا للآمدي: لَا يمْتَنع أَن يكون إلزاما للخصم.قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَلَا يخفى مَا فِي

- ‌(قَوْله: [مسالك الْعلَّة] )

- ‌ إِنَّمَا جعل الاسْتِئْذَان من أجل الْبَصَر " مُتَّفق عَلَيْهِ. وَقَوله

- ‌ لما ألْقى الروثة: " إِنَّهَا رِجْس "، وَقَوله

- ‌ فِي الشُّهَدَاء: " زملوهم بكلومهم وَدِمَائِهِمْ، فَإِنَّهُم يبعثون يَوْم الْقِيَامَة وأوداجهم تشخب دَمًا ".فَهَذَا كُله صَرِيح فِي التَّعْلِيل عِنْد القَاضِي، وَأبي الْخطاب، والآمدي، وَابْن الْحَاجِب، وَغَيرهم، خُصُوصا فِيمَا لحقته الْفَاء كَمَا تقدم.فَإِنَّهُ يبْعَث ويبعثون، فَإِنَّهَا

- ‌ فَسجدَ " كَقَوْل عمرَان بن حُصَيْن: " سَهَا رَسُول اللَّهِ

- ‌ بِكَذَا وَنهى عَن كَذَا، يعْمل بِهِ حملا على الرّفْع لَا على الِاجْتِهَاد. إِذا علم ذَلِك: فَإِذا رتب الشَّارِع حكما عقب اوصف بالفاءء كَمَا تقدم من الْأَمْثِلَة إِذْ الْفَاء للتعقيب، فتفيد تعقيب الحكم الْوَصْف وَأَنه سَببه، إِذْ السَّبَب مَا ثَبت الحكم عقبه، وَلِهَذَا تفهم السببيه مَعَ عدم

- ‌ من اتخذ كَلْبا إِلَّا كلب مَاشِيَة أَو صيد نقص من أجره

- ‌ لما سُئِلَ عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ " أينقص إِذا يبس؟ قَالُوا: نعم، فَنهى عَنهُ ".وَالثَّانِي: كَقَوْلِه

- ‌ وَقد سُئِلَ عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ: " أينقص إِذا يبس؟ قَالُوا: نعم، قَالَ: فَلَا إِذا "، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ، وَالنَّسَائِيّ، وَابْن مَاجَه، وَابْن خُزَيْمَة، وَالْحَاكِم.فَلَو لم يكن تَقْدِير نُقْصَان الرطب بالجفاف لأجل التَّعْلِيل لَكَانَ تَقْدِيره بَعيدا؛ إِذْ لَا فَائِدَة

- ‌ أَرْكَان الْقيَاس كلهَا.وَنَحْو ذَلِك فِي " الصَّحِيحَيْنِ ": " جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول اللَّهِ

- ‌ إِن أُمِّي نذرت أَن تحج فَلم تحج حَتَّى مَاتَت أفأحج عَنْهَا؟ قَالَ: حجي عَنْهَا، أَرَأَيْت لَو كَانَ على أمك دين أَكنت قاضيته، قَالَت: نعم، قَالَ: اقضوا اللَّهِ فَالله أَحَق بِالْوَفَاءِ " مُتَّفق عَلَيْهِ، وتابعناه فِي التَّمْثِيل بذلك، وَالْكل صَحِيح وَفِي الصَّحِيح.وَذكر أَبُو الْخطاب

- ‌ توهمه بالمضمضة؛ لِأَن ذَلِك تَعْلِيل لمنع الْإِفْسَاد.قَوْله: [وَمِنْهَا أَن يفرق

- ‌ للراجل سهم وللفارس سَهْمَان

- ‌ إِذا اخْتلفت هَذِه الْأَجْنَاس فبيعوا كَيفَ شِئْتُم إِذا كَانَ يدا بيد

- ‌ لَا يقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان رَوَاهُ الشَّافِعِي بِلَفْظ: " لَا يحكم الْحَاكِم أَو لَا يقْضِي بَين اثْنَيْنِ "، وَرَوَاهُ أَصْحَاب الْكتب بِلَفْظ: " لَا يقضين حَاكم بَين اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَان ".فالآية إِنَّمَا سيقت لبَيَان أَحْكَام الْجُمُعَة لَا لبَيَان أَحْكَام البيع، فَلَو لم يُعلل النَّهْي عَن البيع

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ ".وَقَالَ النَّبِي

- ‌ يَا أنس كتاب اللَّهِ الْقصاص

- ‌ كَالرَّاعِي يرْعَى حول الْحمى يُوشك أَن يرتع فِيهِ "، ثمَّ قَالَ: " أَلا وَإِن حمى اللَّهِ مَحَارمه

- ‌ بعثوا لتَحْصِيل / مصَالح الْعباد، فَيعلم ذَلِك بالاستقراء، فمهما وجدنَا مصلحَة غلب على الظَّن أَنَّهَا مَطْلُوبَة للشَّرْع، فنعتبرها؛ لِأَن الظَّن منَاط الْعَمَل.وَقَالَ الْقَرَافِيّ: الْمصَالح بِالْإِضَافَة إِلَى شَهَادَة الشَّرْع لَهَا بِالِاعْتِبَارِ ثَلَاثَة أَقسَام:مَا شهد الشَّرْع

- ‌[فصل] )

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌(قَوْله: (فصل))

- ‌(قَوْله: (فصل))

- ‌(قَوْله: (فَوَائِد))

- ‌ إِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم "، فَيعْتَبر الْأَمر فِي كل طائف

- ‌ من أعتق شركا لَهُ فِي عبد، وَكَانَ لَهُ مَال يبلغ ثمن العَبْد قوم عَلَيْهِ قيمَة عدل…... الحَدِيث ".، فَإنَّا نقطع بِعَدَمِ اعْتِبَار الشَّارِع الذُّكُورَة وَالْأُنُوثَة فِيهِ.وَمثل قَوْله

- ‌(قَوْله (فصل))

- ‌ إِذا اجْتهد

- ‌ عهد إِلَيْنَا فِيهِنَّ عهدا ننتهي إِلَيْهِ: الْجد، والكلالة، وأبواب من أَبْوَاب الرِّبَا ".وَصَحَّ عَن [ابْن] عمر: " أجرؤكم على الْجد أجرؤكم على جَهَنَّم "، وَصَحَّ عَن ابْن الْمسيب، عَن عمر وَعلي، وَرَوَاهُ سعيد فِي " سنَنه

- ‌ بَيَان على وَفقه مَعَ عُمُوم الْحَاجة إِلَيْهِ فِي زَمَانه وَعُمُوم الْحَاجة إِلَى خِلَافه، هَل يعْمل بذلك الْقيَاس؟ فِيهِ خلاف وَذكر لَهُ صورا:مِنْهَا: ضَمَان الدَّرك وَهُوَ مِثَال للشق الثَّانِي من الْمَسْأَلَة.وَمِنْهَا وَهُوَ مِثَال الأول: صَلَاة الْإِنْسَان على من مَاتَ من الْمُسلمين فِي مَشَارِق

- ‌ للَّذي أَرَادَ الانتفاء من وَلَده لمُخَالفَة لَونه: " لَعَلَّه نَزعه عرق " وَهَذَا قِيَاس لجَوَاز مُخَالفَة الْوَلَد للوالد فِي

- ‌(قَوْله (فصل))

- ‌(قَوْله: (فصل القوادح)

- ‌ رخص فِي السّلم ".أما مُخَالفَة الْإِجْمَاع فكقول حَنَفِيّ: لَا يجوز للرجل أَن يغسل امْرَأَته؛ لِأَنَّهُ يحرم النّظر إِلَيْهَا كالأجنبية.فَيُقَال: هَذَا فَاسد الِاعْتِبَار لمُخَالفَة الْإِجْمَاع السكوتي، وَهُوَ أَن عليا غسل فَاطِمَة

- ‌ فَدلَّ على أَن رُتْبَة الْقيَاس بعد النَّص. وَلِأَن الظَّن الْمُسْتَفَاد من النَّص أقوى من الظَّن الْمُسْتَفَاد من الْقيَاس

- ‌ بِخِلَاف غَيرهمَا فَإِن

- ‌ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل المبدلين، لَكِن نحتج بِهِ على أهل الْكتاب لتصديقهم بِهِ. انْتهى.قَوْله: (وَإِن نقض أَحدهمَا عِلّة الآخر بِأَصْل نَفسه لم يجز عِنْد أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيَّة، وَقيل: بلَى، وَقَالَ الشَّيْخ: هُوَ كقياسه على أصل نَفسه) .لَو نقض الْمُعْتَرض أَو الْمُسْتَدلّ عِلّة

- ‌ فِي الْأَصَح، وَلَا بِرُخْصَة ثَابِتَة على خلاف مُقْتَضى الْقيَاس، وَلَا بموضوع اسْتِحْسَان عِنْد أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيَّة، وَعند الشَّيْخ: تنْتَقض المستنبطة إِن لم يبين مَانِعا) .قَالَ ابْن مُفْلِح: (وَفِي قبُول النَّقْض بالمنسوخ وبخاص بِالنَّبِيِّ

- ‌ وَكَانَ حِينَئِذٍ مَوْزُونا.وَمِنْهَا: الْمُطَالبَة بِكَوْن وصف الْمعَارض مؤثرا.يُقَال: وَلم قلت: إِن الْكَيْل مُؤثر وَهَذَا إِنَّمَا يسمع من الْمُسْتَدلّ إِذا كَانَ مثبتا للعلية بالمناسبة أَو الشّبَه، حَتَّى يحْتَاج الْمعَارض فِي معارضته إِلَى بَيَان مُنَاسبَة أَو شبه، بِخِلَاف مَا إِذا أثْبته

- ‌ الْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ

- ‌ بِلَا كَيفَ وَلَا شرح، وَلَا يُقَال:

الفصل: ‌قوله: {باب القياس}

‌قَوْله: {بَاب الْقيَاس}

{لُغَة: التَّقْدِير والمساواة} .

لما فَرغْنَا من المباحث الْمُتَعَلّقَة بِالْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع، شرعنا فِي الْقيَاس ومباحثه، وَهُوَ ميزَان الْعُقُول، قَالَ الله:{لقد أرسلنَا رسلنَا بِالْبَيِّنَاتِ وأنزلنا مَعَهم الْكتاب وَالْمِيزَان ليقوم النَّاس بِالْقِسْطِ} [الْحَدِيد: 25] .

وَالْقِيَاس فِي اللُّغَة: التَّقْدِير والمساواة، يُقَال: قَاس [النَّعْل بالنعل]، أَي: حاذاه وساواه، وَتقول: قست الثَّوْب بالذراع، أَي: قدرته بِهِ، وقست الْجراحَة بالمسبار، وَهُوَ شَيْء يشبه الْميل، يعرف بِهِ عمق الْجرْح.

وَتقول: قست الشَّيْء بِغَيْرِهِ وعَلى غَيره.

تَقول: قست أَقيس وأقوس، قيسا وقوساً وَقِيَاسًا فِي اللغتين، إِذا قدرته على مِثَاله، أَي: يُقَال بِالْيَاءِ وبالواو، فَيُقَال على اللُّغَة بِالْوَاو: قِيَاسا أَيْضا كلغة الْيَاء، لِأَن أَصله قواساً، لَكِن لما انْكَسَرَ مَا قبل الْوَاو قلبت يَاء كقيام، وَصِيَام، وصيال إِذْ أَصله الْوَاو.

ص: 3115

وَيُقَال فيهمَا: قيس رمح، وقاس رمح، أَي: قدر رمح.

وَإِنَّمَا قيل فِي الشَّرْع: قَاس عَلَيْهِ ليدل على الْبناء، فَإِن انْتِقَال الصِّلَة للتضمين، فَكَأَنَّهُ قَالَ: بني عَلَيْهِ.

فَالْقِيَاس فِي اللُّغَة يدل على معنى التَّسْوِيَة على الْعُمُوم، لِأَنَّهُ نِسْبَة وَإِضَافَة بَين شَيْئَيْنِ، وَلِهَذَا يُقَال: فلَان يُقَاس بفلان وَلَا يُقَاس بفلان، أَي: يُسَاوِي فلَانا وَلَا يُسَاوِي فلَانا.

وَأما فِي الِاصْطِلَاح: فَيدل على تَسْوِيَة خَاصَّة بَين الأَصْل وَالْفرع، فَهُوَ [كتخصيص] لفظ الدَّابَّة بِبَعْض مسمياتها، فَهُوَ حَقِيقَة عرفية مجَاز

ص: 3116

لغَوِيّ، [قَالَه] الطوفي فِي " شَرحه " وَغَيره.

قَوْله: {وَاصْطِلَاحا} ، أَي: فِي اصْطِلَاح عُلَمَاء الشَّرِيعَة.

اخْتلف الْعلمَاء فِي تَعْرِيفه اخْتِلَافا كثيرا جدا، وَقل أَن يسلم / مِنْهَا تَعْرِيف.

فَقَالَ القَاضِي، وَأَبُو الْخطاب، وَابْن الْبَنَّا: هُوَ رد فرع إِلَى أَصله بعلة جَامِعَة.

وَفِي " التَّمْهِيد " أَيْضا: تَحْصِيل حكم الأَصْل فِي الْفَرْع لاشتباههما فِي عِلّة الحكم، وَاخْتَارَهُ أَبُو الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ.

ص: 3117

قَالَ ابْن مُفْلِح: وَمرَاده تَحْصِيل مثل حكم الأَصْل، وَمَعْنَاهُ فِي " الْوَاضِح "، وَقَالَ: إِنَّه أَسد مَا رَآهُ.

قَالَ ابْن مُفْلِح: لَكِن هُوَ نتيجة الْقيَاس لَا نَفسه. انْتهى.

وَذَلِكَ كرد النَّبِيذ إِلَى الْخمر فِي التَّحْرِيم بعلة الْإِسْكَار، [ونعني] بِالرَّدِّ: الْإِلْحَاق والتسوية بَينهمَا فِي الحكم.

وَقَرِيب مِنْهُ مَا قَالَه الْمُوفق، والطوفي، وَغَيرهمَا: حمل فرع على أصل فِي حكم بِجَامِع [بَينهمَا] .

ص: 3118

فَإنَّا نحمل النَّبِيذ على الْخمر فِي التَّحْرِيم بِجَامِع الْإِسْكَار، فالحمل هُوَ الْإِلْحَاق والتسوية بَينهمَا فِي الحكم كَمَا تقدم.

فالجامع بَينهمَا هُوَ عِلّة حكم الأَصْل وَهُوَ التَّحْرِيم بِجَامِع الْإِسْكَار، وَهُوَ الْوَصْف الْمُنَاسب لِأَن يَتَرَتَّب عَلَيْهِ الحكم فِي نظر الشَّارِع.

وَهُوَ هُنَا الْإِسْكَار الَّذِي هُوَ عِلّة تَحْرِيم الْخمر.

لَا يُقَال: الأَصْل وَالْفرع لَا يعرفان إِلَّا بعد معرفَة حَقِيقَة الْقيَاس، فَأَخذهُمَا فِي تَعْرِيفه دور.

لأَنا نقُول: إِنَّمَا نعني بالفرع صُورَة أُرِيد إلحاقها بِالْأُخْرَى فِي الحكم، لوُجُود الْعلَّة الْمُوجبَة للْحكم فيهمَا، وبالأصل: الصُّورَة الملحق

ص: 3119

بهَا، فَلَا يلْزم دور من كَون لفظ الْفَرْع وَالْأَصْل، يشْعر أَن لَا يكون هَذَا فرع وَذَاكَ أصل، إِلَّا أَن يكون هَذَا مقيساً على ذَلِك.

وَقَالَ ابْن الْمَنِيّ، وَابْن حمدَان: مُسَاوَاة مَعْلُوم لمعلوم فِي مَعْلُوم ثَالِث، يلْزم من ماواة الثَّانِي للْأولِ فِيهِ مساواته فِي حكمه.

قَالَ ابْن مُفْلِح: " وَهُوَ معنى من قَالَ مُسَاوَاة فرع لأصل فِي عِلّة حكمه ". انْتهى.

وَهُوَ قريب أَيْضا من الأول فَإِن مُرَاده بمساواة [مَعْلُوم] : الْفَرْع، وَمرَاده " لمعلوم ": الأَصْل، وَمرَاده " فِي مَعْلُوم ": الْإِسْكَار مثلا، فَيلْزم على ذَلِك الْمُسَاوَاة فِي الحكم.

وَقَالَ الباقلاني وَمن تبعه: حمل مَعْلُوم على مَعْلُوم فِي إِثْبَات حكم لَهما أَو نَفْيه عَنْهُمَا بِأَمْر / جَامع بَينهمَا من إِثْبَات حكم أَو صفة أَو نفيهما.

وَتَبعهُ على ذَلِك أَكثر الشَّافِعِيَّة.

لَكِن رد: بِأَن المُرَاد من " الْحمل " إِثْبَات الحكم وَهُوَ ثَمَرَة الْقيَاس.

ص: 3120

ورد أَيْضا: بِأَن قَوْله: " فِي إِثْبَات حكم لَهما " يشْعر بِأَن الحكم فِي الأَصْل وَالْفرع بِالْقِيَاسِ.

وَبِأَن قَوْله: " بِجَامِع " كَاف، لِأَنَّهُ الْمُعْتَبر فِي مَاهِيَّة الْقيَاس لَا أقسامه.

وَأجَاب الْآمِدِيّ عَن الأول: بِالْمَنْعِ لما علم مِمَّا يتركب مِنْهُ الْقيَاس، وَعَن الثَّانِي: بِأَنَّهُ زِيَادَة إِيضَاح، وَلَا يلْزم مِنْهُ ذكر أَقسَام الحكم وَالصّفة لعدم وُجُوبه.

قَالَ: لَكِن يرد إِشْكَال لَا محيص عَنهُ، وَهُوَ: أَنه أَخذ فِي الْحَد ثُبُوت حكم الْفَرْع، وَهُوَ فرع الْقيَاس، وَهُوَ دور.

ص: 3121

ورد ذَلِك: بِأَن الْمَحْدُود الْقيَاس الذهْنِي، وَثُبُوت [حكم] الْفَرْع الذهْنِي، والخارجي لَيْسَ فرعا للْقِيَاس الذهْنِي.

وَقَالَ الْبرمَاوِيّ: " وَأورد الْآمِدِيّ عَلَيْهِ أَن، إِثْبَات الحكم هُوَ أثر الْقيَاس وناشئ عَنهُ، وَأَخذه فِي تَعْرِيفه، وتوقفه عَلَيْهِ دور ".

وَضَعفه الْهِنْدِيّ: بِأَن الْمَأْخُوذ فِي التَّعْرِيف إِثْبَات، وَالَّذِي هُوَ أثر الْقيَاس ومتفرع عَنهُ الثُّبُوت لَا الْإِثْبَات وَنَحْوه من الْحمل.

قَالَ الْبرمَاوِيّ: " قلت: وَفِيه نظر، فَإِن الْقيَاس لَا يثبت حكما إِنَّمَا يظهره بقياسه، إِلَّا أَن يُقَال: إِنَّه على كل حَال غير الثُّبُوت ". انْتهى.

وَقَالَ الطوفي: " وزيف بِأَن قَوْله " فِي إِثْبَات حكم لَهما " غير صَحِيح، لِأَن الْقيَاس لَا يطْلب بِهِ معرفَة حكم الأَصْل، إِذْ حكمه مَعْلُوم، وَإِنَّمَا يطْلب بِهِ حكم الْفَرْع ". انْتهى.

ص: 3122

وَقَالَ الْآمِدِيّ: اسْتِوَاء فرع وأصل فِي عِلّة مستنبطة [من] حكم الأَصْل فَيحْتَاج: " أَو غَيرهَا ".

وَمن صوب كل مُجْتَهد زَاد: فِي نظر الْمُجْتَهد.

قَالَ القَاضِي عضد الدّين: " وَاعْلَم أَن المُرَاد بالمساواة الْمَذْكُورَة فِي الْحَد: الْمُسَاوَاة فِي نفس الْأَمر، فَيخْتَص بِالْقِيَاسِ الصَّحِيح، وَهَذَا عِنْد من يثبت مَا لَا مُسَاوَاة فِيهِ فِي نفس الْأَمر: قِيَاسا فَاسِدا.

وَأما المصوبة وهم الْقَائِلُونَ: بِأَن كل مُجْتَهد مُصِيب، فَالْقِيَاس الصَّحِيح عِنْدهم: مَا حصلت فِيهِ الْمُسَاوَاة فِي / نظر الْمُجْتَهد، سَوَاء [ثبتَتْ] فِي نفس الْأَمر أم لَا، حَتَّى لَو تبين غلطه وجوب الرُّجُوع عَنهُ، فَإِنَّهُ لَا يقْدَح فِي صِحَّته عِنْدهم، بل ذَلِك انْقِطَاع [لحكمه] لدَلِيل آخر حدث وَكَانَ قبل حُدُوثه الْقيَاس الأول صَحِيحا وَإِن زَالَ صِحَّته، بِخِلَاف المخطئة فَإِنَّهُم لَا يرَوْنَ مَا ظهر غلطه وَالرُّجُوع عَنهُ مَحْكُومًا بِصِحَّتِهِ إِلَى زمَان ظُهُور غلطه، بل كَانَ فَاسِدا وَتبين فَسَاده، فَإِذا لَا يشْتَرط] المصوبة الْمُسَاوَاة إِلَّا فِي نظر

ص: 3123

الْمُجْتَهد، فحقهم أَن يَقُولُوا: هُوَ مُسَاوَاة فرع الأَصْل فِي نظر الْمُجْتَهد، هَذَا إِذا حددنا الْقيَاس الصَّحِيح. وَلَو أردنَا دخلو الْقيَاس الْفَاسِد مَعَه فِي الْحَد لم نشترط الْمُسَاوَاة لَا فِي نفس الْأَمر وَلَا فِي نظر الْمُجْتَهد وَقُلْنَا بدلهَا: إِنَّه تَشْبِيه فرع بِالْأَصْلِ، لِأَنَّهُ قد يكون مطابقاً لحُصُول الشّبَه وَقد لَا يكون لعدمه، وَقد يكون الْمُشبه يرى ذَلِك وَقد لَا يرَاهُ ". انْتهى.

وَقيل: الْقيَاس إصابه الْحق.

وَقيل: بذل الْمُجْتَهد فِي استخراجه.

وَقيل: الْعلم عَن نظر.

وتبطيل ذَلِك بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاع.

وَبِأَن إِصَابَة الْحق، وَالْعلم، فرع الْقيَاس وثمرته مَعَ أَن أَكْثَره ظن والبذل حَال القائس.

وَقَالَ أَبُو هَاشم: حمل الشَّيْء على غَيره بإجراء حكمه عَلَيْهِ

وَزَاد عبد الْجَبَّار: بِضَرْب من الشّبَه.

ص: 3124

وأبطل: بِخُرُوج قِيَاس فَرعه مَعْدُوم مُمْتَنع لذاته فَإِنَّهُ لَيْسَ بِشَيْء وَيحْتَاج الأول لجامع.

وَقيل: إِثْبَات مثل حكم فِي غير مَحَله لمقْتَضى مُشْتَرك.

كإثبات مثل تَحْرِيم الْخمر فِي النَّبِيذ، وَهُوَ غير مَحل النَّص على التَّحْرِيم إِذْ مَحَله الْخمر لعِلَّة الْإِسْكَار، وَهُوَ الْمُقْتَضِي للتَّحْرِيم الْمُشْتَرك بَين الْخمر والنبيذ.

وَقيل: تَعديَة حكم الْمَنْصُوص عَلَيْهِ إِلَى غَيره بِجَامِع. كتعدية تَحْرِيم الْخمر الْمَنْصُوص عَلَيْهِ إِلَى النَّبِيذ الَّذِي لم ينص على تَحْرِيمه للجامع الْمَذْكُور الْمُشْتَرك. وَالْحُدُود لذَلِك كَثِيرَة قل أَن يسلم مِنْهَا حد، وحاصلها يرجع إِلَى اعْتِبَار الْفَرْع الأَصْل فِي حكمه وَالْحكم.

قَوْله: {تَنْبِيه: لم يرد بِالْحَدِّ قِيَاس الدّلَالَة وَهُوَ الْجمع بَين أصل وَفرع بِدَلِيل الْعلَّة كالجمع بَين الْخمر والنبيذ بالرائحة الدَّالَّة على الشدَّة المطربة.

وَلَا قِيَاس الْعَكْس: وَهُوَ تَحْصِيل نقيض حكم الْمَعْلُوم فِي غَيره لافتراقهما فِي عِلّة الحكم، مثل: لما وَجب الصَّوْم فِي الِاعْتِكَاف بِالنذرِ وَجب بِغَيْر نذر، عَكسه الصَّلَاة لما تجب فِيهِ بِالنذرِ لم تجب بِغَيْر نذر.

ص: 3125

وَقيل: بلَى، وَقيل: ليسَا بِقِيَاس}

قَالَ ابْن حمدَان فِي " الْمقنع " وَغَيره: الْمَحْدُود هُنَا هُوَ قِيَاس الطَّرْد فَقَط.

وَقَالَ القَاضِي عضد الدّين وَغَيره: (الْقيَاس الْمَحْدُود هُوَ قِيَاس الْعلَّة) انْتهى.

قَالَ الْآمِدِيّ فِي " الْمُنْتَهى " الْقيَاس [فِي] اصْطِلَاح الْأُصُولِيِّينَ يَنْقَسِم إِلَى قِيَاس الْعَكْس وَحده بِالْحَدِّ الْمَذْكُور، وَإِلَى قِيَاس الطَّرْد هُوَ: عبارَة عَن الاسْتوَاء بَين الْفَرْع وَالْأَصْل فِي الْعلَّة المستنبطة من حكم الأَصْل.

وَقَالَ ابْن مُفْلِح: " وَقِيَاس الدّلَالَة لم يرد بِالْحَدِّ.

وَقيل: لَيْسَ بِقِيَاس حَقِيقَة.

وَقيل: دَاخل لتَضَمّنه الْمُسَاوَاة فِي الْعلَّة كالجمع بَين الْخمر والنبيذ بالرائحة الدَّالَّة على الشدَّة المطربة.

ص: 3126

وَقِيَاس الْعَكْس لم يرد بِالْحَدِّ.

وَقيل: لَيْسَ بِقِيَاس حَقِيقَة.

وَفِي " التَّمْهِيد ": لَا يُسمى قِيَاسا لاخْتِلَاف الحكم وَالْعلَّة.

قَالَ: وَسَماهُ بعض الْحَنَفِيَّة قِيَاسا مجَازًا.

قَالَ: وحد أَبُو الْحُسَيْن الْبَصْرِيّ الْقيَاس بِحَدّ يشْتَمل على قِيَاس الطَّرْد وَالْعَكْس، فَقَالَ: الْقيَاس إِثْبَات الحكم فِي الشَّيْء بِاعْتِبَار تَعْلِيل غَيره، لِأَن الطَّرْد يثبت فِيهِ الحكم [فِي] الْفَرْع بِاعْتِبَار تَعْلِيل الأَصْل، وَالْعَكْس يعْتَبر فِيهِ تَعْلِيل الأَصْل لينتفي حكمه عَن الْفَرْع لافتراقهما فِي الْعلَّة فَيكون حد قِيَاس الطَّرْد مَا ذكرنَا أَولا، وحد قِيَاس الْعَكْس: هُوَ إِثْبَات نقيض حكم الشَّيْء فِي غَيره لافتراقهما فِي عِلّة الحكم " انْتهى.

ص: 3127

وَلَكِن الأولى فِي حد الْعَكْس مَا ذَكرْنَاهُ فِي الْمَتْن تبعا للآمدي وَبَعض أَصْحَابنَا. قَالَ ابْن مُفْلِح: وَهُوَ أولى.

وَقيل: قِيَاس الْعَكْس دَاخل فِي حد الْقيَاس، لِأَن الْقَصْد مُسَاوَاة الِاعْتِكَاف بِغَيْر نذر الصَّوْم فِي اشْتِرَاط الصَّوْم لَهُ بِنذر الصَّوْم، بِمَعْنى لَا فَارق بَينهمَا.

أَو بالسبر / فَيُقَال: الْمُوجب للصَّوْم الِاعْتِكَاف لَا نَذره بِدَلِيل الصَّلَاة، فَالصَّلَاة ذكرت لبَيَان إِلْغَاء النّذر، فَالْأَصْل اعْتِكَاف بِنذر صَوْم، وَالْفرع بِغَيْر نَذره، وَالْحكم اشْتِرَاطه، وَالْعلَّة الِاعْتِكَاف، أَو أَن الْقَصْد قِيَاس الصَّوْم بِنذر على الصَّلَاة بِنذر، فَيُقَال بِتَقْدِير عدم وجوب الصَّوْم فِي الِاعْتِكَاف لَا يجب فِيهِ بِنذر كَصَلَاة، وَالْعلَّة: أَنَّهُمَا عبادتان.

قَالَ الْبرمَاوِيّ: فِي حجية قِيَاس الْعَكْس، خلاف وَكَلَام الشَّيْخ أبي حَامِد يَقْتَضِي الْمَنْع، لَكِن الْجُمْهُور على خِلَافه.

ص: 3128

قَالَ أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ فِي " الملخص ": " اخْتلف أَصْحَابنَا فِي الِاسْتِدْلَال بِهِ على وَجْهَيْن، أصَحهمَا - وَهُوَ الْمَذْهَب - أَنه يَصح، اسْتدلَّ بِهِ الشَّافِعِي فِي عدَّة مَوَاضِع.

وَالدَّلِيل عَلَيْهِ: أَن الِاسْتِدْلَال بِالْعَكْسِ اسْتِدْلَال بِقِيَاس مَدْلُول على صِحَّته بِالْعَكْسِ، وَإِذا صَحَّ الْقيَاس فِي الطَّرْد وَهُوَ غير مَدْلُول على صِحَّته، فَلِأَن يَصح الِاسْتِدْلَال بِالْعَكْسِ وَهُوَ قِيَاس مَدْلُول على صِحَّته أولى ".

قَالَ الْبرمَاوِيّ: (وَيدل عَلَيْهِ أَن الِاسْتِدْلَال بِهِ وَقع فِي الْقُرْآن وَالسّنة وَفعل الصَّحَابَة:

فَأَما الْقُرْآن: فنحو قَوْله تَعَالَى: {لَو كَانَ فيهمَا إلهة إِلَّا الله لفسدتا} [الْأَنْبِيَاء: 22] .

فَدلَّ على أَنه لَيْسَ إِلَه إِلَّا الله لعدم فَسَاد السَّمَوَات وَالْأَرْض.

وَكَذَلِكَ قَوْله تَعَالَى: {وَلَو كَانَ من عِنْد غير الله لوجدوا فِيهِ اخْتِلَافا كثيرا} [النِّسَاء: 82] .

وَلَا اخْتِلَاف فِيهِ فَدلَّ على أَن الْقُرْآن من عِنْد الله بِمُقْتَضى قِيَاس الْعَكْس.

وَأما السّنة: فكحديث: " يَأْتِي أَحَدنَا شَهْوَته ويؤجر؟ قَالَ أَرَأَيْتُم لَو وَضعهَا فِي حرَام؟ - يَعْنِي: أَكَانَ يُعَاقب؟ - قَالُوا: نعم، قَالَ: فَمه! ".

ص: 3129