المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌(قَوْله: (فصل))   (الْخَامِس: إِثْبَات الْعلَّة بالشبه) وَهُوَ بِفَتْح الشين وَالْبَاء الْمُوَحدَة، أصل - التحبير شرح التحرير - جـ ٧

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌قَوْله: {بَاب الْقيَاس}

- ‌ قَالَ: " من مَاتَ يُشْرك بِهِ شَيْئا دخل النَّار، وَقلت أَنا: وَمن مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة ".وَفِي بعض أصُول مُسلم رُوِيَ عَن النَّبِي

- ‌قَوْله: {فصل} {شَرط حكم الأَصْل كَونه إِن استلحق شَرْعِيًّا} .وَذَلِكَ لِأَنَّهُ الْقَصْد من الْقيَاس الشَّرْعِيّ.قَالَ فِي " الرَّوْضَة ": (والعقلي ومسائل الْأُصُول قَطْعِيَّة لَا تثبت بظني، وَكَذَا لَا يثبت بِهِ أصل الْقيَاس، وأصل خبر الْوَاحِد) انْتهى.قَالَ الْجُمْهُور: من شَرط

- ‌ لَا تَبِيعُوا الطَّعَام بِالطَّعَامِ إِلَّا يدا بيد سَوَاء بِسَوَاء

- ‌ إِنَّهَا من الطوافين "، أَو مجمعا على جَوَاز الْقيَاس عَلَيْهِ

- ‌ إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ فليتحالفا وليترادا)

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ دون غَيره، فَلَا يُعلل بِهِ.مِثَاله: الشّرف والخسة فِي [الْكَفَاءَة] وَعدمهَا، فَإِن الشّرف يُنَاسب التَّعْظِيم وَالْإِكْرَام، والخسة تناسب ضد ذَلِك فيعلل بِهِ بِالشّرطِ الْمُتَقَدّم. وَتَكون الْعلَّة أَيْضا وَصفا لغويا، مِثَاله: تَعْلِيل تَحْرِيم النَّبِيذ لِأَنَّهُ يُسمى خمرًا فَحرم كعصير

- ‌ إِنَّمَا ذَلِك عرق "، مَعَ

- ‌(قَوْله [فصل] )

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ بعد مَا أمره بالاستنجاء بِثَلَاثَة أَحْجَار: " وَلَا يستنجي برجيع وَلَا عظم "، فَدلَّ على أَنه أَرَادَ أَولا الْأَحْجَار وَمَا فِي مَعْنَاهَا، وَإِلَّا لم يكن فِي النَّهْي عَن الرجيع والعظم فَائِدَة. وَأما إِذا عَادَتْ عَلَيْهِ بالتخصيص فللعلماء فِيهِ قَولَانِ.قَالَ ابْن مُفْلِح: " وَإِن عَادَتْ

- ‌ لَا يقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان " أَن الْعلَّة تشويش الْفِكر، فيتعدى إِلَى كل مشوش من شدَّة فَرح وَنَحْوه.الْعجب من قَول القَاضِي أبي الطّيب الطَّبَرِيّ: أَجمعُوا على أَنه لَيْسَ لنا عِلّة تعود على أَصْلهَا بالتعميم إِلَّا هَذَا الْمِثَال، وَذَلِكَ جَائِز بِالْإِجْمَاع.فقد وجد من ذَلِك

- ‌ أَيّمَا امْرَأَة نكحت نَفسهَا بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل ".وَمِثَال مُخَالفَة الْإِجْمَاع: أَن يُقَال: مُسَافر فَلَا تجب عَلَيْهِ الصَّلَاة فِي السّفر، قِيَاسا على صَوْمه فِي عدم الْوُجُوب فِي السّفر بِجَامِع الْمَشَقَّة.فَيُقَال: هَذِه الْعلَّة مُخَالفَة، الْإِجْمَاع على عدم اعْتِبَارهَا فِي

- ‌[قَوْله] : (فصل))

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ مِنْهَا مَا هُوَ مُقَارن لنبوته، وَمِنْهَا مَا هُوَ بعد ذَلِك.وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: إِنَّمَا يشْتَرط هَذَا إِذا كَانَ طَرِيق حكم الْفَرْع مُتَعَيّنا فِي استناده للْأَصْل.وَقَالَ ابْن الْحَاجِب تبعا للآمدي: لَا يمْتَنع أَن يكون إلزاما للخصم.قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَلَا يخفى مَا فِي

- ‌(قَوْله: [مسالك الْعلَّة] )

- ‌ إِنَّمَا جعل الاسْتِئْذَان من أجل الْبَصَر " مُتَّفق عَلَيْهِ. وَقَوله

- ‌ لما ألْقى الروثة: " إِنَّهَا رِجْس "، وَقَوله

- ‌ فِي الشُّهَدَاء: " زملوهم بكلومهم وَدِمَائِهِمْ، فَإِنَّهُم يبعثون يَوْم الْقِيَامَة وأوداجهم تشخب دَمًا ".فَهَذَا كُله صَرِيح فِي التَّعْلِيل عِنْد القَاضِي، وَأبي الْخطاب، والآمدي، وَابْن الْحَاجِب، وَغَيرهم، خُصُوصا فِيمَا لحقته الْفَاء كَمَا تقدم.فَإِنَّهُ يبْعَث ويبعثون، فَإِنَّهَا

- ‌ فَسجدَ " كَقَوْل عمرَان بن حُصَيْن: " سَهَا رَسُول اللَّهِ

- ‌ بِكَذَا وَنهى عَن كَذَا، يعْمل بِهِ حملا على الرّفْع لَا على الِاجْتِهَاد. إِذا علم ذَلِك: فَإِذا رتب الشَّارِع حكما عقب اوصف بالفاءء كَمَا تقدم من الْأَمْثِلَة إِذْ الْفَاء للتعقيب، فتفيد تعقيب الحكم الْوَصْف وَأَنه سَببه، إِذْ السَّبَب مَا ثَبت الحكم عقبه، وَلِهَذَا تفهم السببيه مَعَ عدم

- ‌ من اتخذ كَلْبا إِلَّا كلب مَاشِيَة أَو صيد نقص من أجره

- ‌ لما سُئِلَ عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ " أينقص إِذا يبس؟ قَالُوا: نعم، فَنهى عَنهُ ".وَالثَّانِي: كَقَوْلِه

- ‌ وَقد سُئِلَ عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ: " أينقص إِذا يبس؟ قَالُوا: نعم، قَالَ: فَلَا إِذا "، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ، وَالنَّسَائِيّ، وَابْن مَاجَه، وَابْن خُزَيْمَة، وَالْحَاكِم.فَلَو لم يكن تَقْدِير نُقْصَان الرطب بالجفاف لأجل التَّعْلِيل لَكَانَ تَقْدِيره بَعيدا؛ إِذْ لَا فَائِدَة

- ‌ أَرْكَان الْقيَاس كلهَا.وَنَحْو ذَلِك فِي " الصَّحِيحَيْنِ ": " جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول اللَّهِ

- ‌ إِن أُمِّي نذرت أَن تحج فَلم تحج حَتَّى مَاتَت أفأحج عَنْهَا؟ قَالَ: حجي عَنْهَا، أَرَأَيْت لَو كَانَ على أمك دين أَكنت قاضيته، قَالَت: نعم، قَالَ: اقضوا اللَّهِ فَالله أَحَق بِالْوَفَاءِ " مُتَّفق عَلَيْهِ، وتابعناه فِي التَّمْثِيل بذلك، وَالْكل صَحِيح وَفِي الصَّحِيح.وَذكر أَبُو الْخطاب

- ‌ توهمه بالمضمضة؛ لِأَن ذَلِك تَعْلِيل لمنع الْإِفْسَاد.قَوْله: [وَمِنْهَا أَن يفرق

- ‌ للراجل سهم وللفارس سَهْمَان

- ‌ إِذا اخْتلفت هَذِه الْأَجْنَاس فبيعوا كَيفَ شِئْتُم إِذا كَانَ يدا بيد

- ‌ لَا يقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان رَوَاهُ الشَّافِعِي بِلَفْظ: " لَا يحكم الْحَاكِم أَو لَا يقْضِي بَين اثْنَيْنِ "، وَرَوَاهُ أَصْحَاب الْكتب بِلَفْظ: " لَا يقضين حَاكم بَين اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَان ".فالآية إِنَّمَا سيقت لبَيَان أَحْكَام الْجُمُعَة لَا لبَيَان أَحْكَام البيع، فَلَو لم يُعلل النَّهْي عَن البيع

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ ".وَقَالَ النَّبِي

- ‌ يَا أنس كتاب اللَّهِ الْقصاص

- ‌ كَالرَّاعِي يرْعَى حول الْحمى يُوشك أَن يرتع فِيهِ "، ثمَّ قَالَ: " أَلا وَإِن حمى اللَّهِ مَحَارمه

- ‌ بعثوا لتَحْصِيل / مصَالح الْعباد، فَيعلم ذَلِك بالاستقراء، فمهما وجدنَا مصلحَة غلب على الظَّن أَنَّهَا مَطْلُوبَة للشَّرْع، فنعتبرها؛ لِأَن الظَّن منَاط الْعَمَل.وَقَالَ الْقَرَافِيّ: الْمصَالح بِالْإِضَافَة إِلَى شَهَادَة الشَّرْع لَهَا بِالِاعْتِبَارِ ثَلَاثَة أَقسَام:مَا شهد الشَّرْع

- ‌[فصل] )

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌(قَوْله: (فصل))

- ‌(قَوْله: (فصل))

- ‌(قَوْله: (فَوَائِد))

- ‌ إِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم "، فَيعْتَبر الْأَمر فِي كل طائف

- ‌ من أعتق شركا لَهُ فِي عبد، وَكَانَ لَهُ مَال يبلغ ثمن العَبْد قوم عَلَيْهِ قيمَة عدل…... الحَدِيث ".، فَإنَّا نقطع بِعَدَمِ اعْتِبَار الشَّارِع الذُّكُورَة وَالْأُنُوثَة فِيهِ.وَمثل قَوْله

- ‌(قَوْله (فصل))

- ‌ إِذا اجْتهد

- ‌ عهد إِلَيْنَا فِيهِنَّ عهدا ننتهي إِلَيْهِ: الْجد، والكلالة، وأبواب من أَبْوَاب الرِّبَا ".وَصَحَّ عَن [ابْن] عمر: " أجرؤكم على الْجد أجرؤكم على جَهَنَّم "، وَصَحَّ عَن ابْن الْمسيب، عَن عمر وَعلي، وَرَوَاهُ سعيد فِي " سنَنه

- ‌ بَيَان على وَفقه مَعَ عُمُوم الْحَاجة إِلَيْهِ فِي زَمَانه وَعُمُوم الْحَاجة إِلَى خِلَافه، هَل يعْمل بذلك الْقيَاس؟ فِيهِ خلاف وَذكر لَهُ صورا:مِنْهَا: ضَمَان الدَّرك وَهُوَ مِثَال للشق الثَّانِي من الْمَسْأَلَة.وَمِنْهَا وَهُوَ مِثَال الأول: صَلَاة الْإِنْسَان على من مَاتَ من الْمُسلمين فِي مَشَارِق

- ‌ للَّذي أَرَادَ الانتفاء من وَلَده لمُخَالفَة لَونه: " لَعَلَّه نَزعه عرق " وَهَذَا قِيَاس لجَوَاز مُخَالفَة الْوَلَد للوالد فِي

- ‌(قَوْله (فصل))

- ‌(قَوْله: (فصل القوادح)

- ‌ رخص فِي السّلم ".أما مُخَالفَة الْإِجْمَاع فكقول حَنَفِيّ: لَا يجوز للرجل أَن يغسل امْرَأَته؛ لِأَنَّهُ يحرم النّظر إِلَيْهَا كالأجنبية.فَيُقَال: هَذَا فَاسد الِاعْتِبَار لمُخَالفَة الْإِجْمَاع السكوتي، وَهُوَ أَن عليا غسل فَاطِمَة

- ‌ فَدلَّ على أَن رُتْبَة الْقيَاس بعد النَّص. وَلِأَن الظَّن الْمُسْتَفَاد من النَّص أقوى من الظَّن الْمُسْتَفَاد من الْقيَاس

- ‌ بِخِلَاف غَيرهمَا فَإِن

- ‌ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل المبدلين، لَكِن نحتج بِهِ على أهل الْكتاب لتصديقهم بِهِ. انْتهى.قَوْله: (وَإِن نقض أَحدهمَا عِلّة الآخر بِأَصْل نَفسه لم يجز عِنْد أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيَّة، وَقيل: بلَى، وَقَالَ الشَّيْخ: هُوَ كقياسه على أصل نَفسه) .لَو نقض الْمُعْتَرض أَو الْمُسْتَدلّ عِلّة

- ‌ فِي الْأَصَح، وَلَا بِرُخْصَة ثَابِتَة على خلاف مُقْتَضى الْقيَاس، وَلَا بموضوع اسْتِحْسَان عِنْد أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيَّة، وَعند الشَّيْخ: تنْتَقض المستنبطة إِن لم يبين مَانِعا) .قَالَ ابْن مُفْلِح: (وَفِي قبُول النَّقْض بالمنسوخ وبخاص بِالنَّبِيِّ

- ‌ وَكَانَ حِينَئِذٍ مَوْزُونا.وَمِنْهَا: الْمُطَالبَة بِكَوْن وصف الْمعَارض مؤثرا.يُقَال: وَلم قلت: إِن الْكَيْل مُؤثر وَهَذَا إِنَّمَا يسمع من الْمُسْتَدلّ إِذا كَانَ مثبتا للعلية بالمناسبة أَو الشّبَه، حَتَّى يحْتَاج الْمعَارض فِي معارضته إِلَى بَيَان مُنَاسبَة أَو شبه، بِخِلَاف مَا إِذا أثْبته

- ‌ الْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ

- ‌ بِلَا كَيفَ وَلَا شرح، وَلَا يُقَال:

الفصل: ‌ ‌(قَوْله: (فصل))   (الْخَامِس: إِثْبَات الْعلَّة بالشبه) وَهُوَ بِفَتْح الشين وَالْبَاء الْمُوَحدَة، أصل

(قَوْله: (فصل))

(الْخَامِس: إِثْبَات الْعلَّة بالشبه)

وَهُوَ بِفَتْح الشين وَالْبَاء الْمُوَحدَة، أصل مَعْنَاهُ الشّبَه يُقَال: هَذَا شبه هَذَا وَشبهه بِكَسْر الشين وَسُكُون الْبَاء، وشبيهه كَمَا تَقول: مثله وَمثله ومثيله، وَهُوَ بِهَذَا الْمَعْنى يُطلق على كل قِيَاس؛ لِأَن [الْفَرْع] لابد أَن يشبه الأَصْل، لَكِن غلب إِطْلَاقه فِي الِاصْطِلَاح الأصولي على هَذَا النَّوْع. أَي الْخَامِس، من مسالك الْعلَّة إِثْبَاتهَا بالشبه. وَاخْتلف فِي تَعْرِيف الشّبَه.

ص: 3419

فَقَالَ القَاضِي أَبُو يعلى وَالْقَاضِي يَعْقُوب، وَابْن عقيل، وَغَيرهم تردد الْفَرْع بَين أصلين فِيهِ منَاط كل مِنْهُمَا، إِلَّا أَنه يشبه أَحدهمَا فِي أَوْصَاف أَكثر، فإلحاقه بِهِ هُوَ الشّبَه.

كَالْعَبْدِ هَل يملك؟ وَهل يضمنهُ قَاتله بِأَكْثَرَ من ديه الْحر؟ فَإِن العَبْد مُتَرَدّد بَين الْحر والبهيمة، والمذي المتردد بَين الْبَوْل والمني.

وَتظهر فَائِدَة العَبْد فِي التَّمْلِيك لَهُ، فَمن قَالَ: يملك بالتمليك، قَالَ: هُوَ إِنْسَان يُثَاب ويعاقب، وينكح وَيُطلق، ويكلف بأنواع من الْعِبَادَات، وَيفهم وَيعْقل، وَهُوَ ذُو نفس ناطقة، فَأشبه الْحر. وَمن قَالَ: لَا يملك،

ص: 3420

قَالَ: هُوَ حَيَوَان يجوز بَيْعه، وَرَهنه، وهبته، وإجارته، وإرثه، وَنَحْوهَا، أشبه الدَّابَّة.

والمذي تردد بَين الْبَوْل والمني، فَمن حكم / بِنَجَاسَتِهِ قَالَ: وَهُوَ خَارج من الْفرج لَا يخلق مِنْهُ الْوَلَد، وَلَا يجب بِهِ الْغسْل أشبه الْبَوْل، وَمن حكم بِطَهَارَتِهِ قَالَ: هُوَ خَارج تحلله الشَّهْوَة وَيخرج أمامها أشبه الْمَنِيّ.

ص: 3421

قَالَ الْآمِدِيّ: لَيْسَ هَذَا من الشّبَه فِي شَيْء، فَإِن كل منَاط مُنَاسِب، وَكَثْرَة المشابهة للترجيح.

وَقيل: هُوَ منزلَة بَين الْمُنَاسب والطردي، يَعْنِي أَنه وصف يشبه الْمُنَاسب فِي إشعاره بالحكم، لَكِن لَا يُسَاوِيه بل دونه، وَيُشبه الطردي فِي كَونه لَا يَقْتَضِي الحكم مُنَاسبَة بَينهمَا فَهُوَ بَين الْمُنَاسب والطردي.

وَالْحَاصِل: أَن الشّبَه منزلَة بَين منزلتين، فَهُوَ يشبه الْمُنَاسب الذاتي من حَيْثُ الْتِفَات الشَّرْع إِلَيْهِ، وَيُشبه الْوَصْف الطردي من حَيْثُ إِنَّه غير مُنَاسِب، فَهُوَ يتَمَيَّز عَن الْمُنَاسب بِأَنَّهُ غير مُنَاسِب بِالذَّاتِ، وَبِأَن مُنَاسبَة الْمُنَاسب عقلية وَإِن لم ترد بشرع كالإسكار فِي التَّحْرِيم، بِخِلَاف الشّبَه، ويتميز عَن الطردي بِأَن وجود الطردي كَالْعدمِ، بِخِلَاف الشّبَه فَإِنَّهُ يعْتَبر فِي بعض الْأَحْكَام.

وَقَالَ الباقلاني: هُوَ قِيَاس الدّلَالَة.

قَالَه ابْن مُفْلِح تبعا للآمدي، وَفَسرهُ الباقلاني بِقِيَاس الدّلَالَة.

و [قَالَ] ابْن الْعِرَاقِيّ وَغَيره: " وعرفه القَاضِي أَبُو بكر بِأَنَّهُ الْمُنَاسب بالتبع، أَي: بالالتزام كالطهارة لاشْتِرَاط النِّيَّة، فَإِنَّهَا من حَيْثُ هِيَ

ص: 3422

لَا تناسب اشْتِرَاط النِّيَّة، لَكِن تناسبها من حَيْثُ هِيَ عبَادَة وَالْعِبَادَة مُنَاسبَة اشْتِرَاط النِّيَّة ".

قَالَ الْبرمَاوِيّ: (حَاصِل تَفْسِير القَاضِي الشّبَه أَنه وصف مُقَارن للْحكم مُنَاسِب لَهُ بالتبع، أَو يُقَال: مُسْتَلْزم لما يُنَاسِبه، هَذَا مَا نقل فِي " الْبُرْهَان " عَن القَاضِي.

لَكِن الَّذِي فِي " مُخْتَصر التَّقْرِيب " و " الْإِرْشَاد ": أَن قِيَاس الشّبَه إِلْحَاق فرع بِأَصْل لِكَثْرَة اشتباهه للْأَصْل فِي الْأَوْصَاف، من غير أَن يعْتَقد أَن الْأَوْصَاف / الَّتِي يشابه الْفَرْع فِيهَا الأَصْل عِلّة حكم الأَصْل) .

وَقَالَ القر افي: قَالَ القَاضِي أَبُو بكر: الشّبَه الْوَصْف الَّذِي لَا يُنَاسب لذاته ويستلزم الْمُنَاسب لذاته، كَقَوْلِنَا: الْخلّ مَائِع وَلَا تبنى القنطرة على جنسه، لَيْسَ مناسبا فِي ذَاته، لكنه مُسْتَلْزم للمناسب، إِذْ الْعَادة أَن القنطرة لَا تبنى على ألأشياء القليلة بل على الْكَثِيرَة كالأنهار وَنَحْوهَا.

قَالَ القَاضِي أَبُو بكر: فالوصف إِمَّا مُنَاسِب بِذَاتِهِ أَو لَا، فَالْأول هُوَ

ص: 3423

الْمُنَاسب الْمُعْتَبر، وَالثَّانِي إِمَّا أَن يكون مستلزما للمناسب أَو لَا، فَالْأول الشّبَه وَالثَّانِي الطَّرْد.

قَالَ الطوفي: " هَذَا التَّقْسِيم يتَّجه أَن يكون صَحِيحا، لَكِن تمثيله بِمَا يسْتَلْزم الْمُنَاسب بقوله: مَائِع لَا تبنى على جنسه القناطر فِيهِ، وَمَا وَجه بِهِ مناسبته تمحل بعيد، وَالْأَكْثَر على أَن ذَلِك طرد مَحْض لَا مُنَاسِب وَلَا مُسْتَلْزم للمناسب، وَكَذَلِكَ قَوْلهم: مَائِع لَا تجْرِي فِيهِ السفن، أَو لَا يصاد مِنْهُ السّمك وَنَحْوه ".

وَقَالَ الْجَمَاعَة: الشّبَه مَا يُوهم الْمُنَاسبَة.

قَالَ ابْن مُفْلِح: " وَفَسرهُ بَعضهم بِمَا يُوهم [الْمُنَاسبَة] .

كَأَنَّهُ أَرَادَ أَن الْمُنَاسبَة لَيست مُخْتَصَّة فِيهِ، وَإِنَّمَا يحصل التَّوَهُّم بهَا.

وَقَالَ الْبرمَاوِيّ: الْعبارَة الثَّالِثَة أَي القَوْل الثَّالِث: أَن الْوَصْف الَّذِي لَا يُنَاسب الحكم، إِن علم اعْتِبَار جنسه الْقَرِيب فِي جنس الحكم الْقَرِيب فَهُوَ الشّبَه؛ لِأَنَّهُ من حَيْثُ كَونه غير مُنَاسِب يظنّ عدم اعْتِبَاره، وَمن حَيْثُ إِنَّه

ص: 3424

عرف تَأْثِير جنسه الْقَرِيب فِي الْجِنْس الْقَرِيب للْحكم يظنّ أَنه أولى بِالِاعْتِبَارِ مُتَرَدّد بَين أَن يكون مُعْتَبرا أَو لَا.

الْعبارَة الرَّابِعَة: أَن الشّبَه هُوَ الْوَصْف الَّذِي لَا تظهر فِيهِ الْمُنَاسبَة بعد الْبَحْث التَّام، وَلَكِن ألف من الشَّارِع الِالْتِفَات إِلَيْهِ فِي بعض الْأَحْكَام.

فَهُوَ دون الْمُنَاسب وَفَوق الطَّرْد؛ فَلذَلِك سمي شبها لشبهه لكل مِنْهُمَا، وَهَذَا القَوْل نَقله الْآمِدِيّ عَن أَكثر الْمُحَقِّقين وَهُوَ الْأَقْرَب / إِلَى

ص: 3425

قَوَاعِد الْأُصُول، وَهُوَ قريب من الأولى بل الْعبارَات كلهَا تكَاد أَن تتحدد.

لَكِن قَالَ أَبُو الْمَعَالِي: إِنَّه لَا يتحرر فِيهِ عبارَة مستمرة فِي صناعَة الْحُدُود.

قَوْله: (وَالِاعْتِبَار بالشبه حكما لَا حَقِيقَة خلافًا لِابْنِ علية) .

ص: 3426

إِذا قُلْنَا إِن الشّبَه حجَّة فلنا خلاف:

فَذهب الشَّافِعِي، وَأَصْحَابه وأصحابنا، وَغَيرهم: إِلَى أَن المشابهة فِي الحكم، وَلِهَذَا ألْحقُوا العَبْد الْمَقْتُول بِسَائِر الْأَمْوَال الْمَمْلُوكَة فِي لُزُوم قِيمَته على الْقَاتِل بِجَامِع أَن كلا مِنْهَا يُبَاع ويشترى.

وَمن أمثلته عِنْد الشَّافِعِيَّة أَن يَقُول فِي التَّرْتِيب فِي الضَّوْء: عبَادَة يُبْطِلهَا الْحَدث فَكَانَ التَّرْتِيب فِيهَا مُسْتَحبا، أَصله الصَّلَاة والمشابهة فِي الحكم الَّذِي هُوَ الْبطلَان بِالْحَدَثِ وَلَا تعلق [لَهُ] بالترتيب وَإِنَّمَا هُوَ مُجَرّد شبه.

وَاعْتبر أَبُو بشر إِسْمَاعِيل بن إِبْرَاهِيم بن علية المشابهة فِي الصُّورَة دون الحكم، كقياس الْخَيل على البغال وَالْحمير فِي سُقُوط الزَّكَاة، وَقِيَاس الْحَنَفِيَّة فِي حُرْمَة اللَّحْم، وكرد وَطْء الشُّبْهَة إِلَى النِّكَاح فِي سُقُوط الْحُدُود

ص: 3427

وَوُجُوب الْمهْر، لشبهه بِالْوَطْءِ فِي النِّكَاح فِي الْأَحْكَام.

وَمُقْتَضى ذَلِك قتل الْحر بِالْعَبدِ كَمَا يَقُوله أَبُو حنيفَة.

وَلِهَذَا نقل عَنهُ أَبُو الْمَعَالِي [فِي]" الْبُرْهَان " كَابْن علية وَقَالَ إِنَّه ألحق التَّشَهُّد الثَّانِي بِالْأولِ فِي عدم الْوُجُوب فَقَالَ: تشهد فَلَا يجب كالتشهد الأول.

وَنَحْو ذَلِك عَن أَحْمد إِذْ قَالَ بِوُجُوب الْجُلُوس للتَّشَهُّد الأول؛ لِأَنَّهُ أحد الجلوسين فِي تشهد الصَّلَاة، فَوَجَبَ كالتشهد الْأَخير.

وَقَالَ الرَّازِيّ: الْمُعْتَبر حُصُول المشابهة فِيمَا يظنّ أَنه مُسْتَلْزم لعِلَّة الحكم، أَو أَنه عِلّة للْحكم سَوَاء كَانَت المشابهة فِي الصُّورَة أَو الْمَعْنى.

ص: 3428

ثمَّ الَّذين قَالُوا بعلية الشّبَه فِي الحكم وَفِي الصُّورَة اخْتلفُوا أَيهمَا أولى:

فَقيل: فِي الحكم أولى.

وَقيل: هُوَ والصوري سَوَاء.

قَوْله: (وَلَا يُصَار إِلَيْهِ مَعَ قِيَاس الْعلَّة إِجْمَاعًا) . /

قَالَه القَاضِي أَبُو بكر الباقلاني فِي " التَّقْرِيب " فَحَيْثُ كَانَ هُنَاكَ وصف مُنَاسِب يُعلل بِهِ فَقَالَ: أجمع النَّاس على أَنه لَا يُصَار إِلَى قِيَاس الشّبَه مَعَ إِمْكَان قِيَاس الْعلَّة انْتهى.

قَوْله: (فَإِن عدم فحجة عندنَا، وَعند الشَّافِعِيَّة، وَخَالف الْحَنَفِيَّة، وَالْقَاضِي، والصيرفي، والباقلاني، وَجمع، وَلأَحْمَد، وَالشَّافِعِيّ: قَولَانِ) .

إِذا عرف معنى الشّبَه فَهَل يجوز التَّعْلِيل بِهِ وَيكون حجَّة أم لَا؟ فِيهِ أَقْوَال:

أَحدهَا: أَنه يُعلل بِهِ وَيكون حجَّة، وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح وَعَلِيهِ أَصْحَابنَا،

ص: 3429

وَالشَّافِعِيَّة، حَتَّى قَالَ ابْن عقيل: لَا عِبْرَة بالمخالف لما سبق فِي السبر. وَهُوَ الْمَنْقُول عَن الإِمَام الشَّافِعِي.

وَالْقَوْل الثَّانِي: لَيْسَ بِحجَّة وَالتَّعْلِيل بِهِ فَاسد، اخْتَارَهُ القَاضِي من أَصْحَابنَا قَالَه فِي " الرَّوْضَة ".

ص: 3430

وَهُوَ قَول الْحَنَفِيَّة، والصيرفي، والباقلاني، و [أبي] إِسْحَاق الْمروزِي، وَالشَّيْخ أبي إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ، لكنه عِنْد الباقلاني صَالح لِأَن يرجح بِهِ.

ص: 3431

وَذكر القَاضِي عَن أَحْمد رِوَايَتَيْنِ.

وَذكر الْمُوفق فِي " الرَّوْضَة ": أَن للشَّافِعِيّ قَوْلَيْنِ.

قَالَ الإِمَام أَحْمد: " إِنَّمَا يُقَاس الشَّيْء على الشَّيْء إِذا كَانَ مثله فِي كل أَحْوَاله ".

ص: 3432

وَالْقَوْل الثَّالِث: إِنَّمَا يحْتَج بِهِ فِي التَّعْلِيل إِذا كَانَ فِي قِيَاس فرع قد اجتذبه أصلان، فَيلْحق بِأَحَدِهِمَا بعلة الِاشْتِبَاه، ويسمونه قِيَاس عِلّة الِاشْتِبَاه، وَهُوَ مَا يدل عَلَيْهِ نَص الشَّافِعِي.

قَالَ ابْن مُفْلِح: " وَذكر الْآمِدِيّ عَن بعض أَصْحَابهم صِحَة الشّبَه إِن اعْتبر عينه فِي عين الحكم فَقَط، لعدم الظَّن؛ وَلِأَنَّهُ دون الْمُنَاسب الْمُرْسل.

وَأجَاب بِالْمَنْعِ لاعْتِبَار الشَّارِع لَهُ فِي بعض الْأَحْكَام انْتهى.

وَاكْتفى بعض الْحَنَفِيَّة بِضَرْب من الشّبَه.

ص: 3433

قَالَ ابْن مُفْلِح: " وَيلْزم من كَونه حجَّة على تَفْسِير القَاضِي التَّسْوِيَة بَين شَيْئَيْنِ مَعَ الْعلم بافتراقهما فِي صفة أَو صِفَات مُؤثرَة لَكِن لضَرُورَة إِلْحَاقه بِأَحَدِهِمَا، كَفعل الْقَافة بِالْوَلَدِ، قَالَه بعض أَصْحَابنَا.

وَقَالَ الْقَائِلُونَ / بالأشبه كَالْقَاضِي: سلمُوا أَن الْعلَّة لم تُوجد فِي الْفَرْع، وَأَنه حكم بِغَيْر قِيَاس، بل إِنَّه أشبه بِهَذَا من غَيره، وَيَقُولُونَ: لَا يعْطى حكمهمَا، ذكره الشَّافِعِي وأصحابنا، وَكَذَا من قَالَ: لَيْسَ بِحجَّة.

ص: 3434

وَعند الْحَنَفِيَّة يعْطى حكمهمَا، وَقَالَهُ الْمَالِكِيَّة وَهِي طَريقَة [الشبهين] .

وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا: هُوَ كثير فِي مَذْهَب مَالك وَأحمد كتعلق الزَّكَاة بِالْعينِ أَو بِالذِّمةِ، وَالْوَقْف هَل هُوَ ملك لله أَو للْمَوْقُوف عَلَيْهِ.؟

ص: 3435

وَملك العَبْد.

وسلك القَاضِي وَغَيره هَذَا فِي تَعْلِيل إِحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ فِيمَا إِذا أقرّ اثْنَان بِنسَب أَو دين: لَا يعْتَبر لفظ الشَّهَادَة وَالْعَدَالَة [لِأَنَّهُ] يشبه [الشَّهَادَة] ؛ لِأَنَّهُ إِثْبَات حق على غَيره، وَالْإِقْرَار لثُبُوت الْمُشَاركَة فِيمَا بِيَدِهِ من المَال فأعطيناه حكم الْأَصْلَيْنِ فاشترطنا الْعدَد كَالشَّهَادَةِ لَا غير كَالْإِقْرَارِ.

وَكَذَا قالالحنفية وَقَالَ الْمَالِكِيَّة فِي شبه مَعَ فرَاش.

وَقَالَهُ بعض أَصْحَابنَا وَأَنه يعْمل بهما إِن أمكن وَإِلَّا بالأشبه "، نقل ذَلِك ابْن مُفْلِح ".

ص: 3436