المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(قوله: [فصل] ) - التحبير شرح التحرير - جـ ٧

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌قَوْله: {بَاب الْقيَاس}

- ‌ قَالَ: " من مَاتَ يُشْرك بِهِ شَيْئا دخل النَّار، وَقلت أَنا: وَمن مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة ".وَفِي بعض أصُول مُسلم رُوِيَ عَن النَّبِي

- ‌قَوْله: {فصل} {شَرط حكم الأَصْل كَونه إِن استلحق شَرْعِيًّا} .وَذَلِكَ لِأَنَّهُ الْقَصْد من الْقيَاس الشَّرْعِيّ.قَالَ فِي " الرَّوْضَة ": (والعقلي ومسائل الْأُصُول قَطْعِيَّة لَا تثبت بظني، وَكَذَا لَا يثبت بِهِ أصل الْقيَاس، وأصل خبر الْوَاحِد) انْتهى.قَالَ الْجُمْهُور: من شَرط

- ‌ لَا تَبِيعُوا الطَّعَام بِالطَّعَامِ إِلَّا يدا بيد سَوَاء بِسَوَاء

- ‌ إِنَّهَا من الطوافين "، أَو مجمعا على جَوَاز الْقيَاس عَلَيْهِ

- ‌ إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ فليتحالفا وليترادا)

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ دون غَيره، فَلَا يُعلل بِهِ.مِثَاله: الشّرف والخسة فِي [الْكَفَاءَة] وَعدمهَا، فَإِن الشّرف يُنَاسب التَّعْظِيم وَالْإِكْرَام، والخسة تناسب ضد ذَلِك فيعلل بِهِ بِالشّرطِ الْمُتَقَدّم. وَتَكون الْعلَّة أَيْضا وَصفا لغويا، مِثَاله: تَعْلِيل تَحْرِيم النَّبِيذ لِأَنَّهُ يُسمى خمرًا فَحرم كعصير

- ‌ إِنَّمَا ذَلِك عرق "، مَعَ

- ‌(قَوْله [فصل] )

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ بعد مَا أمره بالاستنجاء بِثَلَاثَة أَحْجَار: " وَلَا يستنجي برجيع وَلَا عظم "، فَدلَّ على أَنه أَرَادَ أَولا الْأَحْجَار وَمَا فِي مَعْنَاهَا، وَإِلَّا لم يكن فِي النَّهْي عَن الرجيع والعظم فَائِدَة. وَأما إِذا عَادَتْ عَلَيْهِ بالتخصيص فللعلماء فِيهِ قَولَانِ.قَالَ ابْن مُفْلِح: " وَإِن عَادَتْ

- ‌ لَا يقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان " أَن الْعلَّة تشويش الْفِكر، فيتعدى إِلَى كل مشوش من شدَّة فَرح وَنَحْوه.الْعجب من قَول القَاضِي أبي الطّيب الطَّبَرِيّ: أَجمعُوا على أَنه لَيْسَ لنا عِلّة تعود على أَصْلهَا بالتعميم إِلَّا هَذَا الْمِثَال، وَذَلِكَ جَائِز بِالْإِجْمَاع.فقد وجد من ذَلِك

- ‌ أَيّمَا امْرَأَة نكحت نَفسهَا بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل ".وَمِثَال مُخَالفَة الْإِجْمَاع: أَن يُقَال: مُسَافر فَلَا تجب عَلَيْهِ الصَّلَاة فِي السّفر، قِيَاسا على صَوْمه فِي عدم الْوُجُوب فِي السّفر بِجَامِع الْمَشَقَّة.فَيُقَال: هَذِه الْعلَّة مُخَالفَة، الْإِجْمَاع على عدم اعْتِبَارهَا فِي

- ‌[قَوْله] : (فصل))

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ مِنْهَا مَا هُوَ مُقَارن لنبوته، وَمِنْهَا مَا هُوَ بعد ذَلِك.وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: إِنَّمَا يشْتَرط هَذَا إِذا كَانَ طَرِيق حكم الْفَرْع مُتَعَيّنا فِي استناده للْأَصْل.وَقَالَ ابْن الْحَاجِب تبعا للآمدي: لَا يمْتَنع أَن يكون إلزاما للخصم.قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَلَا يخفى مَا فِي

- ‌(قَوْله: [مسالك الْعلَّة] )

- ‌ إِنَّمَا جعل الاسْتِئْذَان من أجل الْبَصَر " مُتَّفق عَلَيْهِ. وَقَوله

- ‌ لما ألْقى الروثة: " إِنَّهَا رِجْس "، وَقَوله

- ‌ فِي الشُّهَدَاء: " زملوهم بكلومهم وَدِمَائِهِمْ، فَإِنَّهُم يبعثون يَوْم الْقِيَامَة وأوداجهم تشخب دَمًا ".فَهَذَا كُله صَرِيح فِي التَّعْلِيل عِنْد القَاضِي، وَأبي الْخطاب، والآمدي، وَابْن الْحَاجِب، وَغَيرهم، خُصُوصا فِيمَا لحقته الْفَاء كَمَا تقدم.فَإِنَّهُ يبْعَث ويبعثون، فَإِنَّهَا

- ‌ فَسجدَ " كَقَوْل عمرَان بن حُصَيْن: " سَهَا رَسُول اللَّهِ

- ‌ بِكَذَا وَنهى عَن كَذَا، يعْمل بِهِ حملا على الرّفْع لَا على الِاجْتِهَاد. إِذا علم ذَلِك: فَإِذا رتب الشَّارِع حكما عقب اوصف بالفاءء كَمَا تقدم من الْأَمْثِلَة إِذْ الْفَاء للتعقيب، فتفيد تعقيب الحكم الْوَصْف وَأَنه سَببه، إِذْ السَّبَب مَا ثَبت الحكم عقبه، وَلِهَذَا تفهم السببيه مَعَ عدم

- ‌ من اتخذ كَلْبا إِلَّا كلب مَاشِيَة أَو صيد نقص من أجره

- ‌ لما سُئِلَ عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ " أينقص إِذا يبس؟ قَالُوا: نعم، فَنهى عَنهُ ".وَالثَّانِي: كَقَوْلِه

- ‌ وَقد سُئِلَ عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ: " أينقص إِذا يبس؟ قَالُوا: نعم، قَالَ: فَلَا إِذا "، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ، وَالنَّسَائِيّ، وَابْن مَاجَه، وَابْن خُزَيْمَة، وَالْحَاكِم.فَلَو لم يكن تَقْدِير نُقْصَان الرطب بالجفاف لأجل التَّعْلِيل لَكَانَ تَقْدِيره بَعيدا؛ إِذْ لَا فَائِدَة

- ‌ أَرْكَان الْقيَاس كلهَا.وَنَحْو ذَلِك فِي " الصَّحِيحَيْنِ ": " جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول اللَّهِ

- ‌ إِن أُمِّي نذرت أَن تحج فَلم تحج حَتَّى مَاتَت أفأحج عَنْهَا؟ قَالَ: حجي عَنْهَا، أَرَأَيْت لَو كَانَ على أمك دين أَكنت قاضيته، قَالَت: نعم، قَالَ: اقضوا اللَّهِ فَالله أَحَق بِالْوَفَاءِ " مُتَّفق عَلَيْهِ، وتابعناه فِي التَّمْثِيل بذلك، وَالْكل صَحِيح وَفِي الصَّحِيح.وَذكر أَبُو الْخطاب

- ‌ توهمه بالمضمضة؛ لِأَن ذَلِك تَعْلِيل لمنع الْإِفْسَاد.قَوْله: [وَمِنْهَا أَن يفرق

- ‌ للراجل سهم وللفارس سَهْمَان

- ‌ إِذا اخْتلفت هَذِه الْأَجْنَاس فبيعوا كَيفَ شِئْتُم إِذا كَانَ يدا بيد

- ‌ لَا يقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان رَوَاهُ الشَّافِعِي بِلَفْظ: " لَا يحكم الْحَاكِم أَو لَا يقْضِي بَين اثْنَيْنِ "، وَرَوَاهُ أَصْحَاب الْكتب بِلَفْظ: " لَا يقضين حَاكم بَين اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَان ".فالآية إِنَّمَا سيقت لبَيَان أَحْكَام الْجُمُعَة لَا لبَيَان أَحْكَام البيع، فَلَو لم يُعلل النَّهْي عَن البيع

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ ".وَقَالَ النَّبِي

- ‌ يَا أنس كتاب اللَّهِ الْقصاص

- ‌ كَالرَّاعِي يرْعَى حول الْحمى يُوشك أَن يرتع فِيهِ "، ثمَّ قَالَ: " أَلا وَإِن حمى اللَّهِ مَحَارمه

- ‌ بعثوا لتَحْصِيل / مصَالح الْعباد، فَيعلم ذَلِك بالاستقراء، فمهما وجدنَا مصلحَة غلب على الظَّن أَنَّهَا مَطْلُوبَة للشَّرْع، فنعتبرها؛ لِأَن الظَّن منَاط الْعَمَل.وَقَالَ الْقَرَافِيّ: الْمصَالح بِالْإِضَافَة إِلَى شَهَادَة الشَّرْع لَهَا بِالِاعْتِبَارِ ثَلَاثَة أَقسَام:مَا شهد الشَّرْع

- ‌[فصل] )

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌(قَوْله: (فصل))

- ‌(قَوْله: (فصل))

- ‌(قَوْله: (فَوَائِد))

- ‌ إِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم "، فَيعْتَبر الْأَمر فِي كل طائف

- ‌ من أعتق شركا لَهُ فِي عبد، وَكَانَ لَهُ مَال يبلغ ثمن العَبْد قوم عَلَيْهِ قيمَة عدل…... الحَدِيث ".، فَإنَّا نقطع بِعَدَمِ اعْتِبَار الشَّارِع الذُّكُورَة وَالْأُنُوثَة فِيهِ.وَمثل قَوْله

- ‌(قَوْله (فصل))

- ‌ إِذا اجْتهد

- ‌ عهد إِلَيْنَا فِيهِنَّ عهدا ننتهي إِلَيْهِ: الْجد، والكلالة، وأبواب من أَبْوَاب الرِّبَا ".وَصَحَّ عَن [ابْن] عمر: " أجرؤكم على الْجد أجرؤكم على جَهَنَّم "، وَصَحَّ عَن ابْن الْمسيب، عَن عمر وَعلي، وَرَوَاهُ سعيد فِي " سنَنه

- ‌ بَيَان على وَفقه مَعَ عُمُوم الْحَاجة إِلَيْهِ فِي زَمَانه وَعُمُوم الْحَاجة إِلَى خِلَافه، هَل يعْمل بذلك الْقيَاس؟ فِيهِ خلاف وَذكر لَهُ صورا:مِنْهَا: ضَمَان الدَّرك وَهُوَ مِثَال للشق الثَّانِي من الْمَسْأَلَة.وَمِنْهَا وَهُوَ مِثَال الأول: صَلَاة الْإِنْسَان على من مَاتَ من الْمُسلمين فِي مَشَارِق

- ‌ للَّذي أَرَادَ الانتفاء من وَلَده لمُخَالفَة لَونه: " لَعَلَّه نَزعه عرق " وَهَذَا قِيَاس لجَوَاز مُخَالفَة الْوَلَد للوالد فِي

- ‌(قَوْله (فصل))

- ‌(قَوْله: (فصل القوادح)

- ‌ رخص فِي السّلم ".أما مُخَالفَة الْإِجْمَاع فكقول حَنَفِيّ: لَا يجوز للرجل أَن يغسل امْرَأَته؛ لِأَنَّهُ يحرم النّظر إِلَيْهَا كالأجنبية.فَيُقَال: هَذَا فَاسد الِاعْتِبَار لمُخَالفَة الْإِجْمَاع السكوتي، وَهُوَ أَن عليا غسل فَاطِمَة

- ‌ فَدلَّ على أَن رُتْبَة الْقيَاس بعد النَّص. وَلِأَن الظَّن الْمُسْتَفَاد من النَّص أقوى من الظَّن الْمُسْتَفَاد من الْقيَاس

- ‌ بِخِلَاف غَيرهمَا فَإِن

- ‌ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل المبدلين، لَكِن نحتج بِهِ على أهل الْكتاب لتصديقهم بِهِ. انْتهى.قَوْله: (وَإِن نقض أَحدهمَا عِلّة الآخر بِأَصْل نَفسه لم يجز عِنْد أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيَّة، وَقيل: بلَى، وَقَالَ الشَّيْخ: هُوَ كقياسه على أصل نَفسه) .لَو نقض الْمُعْتَرض أَو الْمُسْتَدلّ عِلّة

- ‌ فِي الْأَصَح، وَلَا بِرُخْصَة ثَابِتَة على خلاف مُقْتَضى الْقيَاس، وَلَا بموضوع اسْتِحْسَان عِنْد أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيَّة، وَعند الشَّيْخ: تنْتَقض المستنبطة إِن لم يبين مَانِعا) .قَالَ ابْن مُفْلِح: (وَفِي قبُول النَّقْض بالمنسوخ وبخاص بِالنَّبِيِّ

- ‌ وَكَانَ حِينَئِذٍ مَوْزُونا.وَمِنْهَا: الْمُطَالبَة بِكَوْن وصف الْمعَارض مؤثرا.يُقَال: وَلم قلت: إِن الْكَيْل مُؤثر وَهَذَا إِنَّمَا يسمع من الْمُسْتَدلّ إِذا كَانَ مثبتا للعلية بالمناسبة أَو الشّبَه، حَتَّى يحْتَاج الْمعَارض فِي معارضته إِلَى بَيَان مُنَاسبَة أَو شبه، بِخِلَاف مَا إِذا أثْبته

- ‌ الْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ

- ‌ بِلَا كَيفَ وَلَا شرح، وَلَا يُقَال:

الفصل: ‌(قوله: [فصل] )

(قَوْله: [فصل] )

[يجوز تَعْلِيل حكم بعلل كل صُورَة بعلة اتِّفَاقًا، وَفِي صُورَة وَاحِدَة بعلتين، أَو علل مُسْتَقلَّة عِنْد أَصْحَابنَا وَالْأَكْثَر ويقتضيه كَلَام أَحْمد، وَقيل فِي التَّعَاقُب، وَمنعه بعض الْمَالِكِيَّة والأشعرية مُطلقًا، وَابْن فورك، وَالْغَزالِيّ، والرازي فِي المستنبطة، وَقيل عسكه، وَأَبُو الْمَعَالِي شرعا مُطلقًا] .

الْمُعَلل بالعلل المتعددة لَا يَخْلُو: إِمَّا أَن يكون وَاحِدًا بالنوع أَو وَاحِدًا بالشخص.

فالواحد بالنوع يجوز تعدد علله بِحَسب تعدد أشخاصه بِلَا خوف كتعليل قتل زيد بردته، وَقتل عَمْرو بِالْقصاصِ، وَقتل بكر بِالزِّنَا، وَقتل خَالِد / بترك الصَّلَاة.

وَأما الْوَاحِد بالشخص فَلَا خلاف فِي امْتنَاع تعدد الْعِلَل الْعَقْلِيَّة فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنى تَأْثِير كل وَاحِد، والمؤثرات على أثر وَاحِد محَال كَمَا قرر فِي مَحَله

ص: 3250

وَأما الْعِلَل الشَّرْعِيَّة فَهِيَ مَحل الْخلاف، وَالصَّحِيح فِيهَا من الْمذَاهب الْجَوَاز والوقوع كتحريم وَطْء الْحَائِض الْمُعْتَدَّة الْمُحرمَة، وكالحدث لخُرُوج من فرج، وَزَوَال عقل، وَمَسّ فرج، ولمس أُنْثَى، فَإِن كل وَاحِد من المتعددين الْمَذْكُورين يثبت الحكم مُسْتقِلّا.

وَإِنَّمَا كَانَ كَذَلِك؛ لِأَن الْعلَّة الشَّرْعِيَّة بِمَعْنى الْمُعَرّف كَمَا تقدم، وَلَا يمْتَنع تعدد الْمُعَرّف؛ لِأَن من شَأْن كل وَاحِد أَن يعرف، لَا الَّذِي وجد بِهِ التَّعْرِيف حَتَّى تكون الْوَاحِدَة إِذا عرفت فَلَا تعرف الْأُخْرَى؛ لِأَنَّهُ تَحْصِيل الْحَاصِل، وَهَذَا قَول أَصْحَابنَا.

قَالَ بَعضهم: ويقتضيه كَلَام أَحْمد فِي خِنْزِير ميت وَغَيره، وَذكره ابْن عقيل عَن جُمْهُور الْفُقَهَاء والأصوليين.

وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه غير جَائِز، فبالضرورة يكون غير وَاقع، وَأَن مَا ذكرُوا من الْوُقُوع يعود إِلَى الْقسم الأول وَهُوَ أَن الْمُعَلل بهَا وَاحِد بالنوع، وَأما الشَّخْص فمتعذر.

ص: 3251

فالقتل بِأَسْبَاب أشخاص: الْقَتْل مُتعَدِّدَة وَالنَّوْع وَاحِد فِي الْمحل الْوَاحِد، فَأَما الْقَتْل فِي صُورَة وَاحِدَة: محَال تعدده إِذْ هُوَ إزهاق الرّوح، وَكَذَلِكَ أَسبَاب الْحَدث إِنَّمَا هِيَ أَحْدَاث فِي مَحل لَا حدث وَاحِد.

مثل: لَو ارتضعت صَغِيرَة بِلَبن زَوْجَة أَخِيك، وبلبن أختك، كَانَت مُحرمَة عَلَيْك لكونك خالها وعمها، وَلَا يُقَال فِيهِ تحريمان تَحْرِيم الْعم وَتَحْرِيم الْخَال، فَهَذَا يزِيل مَا تعلقوا فِيهِ من الشُّبْهَة.

قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَفِيه نظر، فقد يُقَال فِيهِ بذلك بِحَسب التَّقْدِير، إِذْ لَا مَانع من ذَلِك.

[وَبِهَذَا] القَوْل قَالَ الباقلاني، وَأَبُو الْمَعَالِي، من تابعهما، والآمدي، وَابْن برهَان، ومتقدمو الْمَالِكِيَّة.

ص: 3252

القَوْل الثَّالِث: إِن ذَلِك جَائِز فِي الْعلَّة المنصوصة دون المستنبطة؛ لِأَن المنصوصة دلّ الشَّرْع على تعددها فَكَانَت أَمَارَات / وَأما المستنبطة فَمَا فَائِدَة استخراجها عِلّة؟ إِلَّا أَنه لَا عِلّة غَيرهَا تتخيل.

وَجَوَابه: أَنَّهَا إِذا كَانَت أَمَارَات فاستنبطت مُتعَدِّدَة فَلَا فرق.

وَهَذَا قَول الشَّيْخ موفق الدّين فِي " الرَّوْضَة "، وَالْغَزالِيّ، وَابْن فورك، والرازي، وَأَتْبَاعه.

قَالَ الْبرمَاوِيّ: والأستاذ.

قَالَ ابْن الْحَاجِب: القَوْل الرَّابِع: أَن ذَلِك جَائِز فِي الْعلَّة المستنبطة دون المنصوصة عكس الَّذِي قبله، ذكره ابْن الْحَاجِب فِي " مُخْتَصره "، وَلم يذكرهُ فِي " جمع الْجَوَامِع ".

القَوْل الْخَامِس: إِن المتعدد جَائِز عقلا وممتنع شرعا، على معنى أَنه لم يَقع فِي الشَّرْع لَا على معنى أَن الشَّرْع دلّ على مَنعه.

ص: 3253

نَقله ابْن الْحَاجِب عَن أبي الْمَعَالِي وَنقل الْآمِدِيّ عَنهُ خلاف ذَلِك.

لَكِن الْهِنْدِيّ قَالَ: إِن هَذَا هُوَ الْأَشْهر فِي النَّقْل عَنهُ، قيل: وَهُوَ الصَّحِيح فَإِن عِبَارَته فِي " الْبُرْهَان ": لَيْسَ مُمْتَنعا عقلا وتسويغا ونظرا إِلَى الْمصَالح الْكُلية، لكنه مُمْتَنع شرعا، وَقَوْلنَا: مُطلقًا، أَي: فِي المنصوصة والمستنبطة.

القَوْل السَّادِس: جَوَاز التَّعْلِيل بعلتين متعاقبتين، أَي: إِحْدَاهمَا فِي وَقت وَالْأُخْرَى فِي وَقت آخر، وَلَا يجوز التَّعْلِيل بهما فِي حَالَة وَاحِدَة.

وأدخلنا هَذَا القَوْل فِي مَحل الْخلاف تبعا ل " جمع الْجَوَامِع ".

وَفِي ذَلِك رد على ابْن الْحَاجِب حَيْثُ اقْتضى كَلَامه: أَن مَحل الْخلاف فِي حَال الْمَعِيَّة، وَأَنه يجوز مَعَ التَّعَاقُب قطعا، قَالَه ابْن الْعِرَاقِيّ.

وَقَالَ الْبرمَاوِيّ لما حكى الْخلاف: " نعم هَل يجْرِي الْخلاف فِي التَّعْلِيل نعلتين سَوَاء كَانَتَا متعاقبتين أَو مَعًا، أَو مُخْتَصّ بالمعية؟

ص: 3254

كَلَام ابْن الْحَاجِب يَقْتَضِي الأول وَرجح غَيره الثَّانِي، لما يلْزم من شُمُوله حَالَة التَّعَاقُب، أَن يكون أحد من الْأمة يمْنَع أَن اللَّمْس والمس ليسَا بعلتين، وَإِن وجد أَحدهمَا بمفرده بل لَا / عِلّة إِلَّا وَاحِد، فَلَا يكون للْحَدَث مثلا غير عِلّة وَاحِدَة، وَلَا قَائِل بذلك " انْتهى.

اسْتدلَّ لِلْقَوْلِ الأول وَهُوَ الصَّحِيح: بِأَن وُقُوعه دَلِيل جَوَازه وَقد وَقع فللحدث علل مُسْتَقلَّة كالبول وَالْغَائِط والمذي وَكَذَلِكَ للْقَتْل وَغَيره.

وَاعْترض الْآمِدِيّ: بِأَن الحكم أَيْضا مُتَعَدد شخصا مُتحد نوعا، وَلِهَذَا يَنْتَفِي الْقَتْل بِالرّدَّةِ، وَبَان ارْتَدَّ بعد الْقَتْل ثمَّ أسلم وَيبقى الْقصاص، وينفى الْقَتْل بِالْقصاصِ بِأَن عَفا الْوَلِيّ، وَيبقى بِالرّدَّةِ.

وَالْإِبَاحَة لجِهَة الْقَتْل حق الْآدَمِيّ، وبالردة لله، وَلَا يتَصَوَّر ذَلِك فِي شَيْء وَاحِد، وَيقدم الْآدَمِيّ فِي الِاسْتِيفَاء.

وَقَالَهُ قبله أَبُو الْمَعَالِي.

وَاخْتَارَهُ بعض أَصْحَابنَا قَالَ: وَعَلِيهِ نَص الْأَئِمَّة كَقَوْل أَحْمد فِي بعض مَا ذكره: هَذَا مثل خِنْزِير ميت حرَام من وَجْهَيْن، فَأثْبت تحريمين.

ص: 3255

وَحل الدَّم مُتَعَدد لَكِن ضَاقَ الْمحل، وَلِهَذَا يَزُول وَاحِد وَيبقى الآخر، وَلَو اتَّحد الْحل بَقِي بعض حل فَلَا يُبِيح.

وَقَول الْفُقَهَاء: وتتداخل هَذِه الْأَحْكَام هُوَ دَلِيل تعددها وَإِلَّا شَيْء وَاحِد لَا يعقل فِيهِ تدَاخل.

قَالَ: وَقَول أبي بكر من أَصْحَابنَا - فِي مَسْأَلَة الْأَحْدَاث: إِذا نوى أَحدهَا ارْتَفع وَحده - يَقْتَضِي ذَلِك.

وَالْأَشْهر لنا وللشافعية: يرْتَفع الْجَمِيع، وَقَالَهُ الْمَالِكِيَّة. و [رد] ذَلِك بِأَن الشَّيْء لَا يَتَعَدَّد فِي نَفسه بِتَعَدُّد إِضَافَته وَإِلَّا غاير حدث الْبَوْل حدث الْغَائِط، وتعدده باخْتلَاف الْأَحْكَام الْمُتَعَلّقَة، بِدَعْوَى خَاصَّة لَا يُفِيد.

وَأجَاب فِي " الرَّوْضَة ": باستحالة اجْتِمَاع مثلين.

قَالَ ابْن مُفْلِح: كَذَا قَالُوا وَأَيْضًا الْعلَّة دَلِيل فَجَاز تعددها كالأدلة.

ص: 3256

الْقَائِل بِالْمَنْعِ: لَو جَازَ كَانَت كل مِنْهُمَا مُسْتَقلَّة غير مُسْتَقلَّة؛ لِأَن معنى استقلالها ثُبُوت الحكم فتتناقض [بتعددها] .

رد: مُسْتَقلَّة حَالَة الِانْفِرَاد فَقَط فَلَا يتناقض.

أُجِيب: الْكَلَام فِي حَالَة الِاجْتِمَاع، وَأَيْضًا لَو جَازَ فَإِن كَانَتَا مَعًا اجْتمع مثلان للُزُوم كل / مِنْهُمَا مَا لزم من الْأُخْرَى وَهُوَ معلولها فَيلْزم التَّنَاقُض؛ لِأَن الحكم يكون مستغنيا غير مستغن لثُبُوته بِكُل مِنْهُمَا، وَإِن ترتبا فَفِيهِ تَحْصِيل الْحَاصِل.

رد: إِنَّمَا يلْزم فِي الْعِلَل الْعَقْلِيَّة، وَيجوز لمدلول وَاحِد أَدِلَّة.

وَأَيْضًا: لَو جَازَ لم يقل الْأَئِمَّة فِي عِلّة الرِّبَا بالترجيح لصِحَّة اسْتِقْلَال كل مِنْهُمَا وَالتَّرْجِيح يُنَافِيهِ وَإِلَّا لَكَانَ الْجَمِيع عِلّة. رد: إِنَّمَا تعرضوا للإبطال، سلمنَا فَلَا تحاد عَلَيْهِ الرِّبَا إِجْمَاعًا فتعرضوا للترجيح؛ لِئَلَّا يلْزم جعلهَا أَجزَاء عِلّة؛ لِأَن جعل أَحدهمَا عِلّة بِلَا مُرَجّح محَال.

قَالُوا: لَا يجْتَمع مؤثران على أثر وَاحِد كمقدور بَين قَادِرين أجَاب ابْن عقيل: تستقل مُنْفَرِدَة، وَمَعَ الِاجْتِمَاع الْعلَّة وَاحِدَة، لِأَنَّهَا بِوَضْع الشَّارِع كشدة الْخمر، والمقدور بَينهمَا لَيْسَ الْجعل والوضع، فَمن أَحَالهُ فلمعنى يعود إِلَى نَفسه.

ص: 3257

وَقَالَ ابْن عقيل - أَيْضا - فِي مناظراته: التَّحْقِيق أَن الحكم إِذا اسْتَقل بعلة تعطلت الْأُخْرَى كمكان امْتَلَأَ بجسم، وَفعل وَقع بِوَاحِد، وكما لَا يَصح فعل من فاعلين هَذَا مَعَ تساويهما، وَإِلَّا فالعلة الضعيفة لَا تعْمل مَعَ القوية بِلَا خلاف.

الْقَائِل بالمنصوصة: لاستقلال كل مِنْهُمَا بنصه، فَكل وَاحِد عَلامَة، والمستنبطة إِن عين بِنَصّ اسْتِقْلَال كل وصف فمنصوصة، وَإِلَّا فإسناد الحكم إِلَى أَحدهمَا تحكم وَإِلَى كل مِنْهُمَا تنَاقض؛ لِأَنَّهُ يكون مستغنيا عَن كل مِنْهُمَا غير مستغن، فَتعين إِلَيْهِمَا مَعًا كل مِنْهُمَا جُزْء عِلّة.

رد: يستنبط استقلالها بِثُبُوت الحكم فِي مَحل كل مِنْهُمَا مُنْفَردا.

الْقَائِل بالمستنبطة: لاستقلالها لما سبق فِيمَا قبله والمنصوصة قَطْعِيَّة فَفِي استقلالها اجْتِمَاع المثلين، أَو تَحْصِيل الْحَاصِل.

رد: لَيست قَطْعِيَّة، ثمَّ يجوز اجْتِمَاع أَدِلَّة قَطْعِيَّة على مَدْلُول وَاحِد.

قَوْله: [فعلى الْجَوَاز كل / وَاحِدَة عِلّة عِنْد الْأَكْثَر، وَعند ابْن عقيل جُزْء عِلّة، وَقيل وَاحِدَة لَا بِعَينهَا] .

ص: 3258

اسْتدلَّ للْأولِ: بِأَنَّهُ ثَبت اسْتِقْلَال كل مِنْهُمَا مُنْفَرِدَة.

رد: لم ثبتَتْ مجتمعة، وَأَيْضًا: لَو لم تكن كل وَاحِدَة عِلّة لَا لامتنع اجْتِمَاع الْأَدِلَّة؛ لِأَنَّهَا أَدِلَّة.

وَاسْتدلَّ للثَّانِي: بِأَنَّهُ يلْزم من الِاسْتِقْلَال اجْتِمَاع مثلين، وَسبق دَلِيلا للقائل بِالْمَنْعِ، أَو التحكم إِن ثَبت بِوَاحِدَة فَتعين الْجُزْء.

رد: ثَبت بِكُل وَاحِدَة كأدلة عقلية وسمعية [فَيثبت] الْمَدْلُول بِكُل مِنْهُمَا.

اسْتدلَّ [للثَّالِث] : بِمَا يلْزم من التحكم أَو الْجُزْئِيَّة.

وَجَوَابه: مَا سبق.

وَقد ذكر فِي " التَّمْهِيد ": جَوَاز تَعْلِيل الحكم بعلتين وَإِن دلّت إِحْدَاهمَا على حكم الأَصْل وَالْأُخْرَى لم تدل.

كَقَوْلِنَا فِي الطَّلَاق قبل النِّكَاح: من لَا ينفذ طَلَاقه الْمُبَاشر لَا ينفذ الْمُعَلق كَالصَّبِيِّ، فَيَقُول الْحَنَفِيّ: الْعلَّة فِي الصَّبِي أَنه غير

ص: 3259

مُكَلّف، فَيَقُول الْحَنْبَلِيّ: أَقُول بالعلتين.

فَقَالَ بَعضهم: يجوز تَعْلِيله بِالْعِلَّةِ الَّتِي لَا تدل عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهَا طَرِيق فِيهِ كالنص حكمه لَا يمْنَع التَّعْلِيل بِبَعْض أَوْصَافه المؤثرة.

وَمنعه بَعضهم: لِأَنَّهَا لَو وجدت وَحدهَا فِي الأَصْل لم يثبت حكمه لَهَا.

قَالَ: وَالْأول أشبه بأصولنا. وبناه بعض أَصْحَابنَا على فرع ثَبت بِالْقِيَاسِ بعلة غير علته، وَسبق لنا فِيهِ قَولَانِ. انْتهى.

قَوْله: [وَيجوز تَعْلِيل حكمين بعلة بِمَعْنى الأمارة اتِّفَاقًا، وَبِمَعْنى الْبَاعِث إِثْبَاتًا ونفيا وَثَالِثهَا إِن لم يتضادا] .

هَذِه الْمَسْأَلَة مُقَابلَة للمسألة السَّابِقَة وَهِي أَن تتحد الْعلَّة ويتعدد الْمَعْلُول فَيكون أحكاما مُخْتَلفَة، وَله صُورَتَانِ:

إِحْدَاهمَا: أَن لَا يكون المتعدد من الحكم فِيهِ تضَاد.

ص: 3260

وَالثَّانيَِة: أَن يكون فِيهِ تضَاد.

فَأَما الأولى: فَذهب الْجُمْهُور: إِلَى أَن الْعلَّة الْوَاحِدَة الشَّرْعِيَّة يجوز أَن يَتَرَتَّب عَلَيْهَا حكمان شرعيان مُخْتَلِفَانِ.

لِأَن الْعلَّة إِن فسرت بالمعرف فجوازه ظَاهر؛ إِذْ لَا يمْتَنع عقلا وَلَا شرعا نصب أَمارَة وَاحِدَة على حكمين مُخْتَلفين.

بل قَالَ الْآمِدِيّ: " لَا نَعْرِف فِي ذَلِك خلافًا، كَمَا لَو قَالَ الشَّارِع: جعلت / طُلُوع الْهلَال أَمارَة على وجوب الصَّوْم وَالصَّلَاة ".

أَو طُلُوع فجر رَمَضَان أَمارَة لوُجُوب الْإِمْسَاك وَصَلَاة الصُّبْح، وَسَوَاء كَانَت فِي الْإِثْبَات أَو فِي النَّفْي.

فَمن الْإِثْبَات: السّرقَة فَإِنَّهَا عِلّة فِي الْقطع لمناسبة زجر السَّارِق حَتَّى لَا يعود، وَفِي غَرَامَة المَال الْمَسْرُوق لصَاحبه لمناسبته لجبره.

وَمن الْعلَّة فِي النَّفْي: الْحيض، فَإِنَّهُ عِلّة لمنع الصَّلَاة، وَالطّواف، وَقِرَاءَة الْقُرْآن، وَمَسّ الْمُصحف، وَوَطئهَا، وَطَلَاق الزَّوْج، وَغير ذَلِك لمناسبته للْمَنْع من كل ذَلِك.

وَلَا يعد فِي مُنَاسبَة وصف وَاحِد لعدد من الْأَحْكَام كَمَا مثلناه.

وَذهب جمع يسير إِلَى الْمَنْع من ذَلِك قَالُوا: لما فِيهِ من تَحْصِيل الْحَاصِل؛ لِأَن الْحِكْمَة الَّتِي اشْتَمَل عَلَيْهَا الْوَصْف اسْتَوْفَاهُ أحد الْحكمَيْنِ.

ص: 3261

ورد: بِأَنَّهُ يتَوَقَّف الْمَقْصُود عَلَيْهِمَا، فَلَا يحصل جَمِيعهَا إِلَّا بهما، أَو يحصل الحكم الثَّانِي حِكْمَة أُخْرَى فتتعدد الْحِكْمَة، وَالْوَصْف ضَابِط لأَحَدهمَا.

" وَأما الصُّورَة الثَّانِيَة: هِيَ: أَن يكون بَين المتعدد من الحكم الْمُعَلل تضَاد، وَلم يُصَرح بهَا ابْن الْحَاجِب وَلَا ابْن مُفْلِح وَغَيرهمَا، وَلكنهَا دَاخِلَة فِي إِطْلَاقهم تَعْلِيل حكمين بعلة وَاحِدَة، وَلَكِن لَا يجوز هُنَا إِلَّا بِشَرْطَيْنِ متضادين كالجسم يكون عِلّة للسكون بِشَرْط الْبَقَاء فِي الحيز، وَعلة للحركة بِشَرْط الِانْتِقَال عَنهُ.

وَإِنَّمَا اعْتبر فِيهِ الشرطان؛ لِأَنَّهُ لَا يُمكن اقتضاؤها لَهما بِدُونِ ذَلِك، لِئَلَّا يلْزم اجْتِمَاع الضدين وَهُوَ محَال.

وَإِنَّمَا شَرط التضاد فِي الشَّرْطَيْنِ، لِأَنَّهُ لَو أمكن اجْتِمَاعهمَا كالبقاء فِي الحيز مَعَ الِانْتِقَال مثلا، فَعِنْدَ حُصُول ذَيْنك الشَّرْطَيْنِ: إِن حصل الحكمان - أَعنِي السّكُون وَالْحَرَكَة - لزم اجْتِمَاع الضدين، وَإِن حصل أَحدهمَا دون الآخر لزم التَّرْجِيح بِلَا مُرَجّح، وَإِن [لم] يحصل وَاحِدَة مِنْهُمَا خرجت الْعلَّة عَن أَن تكون عِلّة، فَتعين التضاد فِي الشَّرْطَيْنِ " قَالَه الْبرمَاوِيّ.

وَقَالَ الكوراني: " عِنْد قوم لَا يجوز إِذا كَانَا متضادين؛ لِأَن الشي الْوَاحِد لَا يُنَاسب الضدين. وَالْجَوَاب / منع ذَلِك لجَوَاز تعدد الْجِهَات فيهمَا.

قَالَ الإِمَام: تَعْلِيل المتضادين بعلة وَاحِدَة إِنَّمَا يجوز إِذا كَانَا مشروطين

ص: 3262

بِشَرْطَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ، وَأما إِذا جَازَ اجْتِمَاع الشَّرْطَيْنِ فالتعليل محَال؛ لِأَنَّهُمَا إِذا اجْتمعَا لم تكن الْعلَّة بِأَحَدِهِمَا أولى من الْأُخْرَى " انْتهى.

وَقَالَ الْمحلي: " وَالْقَوْل الثُّلُث: يجوز تَعْلِيل حكمين بعلة إِن لم يتضادا، الْخلاف مَا إِذا تضادا، كالتأبيد لصِحَّة البيع وَبطلَان الْإِجَارَة؛ لِأَن الشَّيْء الْوَاحِد لَا يُنَاسب المتضادين " انْتهى.

قَالَ ابْن الْعِرَاقِيّ: " القَوْل الثَّالِث: الْجَوَاز إِن لم يتضادا، الْحيض لتَحْرِيم الصَّلَاة وَالصَّوْم، وَالْمَنْع إِن تضادا، كَأَن يكون مُبْطلًا لبَعض الْعُقُود مصححا لبعضها، كالتأبيد يصحح البيع وَيبْطل الْإِجَارَة " انْتهى.

وَهَذَا القَوْل الثَّالِث الَّذِي ذَكرْنَاهُ.

قَوْله: [وَمِنْهَا أَن لَا تتأخر عِلّة الأَصْل عَن حكمه فِي الْأَصَح] .

من جملَة شُرُوط الْعلَّة: أَن لَا يكون ثُبُوت الْعلَّة مُتَأَخِّرًا عَن ثُبُوت حكم الأَصْل، وَخَالف فِي ذَلِك قوم من أهل الْعرَاق.

كَمَا لَو قيل فِيمَن أَصَابَهُ عرق الْكَلْب، أَصَابَهُ عرق حَيَوَان نجس فَكَانَ نجسا كلعابه، فَيمْنَع السَّائِل كَون عرق الْكَلْب نجسا.

ص: 3263

فَيَقُول الْمُسْتَدلّ: لِأَنَّهُ مستقذر شرعا، أَي: أَمر الشَّرْع بالتنزه عَنهُ فَكَانَ نجسا كالبول.

فَيَقُول الْمُعْتَرض: هَذِه الْعلَّة ثُبُوتهَا مُتَأَخّر عَن حكم الأَصْل فَتكون فَاسِدَة؛ لِأَن حكم الأَصْل وَهُوَ [نَجَاسَته] يجب أَن تكون سَابِقَة على استقذاره؛ لِأَن الحكم باستقذاره إِنَّمَا هُوَ مُرَتّب على ثُبُوت [نَجَاسَته] ، وَإِنَّمَا [كَانَت] هَذِه الْعلَّة فَاسِدَة لتأخرها عَن حكم الأَصْل [لما] يلْزم من ثُبُوت الحكم بِغَيْر باعث على تَقْدِير تَفْسِير الْعلَّة بالباعث، وَقد فَرضنَا تأخرها عَن الحكم وَهُوَ محَال؛ لِأَن الْفَرْض أَن الحكم قد عرف قبل ثُبُوت علته، لَكِن إِنَّمَا يَتَأَتَّى هَذَا إِذا قُلْنَا إِن معنى الْمُعَرّف الَّذِي يحصل التَّعْرِيف بِهِ، أما إِذا قُلْنَا إِن الَّذِي من شَأْنه التَّعْرِيف فَلَا كَذَلِك.

قَالَ الْهِنْدِيّ: الْحق الْجَوَاز إِن أُرِيد بِالْعِلَّةِ الْمُعَرّف / أَي: لِأَن الْمُعَرّف يتَأَخَّر، بل الْحَادِث تَعْرِيف الْقَدِيم كَمَا فِي تَعْرِيف الْعَالم لوُجُود الصَّانِع، واتصافه بِصِفَات ذَاته السّنيَّة، وَإِن أُرِيد بهَا الْمُوجب أَو الْبَاعِث فَلَا. انْتهى.

ص: 3264

قَالَ ابْن مُفْلِح: " اخْتلفُوا فِي جَوَاز تَأْخِير عِلّة الأَصْل عَن حكمه، كتعليل ولَايَة الْأَب على صَغِير عرض لَهُ جُنُون: بالجنون.

وَاخْتَارَ الْآمِدِيّ وَغَيره: الْمَنْع لِاسْتِحَالَة ثُبُوت الحكم بِلَا باعث، وَإِن جَازَ التَّعْلِيل بالأمارة فتعريف الْمُعَرّف كتعريف الحكم بِالنَّصِّ. وَفِيه نظر؛ لجَوَاز كَون فائدتها تَعْرِيف حكم الْفَرْع فَيتَوَجَّه قَول ثَالِث " انْتهى.

قَوْله: [وَأَن لَا ترجع عَلَيْهِ بالإبطال، وَإِن عَادَتْ عَلَيْهِ بالتخصيص فَالْخِلَاف] .

من الشُّرُوط أَن لَا تعود على حكم الأَصْل الَّذِي استنبطت مِنْهُ بالإبطال حَتَّى لَو استنبطت من نَص وَكَانَت تُؤدِّي إِلَى ذَلِك كَانَ فَاسِدا؛ وَذَلِكَ لِأَن الأَصْل منشئها، فإبطالها لَهُ إبِْطَال لَهَا لِأَنَّهَا فَرعه وَالْفرع لَا يبطل أَصله، إِذْ لَو أبطل أَصله لأبطل نَفسه.

كتعليل الْحَنَفِيَّة وجوب الشَّاة فِي الزَّكَاة بِدفع حَاجَة الْفَقِير، فَإِنَّهُ مجوز لإِخْرَاج قيمَة الشَّاة، مفض إِلَى عدم وُجُوبهَا بالتخيير بَينهَا وَبَين قيمتهَا.

وَلَهُم أَن يَقُولُوا: مَا الْفرق بَين هَذَا وَبَين تجويزكم [الِاسْتِنْجَاء] بِكُل جامد طَاهِر قالع غير مُحْتَرم استنباطا من أمره عليه السلام: " فِي الِاسْتِنْجَاء

ص: 3265