المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[قوله] : (فصل)) - التحبير شرح التحرير - جـ ٧

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌قَوْله: {بَاب الْقيَاس}

- ‌ قَالَ: " من مَاتَ يُشْرك بِهِ شَيْئا دخل النَّار، وَقلت أَنا: وَمن مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة ".وَفِي بعض أصُول مُسلم رُوِيَ عَن النَّبِي

- ‌قَوْله: {فصل} {شَرط حكم الأَصْل كَونه إِن استلحق شَرْعِيًّا} .وَذَلِكَ لِأَنَّهُ الْقَصْد من الْقيَاس الشَّرْعِيّ.قَالَ فِي " الرَّوْضَة ": (والعقلي ومسائل الْأُصُول قَطْعِيَّة لَا تثبت بظني، وَكَذَا لَا يثبت بِهِ أصل الْقيَاس، وأصل خبر الْوَاحِد) انْتهى.قَالَ الْجُمْهُور: من شَرط

- ‌ لَا تَبِيعُوا الطَّعَام بِالطَّعَامِ إِلَّا يدا بيد سَوَاء بِسَوَاء

- ‌ إِنَّهَا من الطوافين "، أَو مجمعا على جَوَاز الْقيَاس عَلَيْهِ

- ‌ إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ فليتحالفا وليترادا)

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ دون غَيره، فَلَا يُعلل بِهِ.مِثَاله: الشّرف والخسة فِي [الْكَفَاءَة] وَعدمهَا، فَإِن الشّرف يُنَاسب التَّعْظِيم وَالْإِكْرَام، والخسة تناسب ضد ذَلِك فيعلل بِهِ بِالشّرطِ الْمُتَقَدّم. وَتَكون الْعلَّة أَيْضا وَصفا لغويا، مِثَاله: تَعْلِيل تَحْرِيم النَّبِيذ لِأَنَّهُ يُسمى خمرًا فَحرم كعصير

- ‌ إِنَّمَا ذَلِك عرق "، مَعَ

- ‌(قَوْله [فصل] )

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ بعد مَا أمره بالاستنجاء بِثَلَاثَة أَحْجَار: " وَلَا يستنجي برجيع وَلَا عظم "، فَدلَّ على أَنه أَرَادَ أَولا الْأَحْجَار وَمَا فِي مَعْنَاهَا، وَإِلَّا لم يكن فِي النَّهْي عَن الرجيع والعظم فَائِدَة. وَأما إِذا عَادَتْ عَلَيْهِ بالتخصيص فللعلماء فِيهِ قَولَانِ.قَالَ ابْن مُفْلِح: " وَإِن عَادَتْ

- ‌ لَا يقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان " أَن الْعلَّة تشويش الْفِكر، فيتعدى إِلَى كل مشوش من شدَّة فَرح وَنَحْوه.الْعجب من قَول القَاضِي أبي الطّيب الطَّبَرِيّ: أَجمعُوا على أَنه لَيْسَ لنا عِلّة تعود على أَصْلهَا بالتعميم إِلَّا هَذَا الْمِثَال، وَذَلِكَ جَائِز بِالْإِجْمَاع.فقد وجد من ذَلِك

- ‌ أَيّمَا امْرَأَة نكحت نَفسهَا بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل ".وَمِثَال مُخَالفَة الْإِجْمَاع: أَن يُقَال: مُسَافر فَلَا تجب عَلَيْهِ الصَّلَاة فِي السّفر، قِيَاسا على صَوْمه فِي عدم الْوُجُوب فِي السّفر بِجَامِع الْمَشَقَّة.فَيُقَال: هَذِه الْعلَّة مُخَالفَة، الْإِجْمَاع على عدم اعْتِبَارهَا فِي

- ‌[قَوْله] : (فصل))

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ مِنْهَا مَا هُوَ مُقَارن لنبوته، وَمِنْهَا مَا هُوَ بعد ذَلِك.وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: إِنَّمَا يشْتَرط هَذَا إِذا كَانَ طَرِيق حكم الْفَرْع مُتَعَيّنا فِي استناده للْأَصْل.وَقَالَ ابْن الْحَاجِب تبعا للآمدي: لَا يمْتَنع أَن يكون إلزاما للخصم.قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَلَا يخفى مَا فِي

- ‌(قَوْله: [مسالك الْعلَّة] )

- ‌ إِنَّمَا جعل الاسْتِئْذَان من أجل الْبَصَر " مُتَّفق عَلَيْهِ. وَقَوله

- ‌ لما ألْقى الروثة: " إِنَّهَا رِجْس "، وَقَوله

- ‌ فِي الشُّهَدَاء: " زملوهم بكلومهم وَدِمَائِهِمْ، فَإِنَّهُم يبعثون يَوْم الْقِيَامَة وأوداجهم تشخب دَمًا ".فَهَذَا كُله صَرِيح فِي التَّعْلِيل عِنْد القَاضِي، وَأبي الْخطاب، والآمدي، وَابْن الْحَاجِب، وَغَيرهم، خُصُوصا فِيمَا لحقته الْفَاء كَمَا تقدم.فَإِنَّهُ يبْعَث ويبعثون، فَإِنَّهَا

- ‌ فَسجدَ " كَقَوْل عمرَان بن حُصَيْن: " سَهَا رَسُول اللَّهِ

- ‌ بِكَذَا وَنهى عَن كَذَا، يعْمل بِهِ حملا على الرّفْع لَا على الِاجْتِهَاد. إِذا علم ذَلِك: فَإِذا رتب الشَّارِع حكما عقب اوصف بالفاءء كَمَا تقدم من الْأَمْثِلَة إِذْ الْفَاء للتعقيب، فتفيد تعقيب الحكم الْوَصْف وَأَنه سَببه، إِذْ السَّبَب مَا ثَبت الحكم عقبه، وَلِهَذَا تفهم السببيه مَعَ عدم

- ‌ من اتخذ كَلْبا إِلَّا كلب مَاشِيَة أَو صيد نقص من أجره

- ‌ لما سُئِلَ عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ " أينقص إِذا يبس؟ قَالُوا: نعم، فَنهى عَنهُ ".وَالثَّانِي: كَقَوْلِه

- ‌ وَقد سُئِلَ عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ: " أينقص إِذا يبس؟ قَالُوا: نعم، قَالَ: فَلَا إِذا "، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ، وَالنَّسَائِيّ، وَابْن مَاجَه، وَابْن خُزَيْمَة، وَالْحَاكِم.فَلَو لم يكن تَقْدِير نُقْصَان الرطب بالجفاف لأجل التَّعْلِيل لَكَانَ تَقْدِيره بَعيدا؛ إِذْ لَا فَائِدَة

- ‌ أَرْكَان الْقيَاس كلهَا.وَنَحْو ذَلِك فِي " الصَّحِيحَيْنِ ": " جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول اللَّهِ

- ‌ إِن أُمِّي نذرت أَن تحج فَلم تحج حَتَّى مَاتَت أفأحج عَنْهَا؟ قَالَ: حجي عَنْهَا، أَرَأَيْت لَو كَانَ على أمك دين أَكنت قاضيته، قَالَت: نعم، قَالَ: اقضوا اللَّهِ فَالله أَحَق بِالْوَفَاءِ " مُتَّفق عَلَيْهِ، وتابعناه فِي التَّمْثِيل بذلك، وَالْكل صَحِيح وَفِي الصَّحِيح.وَذكر أَبُو الْخطاب

- ‌ توهمه بالمضمضة؛ لِأَن ذَلِك تَعْلِيل لمنع الْإِفْسَاد.قَوْله: [وَمِنْهَا أَن يفرق

- ‌ للراجل سهم وللفارس سَهْمَان

- ‌ إِذا اخْتلفت هَذِه الْأَجْنَاس فبيعوا كَيفَ شِئْتُم إِذا كَانَ يدا بيد

- ‌ لَا يقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان رَوَاهُ الشَّافِعِي بِلَفْظ: " لَا يحكم الْحَاكِم أَو لَا يقْضِي بَين اثْنَيْنِ "، وَرَوَاهُ أَصْحَاب الْكتب بِلَفْظ: " لَا يقضين حَاكم بَين اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَان ".فالآية إِنَّمَا سيقت لبَيَان أَحْكَام الْجُمُعَة لَا لبَيَان أَحْكَام البيع، فَلَو لم يُعلل النَّهْي عَن البيع

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ ".وَقَالَ النَّبِي

- ‌ يَا أنس كتاب اللَّهِ الْقصاص

- ‌ كَالرَّاعِي يرْعَى حول الْحمى يُوشك أَن يرتع فِيهِ "، ثمَّ قَالَ: " أَلا وَإِن حمى اللَّهِ مَحَارمه

- ‌ بعثوا لتَحْصِيل / مصَالح الْعباد، فَيعلم ذَلِك بالاستقراء، فمهما وجدنَا مصلحَة غلب على الظَّن أَنَّهَا مَطْلُوبَة للشَّرْع، فنعتبرها؛ لِأَن الظَّن منَاط الْعَمَل.وَقَالَ الْقَرَافِيّ: الْمصَالح بِالْإِضَافَة إِلَى شَهَادَة الشَّرْع لَهَا بِالِاعْتِبَارِ ثَلَاثَة أَقسَام:مَا شهد الشَّرْع

- ‌[فصل] )

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌(قَوْله: (فصل))

- ‌(قَوْله: (فصل))

- ‌(قَوْله: (فَوَائِد))

- ‌ إِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم "، فَيعْتَبر الْأَمر فِي كل طائف

- ‌ من أعتق شركا لَهُ فِي عبد، وَكَانَ لَهُ مَال يبلغ ثمن العَبْد قوم عَلَيْهِ قيمَة عدل…... الحَدِيث ".، فَإنَّا نقطع بِعَدَمِ اعْتِبَار الشَّارِع الذُّكُورَة وَالْأُنُوثَة فِيهِ.وَمثل قَوْله

- ‌(قَوْله (فصل))

- ‌ إِذا اجْتهد

- ‌ عهد إِلَيْنَا فِيهِنَّ عهدا ننتهي إِلَيْهِ: الْجد، والكلالة، وأبواب من أَبْوَاب الرِّبَا ".وَصَحَّ عَن [ابْن] عمر: " أجرؤكم على الْجد أجرؤكم على جَهَنَّم "، وَصَحَّ عَن ابْن الْمسيب، عَن عمر وَعلي، وَرَوَاهُ سعيد فِي " سنَنه

- ‌ بَيَان على وَفقه مَعَ عُمُوم الْحَاجة إِلَيْهِ فِي زَمَانه وَعُمُوم الْحَاجة إِلَى خِلَافه، هَل يعْمل بذلك الْقيَاس؟ فِيهِ خلاف وَذكر لَهُ صورا:مِنْهَا: ضَمَان الدَّرك وَهُوَ مِثَال للشق الثَّانِي من الْمَسْأَلَة.وَمِنْهَا وَهُوَ مِثَال الأول: صَلَاة الْإِنْسَان على من مَاتَ من الْمُسلمين فِي مَشَارِق

- ‌ للَّذي أَرَادَ الانتفاء من وَلَده لمُخَالفَة لَونه: " لَعَلَّه نَزعه عرق " وَهَذَا قِيَاس لجَوَاز مُخَالفَة الْوَلَد للوالد فِي

- ‌(قَوْله (فصل))

- ‌(قَوْله: (فصل القوادح)

- ‌ رخص فِي السّلم ".أما مُخَالفَة الْإِجْمَاع فكقول حَنَفِيّ: لَا يجوز للرجل أَن يغسل امْرَأَته؛ لِأَنَّهُ يحرم النّظر إِلَيْهَا كالأجنبية.فَيُقَال: هَذَا فَاسد الِاعْتِبَار لمُخَالفَة الْإِجْمَاع السكوتي، وَهُوَ أَن عليا غسل فَاطِمَة

- ‌ فَدلَّ على أَن رُتْبَة الْقيَاس بعد النَّص. وَلِأَن الظَّن الْمُسْتَفَاد من النَّص أقوى من الظَّن الْمُسْتَفَاد من الْقيَاس

- ‌ بِخِلَاف غَيرهمَا فَإِن

- ‌ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل المبدلين، لَكِن نحتج بِهِ على أهل الْكتاب لتصديقهم بِهِ. انْتهى.قَوْله: (وَإِن نقض أَحدهمَا عِلّة الآخر بِأَصْل نَفسه لم يجز عِنْد أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيَّة، وَقيل: بلَى، وَقَالَ الشَّيْخ: هُوَ كقياسه على أصل نَفسه) .لَو نقض الْمُعْتَرض أَو الْمُسْتَدلّ عِلّة

- ‌ فِي الْأَصَح، وَلَا بِرُخْصَة ثَابِتَة على خلاف مُقْتَضى الْقيَاس، وَلَا بموضوع اسْتِحْسَان عِنْد أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيَّة، وَعند الشَّيْخ: تنْتَقض المستنبطة إِن لم يبين مَانِعا) .قَالَ ابْن مُفْلِح: (وَفِي قبُول النَّقْض بالمنسوخ وبخاص بِالنَّبِيِّ

- ‌ وَكَانَ حِينَئِذٍ مَوْزُونا.وَمِنْهَا: الْمُطَالبَة بِكَوْن وصف الْمعَارض مؤثرا.يُقَال: وَلم قلت: إِن الْكَيْل مُؤثر وَهَذَا إِنَّمَا يسمع من الْمُسْتَدلّ إِذا كَانَ مثبتا للعلية بالمناسبة أَو الشّبَه، حَتَّى يحْتَاج الْمعَارض فِي معارضته إِلَى بَيَان مُنَاسبَة أَو شبه، بِخِلَاف مَا إِذا أثْبته

- ‌ الْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ

- ‌ بِلَا كَيفَ وَلَا شرح، وَلَا يُقَال:

الفصل: ‌[قوله] : (فصل))

( ‌

[قَوْله] : (فصل))

( [لَا يشْتَرط الْقطع بِحكم الأَصْل، وَلَا بوجودها فِي الْفَرْع، وَلَا انْتِفَاء مُخَالفَة مَذْهَب صَحَابِيّ إِن لم يكن حجَّة فِي الْأَصَح فِيهِنَّ] ) .

[اشْترط بَعضهم فِي المستنبطة أَن تكون من أصل مَقْطُوع] بِحكمِهِ.

وَالصَّحِيح لَا؛ إِذْ يجوز الْقيَاس على مَا ثَبت حكمه بِدَلِيل ظَنِّي كَخَبَر الْوَاحِد والعموم وَالْمَفْهُوم وَغَيرهَا؛ لِأَنَّهُ غَايَة الِاجْتِهَاد فِيمَا يقْصد بِهِ الْعَمَل.

وَالصَّحِيح أَيْضا الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور أَنه لَا يشْتَرط الْقطع بِوُجُود الْعلَّة فِي الْفَرْع. وَشرط بَعضهم ذَلِك.

ص: 3288

وَالصَّحِيح الأول؛ لِأَن الْقيَاس إِذا كَانَ ظنيا فَلَا يضر كَون مقدماته أَو شَيْء مِنْهَا ظنيا.

وَلَا يشْتَرط أَيْضا انْتِفَاء مُخَالفَة مَذْهَب صَحَابِيّ إِن لم يكن حجَّة على الصَّحِيح.

وَإِن قُلْنَا هُوَ حجَّة فيتقدم على الْقيَاس على مَا يَأْتِي بَيَانه فِي مذْهبه. واشترطه بَعضهم. وَالصَّحِيح خِلَافه كَمَا تقدم.

[قَوْله] : (وَلَا يشْتَرط النَّص على الْعلَّة، وَلَا الْإِجْمَاع على تَعْلِيله خلافًا لبشر المريسي) .

الصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ الْعلمَاء المعتبرون أَنه لَا يشْتَرط: أَن يرد نَص دَال على عين تِلْكَ الْعلَّة، وَلَا الِاتِّفَاق على أَن حكم الأَصْل مُعَلل.

وَخَالف فِي ذَلِك بشر المريسي، فَاشْترط أَحدهمَا، هَذَا ظَاهر كَلَامه فِي " جمع الْجَوَامِع ".

ص: 3289

وَالَّذِي ذكره هُنَا الرَّازِيّ فِي " الْمَحْصُول " عَن بشر: اشْتِرَاط الْأَمريْنِ مَعًا، وَهُوَ الَّذِي ذَكرْنَاهُ هُنَا تبعا لِابْنِ مُفْلِح.

وَحكى الْبَيْضَاوِيّ عَنهُ: أَنه شَرط إِمَّا قيام الْإِجْمَاع عَلَيْهِ، أَو كَون علته منصوصة، وَهُوَ مُخَالف لكَلَام الرَّازِيّ من وَجْهَيْن، وَكَلَامه فِي " جمع الْجَوَامِع " يخالفهما.

وَقَالَ الْبرمَاوِيّ: " وَشرط بَعضهم فِي الأَصْل أَن يجمعوا على أَن حكمه مُعَلل لَا تعبدي، وَنقل عَن بشر المريسي، والشريف المرتضي، وَمِنْهُم من شَرط الِاتِّفَاق على وجود الْعلَّة فِي الأَصْل، وَخَالف الْجُمْهُور فاكتفوا بانتهاض الدَّلِيل على ذَلِك ".

ص: 3290

فَظَاهره أَن مُخَالفَة بشر فِي الثَّانِيَة فَقَط، وعَلى كل حَال يَكْفِي إِثْبَات التَّعْلِيل بِدَلِيل على الصَّحِيح.

قَوْله: [وَإِذا كَانَت عِلّة انْتِفَاء الحكم وجود مَانع، أَو عدم شَرط، لزم وجود الْمُقْتَضِي عِنْد الْأَكْثَر، وَقَالَ الرَّازِيّ وَأَتْبَاعه: لَا، وَصحح ابْن عقيل وَجمع كَون الْعلَّة صُورَة الْمَسْأَلَة / نَحْو: يَصح رهن مشَاع كرهنه من شَرِيكه، وَمنعه قوم] .

إِذا علل حكم عدمي بِوُجُود مَانع أَو انْتِفَاء شَرط كَمَا يُقَال: عدم شَرط صِحَة البيع وَهُوَ الرُّؤْيَة، أَو وجد الْمَانِع وَهُوَ الْجَهْل بِالْمَبِيعِ فَلَا يَصح، وَكَذَا يُقَال: عدم الشَّرْط كَعَدم الرَّجْم لعدم الْإِحْصَان، أَو وجد الْمَانِع لعدم الْقصاص كَعَدم الْقصاص على الْأَب لمَانع وَهُوَ الْأُبُوَّة.

فَهَل يجب وجود الْمُقْتَضِي مثل بيع من [أَهله] فِي مَحَله أَو لَا يجب؟ أَكثر الْعلمَاء على أَنه يجب وجود الْمُقْتَضِي.

قَالَ الْآمِدِيّ: لِأَن الحكم شرع لمصْلحَة الْخلق فَمَا لَا فَائِدَة فِيهِ لم يشرع، فَانْتفى لنفي فَائِدَته.

قَالَ الْمُخَالف: أَدِلَّة مُتعَدِّدَة، وَإِذا اسْتَقل الْمَانِع وَعدم الشَّرْط مَعَ وجود معارضه الْمُقْتَضِي فَمَعَ عَدمه أولى.

ص: 3291

رد: لَا يلْزم لما سبق. قَالُوا: يلْزم التَّعَارُض بَينهمَا وَهُوَ خلاف الأَصْل. رد: وَهُوَ أَهْون. وَلِهَذَا اتّفق من خصص الْعلَّة على نفي الحكم بالمانع وَعدم الشَّرْط مَعَ وجود الْمُقْتَضِي، وَاخْتلفُوا فِيهِ مَعَ عَدمه.

قَالُوا: لَو أُحِيل نفي الحكم عِنْد انْتِفَاء الْمُقْتَضِي على نَفْيه مَعَ مُنَاسبَة نَفْيه من الْمَانِع وَعدم الشَّرْط لزم إهمالها، وَهُوَ خلاف الأَصْل. رد: هُوَ أولى وَلِهَذَا يسْتَقلّ بنفيه عِنْد عدم الْمعَارض اتِّفَاقًا، وَفِي اسْتِقْلَال الْمَانِع ونفيه الْخلاف فِي تَخْصِيص الْعلَّة. وَإِن قيل: يُحَال نَفْيه عَلَيْهِمَا مَعًا. رد: إِن اسْتَقل كل مِنْهُمَا بنفيه فَفِيهِ تَعْلِيل حكم وَاحِد فِي صُورَة بعلتين، وَإِلَّا امْتنع لِلْخُرُوجِ المستقل بِالنَّفْيِ.

ص: 3292

وَهُوَ نفي الْمُقْتَضِي عِنْد نفي معارضه عِنْد الِاسْتِقْلَال.

قَالَ ابْن عقيل: هَل يَصح كَون الْعلَّة صُورَة الْمَسْأَلَة، نَحْو: يَصح رهن مشَاع كرهن من شَرِيكه؟ مَنعه بَعضهم لإفضائه إِلَى تَعْلِيل الْمَسْأَلَة وَعَدَمه. وَصَححهُ بَعضهم، وَقَالَ: وَهُوَ أصح.

قَالَ بَعضهم: يسْتَدلّ بِوُجُود الْعلَّة على الحكم لَا بعليتها لتوقفها عَلَيْهِ لِأَنَّهَا نِسْبَة.

قَوْله: [تَنْبِيه: أَصْحَابنَا وَالْحَنَفِيَّة [حكم] الأَصْل ثَابت بِالنَّصِّ، وَالشَّافِعِيَّة بِالْعِلَّةِ وَهُوَ الْمُعَرّف، وَالْخلاف / لَفْظِي وَقيل: لَا] .

ص: 3293

قَالَ ابْن مُفْلِح: " حكم الأَصْل ثَابت بِالنَّصِّ عندنَا، وَعند الْحَنَفِيَّة؛ لِأَنَّهُ قد يثبت تعبدا، فَلَو ثَبت بِالْعِلَّةِ لم يثبت مَعَ عدمهَا؛ وَلِأَنَّهَا مظنونة، وَفرع عَلَيْهِ ومرادهم أَنه معرف لَهُ.

وَعند الشَّافِعِيَّة: بِالْعِلَّةِ، ومرادهم الباعثة عَلَيْهِ، فَالْخِلَاف لَفْظِي " انْتهى.

ص: 3294

ذكر التَّاج السُّبْكِيّ والبرماوي هَذِه الْمَسْأَلَة من أول أَحْكَام الْعلَّة عِنْد حَدهَا، فَقَالُوا: قَالَ أهل الْحق الْعلَّة الْمُعَرّف، وَحكم الأَصْل ثَابت بهَا لَا بِالنَّصِّ، خلافًا للحنفية.

(قَالُوا: وَوجه ذكر هَذِه الْمَسْأَلَة بعد هَذَا التَّعْرِيف: التَّنْبِيه على خطأ ابْن الْحَاجِب فِي قَوْله: إِن أَصْحَابنَا بنوا قَوْلهم: إِن حكم الأَصْل ثَابت بِالْعِلَّةِ على تَفْسِيرهَا بالباعث.

فَأَشَارَ التَّاج فِي " جمع الْجَوَامِع " إِلَى أَنهم قَالُوا هَذَا مَعَ تفسيرهم الْعلَّة بالمعرف.

وَوجه توهم [ابْن الْحَاجِب] أَنه جعل الْعلَّة فرعا للْأَصْل أصلا للفرع، خوفًا من لُزُوم الدّور، فَإِنَّهَا مستنبطة من النَّص، فَلَو كَانَت معرفَة لَهُ، وَهِي إِنَّمَا عرفت بِهِ لزم الدّور.

ص: 3295

وَالْحق تَفْسِيرهَا بالمعرف بِمَعْنى أَنَّهَا نصبت أَمارَة يسْتَدلّ بهَا الْمُجْتَهد على وجود الحكم إِذا لم يكن عَارِفًا بِهِ، وَيجوز تخلفه فِي حق الْعَارِف، كالغيم الرطب أَمارَة الْمَطَر، وَقد يتَخَلَّف، وتخلف التَّعْرِيف بِالنِّسْبَةِ للعارف لَا يُخرجهَا عَن كَونهَا أَمارَة، فاتضح أَن الْعلَّة هِيَ الْمُعَرّف فِي الأَصْل وَالْفرع، وَلَا يلْزم الدّور) هَذَا لفظ ابْن الْعِرَاقِيّ.

قَالَ الْبرمَاوِيّ: " اقْتضى نقل الْحَنَفِيَّة عَن الشَّافِعِيَّة ذَلِك: أَنهم يفسرون الْعلَّة بالمؤثر أَو الْبَاعِث، حَتَّى لَا يكون النَّص على الحكم منافيا لتعليله، بِخِلَاف مَا لَو فسرت بالمعرف فَإِنَّهُ يُنَافِي النَّص؛ لِأَن النَّص أَيْضا معرف، وَهُوَ قد عرف من التَّعْلِيل فَأَي فَائِدَة فِي النَّص، وَلَكِن الشَّافِعِيَّة لَيْسَ عِنْدهم الْعلَّة إِلَّا معرفَة لَا مُؤثرَة، أَي: أَنَّهَا أَمارَة دَالَّة على الحكم، وغايته أَن / يكون للْحكم معرفان: النَّص، وَالْعلَّة ".

ثمَّ ذكر مَا قَالَه ابْن الْحَاجِب وَغَيره ثمَّ قَالَ: وللخلاف بَينهمَا فَوَائِد كَثِيرَة، يظْهر أثر اخْتِلَاف الشَّافِعِيَّة وَالْحَنَفِيَّة فِيهِ، خلافًا لمن زعم أَن الْخلاف لَفْظِي كَمَا اقْتَضَاهُ كَلَام الْآمِدِيّ، وَابْن برهَان، وَابْن الْحَاجِب، والهندي.

ص: 3296

- وَهُوَ الَّذِي قدمْنَاهُ تبعا لما جزم بِهِ ابْن مُفْلِح - مِنْهَا: التَّعْلِيل بِالْعِلَّةِ القاصرة، وَذكر غَيرهَا بِمَا يطول.

ص: 3297