الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ٍ وَفِي حكم مُخَالفَة النَّص وَالْإِجْمَاع: أَن تكون إِحْدَى مُقَدمَات الْقيَاس هِيَ الْمُخَالفَة للنَّص أَو الْإِجْمَاع، وَيَدعِي دُخُوله فِي إِطْلَاق مُخَالفَة النَّص أَو الْإِجْمَاع.
وَفِي معنى ذَلِك أَن يكون الحكم مِمَّا لَا يُمكن إثْبَاته بِالْقِيَاسِ، كإلحاق الْمُصراة بغَيْرهَا من الْمَعِيب فِي حكم الرَّد وَعَدَمه، وَوُجُوب بدل لَبنهَا الْمَوْجُود فِي الضَّرع؛ لِأَن هَذَا الْقيَاس مُخَالف لصريح النَّص الْوَارِد فِيهَا، أَو كَانَ تركيبه مشعرا بنقيض الحكم الْمَطْلُوب.
وَإِنَّمَا سمي هَذَا النَّوْع بذلك؛ لِأَن اعْتِبَار الْقيَاس مَعَ النَّص وَالْإِجْمَاع اعْتِبَار لَهُ مَعَ دَلِيل أقوى مِنْهُ، وَهُوَ اعْتِبَار فَاسد لحَدِيث معَاذ، فَإِنَّهُ أخر الِاجْتِهَاد عَن النَّص.
قَالَ الْعَسْقَلَانِي: " سمي بذلك؛ لِأَن الْفساد لَيْسَ فِي وضع الْقيَاس وتركيبه، بل لأمر من خَارج وَهُوَ عدم صِحَة الِاحْتِجَاج بِهِ مَعَ وجود النَّص الْمُخَالف لَهُ، لحَدِيث معَاذ حَيْثُ أخر الْعَمَل بِالْقِيَاسِ. وَصَوَّبَهُ صلى الله عليه وسلم َ -،
فَدلَّ على أَن رُتْبَة الْقيَاس بعد النَّص. وَلِأَن الظَّن الْمُسْتَفَاد من النَّص أقوى من الظَّن الْمُسْتَفَاد من الْقيَاس
".
وَكَذَا الصَّحَابَة لم يقيسوا إِلَّا مَعَ عدم النَّص، وَتقدم أَنه لَا يجوز الحكم بِالْقِيَاسِ إِلَّا بعد طلبه من النُّصُوص.
فَإِن قيل: هَذَا النَّوْع يؤول إِلَى فَسَاد الْوَضع - على مَا يَأْتِي - لِأَن كلا مِنْهُمَا اجْتِهَاد فِي مُقَابلَة النَّص، فَمَا وَجه تَمْيِيزه عَنهُ؟ وَلذَلِك جَعلهمَا أَبُو إِسْحَاق الشِّيرَازِيّ وَاحِدًا.
وَالْجَوَاب: أَن من انواع فَسَاد الِاعْتِبَار كَون تركيبه مشعرا بنقيض الحكم الْمَطْلُوب، فَهُوَ أَعم من فَسَاد الْوَضع، وَقد صرحنا بِهِ فِي الْمَتْن.
وَلذَلِك قَالَ الجدليون فِي تَرْتِيب الأسئلة: _ إِن فَسَاد الِاعْتِبَار مقدم على فَسَاد الْوَضع على مَا يَأْتِي -.
لِأَن فَسَاد الِاعْتِبَار نظر فِي فَسَاد الْقيَاس / من حَيْثُ الْجُمْلَة، وَفَسَاد الْوَضع أخص بِاعْتِبَار؛ لِأَنَّهُ يسْتَلْزم عدم اعْتِبَار الْقيَاس؛ لِأَنَّهُ قد يكون بِالنّظرِ إِلَى أَمر خَارج عَنهُ.
وَمِمَّنْ قَالَ إِن فَسَاد الِاعْتِبَار أَعم: الْهِنْدِيّ، والتاج السُّبْكِيّ فِي
" جمع الْجَوَامِع " وَجَمَاعَة.
وَقَالَ الْعَضُد: " النَّوْع الثَّانِي من الاعتراضات وَهُوَ اعْتِبَار تمكنه من الِاسْتِدْلَال بِالْقِيَاسِ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَة، فَإِن منع تمكنه من الْقيَاس مُطلقًا فَهُوَ فَسَاد الِاعْتِبَار، [كَأَن] يَدعِي أَن الْقيَاس لَا يعْتَبر فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَة، وَإِن مَنعه من الْقيَاس الْمَخْصُوص فَهُوَ من فَسَاد الْوَضع؛ لِأَنَّهُ يَدعِي أَنه وضع فِي الْمَسْأَلَة قِيَاسا لَا يَصح ".
وَقَالَ الْعَسْقَلَانِي: " وَاعْلَم أَن فَسَاد الْوَضع أَعم من فَسَاد الِاعْتِبَار؛ لِأَن الْقيَاس قد يكون صَحِيح الْوَضع، وَإِن كَانَ اعْتِبَاره فَاسِدا بِالنّظرِ إِلَى أَمر من خَارج، فَكل فَسَاد الْوَضع فَسَاد الِاعْتِبَار لَا عكس " انْتهى.
وَفَسرهُ ابْن الْمَنِيّ من أَصْحَابنَا بتوجيه الْمُنَازعَة فِي دلَالَة الْقيَاس.
قَوْله: (وَجَوَابه: بضعفه، أَو منع ظُهُوره، أَو تَأْوِيله، أَو القَوْل بِمُوجبِه، أَو معارضته بِمثلِهِ) . يحصل جَوَاب ذَلِك بأوجه مِنْهَا: بالطعن فِي سَنَده فَيمْنَع صِحَّته أويمنع دلَالَته.
قَالَ الطوفي فِي " شَرحه ": (منع النَّص الَّذِي ادّعى أَن الْقيَاس على خِلَافه إِمَّا منع دلَالَة أَو منع صِحَة.
مِثَال الأول: أَن يَقُول فِي الصَّوْم: لَا نسلم أَن الْآيَة تدل على صِحَة