المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ قال: " من مات يشرك به شيئا دخل النار، وقلت أنا: ومن مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ".وفي بعض أصول مسلم روي عن النبي - التحبير شرح التحرير - جـ ٧

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌قَوْله: {بَاب الْقيَاس}

- ‌ قَالَ: " من مَاتَ يُشْرك بِهِ شَيْئا دخل النَّار، وَقلت أَنا: وَمن مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة ".وَفِي بعض أصُول مُسلم رُوِيَ عَن النَّبِي

- ‌قَوْله: {فصل} {شَرط حكم الأَصْل كَونه إِن استلحق شَرْعِيًّا} .وَذَلِكَ لِأَنَّهُ الْقَصْد من الْقيَاس الشَّرْعِيّ.قَالَ فِي " الرَّوْضَة ": (والعقلي ومسائل الْأُصُول قَطْعِيَّة لَا تثبت بظني، وَكَذَا لَا يثبت بِهِ أصل الْقيَاس، وأصل خبر الْوَاحِد) انْتهى.قَالَ الْجُمْهُور: من شَرط

- ‌ لَا تَبِيعُوا الطَّعَام بِالطَّعَامِ إِلَّا يدا بيد سَوَاء بِسَوَاء

- ‌ إِنَّهَا من الطوافين "، أَو مجمعا على جَوَاز الْقيَاس عَلَيْهِ

- ‌ إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ فليتحالفا وليترادا)

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ دون غَيره، فَلَا يُعلل بِهِ.مِثَاله: الشّرف والخسة فِي [الْكَفَاءَة] وَعدمهَا، فَإِن الشّرف يُنَاسب التَّعْظِيم وَالْإِكْرَام، والخسة تناسب ضد ذَلِك فيعلل بِهِ بِالشّرطِ الْمُتَقَدّم. وَتَكون الْعلَّة أَيْضا وَصفا لغويا، مِثَاله: تَعْلِيل تَحْرِيم النَّبِيذ لِأَنَّهُ يُسمى خمرًا فَحرم كعصير

- ‌ إِنَّمَا ذَلِك عرق "، مَعَ

- ‌(قَوْله [فصل] )

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ بعد مَا أمره بالاستنجاء بِثَلَاثَة أَحْجَار: " وَلَا يستنجي برجيع وَلَا عظم "، فَدلَّ على أَنه أَرَادَ أَولا الْأَحْجَار وَمَا فِي مَعْنَاهَا، وَإِلَّا لم يكن فِي النَّهْي عَن الرجيع والعظم فَائِدَة. وَأما إِذا عَادَتْ عَلَيْهِ بالتخصيص فللعلماء فِيهِ قَولَانِ.قَالَ ابْن مُفْلِح: " وَإِن عَادَتْ

- ‌ لَا يقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان " أَن الْعلَّة تشويش الْفِكر، فيتعدى إِلَى كل مشوش من شدَّة فَرح وَنَحْوه.الْعجب من قَول القَاضِي أبي الطّيب الطَّبَرِيّ: أَجمعُوا على أَنه لَيْسَ لنا عِلّة تعود على أَصْلهَا بالتعميم إِلَّا هَذَا الْمِثَال، وَذَلِكَ جَائِز بِالْإِجْمَاع.فقد وجد من ذَلِك

- ‌ أَيّمَا امْرَأَة نكحت نَفسهَا بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل ".وَمِثَال مُخَالفَة الْإِجْمَاع: أَن يُقَال: مُسَافر فَلَا تجب عَلَيْهِ الصَّلَاة فِي السّفر، قِيَاسا على صَوْمه فِي عدم الْوُجُوب فِي السّفر بِجَامِع الْمَشَقَّة.فَيُقَال: هَذِه الْعلَّة مُخَالفَة، الْإِجْمَاع على عدم اعْتِبَارهَا فِي

- ‌[قَوْله] : (فصل))

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ مِنْهَا مَا هُوَ مُقَارن لنبوته، وَمِنْهَا مَا هُوَ بعد ذَلِك.وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: إِنَّمَا يشْتَرط هَذَا إِذا كَانَ طَرِيق حكم الْفَرْع مُتَعَيّنا فِي استناده للْأَصْل.وَقَالَ ابْن الْحَاجِب تبعا للآمدي: لَا يمْتَنع أَن يكون إلزاما للخصم.قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَلَا يخفى مَا فِي

- ‌(قَوْله: [مسالك الْعلَّة] )

- ‌ إِنَّمَا جعل الاسْتِئْذَان من أجل الْبَصَر " مُتَّفق عَلَيْهِ. وَقَوله

- ‌ لما ألْقى الروثة: " إِنَّهَا رِجْس "، وَقَوله

- ‌ فِي الشُّهَدَاء: " زملوهم بكلومهم وَدِمَائِهِمْ، فَإِنَّهُم يبعثون يَوْم الْقِيَامَة وأوداجهم تشخب دَمًا ".فَهَذَا كُله صَرِيح فِي التَّعْلِيل عِنْد القَاضِي، وَأبي الْخطاب، والآمدي، وَابْن الْحَاجِب، وَغَيرهم، خُصُوصا فِيمَا لحقته الْفَاء كَمَا تقدم.فَإِنَّهُ يبْعَث ويبعثون، فَإِنَّهَا

- ‌ فَسجدَ " كَقَوْل عمرَان بن حُصَيْن: " سَهَا رَسُول اللَّهِ

- ‌ بِكَذَا وَنهى عَن كَذَا، يعْمل بِهِ حملا على الرّفْع لَا على الِاجْتِهَاد. إِذا علم ذَلِك: فَإِذا رتب الشَّارِع حكما عقب اوصف بالفاءء كَمَا تقدم من الْأَمْثِلَة إِذْ الْفَاء للتعقيب، فتفيد تعقيب الحكم الْوَصْف وَأَنه سَببه، إِذْ السَّبَب مَا ثَبت الحكم عقبه، وَلِهَذَا تفهم السببيه مَعَ عدم

- ‌ من اتخذ كَلْبا إِلَّا كلب مَاشِيَة أَو صيد نقص من أجره

- ‌ لما سُئِلَ عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ " أينقص إِذا يبس؟ قَالُوا: نعم، فَنهى عَنهُ ".وَالثَّانِي: كَقَوْلِه

- ‌ وَقد سُئِلَ عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ: " أينقص إِذا يبس؟ قَالُوا: نعم، قَالَ: فَلَا إِذا "، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ، وَالنَّسَائِيّ، وَابْن مَاجَه، وَابْن خُزَيْمَة، وَالْحَاكِم.فَلَو لم يكن تَقْدِير نُقْصَان الرطب بالجفاف لأجل التَّعْلِيل لَكَانَ تَقْدِيره بَعيدا؛ إِذْ لَا فَائِدَة

- ‌ أَرْكَان الْقيَاس كلهَا.وَنَحْو ذَلِك فِي " الصَّحِيحَيْنِ ": " جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول اللَّهِ

- ‌ إِن أُمِّي نذرت أَن تحج فَلم تحج حَتَّى مَاتَت أفأحج عَنْهَا؟ قَالَ: حجي عَنْهَا، أَرَأَيْت لَو كَانَ على أمك دين أَكنت قاضيته، قَالَت: نعم، قَالَ: اقضوا اللَّهِ فَالله أَحَق بِالْوَفَاءِ " مُتَّفق عَلَيْهِ، وتابعناه فِي التَّمْثِيل بذلك، وَالْكل صَحِيح وَفِي الصَّحِيح.وَذكر أَبُو الْخطاب

- ‌ توهمه بالمضمضة؛ لِأَن ذَلِك تَعْلِيل لمنع الْإِفْسَاد.قَوْله: [وَمِنْهَا أَن يفرق

- ‌ للراجل سهم وللفارس سَهْمَان

- ‌ إِذا اخْتلفت هَذِه الْأَجْنَاس فبيعوا كَيفَ شِئْتُم إِذا كَانَ يدا بيد

- ‌ لَا يقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان رَوَاهُ الشَّافِعِي بِلَفْظ: " لَا يحكم الْحَاكِم أَو لَا يقْضِي بَين اثْنَيْنِ "، وَرَوَاهُ أَصْحَاب الْكتب بِلَفْظ: " لَا يقضين حَاكم بَين اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَان ".فالآية إِنَّمَا سيقت لبَيَان أَحْكَام الْجُمُعَة لَا لبَيَان أَحْكَام البيع، فَلَو لم يُعلل النَّهْي عَن البيع

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ ".وَقَالَ النَّبِي

- ‌ يَا أنس كتاب اللَّهِ الْقصاص

- ‌ كَالرَّاعِي يرْعَى حول الْحمى يُوشك أَن يرتع فِيهِ "، ثمَّ قَالَ: " أَلا وَإِن حمى اللَّهِ مَحَارمه

- ‌ بعثوا لتَحْصِيل / مصَالح الْعباد، فَيعلم ذَلِك بالاستقراء، فمهما وجدنَا مصلحَة غلب على الظَّن أَنَّهَا مَطْلُوبَة للشَّرْع، فنعتبرها؛ لِأَن الظَّن منَاط الْعَمَل.وَقَالَ الْقَرَافِيّ: الْمصَالح بِالْإِضَافَة إِلَى شَهَادَة الشَّرْع لَهَا بِالِاعْتِبَارِ ثَلَاثَة أَقسَام:مَا شهد الشَّرْع

- ‌[فصل] )

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌(قَوْله: (فصل))

- ‌(قَوْله: (فصل))

- ‌(قَوْله: (فَوَائِد))

- ‌ إِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم "، فَيعْتَبر الْأَمر فِي كل طائف

- ‌ من أعتق شركا لَهُ فِي عبد، وَكَانَ لَهُ مَال يبلغ ثمن العَبْد قوم عَلَيْهِ قيمَة عدل…... الحَدِيث ".، فَإنَّا نقطع بِعَدَمِ اعْتِبَار الشَّارِع الذُّكُورَة وَالْأُنُوثَة فِيهِ.وَمثل قَوْله

- ‌(قَوْله (فصل))

- ‌ إِذا اجْتهد

- ‌ عهد إِلَيْنَا فِيهِنَّ عهدا ننتهي إِلَيْهِ: الْجد، والكلالة، وأبواب من أَبْوَاب الرِّبَا ".وَصَحَّ عَن [ابْن] عمر: " أجرؤكم على الْجد أجرؤكم على جَهَنَّم "، وَصَحَّ عَن ابْن الْمسيب، عَن عمر وَعلي، وَرَوَاهُ سعيد فِي " سنَنه

- ‌ بَيَان على وَفقه مَعَ عُمُوم الْحَاجة إِلَيْهِ فِي زَمَانه وَعُمُوم الْحَاجة إِلَى خِلَافه، هَل يعْمل بذلك الْقيَاس؟ فِيهِ خلاف وَذكر لَهُ صورا:مِنْهَا: ضَمَان الدَّرك وَهُوَ مِثَال للشق الثَّانِي من الْمَسْأَلَة.وَمِنْهَا وَهُوَ مِثَال الأول: صَلَاة الْإِنْسَان على من مَاتَ من الْمُسلمين فِي مَشَارِق

- ‌ للَّذي أَرَادَ الانتفاء من وَلَده لمُخَالفَة لَونه: " لَعَلَّه نَزعه عرق " وَهَذَا قِيَاس لجَوَاز مُخَالفَة الْوَلَد للوالد فِي

- ‌(قَوْله (فصل))

- ‌(قَوْله: (فصل القوادح)

- ‌ رخص فِي السّلم ".أما مُخَالفَة الْإِجْمَاع فكقول حَنَفِيّ: لَا يجوز للرجل أَن يغسل امْرَأَته؛ لِأَنَّهُ يحرم النّظر إِلَيْهَا كالأجنبية.فَيُقَال: هَذَا فَاسد الِاعْتِبَار لمُخَالفَة الْإِجْمَاع السكوتي، وَهُوَ أَن عليا غسل فَاطِمَة

- ‌ فَدلَّ على أَن رُتْبَة الْقيَاس بعد النَّص. وَلِأَن الظَّن الْمُسْتَفَاد من النَّص أقوى من الظَّن الْمُسْتَفَاد من الْقيَاس

- ‌ بِخِلَاف غَيرهمَا فَإِن

- ‌ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل المبدلين، لَكِن نحتج بِهِ على أهل الْكتاب لتصديقهم بِهِ. انْتهى.قَوْله: (وَإِن نقض أَحدهمَا عِلّة الآخر بِأَصْل نَفسه لم يجز عِنْد أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيَّة، وَقيل: بلَى، وَقَالَ الشَّيْخ: هُوَ كقياسه على أصل نَفسه) .لَو نقض الْمُعْتَرض أَو الْمُسْتَدلّ عِلّة

- ‌ فِي الْأَصَح، وَلَا بِرُخْصَة ثَابِتَة على خلاف مُقْتَضى الْقيَاس، وَلَا بموضوع اسْتِحْسَان عِنْد أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيَّة، وَعند الشَّيْخ: تنْتَقض المستنبطة إِن لم يبين مَانِعا) .قَالَ ابْن مُفْلِح: (وَفِي قبُول النَّقْض بالمنسوخ وبخاص بِالنَّبِيِّ

- ‌ وَكَانَ حِينَئِذٍ مَوْزُونا.وَمِنْهَا: الْمُطَالبَة بِكَوْن وصف الْمعَارض مؤثرا.يُقَال: وَلم قلت: إِن الْكَيْل مُؤثر وَهَذَا إِنَّمَا يسمع من الْمُسْتَدلّ إِذا كَانَ مثبتا للعلية بالمناسبة أَو الشّبَه، حَتَّى يحْتَاج الْمعَارض فِي معارضته إِلَى بَيَان مُنَاسبَة أَو شبه، بِخِلَاف مَا إِذا أثْبته

- ‌ الْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ

- ‌ بِلَا كَيفَ وَلَا شرح، وَلَا يُقَال:

الفصل: ‌ قال: " من مات يشرك به شيئا دخل النار، وقلت أنا: ومن مات لا يشرك بالله شيئا دخل الجنة ".وفي بعض أصول مسلم روي عن النبي

فقاس وَضعهَا فِي حَلَال فيؤجر على وَضعهَا فِي حرَام فيؤزر بنقيض الْعلَّة.

وَأما الصَّحَابَة رضي الله عنهم فَفِي " الصَّحِيحَيْنِ " عَن ابْن مَسْعُود رضي الله عنه أَن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم َ -‌

‌ قَالَ: " من مَاتَ يُشْرك بِهِ شَيْئا دخل النَّار، وَقلت أَنا: وَمن مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة ".

وَفِي بعض أصُول مُسلم رُوِيَ عَن النَّبِي

صلى الله عليه وسلم َ -: " من مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة. قَالَ: وَقلت أَنا: من مَاتَ يُشْرك بِهِ شَيْئا دخل النَّار ".

ص: 3130

قلت: وَالَّذِي يغلب على [الظَّن] أَن هَذَا اللَّفْظ فِي البُخَارِيّ.

وكل مِنْهُمَا يحصل بِهِ الْمَقْصُود، وَلم يُنكر ذَلِك أحد من الصَّحَابَة عَلَيْهِ. لَكِن رَوَاهُمَا مُسلم عَن جَابر مَرْفُوعا، فَلَا حَاجَة إِلَى الْقيَاس.

وَيجمع بَين الرِّوَايَتَيْنِ أَنه عِنْد ذكر كل لَفْظَة] كَانَ نَاسِيا لِلْأُخْرَى كَمَا جمع بِهِ النَّوَوِيّ.

ص: 3131

فَظهر بذلك كُله أَنه حجَّة إِلَّا أَنه هَل يُسمى قِيَاسا حَقِيقَة أَو مجَازًا؟ ثَلَاثَة أَقْوَال، أرجحها الثَّانِي، لِأَن بعضه تلازم، وَنقل عَن صَاحب الْمُعْتَمد.

وَقيل: لَا يُسمى قِيَاسا أصلا، وَبِه صرح ابْن االصباغ فِي " الْعدة ".

قَالَ: لِأَن غَايَته أَنه من نظم التلازم) انْتهى.

قَوْله: {وأركانه: أصل، وَفرع، وَعلة، وَحكم} .

المُرَاد بالأركان هُنَا: مَا لَا يتم الْقيَاس إِلَّا بِهِ، لِأَن الْقيَاس إِذا كَانَ رد فرع إِلَى أصل، أَو حمل مَعْلُوم على مَعْلُوم - على مَا بَيناهُ - فالرد أَو الْحمل مصدر، وَهُوَ معنى من الْمعَانِي، فَكيف يكون أَرْكَانه؟ وأركان الشَّيْء: هُوَ مَا يتألف ذَلِك الشَّيْء مِنْهُ، فإطلاق الْأَركان على هَذِه الْأُمُور مجَاز، إِلَّا أَن يَعْنِي بِالْقِيَاسِ: مَجْمُوع هَذِه الْأُمُور مَعَ الْحمل تَغْلِيبًا فَيصير كل من الْأَرْبَعَة شطراً لَا شرطا، وَنَظِيره فِي الْفِقْه: إِطْلَاق أَن البيع أَرْكَانه ثَلَاثَة: عَاقد، ومعقود، وَصِيغَة، وَالْمرَاد مَا لَا بُد مِنْهُ.

ص: 3132

أَرْكَان الْقيَاس أَرْبَعَة وَهِي: الأَصْل، وَالْفرع، وَالْعلَّة الجامعة، وَالْحكم.

وَأما مَا حُكيَ أَن الْقيَاس يجوز من غير أصل.

فَقَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ: " هُوَ قَول من خلط الِاجْتِهَاد بِالْقِيَاسِ " أَي سمى الِاجْتِهَاد قِيَاسا وَالْحق أَنه نوع من الِاجْتِهَاد.

وَالَّذِي لَا يحْتَاج إِلَى أصل هُوَ مَا سواهُ من أَنْوَاع الِاجْتِهَاد، وَأما الْقيَاس فَلَا بُد لَهُ من أصل.

وَحكي أَيْضا خلاف شَاذ فِي أَن الْعلَّة لَيست من أَرْكَان الْقيَاس، وَأَنه يَصح الْقيَاس بِدُونِهَا إِذا لَاحَ بعض الشّبَه.

وَهُوَ بَاطِل، لَا سِيمَا إِذا قُلْنَا إِن الْعلَّة هِيَ الدَّالَّة على الحكم فِي الأَصْل مَعَ وجود النَّص على الحكم.

ص: 3133

وَقَوله: " بَينهمَا بعض الشّبَه " هُوَ غير الْعلَّة فِي الْجُمْلَة.

قَالَ الطوفي فِي " شَرحه ": " ركن الشَّيْء هُوَ جزؤه الدَّاخِل فِي [حَقِيقَته]، ثمَّ قَالَ: لم كَانَت أَرْكَان الْقيَاس أَرْبَعَة؟ وَله توجيهات إقناعية وَحَقِيقَة:

أَحدهَا: أَنه الْقيَاس معنى مَعْقُول والمعاني المعقولة مَحْمُولَة على الْأَعْيَان المحسوسة، وَقد تقرر أَن اركان المحسوسات هِيَ العناصر، وَهِي أَرْبَعَة، فَكَذَلِك المعقولات تَقْتَضِي بِحكم هَذَا أَن تكون أَرْكَانهَا أَرْبَعَة، فَإِن زَاد شَيْء مِنْهَا أَو نقص عَن ذَلِك فَهُوَ خَارج عَن مُقْتَضى الأَصْل لمقْتَضى خَاص.

الثَّانِي: أَنه قد سبق أَن مدَار المحدثات على عللها الْأَرْبَع المادية، والصورية، والفاعلية، والغائية، وَهِي أَرْكَان لَهَا، وَذَلِكَ بَين فِي المحسوسات، والمعقولات مُلْحقَة بهَا كَمَا سبق آنِفا.

الثَّالِث: أَن الْقيَاس الشَّرْعِيّ رَاجع فِي الْحَقِيقَة إِلَى الْقيَاس الْعقلِيّ المنطقي الْمُؤلف من الْمُتَقَدِّمين، لِأَن قَوْلنَا: النَّبِيذ مُسكر فَكَانَ حَرَامًا كَالْخمرِ، مُخْتَصر من قَوْلنَا: النَّبِيذ مُسكر وكل مُسكر حرَام، وَقَوْلنَا: الْأرز مَكِيل فَحرم فِيهِ التَّفَاضُل كالبر، مُخْتَصر من قَوْلنَا: الْأرز مَكِيل، وكل مَكِيل يحرم فِيهِ التَّفَاضُل. وَلَيْسَ فِي الأول زِيَادَة على الثَّانِي إِلَّا ذكر الأَصْل الْمَقِيس عَلَيْهِ على

ص: 3134

جِهَة التنظير بِهِ والتأنس، وَلِهَذَا لَو قُلْنَا: النَّبِيذ مُسكر فَهُوَ حرَام، والأرز مَكِيل فَهُوَ رِبَوِيّ لحصل الْمَقْصُود.

وَإِذا ثَبت أَن الْقيَاس الشَّرْعِيّ رَاجع إِلَى الْعقلِيّ لزم فِيهِ مَا لزم فِي الْعقلِيّ من كَونه على أَرْبَعَة أَرْكَان.

وَبَيَانه: أَن المقدمتين والنتيجة تشْتَمل على سِتَّة أَجزَاء من بَين مَوْضُوع ومحمول، فَسقط مِنْهَا بالتكرار جزءان، وَهُوَ الْحَد الْوسط، يبْقى أَرْبَعَة أَجزَاء هِيَ أَرْكَان الْمَقْصُود، وَهِي الَّتِي يقْتَصر عَلَيْهَا الْفُقَهَاء فِي أقيستهم.

مِثَاله: قَوْلنَا /: النَّبِيذ مُسكر، جزءان: مَوْضُوع وَهُوَ النَّبِيذ، ومحمول وَهُوَ مُسكر، ثمَّ نقُول: وكل مُسكر حرَام، فهذان جزءان وَيلْزم عَن ذَلِك النَّبِيذ حرَام وهما جزءان آخرَانِ، صَارَت سِتَّة أَجزَاء هَكَذَا: النَّبِيذ مُسكر وكل مُسكر حرَام فالنبيذ حرَام، يسْقط مِنْهَا لفظ " مُسكر " مرَّتَيْنِ، لِأَنَّهُ

ص: 3135

مَحْمُول فِي الْمُقدمَة الأولى، مَوْضُوع فِي الثَّانِيَة يبْقى هَكَذَا: النَّبِيذ مُسكر، فَهُوَ حرَام، وَهُوَ صُورَة قِيَاس الْفُقَهَاء.

فقد بَان بِهَذَا: أَن الْقيَاس الشَّرْعِيّ مَحْمُول على الْعقلِيّ فِي بنائِهِ على أَرْبَعَة أَرْكَان بِالْجُمْلَةِ.

الرَّابِع: أَن الْقيَاس معنى إضافي يفْتَقر فِي تَحْقِيقه إِلَى مقيس، وَهُوَ الْمُسَمّى فرعا، وَإِلَى مقيس عَلَيْهِ، وَهُوَ الْمُسَمّى أصلا، وَإِلَى مقيس لَهُ، وَهُوَ الْمُسَمّى عِلّة، وَإِلَى مقيس فِيهِ، وَهُوَ الْمُسَمّى حكما، فَلَمَّا تعلق بِهَذِهِ الْمعَانِي الْأَرْبَعَة وافتقر فِي تَحْقِيقه إِلَيْهَا لَا جرم كَانَت أركاناً لَهُ " انْتهى.

قَالَ الْبرمَاوِيّ: " المُرَاد بالأركان هُنَا مَا لَا يتم الْقيَاس إِلَّا بِهِ، لِأَن الْقيَاس إِذا كَانَ هُوَ " حمل مَعْلُوم على مَعْلُوم "، " فالحمل " مصدر، وَهُوَ معنى من الْمعَانِي، فَكيف تكون أَرْكَانه؟ وأركان الشَّيْء مَا يتألف ذَلِك الشَّيْء مِنْهُ، فإطلاق الْأَركان على هَذِه الْأُمُور مجَاز، إِلَّا أَن يَعْنِي بِالْقِيَاسِ مَجْمُوع هَذِه الْأُمُور مَعَ الْحمل تَغْلِيبًا، فَيصير كل من الْأَرْبَعَة شطراً لَا شرطا " انْتهى.

قَوْله: {فَالْأَصْل مَحل الحكم الْمُشبه بِهِ عِنْد الْفُقَهَاء، وَعند الْمُتَكَلِّمين: دَلِيله، وَعند الرَّازِيّ: حكم الْمحل وَهُوَ لَفْظِي، وَقَالَ

ص: 3136

الشَّيْخ: يَقع على الْجَمِيع، وَابْن عقيل هُوَ الحكم وَالْعلَّة}

إِذا تقرر أَن أَرْكَان الْقيَاس أَرْبَعَة: فَلَا بُد من تَعْرِيف كل مِنْهُمَا وَبَيَان شَرطه بوفاق أَو خلاف.

وَإِنَّمَا بدأنا بِالْأَصْلِ لما لَا يخفى من تَفْرِيع غَيره عَلَيْهِ فَهُوَ أولى من تَأْخِيره.

وَقد سبق فِي أول هَذَا الشَّرْح أَن الأَصْل فِي اللُّغَة: مَا يبْنى عَلَيْهِ الشَّيْء أَو نَحْو ذَلِك.

وَأَن لَهُ فِي الِاصْطِلَاح إطلاقات:

ص: 3137

أَحدهَا: مَا يذكر فِي الْقيَاس وَهُوَ المُرَاد وَقد اخْتلف فِيهِ على أَقْوَال:

أَحدهَا: وَهُوَ الْمُرَجح، وَقَول الْأَكْثَر، وَبِه قَالَ الْفُقَهَاء وَكثير من الْمُتَكَلِّمين أَنه: مَحل الحكم الْمُشبه بِهِ، كَالْخمرِ فِي الْمِثَال السَّابِق.

وَذكره الْآمِدِيّ عَن الْفُقَهَاء وَأَنه أشبه لَا فتقار الحكم وَالنَّص إِلَيْهِ.

وَالْقَوْل الثَّانِي: / أَن الأَصْل دَلِيل الحكم.

قَالَ ابْن مُفْلِح: " وَحكي عَن الْمُتَكَلِّمين ".

وَحَكَاهُ فِي " الملخص " عَن الباقلاني.

وَحَكَاهُ صَاحب " الْوَاضِح " عَن الْمُعْتَزلَة فَيكون فِي الْمِثَال فِي قَوْله - تعالي - {فَاجْتَنبُوهُ} [الْمَائِدَة: 90] . وَمَا فِي مَعْنَاهُ من الْكتاب وَالسّنة وَالْإِجْمَاع.

وَالْقَوْل الثَّالِث: أَنه نفس حكم الْمحل، فَهُوَ نفس الحكم الَّذِي فِي

ص: 3138

الأَصْل كالتحريم فِي الْمِثَال، لِأَنَّهُ الَّذِي يتَفَرَّع عَلَيْهِ الحكم فِي الْفَرْع، وَاخْتَارَهُ الرَّازِيّ.

وَذكر الْآمِدِيّ: أَنه لَيْسَ بِالْوَصْفِ الْجَامِع اتِّفَاقًا وَحكى قولا فِي ذَلِك. وَالْخلاف فِي ذَلِك لَفْظِي.

قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل وَغَيره: والنزاع لَفْظِي، لصِحَّة إِطْلَاق الأَصْل على كل مِنْهَا.

وَيَأْتِي كَلَام ابْن مُفْلِح، وَابْن الْحَاجِب، وَغَيرهمَا.

وَقَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: الأَصْل يَقع على الْجَمِيع، فَيَقَع الأَصْل على مَحل الحكم الْمُشبه بِهِ عِنْد الْفُقَهَاء وَهُوَ الْخمر، وَيَقَع على دَلِيل الحكم وَهُوَ فِي قَوْله تَعَالَى:{فَاجْتَنبُوهُ} ، وَيَقَع على نفس الحكم الَّذِي فِي الأَصْل كالتحريم.

ص: 3139

وَاخْتَارَ ابْن عقيل: أَنه الحكم وَالْعلَّة.

قَوْله: {وَالْفرع: الْمُشبه عِنْد الْفُقَهَاء، وَعند الْمُتَكَلِّمين، وَابْن قَاضِي الْجَبَل حكمه} .

وَإِنَّمَا قدم على الحكم وَالْعلَّة، لِأَن الْفَرْع مُقَابل الأَصْل، فَنَاسَبَ أَن يذكر عقبه لما بَين الضدين من اللُّزُوم الذهْنِي.

وَفِي المُرَاد بِهِ فِي الْقيَاس قَولَانِ.

أَحدهمَا: وَهُوَ الْأَرْجَح أَنه: الْمحل الْمُشبه، وَذَلِكَ كالنبيذ فِي الْمِثَال السَّابِق، وَبِه قَالَ الْفُقَهَاء، حَكَاهُ ابْن الْعِرَاقِيّ عَنْهُم.

وَالْقَوْل الثَّانِي: أَنه الحكم الْمُشبه بِهِ، وَهُوَ التَّحْرِيم.

وَبِه قَالَ المتكلمون، وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيّ.

قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: وَهُوَ الْأَصَح.

ص: 3140

وَهَذَانِ الْقَوْلَانِ مرتبان على القَوْل فِي تَعْرِيف الأَصْل.

فَمن قَالَ: الْمحل هُنَاكَ قَالَ هُنَا الْمحل، وَمن قَالَ هُنَالك الحكم قَالَ هُنَا الحكم، وَأما من قَالَ هُنَاكَ: إِن الأَصْل هُوَ الدَّلِيل، فَلَا يُمكن أَن يَقُول هُنَا دَلِيل الْفَرْع، لِأَن دَلِيله إِنَّمَا هُوَ الْقيَاس وَلذَلِك لم يَجْعَل حكم الْفَرْع من أَرْكَان الْقيَاس، لِأَنَّهُ ثمراته وناشئ عَنهُ كَمَا سبق.

قَالَ ابْن مُفْلِح تبعا لِابْنِ الْحَاجِب وَغَيره: " والأقوال متوجهة لِأَن الأَصْل مَا يَنْبَنِي عَلَيْهِ غَيره، وَلِهَذَا كَانَ الْجَامِع فرعا للْأَصْل لأَخذه مِنْهُ، وَهُوَ أصل للفرع اتِّفَاقًا لبِنَاء حكمه عَلَيْهِ.

قَالَ ابْن عقيل: والمعلول الحكم لَا الْمَحْكُوم فِيهِ، خلافًا لأبي عَليّ الطَّبَرِيّ الشَّافِعِي، لِأَنَّهَا أثارته، وَيُقَال: بِمَ تعلل الحكم؟ واعتل فلَان لحكمه بِكَذَا وَعلة الْمَرِيض تقوم بِهِ وتؤثر فِيهِ، فَلهَذَا كَانَ الْجِسْم معلولاً " انْتهى.

ص: 3141

قَالَ الْبرمَاوِيّ: " فِي الْكَلَام على الأَصْل: أَشَارَ ابْن الْحَاجِب إِلَى أَن الأَصْل فِي اللُّغَة مَا نَبْنِي عَلَيْهِ غَيره، فَهُوَ يساعد إِطْلَاقه اصْطِلَاحا على كل من الْأَقْوَال الثَّلَاثَة يَعْنِي الَّتِي فِي الأَصْل، فَلَا بعد فِي الْجَمِيع، لَكِن هَذَا وَإِن كَانَ مُسلما لَكِن الأول من الْأَقْوَال الثَّلَاثَة أرجح من حَيْثُ إِن بَاب الْقيَاس مرجعه إِلَى الْفُقَهَاء، وَقد ساعدهم الأصوليون فِيهِ على [مصطلحهم] وجروا فِي ذَلِك على مُقْتَضى قَوْلهم، فَلَا يطلقون الأَصْل إِلَّا على مَا يُطلقهُ الْفُقَهَاء، وَهُوَ مَحل الحكم الْمُشبه بِهِ لِئَلَّا يختبط الذِّهْن بَين الاصطلاحات.

ثمَّ قَالَ ابْن الْحَاجِب: وَكَذَا، أَي: وَلأَجل أَن الأَصْل مَا يبْنى عَلَيْهِ غَيره كَانَ الْوَصْف الْجَامِع فرعا للْأَصْل أصلا للفرع.

وَمرَاده أَن الشَّيْء الْوَاحِد يكون أصلا بِاعْتِبَار، فرعا بِاعْتِبَار، وَهُوَ معنى قَول الرَّازِيّ: إِن الحكم أصل فِي مَحل الْوِفَاق فرع فِي مَحل الْخلاف وَالْعلَّة بِالْعَكْسِ.

وَتَحْقِيق ذَلِك: أَن الأَصْل إِمَّا أَن يكون بِالذَّاتِ، أَي: بِلَا وَاسِطَة، أَو بِالْعرضِ، أَي: بِوَاسِطَة أَمر آخر، فَلَا خلاف فِي الْمَعْنى بل فِي الِاصْطِلَاح ". انْتهى.

ص: 3142