الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَوْله: {وَغير مَنْسُوخ} .
يَعْنِي شَرط حكم الأَصْل أَن لَا يكون مَنْسُوخا، لِأَن الْمَنْسُوخ لم يبْق لَهُ وجود فِي الشَّرْع، فَيلْحق فِيهِ الْأَحْكَام بِقِيَاس وَغَيره، وَلذَلِك لم يذكرهُ بَعضهم فِي الشُّرُوط، لِأَنَّهُ زَالَ اعْتِبَار [الْجَامِع] . قَوْله:{وَلَا شَامِلًا لحكم الْفَرْع} (إِذْ لَو كَانَ شَامِلًا لحكم الْفَرْع لم يكن جعل أَحدهمَا أصلا وَالْآخر فرعا أولى من الْعَكْس، ولكان الْقيَاس ضائعاً، وتطويلاً بِلَا طائل، مِثَاله فِي الذّرة: مطعوم فَلَا يجوز بَيْعه بِجِنْسِهِ مُتَفَاضلا، قِيَاسا على الْبر، فَيمْنَع فِي الْبر، فَيَقُول: قَالَ صلى الله عليه وسلم َ -: "
لَا تَبِيعُوا الطَّعَام بِالطَّعَامِ إِلَّا يدا بيد سَوَاء بِسَوَاء
.
فَإِن الطَّعَام يتَنَاوَل الذّرة كَمَا يتَنَاوَل الْبر.
وأ نت تعلم مِمَّا ذكر أَن دَلِيل الْعلَّة إِذا كَانَ نصا وَجب أَلا يتَنَاوَل الْفَرْع بِلَفْظِهِ، مثل أَن يَقُول: النباش يقطع، لِأَنَّهُ سَارِق، كالسارق من الْحَيّ إِنَّمَا يقطع لِأَنَّهُ سَارِق، فَيَقُول: لقَوْله تَعَالَى: {وَالسَّارِق والسارقة فَاقْطَعُوا أَيْدِيهِمَا} [الْمَائِدَة: 38] .
رتب الْقطع على السّرقَة بفاء التعقيب، فَدلَّ على أَنه الْمُقْتَضِي للْقطع.
فَيُقَال: فَهَذَا يُوجب ثُبُوت الحكم فِي الْفَرْع بِالنَّصِّ، فَإِن ثُبُوت الْعلَّة بعد ثُبُوت الحكم، وَلَا مخلص للمستدل إِلَّا منع كَونه عَاما) قَالَه الْعَضُد.
من شَرط حكم الأَصْل الْمَقِيس عَلَيْهِ أَن لَا يكون معدولاً بِهِ عَن سنَن
الْقيَاس، أَي عَن طَرِيقه الْمُعْتَبر فِيهِ / لتعذر التَّعْدِيَة حِينَئِذٍ وَذَلِكَ على ضَرْبَيْنِ.
أَحدهمَا: لكَونه لم يعقل مَعْنَاهُ، إِمَّا لكَونه اسْتثْنِي من قَاعِدَة عَامَّة كالعمل [بِشَهَادَة] خُزَيْمَة وَحده فِيمَا لَا يقبل شَهَادَة الْوَاحِد
فِيهِ، أَو لم يسْتَثْن كتقدير نصب الزكوات، وأعداد الرَّكْعَات، ومقادير الْحُدُود وَالْكَفَّارَات.
وَالضَّرْب الثَّانِي: مَا عقل مَعْنَاهُ وَلَكِن لَا نَظِير لَهُ، سَوَاء كَانَ لَهُ معنى ظَاهر، كرخص السّفر، أَو لَا معنى لَهُ ظَاهر كالقسامة.
كَذَا مثلت بِهِ تبعا لِابْنِ مُفْلِح تبعا لِابْنِ الْحَاجِب وَغَيره.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: " لَكِن فِي جعله الْقسَامَة معقولة الْمَعْنى وَهُوَ خَفِي، بِخِلَاف شَهَادَة خُزَيْمَة، ومقادير الْحُدُود، نظر ظَاهر.
قلت: قد بَين الشَّيْخ تَقِيّ الدّين وَابْن الْقيم الْمَعْنى فِي الْقسَامَة وعللاه بعلل جَيِّدَة.
أما إِذا شرع ابْتِدَاء، فَجعله من الْخَارِج عَن سنَن الْقيَاس مجَاز، لِأَنَّهُ لم يدْخل حَتَّى يخرج، وَإِذا كَانَ أَيْضا خَارِجا عَن الْمَعْنى لِمَعْنى كالعرايا المخرجة من الربويات لحَاجَة الْفُقَرَاء فِي الأَصْل، لَا يُقَال فِيهِ خَارج عَن سنَن الْقيَاس إِلَّا مجَازًا، نبه عَلَيْهِ الْغَزالِيّ وَغَيره، نعم يَقع الْبَحْث فِي أُمُور جعلت خَارِجَة عَن سنَن الْقيَاس من وَجه آخر.
مِنْهَا رخص السّفر، قَالُوا: لَا يدْخل فِيهَا الْقيَاس لعدم النظير، فَيمْنَع لوُجُود الْمَشَقَّة فِي غير السّفر من الْأَعْمَال الشاقة كالحمالين.
وَجَوَابه: أَن التَّعْلِيل بمظنة الْمَشَقَّة لعدم انضباط الْحِكْمَة، وَهِي الْمَشَقَّة.
وَمِنْهَا: قَوْلهم: يجْرِي الْقيَاس فِي الْحُدُود وَالْكَفَّارَات الرُّخص والتقديرات، وَالْمرَاد بهَا نَفسهَا، أما مقاديرها فَلَا يجْرِي فِيهَا الْقيَاس ".
قَوْله: {وَمَا خص من الْقيَاس يجوز الْقيَاس عَلَيْهِ وَقِيَاسه على غَيره، عِنْد
أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيَّة وَبَعض الْحَنَفِيَّة والمالكية /، وَمنعه أكثرهما إِلَّا أَن يكون مُعَللا أَو مجمعا على قِيَاسه كوجه لنا. قَالَ القَاضِي: لَا يُقَاس على غَيره فِي إِسْقَاط حكم النَّص وَيُقَاس عَلَيْهِ غَيره}
قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: وَاخْتلف فِي الْقيَاس على أصل مَخْصُوص من جملَة الْقيَاس، وَهُوَ تَارَة لَا تفهم علته كجعل شَهَادَة خُزَيْمَة شهادتين فَلَا يُقَاس، وَتارَة تفهم.
قَالَ أَبُو يعلى: " الْمَخْصُوص من جملَة الْقيَاس يُقَاس عَلَيْهِ وَيُقَاس [على] غَيره، أما الأول لِأَن أَحْمد قَالَ فِيمَن نذر ذبح نَفسه: يفدى نَفسه بكبش، فقاس من نذر ذبح نَفسه على من نذر ذبح وَلَده " انْتهى.
قَالَ ابْن مُفْلِح: (وَهُوَ قَول أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيَّة، وَبَعض