الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلِهَذَا فِي " الصَّحِيحَيْنِ " أَن عمر قَالَ فِي الْخطْبَة على الْمِنْبَر " ثَلَاث " وددت أَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم َ -
عهد إِلَيْنَا فِيهِنَّ عهدا ننتهي إِلَيْهِ: الْجد، والكلالة، وأبواب من أَبْوَاب الرِّبَا ".
وَصَحَّ عَن [ابْن] عمر: " أجرؤكم على الْجد أجرؤكم على جَهَنَّم "، وَصَحَّ عَن ابْن الْمسيب، عَن عمر وَعلي، وَرَوَاهُ سعيد فِي " سنَنه
"
بِإِسْنَاد جيد عَن الْمسيب مَرْفُوعا.
وَضرب زيد لعمر مثلا " بشجرة انشعب من أَصْلهَا غُصْن، ثمَّ انشعب من الْغُصْن خوطان، فالغصن يجمع الخوطين دون الأَصْل، وَأحد الخوطين أقرب إِلَى أَخِيه مِنْهُ إِلَى الأَصْل ".
وَضرب عَليّ وَابْن عَبَّاس لعمر مثلا مَعْنَاهُ: أَن سيلا سَالَ فخلج مِنْهُ خليج، ثمَّ خلج من ذَلِك الخليج شعْبَان.
وَصَحَّ عَن عمر قَوْله لعُثْمَان: " رَأَيْت فِي الْجد رَأيا فَإِن رَأَيْتُمْ فَاتَّبعُوهُ، فَقلت: إِن نتبع رَأْيك فَهُوَ رشد، وَإِن نتبع رَأْي الشَّيْخ قبلك فَنعم ذُو الرَّأْي كَانَ ".
وَسُئِلَ عُبَيْدَة عَن مَسْأَلَة فِيهَا جد فَقَالَ: " حفظت / عَن عمر فِيهِ مائَة قصَّة مُخْتَلفَة ".
قَالَ ابْن حزم: لَا إِسْنَاد أصح مِنْهُ.
وَصَحَّ عَن ابْن عَبَّاس وَاحْتج بِهِ ابْن حزم - أَنه قَالَ لزيد عَن قَوْله فِي العمريتين: " أتقوله بِرَأْيِك، أم تَجدهُ فِي كتاب اللَّهِ تَعَالَى، قَالَ: برأيي
لَا افضل أما على أَب ".
وَمِنْه اخْتلَافهمْ فِي قَوْله لزوجته: " أَنْت عَليّ حرَام ".
(صفحة فارغة)
وَكتب عمر إِلَى أبي مُوسَى: " مَا لم يبلغك فِي الْكتاب وَالسّنة، اعرف الْأَمْثَال [والأشباه] ، ثمَّ قس الْأُمُور عِنْد ذَلِك فاعمد إِلَى أحبها إِلَى اللَّهِ
وأشبهها بِالْحَقِّ " رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ، والخلال.
قَالَ أَحْمد فِي رِوَايَة أَحْمد بن الْحسن قَالَ عمر بن الْخطاب: " اعرف الْأَمْثَال [والأشباه] وقايس الْأُمُور ".
وَقَالَ أَحْمد أَيْضا فِي رِوَايَة بكر: " على الإِمَام وَالْحَاكِم يرد عَلَيْهِ الْأَمر أَن يقيس وَيُشبه، كَمَا كتب عمر إِلَى شُرَيْح: أَن قس الْأُمُور وَكَذَا وَكَذَا، فَأَما رجل لم يُقَلّد إِلَيْهِ هَذَا فأرجو أَن لَا يلْزمه ".
وَسُئِلَ فِي رِوَايَة يُوسُف بن مُوسَى عَن الْقيَاس فَقَالَ: " ذهب قوم إِلَيْهِ؛ لِأَن عمر قَالَ: يشبه بالشَّيْء
وَقَالَ آخَرُونَ: لَا.
قيل: فَقَالَ فَمَا تَقول؟
قَالَ: أعفني.
قيل: من فعله يعنف.
قَالَ: إِذا وضع الْكتب وَأكْثر ". وَمرَاده مَا سبق أَنه ضَرُورَة. وَصَحَّ عَن عُثْمَان " الْقَضَاء بتوريث المبتوتة فِي مرض الْمَوْت " رَوَاهُ
مَالك، وَالشَّافِعِيّ،
وَأحمد، وَرَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ عَن عمر.
وَلما حصر عُثْمَان طلق أم الْبَنِينَ، فَورثَهَا عَليّ وَقَالَ:" تَركهَا حَتَّى أشرف على الْمَوْت طَلقهَا ".
وَسبق قَول عَليّ: " إِذا سكر هذى، وَإِذا هذى افترى ". وَلم يُنكر شَيْء مِمَّا سبق.
فَإِن قيل: آحَاد وَالْمَسْأَلَة قَطْعِيَّة. ثمَّ لَعَلَّ عَمَلهم بِغَيْر الْقيَاس. ثمَّ من عمل بعض الصَّحَابَة.
ثمَّ لَا نسلم عدم الْإِنْكَار فَلَعَلَّهُ لم ينْقل.
ثمَّ قد نقل فَعَن الصّديق: " أَي أَرض تُقِلني؟ أَو أَي سَمَاء تُظِلنِي؟ أَو أَيْن أذهب؟ أَو كَيفَ أصنع؟ أَن قلت فِي آيَة من كتاب اللَّهِ برأيي أَو بِمَا لَا أعلم ".
قَالَ ابْن حزم ثَبت عَنهُ.
وَفِي " الصَّحِيح " عَن الْفَارُوق /: " اتهموا الرَّأْي على الدّين ".
وَكَذَا عَن سهل بن حنيف.
وَعَن عَليّ " لَو كَانَ الدّين بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَل الْخُف أولى بِالْمَسْحِ من أَعْلَاهُ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَغَيره.
عَن عمر: " إيَّاكُمْ وَأَصْحَاب الرَّأْي فَإِنَّهُم أَعدَاء السّنَن أعيتهم الْأَحَادِيث أَن يحفظوها فَقَالُوا بِالرَّأْيِ فضلوا وأضلوا " رَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيّ،
وَابْن عبد الْبر.
وَعَن [ابْن] مَسْعُود: " يَجِيء قوم يقيسون الْأُمُور بآرائهم "، رَوَاهُ الدَّارمِيّ، والخلال.
وَرَوَوْهُ أَيْضا بِإِسْنَاد جيد عَن ابْن سِيرِين: " أول من قَاس إِبْلِيس، وَمَا عبدت الشَّمْس وَالْقَمَر إِلَّا بالمقاييس ".
وَرَوَوْهُ عَن الشّعبِيّ: " إيَّاكُمْ والمقايسه ".
قَالَ ابْن حزم: القَوْل بِالْقِيَاسِ أَو بِالرَّأْيِ لَا يحل فِي الدّين.
أبطلناه بِالنَّصِّ وَالْعقل، وَأجْمع الصَّحَابَة على إِبْطَاله؛ لأَنهم يصدقون بِالْكتاب وَفِيه:{الْيَوْم أكملت لكم دينكُمْ} [الْمَائِدَة: 3] ، {فَإِن تنازعتم فِي شىء} الْآيَة.
وكل رَأْي جَاءَ عَنْهُم فَلَيْسَ أَنه إِلْزَام أَو حق لكنه إِشَارَة بِعَفْو أَو صلح أَو تورع.
ثمَّ احْتج بِخَبَر عَوْف بن مَالك: " تفترق أمتِي على بضع وَسبعين فرقة، أعظمها فتْنَة على أمتِي قوم يقيسون الْأُمُور برأيهم، فيحللون الْحَرَام ويحرمون الْحَلَال ".
لَكِن الحَدِيث مُنكر رده الْحفاظ.
سلمنَا عدم الْإِنْكَار لكنه لَا يدل على الْمُوَافقَة لاحْتِمَال خوف أَو غَيره.
ثمَّ لَا حجَّة فِي إِجْمَاعهم.
ثمَّ هِيَ أقيسة مَخْصُوصَة.
ثمَّ يجوز لَهُم خَاصَّة.
رد الأول: يتواتراها معنى، كشجاعة عَليّ وسخاء حَاتِم، ثمَّ هِيَ ظنية.
وَالثَّانِي: بِأَنَّهُ دلّ السِّيَاق والقرائن أَن الْعَمَل بِهِ، وَلَو كَانَ بِغَيْرِهِ لظهر واشتهر وَنقل، ولأصحابنا الجوابان.
وَسبق الثَّالِث وَالرَّابِع وَالْخَامِس وَالسَّادِس فِي الْإِجْمَاع.
وَالْمرَاد من الْإِنْكَار مَا تقدم قَرِيبا من مُرَاد الإِمَام أَحْمد وَحمل كَلَامه عَلَيْهِ. وَدَعوى ابْن حزم بَاطِلَة.
وَجَوَاب مَا احْتج بِهِ من الْكتاب مَا سبق، وَمن الْبَاطِل حجَّته بقوله:{فَلَا تضربوا لله الْأَمْثَال} [النَّحْل: 74] ، ثمَّ الْقيَاس مَأْمُور بِهِ شرعا.
وَكَذَا جَوَاب من احْتج بقوله تَعَالَى: {لَا تقدمُوا بَين يَدي اللَّهِ / وَرَسُوله} [الحجرات: 1]، {وَأَن احكم بَينهم بِمَا أنزل اللَّهِ} [الْمَائِدَة: 49] ، {مَا فرطنا فِي الْكتاب من شَيْء} [الْأَنْعَام: 38] .
وَقيل: الْكتاب اللَّوْح الْمَحْفُوظ.
قَوْلهم: أقيسة مَخْصُوصَة.
رد: بِمَا سبق، ثمَّ عمِلُوا لظهورها كالأدلة الظَّاهِرَة لَا لخصوصها.
وَقَوْلهمْ: يجوز لَهُم خَاصَّة.
رد: بِمَا سبق، ثمَّ لَا قَائِل بالتفرقة.
وَأَيْضًا: ظن تَعْلِيل حكم الأَصْل بعلة تُوجد فِي الْفَرْع يُوجب التَّسْوِيَة، والنقيضان لَا يَجْتَمِعَانِ وَلَا يرتفعان، وَالْعَمَل بالمرجوح مَمْنُوع، فالراجح مُتَعَيّن.
قَالُوا: يُؤَدِّي إِلَى التَّفَرُّق والمنازعة الْمنْهِي عَنْهُمَا.
رد: بِالْمَنْعِ، ثمَّ بِخَبَر الْوَاحِد والعموم، وَالله أعلم.
قَوْله: (وَهُوَ حجَّة فِي الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة اتِّفَاقًا) .
قَالَ فِي " الْمَحْصُول " مَا مَعْنَاهُ: إِذا كَانَ تَعْلِيل الأَصْل قَطْعِيا وَوُجُود الْعلَّة فِي الأَصْل قَطْعِيا كَانَ الْقيَاس قَطْعِيا مُتَّفقا عَلَيْهِ، وَأَن الْقيَاس الظني حجَّة فِي الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة اتِّفَاقًا كمداواة الْأَمْرَاض، والأغذية، والأسفار والمتاجر وَغير ذَلِك.
إِنَّمَا النزاع فِي كَونه حجَّة فِي الشرعيات ومستندات الْمُجْتَهدين.
وَتَابعه فِي " جمع الْجَوَامِع "، وَابْن قَاضِي الْجَبَل وَغَيرهمَا.
قَوْله: (وَفِي غَيرهَا أَيْضا عِنْد أَكثر الْقَائِل بِهِ - أَن الْقيَاس حجَّة فِي غير الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة كالشرعيات -، وَمنع الباقلاني فِي قِيَاس الْعَكْس، وَابْن عَبْدَانِ مَا لم يضْطَر إِلَيْهِ، وَقوم فِي أصُول الْعِبَادَات، وَجمع: الجزئي الحاجي إِذا
لم يرد نَص على وَفقه، وَأَبُو حنيفَة وَأَصْحَابه: فِي حد، وَكَفَّارَة، وَبدل، وَرخّص، ومقدر، مَعَ تقديرهم الْجُمُعَة بأَرْبعَة، وخرق الْخُف بِثَلَاثَة أَصَابِع قِيَاسا، وَجمع: سَبَب وَشرط ومانع، وَفِي " الْمُغنِي ": لَا يجْرِي فِي المظان وَإِنَّمَا يتَعَدَّى الحكم بتعدي سَببه، وَطَائِفَة فِي العقليات، وَقَالَ الطوفي فِيهِ قِيَاس قَطْعِيّ بِحَسب مَطْلُوبه، وَقوم: فِي الْعَادَات والحقائق) .
أَي الْقيَاس حجَّة فِي غير الْأُمُور الدُّنْيَوِيَّة كالشرعيات وَغَيرهَا، وَهَذَا عَلَيْهِ الْعلمَاء من الْقَائِلين بِالْقِيَاسِ للأدلة الْمُتَقَدّمَة.
وَلَكِن اسْتثْنى طوائف من الْعلمَاء مسَائِل من ذَلِك وَمنع الْقيَاس فِيهِ، فَمنع القَاضِي أَبُو بكر الباقلاني وَغَيره كَونه حجَّة فِي قِيَاس الْعَكْس.
قَالَ ابْن مُفْلِح /: " فَإِن قيل: مَا حكم قِيَاس الْعَكْس؟
قيل: حجَّة، ذكره القَاضِي وَغَيره من أَصْحَابنَا والمالكية، وَهُوَ
الْمَشْهُور عَن الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة، كالدلالة لطهارة دم السّمك بِأَكْلِهِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ لَو كَانَ نجسا لما أكل بِهِ، كالحيوانات النَّجِسَة دَمهَا، وَنَحْو: لَو سنت السُّورَة فِي الْأُخْرَيَيْنِ لسن الْجَهْر كالأوليين.
وَفِي مُسلم من حَدِيث أبي ذَر: " وَفِي بعض أحدكُم صَدَقَة، قَالُوا: يَا رَسُول اللَّهِ أَيَأتِي أَحَدنَا شَهْوَته وَيكون لَهُ فِيهَا أجر؟ قَالَ: أَرَأَيْتُم لَو وَضعهَا فِي حرَام أَكَانَ عَلَيْهِ وزر؟ فَكَذَلِك إِذا وَضعهَا فِي الْحَلَال كَانَ لَهُ أجر ".
وَمنع مِنْهُ قوم مِنْهُم الباقلاني، وَسبق بَيَانه فِي أول الْقيَاس وَحده " انْتهى.
وَقد حررنا هَذَا هُنَاكَ فَليُرَاجع.
وَمنع ابْن عَبْدَانِ من الشَّافِعِيَّة من الْقيَاس إِلَّا عِنْد الضَّرُورَة، بِأَن تحدث حَادِثَة تَقْتَضِي الضَّرُورَة معرفَة حكمهَا لَيْسَ فِيهَا نَص، فيقيس إِذا للْحَاجة إِلَيْهِ، بِخِلَاف مَا لم تقع فَلَا يجوز الْقيَاس فِيهِ لانْتِفَاء فَائِدَته.
قُلْنَا: فَائِدَته الْعَمَل بِهِ فِيمَا إِذا وَقعت تِلْكَ الْمَسْأَلَة.
حَكَاهُ عَنهُ ابْن الصّلاح فِي " طبقاته " وَقَالَ: يَأْبَى هَذَا وضع الْأَئِمَّة الْكتب الطافحة بالمسائل القياسية من غير تَقْيِيد بحادثة.
وَمنع قوم الْقيَاس فِي إِثْبَات أصُول الْعِبَادَات، فنفوا جَوَاز الصَّلَاة بِالْإِيمَاءِ المقيسة على صَلَاة الْقَاعِد بِجَامِع الْعَجز.
قَالُوا: لِأَن الدَّوَاعِي تتوفر على فعل أصُول الْعِبَادَات وَمَا يتَعَلَّق بهَا، وَعدم نقل الصَّلَاة بِالْإِيمَاءِ الَّتِي هِيَ من ذَلِك يدل على عدم جَوَازهَا، فَلَا يثبت جَوَازهَا بِالْقِيَاسِ وَدفع ذَلِك بِمَنْعه ظَاهر.
وَمنع جمع: الجزئي الحاجي، أَي: الَّذِي تَدْعُو الْحَاجة إِلَى مُقْتَضَاهُ إِذا لم يرد نَص على وَفقه فِي مُقْتَضَاهُ، كضمان الدَّرك وَهُوَ ضَمَان الثّمن للْمُشْتَرِي إِن خرج الْمَبِيع مُسْتَحقّا.
الْقيَاس يَقْتَضِي مَنعه؛ لِأَنَّهُ ضَمَان مَا لم يجب / وَعَلِيهِ ابْن [سُرَيج] .
وَالأَصَح صِحَّته لعُمُوم الْحَاجة إِلَيْهِ لمعاملة الغرباء وَغَيرهم، لَكِن بعد قبض الثّمن الَّذِي هُوَ سَبَب الْوُجُوب حَيْثُ يخرج الْمَبِيع مُسْتَحقّا.