الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(قَوْله (فصل))
(أَصْحَابنَا وَالْأَكْثَر وَأَشَارَ إِلَيْهِ أَحْمد: أَن النَّص على عِلّة حكم الأَصْل يَكْفِي فِي التَّعَدِّي.
وَأَبُو الْخطاب والموفق وَأكْثر الشَّافِعِيَّة، والسرخي والآمدي: إِن ورد التَّعَبُّد بِالْقِيَاسِ كفى وَإِلَّا فَلَا.
والبصري: يَكْفِي فِي عِلّة التَّحْرِيم لَا غَيرهَا.
قَالَ الشَّيْخ: هُوَ قِيَاس مَذْهَبنَا.
وسمى ابْن عقيل [المنصوصة] اسْتِدْلَالا، وَقَالَ: مَذْهَبنَا لَيْسَ بِقِيَاس وَقَالَهُ بعض الْفُقَهَاء) .
قَالَ ابْن مُفْلِح: (النَّص على عِلّة حكم الأَصْل يَكْفِي فِي التَّعَدِّي عِنْد أَصْحَابنَا.
قَالَ القَاضِي وَابْن عقيل: أَشَارَ أَحْمد / إِلَيْهِ " لَا يجوز بيع رطب بيابس "
وَاحْتج بنهيه عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ، وَذكره بعض أَصْحَابنَا وَغَيرهم عَن الْأَكْثَر من مثبتي الْقيَاس كالرازي، والكرخي، وَأكْثر الشَّافِعِيَّة وَمن منكريه كالنظام،
والقاشاني، والنهرواني.
وَفِي " الرَّوْضَة ". إِن ورد التَّعَبُّد بِالْقِيَاسِ كفى وَإِلَّا فَلَا.
وَذكره فِي " التَّمْهِيد " ضمن مَسْأَلَة تَخْصِيص الْعلَّة.
وَاخْتَارَهُ السَّرخسِيّ، وَذكره عَن بعض شُيُوخه.
وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيّ، وَذكره عَن أَكثر الشَّافِعِيَّة، وَقَالَهُ الجعفران
وَبَعض الظَّاهِرِيَّة.
وَذكر عبد الْوَهَّاب الْمَالِكِي وَبَعض أَصْحَابنَا قَول الْجُمْهُور ونصروه.
وَعَن أبي عبد اللَّهِ الْبَصْرِيّ: يَكْفِي فِي عِلّة التَّحْرِيم لَا غَيرهَا.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: (هُوَ قِيَاس مَذْهَبنَا فِي الْأَيْمَان وَغَيرهَا؛ لِأَنَّهُ يجب ترك الْمَفَاسِد كلهَا بِخِلَاف الْمصَالح فَإِنَّهَا يجب تَحْصِيل مَا يحْتَاج إِلَيْهِ) .
وسمى ابْن عقيل الْعلَّة المنصوصة اسْتِدْلَالا، وَقَالَ: مَذْهَبنَا لَيْسَ بِقِيَاس، وَأَنه قَول جمَاعَة من الْفُقَهَاء؛ لِأَن الْفَأْرَة كالهرة فِي الطّواف الْمُصَرّح بِهِ.
وَذكر القَاضِي: التَّنْبِيه وَالْعلَّة [المنصوصة] وَمَا فِي معنى الأَصْل كالزيت مَعَ السّمن، وَالْأمة مَعَ العَبْد، [والجوع مَعَ الْغَضَب مَسْأَلَة وَاحِدَة.
وَكَذَا ذكر أَبُو الْمَعَالِي الْأمة مَعَ العَبْد] ، وَالْبَوْل فِي إِنَاء وصبه فِي مَاء، وَنَحْوهمَا فِي تَسْمِيَته قِيَاسا مذهبان نَحْو الْخلاف فِي الْعلَّة المنصوصة، وَرجح تَسْمِيَته قِيَاسا، قَالَ وَهِي لفظية.
وَفِي " التَّمْهِيد ": لَا يجوز الْمَنْع من هَذَا الْقيَاس؛ وَإِن نهى عَن الْقيَاس الشَّرْعِيّ.
وقصره ابْن الباقلاني وَأَبُو حَامِد الإسفريني وَغَيرهمَا: على الصُّورَة المعللة تعبدنا بِالْقِيَاسِ أَو لَا.
وَفِي " التَّمْهِيد ": لم يقلهُ أحد كَمَا قَالَ.
وَفِي مُقَدّمَة " الْمُجَرّد ": احْتِمَالَانِ، [أَحدهمَا لَا يتَعَدَّى حَتَّى يَقُول قيسوا عَلَيْهِ وَالثَّانِي يتَعَدَّى.
وَذكر الشِّيرَازِيّ احْتِمَالَيْنِ] : أَحدهمَا: يتَعَدَّى، وَالثَّانِي: كَالْوَكِيلِ فِيهِ وَرجحه.
وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا: يظْهر فِي " حرمت السكر لحلاوته "، التَّعْلِيل بالحلاوة الْخَاصَّة لَا الْمُطلقَة بِخِلَاف قَوْله: لِأَنَّهُ حُلْو.
وَسوى ابْن عقيل وَغَيره.
وَجه الثَّانِي: لَا دَلِيل، وَالْأَصْل عَدمه.
وَأَيْضًا: أعتقت سالما لدينِهِ، أَو لِأَنَّهُ دين لَا يتَعَدَّى ومناقضة الْعُقَلَاء / لَهُ لطلب فَائِدَة التَّخْصِيص لَا الْعُمُوم.
وَذكر الْآمِدِيّ عَن بَعضهم: إِن علم قَصده للدّين عَم.
وَعَن بَعضهم يعم بِالنِّيَّةِ.
وَعَن بَعضهم: يعم إِن قَالَ: قيسوا عَلَيْهِ كل دين، وَاخْتَارَهُ الصَّيْرَفِي الشَّافِعِي.
وَفِي " الرَّوْضَة ": فِي هَذِه الصُّورَة لَا يعم.
وَفِي " الْعدة " يعم.
فَإِن احْتج بِهِ نفاة الْقيَاس.
رد: بِأَن التَّعَبُّد منع مِنْهُ مُبَالغَة فِي صِيَانة ملك الْآدَمِيّ بِخِلَاف الْأَحْكَام، وَيجوز أَن تنَاقض علته، وَلِهَذَا لَو قَالَ الشَّارِع قيسوا عَلَيْهِ عَم، وَلِهَذَا فهم الْقيَاس لُغَة وَعرفا فِي غير الْملك نَحْو:" لَا تشربه فَإِنَّهُ مسهل "، و " لَا تجالسه لبدعته "، وَلَو قَالَ لمُوكلِه:" أعْتقهُ لدينِهِ، أَو لِأَنَّهُ دين " لم يعم إِجْمَاعًا، ذكره الْآمِدِيّ.
وَكَذَا لَو قَالَ: قس عَلَيْهِ، أَو كَانَ قَالَ لَهُ: إِذا أَمرتك بِشَيْء لعِلَّة فقس عَلَيْهِ لجَوَاز المناقضة والبداء؛ لِأَن الشَّارِع لم يدل عَلَيْهِ وَلم يُكَلف بِهِ.
وَعند أبي الْخطاب يعم.
وَفِي كَلَام القَاضِي والآمدي مَا يُوَافقهُ ككلام الشَّارِع، وَالْأَصْل عدم البداء، وَلِأَنَّهُ كجواز وُرُود النّسخ وَلَا يمْنَع الْقيَاس.
قَالُوا: حرمت الْخمر لإسكاره كرمت كل مُسكر.
رد: دَعْوَى بِلَا دَلِيل، ثمَّ لَو كَانَ عتق من سبق.
فَإِن قيل: لِأَنَّهُ حق آدَمِيّ فَوقف على الصَّرِيح.
رد: دَعْوَى، ثمَّ يلْزم التَّعَارُض وَهُوَ خلاف الأَصْل، ثمَّ الظَّاهِر فِيهِ كَالصَّرِيحِ.
قَالُوا: قَوْله لِابْنِهِ: " لَا تَأْكُله؛ لِأَنَّهُ مَسْمُوم " يتَعَدَّى.
رد: لقَرِينَة شَفَقَة الْأَب، وَالْأَحْكَام يجمع فِيهَا بَين مُخْتَلفين وَيفرق بَين متماثلين؛ لِأَن الْمصلحَة إِن اعْتبرت فقد تخْتَلف بالأوقات.
وألزم ابْن عقيل بِالزَّمَانِ.
قَالُوا: إِن لم يعم فَلَا فَائِدَة.
رد: فَائِدَته تعقل الْمَعْنى فَإِنَّهُ أدعى إِلَى الْقبُول، وَنفي الحكم عِنْد عَدمه.
قَالُوا: كالتنبيه.
رد: إِنَّمَا فهم مِنْهُ لقَرِينَة إكرام الْوَالِدين.
قَالُوا: كَقَوْلِه الْإِسْكَار عِلّة التَّحْرِيم.
رد: حكم بِالْعِلَّةِ على مُسكر فَلَا أَوْلَوِيَّة لتساوي نسبتهما إِلَى الْجَمِيع. وَاعْتمد فِي " التَّمْهِيد " على قَوْله: / أوجبت أكل السكر كل يَوْم؛ لِأَنَّهُ حُلْو، كَذَا قَالَ.
وَقَالَ بعض أَصْحَابنَا: وَفِيه نظر؛ لِأَنَّهُ يبطل إِيجَاب السكر.
احْتج الْبَصْرِيّ: بِأَن من ترك رمانة لحموضتها لزمَه التَّعْمِيم بِخِلَاف صدقته على فَقير.
رد: لَا يلْزمه، ثمَّ لقَرِينَة الْأَذَى وَلَا قرينَة فِي الْأَحْكَام.
احْتج من قصره: باحتماله الْجُزْئِيَّة.
رد: ظَاهر اقْتِصَار الشَّارِع عَلَيْهِ استقلاله فَلَا يتْرك بِاحْتِمَال) وَالله أعلم.
قَوْله: (وَالْحكم الْمُتَعَدِّي إِلَى الْفَرْع بعلة منصوصة مُرَاد بِالنَّصِّ، كعلة مُجْتَهد فِيهَا فرعها مُرَاد بِالِاجْتِهَادِ، وَقيل: لَا) .
قَالَ ابْن مُفْلِح وَغَيره: " الحكم الْمُتَعَدِّي إِلَى الْفَرْع بعلة منصوصة مُرَاد بِالنَّصِّ، كعلة مُجْتَهد فِيهَا /، فرعها مُرَاد بِالِاجْتِهَادِ؛ لِأَن الأَصْل مستتبع لفرعه، خلافًا لبَعْضهِم، ذكره أَبُو الْخطاب.
قَالَ الْمجد: كَلَامه يَقْتَضِي أَنَّهَا مُسْتَقلَّة، قَالَ: وَعِنْدِي أَنَّهَا مَبْنِيَّة على الْمَسْأَلَة قبلهَا.
قَالَ الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: وَذكر القَاضِي أَعم من ذَلِك، فَقَالَ: الحكم بِالْقِيَاسِ على أصل مَنْصُوص عَلَيْهِ مُرَاد بِالنَّصِّ الَّذِي فِي الأَصْل خلافًا لبَعض الْمُتَكَلِّمين ".
قَوْله: (وَيجوز ثُبُوت كل الْأَحْكَام بِنَصّ من الشَّارِع لَا بِالْقِيَاسِ عِنْد أَصْحَابنَا وَالْأَكْثَر) .
فِيهِ مَسْأَلَتَانِ:
الأولى: هَل يجوز ثُبُوت كل الْأَحْكَام بنصوص من الشَّارِع أم لَا؟
الْجُمْهُور: على الْجَوَاز.
قَالَ شذوذ: لَا يجوز؛ لِأَن الْحَوَادِث لَا تتناهى، فَكيف تنطبق عَلَيْهَا نُصُوص متناهية.
رد ذَلِك: بِأَنَّهَا تتناهى لتناهي التكاليف بالقيامة، ثمَّ يجوز أَن تحدث نُصُوص غير متناهية.
قَالَ ابْن قَاضِي الْجَبَل: قلت بل متناهية، لِأَن الْحَوَادِث المفتقرة إِلَى الْأَحْكَام هِيَ الْوَاقِعَة فِي دَار التَّكْلِيف، وَالْأَفْعَال فِيهَا متناهية ضَرُورَة تناهيها، أما الْجنَّة فدار جَزَاء لَا دَار تَكْلِيف. انْتهى.
الثَّانِيَة: هَل يجوز ثُبُوت كل الْأَحْكَام بِالْقِيَاسِ أم لَا؟
الْجُمْهُور: على عدم الْجَوَاز؛ لِأَن / الْقيَاس لَا بُد لَهُ من أصل، وَلِأَن فِيهَا مَا لَا يعقل مَعْنَاهُ كضرب الدِّيَة على الْعَاقِلَة، فإجراء الْقيَاس فِي مثله مُتَعَذر، لما علم أَن الْقيَاس فرع تعقل الْمَعْنى الْمُعَلل بِهِ الحكم فِي الأَصْل، وَأَيْضًا: فَإِن فِيهَا مَا تخْتَلف أَحْكَامه فَلَا يجْرِي فِيهِ.
وَجوزهُ قوم قَالُوا: كَمَا يجوز إِثْبَاتهَا كلهَا بِالنَّصِّ، وَمَعْنَاهُ: أَن كلا من الْأَحْكَام صَالح لِأَن يثبت بِالْقِيَاسِ بِأَن يدْرك مَعْنَاهُ، وَوُجُوب الدِّيَة على الْعَاقِلَة لَهُ معنى يدْرك، وَهُوَ إِعَانَة الْجَانِي فِيهَا هُوَ مَعْذُور فِيهِ، كَمَا يعان الْغَارِم لإِصْلَاح ذَات الْبَين بِمَا يصرف إِلَيْهِ من الزَّكَاة.
قلت: قد ذكر الشَّيْخ تَقِيّ الدّين، وَتَبعهُ ابْن الْقيم فِي " أَعْلَام الموقعين ": أَنه لَيْسَ فِي الشَّرِيعَة مَا يُخَالف الْقيَاس وَلَا مَا لَا يعقل مَعْنَاهُ، وبينوا ذَلِك بِمَا لَا مزِيد عَلَيْهِ، وَالله أعلم.
قَوْله: (فَائِدَتَانِ: الأولى: مَعْرفَته فرض كِفَايَة، وَيكون فرض عين على بعض الْمُجْتَهدين) .
مِمَّا يُسْتَفَاد أَن الْقيَاس فرض كِفَايَة عِنْد تعدد الْمُجْتَهدين، لَكِن إِذا احْتَاجَ الْمُجْتَهد - وَكَانَ وَاحِدًا فَقَط مَعَ ضيق الْوَقْت - يصير فرض عين.
وغاير ابْن حمدَان فِي " الْمقنع " بَين الْقَوْلَيْنِ فَقَالَ: فرض كِفَايَة، وَقيل فرض عين.
وَالصَّوَاب مَا قُلْنَاهُ أَولا.
قَوْله: (وَهُوَ من الدّين خلافًا للْقَاضِي وَأبي الْهُذيْل، وَقَالَ الجبائي الْوَاجِب مِنْهُ) .
قَالَ فِي " التَّمْهِيد ": " هَل يُسمى دينا مَأْمُورا بِهِ أم لَا؟
أما كَونه مَأْمُورا بِهِ فَصَحِيح، وَأما كَونه مَأْمُورا بِهِ بِصِيغَة " افْعَل " فَصَحِيح أ] أَيْضا من قَوْله:{فاعتبروا يَا أولى الْأَبْصَار} [الْحَشْر: 2] .
وَأما من وَصفه بِأَنَّهُ دين فَلَا شُبْهَة فِيهِ؛ لِأَن مَا تعبدنا اللَّهِ بِهِ فَهُوَ دين.
وَقد امْتنع أَبُو الْهُذيْل من إِطْلَاق اسْم الدّين عَلَيْهِ.
وَالدَّلِيل عَلَيْهِ: أَنا متعبدون بِهِ بِمَا دلّ عَلَيْهِ الدَّلِيل، وَلِأَن من نزلت بِهِ حَادِثَة - وَكَانَ فِيهَا قَاض أَو مفت أَو مُجْتَهد لنَفسِهِ وضاق عَلَيْهِ الْوَقْت -، وَجب عَلَيْهِ / أَن يقيس " انْتهى.
قَالَ ابْن مُفْلِح: " الْقيَاس دين، وَعند أبي الْهُذيْل: لَا يُطلق عَلَيْهِ اسْم دين، وَهُوَ فِي بعض كَلَام القَاضِي، وَعند الجبائي: الْوَاجِب مِنْهُ دين " انْتهى.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: الْقيَاس لَيْسَ ببدعة، بل هُوَ من الدّين على الْأَصَح من الْأَقْوَال الثَّلَاثَة.
قَالَ أَبُو الْحُسَيْن فِي " الْمُعْتَمد ": كَون الْقيَاس دين اللَّهِ لَا ريب فِيهِ إِذا عني لَيْسَ ببدعة، فَإِن أُرِيد غير ذَلِك فَذكر الْخلاف.
قَالَ الرَّوْيَانِيّ فِي " الْبَحْر ": الْقيَاس عندنَا دين اللَّهِ وحجته وشرعه.
قَالَ ابْن السَّمْعَانِيّ: إِنَّه دين اللَّهِ وَدين رَسُوله بِمَعْنى أَنه دلّ عَلَيْهِ، وَلَا يجوز أَن يُقَال: هُوَ قَول اللَّهِ تَعَالَى.
فَالْقَوْل الَّذِي قدمْنَاهُ فِي الْمَتْن هُوَ الصَّحِيح، وَهُوَ الَّذِي اخْتَارَهُ أَبُو الْحُسَيْن
وَعبد الْجَبَّار، وَقدمه ابْن مُفْلِح، وَغَيره، وَعَلِيهِ الْأَكْثَر.
قَوْله: (الثَّانِيَة: النَّفْي أُصَلِّي [يجْرِي] فِيهِ قِيَاس الدّلَالَة فيؤكد بِهِ الِاسْتِصْحَاب، وطارىء كبراءة الذِّمَّة يجْرِي فِيهِ [هُوَ] وَقِيَاس الْعلَّة) .
النَّفْي ضَرْبَان: أُصَلِّي، وطارئ.
فالأصلي: هُوَ الْبَقَاء على مَا كَانَ قبل وُرُود الشَّرْع، كانتفاء صَلَاة سادسة، فَهُوَ مبقى باستصحاب مُوجب الْعقل، فَلَا يجْرِي فِيهِ قِيَاس الْعلَّة؛ لِأَنَّهُ لَا مُوجب لَهُ قبل وُرُود السّمع، فَلَيْسَ بِحكم شَرْعِي حَتَّى يطْلب لَهُ عِلّة شَرْعِيَّة بل هُوَ نفي حكم الشَّرْع وَلَا عِلّة، وَإِنَّمَا الْعلَّة لما يَتَجَدَّد لَكِن يجْرِي فِيهِ قِيَاس الدّلَالَة / وَهُوَ أَن يسْتَدلّ بِانْتِفَاء حكم سيء على انتفائه عَن مثله وَيكون ذَلِك ضم دَلِيل إِلَى دَلِيل هُوَ اسْتِصْحَاب الْحَال وَهَذَا هُوَ الصَّحِيح، أَعنِي الْفرق بِكَوْنِهِ لَا يجْرِي فِيهِ قِيَاس الْعلَّة
وَيجْرِي فِيهِ قِيَاس الدّلَالَة اخْتَارَهُ الْغَزالِيّ والرازي وَعَزاهُ الْهِنْدِيّ للمحققين. فَقَالُوا: يجوز بِقِيَاس الدّلَالَة وَهُوَ الِاسْتِدْلَال بِانْتِفَاء آثاره وخواصه على عَدمه دون قِيَاس الْعلَّة، لِأَن الْعَدَم الْأَصْلِيّ أولى، وَالْعلَّة حَادِثَة بعده فَلَا يُعلل بهَا. وَالنَّفْي الطَّارِئ كبراءة الذِّمَّة من الدّين وَنَحْوه، حكم شَرْعِي يجْرِي فِيهِ قِيَاس الْعلَّة وَقِيَاس الدّلَالَة اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ حكم شَرْعِي حَادث فَهُوَ كَسَائِر الْأَحْكَام الوجودية.
قَالَ ابْن مُفْلِح عقب الْمَسْأَلَة: " وَيسْتَعْمل الْقيَاس على وَجه التلازم فَيجْعَل حكم الأَصْل فِي الثُّبُوت ملزوما وَفِي النَّفْي نقيضه لَازِما نَحْو: لما وَجَبت زَكَاة مَال الْبَالِغ للمشترك بَينه وَبَين مَال الصَّبِي وَجَبت فِيهِ، وَلَو وَجَبت فِي حلي وَجَبت فِي جَوْهَر قِيَاسا، وَاللَّازِم مُنْتَفٍ فَيَنْتَفِي ملزومه " انْتهى.