الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالجلي: مَا قطع فِيهِ بِنَفْي الْفَارِق كقياس الْأمة على العَبْد فِي السَّرَايَة وَغَيرهَا، فِي الْعتْق وَغَيره فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم َ -: "
من أعتق شركا لَهُ فِي عبد، وَكَانَ لَهُ مَال يبلغ ثمن العَبْد قوم عَلَيْهِ قيمَة عدل
…
... الحَدِيث ".، فَإنَّا نقطع بِعَدَمِ اعْتِبَار الشَّارِع الذُّكُورَة وَالْأُنُوثَة فِيهِ.
وَمثل قَوْله
صلى الله عليه وسلم َ -: " أَيّمَا رجل أفلس فَصَاحب الْمَتَاع أَحَق بمتاعه "، نقطع أَن الْمَرْأَة فِي مَعْنَاهُ.
وَمثله قِيَاس الصبية على الصَّبِي فِي حَدِيث: " مُرُوهُمْ بِالصَّلَاةِ لسبع
وَاضْرِبُوهُمْ على تَركهَا لعشر "، فَإنَّا نقطع - أَيْضا - بِعَدَمِ اعْتِبَار الشَّرْع الذُّكُورَة وَالْأُنُوثَة، ونقطع بِأَن لَا فَارق بَينهمَا فِي الْمَوْضِعَيْنِ.
وَأما الْخَفي: فَهُوَ خلاف الْجَلِيّ، وَهُوَ مَا كَانَ احْتِمَال تَأْثِير الْفَارِق فِيهِ قَوِيا، كقياس الْقَتْل بمثقل على الْقَتْل بمحدد فِي وجوب الْقصاص، وَقد قَالَ أَبُو حنفية بِعَدَمِ وُجُوبه فِي المثقل.
وقسمه بَعضهم إِلَى: جلي وخفي [و] وَاضح.
فالجلي: مَا تقدم، والخفي: قِيَاس الشّبَه، والواضح: مَا كَانَ بَينهمَا.
وَقَالَ بَعضهم: الْجَلِيّ مَا كَانَ ثُبُوت الحكم فِيهِ فِي الْفَرْع أولى من الأَصْل كالضرب مَعَ التأفيف.
قَالَ بَعضهم: وَيَنْبَغِي تمثيله بِقِيَاس العمياء على العوراء فِي منع التَّضْحِيَة بهَا.
والواضح: مَا كَانَ مُسَاوِيا لَهُ كالنبيذ مَعَ الْخمر. /
والخفي: مَا كَانَ دونه كقياس اللينوفر على الْأرز بِجَامِع الطّعْم، وَكَونه ينْبت فِي المَاء، وَيرجع ذَلِك إِلَى الِاصْطِلَاح وَلَا مشاحة فِيهِ.
قَالَ فِي " الْمقنع ": وَقيل الْجَلِيّ قِيَاس الْمَعْنى، والخفي قِيَاس الشّبَه، وَقيل: الْجَلِيّ مَا فهمت علته كَقَوْلِه: " لَا يقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان ".
قَوْله: (وَقِيَاس عِلّة بِأَن صرح فِيهِ بهَا، وَقِيَاس دلَالَة بِأَن جمع فِيهِ بِمَا [يلازم] الْعلَّة، أَو جمع بِأحد موجبي الْعلَّة فِي الأَصْل لملازمة الآخر، وَقِيَاس فِي معنى الأَصْل بِأَن جمع بِنَفْي الْفَارِق كالأمة فِي الْعتْق) .
يَنْقَسِم الْقيَاس بِاعْتِبَار علته إِلَى قِيَاس عِلّة، وَقِيَاس دلَالَة، وَقِيَاس فِي معنى الأَصْل.
وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِمَّا أَن يكون بِذكر الْجَامِع أَو بإلغاء الْفَارِق، فَإِن كَانَ بِذكر الْجَامِع فالجامع إِن كَانَ هُوَ الْعلَّة سمي قِيَاس الْعلَّة.
كَقَوْلِنَا فِي المثقل: قتل عمد عدوان فَيجب فِيهِ الْقصاص كالجارح. وَإِن كَانَ الْجَامِع وَصفا لَا زما من لَوَازِم الْعلَّة، أَو أثرا من آثارها، أَو حكما من أَحْكَامهَا، فَهُوَ قِيَاس الدّلَالَة؛ لِأَن الْمَذْكُور لَيْسَ عين الْعلَّة بل شَيْء يدل عَلَيْهَا.
مِثَال الأول: قِيَاس النَّبِيذ على الْخمر بِجَامِع الرَّائِحَة الفائحة الْمُلَازمَة للشدة المطربة، وَلَيْسَت نفس الْعلَّة وَإِنَّمَا هِيَ لَازِمَة لَهَا.
وَمِثَال الثَّانِي: قَوْلنَا فِي المثقل: قتل أَثم بِهِ فَاعله من حَيْثُ إِنَّه قتل فَوَجَبَ فِيهِ الْقصاص كالجارح، فالأثم بِهِ لَيْسَ نفس الْعلَّة بل أثر من أثارها.
وَمِثَال الثَّالِث: قَوْلنَا فِي قطع الْأَيْدِي بِالْيَدِ الْوَاحِد ة: قطع يَقْتَضِي وجوب الدِّيَة عَلَيْهِم فَيكون وُجُوبه كوجوب الْقصاص عَلَيْهِم، فوجوب الدِّيَة لَيْسَ عين عِلّة الْقصاص بل حكم من أَحْكَامهَا.
فَإِن كَانَ بإلغاء الْفَارِق فَهُوَ الْقيَاس فِي معنى الأَصْل كإلحاق الْبَوْل فِي إِنَاء وصبه فِي المَاء الدَّائِم بالبول فِيهِ.
قَالَ الْبرمَاوِيّ: " وَمثل ابْن الْحَاجِب مَا يكون الْجَامِع فِيهِ بِلَازِم الْعلَّة بِقِيَاس قطع الْجَمَاعَة بِالْوَاحِدِ على قَتلهمْ بِالْوَاحِدِ بِوَاسِطَة اشتراكهما فِي وجوب الدِّيَة على الْجَمِيع، فَإِن الْجَامِع / الَّذِي هُوَ وجوب الدِّيَة على الْجَمَاعَة لَازم الْعلَّة فِي الأَصْل، وَهِي الْقَتْل الْعمد الْعدوان، وَوُجُوب الدِّيَة عَلَيْهِم إِنَّمَا هُوَ أحد موجبي الْعلَّة الَّذِي هُوَ وجوب الدِّيَة، ليستدل بِهِ على مُوجبهَا الآخر وَهُوَ وجوب الْقصاص عَلَيْهِم.
قَالَ: وَالْأولَى أَن يَجْعَل هَذَا مِثَالا لكَون الْجَامِع حكما من أَحْكَام الْعلَّة. ويمثل للجامع بِمَا يلازم الْعلَّة بِقِيَاس النَّبِيذ على [الْخمر] بِجَامِع الرَّائِحَة الْمُلَازمَة للسكر ".
وَذكر ابْن حمدَان فِي " الْمقنع " للْقِيَاس تقاسيم فَذكر مَا ذَكرْنَاهُ.
وَقَالَ: تَقْسِيم آخر: إِمَّا مُؤثر الْعلَّة الجامعة فِيهِ نَص أَو إِجْمَاع، أَو أثر عينهَا فِي عين الحكم أَو فِي جنسه، أَو جِنْسهَا فِي عين الحكم، أَو ملائم أثر جنس الْعلَّة فِيهِ فِي جنس الحكم.
ثمَّ قَالَ: تَقْسِيم آخر: وَهُوَ أَن طرق إِثْبَات الْعلَّة المستنبطة: [الْمُنَاسبَة] ، أَو الشّبَه أَو السبر والتقسيم، أَو الطَّرْد وَالْعَكْس، فَالْأول قِيَاس الإخالة، وَالثَّانِي قِيَاس الشّبَه، وَالثَّالِث قِيَاس السبر، وَالرَّابِع قِيَاس الطَّرْد. انْتهى.