الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَي: من الْكتاب أَو السّنة، فَمِنْهُ صَرِيح وَمِنْه ظَاهر، فالصريح: مَا وضع لإِفَادَة التَّعْلِيل بِحَيْثُ لَا يحْتَمل غير الْعلية، وَلذَلِك عبر عَنهُ الْبَيْضَاوِيّ بِالنَّصِّ الْقَاطِع.
فالصريح الَّذِي لَا يحْتَمل غير الْعلَّة مثل أَن يُقَال: الْعلَّة كَذَا، أَو بِسَبَب كَذَا، أَو لأجل كَذَا كَقَوْلِه تَعَالَى:{من أجل ذَلِك كتبنَا على بنى إِسْرَائِيل} [الْمَائِدَة: 32]، وَقَوله صلى الله عليه وسلم َ -:
إِنَّمَا جعل الاسْتِئْذَان من أجل الْبَصَر " مُتَّفق عَلَيْهِ. وَقَوله
صلى الله عليه وسلم َ -: " إِنَّمَا نَهَيْتُكُمْ - يَعْنِي عَن ادخار لُحُوم الْأَضَاحِي - من أجل الدافة الَّتِي دفت عَلَيْكُم فَكُلُوا وَادخرُوا " / رَوَاهُ مُسلم، أَي: لأجل التَّوسعَة على الطَّائِفَة الَّتِي قدمت الْمَدِينَة أَيَّام التَّشْرِيق.
والدافة: الْقَافِلَة السائرة مُشْتَقَّة من الدفيف وَهُوَ السّير اللين، وَمِنْه قَوْلهم: دفت علينا من بني فلَان دافة، قَالَه الْجَوْهَرِي.
وَنَحْو " [كي] "، سَوَاء كَانَت مُجَرّدَة عَن لَا كَقَوْلِه:{كى تقر عينهَا وَلَا تحزن} [طه: 40]، أَو مقرونة كَقَوْلِه تَعَالَى:{لكيلا تأسوا} [الْحَدِيد: 23]، {كى لَا يكون دولة بَين الْأَغْنِيَاء مِنْكُم} [الْحَشْر: 7] ، أَي: إِنَّمَا وَجب [تخميسه] لِئَلَّا يتَنَاوَلهُ الْأَغْنِيَاء مِنْكُم فَلَا يحصل للْفُقَرَاء شَيْء.
وَذكر ابْن السَّمْعَانِيّ: أَن لأجل وكي دون مَا قبلهَا فِي الصراحة.
وَمثل: " إِذا " فِي قَوْله صلى الله عليه وسلم َ - لأبي بن كَعْب وَقد قَالَ لَهُ: " أجعَل لَك صَلَاتي كلهَا؟ قَالَ: إِذا يغْفر اللَّهِ لَك ذَنْبك كُله "، وَفِي رِوَايَة:" إِذا يَكْفِيك اللَّهِ هم الدُّنْيَا وَالْآخِرَة "، {إِذا لأمسكتم خشيَة الْإِنْفَاق} [الْإِسْرَاء: 100] ، {إِذا لأذقناك ضعف الْحَيَاة وَضعف الْمَمَات} [الْإِسْرَاء: 75] وَالله أعلم.
قَوْله: [وَظَاهر كاللام ظَاهِرَة ومقدرة، وَالْبَاء، قَالَه جمع، [وَجعلهَا] ابْن الْحَاجِب، والموفق، والطوفي من الصَّرِيح، وَزَاد الْمَفْعُول لَهُ] .
هَذَا قسم من النَّص؛ لِأَن النَّص تَارَة يكون صَرِيحًا كَمَا تقدم، وَتارَة يكون ظَاهرا وَهَذَا قسم الظَّاهِر.
وَالظَّاهِر: الَّذِي يحْتَمل غير الْعلية احْتِمَالا مرجوحا، وَله أَلْفَاظ: أَحدهَا: اللَّام، وَهِي تَارَة تكون ظَاهِرَة أَي: ملفوظا بهَا كَقَوْلِه تَعَالَى: {كتاب أَنزَلْنَاهُ إِلَيْك لتخرج النَّاس من الظُّلُمَات إِلَى النُّور} [إِبْرَاهِيم: 1]، {أقِم الصَّلَاة لدلوك الشَّمْس} [الْإِسْرَاء: 78] ، {لنعلم} ، {إِلَّا لنعلم} ، {ليذوق وبال أمره} [الْمَائِدَة: 95] ، وَنَحْوه كثير.
وَتارَة تكون مقدرَة كَقَوْلِه تَعَالَى: {عتل بعد ذَلِك زنيم أَن كَانَ ذَا مَال وبنين} [الْقَلَم: 13، 14]، أَي: لِأَن كَانَ، وكما يُقَال فِي الْكَلَام أَن كَانَ كَذَا، فالتعليل مُسْتَفَاد من اللَّام الْمقدرَة لَا من أَن.
وَمن هَذَا مَا فِي " الصَّحِيح " فِي قصَّة الزبير من قَول الْأنْصَارِيّ لما خاصمه فِي شراج الْحرَّة: " أَن كَانَ ابْن عَمَّتك! ". وَيدخل فِي هَذَا إِذا كَانَ الْوَاقِع
بعد " أَن "" كَانَ " وحذفت وَاسْمهَا وَبَقِي خَبَرهَا، وَعوض عَن ذَلِك " مَا " كَقَوْلِه:
(أَبَا خراشة أما أَنْت ذَا نفر /
…
فَإِن قومِي لم تأكلهم الضبع)
أَي: لِأَن كنت ذَا نفر.
وَإِنَّمَا لم تجْعَل اللَّام وَمَا سَيَأْتِي بعْدهَا من الصَّرِيح، لِأَن كلا مِنْهَا لَهُ معَان غير التَّعْلِيل.
وَالثَّانِي: الْبَاء، كَقَوْلِه تَعَالَى:{فبمَا رَحْمَة من اللَّهِ لنت لَهُم} [آل عمرَان: 159] أَي: بِسَبَب الرَّحْمَة، وَقَوله تَعَالَى:{جَزَاء بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ} [التَّوْبَة: 82] ، فَهِيَ وَإِن كَانَ أصل مَعْنَاهَا الإلصاق، وَلها معَان أخر، لَكِن كثر اسْتِعْمَالهَا فِي التَّعْلِيل.
تكون اللَّام للْملك وللاختصاص أَو لبَيَان الْعَاقِبَة أَو نَحْو:
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
...
…
. . لدوا للْمَوْت وَابْنُوا للخراب وَنَحْو ذَلِك.
وَقيل: لِأَن فِي التَّعْلِيل أَيْضا إلصاقا، كَمَا قَرَّرَهُ الرَّازِيّ بِأَنَّهَا لما اقْتَضَت وجود الْمَعْلُول حصل معنى الإلصاق فَحسن اسْتِعْمَاله فِيهِ مجَازًا بِكَثْرَة.
وَعند ابْن الْحَاجِب وَغَيره: أَن هَذَا من الصَّرِيح، ويقويه إِذا كَانَ فِي
الْكَلَام صَرِيح شَرط أَو معنى شَرط كالنكرة الموصوفة وَالِاسْم الْمَوْصُول كَمَا يَأْتِي، لَكِن جَعلهمَا الْعَضُد من الظَّاهِر، وَهُوَ الصَّوَاب لما تقدم من الِاحْتِمَالَات.
وَقَالَهُ الْمُوفق فِي " الرَّوْضَة "، والطوفي فِي " مختصرها " وَغَيرهمَا، وَزَادا: الْمَفْعُول لأَجله، وَمِنْه قَوْله تَعَالَى:[ {لأمسكتم خشيَة الْإِنْفَاق} ][الْإِسْرَاء: 100]، {يجْعَلُونَ أَصَابِعهم فِي ءاذانهم من الصَّوَاعِق حذر الْمَوْت} [الْبَقَرَة: 19] أَي: لخشية الْإِنْفَاق، وحذر الْمَوْت؛ لِأَن هَذَا من بَاب الْمَفْعُول لَهُ، وَهُوَ عِلّة الْفِعْل.
قَوْله: [أما إِنَّهَا رِجْس وَنَحْوه، فَالْقَاضِي وَأَبُو الْخطاب والآمدي وَابْن الْحَاجِب: صَرِيح، وَإِن لحقته الْفَاء تَأَكد، والبيضاوي وَغَيره: ظَاهر، وَابْن الْبَنَّا: إِيمَاء، وَابْن الْأَنْبَارِي، وَابْن الْمَنِيّ، وَالْفَخْر والجوزي: توكيد] .