المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ في الأصح، ولا برخصة ثابتة على خلاف مقتضى القياس، ولا بموضوع استحسان عند أصحابنا، والشافعية، وعند الشيخ: تنتقض المستنبطة إن لم يبين مانعا) .قال ابن مفلح: (وفي قبول النقض بالمنسوخ وبخاص بالنبي - التحبير شرح التحرير - جـ ٧

[المرداوي]

فهرس الكتاب

- ‌قَوْله: {بَاب الْقيَاس}

- ‌ قَالَ: " من مَاتَ يُشْرك بِهِ شَيْئا دخل النَّار، وَقلت أَنا: وَمن مَاتَ لَا يُشْرك بِاللَّه شَيْئا دخل الْجنَّة ".وَفِي بعض أصُول مُسلم رُوِيَ عَن النَّبِي

- ‌قَوْله: {فصل} {شَرط حكم الأَصْل كَونه إِن استلحق شَرْعِيًّا} .وَذَلِكَ لِأَنَّهُ الْقَصْد من الْقيَاس الشَّرْعِيّ.قَالَ فِي " الرَّوْضَة ": (والعقلي ومسائل الْأُصُول قَطْعِيَّة لَا تثبت بظني، وَكَذَا لَا يثبت بِهِ أصل الْقيَاس، وأصل خبر الْوَاحِد) انْتهى.قَالَ الْجُمْهُور: من شَرط

- ‌ لَا تَبِيعُوا الطَّعَام بِالطَّعَامِ إِلَّا يدا بيد سَوَاء بِسَوَاء

- ‌ إِنَّهَا من الطوافين "، أَو مجمعا على جَوَاز الْقيَاس عَلَيْهِ

- ‌ إِذا اخْتلف الْمُتَبَايعَانِ فليتحالفا وليترادا)

- ‌قَوْله: {فصل}

- ‌ دون غَيره، فَلَا يُعلل بِهِ.مِثَاله: الشّرف والخسة فِي [الْكَفَاءَة] وَعدمهَا، فَإِن الشّرف يُنَاسب التَّعْظِيم وَالْإِكْرَام، والخسة تناسب ضد ذَلِك فيعلل بِهِ بِالشّرطِ الْمُتَقَدّم. وَتَكون الْعلَّة أَيْضا وَصفا لغويا، مِثَاله: تَعْلِيل تَحْرِيم النَّبِيذ لِأَنَّهُ يُسمى خمرًا فَحرم كعصير

- ‌ إِنَّمَا ذَلِك عرق "، مَعَ

- ‌(قَوْله [فصل] )

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ بعد مَا أمره بالاستنجاء بِثَلَاثَة أَحْجَار: " وَلَا يستنجي برجيع وَلَا عظم "، فَدلَّ على أَنه أَرَادَ أَولا الْأَحْجَار وَمَا فِي مَعْنَاهَا، وَإِلَّا لم يكن فِي النَّهْي عَن الرجيع والعظم فَائِدَة. وَأما إِذا عَادَتْ عَلَيْهِ بالتخصيص فللعلماء فِيهِ قَولَانِ.قَالَ ابْن مُفْلِح: " وَإِن عَادَتْ

- ‌ لَا يقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان " أَن الْعلَّة تشويش الْفِكر، فيتعدى إِلَى كل مشوش من شدَّة فَرح وَنَحْوه.الْعجب من قَول القَاضِي أبي الطّيب الطَّبَرِيّ: أَجمعُوا على أَنه لَيْسَ لنا عِلّة تعود على أَصْلهَا بالتعميم إِلَّا هَذَا الْمِثَال، وَذَلِكَ جَائِز بِالْإِجْمَاع.فقد وجد من ذَلِك

- ‌ أَيّمَا امْرَأَة نكحت نَفسهَا بِغَيْر إِذن وَليهَا فنكاحها بَاطِل ".وَمِثَال مُخَالفَة الْإِجْمَاع: أَن يُقَال: مُسَافر فَلَا تجب عَلَيْهِ الصَّلَاة فِي السّفر، قِيَاسا على صَوْمه فِي عدم الْوُجُوب فِي السّفر بِجَامِع الْمَشَقَّة.فَيُقَال: هَذِه الْعلَّة مُخَالفَة، الْإِجْمَاع على عدم اعْتِبَارهَا فِي

- ‌[قَوْله] : (فصل))

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ مِنْهَا مَا هُوَ مُقَارن لنبوته، وَمِنْهَا مَا هُوَ بعد ذَلِك.وَقَالَ ابْن دَقِيق الْعِيد: إِنَّمَا يشْتَرط هَذَا إِذا كَانَ طَرِيق حكم الْفَرْع مُتَعَيّنا فِي استناده للْأَصْل.وَقَالَ ابْن الْحَاجِب تبعا للآمدي: لَا يمْتَنع أَن يكون إلزاما للخصم.قَالَ الْبرمَاوِيّ: وَلَا يخفى مَا فِي

- ‌(قَوْله: [مسالك الْعلَّة] )

- ‌ إِنَّمَا جعل الاسْتِئْذَان من أجل الْبَصَر " مُتَّفق عَلَيْهِ. وَقَوله

- ‌ لما ألْقى الروثة: " إِنَّهَا رِجْس "، وَقَوله

- ‌ فِي الشُّهَدَاء: " زملوهم بكلومهم وَدِمَائِهِمْ، فَإِنَّهُم يبعثون يَوْم الْقِيَامَة وأوداجهم تشخب دَمًا ".فَهَذَا كُله صَرِيح فِي التَّعْلِيل عِنْد القَاضِي، وَأبي الْخطاب، والآمدي، وَابْن الْحَاجِب، وَغَيرهم، خُصُوصا فِيمَا لحقته الْفَاء كَمَا تقدم.فَإِنَّهُ يبْعَث ويبعثون، فَإِنَّهَا

- ‌ فَسجدَ " كَقَوْل عمرَان بن حُصَيْن: " سَهَا رَسُول اللَّهِ

- ‌ بِكَذَا وَنهى عَن كَذَا، يعْمل بِهِ حملا على الرّفْع لَا على الِاجْتِهَاد. إِذا علم ذَلِك: فَإِذا رتب الشَّارِع حكما عقب اوصف بالفاءء كَمَا تقدم من الْأَمْثِلَة إِذْ الْفَاء للتعقيب، فتفيد تعقيب الحكم الْوَصْف وَأَنه سَببه، إِذْ السَّبَب مَا ثَبت الحكم عقبه، وَلِهَذَا تفهم السببيه مَعَ عدم

- ‌ من اتخذ كَلْبا إِلَّا كلب مَاشِيَة أَو صيد نقص من أجره

- ‌ لما سُئِلَ عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ " أينقص إِذا يبس؟ قَالُوا: نعم، فَنهى عَنهُ ".وَالثَّانِي: كَقَوْلِه

- ‌ وَقد سُئِلَ عَن بيع الرطب بِالتَّمْرِ: " أينقص إِذا يبس؟ قَالُوا: نعم، قَالَ: فَلَا إِذا "، رَوَاهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيّ، وَالنَّسَائِيّ، وَابْن مَاجَه، وَابْن خُزَيْمَة، وَالْحَاكِم.فَلَو لم يكن تَقْدِير نُقْصَان الرطب بالجفاف لأجل التَّعْلِيل لَكَانَ تَقْدِيره بَعيدا؛ إِذْ لَا فَائِدَة

- ‌ أَرْكَان الْقيَاس كلهَا.وَنَحْو ذَلِك فِي " الصَّحِيحَيْنِ ": " جَاءَت امْرَأَة إِلَى رَسُول اللَّهِ

- ‌ إِن أُمِّي نذرت أَن تحج فَلم تحج حَتَّى مَاتَت أفأحج عَنْهَا؟ قَالَ: حجي عَنْهَا، أَرَأَيْت لَو كَانَ على أمك دين أَكنت قاضيته، قَالَت: نعم، قَالَ: اقضوا اللَّهِ فَالله أَحَق بِالْوَفَاءِ " مُتَّفق عَلَيْهِ، وتابعناه فِي التَّمْثِيل بذلك، وَالْكل صَحِيح وَفِي الصَّحِيح.وَذكر أَبُو الْخطاب

- ‌ توهمه بالمضمضة؛ لِأَن ذَلِك تَعْلِيل لمنع الْإِفْسَاد.قَوْله: [وَمِنْهَا أَن يفرق

- ‌ للراجل سهم وللفارس سَهْمَان

- ‌ إِذا اخْتلفت هَذِه الْأَجْنَاس فبيعوا كَيفَ شِئْتُم إِذا كَانَ يدا بيد

- ‌ لَا يقْضِي القَاضِي وَهُوَ غَضْبَان رَوَاهُ الشَّافِعِي بِلَفْظ: " لَا يحكم الْحَاكِم أَو لَا يقْضِي بَين اثْنَيْنِ "، وَرَوَاهُ أَصْحَاب الْكتب بِلَفْظ: " لَا يقضين حَاكم بَين اثْنَيْنِ وَهُوَ غَضْبَان ".فالآية إِنَّمَا سيقت لبَيَان أَحْكَام الْجُمُعَة لَا لبَيَان أَحْكَام البيع، فَلَو لم يُعلل النَّهْي عَن البيع

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌ أمرت أَن أقَاتل النَّاس حَتَّى يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا اللَّهِ ".وَقَالَ النَّبِي

- ‌ يَا أنس كتاب اللَّهِ الْقصاص

- ‌ كَالرَّاعِي يرْعَى حول الْحمى يُوشك أَن يرتع فِيهِ "، ثمَّ قَالَ: " أَلا وَإِن حمى اللَّهِ مَحَارمه

- ‌ بعثوا لتَحْصِيل / مصَالح الْعباد، فَيعلم ذَلِك بالاستقراء، فمهما وجدنَا مصلحَة غلب على الظَّن أَنَّهَا مَطْلُوبَة للشَّرْع، فنعتبرها؛ لِأَن الظَّن منَاط الْعَمَل.وَقَالَ الْقَرَافِيّ: الْمصَالح بِالْإِضَافَة إِلَى شَهَادَة الشَّرْع لَهَا بِالِاعْتِبَارِ ثَلَاثَة أَقسَام:مَا شهد الشَّرْع

- ‌[فصل] )

- ‌(قَوْله: [فصل] )

- ‌(قَوْله: (فصل))

- ‌(قَوْله: (فصل))

- ‌(قَوْله: (فَوَائِد))

- ‌ إِنَّهَا من الطوافين عَلَيْكُم "، فَيعْتَبر الْأَمر فِي كل طائف

- ‌ من أعتق شركا لَهُ فِي عبد، وَكَانَ لَهُ مَال يبلغ ثمن العَبْد قوم عَلَيْهِ قيمَة عدل…... الحَدِيث ".، فَإنَّا نقطع بِعَدَمِ اعْتِبَار الشَّارِع الذُّكُورَة وَالْأُنُوثَة فِيهِ.وَمثل قَوْله

- ‌(قَوْله (فصل))

- ‌ إِذا اجْتهد

- ‌ عهد إِلَيْنَا فِيهِنَّ عهدا ننتهي إِلَيْهِ: الْجد، والكلالة، وأبواب من أَبْوَاب الرِّبَا ".وَصَحَّ عَن [ابْن] عمر: " أجرؤكم على الْجد أجرؤكم على جَهَنَّم "، وَصَحَّ عَن ابْن الْمسيب، عَن عمر وَعلي، وَرَوَاهُ سعيد فِي " سنَنه

- ‌ بَيَان على وَفقه مَعَ عُمُوم الْحَاجة إِلَيْهِ فِي زَمَانه وَعُمُوم الْحَاجة إِلَى خِلَافه، هَل يعْمل بذلك الْقيَاس؟ فِيهِ خلاف وَذكر لَهُ صورا:مِنْهَا: ضَمَان الدَّرك وَهُوَ مِثَال للشق الثَّانِي من الْمَسْأَلَة.وَمِنْهَا وَهُوَ مِثَال الأول: صَلَاة الْإِنْسَان على من مَاتَ من الْمُسلمين فِي مَشَارِق

- ‌ للَّذي أَرَادَ الانتفاء من وَلَده لمُخَالفَة لَونه: " لَعَلَّه نَزعه عرق " وَهَذَا قِيَاس لجَوَاز مُخَالفَة الْوَلَد للوالد فِي

- ‌(قَوْله (فصل))

- ‌(قَوْله: (فصل القوادح)

- ‌ رخص فِي السّلم ".أما مُخَالفَة الْإِجْمَاع فكقول حَنَفِيّ: لَا يجوز للرجل أَن يغسل امْرَأَته؛ لِأَنَّهُ يحرم النّظر إِلَيْهَا كالأجنبية.فَيُقَال: هَذَا فَاسد الِاعْتِبَار لمُخَالفَة الْإِجْمَاع السكوتي، وَهُوَ أَن عليا غسل فَاطِمَة

- ‌ فَدلَّ على أَن رُتْبَة الْقيَاس بعد النَّص. وَلِأَن الظَّن الْمُسْتَفَاد من النَّص أقوى من الظَّن الْمُسْتَفَاد من الْقيَاس

- ‌ بِخِلَاف غَيرهمَا فَإِن

- ‌ بِالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيل المبدلين، لَكِن نحتج بِهِ على أهل الْكتاب لتصديقهم بِهِ. انْتهى.قَوْله: (وَإِن نقض أَحدهمَا عِلّة الآخر بِأَصْل نَفسه لم يجز عِنْد أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيَّة، وَقيل: بلَى، وَقَالَ الشَّيْخ: هُوَ كقياسه على أصل نَفسه) .لَو نقض الْمُعْتَرض أَو الْمُسْتَدلّ عِلّة

- ‌ فِي الْأَصَح، وَلَا بِرُخْصَة ثَابِتَة على خلاف مُقْتَضى الْقيَاس، وَلَا بموضوع اسْتِحْسَان عِنْد أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيَّة، وَعند الشَّيْخ: تنْتَقض المستنبطة إِن لم يبين مَانِعا) .قَالَ ابْن مُفْلِح: (وَفِي قبُول النَّقْض بالمنسوخ وبخاص بِالنَّبِيِّ

- ‌ وَكَانَ حِينَئِذٍ مَوْزُونا.وَمِنْهَا: الْمُطَالبَة بِكَوْن وصف الْمعَارض مؤثرا.يُقَال: وَلم قلت: إِن الْكَيْل مُؤثر وَهَذَا إِنَّمَا يسمع من الْمُسْتَدلّ إِذا كَانَ مثبتا للعلية بالمناسبة أَو الشّبَه، حَتَّى يحْتَاج الْمعَارض فِي معارضته إِلَى بَيَان مُنَاسبَة أَو شبه، بِخِلَاف مَا إِذا أثْبته

- ‌ الْخَال وَارِث من لَا وَارِث لَهُ

- ‌ بِلَا كَيفَ وَلَا شرح، وَلَا يُقَال:

الفصل: ‌ في الأصح، ولا برخصة ثابتة على خلاف مقتضى القياس، ولا بموضوع استحسان عند أصحابنا، والشافعية، وعند الشيخ: تنتقض المستنبطة إن لم يبين مانعا) .قال ابن مفلح: (وفي قبول النقض بالمنسوخ وبخاص بالنبي

قَوْله: (وَلَا يقبل النَّقْض بمنسوخ وَلَا بخاص بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم َ -‌

‌ فِي الْأَصَح، وَلَا بِرُخْصَة ثَابِتَة على خلاف مُقْتَضى الْقيَاس، وَلَا بموضوع اسْتِحْسَان عِنْد أَصْحَابنَا، وَالشَّافِعِيَّة، وَعند الشَّيْخ: تنْتَقض المستنبطة إِن لم يبين مَانِعا) .

قَالَ ابْن مُفْلِح: (وَفِي قبُول النَّقْض بالمنسوخ وبخاص بِالنَّبِيِّ

صلى الله عليه وسلم َ -: مذهبان فِي " التَّمْهِيد " و " الْوَاضِح ".

وَلَا نقض بِرُخْصَة ثَابِتَة على خلاف مقتضي الدَّلِيل، ذكره جمَاعَة من أَصْحَابنَا، وَغَيرهم.

ص: 3620

وَقَالَ أَبُو الْخطاب: هَل تنْتَقض الْعلَّة بِموضع الِاسْتِحْسَان؟ يحْتَمل وَجْهَيْن، وَمثله بِمَا إِذا سوى بَين الْعمد والسهو فِيمَا يبطل الْعِبَادَة فينتقض بِأَكْل الصَّائِم.

وَفِي " الْوَاضِح ": عَن أَصْحَابنَا وَالشَّافِعِيَّة لَا نقض بِموضع اسْتِحْسَان، وَمثل بِهَذَا ثمَّ قَالَ: يَقُول الْمُعْتَرض: النَّص دلّ على انتقاضه فَيكون آكِد للنقض.

وَعند الشَّيْخ تَقِيّ الدّين: تنْتَقض المستنبطة إِن لم يبين مَانِعا: كالنقض بالعرايا فِي الرِّبَا، وَإِيجَاب الدِّيَة على الْعَاقِلَة لاقْتِضَاء الْمصلحَة الْخَاصَّة ذَلِك، أَو لدفع مفْسدَة آكِد: كحل الْميتَة للْمُضْطَر إِذا نقض بهَا عِلّة تَحْرِيم النَّجَاسَة) .

ص: 3621

قَوْله: (وَيجب احْتِرَاز الْمُسْتَدلّ فِي دَلِيله عَن النَّقْض عِنْد ابْن عقيل، والموفق، والطوفي، وَالْفَخْر، وَذكره عَن مُعظم الجدليين، وَقيل: إِلَّا فِي المستثنيات، وَاخْتَارَ ابْن الْحَاجِب وَغَيره: لَا) .

هَل يجب احْتِرَاز الْمُسْتَدلّ فِي دَلِيله عَن النَّقْض أم لَا؟ أم يجب إِلَّا فِي نقض؟ وطرد بطرِيق الِاسْتِثْنَاء ثَلَاثَة أَقْوَال: أَحدهَا: يجب، وَهُوَ الصَّحِيح، اخْتَارَهُ ابْن عقيل فِي " الْوَاضِح "، / وَالشَّيْخ الْمُوفق فِي " الرَّوْضَة "، والطوفي فِي " مختصرها "، ، أَبُو مُحَمَّد الْبَغْدَادِيّ، وَذكره عَن مُعظم الجدليين لقُرْبه من الضَّبْط، وَدفع انتشار الْكَلَام وسد بَابه؛ فَكَانَ وَاجِبا لما فِيهِ من صِيَانة الْكَلَام عَن التبديل.

ص: 3622

وَالْقَوْل الثَّانِي: لَا يجب؛ لِأَن انْتِفَاء الْمعَارض لَيْسَ من الدَّلِيل لحُصُول الْعلم أَو الظَّن بِدُونِ التَّعَرُّض لَهُ، وَلِأَن الدَّلِيل يتم بِدُونِهِ إِن لم يكن فِي نفس الْأَمر وَإِلَّا ورد وَإِن احْتَرز عَنهُ اتِّفَاقًا ومنعا وَضعف الْمَنْع.

قَالَ الطوفي: " النَّقْض سُؤال خَارج عَن الْقيَاس؛ فَلَا يجب إِدْخَاله فِي صلب الْقيَاس، بل إِذا أوردهُ الْمُعْتَرض، لزم جَوَابه بِمَا يَدْفَعهُ كَسَائِر الأسئلة؛ وَلِأَن فِيهِ تَنْبِيها للمعترض على مَوضِع النَّقْض، وَفِي ذَلِك نشر الْكَلَام وتبدده، وَهُوَ خلاف الْمَطْلُوب من المناظرة ".

وَاخْتَارَ هَذَا القَوْل ابْن الْحَاجِب.

وَالْقَوْل الثَّالِث: يجب إِلَّا فِي نقض وطرد بطرِيق الِاسْتِثْنَاء، وَهِي مَا يرد على كل عِلّة.

فَإِذا قَالَ: فِي الذّرة مطعوم فَيجب فِيهِ التَّسَاوِي كالبر؛ فَلَا حَاجَة إِلَى أَن يَقُول: وَلَا حَاجَة تَدْعُو إِلَى التَّفَاضُل فِيهِ، فَيخرج الْعَرَايَا فَإِنَّهُ وَارِد على كل تَقْدِير، سَوَاء عللنا بالطعم، أَو الْقُوت، أَو الْكَيْل، فَلَا يتَعَلَّق بِهِ إبِْطَال مَذْهَب وَتَصْحِيح آخر.

قَوْله: (وَإِن احْتَرز عَن النَّقْض بِشَرْط ذكره فِي الحكم، فَالْأَصَحّ: يَصح، اخْتَارَهُ أَبُو الْخطاب، وَقَالَ: إِن احْتَرز بِحَذْف الحكم لم يَصح) .

ص: 3623

لَو احْتَرز عَن النَّقْض بِشَرْط ذكره فِي الحكم نَحْو: حران مكلفان محقونا الدَّم، فَيجب الْقود بَينهمَا كالمسلمين.

فَقيل: لَا يَصح؛ لاعْتِرَافه بِالنَّقْضِ، فَإِن الحكم يتَخَلَّف عَن الْأَوْصَاف فِي الْخَطَأ.

وَقيل: يَصح؛ لِأَن الشَّرْط الْمُتَأَخر مُتَقَدم فِي الْمَعْنى: كتقديم الْمَفْعُول على الْفَاعِل، اخْتَارَهُ أَبُو الْخطاب.

قَالَ: وَإِن احْتَرز بِحَذْف الحكم لم يَصح.

كَقَوْل حَنَفِيّ فِي الْإِحْدَاد على الْمُطلقَة: بَائِن كالمتوفى عَنْهَا زَوجهَا. فينتقض بصغيرة وذمية.

فَيَقُول: قصدت التسويه بَينهمَا.

فَيُقَال: التَّسْوِيَة بَينهمَا حكم، فَيحْتَاج إِلَى أصل يُقَاس عَلَيْهِ كَمَا تقدم.

قَوْله: / الْكسر: نقض الْمَعْنى، سبق، وَهُوَ كالنقض) .

لَا شكّ أَن الْكسر قد تقدم حَده، وَحكمه، وَهل يبطل الْعلَّة أَو لَا يُبْطِلهَا؟ وَأَن هَذَا قَول أَصْحَابنَا وَالْأَكْثَر، فِي أَحْكَام [الْعلَّة] وشروطها.

ص: 3624

قَالَ ابْن مُفْلِح: (هُنَا الْكسر نقض الْمَعْنى، وَالْكَلَام فِيهِ كالنقض، وَقد سبق.

قَالَ فِي " التَّمْهِيد ": يشبه الْكسر من الأسئلة الْفَاسِدَة قَوْله: لَو كَانَ هَذَا عِلّة فِي كَذَا لَكَانَ عِلّة فِي كَذَا، نَحْو: لَو منع عدم الرُّؤْيَة صِحَة البيع، منع النِّكَاح.

وَيُشبه ذَلِك قَوْلهم: أخذت النَّفْي من الْإِثْبَات أَو بِالْعَكْسِ فَلم يجز، كالقول فِي الْمَوْطُوءَة مغلوبة: مَا فطرها مَعَ الْعمد لم يفطرها مغلوبة كالقيء.

وَجَوَابه: يجوز لتضاد حكمهمَا للاختيار وَعَدَمه، وَلِهَذَا للشارع تَفْرِيق الحكم بهما.

وَمن ذَلِك قَوْلهم: هَذَا اسْتِدْلَال بالتابع على الْمَتْبُوع فَلم يجز، بِخِلَاف الْعَكْس.

ص: 3625

كَقَوْلِنَا فِي نِكَاح مَوْقُوف: نِكَاح لَا يتَعَلَّق بِهِ أَحْكَامه المختصة بِهِ كالمتعة.

فَيُقَال: الْأَحْكَام تَابعه وَالْعقد متبوع، فَهَذَا فَاسد بِدَلِيل بَقِيَّة الْأَنْكِحَة. وتناقضوا فأبطلوا ظِهَار الذِّمِّيّ وَيَمِينه لبُطْلَان تكفيره وَهُوَ فرع يَمِينه) .

وَقد تقدم أَحْكَام الْكسر، والنقض المكسور، وَالْخلاف فِي تَفْسِيره، فِي أَحْكَام الْعلَّة فَليُرَاجع.

قَوْله: (الْمُعَارضَة فِي الأَصْل بِمَعْنى آخر مُسْتَقل: كمعارضة عِلّة الطّعْم بِالْكَيْلِ أَو الْقُوت، أَو غير مُسْتَقل: كمعارضة الْقَتْل الْعمد الْعدوان بِوَصْف الْجَارِح، فَالثَّانِي مَقْبُول عندنَا وَعند الْأَكْثَر، وَخَالف قوم) .

ص: 3626

معنى الْمُعَارضَة فِي الأَصْل: هُوَ أَن يُبْدِي الْمُعْتَرض معنى آخر يصلح للعلية غير مَا علل بِهِ الْمُسْتَدلّ.

وَهِي: إِمَّا أَن تكون بِمَعْنى مُسْتَقل بِالتَّعْلِيلِ، كَمَا لَو علل الشَّافِعِي تَحْرِيم رَبًّا الْفضل فِي الْبر بالطعم، فعارضه الْحَنَفِيّ بتعليل تَحْرِيمه بِالْكَيْلِ، أَو الْجِنْس، أَو الْقُوت.

وَإِمَّا أَن يكون بِمَعْنى غير مُسْتَقل بِالتَّعْلِيلِ، وَلكنه دَاخل فِيهِ وَصَالح لَهُ، كَمَا لَو علل الشَّافِعِي وجوب الْقصاص فِي الْقَتْل بالمثقل الْعمد الْعدوان، فعارضه الْحَنَفِيّ بتعليل وُجُوبه بالجارح. /

وَقد اخْتلف الجدليون فِي قبُول هَذِه الْمُعَارضَة.

وَهَذَا الْقسم الثَّانِي مَقْبُول عندنَا، وَعند أَكثر الشَّافِعِيَّة، وَالْجُمْهُور، لِئَلَّا يلْزم التحكم؛ لِأَن وصف الْمُسْتَدلّ لَيْسَ بِأولى بِكَوْنِهِ جُزْءا أَو مُسْتقِلّا.

ص: 3627

فَإِن رجح استقلاله بتوسعة الحكم فِي الأَصْل وَالْفرع فتكثر الْفَائِدَة، فللمعترض منع دلَالَة الِاسْتِقْلَال عَلَيْهَا، ثمَّ لَهُ معارضته بِأَن الأَصْل انْتِفَاء الْأَحْكَام، وباعتبارهما مَعًا فَهُوَ أولى.

قَالُوا: يلْزم مِنْهُ استقلالهما بالعلية فَيلْزم تعدد الْعلَّة المستقلة.

رد: بِالْمَنْعِ لجَوَاز اعتبارهما مَعًا، كَمَا لَو أعْطى قَرِيبا عَالما.

(وَمثل فِي " التَّمْهِيد " الْمُعَارضَة فِي الأَصْل: بِأَن الذِّمِّيّ يَصح طَلَاقه فصح ظِهَاره كَالْمُسلمِ.

فيعترض: بِصِحَّة تكفيره.

فَيُجِيبهُ: بِأَنَّهَا عِلّة واقفه لَا تصح، وَإِن قَالَ بِصِحَّتِهَا قَالَ: أَقُول بالعلتين فِي الأَصْل وتتعدى علتي إِلَى الْفَرْع.

وَإِن قَالَ: أَقرَرت بِصِحَّة علتي، فَإِن ادعيت عِلّة أُخْرَى لزمك الدَّلِيل.

قيل: هَذَا مُطَالبَة بتصحيح الْعلَّة، فَيجب تَقْدِيمه على الْمُعَارضَة وَإِلَّا خرجت عَن مُقْتَضى الجدل) .

قَالَ ابْن مُفْلِح: كَذَا قَالَ.

وَقَالَهُ قبله أَبُو الطّيب الشَّافِعِي: إِن عَارضه بعلة معلولها دَاخل فِي مَعْلُول علته، لم يَصح، كمعارضة الْمكيل بالقوت.

ص: 3628

وَمعنى ذَلِك كُله فِي " الْوَاضِح ".

قَالَ بعض أَصْحَابنَا: هِيَ: كمعارضة متعدية لقاصرة، وَهِي مُعَارضَة صَحِيحَة.

قَوْله: (وَلَا يلْزم الْمُعْتَرض بَيَان نفي وصف الْمُعَارضَة عَن الْفَرْع، وَقيل: بلَى، وَاخْتَارَهُ الْآمِدِيّ: إِن قصد الْفرق وَإِلَّا فَلَا، وَقيل: إِن صرح بنفيه لزمَه) .

هَذَا بحث يتَفَرَّع على قبُول الْمُعَارضَة، وَهُوَ أَنه هَل يلْزم الْمُعْتَرض بَيَان أَن الْوَصْف الَّذِي أبديته مُنْتَفٍ فِي الْفَرْع أَو لَا يقبل؟

لَا يلْزمه؛ لِأَن غَرَضه عدم اسْتِقْلَال مَا ادّعى الْمُسْتَدلّ أَنه مُسْتَقل، وَهَذَا الْقدر يحصل بِمُجَرَّد إبدائه، وَهَذَا الَّذِي قدمْنَاهُ تبعا لِابْنِ / مُفْلِح.

وَقيل: يلْزمه؛ لِأَنَّهُ قصد الْفرق وَلَا يتم إِلَّا بِهِ.

قَالَ الْعَضُد: يلْزمه لينفعه دَعْوَى التَّعْلِيل بِهِ؛ إِذْ لولاه لم [تنتف] الْعلَّة فِي الْفَرْع، فَيثبت الحكم فِيهِ وَحصل مَطْلُوب الْمُسْتَدلّ.

ص: 3629

وَاخْتَارَ هَذَا القَوْل الْآمِدِيّ، لَكِن قَيده بِأَن قَالَ: إِن قصد الْفرق وَإِلَّا فَلَا يلْزمه بِأَن يَقُول: هُوَ من الْعلَّة، فَإِن لم يجد فِي الْفَرْع ثَبت الْفَرْع، وَإِلَّا فَالْحكم فِيهِ لَهما.

وَلنَا قَول رَابِع: أَنه إِن صرح بنفيه لزمَه، وَهُوَ الَّذِي نَصره ابْن الْحَاجِب.

قَالَ الْعَضُد: " وَقيل: إِن تعرض لعدمه فِي الْفَرْع صَرِيحًا لزمَه بَيَانه وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا هُوَ الْمُخْتَار.

أما أَنه إِذا لم يُصَرح فَلَيْسَ عَلَيْهِ بَيَانه؛ فَلِأَنَّهُ قد أَتَى بِمَا لَا يتم الدَّلِيل مَعَه، وَهَذَا غَرَضه، لَا بَيَان عدم الحكم فِي الْفَرْع، حَتَّى لَو ثَبت بِدَلِيل آخر لم يكن إلزاما لَهُ، وَرُبمَا سلمه.

وَأما أَنه إِذا صرح بِهِ؛ فَلِأَنَّهُ الْتزم أمرا، وَإِن لم يجب عَلَيْهِ ابْتِدَاء فَيلْزمهُ بالتزامه وَيجب عَلَيْهِ الْوَفَاء بِمَا الْتَزمهُ ".

قَوْله: (وَلَا يحْتَاج وصف الْمُعَارضَة إِلَى أصل عِنْد أَصْحَابنَا وَالْأَكْثَر) .

هَذَا بحث آخر يتَفَرَّع على قبُول الْمُعَارضَة، وَهُوَ أَنه: هَل يحْتَاج الْمعَارض إِلَى أصل يبين تَأْثِير وَصفه الَّذِي أبداه فِي ذَلِك الأَصْل حَتَّى يقبل مِنْهُ، بِأَن يَقُول: الْعلَّة الطّعْم دون الْقُوت كَمَا فِي الْملح، فقد اخْتلف فِيهِ.

ص: 3630

وَالصَّحِيح الَّذِي عَلَيْهِ أَصْحَابنَا وَالْجُمْهُور: أَنه لَا يحْتَاج؛ لِأَن حَاصِل هَذَا الِاعْتِرَاض أحد الْأَمريْنِ: إِمَّا نفي ثُبُوت الحكم فِي الْفَرْع بعلة الْمُسْتَدلّ، ويكفيه أَن لَا يثبت عليتها بالاستقلال، وَلَا يحْتَاج فِي ذَلِك إِلَى أَن يثبت علية مَا أبداه بالاستقلال، فَإِن كَونه جُزْء الْعلَّة يحصل مَقْصُوده، فقد لَا يكون عِلّة فَلَا يُؤثر فِي أصل أصلا.

وَإِمَّا صد الْمُسْتَدلّ عَن التَّعْلِيل بذلك الْوَصْف الَّذِي ذكره الْمُسْتَدلّ، لجَوَاز أَن تَأْثِير هَذَا وَالِاحْتِمَال كَاف، / فَهُوَ لَا يَدعِي عليته حَتَّى يحْتَاج شَهَادَة أصل.

وَأَيْضًا: فَإِن أصل الْمُسْتَدلّ أَصله؛ لِأَنَّهُ كَمَا يشْهد لوصف الْمُسْتَدلّ بِالِاعْتِبَارِ كَذَلِك يشْهد لوصف الْمُعْتَرض بِالِاعْتِبَارِ، لِأَن الوصفين موجودان فِيهِ، وَكَذَلِكَ الحكم مَوْجُود بِأَن يَقُول: الْعلَّة الطّعْم، أَو الْكَيْل، أَو كِلَاهُمَا، كَمَا فِي الْبر بِعَيْنِه، فَإِذا مُطَالبَته بِأَصْل مُطَالبَة لَهُ بِمَا قد يُحَقّق حُصُوله فَلَا فَائِدَة فِيهِ.

قَوْله: (وجوابها بِمَنْع وجود الْوَصْف أَو الْمُطَالبَة بتأثيره إِن كَانَ مثبتا بمناسبة أَو بشبه لَا بسبر، أَو بخفائه، أَو لَيْسَ منضبطا، أَو منع ظُهُوره أَو انضباطه، أَو بَيَان أَنه عدم معَارض فِي الْفَرْع، أَو ملغى، أَو أَن مَا عداهُ مُسْتَقل فِي صُورَة بِظَاهِر نَص أَو إِجْمَاع) .

ص: 3631